وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسوله الأمين أما بعد
أخي المسلم أيا كان مذهبك كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام هي الأصل وعليها المعول عندنا وعند علمائنا وما لا تصل إليه أفهامنا مما وصلو إليه لا يلزم أن نخطئهم بل المشكلة غالبا من فهمنا إما بقصور أو بتحميل كلامهم مالا يحتمل وهو الغالب هنا ومما يؤسف الحط من شأن أهل العلم ولو بالتلميح وكأن تعظيم الكتاب والسنة لا يتم إلا بلمز العلماء وهذا هو الانحراف البعيد إذ العلماء أولى بكتاب الله عز وجل من غيرهم وأحرى بفهمه واستخراج المعاني الغزيرة فيما لايصل إليه غيرهم وهم سبيل المؤمنين بعد الصحابة والتابعين قال الله ممتنا برحمته على ما تفضل به على المؤمنين أن جعل منهم أولي أمر وهم العلماء ذوي الاستنباط الحاذق الذي لا يصل إليه غيرهم وقرنهم بالرسول في السياق ولولاهم لتبع المسلمون الشيطان قال الله عز وجل (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) فمن رد كلام العلماء المشهود لهم فيما يشكل عليه وفهم على مايريد هو وهو ليس من أهل العلم أهل الاجتهاد وقال آخذ بالقرآن وتلاه علينا فلا تعني تلاوته الفهم بل القرآن حمال أوجه وفيه متشابه جعله الله ابتلاء وأخبر الله عن أناس يتبعون القرآن ولكنهم ضلال "فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة" وأخبر عز وجل عن أقوام آخرين يقرؤون الكتاب وهم على باطل لا يفهمون نعوذ بالله من هذه الحال "ومنهم أميون لايعلمون الكتاب إلا أماني وإنهم إلا يظنون" فسماهم أميين وسمى قراءتهم أماني وقد قال الله عز وجل (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ولم يقل خوضوا في كتاب الله حتى تفهموا ما يناسب عقولكم ومن يستهين باستنباطات العلماء وبيانهم لآيات الله هو من أهل الأماني أمي الفهم وإن قرأ ولا يريد الناس أن تفهم وتعمل بكتاب الله على ما أراد الله وهو أبعد الناس عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإن تلا علينا الآيات كما فعل الخوارج مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجادلوا الصحابة بالقرآن وقالوا لا حكم إلا لله كما قال تعالى إن الحكم إلا لله فقال علي كلمة حق أريد بها باطل, وهكذا يجري أهل الباطل ينتزعون آية ويضربون بها الناس يضللونهم أو يقتلونهم ويتركون استنباط العلماء واحاطتهم بالنصوص ويتمثل ذلك في رد علي وابن عباس عليهم .
وقد تكلمت عن العلماء ذبا عن أعراضهم ومعرفة بمكانتهم لا انني ألزم الشانيء بأقوالهم أوأحتج بها عليه فليبدي حجته وفهمه واعتقاده في هذا الأمر ومن سلفه فيه والدليل عليه من القرآن والسنة لنكون على أمر واضح لا أن يرمي من مكان بعيد
والتوحيد يحتاج إلى فهم وعمل وإن كان يشكل عليك قول ربوبية والاهية فالمقصود هو الفهم ليس هذا اللفظ ملزم أن تقوله مادام من استنباط العلماء لذلك لم يلتزم به الشيخ أبو العباس ابن تيمية بل عبر مرة بهذا ومرة بقوله توحيد الله بأفعاله وتوحيد الله بأفعال العباد لكن مضمونه لابد من تمييزه ليحصل فهم معنى التوحيد ومن ثم يعمل به فلا يمكن العمل بمجهول وبعض العوام يفهمه لكن لايحسن التعبير عنه وقد يعبر عنه آخرين بأحسن عبارة لكن لا يحسن العمل به فالمهم أن نعرف أن الله واحد أحد صمد خالق رازق له الأسماء الحسنى والصفات العلى يفعل ما يشاء ويحكم مايريد لا مثيل له ولاند وهذا هو التوحيد المتعلق بذات الله وإن شئت سمه توحيد الله في ذاته وأفعاله ثم يأتي تعلق التوحيد من جهة فعل العبد وهو ألا تعبد من دونه ولا معه أحد وتريد بعباداتك وجهه وهذا يرمز له اختصارا توحيد الله بأفعال العباد كالصلاة والخشية والذكر باللسان ولا مشاحة في الاصطلاح ولو لم تسمه وفهمته كفى ولله الحمد وقد تسمي الأول الذي هو معنى التوحيد من جهة تعلقه بالله توحيد المعرفة والاثبات والثاني المتعلق بالعباد توحيد العمل أو توحيد الارادة والقصد
وصاحبنا المنقول عنه ومن يسلك مسلكه يقولون كتاب الله وسنة رسوله وما أعطونا فهمهم لنناقشه كما يريدون أن يناقشوا كلام هؤلاء العلماء أقول ما معنى لا إله إلا الله فيقرأ(فاعلم أنه لا إله إلا الله) ومن يختلف معك في هذا! لكن أهل القبلة انقسموا فرقتين في فهمها منهم من يقول لا رب إلا الله؛ ومنهم من يقول لامعبود بحق إلا الله ؛واستدل أصحاب القول الثاني بالرد على القول الأول بالآيات المتقدمة "ولئن سألتهم من خلق ....ليقولن الله" ( قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون) فما يقول الشانيء هل هو مع كلام الله وهو أن المشركين مقرون بهذا وماذا يسمى هذا الذي أقروا به هل هو من الايمان والتوحيد أم لا أما عندنا فهذا انكار عليهم كيف يقرون بهذا بألسنتهم ويعبدون معه آلهة أخرى بأفعالهم وكذلك قال علمائنا متبعين كلام الله أن توحيد الله بأفعاله تعالى بأنه الرب الخالق الرازق الذي بيده تدبير الأمور وتصريف كل شيء ورب العرش العظيم هذا الايمان يوجب على صاحبه أن يوحد الله في عبادته فيجعل أفعاله وجميع عباداته وفقا لمراد الله لا بمقتضى هواه وهذا التناقض في القول والفعال هو من حال المشركين وليس من القرآن أو فهم العلماء كما يظن السائل بل احتج الله عليهم بهذا القول منهم وأنهم كيف يصرفون عن الحق في أمر توحيد العبادة لله وحده بعد هذا الاعتراف منهم وهكذا استنكر العلماء هذا التناقض من أهل الشرك في كل زمن واحتجوا عليهم بأقولهم فتجدهم يوحدون الله بأقوالهم وأن الله هو الرب خالقهم ورازقهم ويميتهم ويحييهم ثم إذا جاء الفعل نقضوا هذا القول وطافوا بالمقبور أو طلبوا المدد والشفاء والغوث من فلان وفلان فجعلوا مع الله إله آخر
والتوحيد مركوز في الفطر ولكن المشكلة في التطبيق فهناك من يظن أنها تكفي المعرفة وهذا غير صحيح فهؤلاء المشركين أظهروا المعرفة وقبلهم ابليس قال إني أخاف الله وكان مقدما في الملائكة في السماء وذا علم ومعرفة بل وعبادة لكن حين خالف الأمر وعاند واستكبر كفر نعوذبالله من الحور بعد الكور والضلالة بعد الهدى واليهود يعلمون ولكنهم مغضوب عليهم لأنهم لم يعملوا بمقتضى العلم لاحول ولا قوة إلا بالله وكل من يعاين عند الموت فهو يوحد لكن لاينفع بل إن المشركين يوحدون عند اشتداد الأمور لكن سرعان مايرجعون للغرور ويشركون وأهل النار يظهر منهم التوحيد الخالص والمعرفة ويشهدون على أنفسهم أنهم كانوا هم الظالمين وهذا من أعظم المعرفة والاعتراف لكن في وقت لاينفع وإنما المطلوب التوحيد في هذه الدنيا وقبل السكرات فالحقيقة في قلوب العباد وفطرهم هي التوحيد لكن الغرور "وغرهم بالله الغرور" أوقعهم في الشرك نعوذبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله
واسم الجلال والعظمة الله يأتي بمعنى الرب والعكس صحيح واسم الله يجمع الأسماء الحسنى وهي تفسره كما في آخر سورة الحشر لكن غالبا مايأتي اسم الرب مع ذكر الأفعال والأوامر القدرية كالتدبير في أمور الكون"إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض" والآيات المتقدمة واسم الله عند ذكرالأوامر الشرعية كالأمر بالعبادة لله وحده والأمر بالعدل والاحسان التي يحاسب عنها العباد وهذا ليس على اطلاقه ولم يقل علماؤنا أنه يأتي مطلقا على هذا الوجه كما يفهم من كلام المخالف ولعله ما اطلع على كتبهم وإنما على نبذ من كلامهم ينقله المخالفون وهذا لا ينبغي أن يخطؤوا ويرد عليهم بشيء لم يقولوه أصلا بهذا الوجه
ويأتي اسم الاله على الخصوص بمعنى المعبود على الاطلاق
والمشركين من جهة اقرارهم كما في الآيات لا يعتبرون موحدون شرعا ولم يقل أحد أنهم يسمون موحدين لأجل هذا بل لابد من توحيد الارادة والعمل منهم أيضا ليكونوا موحدين شرعا لكن من جهة اللغة والنسبة حين ننظر إلى الملاحدة الذي ينكرون وجود الرب فإن المشركين يكونون مؤمنين بوجود الله ويفردونه في تدبير شؤون الكون فهذا إيمان وتوحيد بالنسبة إلى الملحد الجاحد أما في شرع الله فليسوا مؤمنين الايمان الحق ولا موحدين لأنه لم يكتمل
أسألك اللهم باسمك الأعظم الأعز الأكرم باسمك المخزون المكنون المبارك الطهر الطاهر المطهر المقدس الذي تحبه وتختاره وترضى عمن دعاك به وتجيب دعوته وتعطيه سؤله وتعيذه مما استعاذ وبأسمائك الحسنى كلها ماعلمنا منها ومالم نعلم يا حي ياقيوم ياذا الجلال والاكرام والعزة التي لاترام أن تجعلنا من المؤمنين بك الموحدين لك في ذاتك وأفعالك وأسمائك يامن على العرش استوى وخلق فسوى ويفعل ما يشاء ونعوذ بك من أن نكون ممن يلحدون في أسمائك واجعلنا ممن يدعوك بها و يذر من يلحدون فيها ربنا فرج الكرب وارحم ضعفنا وانصرنا على من ظلمنا وتسلط علينا في ديننا وعقيدتنا وديارنا وأبداننا ونسائنا وأخلاقنا وقنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ويسر في الخير أمورنا وارزقنا غنا من فضلك لا يطغينا ونعوذ بك من الشرك وذل الفقر لغيرك واجعلنا ممن ينكره ويحذر عبادك منه وهب لنا عز الغنى بك وإخلاص العبودية لك واجعلنا ممن يدعو إليه ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم أنزل رحمتك من السماء على الأرض تطهرها بها من الجور والظلم أنزل رحمتك على العباد تطهر بها قلوبهم وتصلح بها دينهم اللهم اهدنا كلنا اللهم اهدنا كلنا اللهم اهدنا أجمعين
والحمدلله رب العالمين لاإله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب وصلى الله وسلم على رسوله محمد وآله