- إنضم
- 30 نوفمبر 2014
- المشاركات
- 4,420
- التفاعل
- 26,567
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - أنه قال:- قال النبي صلى الله عليه وسلم :- "يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر و
منافق "
وفي رواية عند أحمد " فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فتخلص المدينة فذلك يوم الخلاص "
إن أحاديث الفتن والملاحم ليست استشرافاً للمستقبل فحسب ، ولكنها حال وقوعها وفي بعض مشاهدها تستدعي ماضياً خلده النص القرآني والمنطوق النبوي لتاريخ هذه الأمه .
ولاشك أن هذا الاستدعاء هو وليد التدبر والتأمل لنصوص القرآن الكريم والسنه النبويه وما تنطوي عليه من أسرار ومقاصد تتجه بالأمه وترقى بها في مدارج السمو والرفعه ، وتسد فيها منافذ الفساد على المستوى الفردي والمجتمعي .
ومن هنا كان لنا هذه الوقفه التأمليه ...
ثلاث رجفات وقولين
اختلف العلماء في تلك الرجفات على قولين ... إما حسيه أو معنويه . فحسيه بمعنى الزلزلة حيث تزلزل المدينةُ وترتجفُ بأهلها ثلاثَ مرات، واحدة تلو الأخرى، فيفزع من فيها من المنافقين والكفار، فيخرجون منها لينجوا بأنفسهم، فيلحقون بالدجال .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:- " قوله (ثم ترجف المدينة) أى يحصل لها زلزلة بعد أخرى، ثم ثالثة حتى يخرج من ليس مخلصاً فى إيمانه، ويبقى بها المؤمن الخالص، فلا يسلط عليه الدجال "
وهناك من حملوا الرجفة على المعنى المجازى، وهو الإشاعة، والخوض فى الفتنة، فيكون المنافقون والكفار محركين غيرَهم، ليخرجوا إليه فرحاً بقدومه، وأنه لا طاقة للمؤمنين به .
قال الإمام المازرى رحمه الله تعالى : " قوله (فترجف المدينةُ ثلاث رجفات) أى يتحرك من فيها من الكفار والمنافقين لقدومه . رجف الشىء: تحرك، وأرجف القوم: خاضوا فى الفتنة، وكأنهم يحركون غيرَهم، وهذا كما قال فى آخره: يخرج إليه كل كافرٍ ومنافق ".
وقال الحافظ في فتح الباري :- " والمراد بالرجفة الأرفاق وهو إشاعة مجيئه وأنه لا طاقة لأحد به ، فيسارع حينئذ إليه من كان يتصف بالنفاق أو الفسق "
" هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا "
تلك الرجفات تجعلنا نعود بذاكرتنا إلى أحداث في التاريخ الإسلامي كشفت لنا سيكولوجية حالة مرضيه لفئة من الناس استوطنت ديار الإسلام وكادوا لأهلها بشتى الوسائل .... إنهم ( المرجفون في المدينه )
وقد أخبرنا الله – عز وجل – عنهم ... فقال – سبحانه – " لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا " ، وقال سبحانه : " وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ "
فلطالما كانت إشاعات السوء والأخبار الكاذبه المضلله والمبالغه في تعظيم قوة الأعداء هي أشد ما كاد به المنافقون والذين في قلوبهم مرض لهذه الأمه منذ عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالمدينة ، وحتى يومنا هذا ... قال الله – عز وجل - فيهم " لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ " ، وقال – سبحانه وتعالى - :- " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ "
إنهم ( الخلايا النائمة ) التي تنتظر الفرصه وتترقب الحدث وتترصد الموقف لتبث سمومها وشرها وفتنتها في المجتمعات المسلمه ، ولقد تواترت الرؤي بالمنتدى على وجودهم بمدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في يومنا هذا
إن الإشاعات والأراجيف وإثارةِ النعرات والأحقاد، ونَشْرِ الظنونِ السيئة وتُرويجِ السلبيات وتضخيمِ الأخطاء هي سلاح قديم حديث استخدمه - ومازال يستخدمه - المغرضون وأصحاب الأهواء والأعداء والعملاء ، لزعزعة الثوابت وهز الصفوف وخلخلة تماسكها وتخذيل المؤمنين عن مواجهة عدوهم .
وكان ممَّا يُرجفون به ما ذَكَره الله عنهم في قوله عزَّ وجلَّ: " وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا "
" إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَٰؤُلَاءِ دِينُهُمْ "
" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ "
" وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا "
" قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا "
ما أشبه اليوم بالأمس
ولما كان لهؤلاء المنافقين خلفاء في كل عصر من عصور الإسلام ، وفي كل وطن من أوطانه ...ولأن الجزاء من جنس العمل ولأن سنة الله ماضية في الأمم ... يستدير الزمان مكررا احداثه بمجئ الدجال بفتنتة العظيمه الممحصه للقلوب والكاشفه لحقيقتها ، فقدوم الدجال وحصاره للمدينه ، ووقوع الرجفات الثلاث ، تعد محركا لهؤلاء المرجفين ذوي النفوس المريضه من أصحاب الشبهات والشهوات ، أو ممن يعبدون الله على حرف ... الذين غرتهم الأسباب والماديات في دنيا الدجال المزيفه ، فيخرجون للدجال نصرة له ، وخروجهم خير للمؤمنين ، وليصدق قول الله – عز وجل – في خلف الكفار والمنافقين - في مدينه رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما صدق في سلفهم ... و " لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا " ، فهي آية كريمة ختم الله – عز وجل – بها سورة الأحزاب ونستشف منها أيضا ختام مشهد حصار المدينه من قبل الدجال في آخر الزمان .
كم كاد هؤلاء الكفار والمنافقون والمرجفون – على مر العصور – لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم – وأهلها ، فلا عجب اليوم أن ترجف بهم مدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كما كانوا يرجفون بأهلها .
نعم ... لقد قالها المنافقون من قبل " لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ " ، فها هم يخرجون من المدينة خروجا نهائيا ، ظنا منهم أن العزة في اتباع الدجال ، " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ " ... يومئذ تنفي المدينة خبثها ، ويسطع طيبها ، ويأزر إليها الإيمان كما تأزر الحية لجحرها ، فلا يبقى فيها إلا الذهب الخالص الذي لا تزيده شدة النار إلا نقاوة وصفاءَ .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - أنه قال:- قال النبي صلى الله عليه وسلم :- "يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر و
منافق "
وفي رواية عند أحمد " فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فتخلص المدينة فذلك يوم الخلاص "
إن أحاديث الفتن والملاحم ليست استشرافاً للمستقبل فحسب ، ولكنها حال وقوعها وفي بعض مشاهدها تستدعي ماضياً خلده النص القرآني والمنطوق النبوي لتاريخ هذه الأمه .
ولاشك أن هذا الاستدعاء هو وليد التدبر والتأمل لنصوص القرآن الكريم والسنه النبويه وما تنطوي عليه من أسرار ومقاصد تتجه بالأمه وترقى بها في مدارج السمو والرفعه ، وتسد فيها منافذ الفساد على المستوى الفردي والمجتمعي .
ومن هنا كان لنا هذه الوقفه التأمليه ...
ثلاث رجفات وقولين
اختلف العلماء في تلك الرجفات على قولين ... إما حسيه أو معنويه . فحسيه بمعنى الزلزلة حيث تزلزل المدينةُ وترتجفُ بأهلها ثلاثَ مرات، واحدة تلو الأخرى، فيفزع من فيها من المنافقين والكفار، فيخرجون منها لينجوا بأنفسهم، فيلحقون بالدجال .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:- " قوله (ثم ترجف المدينة) أى يحصل لها زلزلة بعد أخرى، ثم ثالثة حتى يخرج من ليس مخلصاً فى إيمانه، ويبقى بها المؤمن الخالص، فلا يسلط عليه الدجال "
وهناك من حملوا الرجفة على المعنى المجازى، وهو الإشاعة، والخوض فى الفتنة، فيكون المنافقون والكفار محركين غيرَهم، ليخرجوا إليه فرحاً بقدومه، وأنه لا طاقة للمؤمنين به .
قال الإمام المازرى رحمه الله تعالى : " قوله (فترجف المدينةُ ثلاث رجفات) أى يتحرك من فيها من الكفار والمنافقين لقدومه . رجف الشىء: تحرك، وأرجف القوم: خاضوا فى الفتنة، وكأنهم يحركون غيرَهم، وهذا كما قال فى آخره: يخرج إليه كل كافرٍ ومنافق ".
وقال الحافظ في فتح الباري :- " والمراد بالرجفة الأرفاق وهو إشاعة مجيئه وأنه لا طاقة لأحد به ، فيسارع حينئذ إليه من كان يتصف بالنفاق أو الفسق "
" هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا "
تلك الرجفات تجعلنا نعود بذاكرتنا إلى أحداث في التاريخ الإسلامي كشفت لنا سيكولوجية حالة مرضيه لفئة من الناس استوطنت ديار الإسلام وكادوا لأهلها بشتى الوسائل .... إنهم ( المرجفون في المدينه )
وقد أخبرنا الله – عز وجل – عنهم ... فقال – سبحانه – " لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا " ، وقال سبحانه : " وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ "
فلطالما كانت إشاعات السوء والأخبار الكاذبه المضلله والمبالغه في تعظيم قوة الأعداء هي أشد ما كاد به المنافقون والذين في قلوبهم مرض لهذه الأمه منذ عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالمدينة ، وحتى يومنا هذا ... قال الله – عز وجل - فيهم " لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ " ، وقال – سبحانه وتعالى - :- " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ "
إنهم ( الخلايا النائمة ) التي تنتظر الفرصه وتترقب الحدث وتترصد الموقف لتبث سمومها وشرها وفتنتها في المجتمعات المسلمه ، ولقد تواترت الرؤي بالمنتدى على وجودهم بمدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في يومنا هذا
إن الإشاعات والأراجيف وإثارةِ النعرات والأحقاد، ونَشْرِ الظنونِ السيئة وتُرويجِ السلبيات وتضخيمِ الأخطاء هي سلاح قديم حديث استخدمه - ومازال يستخدمه - المغرضون وأصحاب الأهواء والأعداء والعملاء ، لزعزعة الثوابت وهز الصفوف وخلخلة تماسكها وتخذيل المؤمنين عن مواجهة عدوهم .
وكان ممَّا يُرجفون به ما ذَكَره الله عنهم في قوله عزَّ وجلَّ: " وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا "
" إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَٰؤُلَاءِ دِينُهُمْ "
" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ "
" وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا "
" قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا "
ما أشبه اليوم بالأمس
ولما كان لهؤلاء المنافقين خلفاء في كل عصر من عصور الإسلام ، وفي كل وطن من أوطانه ...ولأن الجزاء من جنس العمل ولأن سنة الله ماضية في الأمم ... يستدير الزمان مكررا احداثه بمجئ الدجال بفتنتة العظيمه الممحصه للقلوب والكاشفه لحقيقتها ، فقدوم الدجال وحصاره للمدينه ، ووقوع الرجفات الثلاث ، تعد محركا لهؤلاء المرجفين ذوي النفوس المريضه من أصحاب الشبهات والشهوات ، أو ممن يعبدون الله على حرف ... الذين غرتهم الأسباب والماديات في دنيا الدجال المزيفه ، فيخرجون للدجال نصرة له ، وخروجهم خير للمؤمنين ، وليصدق قول الله – عز وجل – في خلف الكفار والمنافقين - في مدينه رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما صدق في سلفهم ... و " لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا " ، فهي آية كريمة ختم الله – عز وجل – بها سورة الأحزاب ونستشف منها أيضا ختام مشهد حصار المدينه من قبل الدجال في آخر الزمان .
كم كاد هؤلاء الكفار والمنافقون والمرجفون – على مر العصور – لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم – وأهلها ، فلا عجب اليوم أن ترجف بهم مدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كما كانوا يرجفون بأهلها .
نعم ... لقد قالها المنافقون من قبل " لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ " ، فها هم يخرجون من المدينة خروجا نهائيا ، ظنا منهم أن العزة في اتباع الدجال ، " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ " ... يومئذ تنفي المدينة خبثها ، ويسطع طيبها ، ويأزر إليها الإيمان كما تأزر الحية لجحرها ، فلا يبقى فيها إلا الذهب الخالص الذي لا تزيده شدة النار إلا نقاوة وصفاءَ .