- إنضم
- 17 أغسطس 2014
- المشاركات
- 134
- التفاعل
- 71
- النقاط
- 32
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للصوفية والصوفيين شطحات كبيرة، وخروجات ما أنزل الله بها من سلطان، صنعت من التصوف والصوفية حالة فريدة في المحيط الإسلامي، وهذه الحالة تتسم بالعبثية الدينية والفكرية والسياسية بل والأخلاقية أيضا، ومن شطحات الصوفية من الناحية الدينية العقائدية، تبنيهم لفكرة الفناء، فعن هذا الفناء ومفهومه سيكون حديثنا في هذا التقرير، مع بيان فساد هذا المعتقد.
ولم تكن هذه الفكرة إسلامية المنشأ بل كانت استنساخا لأفكار وعلوم باطلة وممارسات تعبدية خاطئة مستمدة من عقائد واديان وثنية مثل الهندوسية التي تستخدم الصيام للوصول لهذا الهدف, فعقيدتهم في الصيام الهندوسي تتمثل في أنه من العبادات الهامة بإهمال المطالب التي يسمونها بالحيوانية للجسم لإضعاف تحكمها في الإنسان وهذا هو الأساس لتحقيق الغاية المرجوة عندهم وهي الفناء في الإله برهمة والاندماج معه, وهذا هو عين ما نقل إلى الإسلام بهذه الفكرة الباطلة أصلا وشرعا والتي لو يقصد بها سوى تحريفه وتشويهه.
الفناء في اللغة:
الفناء لغة هو: الاضمحلال و التلاشي و الانعدام، و قد يراد به الهلاك، وأما الفناء الاصطلاحي فهو-كما يقولون-: أن تذهب المخلوقات و تتلاشى في شهود العبد و تغيب في العدم كما كانت قبل أن توجد، و يبقى الله كما لم يزل، ثم تغيب صورة الفاني، و تضمحل أيضا، فلا يبقى له صورة و لا رسم، ثم تغيب مشاهدته ويصير الله هو الذي يشاهد نفسه بنفسه، كما كان الأمر قبل إيجاد المكوّنات.
المقصود بعقيدة الفناء الصوفي:
قال الغزالي في تعريفه للفناء: "المرتبة الرابعة من التوحيد: أن لا يرى في الوجود إلا واحد، وهي مشاهدة الصديقين، وتسميه الصوفية الفناء في التوحيد، لأنّه من حيث لا يرى إلا واحدا، فلا يرى نفسه أيضا، و إذا لم ير نفسه لكونه مستغرقا بالتوحيد، كان فانيا عن نفسه في توحيده، بمعنى أنّـه فنا عن رؤية نفسه والخلق"[1].
وقد ضل المتصوفة في هذه المعاني فوضعوا قاعدة لديهم يقولون فيها: "المحبة نار في القلب تحرق ما سوى المحبوب" واتخذوا هذه القاعدة ذريعة للتنصل من التعبدات التي تشغلهم عن المحبوب -بزعمهم- كالاشتغال بجهاد أعدائه وتعلم دينه وتعليمه ونشر دعوته بين العالمين بدعوى أنهم منصرفون به وبالفناء فيه عن الأعمال الموصولة إلى رضاه التي أمر كل عباده بها حتى الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه فلم بذكر أن احدهم ترك العبادات بدعوى الفناء وهم كانوا اقرب العباد إلى الله واعرفهم به.
وقد انتقد ابن الجوزي أبا حامد الغزالي والقشيري صاحب الرسالة القشيرية والفتنة البغدادية بسبب ما أدخل في دين الله من هذه المنكرات التي لا يمكن قبولها في الدين ومنها فكرة الفناء فقال: "وجاء عبد الكريم بن هوازن القشيري وصنف لهم كتاب (الرسالة) فذكر فيها العجائب من الكلام في الفناء (أي في الله) والقبض والبسط والجمع والتفرقة والصحو والمحو والسكر والشرب والمكاشفة واللوائح والطوالع واللوامع والتكوين والتمكين والحقيقة والشريعة وغير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء"[2].
تفسير ظاهرة الفناء كهدف نهائي للمتصوف:
يبدأ المتصوف بالرياضات والتجرد والذكر المطلق، ثم يستغرق فيه وعندما تزداد هذه الرياضات مع اعتقاده بفكرة الفناء ويسكره السماع والرّقص والمواجيد والحلقات حينها يغيب عقل بعضهم كالسكارى فتحدث لأحدهم تلك الأوهام والخيالات فيعتقد بالحلول والاتحاد متوهما أن تلك الخيالات والأوهام ناتجة عن الاعتقادات الكامنة في عقولهم قبل السكر ومهما بلغ خيال الإنسان فإنه أن يزيد عما جعله في عقله قياسا للموجودات ومن هنا يكونون في وضع متهيئ لقبول الخيال والأوهام على المستويين الفردي والجماعي, ولهذا تجد كثيرا ممن يعتقد في قدرة الأشباح الخيالات وتعظم في أذهانهم نجدهم مستعدين أكثر من غيرهم لتصور رؤيتها والفزع منها واليقين بأنها تستطيع أن تتدخل في حياتهم أكثر ممن ينضبط بضوابط الشرع والعقل الذي لا ينخدعون بسهولة فيها, فعند نفس الظروف البيئية قد نقد احدنا يجزم بوجودها بينما الآخر يجزم بعدم ذلك الوجود أو التأثير, وهذا ما يفسره قول أبي بكر بن العربي في كتابه العواصم من القواصم: "إن الصوفية يقولون، لا ينال العلم إلا بطهارة النفس وتزكية القلب وقطع العلائق بينه و بين البدن، وحسم مواد أسباب الدنيا من الجاه والمال والخلطة بالجنس والإقبال على الله بالكلية، علما دائما وعملا مستمرا حتى تنكشف له الغيوب فيرى الملائكة و يطلع على أرواح الأنبياء و يسمع كلامهم، وراء هذا غلو ينتهي إلى القول بمشاهدة الله"[3].
وحقيقة الفناء تصور باطل مصدره عقائد باطلة ويستدلون على وجوده في القران الكريم بذهول سببه محظور, فكما سبقهم القشيري يستدلون بقصة يوسف عليه السلام لتقرير الفناء حينما ذهلت النسوة حينما رأينه وقطعن أيديهن ولم يشعرن بالسكين, فليس فيه أي دليل على هذا الفناء المزعوم فالنسوة قد اغشي عليهم من السكر بالنشوة والشهوة ولا يصح أي شيئ من ذلك في ذات الله سبحانه.
تقسيم ابن تيمية للفناء الصوفي وبيان وجه الحق في كل قسم:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية[4] في تفسير المراد بالفناء الصوفي: الفناء الذي يوجد في كلام الصوفية يفسر بثلاثة أمور:
أحدها: فناء القلب عن إرادة ما سوى الرب، والتوكل عليه وعبادته، وما يتبع ذلك، فهذا حق صحيح وهو محض التوحيد والإخلاص، وهو في الحقيقة عبادة القلب، وتوكله، واستعانته، وتألهه وإنابته، وتوجهه إلى اللّه وحده لا شريك له، وما يتبع ذلك من المعارف والأحوال.
الثاني: فناء القلب عن شهود ما سوى الرب، فذاك فناء عن الإرادة، وهذا فناء عن الشهادة، ذاك فناء عن عبادة الغير والتوكل عليه، وهذا فناء عن العلم بالغير والنظر إليه، فهذا الفناء فيه نقص، فإن شهود الحقائق على ما هي عليه، وهو شهود الرب مدبراً العبادة، آمراً بشرائعه، أكمل من شهود وجوده، أو صفة من صفاته، أو اسم من أسمائه، والفناء بذلك عن شهود ما سوى ذلك.
الثالث: فناء عن وجود السوى: بمعنى أنه يرى أن اللّه هو الوجود، وأنه لا وجود لسواه، لا به ولا بغيره، وهذا القول والحال للاتحادية الزنادقة من المتأخرين كالبلياني والتلمساني والقونوني ونحوهم الذين يجعلون الحقيقة أنه عين الموجودات وحقيقة الكائنات، وأنه لا وجود لغيره، لا بمعنى أن قيام الأشياء به ووجودها به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد:ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل" وكما قيل في قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88] فإنهم لو أرادوا ذلك لكان ذلك هو الشهود الصحيح، لكنهم يريدون أنه هو عين الموجودات، فهذا كفر وضلال".
للصوفية والصوفيين شطحات كبيرة، وخروجات ما أنزل الله بها من سلطان، صنعت من التصوف والصوفية حالة فريدة في المحيط الإسلامي، وهذه الحالة تتسم بالعبثية الدينية والفكرية والسياسية بل والأخلاقية أيضا، ومن شطحات الصوفية من الناحية الدينية العقائدية، تبنيهم لفكرة الفناء، فعن هذا الفناء ومفهومه سيكون حديثنا في هذا التقرير، مع بيان فساد هذا المعتقد.
ولم تكن هذه الفكرة إسلامية المنشأ بل كانت استنساخا لأفكار وعلوم باطلة وممارسات تعبدية خاطئة مستمدة من عقائد واديان وثنية مثل الهندوسية التي تستخدم الصيام للوصول لهذا الهدف, فعقيدتهم في الصيام الهندوسي تتمثل في أنه من العبادات الهامة بإهمال المطالب التي يسمونها بالحيوانية للجسم لإضعاف تحكمها في الإنسان وهذا هو الأساس لتحقيق الغاية المرجوة عندهم وهي الفناء في الإله برهمة والاندماج معه, وهذا هو عين ما نقل إلى الإسلام بهذه الفكرة الباطلة أصلا وشرعا والتي لو يقصد بها سوى تحريفه وتشويهه.
الفناء في اللغة:
الفناء لغة هو: الاضمحلال و التلاشي و الانعدام، و قد يراد به الهلاك، وأما الفناء الاصطلاحي فهو-كما يقولون-: أن تذهب المخلوقات و تتلاشى في شهود العبد و تغيب في العدم كما كانت قبل أن توجد، و يبقى الله كما لم يزل، ثم تغيب صورة الفاني، و تضمحل أيضا، فلا يبقى له صورة و لا رسم، ثم تغيب مشاهدته ويصير الله هو الذي يشاهد نفسه بنفسه، كما كان الأمر قبل إيجاد المكوّنات.
المقصود بعقيدة الفناء الصوفي:
قال الغزالي في تعريفه للفناء: "المرتبة الرابعة من التوحيد: أن لا يرى في الوجود إلا واحد، وهي مشاهدة الصديقين، وتسميه الصوفية الفناء في التوحيد، لأنّه من حيث لا يرى إلا واحدا، فلا يرى نفسه أيضا، و إذا لم ير نفسه لكونه مستغرقا بالتوحيد، كان فانيا عن نفسه في توحيده، بمعنى أنّـه فنا عن رؤية نفسه والخلق"[1].
وقد ضل المتصوفة في هذه المعاني فوضعوا قاعدة لديهم يقولون فيها: "المحبة نار في القلب تحرق ما سوى المحبوب" واتخذوا هذه القاعدة ذريعة للتنصل من التعبدات التي تشغلهم عن المحبوب -بزعمهم- كالاشتغال بجهاد أعدائه وتعلم دينه وتعليمه ونشر دعوته بين العالمين بدعوى أنهم منصرفون به وبالفناء فيه عن الأعمال الموصولة إلى رضاه التي أمر كل عباده بها حتى الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه فلم بذكر أن احدهم ترك العبادات بدعوى الفناء وهم كانوا اقرب العباد إلى الله واعرفهم به.
وقد انتقد ابن الجوزي أبا حامد الغزالي والقشيري صاحب الرسالة القشيرية والفتنة البغدادية بسبب ما أدخل في دين الله من هذه المنكرات التي لا يمكن قبولها في الدين ومنها فكرة الفناء فقال: "وجاء عبد الكريم بن هوازن القشيري وصنف لهم كتاب (الرسالة) فذكر فيها العجائب من الكلام في الفناء (أي في الله) والقبض والبسط والجمع والتفرقة والصحو والمحو والسكر والشرب والمكاشفة واللوائح والطوالع واللوامع والتكوين والتمكين والحقيقة والشريعة وغير ذلك من التخليط الذي ليس بشيء"[2].
تفسير ظاهرة الفناء كهدف نهائي للمتصوف:
يبدأ المتصوف بالرياضات والتجرد والذكر المطلق، ثم يستغرق فيه وعندما تزداد هذه الرياضات مع اعتقاده بفكرة الفناء ويسكره السماع والرّقص والمواجيد والحلقات حينها يغيب عقل بعضهم كالسكارى فتحدث لأحدهم تلك الأوهام والخيالات فيعتقد بالحلول والاتحاد متوهما أن تلك الخيالات والأوهام ناتجة عن الاعتقادات الكامنة في عقولهم قبل السكر ومهما بلغ خيال الإنسان فإنه أن يزيد عما جعله في عقله قياسا للموجودات ومن هنا يكونون في وضع متهيئ لقبول الخيال والأوهام على المستويين الفردي والجماعي, ولهذا تجد كثيرا ممن يعتقد في قدرة الأشباح الخيالات وتعظم في أذهانهم نجدهم مستعدين أكثر من غيرهم لتصور رؤيتها والفزع منها واليقين بأنها تستطيع أن تتدخل في حياتهم أكثر ممن ينضبط بضوابط الشرع والعقل الذي لا ينخدعون بسهولة فيها, فعند نفس الظروف البيئية قد نقد احدنا يجزم بوجودها بينما الآخر يجزم بعدم ذلك الوجود أو التأثير, وهذا ما يفسره قول أبي بكر بن العربي في كتابه العواصم من القواصم: "إن الصوفية يقولون، لا ينال العلم إلا بطهارة النفس وتزكية القلب وقطع العلائق بينه و بين البدن، وحسم مواد أسباب الدنيا من الجاه والمال والخلطة بالجنس والإقبال على الله بالكلية، علما دائما وعملا مستمرا حتى تنكشف له الغيوب فيرى الملائكة و يطلع على أرواح الأنبياء و يسمع كلامهم، وراء هذا غلو ينتهي إلى القول بمشاهدة الله"[3].
وحقيقة الفناء تصور باطل مصدره عقائد باطلة ويستدلون على وجوده في القران الكريم بذهول سببه محظور, فكما سبقهم القشيري يستدلون بقصة يوسف عليه السلام لتقرير الفناء حينما ذهلت النسوة حينما رأينه وقطعن أيديهن ولم يشعرن بالسكين, فليس فيه أي دليل على هذا الفناء المزعوم فالنسوة قد اغشي عليهم من السكر بالنشوة والشهوة ولا يصح أي شيئ من ذلك في ذات الله سبحانه.
تقسيم ابن تيمية للفناء الصوفي وبيان وجه الحق في كل قسم:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية[4] في تفسير المراد بالفناء الصوفي: الفناء الذي يوجد في كلام الصوفية يفسر بثلاثة أمور:
أحدها: فناء القلب عن إرادة ما سوى الرب، والتوكل عليه وعبادته، وما يتبع ذلك، فهذا حق صحيح وهو محض التوحيد والإخلاص، وهو في الحقيقة عبادة القلب، وتوكله، واستعانته، وتألهه وإنابته، وتوجهه إلى اللّه وحده لا شريك له، وما يتبع ذلك من المعارف والأحوال.
الثاني: فناء القلب عن شهود ما سوى الرب، فذاك فناء عن الإرادة، وهذا فناء عن الشهادة، ذاك فناء عن عبادة الغير والتوكل عليه، وهذا فناء عن العلم بالغير والنظر إليه، فهذا الفناء فيه نقص، فإن شهود الحقائق على ما هي عليه، وهو شهود الرب مدبراً العبادة، آمراً بشرائعه، أكمل من شهود وجوده، أو صفة من صفاته، أو اسم من أسمائه، والفناء بذلك عن شهود ما سوى ذلك.
الثالث: فناء عن وجود السوى: بمعنى أنه يرى أن اللّه هو الوجود، وأنه لا وجود لسواه، لا به ولا بغيره، وهذا القول والحال للاتحادية الزنادقة من المتأخرين كالبلياني والتلمساني والقونوني ونحوهم الذين يجعلون الحقيقة أنه عين الموجودات وحقيقة الكائنات، وأنه لا وجود لغيره، لا بمعنى أن قيام الأشياء به ووجودها به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد:ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل" وكما قيل في قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88] فإنهم لو أرادوا ذلك لكان ذلك هو الشهود الصحيح، لكنهم يريدون أنه هو عين الموجودات، فهذا كفر وضلال".