السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثر عبد الله بن سلام إن لله سيفا مغمودا عنكم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-: وللترمذي عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال: « لما أريد عثمان جاء عبد الله بن سلام، فقال له عثمان -رضي الله عنه-: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك، قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني، فإنك خارج خير لي من داخل. قال: فخرج عبد الله بن سلام إلى الناس فقال: أيها الناس، إنه كان اسمي في الجاهلية فلان، فسماني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله، ونزلت في آيات في كتاب الله نزل فيّ: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ »1 الآية، ونزل فيّ: ﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾3 إن لله سيفا مغمودا عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه نبيكم، فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله إن قتلتموه لتطردن جيرانكم الملائكة، وليسلن سيف الله المغمود عنكم، فلا يغمد إلى يوم القيامة، فقالوا: اقتلوا اليهودي واقتلوا عثمان قال الترمذي: حديث حسن، حديث حسن غريب.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
لا إله إلا الله، من المصائب العظمى والكوارث الذي حدثت في هذه الأمة ثورة أهل الأهواء، ثورة أهل الأهواء والمنافقين على الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه-، حيث تقلبوا عليه، وتجمعوا من النواحي، وتجمعوا حول داره، يريدون أن يقتحموها عليه ويقتلوه في المدينة، فمكث أياما وهو محاصر في داره -رضي الله عنه وأرضاه-، وهذه هي البلوى العظيمة التي أخبره بها النبي -عليه الصلاة والسلام- في « قوله لأبي موسى عندما كان بوابا على باب ذلك الحائط، فلما جاء عثمان استأذن له، وقال: هذا عثمان بالباب، وقال ائذن له، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فقال عثمان: الله المستعان »4
وفي هذه الأيام أو في أحد هذه الأيام جاء عبد الله بن سلام، الصحابي الجليل الذي هو من أهل الكتاب وأسلم، جاء ودخل على عثمان، فقال: ما جاء بك؟ فقال: جئت في نصرتك، يعني جئت لأنصرك، قال: اخرج إلى الناس واطردهم عني، اطردهم، والذي يظهر أنه يريد يطردهم بالكلام، بالوعظ، بالتذكير، فإنه -رضي الله عنه- منع أن يقاتل أحد أحدًا دونه، منع أن يُقتل أحد في نصرته، فقال: اخرج واطرد الناس، فإنك خارج خير لي منك داخل.
في بعض الراويات "فإنك خارجا" أي: حال كونك خارجا، أو في الخارج، خير لي منك في الداخل، أو حال كونك داخلا، فخرج عبد الله بن سلام، وخاطب هذه الجموع، خاطبهم وذكر لهم شيئا من فضله -رضي الله عنه-، يريد من ذلك لم يقل هذا ويتكلم به فخرا، إنما يريد أن يعرفوا فضله، فيقبلوا توجيهه ونصحه وموعظته، فقال: إنه كان اسمي فلانا، لم يذكر في هذه الرواية لفظ الاسم الذي كان يسمى به، وليس هذا بمهم، يقول: وسماني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله، فصار عبد الله بن سلام، هذا هو المهم، قال: ونزلت في آيات من القرآن، وذكر الآيتين: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ﴾2 ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾2 هو عبد الله بن سلام، هذا هو المشهور في التفسير، على مثله: يعني على مثل القرآن ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ﴾2 أي على مثل القرآن، وهو التوراة، أو ما في التوراة من أحكام مطابقة لما في القرآن، فإن شرائع الأنبياء متفقة في الأصول وإن اختلفت في كيفيات الشرائع وفي بعض الشرائع.
وكذلك الآية الأخرى ﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾3 فُسِّرت أيضا بعبد الله بن سلام، وفسرت بجنس أهل الكتاب، ثم ذكر -رضي الله عنه- إنكم في هذه البلدة المباركة التي كانت مهاجرا ومنزلا لنبيكم، لمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي نعمة عظيمة، وكانت أيضا مأوى للملائكة الكرام ممن ينزل بالوحي، ومن الملائكة الذين يأوون إلى مجالس الصالحين ومجالس العلم.
ذكر لهم أن الملائكة قد جاورتكم في بلدتكم هذه، لما حصل فيها من الخير والعلم، آثار النبوة، ذكر لهم أن لله سيفا مغمدا أو مغمودا، السيف المغمد المعروف أنه الموضوع في غمده، والمسلول هو المخرج من غمده، مسلول، سَلَّ السيف أي: أخرجه من غمده، وأغمده: جعله في قرابه وفي غمده، قال: فالله الله، يعني اتقوا الله أن تقتلوا هذا الرجل، اتقوا الله أن تقتلوا هذا الرجل.
فهذا هو مطلب عثمان -رضي الله عنه-، مطلبه أن يطرد الناس عنه بالوعظ والتذكير والتخويف، وقال له فيما قال: إنه إن سل سيف الله فإنه لا يُرفع إلى يوم القيامة، وهذا جاء هذا المعنى في حديث مشهور، وإذا وقع عليهم السيف وقع السيف في هذه الأمة لم يرفع إلى يوم القيامة، بل تتابع الفتن والحروب كما يشهد به التأريخ والواقع، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة.
ولكن ماذا قال هؤلاء الضلال الجهال وهؤلاء المغرضون المتبعون لأهوائهم؟ ماذا قالوا لعبد الله بن سلام بعد هذا التذكير وهذه الموعظة وهذه النصيحة؟ قالوا: اقتلوا اليهودي واقتلوا الرجل، اقتلوا اليهودي، هذا يهودي، هذا هو الجواب، فماذا عساه أن يفعل عبد الله بن سلام؟ ليس أمامه إلا أن يمضي في طريقه ويتركه، أدى ما عليه -رضي الله عنه- بهذه النصيحة، ونصر عثمان -رضي الله عنه- بما استطاع من قول، بما استطاع من قول، أما الفعل فهذا ما لا يرضى به عثمان -رضي الله عنه-، فقد طلب نصرته جمع من الصحابة، أرادوا أن يدافعوا عنه بالقوة، فنهى أن يُسفك في حمايته ومن أجله قطرة دم. أعد الحديث نسمعه مرة أخرى.
1 : الترمذي : تفسير القرآن (3256).
2 : سورة الأحقاف (سورة رقم: 46)، آية رقم:10
3 : سورة الرعد (سورة رقم: 13)، آية رقم:43
4 : البخاري : المناقب (3695) , ومسلم : فضائل الصحابة (2403) , والترمذي : المناقب (3710) , وأحمد (4/393).
أثر عبد الله بن سلام إن لله سيفا مغمودا عنكم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-: وللترمذي عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال: « لما أريد عثمان جاء عبد الله بن سلام، فقال له عثمان -رضي الله عنه-: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك، قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني، فإنك خارج خير لي من داخل. قال: فخرج عبد الله بن سلام إلى الناس فقال: أيها الناس، إنه كان اسمي في الجاهلية فلان، فسماني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله، ونزلت في آيات في كتاب الله نزل فيّ: وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ »1 الآية، ونزل فيّ: ﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾3 إن لله سيفا مغمودا عنكم، وإن الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الذي نزل فيه نبيكم، فالله الله في هذا الرجل أن تقتلوه، فوالله إن قتلتموه لتطردن جيرانكم الملائكة، وليسلن سيف الله المغمود عنكم، فلا يغمد إلى يوم القيامة، فقالوا: اقتلوا اليهودي واقتلوا عثمان قال الترمذي: حديث حسن، حديث حسن غريب.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
لا إله إلا الله، من المصائب العظمى والكوارث الذي حدثت في هذه الأمة ثورة أهل الأهواء، ثورة أهل الأهواء والمنافقين على الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه-، حيث تقلبوا عليه، وتجمعوا من النواحي، وتجمعوا حول داره، يريدون أن يقتحموها عليه ويقتلوه في المدينة، فمكث أياما وهو محاصر في داره -رضي الله عنه وأرضاه-، وهذه هي البلوى العظيمة التي أخبره بها النبي -عليه الصلاة والسلام- في « قوله لأبي موسى عندما كان بوابا على باب ذلك الحائط، فلما جاء عثمان استأذن له، وقال: هذا عثمان بالباب، وقال ائذن له، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فقال عثمان: الله المستعان »4
وفي هذه الأيام أو في أحد هذه الأيام جاء عبد الله بن سلام، الصحابي الجليل الذي هو من أهل الكتاب وأسلم، جاء ودخل على عثمان، فقال: ما جاء بك؟ فقال: جئت في نصرتك، يعني جئت لأنصرك، قال: اخرج إلى الناس واطردهم عني، اطردهم، والذي يظهر أنه يريد يطردهم بالكلام، بالوعظ، بالتذكير، فإنه -رضي الله عنه- منع أن يقاتل أحد أحدًا دونه، منع أن يُقتل أحد في نصرته، فقال: اخرج واطرد الناس، فإنك خارج خير لي منك داخل.
في بعض الراويات "فإنك خارجا" أي: حال كونك خارجا، أو في الخارج، خير لي منك في الداخل، أو حال كونك داخلا، فخرج عبد الله بن سلام، وخاطب هذه الجموع، خاطبهم وذكر لهم شيئا من فضله -رضي الله عنه-، يريد من ذلك لم يقل هذا ويتكلم به فخرا، إنما يريد أن يعرفوا فضله، فيقبلوا توجيهه ونصحه وموعظته، فقال: إنه كان اسمي فلانا، لم يذكر في هذه الرواية لفظ الاسم الذي كان يسمى به، وليس هذا بمهم، يقول: وسماني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله، فصار عبد الله بن سلام، هذا هو المهم، قال: ونزلت في آيات من القرآن، وذكر الآيتين: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ﴾2 ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾2 هو عبد الله بن سلام، هذا هو المشهور في التفسير، على مثله: يعني على مثل القرآن ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ ﴾2 أي على مثل القرآن، وهو التوراة، أو ما في التوراة من أحكام مطابقة لما في القرآن، فإن شرائع الأنبياء متفقة في الأصول وإن اختلفت في كيفيات الشرائع وفي بعض الشرائع.
وكذلك الآية الأخرى ﴿ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾3 فُسِّرت أيضا بعبد الله بن سلام، وفسرت بجنس أهل الكتاب، ثم ذكر -رضي الله عنه- إنكم في هذه البلدة المباركة التي كانت مهاجرا ومنزلا لنبيكم، لمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي نعمة عظيمة، وكانت أيضا مأوى للملائكة الكرام ممن ينزل بالوحي، ومن الملائكة الذين يأوون إلى مجالس الصالحين ومجالس العلم.
ذكر لهم أن الملائكة قد جاورتكم في بلدتكم هذه، لما حصل فيها من الخير والعلم، آثار النبوة، ذكر لهم أن لله سيفا مغمدا أو مغمودا، السيف المغمد المعروف أنه الموضوع في غمده، والمسلول هو المخرج من غمده، مسلول، سَلَّ السيف أي: أخرجه من غمده، وأغمده: جعله في قرابه وفي غمده، قال: فالله الله، يعني اتقوا الله أن تقتلوا هذا الرجل، اتقوا الله أن تقتلوا هذا الرجل.
فهذا هو مطلب عثمان -رضي الله عنه-، مطلبه أن يطرد الناس عنه بالوعظ والتذكير والتخويف، وقال له فيما قال: إنه إن سل سيف الله فإنه لا يُرفع إلى يوم القيامة، وهذا جاء هذا المعنى في حديث مشهور، وإذا وقع عليهم السيف وقع السيف في هذه الأمة لم يرفع إلى يوم القيامة، بل تتابع الفتن والحروب كما يشهد به التأريخ والواقع، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة.
ولكن ماذا قال هؤلاء الضلال الجهال وهؤلاء المغرضون المتبعون لأهوائهم؟ ماذا قالوا لعبد الله بن سلام بعد هذا التذكير وهذه الموعظة وهذه النصيحة؟ قالوا: اقتلوا اليهودي واقتلوا الرجل، اقتلوا اليهودي، هذا يهودي، هذا هو الجواب، فماذا عساه أن يفعل عبد الله بن سلام؟ ليس أمامه إلا أن يمضي في طريقه ويتركه، أدى ما عليه -رضي الله عنه- بهذه النصيحة، ونصر عثمان -رضي الله عنه- بما استطاع من قول، بما استطاع من قول، أما الفعل فهذا ما لا يرضى به عثمان -رضي الله عنه-، فقد طلب نصرته جمع من الصحابة، أرادوا أن يدافعوا عنه بالقوة، فنهى أن يُسفك في حمايته ومن أجله قطرة دم. أعد الحديث نسمعه مرة أخرى.
1 : الترمذي : تفسير القرآن (3256).
2 : سورة الأحقاف (سورة رقم: 46)، آية رقم:10
3 : سورة الرعد (سورة رقم: 13)، آية رقم:43
4 : البخاري : المناقب (3695) , ومسلم : فضائل الصحابة (2403) , والترمذي : المناقب (3710) , وأحمد (4/393).