بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل وسلم على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
مدح الله المؤمنين ووصفهم بقوله تعالى : ( كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )
18 الذاريات ، وبقوله عز وجل : ( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً ) 64 الفرقان
فإذا كان الناس قد خلدوا إلى الراحة والنوم العميق !!
فإن هؤلاء قد انشغلوا بما هو ألذ وأمتع لهم في وقت الهدوء والسكون
إنه الصلاة والمناجاة ...فإن للصلاة لذة ، وللمناجاة متعة
كان أحد الصالحين يقول عن لحظات الصفاء هذه التي تسمو فيها الروح ويشرق القلب بأنوار الإيمان :
" نحن في لذة لو علمها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف "
قال الحسن رحمه الله : " كابدوا الليل ، ومدوا الصلاة إلى السحر ، ثم اجلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار "
إن هذه الركعات في جنح الظلام حينما يأوي الناس إلى مضاجعهم وتقل في الكون الحركة
لهي زاد للمؤمن وطاقة روحية هائلة ، وقوة إيمانية عالية
إنه يشهد برقة إحساسه ومشاعره ، ويستشرف ما يحدث في الملأ الأعلى ، قال تعالى :
( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) 78 الإسراء
فلا يغمض له جفن ، لأن حب المناجاة ولذة الطاعة يبعدان عنه النوم
فيفزع إلى الصلاة والدعاء لنيل الكرامة والرضا
قال عز وجل : ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَن الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ) 16 السجدة
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أقرب ما يكون العبد من ربه في جوف الليل الآخر ، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن )
وكان الأحنف بن قيس يقول : " عرضت عملي على عمل أهل الجنة فإذا قوم قد باينونا بونا بعيدا إذ نحن قوم لا نبلغ أعمالهم
كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ، وعرضت عملي على عمل أهل النار فإذا قوم لا خير فهم
مكذبون بكتاب الله وبرسل الله مكذبون بالبعث بعد الموت "
إن قيام الليل مدرسة تتربى فيها النفوس وتهذب الأخلاق وتزكي القلوب
قال صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا عز وجل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول :
أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه
من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ، فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر )
ومن أكرمه الله بهذه الفضيلة فينبغي له أن يحرص عليها ولا يضيعها
قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما :
( نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل )
قال سالم بن عبد الله : فكان ابن عمر بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا
وقال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما : يا عبد الله لا تكن كفلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل !
وروى ابن جرير عن حاطب قال : سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد وهو يقول :
يا رب أمرتني فأطعتك وهذا سحر فاغفر لي ، فنظرت فإذا هو ابن مسعود رضي الله عنه .
والسحر هو الوقت الذي يكون قبل الفجر
وكان ابن عمر يصلي ثم يقول لمولاه نافع : يا نافع، هل جاء السحر ؟
فإذا قال : نعم أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح .
قال صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بقيام الليل فانه دأب الصالحين قبلكم ، قربة إلى الله تعالى
ومنهاة عن الإثم وتكفير عن السيئات ومطردة للداء عن الجسم ) .
وهو وقت مبارك تتنزل فيه الرحمات ، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول :
لأن أصلي في جوف الليل ركعة أحب إليّ من أن أصلي بالنهار عشر ركعات " .
والحرمان من قيام الليل عقوبة بسبب ثقل الأوزار التي تحرم العبد من التوفيق لشهود هذا الخير
الذي تشارك فيه ملائكة السماء ، يقول الحسن رحمه الله :
" إن بين العبد وبين الله حداً من المعاصي معلوماً ، إذا بلغه العبد طبع الله على قلبه
فلم يوفقه بعدها لخير " . فلو كان العبد محبوباً لتيسرت له سبل الاستيقاظ والهمة .
يروى في الأثر : أن الله إذا أحب عبداً نادى يا جبريل أيقظ فلاناً فاني أحب أن أسمع صوته .
وما أحسن قول القائل :
أيها المعرض عنا ،،، إن إعراضك منا
لو أردناك جعلنا ،،، كل ما فيك يردنا
أي أن شرودك عن الطاعات ونفورك من القربات عقوبة وليس لأنك أنت لا تريد ذلك
بل لأن الله يكره وجودك في الصالحين فأنت ممقوت في الملأ الأعلى منبوذ لدى عباد الله المقربين
وغير مرغوب بوجودك بينهم لأنك أعرضت عن الله ، قال تعالى :
( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ) 46 التوبة
أما الصالحون فلهم شأن آخر ووضع مختلف :
كان عبد العزيز بن أبي رواد رحمه الله يفرش له فراشه لينام عليه بالليل فكان يضع يده على الفراش
فيتحسسه ثم يقول : ما ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك ! ثم يقوم إلى صلاته .
وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله ويخفي ذلك فإذا كان عند الصباح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة !
وفي وصية جبريل لنبينا صلى الله عليه وسلم قال : " يا محمد ، عش ما شئت فانك ميت
وأحبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك مجزى به ، واعلم أن شرف المؤمن
قيامه الليل وعزه استغناؤه عن الناس " .
ومن السنة المهجورة اليوم إيقاظ الأهل للمشاركة في الخير والعبادة ، قال صلى الله عليه وسلم :
( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء
ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء )
ومن الأمور المساعدة بإذن الله على قيام الليل :
عدم الإكثار من الأكل لأن من أكثر منه أكثر من الشرب ، وعندها يسترخي الجسم
فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام
وألا يرتكب الآثام والذنوب بالنهار فيحرم القيام بالليل
سأل شاب الحسن البصري رحمه الله فقال :
لا استطيع قيام الليل ؟ قال : كبلتك خطاياك !
وقال أحد الصالحين : إنما يثقل قيام الليل على من أشغلته الذنوب !!
يا رجـال الليل هبوا ،،، رب داع لا يرد
لا يقـوم الليــــل إلا ،،، من له عزم وجد
قال رجل للإمام أحمد بن حنبل : يا أبا عبد الله هذه القصائد الرقاق التي في ذكر الجنة والنار
أي شيء تقول فيها ؟ فقال الإمام أحمد : مثل أي شيء ؟ قال: يقولون :
إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني
قال أحمد : أعد علي ! قال : فأعدت عليه ، فقام ودخل بيته ورد الباب فسمعت نحيبه
من داخل البيت وهو يقول : إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني ؟!
قال مالك بن دينار : ما بقي من لذة الدنيا إلا ثلاث : ذكر الله ، وقيام الليل ، ولقاء الإخوان !.
وقال عمر بن عبد العزيز : " كابدت قيام الليل سنة ، ثم ذقت حلاوته عشرين سنة. "
اللهم اجعلنا ممن يقوم الليل ومن المستغفرين بالأسحار اللـهم آميــن .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل وسلم على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
مدح الله المؤمنين ووصفهم بقوله تعالى : ( كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )
18 الذاريات ، وبقوله عز وجل : ( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً ) 64 الفرقان
فإذا كان الناس قد خلدوا إلى الراحة والنوم العميق !!
فإن هؤلاء قد انشغلوا بما هو ألذ وأمتع لهم في وقت الهدوء والسكون
إنه الصلاة والمناجاة ...فإن للصلاة لذة ، وللمناجاة متعة
كان أحد الصالحين يقول عن لحظات الصفاء هذه التي تسمو فيها الروح ويشرق القلب بأنوار الإيمان :
" نحن في لذة لو علمها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف "
قال الحسن رحمه الله : " كابدوا الليل ، ومدوا الصلاة إلى السحر ، ثم اجلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار "
إن هذه الركعات في جنح الظلام حينما يأوي الناس إلى مضاجعهم وتقل في الكون الحركة
لهي زاد للمؤمن وطاقة روحية هائلة ، وقوة إيمانية عالية
إنه يشهد برقة إحساسه ومشاعره ، ويستشرف ما يحدث في الملأ الأعلى ، قال تعالى :
( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) 78 الإسراء
فلا يغمض له جفن ، لأن حب المناجاة ولذة الطاعة يبعدان عنه النوم
فيفزع إلى الصلاة والدعاء لنيل الكرامة والرضا
قال عز وجل : ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَن الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ) 16 السجدة
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أقرب ما يكون العبد من ربه في جوف الليل الآخر ، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن )
وكان الأحنف بن قيس يقول : " عرضت عملي على عمل أهل الجنة فإذا قوم قد باينونا بونا بعيدا إذ نحن قوم لا نبلغ أعمالهم
كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ، وعرضت عملي على عمل أهل النار فإذا قوم لا خير فهم
مكذبون بكتاب الله وبرسل الله مكذبون بالبعث بعد الموت "
إن قيام الليل مدرسة تتربى فيها النفوس وتهذب الأخلاق وتزكي القلوب
قال صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا عز وجل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول :
أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه
من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ، فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر )
ومن أكرمه الله بهذه الفضيلة فينبغي له أن يحرص عليها ولا يضيعها
قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما :
( نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل )
قال سالم بن عبد الله : فكان ابن عمر بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا
وقال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما : يا عبد الله لا تكن كفلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل !
وروى ابن جرير عن حاطب قال : سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد وهو يقول :
يا رب أمرتني فأطعتك وهذا سحر فاغفر لي ، فنظرت فإذا هو ابن مسعود رضي الله عنه .
والسحر هو الوقت الذي يكون قبل الفجر
وكان ابن عمر يصلي ثم يقول لمولاه نافع : يا نافع، هل جاء السحر ؟
فإذا قال : نعم أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح .
قال صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بقيام الليل فانه دأب الصالحين قبلكم ، قربة إلى الله تعالى
ومنهاة عن الإثم وتكفير عن السيئات ومطردة للداء عن الجسم ) .
وهو وقت مبارك تتنزل فيه الرحمات ، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول :
لأن أصلي في جوف الليل ركعة أحب إليّ من أن أصلي بالنهار عشر ركعات " .
والحرمان من قيام الليل عقوبة بسبب ثقل الأوزار التي تحرم العبد من التوفيق لشهود هذا الخير
الذي تشارك فيه ملائكة السماء ، يقول الحسن رحمه الله :
" إن بين العبد وبين الله حداً من المعاصي معلوماً ، إذا بلغه العبد طبع الله على قلبه
فلم يوفقه بعدها لخير " . فلو كان العبد محبوباً لتيسرت له سبل الاستيقاظ والهمة .
يروى في الأثر : أن الله إذا أحب عبداً نادى يا جبريل أيقظ فلاناً فاني أحب أن أسمع صوته .
وما أحسن قول القائل :
أيها المعرض عنا ،،، إن إعراضك منا
لو أردناك جعلنا ،،، كل ما فيك يردنا
أي أن شرودك عن الطاعات ونفورك من القربات عقوبة وليس لأنك أنت لا تريد ذلك
بل لأن الله يكره وجودك في الصالحين فأنت ممقوت في الملأ الأعلى منبوذ لدى عباد الله المقربين
وغير مرغوب بوجودك بينهم لأنك أعرضت عن الله ، قال تعالى :
( وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ) 46 التوبة
أما الصالحون فلهم شأن آخر ووضع مختلف :
كان عبد العزيز بن أبي رواد رحمه الله يفرش له فراشه لينام عليه بالليل فكان يضع يده على الفراش
فيتحسسه ثم يقول : ما ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك ! ثم يقوم إلى صلاته .
وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله ويخفي ذلك فإذا كان عند الصباح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة !
وفي وصية جبريل لنبينا صلى الله عليه وسلم قال : " يا محمد ، عش ما شئت فانك ميت
وأحبب من شئت فانك مفارقه واعمل ما شئت فانك مجزى به ، واعلم أن شرف المؤمن
قيامه الليل وعزه استغناؤه عن الناس " .
ومن السنة المهجورة اليوم إيقاظ الأهل للمشاركة في الخير والعبادة ، قال صلى الله عليه وسلم :
( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء
ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء )
ومن الأمور المساعدة بإذن الله على قيام الليل :
عدم الإكثار من الأكل لأن من أكثر منه أكثر من الشرب ، وعندها يسترخي الجسم
فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام
وألا يرتكب الآثام والذنوب بالنهار فيحرم القيام بالليل
سأل شاب الحسن البصري رحمه الله فقال :
لا استطيع قيام الليل ؟ قال : كبلتك خطاياك !
وقال أحد الصالحين : إنما يثقل قيام الليل على من أشغلته الذنوب !!
يا رجـال الليل هبوا ،،، رب داع لا يرد
لا يقـوم الليــــل إلا ،،، من له عزم وجد
قال رجل للإمام أحمد بن حنبل : يا أبا عبد الله هذه القصائد الرقاق التي في ذكر الجنة والنار
أي شيء تقول فيها ؟ فقال الإمام أحمد : مثل أي شيء ؟ قال: يقولون :
إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني
قال أحمد : أعد علي ! قال : فأعدت عليه ، فقام ودخل بيته ورد الباب فسمعت نحيبه
من داخل البيت وهو يقول : إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني ؟!
قال مالك بن دينار : ما بقي من لذة الدنيا إلا ثلاث : ذكر الله ، وقيام الليل ، ولقاء الإخوان !.
وقال عمر بن عبد العزيز : " كابدت قيام الليل سنة ، ثم ذقت حلاوته عشرين سنة. "
اللهم اجعلنا ممن يقوم الليل ومن المستغفرين بالأسحار اللـهم آميــن .