بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصل اللهم على نبينا محمد واله وصحبه الكرام وسلم تسليما كثيرا
لولا الله ثم ملائكته لتخطفتنا الشياطين "فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين" "وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مسلمين"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصل اللهم على نبينا محمد واله وصحبه الكرام وسلم تسليما كثيرا
موضوع مهم سببه ما حصل من نقاش مع أحد الإخوة في موضوع سابق بعنوان "لماذا يروج الدجالين و..." وقد حاولت الإجابة عما تيسر وهناك نقطة أحببت أن تخص بموضوع للأهمية البالغة
أعلم أخي إذ قد تقرر حصول الأذى الحسي من بعض الجن والشياطين والأدلة عليه كثيرة لا تحصر تقدم ذكر شيء منها ومن ذلك ما اتفق عليه البخاري ومسلم وفي رواية للبخاري قال صلى الله عليه وآله وسلم ( ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد ، فيستهل صارخا من مس الشيطان ، غير مريم وابنها .فإنه جاء يطعن فطعن في الحجاب. ) ،
قال : " لو قدر الشياطين على أكثر من الوسوسة لأهلكت أكثر من نصف البشر"
أقول بل كلهم ربما لكن هذه الأرض و المملكة الإنسانية على ما قدر فيها من الظلم فإنها لازلت تحت حكم ملك قاهر حكيم عليم فما يجعلهم يفعلون ذلك ويفسدونها في عشية أو ضحاها وليس الشياطين وإن كفروا بأنداد لله في عصيانهم بل تجري أفعالهم بقدره وهم يخافونه عند الشدة كما قال كبيرهم عند اشتداد البأس (إني أخاف الله والله شديد العقاب)
فنعم هم عدو لنا لكن ليس كل عدو يقتل عدوه أو يوصل له من الأذى ما يريد وإن قدر كيف إذا لم يقدر
فهناك الكثير من الأسباب والقوانين التي تمنع المتسلطين من الجن أن يتسلطوا وإن كانوا ذوي بأس فيخافون من أمور أخرى سماوية وأرضية ومما بلغني عن قريب أنه قتل سحلية فصعق من فوره فأفاق بعد مدة فأخبر أنهم أدخلوه تحت الأرض وذهبوا به لكبيرهم وحاكمهم فشهدوا عليه وقال أنه قال بسم الله قبلها واستشهدهم فأقروا وخلوا عنه
وقد يحصل من سفهائهم بعض الأذى كما يحصل من سفهائنا والحكمة في التعامل مع سفيههم تكون بالتعريض والانذار ثلاثا أن يكفوا صاحبهم وحصل هذا لخالي خال أمي رحمه الله فكان ذلك قديما في بيت طين بعيد قليلا عن البيوت والجيران وكان وحيدا وحصل أن رأى ما نسميه " السعود " دابة بين السحلية والحية وكأن يأتي في وقت معين يمر عند الباب فهم بقتله لكنه تربص ثلاثا يتعوذ بالله منهم وينذرهم أن لايعود فحين جاء بعد ثلاث رآه أمام الباب مذبوحا!
ومن هنا نأخذ الإشارة و السر في عدم القدرة والتمكين حتى تحصل هذه المجزرة الشيطانية التي أشار إليها الأخ مع ما قد أعطيت من قوة لم يعطها البشر ولو أطلقوا لفتكوا بهم ومع هذا فلا نراهم يتوصلون إلا لأفراد وبعد كيد طويل وتربص وسحر وأحيانا كثيرة ما يؤثر فيصل للقتل والموت بل دون ذلك
جوابه إذا هو حكم القانون والقدر الإلهي والحفظ الرباني وفي كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والتفسير من كلام كبار المفسرين ما يشفي ويكفي
قال الله تعالى: "لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ .... وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ {الرعد:11}.
وقال تعالى: قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا {الأحزاب:17}.
وقال تعالى: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {الفتح:11}.
والآيات في هذا المعنى لا تحصر
قال الهيتمي: أخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ { الرعد: 11} قال: ليس من عبد إلا له معقبات من الملائكة من بين يديه ملكان يكونان معه في النهار فإذا جاء الليل أصعدا وأعقبهما ملكان فكانا معه ليلته حتى يصبح يحفظونه من بين يديه ومن خلفه, ولا يصيبه شيء لم يكتب إذا غشيه شيء من ذلك دفعاه عنه، ألم تره يمرّ بالحائط فإذا جاز سقط، فإذا جاء الكتاب خلوا بينه وبين ما كتب له وهم من أمر الله أمرهم أن يحفظوه, وأخرج أبو داود في القدر وابن أبي الدنيا وابن عساكر عن علي أيضاً قال: لكل عبد حفظة يحفظونه لا يخر عليه حائط, أو يتردى في بئر, أو تصيبه دابة, حتى إذا جاءه القدر الذي قدّر له خلت عنه الحفظة فأصابه ما شاء الله أن يصيبه. اهـ
وقوله : ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) أي : للعبد ملائكة يتعاقبون عليه ، حرس بالليل وحرس بالنهار ، يحفظونه من الأسواء والحادثات ، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر ، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، فاثنان عن اليمين و [ عن ] الشمال يكتبان الأعمال ، صاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات ، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه ، واحدا من ورائه وآخر من قدامه ، فهو بين أربعة أملاك بالنهار ، وأربعة آخرين بالليل بدلا حافظان وكاتبان ، كما جاء في الصحيح : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ، فيصعد إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بكم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون " وفي الحديث الآخر : " إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع ، فاستحيوهم وأكرموهم " .
وقال عكرمة ، عن ابن عباس : ( يحفظونه من أمر الله ) قال : ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه ، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه .
وقال مجاهد : ما من عبد إلا له ملك موكل ، يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام ، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال الملك : وراءك إلا شيء يأذن الله فيه فيصيبه .
وورد في تحديد عدد المعقبات أحاديث غريبة منها أنهم عشرة
قال ابن كثير :
وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير هاهنا حديثا غريبا جدا فقال :
حدثني المثنى ، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري ، حدثنا علي بن جرير ، عن حماد بن سلمة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن كنانة العدوي قال : دخل عثمان بن عفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : يا رسول الله ، أخبرني عن العبد ، كم معه من ملك ؟ فقال : " ملك على يمينك على حسناتك ، وهو آمر على الذي على الشمال ، إذا عملت حسنة كتبت عشرا ، فإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين : أكتب ؟ قال : لا لعله يستغفر الله ويتوب . فإذا قال ثلاثا -يعني ولم يتب- قال : اكتب أراحنا الله منه ، فبئس القرين . ما أقل مراقبته لله وأقل استحياءه منا "...... . -إلى أن قال- ،وملكان على شفتيك ، ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم - وملك قائم على فيك لا يدع الحية أن تدخل في فيك ، وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي ينزلون ملائكة الليل على ملائكة النهار; لأن ملائكة الليل سوى ملائكة النهار ، فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس بالنهار وولده بالليل " .
وقال كعب الأحبار : لو تجلى لابن آدم كل سهل وحزن ، لرأى كل شيء من ذلك شياطين لولا أن الله وكل بكم ملائكة عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم ، إذا لتخطفتم .
وقال أبو أمامة ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه ، حتى يسلمه للذي قدر له .
وقال أبو مجلز : جاء رجل من مراد إلى علي ، رضي الله عنه ، وهو يصلي ، فقال : احترس ، فإن ناسا من مراد يريدون قتلك . فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ، وإن الأجل جنة حصينة .