بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يمكن تعلّم وتعليم تعبير الرؤى؟
إن علم التعبير علم رفيع، اختص الله به بعضاً من الأنبياء كإبراهيم ويعقوب ويوسف ونبينا محمد - عليهم الصلاة والسلام - ، وبرع فيه الكثير من الصحابة الكرام، كأبي بكر، وعمر، وعائشة، وأسماء أختها، وأسماء بنت عميس الخثعمية - رضي الله عنهم - ، ومن التابعين سعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، وغيرهم...، ولكن هل هذا العلم منحة إلهية وهبة محضة من الله - تعالى - أو هو فراسة تولد مع صاحبها فحسب، وبالتالي لا يمكن تعلمه وتعليمه؟
قد اختلف أهل العلم في هذه المسألة: فذهب قوم إلى أنه لا يمكن لهذا العلم تعلّمه وتعليمه، وإنما تعبير الرؤى علم يهبه الله لمن يشاء من عباده.
وذهب آخرون إلى أنه يمكن لهذا العلم تعلّمه وتعليمه، وهذا الرأي هو الراجح؛ فهو وإن كان علم تعبير الرؤى مِنْحَة إلهية في أصله، لكن بما أنه من العلوم الشرعية؛ والأصل في العلوم الشرعية أنها تُكْتَسَب؛ فإنه يمكن لهذا العلم تعلّمه وتعليمه - كغيره من العلوم - واكتسابه من خلال دراسة كيفية التعبير عند أولئك المصطفين به أو ممن برع فيه من أهل العلم، ولهذا قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }[البقرة: 282] فيمكن اكتساب علم التأويل بشرط التقوى؛ فهو كغيره من العلوم المكتسبة. قال أبو حيان - في "البحر المحيط" : "هذه جملة تذكر بنعم الله التي أشرفها التعليم للعلوم"اهـ.
وقال السعدي - رحمه الله - عند ذكره هذه الآية في "تفسيره" "أن تقوى الله وسيلة إلى حصول العلم" .
ومما يؤيد هذا الرأي: بروز الكثير من الصحابة الكرام في هذا الجانب وتعلّمهم تعبير الرؤيا على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال العلامة السعدي - في "تفسيره" لما ذكر فوائد قصة يوسف -: "وفيها أن علمَ التعبير من العلوم الشرعية، وأنه يُثاب الإنسان على تعلّمه وتعليمه".
وخلاصة ما تقدم: أن تعبير الرؤيا منحة إلهية في أصله، وهذا هو الأفضل، ورأي العالم به هو الأصوب - بالنسبة لأنواع التعبير أو المعبرين الثلاثة: الإلهام، والفراسة، والتعليم -وكما أنه يوجد من يُعَبِّر الرؤيا إلهاماً؛ فإنه يوجد من يُعَبِّرها فراسة، ويوجد من يعبرها صناعةً وتعلّماً.
إذا تقرر هذا فإن تعلّم هذا الفن وتعليمه ليس على إطلاقه ، ولكن يجب مراعاة الآتي:
أولاً: أن تتوفر في المتعلم أدوات هذا العلم من المعرفة بالقرآن والسنة، والبراعة باللغة العربية، والأمثال السائرة، وبالمعنى، وباشتقاق الأسماء، ودقائق هذا العلم من قواعده وضوابطه الأساسية .
ثانياً: ألاّ يفتح المجال للعامة الذين ليس عندهم أدوات هذا الفن، من الذين يحلّون لأنفسهم ويحرمون، بناءً على حلم عابر.
ثالثاً: أن يكون التتلمذ على يد مَنْ يُجيد هذا العلم، ويُجيد تصديره للآخرين مِمَّن وهبهم الله تبسيط المعلومة وتسهيلها على المتعلمين أو المُتَلقين.
وقال الإمام القرافي المالكي ، كما نقله عنه ابن رجب الحنبلي في "ذيل طبقات الحنابلة" : "ومَنْ ليس لـه قوة نفس في هذا النوع، صالحة في ذلك لعلم تعبير الرؤيا لا يكاد يصيب إلاّ على الندور، فلا ينبغي لـه التوجه لعلم التعبير، ومَنْ كانت لـه قوة نفس هو الذي ينتفع بتعبيره" .
وعلى هذا فمن لم تتوفر فيه أدوات علم تعبير الرؤيا فلا يتجرأ بالخوض فيه؛ لأن هذا العلم كغيره من العلوم الشرعية الأخرى التي تحتاج إلى دراية وفهم؛ ولأنه داخل في الفتوى، والله أعلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يمكن تعلّم وتعليم تعبير الرؤى؟
إن علم التعبير علم رفيع، اختص الله به بعضاً من الأنبياء كإبراهيم ويعقوب ويوسف ونبينا محمد - عليهم الصلاة والسلام - ، وبرع فيه الكثير من الصحابة الكرام، كأبي بكر، وعمر، وعائشة، وأسماء أختها، وأسماء بنت عميس الخثعمية - رضي الله عنهم - ، ومن التابعين سعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، وغيرهم...، ولكن هل هذا العلم منحة إلهية وهبة محضة من الله - تعالى - أو هو فراسة تولد مع صاحبها فحسب، وبالتالي لا يمكن تعلمه وتعليمه؟
قد اختلف أهل العلم في هذه المسألة: فذهب قوم إلى أنه لا يمكن لهذا العلم تعلّمه وتعليمه، وإنما تعبير الرؤى علم يهبه الله لمن يشاء من عباده.
وذهب آخرون إلى أنه يمكن لهذا العلم تعلّمه وتعليمه، وهذا الرأي هو الراجح؛ فهو وإن كان علم تعبير الرؤى مِنْحَة إلهية في أصله، لكن بما أنه من العلوم الشرعية؛ والأصل في العلوم الشرعية أنها تُكْتَسَب؛ فإنه يمكن لهذا العلم تعلّمه وتعليمه - كغيره من العلوم - واكتسابه من خلال دراسة كيفية التعبير عند أولئك المصطفين به أو ممن برع فيه من أهل العلم، ولهذا قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }[البقرة: 282] فيمكن اكتساب علم التأويل بشرط التقوى؛ فهو كغيره من العلوم المكتسبة. قال أبو حيان - في "البحر المحيط" : "هذه جملة تذكر بنعم الله التي أشرفها التعليم للعلوم"اهـ.
وقال السعدي - رحمه الله - عند ذكره هذه الآية في "تفسيره" "أن تقوى الله وسيلة إلى حصول العلم" .
ومما يؤيد هذا الرأي: بروز الكثير من الصحابة الكرام في هذا الجانب وتعلّمهم تعبير الرؤيا على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال العلامة السعدي - في "تفسيره" لما ذكر فوائد قصة يوسف -: "وفيها أن علمَ التعبير من العلوم الشرعية، وأنه يُثاب الإنسان على تعلّمه وتعليمه".
وخلاصة ما تقدم: أن تعبير الرؤيا منحة إلهية في أصله، وهذا هو الأفضل، ورأي العالم به هو الأصوب - بالنسبة لأنواع التعبير أو المعبرين الثلاثة: الإلهام، والفراسة، والتعليم -وكما أنه يوجد من يُعَبِّر الرؤيا إلهاماً؛ فإنه يوجد من يُعَبِّرها فراسة، ويوجد من يعبرها صناعةً وتعلّماً.
إذا تقرر هذا فإن تعلّم هذا الفن وتعليمه ليس على إطلاقه ، ولكن يجب مراعاة الآتي:
أولاً: أن تتوفر في المتعلم أدوات هذا العلم من المعرفة بالقرآن والسنة، والبراعة باللغة العربية، والأمثال السائرة، وبالمعنى، وباشتقاق الأسماء، ودقائق هذا العلم من قواعده وضوابطه الأساسية .
ثانياً: ألاّ يفتح المجال للعامة الذين ليس عندهم أدوات هذا الفن، من الذين يحلّون لأنفسهم ويحرمون، بناءً على حلم عابر.
ثالثاً: أن يكون التتلمذ على يد مَنْ يُجيد هذا العلم، ويُجيد تصديره للآخرين مِمَّن وهبهم الله تبسيط المعلومة وتسهيلها على المتعلمين أو المُتَلقين.
وقال الإمام القرافي المالكي ، كما نقله عنه ابن رجب الحنبلي في "ذيل طبقات الحنابلة" : "ومَنْ ليس لـه قوة نفس في هذا النوع، صالحة في ذلك لعلم تعبير الرؤيا لا يكاد يصيب إلاّ على الندور، فلا ينبغي لـه التوجه لعلم التعبير، ومَنْ كانت لـه قوة نفس هو الذي ينتفع بتعبيره" .
وعلى هذا فمن لم تتوفر فيه أدوات علم تعبير الرؤيا فلا يتجرأ بالخوض فيه؛ لأن هذا العلم كغيره من العلوم الشرعية الأخرى التي تحتاج إلى دراية وفهم؛ ولأنه داخل في الفتوى، والله أعلم.
مقتبس من كتاب : كيف تعبر الرؤيا؟
د. محمد بن فهد بن إبراهيم الودعان
د. محمد بن فهد بن إبراهيم الودعان
التعديل الأخير: