بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصل اللهم على نبينا محمد واله وصحبه الكرام وسلم تسليما كثيرا
في سعيي إلى الجمعة مررت بشيخ يمشي على عكازين قد انحنى ظهره فرأيته يحرك شفتيه حسبته يقرأ قرآنا فحين حاذيته سمعته يقول يدعو ويلهج "يا كثير الخير يا دائم المعروف" أو يادائم الخير يا كثير المعروف ومشى عكس اتجاهي وهو يدعو به وغيره يثني على ربه فهذا ما لقطه سمعي منه فقط فتأملت فشعرتها كلمات يستجاب بها الدعاء أو كالاسم الأعظم أو هو بالنسبة لحالي في تلك الساعة فكنت في ضيق من الأمر وقلة من الخير المادي تكاد تنسد الأبواب من كل وجه فكانت علاجي فقلت إما أن تسلِّم بما قال وتحمد كثير المعروف دائم الخير وتكون كهؤلاء الأولياء العارفين راضين على ما هم فيه من شدة يثنون عليه على كل حال وإلا هو الكفر هب أن خيره من الحياة والعيش انتهى الآن لن يكون لك منه مزيد في هذه الحياة الدنيا تجوع إلى أن تذبل وتموت أليس هو مع ذلك مستحق للحمد فيما سلف علي من الخير والمعروف الجزيل الذي لا تزال النبضات تتحرك به والأنفاس تأخذ منه هذا حمده بالنسبة لما أعطاني كيف بما أعطى أهل زماني وجميع الخلائق ثم كيف بحمده لذاته هو ولو لم يخلق خلقاً فهو المتفرد بالحمد والجمال والكمال ولو أن مخلوقا مع ما فيه من النقائص أحسن إلي يوما من الدهر هش وبش أو أطعمني طعمتين لم أنس معروفه ولو في الرمق الاخير ذاك ذاك كان وكان فكيف بتلك النعم من ذاك الخالق الذي إحسان الخلق إليك من نعمه فهو الذي خلقهم وساقهم وذراتك كلها منه .السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصل اللهم على نبينا محمد واله وصحبه الكرام وسلم تسليما كثيرا
تقول النفس لكن هو الذي سيسلبني الآن نعمه تلك وقد سلبني بعضها أقول أو لمة الملك قال :وهل أخذت منه ميثاقا وعهدا أنه لا يسلب نعم الدنيا عنك بل كل كتابه إليك طافح من إخبارك بذلك وسماها دار الغرور ومتاع قليل وحذرك فتنتها والركون إليها ووعدك جزاء ذلك الثواب الجزيل بعدها ثم هل الشكر مختص بما لايزول من النعم من قال هذا بل هو واجب في القليل والكثير في الباقي والمنقطع فإنك مع من تحبهم من المخلوقين المحسنين هل اشترطت على نفسك أو وجدت منها أنها لا تحمد إلا من يواصلها بإحسانٍ لا ينقطع بل نراك تلهج بالثناء الدائم على من لم تر منه إلا بياض ثنية ٍ أبداها لك إعجابه أو كلمة منه طيبة ولجت قلبك أو أو .. أشياء يسيرة للغاية فأصبحت تذكره بالخير ودماثة الخلق وما تنساه بالخير أبد الدهر فما لك أطعت الشيطان عند نعم مولاك جزيل العطاء والإحسان ألم تعرف حيلة عدوك عليك التي حذرك منها ربك فقال: (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء) يسد أبواب الفرج في نظر العبد ويحثه على درب الفحشاء (والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم) لو شاء أنجز وعده الآن لسعة غناه لكن لعلمه جعله وعداً مؤجلاً لحكم عظام ولطائف مكنونة لو ظهرت فاقت جسامتها الجبال و كثافة الاجسام فسلِّم لحكمته وانتظر وعده فخير العبادة انتظار الفرج (ومآ أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) يكفي في فضل المصيبة أنها أمان من الاستدراج والإملاء الذي يؤخذ صاحبه بغتة .
فغضِب العدو عند ذاك حين رأى الحق أبلج وصرح بالعداوة بواضح من الكفران فقال: غرك دينك يا هذا وإلا لمَ يعذبك بسلب النعم عنك بعد أن وهبك إياها ما له ما أبقاها ؟
فقال داعي الحق لاجماً كفرانه : هو يريد أن يحسن وإن رغمت أنفك وأنف كل مُحسَن إليه فهو سبحانه المحسن فلا بد في حكمته أن يخلق ليحسن أما الدوام فلا يشترطه المُحسن إليه إلا أن يكون مخبولاً لا يعرف قدر الاحسان أنساه حرصه على المستقبل و المزيد عن شكر الإحسان الأول القديم والموجود الحاضر وما هو فيه من سلامة وعيش رغيد .
فهو سبحانه وتعالى يفعل ما يريد من خلق وإحسان وبسط وتقدير ولا يشاور في هذا العبيد وإلا لكانوا معه أرباباً لهم في كونه مشيئةٌ وتنفيذ دونه أو معه بل إنه خلقهم دون أن يشاورهم حتى في إيجاد نفوسهم (مآ أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم) وهل يستطيع أحد أن يثني الجواد عن جوده بحجة أن المنتفعين بجوده سيعتادون جوده وربما لايدوم به عليهم! بل سيفعل الإحسان ولن يبالي بأي شيء كان فمن شاء فليشكر ومن شاء فليكفر وفعله بمقتضى أسمائه وصفة الخلق والكرم والجود لن يتركها لفلسفة الشيطان ولا حزبه .
اللهم يا دائم المعروف يا كثير الخير هب لنا وأوزعنا شكر نعمتك وأعنا على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك ونعوذ بك من عدونا بصرنا بحيله ومكائده واكفنا مكره وحرزنا ختره واقصم بنا ظهره وكد لنا عليه وامكر لنا به
إنك على كل شيء قدير وصلى الله النبي وآله وصحبه وسلم .