بسم الله الرحمٰن الرحيم..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أعطى الله تعالى لكل زمان ومكان تعيش فيهما أناسُ ما يعينهم من فكر وعلم وعقل ووسائل وقوة عقلية ومعنوية ومادية تناسبهم فإن ميز عبداً من عباده بنعمة فقد أعطى غيره نعمةً أخرى وميزةً ليست عند الأول وهكذا فساوي وعدل بين كل عباده باطناً وغاير بينهم ظاهراً...مثل ذلك كمثل رجلٍ رزقه الله تعالى بقطعة أرضٍ ثمنها ألف درهم ورزق آخر إبلاً ثمنها ألف درهم ورزق ثالثاً تجارةً ثمنها ألف درهم وهكذا ..فالظاهر لنا أن الكل مختلفون في الكم والحجم ولكن لو نظرنا مليّاً وقدّرنا قيمة وثمن كل نصيب منهم لوجدنا أنهم متساوون في القيمة والقدر والحقيقة والباطن وإن اختلفوا في الكم والحجم والنوع والظاهر... إليكم قصة تدل على ما أنعم الله تعالى به على أجدادنا العرب من عبقرية عظيمة وحكمةٍ جليلة وعقل عجيب ورهيب وتفكير سديد وبعيد.. فمن أراد أن يشابههم فليقرأ كتبهم وأخبارهم ويتعلم لغتهم وأسلوبهم.... وهي قصةٌ رواها الشيخ الدكتور عمر عبد الكافي( ﻗﺼﺔ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﺙ ﻭﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺮﺙ ﻭﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﺙ..
ﻳﺤﻜﻰ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺟﻼ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﻻﺩ ﺍﺳﻤﺎﻫﻢ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺏ " ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ "
.. ﻭﻣﻀﺖ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻗﺎﻝ : ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﺙ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻻﻳﺮﺙ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﺙ !
ﺛﻢ ﻗﺒﻀﺖ ﺭﻭﺣﻪ ﻭﻣﺎﺕ .. ﺗﻌﺠﺐ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﺤﻠﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻀﻠﺔ ؟؟ ﻓﺎﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺍﻟﻰ ﻗﺎﺽ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻭﻓﻌﻼ ﻣﻀﻰ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻬﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺭﺟﻼ ﺣﺎﺋﺮﺍ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ..
ﻓﺄﻭﻗﻔﻬﻢ ﻭﺳﺄﻟﻬﻢ " ﻟﻲ ﻧﺎﻗﺔ ﺗﺎﻫﺖ ﻣﻨﻲ ﻭﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻳﻦ ﻫﻲ ؟ ﻫﻞ ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻜﻢ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺥ ﺍﻷﻭﻝ : ﻫﻞ ﺑﻌﻴﺮﻙ ﺃﻋﻮﺭ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻧﻌﻢ ﻧﻌﻢ
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻫﻞ ﺑﻌﻴﺮﻙ ﺃﻋﺮﺝ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻧﻌﻢ ﻧﻌﻢ
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻫﻞ ﺑﻌﻴﺮﻙ ﻣﻘﻄﻮﻉ ﺍﻟﺬﻧﺐ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺒﺸﺮ ﺧﻴﺮﺍ : ﻧﻌﻢ ﺍﺫﺍ ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﻫﺎ ﺃﻳﻦ ﻫﻲ ؟؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ : ﻻ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻫﺎ !
ﺟﻦ ﺟﻨﻮﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺼﻄﺤﺐ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ .. ﻷﻧﻪ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺃﻛﻠﻮﻫﺎ ﻭﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺇﺧﻔﺎﺀ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻨﻪ .
ﻟﻢ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻞ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻧﻌﻢ ﻭﻧﺤﻦ ﺫﺍﻫﺒﻮﻥ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺃﻣﺮ ﻋﻨﺪ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻭﺻﻞ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻘﺺ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺍﻥ ﻣﺎ ﻭﺻﻔﺘﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻜﻢ ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﻫﺎ .. ﻫﻼ ﺍﻋﺘﺮﻓﺘﻢ؟؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﻬﺎ ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﺛﺎﺭﻫﺎ .. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻮﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻨﻲ ﻻﺣﻈﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺸﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺮﺕ ﺑﻪ ﻗﺪ ﺃﻛﻞ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .. ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺮﻯ ﺇﻻ ﺑﻌﻴﻦ ﻭﺍﺣﺪﺓ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻭﻟﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﺮﺟﺎﺀ .. ﻓﺬﻟﻚ ﻷﻥ ﺃﺣﺪ ﺃﺛﺎﺭ ﺃﻗﺪﺍﻣﻬﺎ ﺃﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺮ ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﺠﺰ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺭﺟﻠﻴﻬﺎ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻭﻟﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﺍﻟﺬﻳﻞ .. ﻓﻸﻧﻨﻲ ﻭﺟﺪﺕ ﺑﻌﺮﻫﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﺘﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺘﻞ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺫﻳﻠﻬﺎ ﻟﺘﻨﺜﺮ ﺑﻌﺮﻫﺎ ﻳﻤﻴﻨﺎ ﻭﻳﺴﺎﺭﺍ .. ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺫﻳﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﻘﻄﻮﻉ .
ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻗﺎﻝ : ﺍﺫﻫﺐ ﻳﺎ ﺭﺟﻞ ﻓﻮﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻧﺎﻗﺘﻚ ﻗﻂ !
ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﺣﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻗﺺ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻗﺼﺘﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺗﻮ ﻣﻦ ﺍﺟﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻌﺠﺐ .. ﻭﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻏﺪ ﺭﻳﺜﻤﺎ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺤﻞ ﻟﻬﺎ ..
ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻀﺎﻓﺔ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻨﺎﻙ .. ﻭﺃﺣﺲ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﺄﻥ ﺃﺣﺪﺍً ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻗﺒﻬﻢ ﻭﺣﺬﺭ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ .
ﻭﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ ﻭﺻﻠﻬﻢ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﻟﺤﻢ ﻭﺍﻟﺨﺒﺰ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ ! !
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺧﺒﺰﺗﻪ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ﺣﻤﻠﻬﺎ !
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ !!!!
ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ .. ﻓﺠﻤﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ..
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻧﺎ ..
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻄﺒﺎﺥ ﻫﻞ ﻓﻌﻼ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ : ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﺎﺥ ﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻟﺤﻢ ﻓﻘﺪﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻭﻫﻮ ﻓﻌﻼ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻷﺥ ﺍﻷﻭﻝ : ﻗﻞ ﻟﻲ ﻳﺎ ﺭﺟﻞ ﻛﻴﻒ ﻋﺮﻓﺖ ﺃﻧﻪ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﻟﺤﻢ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﻐﻨﻢ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺤﻢ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﺃﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺸﺤﻢ
ﻓﺼﺮﺥ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺃﻧﺖ ﺗﺮﺙ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﺃﺑﻴﻚ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻗﺪ ﺧﺒﺰﺗﻪ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺃﻧﺎ ..
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﺘﺒﻴﻦ ﻓﻌﻼ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺧﺒﺰ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺣﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺷﻬﺮﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻗﻞ ﻛﻴﻒ ﻋﺮﻓﺖ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻭﻣﻦ ﺧﺒﺰﻩ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻣﻨﻔﻮﺧﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﻣﺴﺘﻮﻳﺎ ﻓﻲ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﺘﺄﻛﺪﺕ ﻣﻦ ﻋﻠﻮ ﺍﻟﻨﻔﺨﺔ ﺃﻥ ﺻﺎﺣﺒﺘﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺤﺮﻳﻜﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻷﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﻌﻴﻘﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﻞ !
ﻓﺼﺮﺥ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺃﻧﺖ ﺗﺮﺙ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﺃﺑﻴﻚ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻣﻨﻜﻢ ﺍﻧﻨﻲ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺃﻧﺎ ...
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﻣﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻭﺃﻗﺮﺕ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ !
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻭﻛﻴﻒ ﻋﺮﻓﺖ ﺃﻧﻨﻲ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ؟؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺍﺑﻦ ﺣﻼﻝ ﻣﺎ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻟﻨﺎ ﻋﻴﻨﺎ ﻟﺘﺮﺍﻗﺒﻨﺎ ﻭﻻ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ ﻧﺄﻛﻠﻪ ﻭﻻ ﺧﺒﺰﺍ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﺿﺞ .
ﻓﺼﺮﺥ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺃﻧﺖ ﻻ ﺗﺮﺙ ﺷﻴﺌﺎ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ؟؟؟؟؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﺇﻻ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻣﺜﻠﻪ !
ﻭﻓﻌﻼ ﺫﻫﺐ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻬﻤﺎ ﻭﺃﻗﺮﺕ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﺭﺑﺎﻩ ﻭﺃﺳﻤﺎﻩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ....هذا كان نهج العرب في التفكير فكان يكفيهم من المعطيات القليل ويستنبطون منه الكثير ..فكما برع اليونانيون في الطب وبرعت الروم في العسكرية والإدارة وبرع غيرهم في أشياء أخرى .برع العرب في الفراسة والبلاغة ..حتى أن اللغة العربية نفسها قائمة على ذلك النهج من التفكير وتلك الفراسة فهي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم خير الكلام ما قل ودل ...ولفراسة العرب أيضا وحكمتهم وفطنتهم ومعرفتهم بأسرار الكلام والبلاغة والبيان ما أن سمعوا آيات قليلة من القرآن حتى أقرّوا وجزموا وتأكدوا تمام التأكد أنه من عند الله تعالى وليس من عند الإنس أو الجن ..هذا لأن الكلام يدل على صاحبه ..والقرآن كلام الله تعالى إذا إذا أردنا معرفة الله تعالى علينا بدراسة وتعلم وتفحص القرآن حق دراسته وتعلمه وتفحصه ..ولكي نفهم القرآن حق فهمه ...علينا بمحاولة فهم ودراسة اللغة العربية كما فهمها ودرسها العلماء السلف ..وهذا الأمر ليس بالصعب ..فها هو سيبويه رحمه الله تعالى حينما كان في بداية تعلمه ذهب وقرأ القرآن أمام شيخه فكان سيبويه يتهته ويلحن في القرآن وبعدها بأسبوعين عاد إليه سيبويه وقد أصبح شيخ النحو العربي واستنبط أغلب أحكام النحو من القرآن الكريم حتى أن أحد العلماء السلف قال من أراد أن يصنع كتابا جامعا للنحو بعد سيبويه فليستحى ..والنبي صلى الله عليه وسلم قال لزيد بن ثابت أن يتعلم العبرية لأنه تأتيه من اليهود رسائل فتعلم زيد رضي الله عنه العبرية فيما يقرب من سبعة عشر يوما ...فهؤلاء بشر مثلنا وليسوا ملائكة ولكن لماذا كان الواحد منهم قائد ومؤسس عدة علوم معا ويتقنونها في بضعة أيام أو شهور ونحن ربما لا يستطيع أحدنا الآن أن يدرس جزء يسير من علم طيلة عمره حق دراسه ...في حين أننا الآن لدينا أحدث وسائل التعليم والإعلام وتنقل المعلومات وتدوينها واسترجاعها بسرعة فائقة خاصة في عصر الحاسوب والانترنت ..أما هم فكان كتابة صفحة واحدة تكلفهم من الجهد والوقت والمال الكثير ...فليس عسيرا أن يكون أن أحدنا مثلهم اذا اتبعنا منهجهم وطريقتهم واجتهدنا كما اجتهدوا ونقينا أنفسنا وعقولنا وقلوبنا مما يشوبها ويفسدها..وعلينا بتقوى الله تعالى لأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصٍ..فعلينا أن نأخذ بكل الأسباب ونضعها في أيدينا ولا نضع في قلوبنا إلا التوكل على الله وحده .......سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ..وقل ربّ زدني علما ..ولا يحيطون بشيئ من علمه إلا بما شاء...
ﻳﺤﻜﻰ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺟﻼ ﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﻻﺩ ﺍﺳﻤﺎﻫﻢ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺏ " ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ "
.. ﻭﻣﻀﺖ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻗﺎﻝ : ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﺙ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻻﻳﺮﺙ ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﺙ !
ﺛﻢ ﻗﺒﻀﺖ ﺭﻭﺣﻪ ﻭﻣﺎﺕ .. ﺗﻌﺠﺐ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﺤﻠﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻀﻠﺔ ؟؟ ﻓﺎﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺍﻟﻰ ﻗﺎﺽ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻭﻓﻌﻼ ﻣﻀﻰ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻬﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺭﺟﻼ ﺣﺎﺋﺮﺍ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻣﺎ ..
ﻓﺄﻭﻗﻔﻬﻢ ﻭﺳﺄﻟﻬﻢ " ﻟﻲ ﻧﺎﻗﺔ ﺗﺎﻫﺖ ﻣﻨﻲ ﻭﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻳﻦ ﻫﻲ ؟ ﻫﻞ ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻜﻢ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺥ ﺍﻷﻭﻝ : ﻫﻞ ﺑﻌﻴﺮﻙ ﺃﻋﻮﺭ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻧﻌﻢ ﻧﻌﻢ
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻫﻞ ﺑﻌﻴﺮﻙ ﺃﻋﺮﺝ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ : ﻧﻌﻢ ﻧﻌﻢ
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻫﻞ ﺑﻌﻴﺮﻙ ﻣﻘﻄﻮﻉ ﺍﻟﺬﻧﺐ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺒﺸﺮ ﺧﻴﺮﺍ : ﻧﻌﻢ ﺍﺫﺍ ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﻫﺎ ﺃﻳﻦ ﻫﻲ ؟؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ : ﻻ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎﻫﺎ !
ﺟﻦ ﺟﻨﻮﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺼﻄﺤﺐ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ .. ﻷﻧﻪ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺃﻛﻠﻮﻫﺎ ﻭﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺇﺧﻔﺎﺀ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻨﻪ .
ﻟﻢ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻞ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻧﻌﻢ ﻭﻧﺤﻦ ﺫﺍﻫﺒﻮﻥ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺃﻣﺮ ﻋﻨﺪ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻭﺻﻞ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻘﺺ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺍﻥ ﻣﺎ ﻭﺻﻔﺘﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻜﻢ ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﻫﺎ .. ﻫﻼ ﺍﻋﺘﺮﻓﺘﻢ؟؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻨﻬﺎ ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﺛﺎﺭﻫﺎ .. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻮﺭﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻨﻲ ﻻﺣﻈﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺸﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺮﺕ ﺑﻪ ﻗﺪ ﺃﻛﻞ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .. ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺮﻯ ﺇﻻ ﺑﻌﻴﻦ ﻭﺍﺣﺪﺓ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻭﻟﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﻋﺮﺟﺎﺀ .. ﻓﺬﻟﻚ ﻷﻥ ﺃﺣﺪ ﺃﺛﺎﺭ ﺃﻗﺪﺍﻣﻬﺎ ﺃﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺮ ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﺠﺰ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺭﺟﻠﻴﻬﺎ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻭﻟﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﺍﻟﺬﻳﻞ .. ﻓﻸﻧﻨﻲ ﻭﺟﺪﺕ ﺑﻌﺮﻫﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﺘﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺘﻞ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺫﻳﻠﻬﺎ ﻟﺘﻨﺜﺮ ﺑﻌﺮﻫﺎ ﻳﻤﻴﻨﺎ ﻭﻳﺴﺎﺭﺍ .. ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺫﻳﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﻣﻘﻄﻮﻉ .
ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻗﺎﻝ : ﺍﺫﻫﺐ ﻳﺎ ﺭﺟﻞ ﻓﻮﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻧﺎﻗﺘﻚ ﻗﻂ !
ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﺣﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻗﺺ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻗﺼﺘﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺗﻮ ﻣﻦ ﺍﺟﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﺘﻌﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺷﺪ ﺍﻟﻌﺠﺐ .. ﻭﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻏﺪ ﺭﻳﺜﻤﺎ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺤﻞ ﻟﻬﺎ ..
ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻀﺎﻓﺔ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻫﻨﺎﻙ .. ﻭﺃﺣﺲ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﺄﻥ ﺃﺣﺪﺍً ﻣﺎ ﻳﺮﺍﻗﺒﻬﻢ ﻭﺣﺬﺭ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ .
ﻭﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ ﻭﺻﻠﻬﻢ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﻟﺤﻢ ﻭﺍﻟﺨﺒﺰ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ ! !
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺧﺒﺰﺗﻪ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻣﻦ ﺣﻤﻠﻬﺎ !
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ !!!!
ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ .. ﻓﺠﻤﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ..
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻧﺎ ..
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻄﺒﺎﺥ ﻫﻞ ﻓﻌﻼ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ : ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﺎﺥ ﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻟﺤﻢ ﻓﻘﺪﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻭﻫﻮ ﻓﻌﻼ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻷﺥ ﺍﻷﻭﻝ : ﻗﻞ ﻟﻲ ﻳﺎ ﺭﺟﻞ ﻛﻴﻒ ﻋﺮﻓﺖ ﺃﻧﻪ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﻟﺤﻢ ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻟﻐﻨﻢ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺤﻢ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﺃﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻠﺤﻢ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺸﺤﻢ
ﻓﺼﺮﺥ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺃﻧﺖ ﺗﺮﺙ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﺃﺑﻴﻚ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻣﻨﻜﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻗﺪ ﺧﺒﺰﺗﻪ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺃﻧﺎ ..
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﺘﺒﻴﻦ ﻓﻌﻼ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺧﺒﺰ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺣﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺷﻬﺮﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻗﻞ ﻛﻴﻒ ﻋﺮﻓﺖ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻭﻣﻦ ﺧﺒﺰﻩ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻣﻨﻔﻮﺧﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﻣﺴﺘﻮﻳﺎ ﻓﻲ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﺘﺄﻛﺪﺕ ﻣﻦ ﻋﻠﻮ ﺍﻟﻨﻔﺨﺔ ﺃﻥ ﺻﺎﺣﺒﺘﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺤﺮﻳﻜﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻷﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﻌﻴﻘﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﻞ !
ﻓﺼﺮﺥ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺃﻧﺖ ﺗﺮﺙ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﺃﺑﻴﻚ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻣﻨﻜﻢ ﺍﻧﻨﻲ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺃﻧﺎ ...
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﻣﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻭﺃﻗﺮﺕ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ !
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻭﻛﻴﻒ ﻋﺮﻓﺖ ﺃﻧﻨﻲ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ؟؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺍﺑﻦ ﺣﻼﻝ ﻣﺎ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻟﻨﺎ ﻋﻴﻨﺎ ﻟﺘﺮﺍﻗﺒﻨﺎ ﻭﻻ ﻟﺤﻢ ﻛﻠﺐ ﻧﺄﻛﻠﻪ ﻭﻻ ﺧﺒﺰﺍ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﺿﺞ .
ﻓﺼﺮﺥ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺃﻧﺖ ﻻ ﺗﺮﺙ ﺷﻴﺌﺎ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ؟؟؟؟؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﺇﻻ ﺍﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻣﺜﻠﻪ !
ﻭﻓﻌﻼ ﺫﻫﺐ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻬﻤﺎ ﻭﺃﻗﺮﺕ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﺭﺑﺎﻩ ﻭﺃﺳﻤﺎﻩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ....هذا كان نهج العرب في التفكير فكان يكفيهم من المعطيات القليل ويستنبطون منه الكثير ..فكما برع اليونانيون في الطب وبرعت الروم في العسكرية والإدارة وبرع غيرهم في أشياء أخرى .برع العرب في الفراسة والبلاغة ..حتى أن اللغة العربية نفسها قائمة على ذلك النهج من التفكير وتلك الفراسة فهي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم خير الكلام ما قل ودل ...ولفراسة العرب أيضا وحكمتهم وفطنتهم ومعرفتهم بأسرار الكلام والبلاغة والبيان ما أن سمعوا آيات قليلة من القرآن حتى أقرّوا وجزموا وتأكدوا تمام التأكد أنه من عند الله تعالى وليس من عند الإنس أو الجن ..هذا لأن الكلام يدل على صاحبه ..والقرآن كلام الله تعالى إذا إذا أردنا معرفة الله تعالى علينا بدراسة وتعلم وتفحص القرآن حق دراسته وتعلمه وتفحصه ..ولكي نفهم القرآن حق فهمه ...علينا بمحاولة فهم ودراسة اللغة العربية كما فهمها ودرسها العلماء السلف ..وهذا الأمر ليس بالصعب ..فها هو سيبويه رحمه الله تعالى حينما كان في بداية تعلمه ذهب وقرأ القرآن أمام شيخه فكان سيبويه يتهته ويلحن في القرآن وبعدها بأسبوعين عاد إليه سيبويه وقد أصبح شيخ النحو العربي واستنبط أغلب أحكام النحو من القرآن الكريم حتى أن أحد العلماء السلف قال من أراد أن يصنع كتابا جامعا للنحو بعد سيبويه فليستحى ..والنبي صلى الله عليه وسلم قال لزيد بن ثابت أن يتعلم العبرية لأنه تأتيه من اليهود رسائل فتعلم زيد رضي الله عنه العبرية فيما يقرب من سبعة عشر يوما ...فهؤلاء بشر مثلنا وليسوا ملائكة ولكن لماذا كان الواحد منهم قائد ومؤسس عدة علوم معا ويتقنونها في بضعة أيام أو شهور ونحن ربما لا يستطيع أحدنا الآن أن يدرس جزء يسير من علم طيلة عمره حق دراسه ...في حين أننا الآن لدينا أحدث وسائل التعليم والإعلام وتنقل المعلومات وتدوينها واسترجاعها بسرعة فائقة خاصة في عصر الحاسوب والانترنت ..أما هم فكان كتابة صفحة واحدة تكلفهم من الجهد والوقت والمال الكثير ...فليس عسيرا أن يكون أن أحدنا مثلهم اذا اتبعنا منهجهم وطريقتهم واجتهدنا كما اجتهدوا ونقينا أنفسنا وعقولنا وقلوبنا مما يشوبها ويفسدها..وعلينا بتقوى الله تعالى لأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصٍ..فعلينا أن نأخذ بكل الأسباب ونضعها في أيدينا ولا نضع في قلوبنا إلا التوكل على الله وحده .......سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ..وقل ربّ زدني علما ..ولا يحيطون بشيئ من علمه إلا بما شاء...