عباس وافق على جميع بنود اتفاقية سيداو
محمد أبو رزق - الخليج أونلاين
"تعطي المرأة حق التصرف في جسدها، والإجهاض، وتلغي عدتها بعد الطلاق أو وفاة الزوج"، هذه بعض بنود اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، التي وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على جميع بنودها في (يوليو 2018)، وبدأ بتطبيقها في المؤسسات الرسمية.
وأثار بدء العمل بالاتفاقية من خلال إقرار قانون رفع سن الزواج لـ18 عاماً، غضب الشارع الفلسطيني، وخاصة العشائري فيه، لكونها مخالفة لعادات الفلسطينيين وتقاليدهم، وخاصةً في البنود التي تعطي المرأة حق إقامة العلاقات دون زواج، والموافقة على زواج المثليين.
و(سيداو) هي معاهدة دولية اعتُمدت بواسطة اللجنة العامة للأمم المتحدة عام 1979، وتم التصديق عليها في (سبتمبر 1981)، ووقع عليها أكثر من 189 دولة، في حين تحفظت واعترضت قرابة خمسين دولة على بعض بنودها.
السلطة الفلسطينية وقعت على الاتفاقية دون تقديمها لأي اعتراضات أو تحفظات على أي من بنودها المخالفة للشريعة الإسلامية أو القانون الأساسي الفلسطيني، رغم وجود حق لها في الاعتراض والتحفظ.
وتنص الاتفاقية على أساس تحقيق المساواة بين المرأة والرجل من خلال ضمان المساواة في وصول المرأة إلى فرص التكافؤ في الحياة السياسية والعامة.
ومن أبرز البنود التي ترفضها مؤسسات شعبية فلسطينية إعطاء المرأة حق التصرف في جسدها، والتحكم في الإنجاب عبر الحق في تحديد النسل والإجهاض، وإلغاء العدة للمرأة (بعد الطلاق أو وفاة الزوج)، لتتساوى بالرجل الذي لا يعتد بعد الطلاق أو وفاة الزوجة.
وتمنع الاتفاقية تعدد الزوجات، من باب التساوي بين الرجل والمرأة التي لا يسمح لها بالتعدد، وإلزام الدولة الموقعة عليها بإبطال جميع الأحكام واللوائح والأعراف التي تميز بين الرجل والمرأة من قوانينها، حتى تلك التي تقوم على أساس ديني.
مخالفة للقانون
ياسر الديراوي، المختص القانوني في مركز حماية لحقوق الإنسان، يؤكد أن مصادقة رئيس السلطة الفلسطينية على اتفاقية "سيداو" يعد مخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني، وأحكام الشريعة الإسلامية.
ويعرض الديراوي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أبرز البنود المثيرة للجدل في الاتفاقية والمخالفة لعادات المجتمع الفلسطيني وتقاليده، والتي لم تتحفظ السلطة عليها، وأولها إتاحتها زواج المثليين الذي يعد جريمة وفقاً لقانون العقوبات الفلسطيني.
وتذهب الاتفاقية إلى أكثر من ذلك، وفق حديث الديراوي لـ"الخليج أونلاين"، إذ شكلت حالة من التناقض للقانون الأساسي وأحكام الشريعة الإسلامية، وخاصة المادة الثانية منها، التي دعت إلى تساوي الرجل بالمرأة بجميع الحقوق، على جميع الأصعدة؛ السياسية والاجتماعية والثقافية.
وعند توقيع السلطة على الاتفاقية والمصادقة عليها، لم تتخذ الإجراءات المعمول بها وفق الأصول عند الموافقة على الاتفاقيات الدولية، حيث لم تقم بعقد جلسات تشاورية مع خبراء في القانون لعرض أبرز بنود المعاهدة، وفق الديراوي.
ووقعت 20 دولة عربية على (سيداو) مع تحفظ بعضها على المواد المثيرة للجدل والمخالفة للشريعة الإسلامية فيها، كما يؤكد المختص القانوني في مركز حماية لحقوق الإنسان، في حين وافقت السلطة على جميع ما جاء بالاتفاقية من بنود.
وترفض كل من السودان والصومال التوقيع على الاتفاقية، في حين تحفظت باقي الدول العربية الموقعة عليها على عدد من البنود الموجودة بها، وخاصة المتعلقة بالميراث، وزواج المثليين.
وتحفظت كل الدول العربية على المادة رقم 16 من الاتفاقية، التي تتحدث عن الزواج والعلاقات الأسرية، في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية تتجاهلها باعتبارها نوعاً من أنواع التدخل في الشؤون الداخلية والشخصية.
تحركات غاضبة
أولى التحركات الفلسطينية الرافضة والغاضبة من توقيع الاتفاقية، هو عقد العشائر في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، السبت (21 ديسمبر)، لاجتماع موسع، هددوا فيه باتخاذ إجراءات تصعيدية في حالة لم تتراجع السلطة عن المعاهدة.
ودعا المجتمعون "السلطة للانسحاب من (سيداو) وإلغائها، وإغلاق جميع المؤسسات النسوية وما يدور في فلكها بفلسطين وهي بالمئات، والدعوة لإلغاء عقود إيجارها، وكل من يؤجرهم فهو شريك لهم في الجريمة".
وكردة فعل قوية على بدء تطبيق الاتفاقية، قررت العشائر منع المؤسسات النسوية ومندوبيها من الدخول إلى المدارس بجميع مستوياتها، محملين المسؤولية كاملة لمديري المدارس حال مخالفة ذلك، ومحذرين في الوقت ذاته القضاة من الالتزام بقرار تحديد سن الزواج والقبول والعمل به.
وكان الرئيس الفلسطيني أصدر، في نوفمبر الماضي، قراراً بقانون حدد فيه سن الزواج ليصبح 18 سنة لكلا الجنسين مع استثناءات محددة بقرار من المحكمة المختصة.
العشائر الفلسطينية هددت بتنظيم فعاليات احتجاجية خلال الأيام المقبلة، تعبيراً منهم على رفض الاتفاقية الدولية.
مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين رفض اتفاقية (سيداو) في بيانه؛ لكونها تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، سواء ما تعلق من ذلك بالزواج، أو الميراث، التي ينبغي أن يُرجع بشأنها إلى ذوي الاختصاص في العلوم الشرعية، وإلى المؤسسات الدينية الرسمية المعتمدة.
ونص القانون الأساس الفلسطيني في المادة الرابعة منه، على أن الإسلام هو الدين الرسمي في فلسطين، والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، وفق بيان مجلس الإفتاء الفلسطيني.
وحول بند الإجهاض الذي لا تمانعه الاتفاقية، أكد المجلس على قراره الصادر في (يناير 2008) والذي يُحرّم الإجهاض في مختلف مراحل الحمل، إذا لم يكن لذلك سبب شرعي، وفي حال وجود سبب صحي معتبر.
وتأخذ دار الإفتاء برأي الأطباء في مسائل الإجهاض، بالتنسيق مع وزارة الصحة الفلسطينية، وضرورة وجود إثبات لدى المرأة بموجب تقارير اللجان الطبية .