- إنضم
- 10 ديسمبر 2016
- المشاركات
- 202
- التفاعل
- 500
- النقاط
- 102
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصل اللهم على نبينا محمد واله وصحبه الكرام
.
عن عبيد بن عمير؛ قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل الحجرات، فقال: يا أهل الحجرات! سعرت النار، وجاءت الفتن كأنها قطع الليل المظلم، لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا» ..
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كيف بكم وبزمان (أو: يوشك أن يأتي زمان) يغربل الناس فيه غربلة، تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) . فقالوا: كيف بنا يا رسول الله؟ ! قال: تأخذون ما تعرفون وتذرون ما تنكرون، وتقبلون على أمر خاصتكم وتذرون أمر عامتكم» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وفي رواية لأحمد وأبي داود والنسائي والحاكم عنه رضي الله عنه؛ قال: «بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ ذكر الفتنة، فقال: إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) ؟ ! . قال: فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة» .
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الفتن، فأكثر في ذكرها، حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل: يا رسول الله! وما فتنة الأحلاس؟ قال: هي هرب وحرب. ثم فتنة السراء؛ دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يزعم أنه مني وليس مني، وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع. ثم فتنة الدهيماء؛ لا تدع أحدًا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل انقضت؛ تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم؛ فانتظروا الدجال من يومه أو غده» .
..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الفتنة الرابعة: «لا ينجو من شرها إلا من دعا كدعاء الغرق، وأسعد الناس فيها كل تقي خفي: إذا ظهر لم يعرف، وإذا جلس لم يفتقد، وأشقى الناس فيها كل خطيب مصقع أو راكب موضع» .
رواه نعيم بن حماد في "الفتن".
وعن علي رضي الله عنه: أنه قال: "ستكون فتنة عمياء مظلمة منكسفة، لا ينجو منها إلا النومة". قيل: وما النومة؟ قال: "الذي لا يدري ما الناس فيه".
رواه العسكري في "المواعظ"، ونقله عنه صاحب "كنز العمال".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تدوم الفتنة الرابعة اثني عشر عامًا، ثم تنجلي حين تنجلي وقد انحسر الفرات عن جبل من ذهب تكب عليه الأمة، فيقتل عليه من كل تسعة سبعة» .
وعن زيد بن وهب عن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "أتتكم الفتن ترمي بالنشف، ثم أتتكم ترمي بالرضف، ثم أتتكم سوداء مظلمة".
رواه أبو نعيم في "الحلية".
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسائرهن في النار؟ !. قلت: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: إذا كثرت الشرط، وملكت الإماء، وقعدت الحملان على المنابر، واتخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد، ورفعت المنابر، واتخذ الفيء دولًا، والزكاة مغرمًا، والأمانة. «مغنمًا، وتفقه في الدين لغير الله، وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل اتقاء شره؛ فيومئذ يكون ذلك، ويفزع الناس إلى الشام، وإلى مدينة منها يقال لها: دمشق، من خير مدن الشام، فتحصنهم من عدوهم. قلت: وهل تفتح الشام؟ قال: نعم وشيكًا، ثم تقع الفتن بعد فتحها، ثم تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثم يتبع الفتن بعضها بعضًا، حتى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له: المهدي، فإن أدركته فاتبعه وكن من المهتدين» .
رواه الطبراني.
..
من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال؛ في سبعة أشهر» .
فهذه الأحاديث الأربعة دالة على بقاء جملة كبيرة من العرب بعد الفتنة العظيمة التي تقدم ذكرها في أول الباب.
وعلى هذا؛ فقوله: "تستنظف العرب "؛ معناه: أنها تستوعب أكثرهم هلاكا، وأقيم الأكثر مقام الكل كما هو شائع في كلام العرب. والله أعلم.
وقوله: "قتلاها في النار": قال بعض العلماء: "وإنما كانوا في النار لأنهم ما قصدوا بالقتال إعلاء كلمة الله ودفع الظلم أو إعانة أهل الحق، وإنما قصدوا التباهي والتفاخر، وفعلوا ذلك طمعا في المال والملك ".
قلت: وقد جاء في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قاتل تحت راية عمية؛ يغضب لعصبية، أو يدعو إلى عصبية، أو ينصر عصبية، فقتل؛ فقتلة جاهلية» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه؛ من حيث أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي رواية لمسلم: «ومن قتل تحت راية عمية؛ يغضب للعصبة، ويقاتل للعصبة؛ فليس من أمتي» .
قال أبو زيد اللغوي: " (العمية) : الدعوة العمياء؛ فقتيلها في النار".
وسيأتي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه التصريح بوقوع فتنة على دعوى جاهلية، قتلاها في النار.
.وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: أنه قال: "اتقوا فرقتين تقتتلان على الدنيا؛ فإنهما يجران إلى النار جرا".
رواه نعيم بن حماد في "الفتن".
وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير؛ فقالا: إن الناس صنعوا، وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي. فقالا: ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله"
.
وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "ويل للعرب من شر قد اقترب، أظلت ورب الكعبة أظلت، والله لهي أسرع إليهم من الفرس المضمر السريع، الفتنة العمياء الصماء المشبهة، يصبح الرجل فيها على أمر ويمسي على أمر، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي. ولو أحدثكم بكل الذي أعلم؛ لقطعتم عنقي من هاهنا (وأشار إلى قفاه، ويقول اللهم لا تدرك أبا هريرة إمرة الصبيان".
رواه ابن أبي شيبة.
.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يجيء الرجل آخذا بيد الرجل، فيقول: يا رب! هذا قتلني. فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك. فيقول: فإنها لي. ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل، فيقول: إن هذا قتلني. فيقول الله له: لم قتلته. فيقول: لتكون العزة لفلان. فيقول: إنها ليست لفلان. فيبوء بإثمه»
.
وعن ثوبان رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد! إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك: أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضهم بعضًا» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبرقاني في "صحيحه". وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
......
زاد أحمد وأبو داود وابن ماجه والبرقاني: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله»
.
وعن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج من أهل بيتي يملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا، ثم يؤمر القحطاني، فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه» .
.........
عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنه: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: إن الله بدأ هذا الأمر حين بدأ بنبوة ورحمة، ثم يعود إلى خلافة ورحمة، ثم يعود إلى سلطان ورحمة، ثم يعود ملكا ورحمة، ثم يعود جبرية يتكادمون تكادم الحمير. أيها الناس! عليكم بالغزو والجهاد ما كان حلوا خضرا قبل أن يكون مرا عسرا، ويكون ثماما قبل أن يكون رماما أو يكون حطاما؛ فإذا شاطت المغازي، وأكلت الغنائم، واستحل الحرام؛ فعليكم بالرباط فإنه خير جهادكم..
..
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: «"أعاذك الله من إمارة السفهاء". قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: "أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم؛ فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردون علي حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم؛ فأولئك مني وأنا منهم، وسيردون علي حوضي"»
.
عن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة.......... (فذكر الحديث وفيه وكان الأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والعرفاء ظلمة، والقراء فسقة؛ إذا لبسوا مسوك الضأن، قلوبهم أنتن من الجيفة وأمر من الصبر، يغشيهم الله فتنة يتهاوكون فيها تهاوك اليهود الظلمة» . رواه أبو نعيم في "الحلية
.
وقد رواه ابن أبي شيبة، ولفظه: قال: "أيها الناس! لا تكرهوا مد الفرات؛ فإنه يوشك أن يلتمس فيه طست من ماء فلا يوجد، وذلك حين يرجع كل ماء إلى عنصره، فيكون الماء وبقية المؤمنين يومئذ بالشام".
ورواه الطبراني من حديث القاسم؛ قال: "شكي إلى ابن مسعود الفرات فقالوا: إنا نخاف أن ينبثق علينا، فلو أرسلت إليه من يسكره. قال: لا أسكره، فوالله؛ ليأتين على الناس زمان لو التمستم فيه ملء طست من ماء؛ ما وجدتموه، وليرجعن كل ماء إلى عنصره، ويكون بقية الماء والمسلمين بالشام".
قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح؛ إلا أن القاسم لم يدرك ابن مسعود ". وقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه" من حديث القاسم بن عبد الرحمن: (فذكره بمثله) .
وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "ليأتين على الناس زمان يكون للرجل أحمرة يحمل عليها إلى الشام أحب إليه من عرض الدنيا".
رواه ابن أبي شيبة.
باب
ما جاء في خزائن الأرض
«عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يومًا، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: إني فرط لكم، أنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض (أو: مفاتيح الأرض) ، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان
...........
........... عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني رضي الله عنه مرفوعًا: «تكون في بيت المقدس بيعة هدى» .
رواه ابن سعد.
باب
اجتماع المؤمنين في الشام في آخر الزمان
عن أبي أمامة رضي الله عنه؛ قال: "لا تقوم الساعة حتى يتحول خيار أهل العراق إلى الشام، ويتحول شرار أهل الشام إلى العراق".
رواه الإمام أحمد، وإسناده حسن.
وقد رواه ابن أبي شيبة وابن عساكر في "تاريخه" بنحوه، زاد ابن عساكر: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالشام» .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه قال: "يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه مؤمن إلا لحق بالشام".
رواه: عبد الرزاق في "مصنفه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "يوشك أن تطلبوا في قراكم هذه طستًا من ماء؛ فلا تجدونه، ينزوي كل ماء إلى عنصره، فيكون في الشام بقية المؤمنين والماء".
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يظهر معدن في أرض بني سليم، يقال له: فرعون وفرعان (وذلك بلسان أبي جهم قريب من السوء) ، يخرج إليه شرار الناس (أو: يحشر إليه شرار الناس) » .
رواه أبو يعلى. قال الهيثمي: "ورجاله ثقات".
وعن أبي غطفان؛ قال: سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: «تخرج معادن مختلفة، معدن منها قريب من الحجاز، يأتيه من شرار الناس، يقال له: فرعون، فبينما هم يعملون فيه؛ إذ حسر عن الذهب، فأعجبهم معتمله؛ إذا خسف به وبهم» .
.
وتقدم قريبًا حديث ابن مسعود رضي الله عنه: "يوشك أن تطلبوا في قراكم هذه طستًا من ماء؛ فلا تجدونه، ينزوي كل ماء إلى عنصره، فيكون في الشام بقية المؤمنين والماء".
رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه
وعن عبد الله بن الحارث بن نوفل؛ قال: كنت واقفًا مع أبي بن كعب رضي الله عنه، فقال: لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا. قلت: أجل. قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس؛ ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه؛ ليذهبن به كله". قال: "فيقتتلون عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وهذا لفظه.
وعن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تدوم الفتنة الرابعة اثني عشر عامًا، ثم تنجلي حين تنجلي وقد انحسر الفرات عن جبل من ذهب تكب عليه الأمة، فيقتل عليه من كل تسعة سبعة» .
..
عن ثوبان رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقتتل عند كنزهم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم» ....." الحديث.
رواه: ابن ماجه بإسناد صحيح، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه"، وسيأتي بتمامه في ذكر المهدي.
قال ابن كثير في "النهاية": "المراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة".
.....
عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة". قال: "فيجيء السارق، فيقول: في هذا قطعت يدي! ويجيء القاتل فيقول: في هذا قتلت! ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي! ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئًا» .
رواه: مسلم، والترمذي، وقال: "هذا حديث حسن غريب".
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لا تقوم الساعة حتى تبعث ريح حمراء من قبل اليمن.... (فذكر الحديث وفيه وتقيء الأرض أفلاذ كبدها من الذهب والفضة، ولا ينتفع بها بعد ذلك اليوم، يمر بها الرجل، فيضربها برجله ويقول: في هذه كان يقتتل من كان قبلنا، وأصبحت اليوم لا ينتفع بها» .
رواه ابن حبان في "صحيحه".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "الزموا هذه الطاعة والجماعة؛ فإنه حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة، وإن الله تعالى لم يخلق شيئًا قط؛ إلا جعل له منتهى، وإن هذا الدين قد تم، وإنه صائر إلى نقصان، وإن أمارة ذلك: أن تقطع الأرحام، ويؤخذ المال بغير حقه، ويسفك الدماء، ويشتكي ذو القرابة قرابته، ولا يعود عليه بشيء، ويطوف السائل بين الجمعتين لا يوضع في يده شيء، فبينما هم كذلك؛ إذ خارت خوار البقر، يحسب كل الناس أنما خارت من قبلهم، فبينما الناس كذلك؛ إذ قذفت الأرض بأفلاذ كبدها من الذهب والفضة، لا ينفع بعد ذلك شيء من الذهب والفضة".
...
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خذوا العطاء ما دام العطاء، فإذا صار رشوة على الدين؛ فلا تأخذوه، ولستم بتاركيه؛ يمنعكم الفقر والحاجة، ألا إن رحى الإسلام دائرة؛ فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان؛ فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم؛ فإذا عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم. قالوا: يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: "كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم؛ نشروا بالمناشير، وحملوا على الخشب؛ موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله»
......
عن أبي برزة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بعدي أئمة إن أطعتموهم أكفروكم، وإن عصيتموهم قتلوكم، أئمة الكفر ورؤوس الضلالة» . رواه الطبراني...
..
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسائرهن في النار؟ !. قلت: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: إذا كثرت الشرط، وملكت الإماء، وقعدت الحملان على المنابر، واتخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد، ورفعت المنابر، واتخذ الفيء دولًا، والزكاة مغرمًا، والأمانة. «مغنمًا، وتفقه في الدين لغير الله، وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل اتقاء شره؛ فيومئذ يكون ذلك، ويفزع الناس إلى الشام، وإلى مدينة منها يقال لها: دمشق، من خير مدن الشام، فتحصنهم من عدوهم. قلت: وهل تفتح الشام؟ قال: نعم وشيكًا، ثم تقع الفتن بعد فتحها، ثم تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثم يتبع الفتن بعضها بعضًا، حتى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له: المهدي، فإن أدركته فاتبعه وكن من المهتدين» .
رواه الطبراني..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ ليأتين على الناس زمان؛ لا يدري القاتل في أي شيء قتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قتل» .
..
في علامات خروج الدجال
قد تقدم في ذلك عدة أحاديث:
منها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: «كنا قعودًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الفتن، فأكثر في ذكرها..... الحديث، وفيه: "ثم فتنة الدهيماء، لا تدع أحدًا من هذه الأمة؛ إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت؛ تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذلكم؛ فانتظروا الدجال من يومه أو غده»
...
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ قال: "للدجال آيات معلومات: إذا غارت العيون، ونزفت الأنهار، واصفر الريحان، وانتقلت مذحج وهمدان من العراق فنزلت قنسرين؛ فانتظروا الدجال غاديًا أو رائحًا".
..
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته حديثًا حدثناه عن الدجال وحذرناه.... فذكر الحديث بطوله، وفي آخره: «"وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد، يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله.
فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت، إلا ما شاء الله ". فقيل: ما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: "التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام» .
رواه: ابن ماجه، وابن خزيمة، والضياء المقدسي.
............
...........
.............
ما جاء في الجوع الذي يكون عند خروج الدجال وفي أيامه وما يكون طعام المؤمنين يومئذ
فيه حديث أسماء بنت يزيد وحديث أبي أمامة رضي الله عنهما، وقد تقدم ذكرهما في الباب قبله.
«وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جهدًا شديدًا يكون بين يدي الدجال، فقلت: يا رسول الله! فأين العرب يومئذ؟ قال: "يا عائشة! العرب يومئذ قليل ". فقلت: ما يجزئ المؤمنين يومئذ من الطعام؟ قال: "ما يجزئ الملائكة: التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل". قلت: فأي المال يومئذ خير؟ قال: "غلام شديد يسقي أهله من الماء، وأما الطعام؛ فلا طعام» .
..
وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن خروج الدجال، والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه آمن به في قبره".
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن". قال: "وقد روي من غير وجه عن عثمان رضي الله عنه ".
وعن عبد الملك بن عمير عن ابن أخي عبد الله بن سلام؛ قال: "لما أريد عثمان رضي الله عنه؛ جاء عبد الله بن سلام رضي الله عنه، فقال له عثمان: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك. قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني؛ فإنك خارج خير لي منك داخل. قال: فخرج عبد الله بن سلام إلى الناس، فقال: أيها الناس! إنه كان اسمي في الجاهلية فلان، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ونزلت في آيات من كتاب الله، نزلت في: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ، ونزلت في: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} ، إن لله سيفا مغمودا عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه نبيكم؛ فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله إن قتلتموه لتطردن جيرانكم الملائكة، ولتسلن سيف الله المغمود عنكم فلا يغمد إلى يوم القيامة. قال: فقالوا: اقتلوا اليهودي، واقتلوا عثمان "
...
ما جاء في الدخان
قال الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} ؛ أي: ينادي أهل ذلك الزمان ربهم بهذا الدعاء، يسألون كشف هذه الشدة عنهم؛ فإنهم قد آمنوا وأيقنوا ما وعدوا به من الأمور الغيبية الكائنة بعد ذلك يوم القيامة، وهذا دليل على أنه يكون قبل يوم القيامة، حيث يمكن رفعه، ويمكن استدراك التوبة والإنابة، والله أعلم".
وعن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه؛ قال: «اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون؟ ". قالوا: نذكر الساعة. قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات.... (فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها)
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول الآيات الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر؛ تقيل معهم إذا قالوا، والدخان". قال حذيفة: يا رسول الله! وما الدخان؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، يملأ ما بين المشرق والمغرب، يمكث أربعين يوما وليلة، أما المؤمن؛ فيصيبه منه كهيئة الزكمة، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران؛ يخرج من منخريه وأذنيه ودبره» .
وعن عبد الله بن أبي مليكة؛ قال: "غدوت على ابن عباس رضي الله عنهما ذات يوم، فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت. قلت: لم؟ قال: قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب؛ فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت".
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في «قوله: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} . قال: "نزول عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة» .
رواه: ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه". وقد روي موقوفا وتقدم ذكره.
وعن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: «إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسألون عن الخير وكنت أسأل عن الشر مخافة أن أدركه.... فذكر الحديث، وفيه: قلت: يا رسول الله! فما بعد دعاة الضلالة؟ قال: "خروج الدجال". قلت: يا رسول الله! وما يجيء الدجال؟ قال: "يجيء بنار ونهر، فمن وقع في ناره؛ وجب أجره وحط وزره". قلت: يا رسول الله! فما بعد الدجال؟ قال: " عيسى ابن مريم ". قلت: فما بعد عيسى ابن مريم؟ قال: "لو أن رجلا أنتج فرسا؛ لم يركب مهرها حتى تقوم الساعة» .
رواه: ابن أبي شيبة، وابن عساكر في "تاريخه
...
رواية لأحمد وابن أبي حاتم: «ينزل عيسى ابن مريم، فيقتل الخنزير، ويمحو الصليب، وتجمع له الصلاة، ويعطي المال حتى لا يقبل، ويضع الخراج، وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما» . قال: وتلا أبو هريرة: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} ... الآية، فزعم حنظلة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: يؤمن به قبل موت عيسى. فلا أدري هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قاله أبو هريرة رضي الله عنه.
........
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما؛ قال: «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة. قلت: يا رسول الله! من أين تخرج؟ قال: تخرج من أعظم المساجد حرمة على الله، بينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون؛ إذ تضطرب الأرض تحتهم، وتنشق الصفا مما يلي المشعر، وتخرج الدابة من الصفا» ... الحديث.
رواه ابن جرير
.....
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب. هكذا قال: عثمان بن الضحاك، والمعروف: الضحاك بن عثمان المديني ". انتهى كلام الترمذي.
وقد رواه أبو بكر الآجري في "كتاب الشريعة" من طريق عبد الله بن نافع الصائغ عن الضحاك بن عثمان عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه رضي الله عنه؛ قال: "الأقبر المنارية: قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر أبي بكر رضي الله عنه، وقبر عمر رضي الله عنه، وقبر رابع يدفن فيه عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم".
.....
.........
.لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدجال، والدخان، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تحشر الذر والنمل» .
رواه: الطبراني، وابن مردويه، والحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
...........
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، فتذاكروا أمر الساعة، فردوا أمرهم إلى إبراهيم، فقال: لا علم لي بها. فردوا أمرهم إلى موسى، فقال: لا علم لي بها. فردوا أمرهم إلى عيسى، فقال: أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله، وفيما عهد إلي ربي عز وجل أن الدجال خارج ومعي قضيبان، فإذا رآني؛ ذاب كما يذوب الرصاص. قال: فيهلكه الله إذا رآني، حتى إن الشجر والحجر يقول: يا مسلم! إن تحتي كافرا؛ فتعال فاقتله.
قال: فيهلكهم الله، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم؛ فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيطؤون بلادهم، فلا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه.
قال: ثم يرجع الناس يشكونهم، فأدعو الله عليهم، فيهلكهم ويميتهم، حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم، وينزل الله المطر، فيجترف أجسادهم، حتى يقذفهم في البحر، ففيما عهد إلي ربي عز وجل أن ذلك إذا كان كذلك: أن الساعة كالحامل المتم، لا يدري أهلها متى تفاجئهم بولادها ليلا أو نهارا» .
....
وقد قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} .
وفي هاتين الآيتين أبلغ رد على زعم أن يأجوج ومأجوج هم دول الإفرنج أو غيرهم من دول المشرق والمغرب الذين لم يزالوا مختلطين بغيرهم من الناس، ولم يجعل بينهم وبين الناس سد منيع يحول بينهم وبين الخروج على الناس.
وقد قال الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه "المسائل الكافية في بيان وجوب صدق خبر رب البرية" ما نصه: "المسألة الثانية والثلاثون: يأجوج ومأجوج هم أناس بالغون في الكثرة عددا لا يعلمه إلا الله
.....
وتقدم في «حديث حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: قلت: يا رسول الله! فما بعد الدجال؟ قال: " عيسى ابن مريم ". قلت: فما بعد عيسى ابن مريم؟ قال: "لو أن رجلا أنتج فرسا؛ لم يركب مهرها حتى تقوم الساعة» .
بسم الله الرحمن الرحيم
{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} .
باب
ما جاء في خروج يأجوج ومأجوج
قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} .... الآية.
قال السدي في قول الله تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} ؛ قال: "ذاك حين يخرجون على الناس".
قال ابن كثير: "وهذا كله قبل يوم القيامة وبعد الدجال ". انتهى.
وقد جاء ذكر خروج يأجوج ومأجوج في عدة أحاديث تقدم ذكرها.
منها حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه؛ قال: «اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون؟ " قالوا: نذكر الساعة. قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات (فذكر) : الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، ومسلم واللفظ له، وأهل السنن. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
.
..باب
أن التوبة لا تقبل بعد طلوع الشمس من مغربها
قال الله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} .
قال البغوي في قوله: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} : "يعني: طلوع الشمس من مغربها، وعليه أكثر المفسرين. ورواه أبو سعيد الخدري مرفوعا: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} ؛ أي: لا ينفعهم الإيمان عند ظهور الآية التي تضطرهم إلى الإيمان. {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ؛ يريد: لا يقبل إيمان كافر ولا توبة فاسق". انتهى.
وقال ابن كثير في قوله تعالى: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} : "أي: إذا أنشأ الكافر إيمانا يومئذ؛ لا يقبل منه، فأما من كان مؤمنا قبل ذلك؛ فإن كان مصلحا في عمله؛ فهو بخير عظيم، وإن لم يكن مصلحا؛ فأحدث توبة حينئذ؛ لم يقبل منه توبته؛ كما دلت عليه الأحاديث الكثيرة، وعليه يحمل قوله تعالى: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ؛ أي: ولا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك". انتهى.
وقال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} .
وقال تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} انتهى.
باب
فضل العبادة في آخر الزمان
عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها» .
رواه ابن حبان في "صحيحه".
وقد تقدم في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والشيخان.
ورواه: الترمذي، وابن ماجه؛ مختصرا.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
باب
ما جاء في صدق رؤيا المؤمن في آخر الزمان
عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اقترب الزمان؛ لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا، ورؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة» .
المؤمن تكذب» ، والباقي بمثله.
ورواه الحاكم في "مستدركه" بهذا اللفظ.
قال ابن الأثير في "جامع الأصول": "اقتراب الزمان هو عند اعتدال الليل والنهار في فصلي الربيع والخريف. وقيل: أراد باقتراب الزمان قرب الساعة ودنو القيامة في آخر الزمان".
قلت: وهذا القول الأخير هو الصحيح؛ كما تدل على ذلك رواية الإمام أحمد والحاكم.
باب
ما جاء في رفع رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
قال الأزرقي في "تاريخ مكة": حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج؛ قال: بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «أول ما يرفع الركن والقرآن ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام» .
باب
ما جاء في ترك تعظيم الكعبة
عن عياش بن أبي ربيعة رضي الله عنه؛ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها، فإذا تركوها وضيعوها؛ هلكوا» .
رواه الإمام أحمد، ورواته ثقات.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أيضا: أنه قال: "إن من آخر أمر الكعبة أن الحبش يغزون البيت، فيتوجه المسملون نحوهم، فيبعث الله عليهم ريحا إثرها شرقية، فلا يدع الله عبدا في قلبه مثقال ذرة من تقى إلا قبضته، حتى إذا فرغوا من خيارهم؛ بقي عجاج من الناس؛ لا يأمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر، وعمد كل حي إلى ما كان يعبد آباؤهم من الأوثان، فيعبده، حتى يتسافدوا في الطرق كما تتسافد البهائم، فتقوم عليهم الساعة؛ فمن أنبأك عن شيء بعد هذا؛ فلا علم له".
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح الإسناد على شرطهما موقوف"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
باب
ما جاء في رفع البيت
عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استمتعوا من هذا البيت؛ فإنه قد هدم مرتين، ويرفع في الثالثة» .
رواه: ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وقال معمر: "بلغني عن بعضهم أن الكعبة تهدم ثلاث مرات، ثم ترفع في الثالثة أو الرابعة؛ فاستمتعوا منها".
ذكره عبد الرزاق في "مصنفه".
وعن كعب: أنه قال في الكعبة: "تهدمونها أيتها الأمة ثلاث مرات، ثم ترفع في الرابعة؛ فاستمتعوا منها".
رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
باب
ما جاء في رفع القرآن
قد تقدم قريبا ما رواه الأزرقي في "تاريخ مكة" عن عثمان بن ساج؛ قال: بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «أول ما يرفع الركن والقرآن ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام» .
وعن حذيفة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة؛ فلا يبقى في الأرض منه آية» ....
رواه: ابن ماجه في "سننه" بإسناد صحيح، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يسرى على كتاب الله، فيرفع إلى السماء، فلا يبقى في الأرض منه آية» ..... الحديث.
رواه ابن حبان في "صحيحه".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "إن هذا القرآن الذي بين أظهركم يوشك أن يرفع. قالوا: وكيف يرفع وقد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا؟! قال يسرى عليه في ليلة، فيذهب ما في قلوبكم وما في مصاحفكم، ثم قرأ: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ".
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وقد رواه الطبراني، ولفظه: "قال: لينزعن القرآن من بين أظهركم. قالوا: يا أبا عبد الرحمن! ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟! قال: يسرى على القرآن ليلا، فيذهب من أجواف الرجال، فلا يبقى في الأرض منه شيء". وفي رواية قال: "يسرى على القرآن ليلا، فلا يبقى في قلب عبد ولا في مصحفه منه شيء، ويصبح الناس فقراء كالبهائم، ثم قرأ عبد الله: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} ".
قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح؛ غير شداد بن معقل، وهو ثقة".
وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "ليسرين على القرآن في ليلة، فلا تترك آية في مصحف أحد؛ إلا رفعت".
ذكره صاحب "كنز العمال"، وقال: "رواه ابن أبي داود ".
باب
ما جاء في هبوب الريح الطيبة
قد تقدم في ذلك حديثان عن النبي صلى الله عليه وسلم:
الأول منهما: حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه في ذكر الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، وفي آخره: «فبينما هم كذلك؛ إذ بعث الله ريحا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس؛ يتهارجون فيها تهارج الحمر؛ فعليهم تقوم الساعة» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب حسن صحيح".
الثاني؛ حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في ذكر الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، وفيه: «ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل؛ لدخلت عليه حتى تقبضه» ..... الحديث.
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والنسائي.
وتقدم أيضا حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في ذكر الملحمة الكبرى والدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، وفيه بعد ذكر موت عيسى ودفنه: "فلا يلبثون بعد ذلك إلا يسيرا، حتى يبعث الله الريح اليمانية". قيل: وما الريح اليمانية؟ قال: "ريح من قبل اليمن، ليس على الأرض مؤمن يجد نسيمها؛ إلا قبضت روحه".
ذكره صاحب "كنز العمال"، وقال: "رواه ابن عساكر ".
باب
ما جاء في كثرة الروم في آخر الزمان
عن المستورد الفهري رضي الله عنه: أنه قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه: " «تقوم الساعة والروم أكثر الناس ". فقال له عمرو بن العاص: أبصر ما تقول. قال: أقول لك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له عمرو بن العاص: إن تكن قلت ذاك؛ إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأسرع الناس كرة بعد فرة، وإنهم لخير الناس لمسكين وفقير وضعيف، وإنهم لأحلم الناس عند فتنة، والرابعة حسنة جميلة، وإنهم لأمنع الناس من ظلم الملوك.»
رواه الإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وقد رواه مسلم في "صحيحه" بزيادة، ولفظه: قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقوم الساعة والروم أكثر الناس ". فقال له عمرو: أبصر ما تقول. قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: لئن قلت ذلك؛ إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك.»
وفي رواية لمسلم نحوه، وقال فيه: فقال عمرو: لئن قلت ذلك؛ إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأجبر الناس عند مصيبة، وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم.
وعن عبد الرحمن بن جبير: «أن المستورد رضي الله عنه؛ قال: بينا أنا عند عمرو بن العاص، فقلت له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أشد الناس عليكم الروم، وإنما هلكتهم مع الساعة". فقال له عمرو: ألم أزجرك عن مثل هذا؟»
رواه الإمام أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة، وقد حسن الترمذي حديثه، وروى له مسلم مقرونا بغيره، وبقية رجاله ثقات.
وقد تقدم في أول كتاب الملاحم حديث ابن محيريز؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فارس نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعد هذا أبدا، والروم ذات القرون؛ كلما هلك قرن؛ خلفه قرن؛ أهل صخر، وأهل بحر، هيهات إلى آخر الدهر، هم أصحابكم ما دام في العيش خير» .
رواه: ابن أبي شيبة، والحارث بن أبي أسامة مرسلا.
والواقع يشهد له بالصحة.
قال ابن الأثير في "النهاية": "فيه: "فارس نطحة أو نطحتين ثم لا فارس بعدها أبدا"؛ معناه: أن فارس تقاتل المسلمين مرة أو مرتين، ثم يبطل ملكها ويزول". انتهى.
باب
ما جاء في تأخير هذه الأمة خمس مائة عام
عن أبي ثعلبة الخشني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه: أنه قال وهو بالفسطاط في خلافة معاوية رضي الله عنه، وكان معاوية أغزى الناس القسطنطينية، فقال: "والله؛ لا تعجز هذه الأمة من نصف يوم، إذا رأيت الشام مائدة رجل واحد وأهل بيته؛ فعند ذلك فتح القسطنطينية".
رواه الإمام أحمد موقوفا، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وقد رواه أبو داود في "سننه"، والحاكم في "مستدركه"؛ عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " «لن يعجز الله هذه
الأمة من نصف يوم» .
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم ". قيل لسعد: وكم نصف ذلك اليوم؟ قال: خمس مائة سنة» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم في "مستدركه"، ورجال أبي داود كلهم ثقات.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصل اللهم على نبينا محمد واله وصحبه الكرام
.
عن عبيد بن عمير؛ قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل الحجرات، فقال: يا أهل الحجرات! سعرت النار، وجاءت الفتن كأنها قطع الليل المظلم، لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا» ..
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كيف بكم وبزمان (أو: يوشك أن يأتي زمان) يغربل الناس فيه غربلة، تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) . فقالوا: كيف بنا يا رسول الله؟ ! قال: تأخذون ما تعرفون وتذرون ما تنكرون، وتقبلون على أمر خاصتكم وتذرون أمر عامتكم» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وفي رواية لأحمد وأبي داود والنسائي والحاكم عنه رضي الله عنه؛ قال: «بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ ذكر الفتنة، فقال: إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه) ؟ ! . قال: فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة» .
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الفتن، فأكثر في ذكرها، حتى ذكر فتنة الأحلاس، فقال قائل: يا رسول الله! وما فتنة الأحلاس؟ قال: هي هرب وحرب. ثم فتنة السراء؛ دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يزعم أنه مني وليس مني، وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع. ثم فتنة الدهيماء؛ لا تدع أحدًا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل انقضت؛ تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم؛ فانتظروا الدجال من يومه أو غده» .
..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الفتنة الرابعة: «لا ينجو من شرها إلا من دعا كدعاء الغرق، وأسعد الناس فيها كل تقي خفي: إذا ظهر لم يعرف، وإذا جلس لم يفتقد، وأشقى الناس فيها كل خطيب مصقع أو راكب موضع» .
رواه نعيم بن حماد في "الفتن".
وعن علي رضي الله عنه: أنه قال: "ستكون فتنة عمياء مظلمة منكسفة، لا ينجو منها إلا النومة". قيل: وما النومة؟ قال: "الذي لا يدري ما الناس فيه".
رواه العسكري في "المواعظ"، ونقله عنه صاحب "كنز العمال".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تدوم الفتنة الرابعة اثني عشر عامًا، ثم تنجلي حين تنجلي وقد انحسر الفرات عن جبل من ذهب تكب عليه الأمة، فيقتل عليه من كل تسعة سبعة» .
وعن زيد بن وهب عن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "أتتكم الفتن ترمي بالنشف، ثم أتتكم ترمي بالرضف، ثم أتتكم سوداء مظلمة".
رواه أبو نعيم في "الحلية".
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسائرهن في النار؟ !. قلت: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: إذا كثرت الشرط، وملكت الإماء، وقعدت الحملان على المنابر، واتخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد، ورفعت المنابر، واتخذ الفيء دولًا، والزكاة مغرمًا، والأمانة. «مغنمًا، وتفقه في الدين لغير الله، وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل اتقاء شره؛ فيومئذ يكون ذلك، ويفزع الناس إلى الشام، وإلى مدينة منها يقال لها: دمشق، من خير مدن الشام، فتحصنهم من عدوهم. قلت: وهل تفتح الشام؟ قال: نعم وشيكًا، ثم تقع الفتن بعد فتحها، ثم تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثم يتبع الفتن بعضها بعضًا، حتى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له: المهدي، فإن أدركته فاتبعه وكن من المهتدين» .
رواه الطبراني.
..
من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الملحمة الكبرى، وفتح القسطنطينية، وخروج الدجال؛ في سبعة أشهر» .
فهذه الأحاديث الأربعة دالة على بقاء جملة كبيرة من العرب بعد الفتنة العظيمة التي تقدم ذكرها في أول الباب.
وعلى هذا؛ فقوله: "تستنظف العرب "؛ معناه: أنها تستوعب أكثرهم هلاكا، وأقيم الأكثر مقام الكل كما هو شائع في كلام العرب. والله أعلم.
وقوله: "قتلاها في النار": قال بعض العلماء: "وإنما كانوا في النار لأنهم ما قصدوا بالقتال إعلاء كلمة الله ودفع الظلم أو إعانة أهل الحق، وإنما قصدوا التباهي والتفاخر، وفعلوا ذلك طمعا في المال والملك ".
قلت: وقد جاء في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قاتل تحت راية عمية؛ يغضب لعصبية، أو يدعو إلى عصبية، أو ينصر عصبية، فقتل؛ فقتلة جاهلية» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه؛ من حيث أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي رواية لمسلم: «ومن قتل تحت راية عمية؛ يغضب للعصبة، ويقاتل للعصبة؛ فليس من أمتي» .
قال أبو زيد اللغوي: " (العمية) : الدعوة العمياء؛ فقتيلها في النار".
وسيأتي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه التصريح بوقوع فتنة على دعوى جاهلية، قتلاها في النار.
.وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: أنه قال: "اتقوا فرقتين تقتتلان على الدنيا؛ فإنهما يجران إلى النار جرا".
رواه نعيم بن حماد في "الفتن".
وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير؛ فقالا: إن الناس صنعوا، وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي. فقالا: ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله"
.
وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "ويل للعرب من شر قد اقترب، أظلت ورب الكعبة أظلت، والله لهي أسرع إليهم من الفرس المضمر السريع، الفتنة العمياء الصماء المشبهة، يصبح الرجل فيها على أمر ويمسي على أمر، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي. ولو أحدثكم بكل الذي أعلم؛ لقطعتم عنقي من هاهنا (وأشار إلى قفاه، ويقول اللهم لا تدرك أبا هريرة إمرة الصبيان".
رواه ابن أبي شيبة.
.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يجيء الرجل آخذا بيد الرجل، فيقول: يا رب! هذا قتلني. فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك. فيقول: فإنها لي. ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل، فيقول: إن هذا قتلني. فيقول الله له: لم قتلته. فيقول: لتكون العزة لفلان. فيقول: إنها ليست لفلان. فيبوء بإثمه»
.
وعن ثوبان رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد! إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك: أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضهم بعضًا» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبرقاني في "صحيحه". وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
......
زاد أحمد وأبو داود وابن ماجه والبرقاني: «وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله»
.
وعن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج من أهل بيتي يملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا، ثم يؤمر القحطاني، فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه» .
.........
عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنه: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: إن الله بدأ هذا الأمر حين بدأ بنبوة ورحمة، ثم يعود إلى خلافة ورحمة، ثم يعود إلى سلطان ورحمة، ثم يعود ملكا ورحمة، ثم يعود جبرية يتكادمون تكادم الحمير. أيها الناس! عليكم بالغزو والجهاد ما كان حلوا خضرا قبل أن يكون مرا عسرا، ويكون ثماما قبل أن يكون رماما أو يكون حطاما؛ فإذا شاطت المغازي، وأكلت الغنائم، واستحل الحرام؛ فعليكم بالرباط فإنه خير جهادكم..
..
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: «"أعاذك الله من إمارة السفهاء". قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: "أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم؛ فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردون علي حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم؛ فأولئك مني وأنا منهم، وسيردون علي حوضي"»
.
عن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة.......... (فذكر الحديث وفيه وكان الأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والعرفاء ظلمة، والقراء فسقة؛ إذا لبسوا مسوك الضأن، قلوبهم أنتن من الجيفة وأمر من الصبر، يغشيهم الله فتنة يتهاوكون فيها تهاوك اليهود الظلمة» . رواه أبو نعيم في "الحلية
.
وقد رواه ابن أبي شيبة، ولفظه: قال: "أيها الناس! لا تكرهوا مد الفرات؛ فإنه يوشك أن يلتمس فيه طست من ماء فلا يوجد، وذلك حين يرجع كل ماء إلى عنصره، فيكون الماء وبقية المؤمنين يومئذ بالشام".
ورواه الطبراني من حديث القاسم؛ قال: "شكي إلى ابن مسعود الفرات فقالوا: إنا نخاف أن ينبثق علينا، فلو أرسلت إليه من يسكره. قال: لا أسكره، فوالله؛ ليأتين على الناس زمان لو التمستم فيه ملء طست من ماء؛ ما وجدتموه، وليرجعن كل ماء إلى عنصره، ويكون بقية الماء والمسلمين بالشام".
قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح؛ إلا أن القاسم لم يدرك ابن مسعود ". وقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه" من حديث القاسم بن عبد الرحمن: (فذكره بمثله) .
وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "ليأتين على الناس زمان يكون للرجل أحمرة يحمل عليها إلى الشام أحب إليه من عرض الدنيا".
رواه ابن أبي شيبة.
باب
ما جاء في خزائن الأرض
«عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يومًا، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: إني فرط لكم، أنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض (أو: مفاتيح الأرض) ، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها» .
رواه: الإمام أحمد، والشيخان
...........
........... عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني رضي الله عنه مرفوعًا: «تكون في بيت المقدس بيعة هدى» .
رواه ابن سعد.
باب
اجتماع المؤمنين في الشام في آخر الزمان
عن أبي أمامة رضي الله عنه؛ قال: "لا تقوم الساعة حتى يتحول خيار أهل العراق إلى الشام، ويتحول شرار أهل الشام إلى العراق".
رواه الإمام أحمد، وإسناده حسن.
وقد رواه ابن أبي شيبة وابن عساكر في "تاريخه" بنحوه، زاد ابن عساكر: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالشام» .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه قال: "يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه مؤمن إلا لحق بالشام".
رواه: عبد الرزاق في "مصنفه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "يوشك أن تطلبوا في قراكم هذه طستًا من ماء؛ فلا تجدونه، ينزوي كل ماء إلى عنصره، فيكون في الشام بقية المؤمنين والماء".
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يظهر معدن في أرض بني سليم، يقال له: فرعون وفرعان (وذلك بلسان أبي جهم قريب من السوء) ، يخرج إليه شرار الناس (أو: يحشر إليه شرار الناس) » .
رواه أبو يعلى. قال الهيثمي: "ورجاله ثقات".
وعن أبي غطفان؛ قال: سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: «تخرج معادن مختلفة، معدن منها قريب من الحجاز، يأتيه من شرار الناس، يقال له: فرعون، فبينما هم يعملون فيه؛ إذ حسر عن الذهب، فأعجبهم معتمله؛ إذا خسف به وبهم» .
.
وتقدم قريبًا حديث ابن مسعود رضي الله عنه: "يوشك أن تطلبوا في قراكم هذه طستًا من ماء؛ فلا تجدونه، ينزوي كل ماء إلى عنصره، فيكون في الشام بقية المؤمنين والماء".
رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه
وعن عبد الله بن الحارث بن نوفل؛ قال: كنت واقفًا مع أبي بن كعب رضي الله عنه، فقال: لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا. قلت: أجل. قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس؛ ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه؛ ليذهبن به كله". قال: "فيقتتلون عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، وهذا لفظه.
وعن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تدوم الفتنة الرابعة اثني عشر عامًا، ثم تنجلي حين تنجلي وقد انحسر الفرات عن جبل من ذهب تكب عليه الأمة، فيقتل عليه من كل تسعة سبعة» .
..
عن ثوبان رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقتتل عند كنزهم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم» ....." الحديث.
رواه: ابن ماجه بإسناد صحيح، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه"، وسيأتي بتمامه في ذكر المهدي.
قال ابن كثير في "النهاية": "المراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة".
.....
عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة". قال: "فيجيء السارق، فيقول: في هذا قطعت يدي! ويجيء القاتل فيقول: في هذا قتلت! ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي! ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئًا» .
رواه: مسلم، والترمذي، وقال: "هذا حديث حسن غريب".
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لا تقوم الساعة حتى تبعث ريح حمراء من قبل اليمن.... (فذكر الحديث وفيه وتقيء الأرض أفلاذ كبدها من الذهب والفضة، ولا ينتفع بها بعد ذلك اليوم، يمر بها الرجل، فيضربها برجله ويقول: في هذه كان يقتتل من كان قبلنا، وأصبحت اليوم لا ينتفع بها» .
رواه ابن حبان في "صحيحه".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أنه قال: "الزموا هذه الطاعة والجماعة؛ فإنه حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة، وإن الله تعالى لم يخلق شيئًا قط؛ إلا جعل له منتهى، وإن هذا الدين قد تم، وإنه صائر إلى نقصان، وإن أمارة ذلك: أن تقطع الأرحام، ويؤخذ المال بغير حقه، ويسفك الدماء، ويشتكي ذو القرابة قرابته، ولا يعود عليه بشيء، ويطوف السائل بين الجمعتين لا يوضع في يده شيء، فبينما هم كذلك؛ إذ خارت خوار البقر، يحسب كل الناس أنما خارت من قبلهم، فبينما الناس كذلك؛ إذ قذفت الأرض بأفلاذ كبدها من الذهب والفضة، لا ينفع بعد ذلك شيء من الذهب والفضة".
...
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خذوا العطاء ما دام العطاء، فإذا صار رشوة على الدين؛ فلا تأخذوه، ولستم بتاركيه؛ يمنعكم الفقر والحاجة، ألا إن رحى الإسلام دائرة؛ فدوروا مع الكتاب حيث دار، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان؛ فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم؛ فإذا عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم. قالوا: يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: "كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم؛ نشروا بالمناشير، وحملوا على الخشب؛ موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله»
......
عن أبي برزة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بعدي أئمة إن أطعتموهم أكفروكم، وإن عصيتموهم قتلوكم، أئمة الكفر ورؤوس الضلالة» . رواه الطبراني...
..
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسائرهن في النار؟ !. قلت: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: إذا كثرت الشرط، وملكت الإماء، وقعدت الحملان على المنابر، واتخذ القرآن مزامير، وزخرفت المساجد، ورفعت المنابر، واتخذ الفيء دولًا، والزكاة مغرمًا، والأمانة. «مغنمًا، وتفقه في الدين لغير الله، وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأقصى أباه، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل اتقاء شره؛ فيومئذ يكون ذلك، ويفزع الناس إلى الشام، وإلى مدينة منها يقال لها: دمشق، من خير مدن الشام، فتحصنهم من عدوهم. قلت: وهل تفتح الشام؟ قال: نعم وشيكًا، ثم تقع الفتن بعد فتحها، ثم تجيء فتنة غبراء مظلمة، ثم يتبع الفتن بعضها بعضًا، حتى يخرج رجل من أهل بيتي يقال له: المهدي، فإن أدركته فاتبعه وكن من المهتدين» .
رواه الطبراني..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ ليأتين على الناس زمان؛ لا يدري القاتل في أي شيء قتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قتل» .
..
في علامات خروج الدجال
قد تقدم في ذلك عدة أحاديث:
منها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: «كنا قعودًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الفتن، فأكثر في ذكرها..... الحديث، وفيه: "ثم فتنة الدهيماء، لا تدع أحدًا من هذه الأمة؛ إلا لطمته لطمة، فإذا قيل: انقضت؛ تمادت، يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذلكم؛ فانتظروا الدجال من يومه أو غده»
...
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ قال: "للدجال آيات معلومات: إذا غارت العيون، ونزفت الأنهار، واصفر الريحان، وانتقلت مذحج وهمدان من العراق فنزلت قنسرين؛ فانتظروا الدجال غاديًا أو رائحًا".
..
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه؛ قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته حديثًا حدثناه عن الدجال وحذرناه.... فذكر الحديث بطوله، وفي آخره: «"وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد، يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله.
فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت، إلا ما شاء الله ". فقيل: ما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: "التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام» .
رواه: ابن ماجه، وابن خزيمة، والضياء المقدسي.
............
...........
.............
ما جاء في الجوع الذي يكون عند خروج الدجال وفي أيامه وما يكون طعام المؤمنين يومئذ
فيه حديث أسماء بنت يزيد وحديث أبي أمامة رضي الله عنهما، وقد تقدم ذكرهما في الباب قبله.
«وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جهدًا شديدًا يكون بين يدي الدجال، فقلت: يا رسول الله! فأين العرب يومئذ؟ قال: "يا عائشة! العرب يومئذ قليل ". فقلت: ما يجزئ المؤمنين يومئذ من الطعام؟ قال: "ما يجزئ الملائكة: التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل". قلت: فأي المال يومئذ خير؟ قال: "غلام شديد يسقي أهله من الماء، وأما الطعام؛ فلا طعام» .
..
وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: "أول الفتن قتل عثمان، وآخر الفتن خروج الدجال، والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه آمن به في قبره".
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن". قال: "وقد روي من غير وجه عن عثمان رضي الله عنه ".
وعن عبد الملك بن عمير عن ابن أخي عبد الله بن سلام؛ قال: "لما أريد عثمان رضي الله عنه؛ جاء عبد الله بن سلام رضي الله عنه، فقال له عثمان: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك. قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني؛ فإنك خارج خير لي منك داخل. قال: فخرج عبد الله بن سلام إلى الناس، فقال: أيها الناس! إنه كان اسمي في الجاهلية فلان، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ونزلت في آيات من كتاب الله، نزلت في: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ، ونزلت في: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} ، إن لله سيفا مغمودا عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه نبيكم؛ فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله إن قتلتموه لتطردن جيرانكم الملائكة، ولتسلن سيف الله المغمود عنكم فلا يغمد إلى يوم القيامة. قال: فقالوا: اقتلوا اليهودي، واقتلوا عثمان "
...
ما جاء في الدخان
قال الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
{رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} ؛ أي: ينادي أهل ذلك الزمان ربهم بهذا الدعاء، يسألون كشف هذه الشدة عنهم؛ فإنهم قد آمنوا وأيقنوا ما وعدوا به من الأمور الغيبية الكائنة بعد ذلك يوم القيامة، وهذا دليل على أنه يكون قبل يوم القيامة، حيث يمكن رفعه، ويمكن استدراك التوبة والإنابة، والله أعلم".
وعن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه؛ قال: «اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون؟ ". قالوا: نذكر الساعة. قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات.... (فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها)
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول الآيات الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر؛ تقيل معهم إذا قالوا، والدخان". قال حذيفة: يا رسول الله! وما الدخان؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، يملأ ما بين المشرق والمغرب، يمكث أربعين يوما وليلة، أما المؤمن؛ فيصيبه منه كهيئة الزكمة، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران؛ يخرج من منخريه وأذنيه ودبره» .
وعن عبد الله بن أبي مليكة؛ قال: "غدوت على ابن عباس رضي الله عنهما ذات يوم، فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت. قلت: لم؟ قال: قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب؛ فخشيت أن يكون الدخان قد طرق، فما نمت حتى أصبحت".
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في «قوله: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} . قال: "نزول عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة» .
رواه: ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه". وقد روي موقوفا وتقدم ذكره.
وعن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: «إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسألون عن الخير وكنت أسأل عن الشر مخافة أن أدركه.... فذكر الحديث، وفيه: قلت: يا رسول الله! فما بعد دعاة الضلالة؟ قال: "خروج الدجال". قلت: يا رسول الله! وما يجيء الدجال؟ قال: "يجيء بنار ونهر، فمن وقع في ناره؛ وجب أجره وحط وزره". قلت: يا رسول الله! فما بعد الدجال؟ قال: " عيسى ابن مريم ". قلت: فما بعد عيسى ابن مريم؟ قال: "لو أن رجلا أنتج فرسا؛ لم يركب مهرها حتى تقوم الساعة» .
رواه: ابن أبي شيبة، وابن عساكر في "تاريخه
...
رواية لأحمد وابن أبي حاتم: «ينزل عيسى ابن مريم، فيقتل الخنزير، ويمحو الصليب، وتجمع له الصلاة، ويعطي المال حتى لا يقبل، ويضع الخراج، وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما» . قال: وتلا أبو هريرة: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} ... الآية، فزعم حنظلة أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: يؤمن به قبل موت عيسى. فلا أدري هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قاله أبو هريرة رضي الله عنه.
........
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما؛ قال: «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة. قلت: يا رسول الله! من أين تخرج؟ قال: تخرج من أعظم المساجد حرمة على الله، بينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون؛ إذ تضطرب الأرض تحتهم، وتنشق الصفا مما يلي المشعر، وتخرج الدابة من الصفا» ... الحديث.
رواه ابن جرير
.....
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب. هكذا قال: عثمان بن الضحاك، والمعروف: الضحاك بن عثمان المديني ". انتهى كلام الترمذي.
وقد رواه أبو بكر الآجري في "كتاب الشريعة" من طريق عبد الله بن نافع الصائغ عن الضحاك بن عثمان عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه رضي الله عنه؛ قال: "الأقبر المنارية: قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر أبي بكر رضي الله عنه، وقبر عمر رضي الله عنه، وقبر رابع يدفن فيه عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم".
.....
.........
.لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدجال، والدخان، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تحشر الذر والنمل» .
رواه: الطبراني، وابن مردويه، والحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
...........
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، فتذاكروا أمر الساعة، فردوا أمرهم إلى إبراهيم، فقال: لا علم لي بها. فردوا أمرهم إلى موسى، فقال: لا علم لي بها. فردوا أمرهم إلى عيسى، فقال: أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله، وفيما عهد إلي ربي عز وجل أن الدجال خارج ومعي قضيبان، فإذا رآني؛ ذاب كما يذوب الرصاص. قال: فيهلكه الله إذا رآني، حتى إن الشجر والحجر يقول: يا مسلم! إن تحتي كافرا؛ فتعال فاقتله.
قال: فيهلكهم الله، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم؛ فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيطؤون بلادهم، فلا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه.
قال: ثم يرجع الناس يشكونهم، فأدعو الله عليهم، فيهلكهم ويميتهم، حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم، وينزل الله المطر، فيجترف أجسادهم، حتى يقذفهم في البحر، ففيما عهد إلي ربي عز وجل أن ذلك إذا كان كذلك: أن الساعة كالحامل المتم، لا يدري أهلها متى تفاجئهم بولادها ليلا أو نهارا» .
....
وقد قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} .
وفي هاتين الآيتين أبلغ رد على زعم أن يأجوج ومأجوج هم دول الإفرنج أو غيرهم من دول المشرق والمغرب الذين لم يزالوا مختلطين بغيرهم من الناس، ولم يجعل بينهم وبين الناس سد منيع يحول بينهم وبين الخروج على الناس.
وقد قال الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه "المسائل الكافية في بيان وجوب صدق خبر رب البرية" ما نصه: "المسألة الثانية والثلاثون: يأجوج ومأجوج هم أناس بالغون في الكثرة عددا لا يعلمه إلا الله
.....
وتقدم في «حديث حذيفة رضي الله عنه: أنه قال: قلت: يا رسول الله! فما بعد الدجال؟ قال: " عيسى ابن مريم ". قلت: فما بعد عيسى ابن مريم؟ قال: "لو أن رجلا أنتج فرسا؛ لم يركب مهرها حتى تقوم الساعة» .
بسم الله الرحمن الرحيم
{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} .
باب
ما جاء في خروج يأجوج ومأجوج
قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} .... الآية.
قال السدي في قول الله تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} ؛ قال: "ذاك حين يخرجون على الناس".
قال ابن كثير: "وهذا كله قبل يوم القيامة وبعد الدجال ". انتهى.
وقد جاء ذكر خروج يأجوج ومأجوج في عدة أحاديث تقدم ذكرها.
منها حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه؛ قال: «اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون؟ " قالوا: نذكر الساعة. قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات (فذكر) : الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، ومسلم واللفظ له، وأهل السنن. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
.
..باب
أن التوبة لا تقبل بعد طلوع الشمس من مغربها
قال الله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} .
قال البغوي في قوله: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} : "يعني: طلوع الشمس من مغربها، وعليه أكثر المفسرين. ورواه أبو سعيد الخدري مرفوعا: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} ؛ أي: لا ينفعهم الإيمان عند ظهور الآية التي تضطرهم إلى الإيمان. {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ؛ يريد: لا يقبل إيمان كافر ولا توبة فاسق". انتهى.
وقال ابن كثير في قوله تعالى: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} : "أي: إذا أنشأ الكافر إيمانا يومئذ؛ لا يقبل منه، فأما من كان مؤمنا قبل ذلك؛ فإن كان مصلحا في عمله؛ فهو بخير عظيم، وإن لم يكن مصلحا؛ فأحدث توبة حينئذ؛ لم يقبل منه توبته؛ كما دلت عليه الأحاديث الكثيرة، وعليه يحمل قوله تعالى: {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ؛ أي: ولا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك". انتهى.
وقال تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} .
وقال تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} انتهى.
باب
فضل العبادة في آخر الزمان
عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها» .
رواه ابن حبان في "صحيحه".
وقد تقدم في ذكر نزول عيسى عليه الصلاة والسلام حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، والشيخان.
ورواه: الترمذي، وابن ماجه؛ مختصرا.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
باب
ما جاء في صدق رؤيا المؤمن في آخر الزمان
عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اقترب الزمان؛ لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا، ورؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة» .
المؤمن تكذب» ، والباقي بمثله.
ورواه الحاكم في "مستدركه" بهذا اللفظ.
قال ابن الأثير في "جامع الأصول": "اقتراب الزمان هو عند اعتدال الليل والنهار في فصلي الربيع والخريف. وقيل: أراد باقتراب الزمان قرب الساعة ودنو القيامة في آخر الزمان".
قلت: وهذا القول الأخير هو الصحيح؛ كما تدل على ذلك رواية الإمام أحمد والحاكم.
باب
ما جاء في رفع رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
قال الأزرقي في "تاريخ مكة": حدثني جدي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج؛ قال: بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «أول ما يرفع الركن والقرآن ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام» .
باب
ما جاء في ترك تعظيم الكعبة
عن عياش بن أبي ربيعة رضي الله عنه؛ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها، فإذا تركوها وضيعوها؛ هلكوا» .
رواه الإمام أحمد، ورواته ثقات.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أيضا: أنه قال: "إن من آخر أمر الكعبة أن الحبش يغزون البيت، فيتوجه المسملون نحوهم، فيبعث الله عليهم ريحا إثرها شرقية، فلا يدع الله عبدا في قلبه مثقال ذرة من تقى إلا قبضته، حتى إذا فرغوا من خيارهم؛ بقي عجاج من الناس؛ لا يأمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر، وعمد كل حي إلى ما كان يعبد آباؤهم من الأوثان، فيعبده، حتى يتسافدوا في الطرق كما تتسافد البهائم، فتقوم عليهم الساعة؛ فمن أنبأك عن شيء بعد هذا؛ فلا علم له".
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح الإسناد على شرطهما موقوف"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
باب
ما جاء في رفع البيت
عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استمتعوا من هذا البيت؛ فإنه قد هدم مرتين، ويرفع في الثالثة» .
رواه: ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وقال معمر: "بلغني عن بعضهم أن الكعبة تهدم ثلاث مرات، ثم ترفع في الثالثة أو الرابعة؛ فاستمتعوا منها".
ذكره عبد الرزاق في "مصنفه".
وعن كعب: أنه قال في الكعبة: "تهدمونها أيتها الأمة ثلاث مرات، ثم ترفع في الرابعة؛ فاستمتعوا منها".
رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
باب
ما جاء في رفع القرآن
قد تقدم قريبا ما رواه الأزرقي في "تاريخ مكة" عن عثمان بن ساج؛ قال: بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «أول ما يرفع الركن والقرآن ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام» .
وعن حذيفة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة؛ فلا يبقى في الأرض منه آية» ....
رواه: ابن ماجه في "سننه" بإسناد صحيح، والحاكم في "مستدركه"، وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «يسرى على كتاب الله، فيرفع إلى السماء، فلا يبقى في الأرض منه آية» ..... الحديث.
رواه ابن حبان في "صحيحه".
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "إن هذا القرآن الذي بين أظهركم يوشك أن يرفع. قالوا: وكيف يرفع وقد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا؟! قال يسرى عليه في ليلة، فيذهب ما في قلوبكم وما في مصاحفكم، ثم قرأ: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} ".
رواه الحاكم في "مستدركه"، وقال "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وقد رواه الطبراني، ولفظه: "قال: لينزعن القرآن من بين أظهركم. قالوا: يا أبا عبد الرحمن! ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟! قال: يسرى على القرآن ليلا، فيذهب من أجواف الرجال، فلا يبقى في الأرض منه شيء". وفي رواية قال: "يسرى على القرآن ليلا، فلا يبقى في قلب عبد ولا في مصحفه منه شيء، ويصبح الناس فقراء كالبهائم، ثم قرأ عبد الله: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} ".
قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح؛ غير شداد بن معقل، وهو ثقة".
وعنه رضي الله عنه: أنه قال: "ليسرين على القرآن في ليلة، فلا تترك آية في مصحف أحد؛ إلا رفعت".
ذكره صاحب "كنز العمال"، وقال: "رواه ابن أبي داود ".
باب
ما جاء في هبوب الريح الطيبة
قد تقدم في ذلك حديثان عن النبي صلى الله عليه وسلم:
الأول منهما: حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه في ذكر الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، وفي آخره: «فبينما هم كذلك؛ إذ بعث الله ريحا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس؛ يتهارجون فيها تهارج الحمر؛ فعليهم تقوم الساعة» .
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب حسن صحيح".
الثاني؛ حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في ذكر الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، وفيه: «ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل؛ لدخلت عليه حتى تقبضه» ..... الحديث.
رواه: الإمام أحمد، ومسلم، والنسائي.
وتقدم أيضا حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في ذكر الملحمة الكبرى والدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام، وفيه بعد ذكر موت عيسى ودفنه: "فلا يلبثون بعد ذلك إلا يسيرا، حتى يبعث الله الريح اليمانية". قيل: وما الريح اليمانية؟ قال: "ريح من قبل اليمن، ليس على الأرض مؤمن يجد نسيمها؛ إلا قبضت روحه".
ذكره صاحب "كنز العمال"، وقال: "رواه ابن عساكر ".
باب
ما جاء في كثرة الروم في آخر الزمان
عن المستورد الفهري رضي الله عنه: أنه قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه: " «تقوم الساعة والروم أكثر الناس ". فقال له عمرو بن العاص: أبصر ما تقول. قال: أقول لك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له عمرو بن العاص: إن تكن قلت ذاك؛ إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأسرع الناس كرة بعد فرة، وإنهم لخير الناس لمسكين وفقير وضعيف، وإنهم لأحلم الناس عند فتنة، والرابعة حسنة جميلة، وإنهم لأمنع الناس من ظلم الملوك.»
رواه الإمام أحمد، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وقد رواه مسلم في "صحيحه" بزيادة، ولفظه: قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقوم الساعة والروم أكثر الناس ". فقال له عمرو: أبصر ما تقول. قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: لئن قلت ذلك؛ إن فيهم لخصالا أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك.»
وفي رواية لمسلم نحوه، وقال فيه: فقال عمرو: لئن قلت ذلك؛ إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأجبر الناس عند مصيبة، وخير الناس لمساكينهم وضعفائهم.
وعن عبد الرحمن بن جبير: «أن المستورد رضي الله عنه؛ قال: بينا أنا عند عمرو بن العاص، فقلت له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أشد الناس عليكم الروم، وإنما هلكتهم مع الساعة". فقال له عمرو: ألم أزجرك عن مثل هذا؟»
رواه الإمام أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة، وقد حسن الترمذي حديثه، وروى له مسلم مقرونا بغيره، وبقية رجاله ثقات.
وقد تقدم في أول كتاب الملاحم حديث ابن محيريز؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فارس نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعد هذا أبدا، والروم ذات القرون؛ كلما هلك قرن؛ خلفه قرن؛ أهل صخر، وأهل بحر، هيهات إلى آخر الدهر، هم أصحابكم ما دام في العيش خير» .
رواه: ابن أبي شيبة، والحارث بن أبي أسامة مرسلا.
والواقع يشهد له بالصحة.
قال ابن الأثير في "النهاية": "فيه: "فارس نطحة أو نطحتين ثم لا فارس بعدها أبدا"؛ معناه: أن فارس تقاتل المسلمين مرة أو مرتين، ثم يبطل ملكها ويزول". انتهى.
باب
ما جاء في تأخير هذه الأمة خمس مائة عام
عن أبي ثعلبة الخشني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه: أنه قال وهو بالفسطاط في خلافة معاوية رضي الله عنه، وكان معاوية أغزى الناس القسطنطينية، فقال: "والله؛ لا تعجز هذه الأمة من نصف يوم، إذا رأيت الشام مائدة رجل واحد وأهل بيته؛ فعند ذلك فتح القسطنطينية".
رواه الإمام أحمد موقوفا، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وقد رواه أبو داود في "سننه"، والحاكم في "مستدركه"؛ عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " «لن يعجز الله هذه
الأمة من نصف يوم» .
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي في "تلخيصه".
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم ". قيل لسعد: وكم نصف ذلك اليوم؟ قال: خمس مائة سنة» .
رواه: الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم في "مستدركه"، ورجال أبي داود كلهم ثقات.