بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تنسى ذكر الله
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
كل عام وأنتم بخير
قال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تنسى ذكر الله
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
كل عام وأنتم بخير
تميز شهر رمضان بحدثين ، 1) إنزال القرآن هدى للناس ، 2) بينات من الهدى.
الهدى هو الإرشاد إلى ما يريده السائل ويحتاجه ، ولا يعتبر الهدى هدى إلا إذا كان هو حقا ما يبحث عنه طالب الهدى ، إذن فلا تثبت له صفة الهدى إلا إذا كان هو الحق المراد ، فالهدى يجب أن يكون حقا مبينا لطالبه ليدرك أنه هو الهدى ، إن لم أستطع حل مسألة رياضية فإن الحكيم الذي يهديني إلى حلها هو الذي له علم بالرياضيات ، ولكي أقتنع أن حله للمسألة هو الصواب حقا فعليه أن يبين لي كيفية حلها. إذن فيجب أن يكون حله للمسألة الرياضية حقا مبينا لي لكي أقتنع أنه هداني للحل .
مثلا : كنت مسافرا في طائرة فشعرت بألم في جنبي الأيسر وكان بجانبي راكب قدم نفسه لي على أنه طبيب ، قال إن ما أشعر به من ألم هو ألم حصى في الكلية ، وأن معه في حقيبته دواء يفتت حصاة الكلية …
فهل بمجرد أن قال لي هذا الكلام علي أن أصدقه وأقول له الحمد لله أن بعثك الله رحمة لي !!؟
كلا، ما أدراني أن هذا الشخص هو حقا دكتور !! فهو حق مدعى من طرفه ، وليس حقا مبينا بالنسبة لي إلا إذا أثبت لي وبين لي أنه طبيب بإبراز بطاقته وهويته وشهادته كطبيب ، عندئذ يصبح ادعاءه حقا مبينا لي فأعتبره رحمة ساقها الله إلي ، فآخذ منه الدواء ، فإن سكن الألم يتبين لي أن ذلك الدواء هو كما قال يفتت الحصى وأشهد له أنه طبيب حكيم .
هذا المثل ولله المثل الأعلى نجد مثله بنفس الترتيب في سور الزمر وآل حم .
سورة الزمر افتتحت بقوله تعالى : ﴿ تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ﴾ ، فالهدى إنما يأتي به الحكيم ، وإسم الله العزيز إذا اقترن بأي إسم من أسماء الله فهو يفيد الغلبة والكمال ، فالحكيم إذا لم يكن عزيزا (غالبا بحكمته ) فسيأتي من هو أكثر منه حكمة بهدى أهدى منه ، فيكون هداه هو أحق أن يوصف بالحق.
الحكمة هي نتاج العلم ومعياره ، فلكي يكون عزيزا حكيما فيجب أن يكون عزيزا عليما (غالبا بعلمه) عزيز عليم .
فكما أن ذلك الشخص قدم لي نفسه بأنه هو الحكيم الذي سيهديني إلى الشفاء وأن عليه أن يثبت لي انه حقا ذو علم بالطب لكي يصبح ادعاءه حقا مبينا كذلك جاءت بعد سورة الزمر سورة ابتدأت ب : حم ، تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) ، حم : الحق المبين.
وكما أني لم أطمئن له وأعتبر وصفته رحمة إلا بعد أن تثبتت من مؤهله العلمي كذلك فإن سورة فصلت التي استهلت بقوله تعالى : حم،تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) يجب أن تكون هي السورة الثانية في ترتيب سور آل حاميم.
وبعد اطمئناني أنه طبيب وأن في ما ينصحني به شفاء ورحمة ناولني الدواء ، كذلك جاءت سورة الشورى بذكر ماهية الهدى الذي أوحاه الله لرسله لهداية الناس إلى ما يريدون الهداية إليه.
فما هو الهدى الذي هو موضوع كل الرسالات ويريد الناس منذ أن وجدوا على الأرض معرفته؟
سؤالان يريد الناس عبر التاريخ علم الإجابة عنهما :
١ هل هذه الحياة الدنيا أبدية أم لها نهاية ؟
٢ إن كانت للحياة الدنيا نهاية فهل بعدها حياة أخرى؟.فجاءت كل الرسالات بالهدى الذي يعلم الناس به أن الحياة الدنيا ليست أبدية وأن الساعة هي التي ستنهيها ، وأن بعد الساعة ستقوم القيامة لبعث الأموات.
قال تعالى : حم ، عسق . عسق : علم الساعة والقيامة ، فكل الرسالات جاءت ليعلم الناس أن الساعةآتية لا ريب فيها ، وأن القيامة لا بد منها لبعث الخلائق مرة أخرى .
ثم بعد سورة الشورى نجد سورتين افتتحتا ب : حم ، والكتاب المبين ، بعدهما نجد سورتين افتتحتا ب : حم ، تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم . فهذا الترتيب شبيه بالمثل الذي ضربته عن دواء الطبيب الذي بعد أن أخذته شفيت وتبين لي أنه هو الدواء المناسب وأنه فعلا طبيب حكيم كما وصف نفسه.
إذن حم : الحق المبين ، عسق : علم الساعة والقيامة ، فالهدف من بعث الله للرسل هو ليعلم الناس أن الساعة والقيامة حق ، فالحق المبين هو من لدن حميد مجيد ، فالحق هو الذي يحمد ويثنى عليه : وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، والمبين يناسبه المجيد ، فالمجد لا يتحقق إلا ببيان الكفاءة العلمية تطبيقيا .
- حم : الحق المبين
- حم : حميد مجيد