السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختار الله سبحانه وتعالى من رسله أولي العزم الخمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وسيد ولد آدم محمد صلى الله عليهم وسلم
واختار الخليلين : إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام ، ثم اصطفى محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء والمرسلين
وجعله سيدهم ، بل وأفضل الخلق ، فهو أفضل خلق الله على الإطلاق وهو خاتم الأنبياء والمرسلين
بعثه الله عز وجل على حين فترة من الرسل واندراس من العلم والهدى
وقد طبق الأرض جهل عظيم وضلال مبين ، واندرست الملة الحنيفية ، فلم يبق عليها إلا نزر من الناس
بُعث صلى الله عليه وسلم برسالة عامة إلى جميع الثقلين قال تعالى :
( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) سورة سبأ 28
وافترض الله على الجميع طاعته ومحبته والانضواء تحت لوائه كما قال جل وعلا :
( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) الأعراف 158
وقد ظهر الإسلام أول ما ظهر في مكة ودعا النبي محمد صلى الله عليه وسلم قومه
فآمن بدعوته من شرح الله صدره للإسلام ثم انتشر بعد ذلك في كل بقاع الأرض لما لذلك الدين من خصائص
فالشريعة الإسلامية شريعة مطهرة كاملة ضمنت مصالح البشرية في دنياها وأخراها وهي الصراط المستقيم
الذي من سار عليه نجا ومن حاد عنه وسار في طريق آخر سواه هلك وهوى ، معصومة من الباطل بعيدة عن الجور والظلم
كفيلة بعلاج مشاكل البشرية والأخذ بيدها إلى ما فيه سعادتها وفلاحها
ولم يكن للعرب دور في الأرض قبل الإسلام ، بل لم يكن لهم كيان ، كانوا في حالة تفكك لا تجعل منهم قوة حقيقية
في ميدان القوى العالمية ، وكان يمكن أن تقوم الحروب بين القبائل لعشرات السنين ، ولكن لم تكن هذه القبائل متفرقة
ولا مجتمعة ذات وزن عند الدول القوية المجاورة ، وما حدث في عام الفيل كان مقياسا لحقيقة هذه القوة حين تتعرض لغزو أجنبي
إن المتدبر لحال العرب قبل الإسلام يرى أنهم كانوا في غاية من الضلال ، وفي غاية من الجهل والإعراض ، لا يعرفون منكرا من معروف
ولا حقا من باطل ، متفرقين تسودهم الحروب الطاحنة ، يقضي القوي فيهم على الضعيف .
فلما انقادوا للإسلام واستجابوا لله ورسوله ، جمع الله بالإسلام شتاتهم ووحد بهم صفوفهم
وأعزهم به بعد الذلة ، وأغناهم بها بعد العيلة ، وجعلهم بالإسلام ملوكا على رقاب العباد.
وتحت راية الإسلام ولأول مرة في تاريخ العرب أصبح لهم دور عالمي يؤدونه ، وأصبحتلهم قوة دولية يحسب لها حساب
قوة جارفة تكتسح الممالك وتحطم العروش , وتتولى قيادة البشرية .
ولكن الذي هيأ للعرب هذا لأول مرة في تاريخهم هو أنهم نسوا نعرة الجاهلية وعصبية العنصر
وذكروا أنهم مسلمون .. ومسلمون فقط
ورفعوا راية الإسلام ورايةالإسلام وحدها وحملوا عقيدة ضخمة قوية يهدونها إلى البشرية رحمةً وبراً بالبشرية
ولم يحملوا قومية ولا عنصرية ولا عصبية ، حملوا عقيدة ربانية يعلمون الناس بها ، لا منهجا وضعيا يخضعون الناس لسلطانه .
وخرجوا من أرضهم جهاداً في سبيل الله وحده ولم يخرجوا ليؤسسوا دولة عربية ينعمون ويرتعون في ظلها
ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها ، إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعاً إلى عبادة الله وحده
عندئذ فقط كان للعرب وجود وكانت لهم قوة وكانت لهم قيادة ، ولكنها كانت كلها لله وفي سبيل الله .
ولقد استمر عز الإسلام على مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعد موته ، وأكثر قرن الصحابة رضي الله عنهم
إلى أن ظهر فيهم الخروج عن السنة ، والميول إلى البدع المضلة .
كان الإسلام في أوله ظاهرا وأهله غالبون ، وسوادهم عظيم إلى أن أخذ اجتماعه في الافتراق وقوته إلى الضعف .
لقد عاش الرعيل الأول من رجال هذه الأمة العظيمة ، وسلفها الصالح قلباً واحداً عاضين على دينهم بالنواجذ
باذلين كل ما يملكون في سبيل طاعة الله ورسوله ونيل مرضاتهما ، ملتفين حول خير الخلق التفافاً لم يجعل الله تعالى فيهم ولا بينهم
مدخلاً للشيطان وحزبه ، أو تمكينا له ولحزبه في صفوفهم ، بل وفقهم ربهم وكافأهم على صدقهم بالتأليف بين قلوبهم وإنزال السكينة عليهم
حتى غدوا أخوة متحابين لم تفرق بينهم الأنساب والألوان والأعراف ، ولا غيرها من عصبيات الجاهلية .
عاش المسلمون حياةً خاليةً من الفرقة حول إمام الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم
أمة واحدة ، وكلمة واحدة ، وعقيدة واحدة ، كالبنيان المرصوص .
نعم كانت تطرأ بعض الاختلافات في بعض المسائل ، ولكن سرعان ما كانت تتلاشى ولا يبقى لها أثر برجوعهم إلى رسول الله
وانقيادهم لأمر الله تعالى وشرعه وأمر رسوله وشرعه ، هكذا عاش سلف هذه الأمة ، ولقد جاءت الآيات والنصوص الكثيرة
تشهد بفضلهم ومنزلتهم الرفيعة بسبب حسن امتثالهم ، وصدق إيمانهم ، وعظيم تضحيتهم لهذا الدين
حتى شهد الله تعالى بالرضى عنهم ، وقُبض الرسول صلى اله عليه وسلم وهو عنهم راض
قال عز وجل : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة 100
استمر السلف الصالح على تلك الحال الصافية النقية من كل شوائب الفرقة والاختلاف طيلة أيام خليفة رسولهم
أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي حمل اللواء ، وسار بالركب على نهج وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم جاء الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والأمة كلها على اتفاق ، لا اختلاف بينها ولا فرقة
واستمروا كذلك فترة خلافته حتى انتقل إلى جوار ربه تعالى بعد أن قاد الأمة وسار بها على نهج سلفه
وعلى سنة وهدي رسوله ونبيه صلى الله عليه وسلم ، وكما أراد الله تعالى منه .
ثم جاء الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فانتهج نهج سلفيه السابقين : أبي بكر وعمر ، وعلى وفق سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما زاغ عن ذلك كله قيد شبر ، ولا غيَّر ولا بدَّل رضي الله تعالى عنه ، بل سلك بالأمة المسلك القويم رغم كثرة الفتن ، وخاصة في أخريات أيامه حين لاحت بوادر الفرقة والاختلاف في حياة الأمة الإسلامية ، وارتفعت أصوات أهل الشر والفساد والنفاق
عاش هذا الصنف الخبيث في صفوف المسلمين ، وأخذوا يعملون في ظلام الليل ما يكيدون به هذا الدين العظيم وأهله
بدافع من الحقد والحسد والبغضاء ، ولما فشلت سيوفهم وجنودهم ، ولما رأوا من قوة الإسلام
اتجهوا بسهامهم ومكرهم وكيدهم إلى جوانب الإسلام العلمية والاعتقادية لإفسادها ، فاتجهوا إلى كتاب الله وسنه نبيه
صلى الله عليه وسلم بأنواع من المكر والكيد ، يقول الله عز وجل : ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) الأنفال 30
فكم زعموا أنَّ في آيات الله من تناقضٍ وتعارضٍ وتحريفٍ وتبديلٍ ، وكما قالوا في كتاب الله
قالوا مثله وأكثر منه أضعافاً في سُنهَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما علم أولئك الأقزام أنَّ الله تعالى قد تكفل بحفظ دينه من أيدي العابثين ، ومكر الماكرين من الكفرة والزنادقة الملحدين
ومن نحا نحوهم ، قال الحق تبارك وتعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر 9
ومع ازدياد أمرهم وخطرهم ، وعمّت فتنهم حتى استشهد فيها عثمان رضي الله عنه
ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ورفيقيه إلى رضوان الله تعالى .
" يتبع بإذن الله "
اختار الله سبحانه وتعالى من رسله أولي العزم الخمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وسيد ولد آدم محمد صلى الله عليهم وسلم
واختار الخليلين : إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام ، ثم اصطفى محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء والمرسلين
وجعله سيدهم ، بل وأفضل الخلق ، فهو أفضل خلق الله على الإطلاق وهو خاتم الأنبياء والمرسلين
بعثه الله عز وجل على حين فترة من الرسل واندراس من العلم والهدى
وقد طبق الأرض جهل عظيم وضلال مبين ، واندرست الملة الحنيفية ، فلم يبق عليها إلا نزر من الناس
بُعث صلى الله عليه وسلم برسالة عامة إلى جميع الثقلين قال تعالى :
( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) سورة سبأ 28
وافترض الله على الجميع طاعته ومحبته والانضواء تحت لوائه كما قال جل وعلا :
( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) الأعراف 158
وقد ظهر الإسلام أول ما ظهر في مكة ودعا النبي محمد صلى الله عليه وسلم قومه
فآمن بدعوته من شرح الله صدره للإسلام ثم انتشر بعد ذلك في كل بقاع الأرض لما لذلك الدين من خصائص
فالشريعة الإسلامية شريعة مطهرة كاملة ضمنت مصالح البشرية في دنياها وأخراها وهي الصراط المستقيم
الذي من سار عليه نجا ومن حاد عنه وسار في طريق آخر سواه هلك وهوى ، معصومة من الباطل بعيدة عن الجور والظلم
كفيلة بعلاج مشاكل البشرية والأخذ بيدها إلى ما فيه سعادتها وفلاحها
ولم يكن للعرب دور في الأرض قبل الإسلام ، بل لم يكن لهم كيان ، كانوا في حالة تفكك لا تجعل منهم قوة حقيقية
في ميدان القوى العالمية ، وكان يمكن أن تقوم الحروب بين القبائل لعشرات السنين ، ولكن لم تكن هذه القبائل متفرقة
ولا مجتمعة ذات وزن عند الدول القوية المجاورة ، وما حدث في عام الفيل كان مقياسا لحقيقة هذه القوة حين تتعرض لغزو أجنبي
إن المتدبر لحال العرب قبل الإسلام يرى أنهم كانوا في غاية من الضلال ، وفي غاية من الجهل والإعراض ، لا يعرفون منكرا من معروف
ولا حقا من باطل ، متفرقين تسودهم الحروب الطاحنة ، يقضي القوي فيهم على الضعيف .
فلما انقادوا للإسلام واستجابوا لله ورسوله ، جمع الله بالإسلام شتاتهم ووحد بهم صفوفهم
وأعزهم به بعد الذلة ، وأغناهم بها بعد العيلة ، وجعلهم بالإسلام ملوكا على رقاب العباد.
وتحت راية الإسلام ولأول مرة في تاريخ العرب أصبح لهم دور عالمي يؤدونه ، وأصبحتلهم قوة دولية يحسب لها حساب
قوة جارفة تكتسح الممالك وتحطم العروش , وتتولى قيادة البشرية .
ولكن الذي هيأ للعرب هذا لأول مرة في تاريخهم هو أنهم نسوا نعرة الجاهلية وعصبية العنصر
وذكروا أنهم مسلمون .. ومسلمون فقط
ورفعوا راية الإسلام ورايةالإسلام وحدها وحملوا عقيدة ضخمة قوية يهدونها إلى البشرية رحمةً وبراً بالبشرية
ولم يحملوا قومية ولا عنصرية ولا عصبية ، حملوا عقيدة ربانية يعلمون الناس بها ، لا منهجا وضعيا يخضعون الناس لسلطانه .
وخرجوا من أرضهم جهاداً في سبيل الله وحده ولم يخرجوا ليؤسسوا دولة عربية ينعمون ويرتعون في ظلها
ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها ، إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعاً إلى عبادة الله وحده
عندئذ فقط كان للعرب وجود وكانت لهم قوة وكانت لهم قيادة ، ولكنها كانت كلها لله وفي سبيل الله .
ولقد استمر عز الإسلام على مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعد موته ، وأكثر قرن الصحابة رضي الله عنهم
إلى أن ظهر فيهم الخروج عن السنة ، والميول إلى البدع المضلة .
كان الإسلام في أوله ظاهرا وأهله غالبون ، وسوادهم عظيم إلى أن أخذ اجتماعه في الافتراق وقوته إلى الضعف .
لقد عاش الرعيل الأول من رجال هذه الأمة العظيمة ، وسلفها الصالح قلباً واحداً عاضين على دينهم بالنواجذ
باذلين كل ما يملكون في سبيل طاعة الله ورسوله ونيل مرضاتهما ، ملتفين حول خير الخلق التفافاً لم يجعل الله تعالى فيهم ولا بينهم
مدخلاً للشيطان وحزبه ، أو تمكينا له ولحزبه في صفوفهم ، بل وفقهم ربهم وكافأهم على صدقهم بالتأليف بين قلوبهم وإنزال السكينة عليهم
حتى غدوا أخوة متحابين لم تفرق بينهم الأنساب والألوان والأعراف ، ولا غيرها من عصبيات الجاهلية .
عاش المسلمون حياةً خاليةً من الفرقة حول إمام الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم
أمة واحدة ، وكلمة واحدة ، وعقيدة واحدة ، كالبنيان المرصوص .
نعم كانت تطرأ بعض الاختلافات في بعض المسائل ، ولكن سرعان ما كانت تتلاشى ولا يبقى لها أثر برجوعهم إلى رسول الله
وانقيادهم لأمر الله تعالى وشرعه وأمر رسوله وشرعه ، هكذا عاش سلف هذه الأمة ، ولقد جاءت الآيات والنصوص الكثيرة
تشهد بفضلهم ومنزلتهم الرفيعة بسبب حسن امتثالهم ، وصدق إيمانهم ، وعظيم تضحيتهم لهذا الدين
حتى شهد الله تعالى بالرضى عنهم ، وقُبض الرسول صلى اله عليه وسلم وهو عنهم راض
قال عز وجل : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة 100
استمر السلف الصالح على تلك الحال الصافية النقية من كل شوائب الفرقة والاختلاف طيلة أيام خليفة رسولهم
أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي حمل اللواء ، وسار بالركب على نهج وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم جاء الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والأمة كلها على اتفاق ، لا اختلاف بينها ولا فرقة
واستمروا كذلك فترة خلافته حتى انتقل إلى جوار ربه تعالى بعد أن قاد الأمة وسار بها على نهج سلفه
وعلى سنة وهدي رسوله ونبيه صلى الله عليه وسلم ، وكما أراد الله تعالى منه .
ثم جاء الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فانتهج نهج سلفيه السابقين : أبي بكر وعمر ، وعلى وفق سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما زاغ عن ذلك كله قيد شبر ، ولا غيَّر ولا بدَّل رضي الله تعالى عنه ، بل سلك بالأمة المسلك القويم رغم كثرة الفتن ، وخاصة في أخريات أيامه حين لاحت بوادر الفرقة والاختلاف في حياة الأمة الإسلامية ، وارتفعت أصوات أهل الشر والفساد والنفاق
عاش هذا الصنف الخبيث في صفوف المسلمين ، وأخذوا يعملون في ظلام الليل ما يكيدون به هذا الدين العظيم وأهله
بدافع من الحقد والحسد والبغضاء ، ولما فشلت سيوفهم وجنودهم ، ولما رأوا من قوة الإسلام
اتجهوا بسهامهم ومكرهم وكيدهم إلى جوانب الإسلام العلمية والاعتقادية لإفسادها ، فاتجهوا إلى كتاب الله وسنه نبيه
صلى الله عليه وسلم بأنواع من المكر والكيد ، يقول الله عز وجل : ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) الأنفال 30
فكم زعموا أنَّ في آيات الله من تناقضٍ وتعارضٍ وتحريفٍ وتبديلٍ ، وكما قالوا في كتاب الله
قالوا مثله وأكثر منه أضعافاً في سُنهَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما علم أولئك الأقزام أنَّ الله تعالى قد تكفل بحفظ دينه من أيدي العابثين ، ومكر الماكرين من الكفرة والزنادقة الملحدين
ومن نحا نحوهم ، قال الحق تبارك وتعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر 9
ومع ازدياد أمرهم وخطرهم ، وعمّت فتنهم حتى استشهد فيها عثمان رضي الله عنه
ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ورفيقيه إلى رضوان الله تعالى .
" يتبع بإذن الله "