- إنضم
- 28 سبتمبر 2014
- المشاركات
- 1,477
- التفاعل
- 5,459
- النقاط
- 122
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" التربية مصدرها ومتى تبدأ "
كنوز القرآن والسنة أصول تربوية كبيرة الفائدة، عظيمة الأثر، وحين يكون الحديث عن الطفولة فإن هذه المرحلة كالبذرة الصغيرة، والنبتة الضعيفة، إذ أرادنا لها النمو والقوة والاشتداد فعلينا بمنبع الإسلام الصافي؛ لنربي أبناءنا على منهج كتاب الله ووفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنحرص على هذه التربية منذ نعومة أظفارهم، حيث مرحلة التنشئة .
فالأطفال كالنبتة الصغيرة تحتاج على رعاية تامة؛ من ماء، وهواء، وشمس حتى تكبر وتشتد، والأطفال بحاجة إلى متابعة توجيه، ما داموا في هذه المرحلة من العمر، حتى إذا اشتد عودهم، وصاروا كبارًا كانوا على خير بإذن الله تعالى، أما إذا نشؤوا مهملين فيصعب عند الكبر توجيههم وإصلاحهم .
نجد في وقتنا الحاضر كثيرًا من الأمهات يشتكين من أبنائهن، لعدم أداء صلاة الفجر في جماعة، بسبب عدم تعودهم عليها منذ الصغر .
تحكي إحدى الأخوات أن طفلها منذ أن كان في الصف الثالث، أو الرابع الابتدائي كان لا يترك الصلاة مع الجماعة في كل وقت، حتى صلاة الفجر، وكان في ليالي الشتاء الباردة يلبس الملابس الثقيلة، ويخرج مع أبيه إلى المسجد، وفي إحدى الليالي قال أحد جماعة المسجد لوالده: لا تخرج به في مثل هذا الوقت؛ لبرودة الجو، وعدم تحمل الطفل لها، ولكن الأب استمر على الذهاب بابنه إلى المسجد في كل الأوقات؛ لأنه ليس هناك فرق بين ذهابه إلى المسجد، وموعد المدرسة -أي: بين صلاة الفجر وموعد الدراسة – سوى ساعة واحدة تقريبًا, فلماذا نهتم بأمر الدنيا أكثر من الاهتمام بأمر الله والدار الآخرة؟ واستمر هذا الابن على المحافظة على الصلاة في المسجد، في كل وقت، وقد بلغ قرابة العشرين عامًا من عمره وهو مثال في المحافظة على الصلاة في جماعة حتى في الفجر، وغيره؛ لأن من شب على شيء شاب عليه .
وهذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يذكر عنه أنه يقول : كنا نعيش في بغداد وكان والدي قد توفي، وكنت أعيش مع أمي، فإذا كان قبل الفجر أيقظتني أمي، وسَخّنت لي الماء، ثم توضأت , وكان عمره آنذاك عشر سنين، يقول : «وجلسنا نصلي حتى يؤذن الفجر» - هو وأمه رحمهما الله – وعند الأذان تصحبه أمه إلى المسجد، وتنتظره حتى تنتهي الصلاة؛ لأن الأسواق حينئذ مظلمة، وقد تكون فيها السباع والهوام، ثم يعودان إلى البيت بعد أداء الصلاة، وعندما كبر أرسلته أمه لطلب العلم .
ويقول أحد العلماء : إن لأم الإمام أحمد بن حنبل من الأجر، مثل ما لابنها؛ لأنها هي التي دلته على الخير .
نعمة الذرية :
إن نعمة الذرية نعمة جميلة، لا يُقَدِّر قيمتها إلا من فقدها، والنعمة تستحق الشكر للمنعم، ومن أجَلِّ مظاهر شكرها حسن تربيتها، ورعايتها الرعاية الشرعية الصحيحة، فكيف تكون هذه التربية وتلك الرعاية ؟
هذا التساؤل هو ما سنحاول الإجابة عليه قدر المستطاع في هذه الكلمات – بإذن الله -، إن هذه النعمة التي أنعم الله بها علينا، وزين بها بيوتنا، ثم أوكل إليها حق رعايتها، وإصلاحها، والعناية بها جديرة بالدراسة، والتخطيط، والمتابعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» إلى أن قال : «والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده» الحديث متفق عليه .
فما هي تلك الرعاية ؟
تبدأ الرعاية في الإسلام قبل عقد الزوجية، حيث أوصى الإسلام باختيار الزوجة الصالحة، لما لها من أثر في صلاح الذرية، فن حكمة البدء بصلاح الأم، وحسن اختيارها، وهذا هو صريح وصية الرسول عليه الصلاة والسلام - «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، فالأم الصالحة مثل الأرض الصالحة للزراعة، ثم يأتي – بعد الزواج – التوجيه النبوي الكريم إلى ما يكون سببًا في صلاح الأبناء، قبل تكوينهم في أرحام أمهاتهم، حيث ورد قوله صلى الله عليه وسلم : «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد لم يضره» والحديث متفق عليه .
فسبحان الله، ما أعظم اهتمام الإسلام بالأبناء حتى في هذه اللحظة.. تسمية ودعاء, وهذا دليل على بركة التسمية، وأهميتها، وأهمية الدعاء وفي ذلك اعتصام بذكر الله، وتبرك باسمه، واستشعار بأن الله تعالى هو الميسر، والمعين، وفيه إشارة إلى أن ذكر الله سبحانه وتعالى يطرد الشياطين .
وأمر آخر مما يدل على عناية الإسلام بالرعاية الطبية للأبناء، هو الدعاء لهم، فدعاء الله سبحانه وتعالى هو نهج الأنبياء والصالحين في كل حال من أحوالهم، فهذا زكريا يدعو الله سبحانه وتعالى قبل أن يرزق الذرية قال تعالى : "هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ" فلننظر إلى قوله "ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً" لأنه لا يريد أية ذرية، بل ذرية طيبة .
ويحدثنا القرآن الكريم أيضًا عن امرأة عمران – أم مريم عليهما السلام – ودعائها ربها حين الحمل وبعد الولادة يقول تعالى: "إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ"[آل عمران: 35، 36].
الله أكبر, تدعو لابنتها ولذريتها، فهل لفت انتباهنا – نحن المربين – هذا الدعاء ودعونا به ؟
كانت إحدى الأخوات حاملاً، وعند آلام الوضع تذكرت دعاء أم مريم لابنتها مريم عليها السلام، بعد ولادتها لها وتقول: لقد ألهمني الله أن أدعو بهذا الدعاء بعد ولادتي طفلتي : «اللهم إني أعذيها بك وذريتها من الشيطان الرجيم» تقول هذه الأخت : لقد رأيت على هذه البنت صفة الهدوء، والراحة في تربيتها، ما لم أجده فيمن قبلها من أخواتها، ولله الحمد، ونسأل الله أن يديم عليها ويجعلها قرة عين لوالديها، وذخرًا للإسلام والمسلمين
وللحديث بقية وصل اللهم وسلم علی سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا
" التربية مصدرها ومتى تبدأ "
كنوز القرآن والسنة أصول تربوية كبيرة الفائدة، عظيمة الأثر، وحين يكون الحديث عن الطفولة فإن هذه المرحلة كالبذرة الصغيرة، والنبتة الضعيفة، إذ أرادنا لها النمو والقوة والاشتداد فعلينا بمنبع الإسلام الصافي؛ لنربي أبناءنا على منهج كتاب الله ووفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنحرص على هذه التربية منذ نعومة أظفارهم، حيث مرحلة التنشئة .
فالأطفال كالنبتة الصغيرة تحتاج على رعاية تامة؛ من ماء، وهواء، وشمس حتى تكبر وتشتد، والأطفال بحاجة إلى متابعة توجيه، ما داموا في هذه المرحلة من العمر، حتى إذا اشتد عودهم، وصاروا كبارًا كانوا على خير بإذن الله تعالى، أما إذا نشؤوا مهملين فيصعب عند الكبر توجيههم وإصلاحهم .
نجد في وقتنا الحاضر كثيرًا من الأمهات يشتكين من أبنائهن، لعدم أداء صلاة الفجر في جماعة، بسبب عدم تعودهم عليها منذ الصغر .
تحكي إحدى الأخوات أن طفلها منذ أن كان في الصف الثالث، أو الرابع الابتدائي كان لا يترك الصلاة مع الجماعة في كل وقت، حتى صلاة الفجر، وكان في ليالي الشتاء الباردة يلبس الملابس الثقيلة، ويخرج مع أبيه إلى المسجد، وفي إحدى الليالي قال أحد جماعة المسجد لوالده: لا تخرج به في مثل هذا الوقت؛ لبرودة الجو، وعدم تحمل الطفل لها، ولكن الأب استمر على الذهاب بابنه إلى المسجد في كل الأوقات؛ لأنه ليس هناك فرق بين ذهابه إلى المسجد، وموعد المدرسة -أي: بين صلاة الفجر وموعد الدراسة – سوى ساعة واحدة تقريبًا, فلماذا نهتم بأمر الدنيا أكثر من الاهتمام بأمر الله والدار الآخرة؟ واستمر هذا الابن على المحافظة على الصلاة في المسجد، في كل وقت، وقد بلغ قرابة العشرين عامًا من عمره وهو مثال في المحافظة على الصلاة في جماعة حتى في الفجر، وغيره؛ لأن من شب على شيء شاب عليه .
وهذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يذكر عنه أنه يقول : كنا نعيش في بغداد وكان والدي قد توفي، وكنت أعيش مع أمي، فإذا كان قبل الفجر أيقظتني أمي، وسَخّنت لي الماء، ثم توضأت , وكان عمره آنذاك عشر سنين، يقول : «وجلسنا نصلي حتى يؤذن الفجر» - هو وأمه رحمهما الله – وعند الأذان تصحبه أمه إلى المسجد، وتنتظره حتى تنتهي الصلاة؛ لأن الأسواق حينئذ مظلمة، وقد تكون فيها السباع والهوام، ثم يعودان إلى البيت بعد أداء الصلاة، وعندما كبر أرسلته أمه لطلب العلم .
ويقول أحد العلماء : إن لأم الإمام أحمد بن حنبل من الأجر، مثل ما لابنها؛ لأنها هي التي دلته على الخير .
نعمة الذرية :
إن نعمة الذرية نعمة جميلة، لا يُقَدِّر قيمتها إلا من فقدها، والنعمة تستحق الشكر للمنعم، ومن أجَلِّ مظاهر شكرها حسن تربيتها، ورعايتها الرعاية الشرعية الصحيحة، فكيف تكون هذه التربية وتلك الرعاية ؟
هذا التساؤل هو ما سنحاول الإجابة عليه قدر المستطاع في هذه الكلمات – بإذن الله -، إن هذه النعمة التي أنعم الله بها علينا، وزين بها بيوتنا، ثم أوكل إليها حق رعايتها، وإصلاحها، والعناية بها جديرة بالدراسة، والتخطيط، والمتابعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» إلى أن قال : «والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده» الحديث متفق عليه .
فما هي تلك الرعاية ؟
تبدأ الرعاية في الإسلام قبل عقد الزوجية، حيث أوصى الإسلام باختيار الزوجة الصالحة، لما لها من أثر في صلاح الذرية، فن حكمة البدء بصلاح الأم، وحسن اختيارها، وهذا هو صريح وصية الرسول عليه الصلاة والسلام - «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، فالأم الصالحة مثل الأرض الصالحة للزراعة، ثم يأتي – بعد الزواج – التوجيه النبوي الكريم إلى ما يكون سببًا في صلاح الأبناء، قبل تكوينهم في أرحام أمهاتهم، حيث ورد قوله صلى الله عليه وسلم : «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد لم يضره» والحديث متفق عليه .
فسبحان الله، ما أعظم اهتمام الإسلام بالأبناء حتى في هذه اللحظة.. تسمية ودعاء, وهذا دليل على بركة التسمية، وأهميتها، وأهمية الدعاء وفي ذلك اعتصام بذكر الله، وتبرك باسمه، واستشعار بأن الله تعالى هو الميسر، والمعين، وفيه إشارة إلى أن ذكر الله سبحانه وتعالى يطرد الشياطين .
وأمر آخر مما يدل على عناية الإسلام بالرعاية الطبية للأبناء، هو الدعاء لهم، فدعاء الله سبحانه وتعالى هو نهج الأنبياء والصالحين في كل حال من أحوالهم، فهذا زكريا يدعو الله سبحانه وتعالى قبل أن يرزق الذرية قال تعالى : "هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ" فلننظر إلى قوله "ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً" لأنه لا يريد أية ذرية، بل ذرية طيبة .
ويحدثنا القرآن الكريم أيضًا عن امرأة عمران – أم مريم عليهما السلام – ودعائها ربها حين الحمل وبعد الولادة يقول تعالى: "إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ"[آل عمران: 35، 36].
الله أكبر, تدعو لابنتها ولذريتها، فهل لفت انتباهنا – نحن المربين – هذا الدعاء ودعونا به ؟
كانت إحدى الأخوات حاملاً، وعند آلام الوضع تذكرت دعاء أم مريم لابنتها مريم عليها السلام، بعد ولادتها لها وتقول: لقد ألهمني الله أن أدعو بهذا الدعاء بعد ولادتي طفلتي : «اللهم إني أعذيها بك وذريتها من الشيطان الرجيم» تقول هذه الأخت : لقد رأيت على هذه البنت صفة الهدوء، والراحة في تربيتها، ما لم أجده فيمن قبلها من أخواتها، ولله الحمد، ونسأل الله أن يديم عليها ويجعلها قرة عين لوالديها، وذخرًا للإسلام والمسلمين
وللحديث بقية وصل اللهم وسلم علی سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا