السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العرب وأحاديث الفتن والملاحم
بقلم الدكتور عبد الله حسن
بيان مفهوم الفتنة
أولًا: الفتنة في اللغة:
الابتلاء والامتحان والاختبار, وأصلها من قولك: فتنت الذهب، إذا أذبته بالنار ليتميز الرديء من الجيد, ومن هذا قول الله، عز وجل: ( يوم هم على النار يفتنون)، أي: يحرقون بالنار . ومن هذا قيل للحجارة السُّودِ التي كأنها أَحرِقتْ بالنار: الفَتينُ. ([1])
وقال ابن الأثير: وقد كثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار من المكروه, ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم, والكفر والقتال والإحراق والإزالة والصرف عن الشيء. ([2])
وقد جمع ابن الأعرابي الفتنة بقوله:
الفتنة الاختبار، والفتنة المحنة, والفتنة المال, والفتنة: الأولاد, والفتنة: الكفر, والفتنة: اختلاف الناس بالآراء, والفتنة: الإحراق بالنار. ([3])
معنى الفتنة الشامل:
مما سبق يتبين لنا أن الفتنة في كلام العرب لفظة مشتركة تقال في عدة معان، وأن جماع هذه المعاني: الابتلاء والاختبار. "واستعملت في الشرع في اختبار كشف ما يكره".([5])
وبناء على ذلك يمكن أن يصاغ للفتنة معنى شامل فيقال:
الفتنة: لفظ يجمع معنى مرج واضطراب أحوال الإنسان وتشتت باله بالخوف والخطر على الأنفس والأموال على غير عدل ولا نظام، وقد تخصص وتعمم بحسب ما تضاف إليه أو بحسب المقام، يقال: فتنة المال وفتنة الدين. ([6])
فالفتنة: مَرْج أحوال الناس واضطراب نظامهم من جراء أضرار ومصائب متوالية, وهي قد تكون عقابًا من الله للناس جزاء عن سوء فعلهم, أو تمحيصًا لصادق إيمانهم لتعلو بذلك درجاتهم. وقد سمى القرآن الكريم هاروت وماروت فتنة, وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الدجال فتنة, وسمى القرآن الشيطان فتنة: ﴿لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ﴾([7]) فكان معنى الابتلاء ملازمًا لها.([8]
<< يتبع