حقيقة مصطلحات فكر الحداثة المعاصر --
د/نزار إسماعيل
مقدمة
يتسائل الكثيرون عن النخبة في مصر وما بال هذه النخبة ؟... ولما هذا الكم من اللغط والجدل السفسطائي، ولما هذا الكم من الإتهامات والكم الهائل من العدوانية والكراهية. لابد أن هذه الحالة ساهمت في الإنفلات والفوضى وشعور المواطن العادي بالضياع والتخبط والإحباط. علينا أن نعي أن تراجع الأمة عامة ومصر خاصة بدأ منذ قرون وتعددت أشكال التراجع والتخلف عبر دول زورت التاريخ ودجلت الحقيقة ودلست الأحداث. في خضم هذا كله لابد من بارقة أمل في فرصة لا تعوض لتشكل صحوة لهذا المارد النائم وتوقظه من سباته العميق وتضع قدميه على محجة الإصلاح والنهضة.. من سمات قادة هذه المرحلة أن يكونوا أناس تفقهوا وتعلموا دروس الماضي القريب قبل البعيد، ويتسموا بالإخلاص للحق والعدل والخير. ولابد أن يشعر هؤلاء بإنتماء أصيل للأمة والوطن وحضارته الإسلامية. ولكن في نفس الوقت يكونوا غير منغلقين على أنفسهم رافضين محاكاة إيجابيات تجارب البشرية جمعاء حتى ولو كانوا ممن يناصبون الأمة والوطن العداء. من البديهي أن يكون هؤلاء على علم واضح بالأطماع الخارجية في بلادنا من الذين أذاقوا العباد ألوان العبودية بالسيطرة عبر آليات متجددة ويريدون استمرار نخب الوطن من نظم حكم كوسطاء لنهب ثرواته وخيراته واستعباد شعبه. ولن يستقيم لهؤلاء الأمر إلا إذا كان الحق هدفهم والحكمة طريقهم والعدل نهجهم، غير طالبي سلطة مثل الذين تحالفوا مع الشيطان لتلبية شبقهم الجامح للوصول إلى عرش مصر. إذاً...ليس من المستحيل بناء نهضة شاملة تعيد لنا مكانتنا وتمكننا من أن نكون نموذجا وقدوة للحق والعدل والخير للناس أجمعين. ولكن على هذه النهضة أن تستفيد من كل التجارب الإنسانية مع عدم إهمال جذورنا من حضارة إسلامية وسطية. على هذه النهضة أيضا ألا تستبعد أحدا أو تميز بين أبناء الوطن الواحد وتُبنى على أسس تطهر أنماط الفكر القديم الذي نقل بلا تمييز بين الغث و السمين فتغلغل الغث في الثقافة الجمعية مثل الوباء وأفقدها اتزانها العقلي المنطقي . ولذلك هناك حقائق يجب ألا نغفلها من التاريخ، منها مثلا أننا ولقرون أصبحنا تابعين لحضارات ترْفَعُ العِلمَ على الأخلاق، وتزوِّرُ التاريخَ بالدَجل، وتُعَرِّفُ الرذيلةَ بالحُرية. ومع اختلاف مرجعياتنا، استوردنا فكرا له مرجعية ليست مختلفة عنا فحسب بل متناقضة لعقائدنا السماوية وحضارتنا الأصيلة . بلا شك أننا نواجه تحديات عظيمة، وخصوصا أن الكثير من دول العالم ماضية في طريقها لتبنّي فكْراً أحادي الرؤيا، وثقافة تمزج الحضارة الإنسانية في خليط بلا هوية ولا تمييز، وقيم جديدة نابعة من مرجعية تنكر كل الرسالات السماوية، وتعلن تقديسها لأفكار متغيرة بلا ثوابت ولا أسس ولا مباديء أخلاقية. وبالرغم من أنها تــُعْلِنُ الإخاء والمحبة والحرية والسلام، تخفي في باطنها عقيدة ضلالية تحلل كل حرام وتحرم كل حلال، تتناقض مع كل فضيلة تدعو إليها جهارا ليل نهار. قد لا تظهر ماهيتها لعين الرائي الغير مدقق ، ولكن آثارها تشير إليها بوضوح.
الأمس القريب: هيأت الحملة الفرنسية الصليبية على مصر ( 1798م - 1801م) ؛ التي مولها كبار أغنياء الصهيونية وعلى رأسهم أقطاب المصارف وأسواق المال، الظروف الملائمة لحكم جديد ودولة جديدة لحاكم ولد في شمال اليونان أو مقدونيا ليتربع على عرش مصر. فبعد وصول قائدها ناپوليون ومحاولته إقناع أهل البلاد بأنه مسلم، بل ومن حماة الإسلام، وبأنه صديق للسلطان العثماني واسمه "بونابردي باشا ". رفض الناس دعواه هذه التي لم تنطلي عليهم وقاوموا حملته العسكرية حتى اندحرت تجر أذيال الخيبة. ولكنها لم ترحل إلا بعد أن تركت أول المحافل للمنظمات السرية في العالم العربي والإسلامي وهو ''محفل إيزيس''. ومع أن المحفل قد حل في عام 1800م بعد اغتيال الجنرال كليبر، إلا أنه وبلا شك، تحول للعمل بسرية أكبر.
تمثال لشمپليون في حرم جامعة السوربون واضعا قدمه على رأس تمثال لأحد ملوك مصر ...هل هذا يعبر
عن رأي فرنسا التي طالما ادعت احترامها لمصر وتاريخها العريق؟ هكذا هيأت الأجواء والظروف ومهدت الحملة الفرنسية الصليبية لمحمد علي باشا المقدوني المولد، الذي جاء من أطراف دار الخلافة العثمانية الإسلامية لحكم مصر عام 1805م. يعتقد الكثيرون أن عصر النهضة والحداثه في مصر بدأ من ولاية ''محمد علي'' الذي نقل الكثير عن الحضارة الأوروپية...ولم لا ؟... فهو أوروپي الأصل وملامحه أوروپية ولسانه أعجمي غير عربي بل لم يتعلم اللغة العربية بالرغم من حكمه لمصر لأكثر من أربعة عقود. فذروة هذه الحركة الإصلاحية المزعومة، كانت في حكم محمد سعيد باشا والخديوي إسماعيل، الذي بنى قصر عابدين، ومؤسس منطقة وسط البلد التي تشبه بعض أحياء العواصم الغربية مثل لندن وپاريس ونيويورك. لقد أحدث محمد علي باشا تغييرا في الدولة المصرية بما يسمى بالإصلاح في الجوانب الاقتصادية والزراعية والاجتماعية والسياسية وجوانب أخرى عديدة. هذا الإصلاح لم يكن وراءه فكر أو رؤية حضارية إسلامية من تراث الأمة، أو فكر مبني على التشاور مع نخبة أهل البلاد. ولم يكن هذا الفكر أيضا مبنيا على قبول ما يفيدنا، ورفض مالا يتفق مع طبيعة حضارتنا وجذورنا. فتم النقل عن الحضارة السائدة في أوروپا بلا أسس ولا قواعد ولا ضوابط منهجية. وكذلك أكمل هذا الطريق أغلب من خلفوه في سُدّة الحكم. فبعد أن تم حل محفل إيزيس في 1800م، كان محمد علي هو أول من أعاد المحافل للنشاط بل والإنتشار داخل مصر وفي الشام، فقام الإيطاليون بتأسيس محفلاً بالإسكندرية عام 1830م. ومازالت شهادة تمنح الخيديوي إسماعيل أعلى درجات إحدى هذه المنظمات السرية موجودة في أحد قصور القاهرة في برواز أنيق تشهد بعضويته في هذه المنظمة والدرجة العليا التي حصل عليها.. إذاً...في عصر ولاية أسرة ''محمد علي'' بدأت تتسلل عوامل ''العولمة'' وأصبحت مصر بها طبقات أرستقراطية وبرجوازية تنظر للغرب على أنهم رواد العلم والثقافة والإرتقاء، ترفض المرجعية الإسلامية على أنها عين الرجعية، وتنظر لغالبية الشعب نظرة إحتقار وإزدراء ودونية حتى استباحوا استعباد الغالبية من المستضعفين منهم. ومع مرور السنين أصبحت مصر منقسمة إلى طبقة من السادة النبلاء من أصول مقدونيةأو بالأحرى من سيلونيك باليونان (معقل يهود الدونمة) ، وطبقة برجوازية من بقايا أتراك الدولة العثمانية وآسيا الوسطى من ذرية المماليك. وأصبح السواد الأعظم من المصريين، مسلمين ومسيحيين، من طبقة العبيد. هذا إلى جانب طبقة صغيرة تسكن المدن الرئيسية والمراكز الرئيسية تشكل طبقة متوسطة ممن وظفتهم الدولة في الدواوين الحكومية، يتطلع هؤلاء لأعلى بالإلتحاق بالطبقة البرجوازية. هؤلاء الأفندية الذين كانوا يقلدون الملبس الأوروپي، لأن ''الجلابية'' المصرية والعمامة أصبحا شيئا فشيئا دلالة على طبقة العبيد الذين يريدون التنصل منها. هذه هي بعض الأسباب التي أدت إلى بلبلة الهوية المصرية، حضاريا، وثقافيا، واجتماعيا، ومن ثم سياسيا. وأصبح التطلع إلى الغرب هو التقدم والرقي ذاته، وبات النقل من الحضارة الغربية هو الحداثة والتقدم. وكانت المصطلحات المترجمة المصباح السحري المرجعي لهذا التحول الفوضوي. كل ذلك ساهم في المزيد من ضعف دولة الخلافة الإسلامية، وأدت إلى الزج بنا في خضم التبعية بنظام عالمي جديد ورثـَنا ولم نوَّرثه. مازال هذا النظام يحاول فرض سيطرته علينا وفرض معتقداته عن طريق الإحتلال المباشر أو الغير مباشر. وهيمن فكره وثقافته، وفنونه المبهرة وتقنياته البراقة، وقوة وسرعة إنتشار آلات دعايته الجمعية التي تشبه إلى حد كبير سحرة فرعون ومرجعياته التشريعية التي يقودها كهنة فرعون الجدد. ولكن بالرغم من نجاحاته الكثيرة على المستوى العالمي لم يجد في تربتنا الخنوع الكامل والإنبطاح الشامل والتسليم الغير مشروط كما حدث لكثير من دول العالم. فاضطُر إلى شن الحروب المفتوحة والمؤامرات المدسوسة ليرغمنا على السير في طريقه لتحقيق مشروع سيطرته الكاملة.
لذلك كل من يتوقع بعد ثورة 25 يناير 2011 فيض الخيرات السريع، وبزوغ اقتصاد منيع، ويسر الطريق المحفوف بالورود والرياحين، فهو من الواهمين. فالتربة تحتاج للإستصلاح والتطهير من عوامل الزمن من إهمال واختراق وسموم وأشواك. وهذا كله لن يتحقق إلا بالجهد والصبر والثبات والمرابطة. وإليكم بإختصار شديد ذكر بعض هذه المصطلحات التي اخترقت حضارتنا بمفهومها الوافد علينا أو الغير ملائم لفكرنا في شكله المنقول على سبيل المثال لا الحصر كما يلي:
ألأرستقراطية
هي طبقة النبلاء أو أفراد من طبقة خاصة يكون الحكم حكرا لهم دون غيرهم وهو مبني على أساس التمييز الطبقي و العنصري، وهو نظام مستبد لا يمثل الإرادة الشعبية ويعتبر ملكا جبريا. من مظاهره في بلادنا حكام حازوا على السلطة بالقوة أو بإنتخابات صورية غير نزيهة، وهو يختلف مع الملك العضود الذي كان أول من أسسه معاوية بن أبي سفيان والدولة الأموية.
بورجوازية
مصطلح فرنسي الأصل كان يُطلق في العصور الوسطى على طبقة رجال الأعمال الذين كانوا حلقة الوصل بين طبقة النبلاء الأرستقراطية وطبقة العمال من جهة أخرى، ومع نشأة الثورة الصناعية قامت البورجوازية بإدارة زمام الأمور الإقتصادية والسياسية من ثروات زراعية وصناعية وأصول عقارية وانضم الكثير منها للطبقة العسكرية. وهذه الطبقة كونت بعد ذلك طبقة نظم حاكمة في بلادنا عملت كوسطاء لنهب البلاد لمصلحة المحتل الأجنبي تحت ستار الإستقلال.
ألدولة الدينية
نظام حكم مرجعيته سلطة إنسان على علاقة مباشرة مع الإله، حيث تكون الطبقة الحاكمة من الكهنة أو رجال دين ملهمين من قبله ولايمكن الإختلاف أو الإعتراض على قراراتهم. رأس هذه الدولة يكون بمثابة نبي ورسول ملهم على اتصال مباشر مع الإله، وتكون الحكومة مكونة من رموز الكهنوت الديني. وفي أقصى تطرفها لا تعترف هذه الدولة بحقوق المواطنة لمن يدينون بغير دينها مثل الدولة القشتالية في الأندلس. بالنسبه لنا كمسلمين لا يوجد كهنوت في أغلب المذاهب الإسلامية. فعالِم الدين لا يعتبر نبيا رسولا أو كاهنا. فلقد أجمع المسلمون على أن سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين. وبالتالي لا يوجد دولة دينية في حضارتنا الإسلامية.
ألعلمانية
هي حركة تدعو إلى نظام ذي مرجعية لا دينية، دائمة التغيير لتلائم أهدافها سواء كانت قصيرة أم بعيدة المدى وتؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة. '' فصل الدين عن الحياة العامة''، أو'' نظام حكم بدون مرجعية دينية'' ولقد تم تنفيذه جزئيا في شتى البلاد الإسلامية في التاريخ المعاصر.
ألليبرالية
تنادي بأهمية حرية الفرد وترفض التدخل الديني الرسمي بالأمور الشخصية بشكل عام وهي بهذا لا تختلف كثيرا مع العلمانية. وينبثق منها العديد من الحركات الفكرية الإجتماعية والسياسية وخصوصا الثقافة والفنون وأجهزة الپروپاجاندا (الوسائط الجمعية). وتحبذ الليبرالية على فهم الدين بشكل جديد بلا ضوابط منهجية علمية، فلكل شخص حرية العبادة كما يشاء حتى ولو كان بادعاء النبوة والرسالة وبالترويج لدينه الجديد مادام لايجبر أحدا على اتباعه.
ألوطنية
هي حركة تروج لفكر عاطفي مبني على مواطنة الجموع في إطار حدود جغرافية للدولة وتابع لنظامها السياسي السيادي أو دعوى قومية لعرق ما كما دعت القومية العربية في القرن ال20. دوافعها في الأساس عاطفية لا عقلانية، يجيش بها النظام الحاكم الجماهير نحو هدف ظاهره مصلحة الوطن وباطنه مصلحة بقائه. تدعو الوطنية لحب عاطفي للكيان السياسي والجغرافي للدولة بغض النظر عن القيم من حق وعدل وإنسانية. في الحضارة الإسلامية مفهوم الوطنية يشتمل على أخوة المؤمنين بغض النظر عن موقعهم الجغرافي أو انتمائهم العرقي أو الطائفي أو الطبقي. ويكون الولاء لله سبحانه وتعالى وللحق كما عرٌفه الله عز وجل والتعاون على البر والتقوى وليس ولاءا طائفيا جاهليا مجحفا.
العدالة
مفهوم العدالة السياسي هو تطبيق القوانين التي تشرعها الدولة بفرضية عدالة التشريع وإتاحة الفرص للمواطنين بالتساوي. وفي حقيقة التنفيذ العملي نجد أن هذه القوانين غير عادلة أساسا بل هي منبثقة من تعزيز مصلحة طبقة النظام الحاكم ومن يواليهم من طبقات المنتفعين. أما في الحضارة الإسلامية فمفهوم العدالة أشمل لأنه عدالة إنسانية شاملة تعدل بين البشر جميعا بغض النظر عن أعراقهم وطوائفهم وعقائدهم وطبقاتهم الإجتماعية. فلقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه. وقوانين الدولة مستمدة من الشريعة الإسلامية بمرجعيتها من كتاب الله القرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة.
ألحرية
مفهوم الحرية للنظم العالمية لا يوجد له مرجعية لثوابت أصيلة ترفض عبودية الفرد. وبالتالي فرّغ المفهوم من محتواه الأصيل وأصبحت الحرية شعارا بلا تعريف واضح. فعند الممارسة نجد أن كل من ينادي بالحرية ظاهريا يدعو إلى عبودية الإنسان بطريقة غير مباشرة إما للفوضى أو الشهوات بلا ضابط. أما في في الحضارة الإسلامية فلا تكتمل الحرية إلا بالعدالة لأنها تنظم ما للمرء وما عليه في شتى الأمور الدنيوية وكما نعلم أن الحرية في حدود عدم تجاوز حرية الآخرين.
ألمساواة
ألمساواة كمفهوم سياسي هي مساواة بين غير المتساويين. أي أنه لا يضع في الإعتبار الإختلافات في الظروف أو الإختلافات الطبيعية بين الناس. فهو مثلا يفترض المساواة بين الذكر والأنثى بدون التمييز بين المتطلبات المختلفة للجنسين. ولا يميز بين حلال أو حرام، لأن مرجعيته علمانية لا دينية. فمثلا يحلل زواج الشواذ بدعوى التساوي بينهم وبين سليمي الفطرة، ولا يعدل بين قوي وضعيف، أو سليم ومريض. وهذا المفهوم بمعناه الدخيل ينظر للبشر كوحدات بيولوجية منتجة. أما في الحضارة الإسلامية فالمساواة تهدف لإعطاء الفرص للجميع مع اختلاف ظروفهم وبما يلائم طبيعتهم. فهناك حقوق وواجبات عامة للجميع بغض النظر عن اختلافاتهم الفطريه أو الفكرية أو المادية وهناك حالات خاصة لها ظروفها الخاصة. وينظر لمصلحة الفرد ومصلحة المجتمع بحيث لا تكون المساواة ظلما.
ألعولمة
نظام جديد يراد به توحيد العالم في إطار جديد واحد تحت سلطة وقوانين ومؤسسات وثقافة واحدة بلا اعتبار لسيادة الدول من حدود جغرافية ونظم سياسية، أو اختلاف الحضارات والثقافات والقيم الأخلاقية بدعوى أن العالم قرية واحدة بلا حدود. ظاهر هذا النظام يدعو لبعض مبادئ الحضارة الإسلامية في رفض العنصرية والطبقية والتمييز بين الناس وهو ''إن أكرمكم عند الله أتقاكم'' بعد تحريفه إلى ''إن أكرمكم عندنا هو من يتفق مع مصالحنا وتوجهاتنا التي نعلن عنها بغض النظر عن جنسه وعنصره وطائفته. السؤال الملح هنا هو كيفية إيجاد النخب المخلصة الواعية ذات المرجعية الحضارية الإسلامية لتقود حركة تجديد للفكر والثقافة عامة في مشروع يوحد الأمة للنهوض بنفسها برغم طوفان التحديات العظيمة حقيقة مصطلحات فكر الحداثة المعاصر -- د/نزار إسماعيل
د/نزار إسماعيل
مقدمة
يتسائل الكثيرون عن النخبة في مصر وما بال هذه النخبة ؟... ولما هذا الكم من اللغط والجدل السفسطائي، ولما هذا الكم من الإتهامات والكم الهائل من العدوانية والكراهية. لابد أن هذه الحالة ساهمت في الإنفلات والفوضى وشعور المواطن العادي بالضياع والتخبط والإحباط. علينا أن نعي أن تراجع الأمة عامة ومصر خاصة بدأ منذ قرون وتعددت أشكال التراجع والتخلف عبر دول زورت التاريخ ودجلت الحقيقة ودلست الأحداث. في خضم هذا كله لابد من بارقة أمل في فرصة لا تعوض لتشكل صحوة لهذا المارد النائم وتوقظه من سباته العميق وتضع قدميه على محجة الإصلاح والنهضة.. من سمات قادة هذه المرحلة أن يكونوا أناس تفقهوا وتعلموا دروس الماضي القريب قبل البعيد، ويتسموا بالإخلاص للحق والعدل والخير. ولابد أن يشعر هؤلاء بإنتماء أصيل للأمة والوطن وحضارته الإسلامية. ولكن في نفس الوقت يكونوا غير منغلقين على أنفسهم رافضين محاكاة إيجابيات تجارب البشرية جمعاء حتى ولو كانوا ممن يناصبون الأمة والوطن العداء. من البديهي أن يكون هؤلاء على علم واضح بالأطماع الخارجية في بلادنا من الذين أذاقوا العباد ألوان العبودية بالسيطرة عبر آليات متجددة ويريدون استمرار نخب الوطن من نظم حكم كوسطاء لنهب ثرواته وخيراته واستعباد شعبه. ولن يستقيم لهؤلاء الأمر إلا إذا كان الحق هدفهم والحكمة طريقهم والعدل نهجهم، غير طالبي سلطة مثل الذين تحالفوا مع الشيطان لتلبية شبقهم الجامح للوصول إلى عرش مصر. إذاً...ليس من المستحيل بناء نهضة شاملة تعيد لنا مكانتنا وتمكننا من أن نكون نموذجا وقدوة للحق والعدل والخير للناس أجمعين. ولكن على هذه النهضة أن تستفيد من كل التجارب الإنسانية مع عدم إهمال جذورنا من حضارة إسلامية وسطية. على هذه النهضة أيضا ألا تستبعد أحدا أو تميز بين أبناء الوطن الواحد وتُبنى على أسس تطهر أنماط الفكر القديم الذي نقل بلا تمييز بين الغث و السمين فتغلغل الغث في الثقافة الجمعية مثل الوباء وأفقدها اتزانها العقلي المنطقي . ولذلك هناك حقائق يجب ألا نغفلها من التاريخ، منها مثلا أننا ولقرون أصبحنا تابعين لحضارات ترْفَعُ العِلمَ على الأخلاق، وتزوِّرُ التاريخَ بالدَجل، وتُعَرِّفُ الرذيلةَ بالحُرية. ومع اختلاف مرجعياتنا، استوردنا فكرا له مرجعية ليست مختلفة عنا فحسب بل متناقضة لعقائدنا السماوية وحضارتنا الأصيلة . بلا شك أننا نواجه تحديات عظيمة، وخصوصا أن الكثير من دول العالم ماضية في طريقها لتبنّي فكْراً أحادي الرؤيا، وثقافة تمزج الحضارة الإنسانية في خليط بلا هوية ولا تمييز، وقيم جديدة نابعة من مرجعية تنكر كل الرسالات السماوية، وتعلن تقديسها لأفكار متغيرة بلا ثوابت ولا أسس ولا مباديء أخلاقية. وبالرغم من أنها تــُعْلِنُ الإخاء والمحبة والحرية والسلام، تخفي في باطنها عقيدة ضلالية تحلل كل حرام وتحرم كل حلال، تتناقض مع كل فضيلة تدعو إليها جهارا ليل نهار. قد لا تظهر ماهيتها لعين الرائي الغير مدقق ، ولكن آثارها تشير إليها بوضوح.
الأمس القريب: هيأت الحملة الفرنسية الصليبية على مصر ( 1798م - 1801م) ؛ التي مولها كبار أغنياء الصهيونية وعلى رأسهم أقطاب المصارف وأسواق المال، الظروف الملائمة لحكم جديد ودولة جديدة لحاكم ولد في شمال اليونان أو مقدونيا ليتربع على عرش مصر. فبعد وصول قائدها ناپوليون ومحاولته إقناع أهل البلاد بأنه مسلم، بل ومن حماة الإسلام، وبأنه صديق للسلطان العثماني واسمه "بونابردي باشا ". رفض الناس دعواه هذه التي لم تنطلي عليهم وقاوموا حملته العسكرية حتى اندحرت تجر أذيال الخيبة. ولكنها لم ترحل إلا بعد أن تركت أول المحافل للمنظمات السرية في العالم العربي والإسلامي وهو ''محفل إيزيس''. ومع أن المحفل قد حل في عام 1800م بعد اغتيال الجنرال كليبر، إلا أنه وبلا شك، تحول للعمل بسرية أكبر.
تمثال لشمپليون في حرم جامعة السوربون واضعا قدمه على رأس تمثال لأحد ملوك مصر ...هل هذا يعبر
عن رأي فرنسا التي طالما ادعت احترامها لمصر وتاريخها العريق؟ هكذا هيأت الأجواء والظروف ومهدت الحملة الفرنسية الصليبية لمحمد علي باشا المقدوني المولد، الذي جاء من أطراف دار الخلافة العثمانية الإسلامية لحكم مصر عام 1805م. يعتقد الكثيرون أن عصر النهضة والحداثه في مصر بدأ من ولاية ''محمد علي'' الذي نقل الكثير عن الحضارة الأوروپية...ولم لا ؟... فهو أوروپي الأصل وملامحه أوروپية ولسانه أعجمي غير عربي بل لم يتعلم اللغة العربية بالرغم من حكمه لمصر لأكثر من أربعة عقود. فذروة هذه الحركة الإصلاحية المزعومة، كانت في حكم محمد سعيد باشا والخديوي إسماعيل، الذي بنى قصر عابدين، ومؤسس منطقة وسط البلد التي تشبه بعض أحياء العواصم الغربية مثل لندن وپاريس ونيويورك. لقد أحدث محمد علي باشا تغييرا في الدولة المصرية بما يسمى بالإصلاح في الجوانب الاقتصادية والزراعية والاجتماعية والسياسية وجوانب أخرى عديدة. هذا الإصلاح لم يكن وراءه فكر أو رؤية حضارية إسلامية من تراث الأمة، أو فكر مبني على التشاور مع نخبة أهل البلاد. ولم يكن هذا الفكر أيضا مبنيا على قبول ما يفيدنا، ورفض مالا يتفق مع طبيعة حضارتنا وجذورنا. فتم النقل عن الحضارة السائدة في أوروپا بلا أسس ولا قواعد ولا ضوابط منهجية. وكذلك أكمل هذا الطريق أغلب من خلفوه في سُدّة الحكم. فبعد أن تم حل محفل إيزيس في 1800م، كان محمد علي هو أول من أعاد المحافل للنشاط بل والإنتشار داخل مصر وفي الشام، فقام الإيطاليون بتأسيس محفلاً بالإسكندرية عام 1830م. ومازالت شهادة تمنح الخيديوي إسماعيل أعلى درجات إحدى هذه المنظمات السرية موجودة في أحد قصور القاهرة في برواز أنيق تشهد بعضويته في هذه المنظمة والدرجة العليا التي حصل عليها.. إذاً...في عصر ولاية أسرة ''محمد علي'' بدأت تتسلل عوامل ''العولمة'' وأصبحت مصر بها طبقات أرستقراطية وبرجوازية تنظر للغرب على أنهم رواد العلم والثقافة والإرتقاء، ترفض المرجعية الإسلامية على أنها عين الرجعية، وتنظر لغالبية الشعب نظرة إحتقار وإزدراء ودونية حتى استباحوا استعباد الغالبية من المستضعفين منهم. ومع مرور السنين أصبحت مصر منقسمة إلى طبقة من السادة النبلاء من أصول مقدونيةأو بالأحرى من سيلونيك باليونان (معقل يهود الدونمة) ، وطبقة برجوازية من بقايا أتراك الدولة العثمانية وآسيا الوسطى من ذرية المماليك. وأصبح السواد الأعظم من المصريين، مسلمين ومسيحيين، من طبقة العبيد. هذا إلى جانب طبقة صغيرة تسكن المدن الرئيسية والمراكز الرئيسية تشكل طبقة متوسطة ممن وظفتهم الدولة في الدواوين الحكومية، يتطلع هؤلاء لأعلى بالإلتحاق بالطبقة البرجوازية. هؤلاء الأفندية الذين كانوا يقلدون الملبس الأوروپي، لأن ''الجلابية'' المصرية والعمامة أصبحا شيئا فشيئا دلالة على طبقة العبيد الذين يريدون التنصل منها. هذه هي بعض الأسباب التي أدت إلى بلبلة الهوية المصرية، حضاريا، وثقافيا، واجتماعيا، ومن ثم سياسيا. وأصبح التطلع إلى الغرب هو التقدم والرقي ذاته، وبات النقل من الحضارة الغربية هو الحداثة والتقدم. وكانت المصطلحات المترجمة المصباح السحري المرجعي لهذا التحول الفوضوي. كل ذلك ساهم في المزيد من ضعف دولة الخلافة الإسلامية، وأدت إلى الزج بنا في خضم التبعية بنظام عالمي جديد ورثـَنا ولم نوَّرثه. مازال هذا النظام يحاول فرض سيطرته علينا وفرض معتقداته عن طريق الإحتلال المباشر أو الغير مباشر. وهيمن فكره وثقافته، وفنونه المبهرة وتقنياته البراقة، وقوة وسرعة إنتشار آلات دعايته الجمعية التي تشبه إلى حد كبير سحرة فرعون ومرجعياته التشريعية التي يقودها كهنة فرعون الجدد. ولكن بالرغم من نجاحاته الكثيرة على المستوى العالمي لم يجد في تربتنا الخنوع الكامل والإنبطاح الشامل والتسليم الغير مشروط كما حدث لكثير من دول العالم. فاضطُر إلى شن الحروب المفتوحة والمؤامرات المدسوسة ليرغمنا على السير في طريقه لتحقيق مشروع سيطرته الكاملة.
لذلك كل من يتوقع بعد ثورة 25 يناير 2011 فيض الخيرات السريع، وبزوغ اقتصاد منيع، ويسر الطريق المحفوف بالورود والرياحين، فهو من الواهمين. فالتربة تحتاج للإستصلاح والتطهير من عوامل الزمن من إهمال واختراق وسموم وأشواك. وهذا كله لن يتحقق إلا بالجهد والصبر والثبات والمرابطة. وإليكم بإختصار شديد ذكر بعض هذه المصطلحات التي اخترقت حضارتنا بمفهومها الوافد علينا أو الغير ملائم لفكرنا في شكله المنقول على سبيل المثال لا الحصر كما يلي:
ألأرستقراطية
هي طبقة النبلاء أو أفراد من طبقة خاصة يكون الحكم حكرا لهم دون غيرهم وهو مبني على أساس التمييز الطبقي و العنصري، وهو نظام مستبد لا يمثل الإرادة الشعبية ويعتبر ملكا جبريا. من مظاهره في بلادنا حكام حازوا على السلطة بالقوة أو بإنتخابات صورية غير نزيهة، وهو يختلف مع الملك العضود الذي كان أول من أسسه معاوية بن أبي سفيان والدولة الأموية.
بورجوازية
مصطلح فرنسي الأصل كان يُطلق في العصور الوسطى على طبقة رجال الأعمال الذين كانوا حلقة الوصل بين طبقة النبلاء الأرستقراطية وطبقة العمال من جهة أخرى، ومع نشأة الثورة الصناعية قامت البورجوازية بإدارة زمام الأمور الإقتصادية والسياسية من ثروات زراعية وصناعية وأصول عقارية وانضم الكثير منها للطبقة العسكرية. وهذه الطبقة كونت بعد ذلك طبقة نظم حاكمة في بلادنا عملت كوسطاء لنهب البلاد لمصلحة المحتل الأجنبي تحت ستار الإستقلال.
ألدولة الدينية
نظام حكم مرجعيته سلطة إنسان على علاقة مباشرة مع الإله، حيث تكون الطبقة الحاكمة من الكهنة أو رجال دين ملهمين من قبله ولايمكن الإختلاف أو الإعتراض على قراراتهم. رأس هذه الدولة يكون بمثابة نبي ورسول ملهم على اتصال مباشر مع الإله، وتكون الحكومة مكونة من رموز الكهنوت الديني. وفي أقصى تطرفها لا تعترف هذه الدولة بحقوق المواطنة لمن يدينون بغير دينها مثل الدولة القشتالية في الأندلس. بالنسبه لنا كمسلمين لا يوجد كهنوت في أغلب المذاهب الإسلامية. فعالِم الدين لا يعتبر نبيا رسولا أو كاهنا. فلقد أجمع المسلمون على أن سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين. وبالتالي لا يوجد دولة دينية في حضارتنا الإسلامية.
ألعلمانية
هي حركة تدعو إلى نظام ذي مرجعية لا دينية، دائمة التغيير لتلائم أهدافها سواء كانت قصيرة أم بعيدة المدى وتؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة. '' فصل الدين عن الحياة العامة''، أو'' نظام حكم بدون مرجعية دينية'' ولقد تم تنفيذه جزئيا في شتى البلاد الإسلامية في التاريخ المعاصر.
ألليبرالية
تنادي بأهمية حرية الفرد وترفض التدخل الديني الرسمي بالأمور الشخصية بشكل عام وهي بهذا لا تختلف كثيرا مع العلمانية. وينبثق منها العديد من الحركات الفكرية الإجتماعية والسياسية وخصوصا الثقافة والفنون وأجهزة الپروپاجاندا (الوسائط الجمعية). وتحبذ الليبرالية على فهم الدين بشكل جديد بلا ضوابط منهجية علمية، فلكل شخص حرية العبادة كما يشاء حتى ولو كان بادعاء النبوة والرسالة وبالترويج لدينه الجديد مادام لايجبر أحدا على اتباعه.
ألوطنية
هي حركة تروج لفكر عاطفي مبني على مواطنة الجموع في إطار حدود جغرافية للدولة وتابع لنظامها السياسي السيادي أو دعوى قومية لعرق ما كما دعت القومية العربية في القرن ال20. دوافعها في الأساس عاطفية لا عقلانية، يجيش بها النظام الحاكم الجماهير نحو هدف ظاهره مصلحة الوطن وباطنه مصلحة بقائه. تدعو الوطنية لحب عاطفي للكيان السياسي والجغرافي للدولة بغض النظر عن القيم من حق وعدل وإنسانية. في الحضارة الإسلامية مفهوم الوطنية يشتمل على أخوة المؤمنين بغض النظر عن موقعهم الجغرافي أو انتمائهم العرقي أو الطائفي أو الطبقي. ويكون الولاء لله سبحانه وتعالى وللحق كما عرٌفه الله عز وجل والتعاون على البر والتقوى وليس ولاءا طائفيا جاهليا مجحفا.
العدالة
مفهوم العدالة السياسي هو تطبيق القوانين التي تشرعها الدولة بفرضية عدالة التشريع وإتاحة الفرص للمواطنين بالتساوي. وفي حقيقة التنفيذ العملي نجد أن هذه القوانين غير عادلة أساسا بل هي منبثقة من تعزيز مصلحة طبقة النظام الحاكم ومن يواليهم من طبقات المنتفعين. أما في الحضارة الإسلامية فمفهوم العدالة أشمل لأنه عدالة إنسانية شاملة تعدل بين البشر جميعا بغض النظر عن أعراقهم وطوائفهم وعقائدهم وطبقاتهم الإجتماعية. فلقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه. وقوانين الدولة مستمدة من الشريعة الإسلامية بمرجعيتها من كتاب الله القرآن الكريم والسنة الشريفة الصحيحة.
ألحرية
مفهوم الحرية للنظم العالمية لا يوجد له مرجعية لثوابت أصيلة ترفض عبودية الفرد. وبالتالي فرّغ المفهوم من محتواه الأصيل وأصبحت الحرية شعارا بلا تعريف واضح. فعند الممارسة نجد أن كل من ينادي بالحرية ظاهريا يدعو إلى عبودية الإنسان بطريقة غير مباشرة إما للفوضى أو الشهوات بلا ضابط. أما في في الحضارة الإسلامية فلا تكتمل الحرية إلا بالعدالة لأنها تنظم ما للمرء وما عليه في شتى الأمور الدنيوية وكما نعلم أن الحرية في حدود عدم تجاوز حرية الآخرين.
ألمساواة
ألمساواة كمفهوم سياسي هي مساواة بين غير المتساويين. أي أنه لا يضع في الإعتبار الإختلافات في الظروف أو الإختلافات الطبيعية بين الناس. فهو مثلا يفترض المساواة بين الذكر والأنثى بدون التمييز بين المتطلبات المختلفة للجنسين. ولا يميز بين حلال أو حرام، لأن مرجعيته علمانية لا دينية. فمثلا يحلل زواج الشواذ بدعوى التساوي بينهم وبين سليمي الفطرة، ولا يعدل بين قوي وضعيف، أو سليم ومريض. وهذا المفهوم بمعناه الدخيل ينظر للبشر كوحدات بيولوجية منتجة. أما في الحضارة الإسلامية فالمساواة تهدف لإعطاء الفرص للجميع مع اختلاف ظروفهم وبما يلائم طبيعتهم. فهناك حقوق وواجبات عامة للجميع بغض النظر عن اختلافاتهم الفطريه أو الفكرية أو المادية وهناك حالات خاصة لها ظروفها الخاصة. وينظر لمصلحة الفرد ومصلحة المجتمع بحيث لا تكون المساواة ظلما.
ألعولمة
نظام جديد يراد به توحيد العالم في إطار جديد واحد تحت سلطة وقوانين ومؤسسات وثقافة واحدة بلا اعتبار لسيادة الدول من حدود جغرافية ونظم سياسية، أو اختلاف الحضارات والثقافات والقيم الأخلاقية بدعوى أن العالم قرية واحدة بلا حدود. ظاهر هذا النظام يدعو لبعض مبادئ الحضارة الإسلامية في رفض العنصرية والطبقية والتمييز بين الناس وهو ''إن أكرمكم عند الله أتقاكم'' بعد تحريفه إلى ''إن أكرمكم عندنا هو من يتفق مع مصالحنا وتوجهاتنا التي نعلن عنها بغض النظر عن جنسه وعنصره وطائفته. السؤال الملح هنا هو كيفية إيجاد النخب المخلصة الواعية ذات المرجعية الحضارية الإسلامية لتقود حركة تجديد للفكر والثقافة عامة في مشروع يوحد الأمة للنهوض بنفسها برغم طوفان التحديات العظيمة حقيقة مصطلحات فكر الحداثة المعاصر -- د/نزار إسماعيل