- إنضم
- 17 مارس 2014
- المشاركات
- 1,877
- التفاعل
- 5,973
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ثمّ أما بعد
قال تعالى :
أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الملك : 22]
كنتُ اتأمّل هذه الآية الكريمة ....
وذات يوم قمتُ بالمشي بينما رأسي منكّسا الى الاسفل انظر حول قدمي في دائرة لا يزيد قطرها عن المتر , وحينها عرفتُ بعض المقصود من تلك الآية الكريمة ,
فالمرء الذي تكون نظرته فقط حول جسمه ولا ينظر الى الافق وما حوله
من الأشياء المحيطة به فأنه يصعب عليه فهم العلاقة بين الأشياء . ويستحيل عليه أن يتجنّب الاخطاء المتكررة , فهو لا يعرف ان الاشياء مترابطة وان لها علاقة ببعضها البعض .
وسوف تبدوا له الاشياء متقطّعة منفصلة عن بعضها ومن هنا تجده لا يرى الاشياء على حقائقها . وكذلك لا يبصر جمال الاشياء وتكاملها ويُحرم من الحكمة التي تنتج عن تسلسل الاحداث التي تؤثّر وتتأثّر بعضها ببعض .
وهذا النوع من الناس يصعب عليه اتّباع الحق ويكون من العسير هدايته او تفهيمه الحقيقة .
وهنا مثال :
لو مشى رجل في طريق وهو منكّسا رأسه ونظره منصبّا حول قدمية تقريباً , فلو وجد صخرة في طريقه . فإنّه قد لا يصطدم بها ولكنّه قد يحيد عنها يمينا أو شمالاً , ليجد فيما بعد انه اختار الطريق الذي تؤدّي به الى حفرة عميقة أو عقبة كأداء يصعب عليه تجوازها ... فلو كان يبصر ما حوله لاختار طريقه التالي الذي يجب عليه ان يسلكها من حينما كان عند الصخرة ..
ذلك الرجل لو ابصر ثعبانا طويلاً فإنّه قد يضربه من الوسط لأنه لا يرى سوى تلك الجزئية الصغيرة من الثعبان . وسوف يترك الرأس الذي به السم , يتعامل مع الجزء البائن له ضمن الدائرة الضيّقة التي رسمها لنفسه والتي تشكل في نظره كل العالم بالنسبة له .!!
وكذلك الشخص الذي تكون كل حياته وافكاره ووجدانه ومشاعره كلّها فقط تدور حول ذاته , فأنه يتعب تعبا شديداً ويعاني معاناة لا يعلمها الا الله . ان الشخص الذي لا يشعر الّا بذاته ونفسه يكون تماما كمن ينظر فقط قول قدميه . وبما أن الطريق طويلة فأن التعب يزيد طرديا مع المسافة وقد يرتكب الخطأ الواحد مرتين او اكثر دون ان يشعر انه هو نفس الخطأ ولكن تكرر .
ذات مرّة كنا نتحدّث عن وفات احد الجيران . وكان حديثنا حول كيفيّة إبلاغ اهله بموته .
فجاء الى المجلس شاب في الثلاثينات لم يكن يعلم بالخبر . ومباشرة بعدما سلّم علينا بدأ يسأل عن افضل ورشة سيّارات , ثمّ ذكر انه صدم بسيارته الكامري وراح فيها الرفرف وبعض من الزّيق ( خيوط الزينة ) . لم نتفاعل معه ولاحظ منّا وجوما وعدم مبالاة , حينها سأل , مالكم ما اهتمّيتُم لسؤالي .؟ فقلنا له لا فقط نحن مشغولين بكذا وكذا .... فردّ هو مستعجلاً :
بس هذه هي المشكلة التي عندكم .. !!؟؟
بسيطة جداً واحد يروح لأهل الميت ويقول لهم ترون فلان مات ....!!!!
وهذا قضاء الله وقدره والموت مكتوب علينا وانتهت المشكلة ... هو يقول : وانتهت المشكلة
ولم ينتهي كلامه بعد
فلم يتوقّف عن الكلام انّما ادخل مشكلته في مسألة الوفاة حيث , بقي يسأل عن افضل ورشة لكي يصلح سيّارته التي اهمّته اكثر من موت مسلم وترمّل امرأة ويتم اطفال .. انظروا اليه وهو
يرى ان المشكلة فقط في الابلاغ ( يرى ان أي واحد يستطيع ان يبلغ ) مبتور من المشاعر .
تلك كانت نوعية من الناس الذين ينظرون حول انفسهم فقط .
وهكذا كل واحد فينا اذا كان لا يهمّه الا نفسه , فمع الوقت سيصبح بلا مشاعر ولا اخلاق ..
التعديل الأخير: