ناصررر
عضو
- إنضم
- 19 ديسمبر 2015
- المشاركات
- 378
- التفاعل
- 832
- النقاط
- 102
السلام عليكم
إن تصفحتم التفاسير القديمة ستجدون أن تفسير الآية (اقتربت الساعة وانشق القمر) لم يحصل فيها إجماع على انشقاق القمر ، ستجدون مايلي : وذهب الحسن البصري وغيره إلى أن الانشقاق لم يحصل وإنما سيحصل عند قيام الساعة ، وكذلك قال الماوردي والقشيري ، قالا إن هذا هو قول الجمهور، فحسب هذا الكلام فإن الجمهور (الأغلبية) في صدر الإسلام فهموا الآية أنها لم تحدث بعد وإنما ستحدث عند قيام الساعة ،فالحسن البصري عاصر عدد من الصحابة رضي الله عنهم مثل ابن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم ومع ذلك كان ينفي أن يكون قد حصل انشقاق للقمر في الماضي، فما هو المرجح في هذه المسألة؟ هل انشق القمر أم سينشق في المستقبل؟
مفتاح العلم في هذه المسألة موجود في سورة القمر، في قوله تعالى : ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) التي تكررت أربع مرات، مما يدل أن الفصل في هذه المسألة علمه ميسر حصرا في السورة نفسها، هذا يعني أنك اعتمدت على غير القرآن فلن يتيسر لك علم حقيقة قوله تعالى (اقتربت الساعة وانشق القمر).
إن أخذنا فعل (يسرنا) فهو من اليسر والتيسير ، فعلى ماذا يبنى التيسير؟
التيسير مبني على الترتيب ، لو لم ترتب السلعة أو الكتب أو أدوية الصيدلي أو ... ترتيبا أبجديا ورقميا وكل صنف مع صنفه لتعسر على الصيدلي أن يعثر على الدواء حين يطلبه مريض، ولتعسر على التاجر أن يعثر بسهولة على ما يطلبه الزبون...
إذن فالترتيب نتيجته التيسير ، فالقصص المذكورة في سورة القمر بالترتيب هي أمثال للكوارث التي سيحدثه انشقاق القمر : طوفان ضرب له المثل بطوفان قوم نوح، ورياح تدمر كل شيء ضرب لها المثل بالريح التي أهلكت بها عاد، وزلالزل ضرب لها المثل بما حصل لثموذ وثوران براكين تجعل عاليها سافلها ، ضرب لها المثل بما حصل لقوم لوط.
ونمضي مع الترتيب فنجد أن سورة القمر ترتبت في المصحف بعد سورة النجم ، وترتبت نزولا بعد سورة الطارق ، وهو أيضا نجم ثاقب، فكل شيء في الدنيا بأسباب : نجم ثاقب هوى (والنجم إذا هوى) سبب انشقاقا للقمر محدثا قيام الساعة.
فالترتيب الواقعي للعبارة في الآية هو أن تأتي جملة (اقتربت الساعة أولا ، بعدها تأتي جملة (وانشق القمر) ، فالذي يعبر مثلا على كارثة اصطدام قطارين يسيران في اتجاه مقابل على نفس السكة لا يقول اصطدم القطاران قبل أن يصطدما وتحدث الكارثة، وإنما يقول : اقتربت الكارثة أولا ، وحين يحصل الاصطدام يقول : واصطدم القطاران.
الخلاصة :
الهدف من الرسالات السماوية هو هداية الناس للإيمان بالله واليوم الآخر ، ليعلم الناس أن الساعة حق، فالساعة مرحلتان : هدم وإعادة بناء ، هلاك كل شي ثم إعادة حياة، فقد جاء المسيح عليه السلام بعلم مرحلة إعادة الحياة (وإنه لعلم للساعة) ، وجاء القرآن بمرحلة علم قيام الساعة ، وذلك هو العلم الذي جاء به القرآن ، فتحقق إدراكه يعني إدارك العلم الذي جاء به القرآن ، لذلك قال الله بعد سورة القمر (الرحمن ، علم القرآن ، علمه البيان) ، فعلم الساعة هو أن الناس أصبحوا بينة من أمرهم أن الساعة واقعة لا محالة ، أصبحت أمرا واقعا لا ريب فيه حتى أنه كان من المناسب أن يعبر القرآن على هذا الأمر الواقع بعد سورة الرحمن بوصف الساعة بالواقعة (إذا وقعت الواقعة) ، فهو وصف من جنس ما تبين من واقع.
انشقاق القمر ثابث في صحيح البخاري ومسلم وعليه إجماع الأمة إلا من شذ
روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث ابن مسعود قال: ( انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا )...