- إنضم
- 16 مارس 2015
- المشاركات
- 225
- التفاعل
- 496
- النقاط
- 72
- العمر
- 41
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما أروع أن تتعاونَ النَّحلة والزهرة من أجل صُنع العَسل، وتقديمه للإنسان شرابًا نافعًا لذيذًا!
أيَّة لوحة فنية أرْقَى من لوحة التعاوُن التي تُجسِّدها قُرى النَّمل؟!
عندما تُمطر سحابةُ التعاون على حقولِ النُّفوس، فإنَّ زهورَ العطاء تنبتُ في الأكفِّ الصَّادقة التي لا تَفتأُ تُصافح بعضُها بعضًا.
عندما يتعاون القلمُ مع القِرطاس، فإنَّ الحروف تتراقص مِن فوق السُّطور، تراقصَ الفراشاتِ العاشقة حولَ مصابيح الضِّياء؛ ليرسُمَا معًا لوحةَ الجمال والسلام.
سَكَن التعاونُ قلوبَ أبناء أمَّة مخلِصة، فشادوا حضارةً عريقة فوقَ أرض ٍقاحلة لا يَنبت فيها سوى الشِّيح والقيصوم، ولا تطير في سمائِها إلاَّ الغربان وزوابعُ الغبار.
وتلك أمَّة أخرى مزجتِ التعاون مع الإخلاص، فقدَّمت حضارةً تقانيَّة مبهرة، ومن وسط جُزرٍ و"أرخبيلات" لا حياةَ فيها إلاَّ للأسماك الجائعة، والقوارب المهترئة، انطلقتْ مراكبُها لتحطَّ فوقَ تلال زُحل، وصخور المرِّيخ.
أنَّى للقريحة أن تجودَ بالقريض إذا لم ينبضِ القلب، وتصفُ النفس، ويحلِّقِ الخيال، وتتعانق الأفكار مع الأبجديَّة؟!
قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح: ((مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفهم مَثَلُ الجَسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تَداعى له سائرُ الجَسد بالسَّهر والحُمَّى))؛ رواه مسلم (2586).
أنَّى للأسرة أن تنجحَ وتثمر إذا لم يحمل الأبُ مِعولَ العطاء، ومشعل التوجيه، وتحملِ الأمُّ قِرابَ الحنان بيَدٍ، وقراطيسَ التربية باليدِ الأخرى، ويلبس الأبناءُ ثيابَ الطاعة؟!
همستِ الشمس للقمر، فتبدَّدت ظلمةُ الليل - بإذن الله - وامتلأتِ الآفاق بالحُسن الآسر، والضِّياء الأخَّاذ، وأنشد الليلُ والنَّهار أنشودةَ الحبِّ الدائم.
كم نحن بحاجةٍ إليك، يا أيُّها التعاون! تحتاجك الحُقول القاحلة، والمدارسُ الحزينة، والأسرُ المفكَّكة، والأحياءُ المتنافرة، والدولُ المتناحرة، والأُمم المتباغضة والمتنافسة.
شوقُنَا إليك يزداد يومًا بعد يوم، وحاجتنا إليك مُلِحَّة.
تعالَ أيُّها التعاون، تعالَ في أيِّ وقت تُريده، وفي أيِّ شكل تراه.
تعالَ لِتُرمِّم البيتَ المصدَّع، وتنسجَ الراية الممزَّقة، وتُصلح النوافذَ المكسَّرة، وترسم الخريطة المتعرِّجة.
تعالَ لعلَّ العطرَ يفوح مِن ضفائر العَذارى الحزينة، وتفتر الابتسامات مِن ثغور الأطفال الذابلة، وتخضرُّ الضِّفاف حولَ الأنهار التي نَضبت حزنًا على الرُّبَّان الذي فقد البوصلة، وضلَّ الطريق، ولم يَعدْ بعدُ.
أعلمُ أنَّك عاتبٌ علينا؛ لأنَّنا أضعناك وهجرناك، ولكنَّنا الآن عرفنا قدرَك، أنت كالأمِّ للطفل الرضيع، وكالمركب لِمَن تاه في ظلمات البحر، وكالخميلة الغنَّاء للبلابل المغرِّدة.
هجرتنا؛ لأنَّ صخب خلافاتنا، وتنافُرَ نياتنا وأنانيتنا المقيتة - عكَّرت عليك صَفوَك ونقاءَك.
هجرتنا لأنَّ غراسك الطريَّة لا تنبتُ في التربة المالحة، وكواكبك المنيرة لا تتألَّق في الجوِّ الغائم.
أحببناك وعشقناك وبتنا نُفتِّش عنك في كلِّ مكان، ننبش بين سطور المفكِّرين والشُّعراء لنقرأَ عنك وعن فضلك الحِكمَ والأمثال والأشعار، وإليك جزءًا يسيرًا ممَّا قيل فيك:
اليدُ تغسل الأخرى، والاثنتان تغسلان الوجه.
عندما يعمل الإخوة معًا، تتحوَّل الجبال إلى ذهب.
إذا كنتُ قد استطعتُ أن أرى أبعدَ مِن غيري، فلأنَّني وقفتُ على أكتاف عددٍ كبير من العمالقة.
اجتماع السَّواعد يَبني الوطن، واجتماع القلوب يُخفِّف المحن.
ساعدوا بعضكم بعضًا، فواحدُكم ليس وحيدًا في الطريق؛ بل هو جزء من قافلةٍ تَمشي نحوَ الهدف واحد
وظلَّ شوقُنا إليك كثيرًا، فَرُحْنا نقلِّب صفحاتِ دواوين الشُّعراء الذين زيَّنوا قوافيَهم بمعانيك، وممَّا وجدناه مكتوبًا عنك:
معن بن زائدة:
كُونُوا جَمِيعًا يَا بَنِيَّ إِذَا اعْتَرَى خَطْبٌ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا آحَادَا
تَأَبَّى الْعِصِيُّ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرتْ آحَادَا
السريُّ الرفَّاء:
إِذَا الْعِبْءُ الثَّقِيلُ تَوَزَّعْتُهُ أَكُفُّ الْقَوْمِ خَفَّ عَلَى الرِّقَابِ
حافظ إبراهيم:
إِذَا أَلَمَّتْ بِوَادِي النِّيلِ نَازِلَةٌ بَاتَتْ لَهَا رَاسِيَاتُ الشَّامِ تَضْطَرِبُ
وَإِنْ دَعَا فِي ثَرَى الْأَهْرَامِ ذَو أَلَمٍ أَجَابَهُ فِي ذُرَا لِبْنَانَ مُنْتَحِبُ
لَوْ أَخْلَصَ النِّيلُ وَالْأُرْدُنُّ وُدَّهُمَا تَصَافَحَتْ مِنْهُمَا الْأَمْوَاهُ وَالْعُشُبُ
لا تحزن أيُّها التعاونُ، سنزرع بذورَك في نفوس أبنائنا، ونكتب شعارَك فوق صفحات كرَّاساتهم البِيض، لعلَّ الجيلَ القادم يعرف قَدرَك، ويُقدِّر أثرَك، ويَعي أنَّك الجِسرُ الآمن الذي يوصل السُّراة إلى مقاصدهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما أروع أن تتعاونَ النَّحلة والزهرة من أجل صُنع العَسل، وتقديمه للإنسان شرابًا نافعًا لذيذًا!
أيَّة لوحة فنية أرْقَى من لوحة التعاوُن التي تُجسِّدها قُرى النَّمل؟!
عندما تُمطر سحابةُ التعاون على حقولِ النُّفوس، فإنَّ زهورَ العطاء تنبتُ في الأكفِّ الصَّادقة التي لا تَفتأُ تُصافح بعضُها بعضًا.
عندما يتعاون القلمُ مع القِرطاس، فإنَّ الحروف تتراقص مِن فوق السُّطور، تراقصَ الفراشاتِ العاشقة حولَ مصابيح الضِّياء؛ ليرسُمَا معًا لوحةَ الجمال والسلام.
سَكَن التعاونُ قلوبَ أبناء أمَّة مخلِصة، فشادوا حضارةً عريقة فوقَ أرض ٍقاحلة لا يَنبت فيها سوى الشِّيح والقيصوم، ولا تطير في سمائِها إلاَّ الغربان وزوابعُ الغبار.
وتلك أمَّة أخرى مزجتِ التعاون مع الإخلاص، فقدَّمت حضارةً تقانيَّة مبهرة، ومن وسط جُزرٍ و"أرخبيلات" لا حياةَ فيها إلاَّ للأسماك الجائعة، والقوارب المهترئة، انطلقتْ مراكبُها لتحطَّ فوقَ تلال زُحل، وصخور المرِّيخ.
أنَّى للقريحة أن تجودَ بالقريض إذا لم ينبضِ القلب، وتصفُ النفس، ويحلِّقِ الخيال، وتتعانق الأفكار مع الأبجديَّة؟!
قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح: ((مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفهم مَثَلُ الجَسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تَداعى له سائرُ الجَسد بالسَّهر والحُمَّى))؛ رواه مسلم (2586).
أنَّى للأسرة أن تنجحَ وتثمر إذا لم يحمل الأبُ مِعولَ العطاء، ومشعل التوجيه، وتحملِ الأمُّ قِرابَ الحنان بيَدٍ، وقراطيسَ التربية باليدِ الأخرى، ويلبس الأبناءُ ثيابَ الطاعة؟!
همستِ الشمس للقمر، فتبدَّدت ظلمةُ الليل - بإذن الله - وامتلأتِ الآفاق بالحُسن الآسر، والضِّياء الأخَّاذ، وأنشد الليلُ والنَّهار أنشودةَ الحبِّ الدائم.
كم نحن بحاجةٍ إليك، يا أيُّها التعاون! تحتاجك الحُقول القاحلة، والمدارسُ الحزينة، والأسرُ المفكَّكة، والأحياءُ المتنافرة، والدولُ المتناحرة، والأُمم المتباغضة والمتنافسة.
شوقُنَا إليك يزداد يومًا بعد يوم، وحاجتنا إليك مُلِحَّة.
تعالَ أيُّها التعاون، تعالَ في أيِّ وقت تُريده، وفي أيِّ شكل تراه.
تعالَ لِتُرمِّم البيتَ المصدَّع، وتنسجَ الراية الممزَّقة، وتُصلح النوافذَ المكسَّرة، وترسم الخريطة المتعرِّجة.
تعالَ لعلَّ العطرَ يفوح مِن ضفائر العَذارى الحزينة، وتفتر الابتسامات مِن ثغور الأطفال الذابلة، وتخضرُّ الضِّفاف حولَ الأنهار التي نَضبت حزنًا على الرُّبَّان الذي فقد البوصلة، وضلَّ الطريق، ولم يَعدْ بعدُ.
أعلمُ أنَّك عاتبٌ علينا؛ لأنَّنا أضعناك وهجرناك، ولكنَّنا الآن عرفنا قدرَك، أنت كالأمِّ للطفل الرضيع، وكالمركب لِمَن تاه في ظلمات البحر، وكالخميلة الغنَّاء للبلابل المغرِّدة.
هجرتنا؛ لأنَّ صخب خلافاتنا، وتنافُرَ نياتنا وأنانيتنا المقيتة - عكَّرت عليك صَفوَك ونقاءَك.
هجرتنا لأنَّ غراسك الطريَّة لا تنبتُ في التربة المالحة، وكواكبك المنيرة لا تتألَّق في الجوِّ الغائم.
أحببناك وعشقناك وبتنا نُفتِّش عنك في كلِّ مكان، ننبش بين سطور المفكِّرين والشُّعراء لنقرأَ عنك وعن فضلك الحِكمَ والأمثال والأشعار، وإليك جزءًا يسيرًا ممَّا قيل فيك:
اليدُ تغسل الأخرى، والاثنتان تغسلان الوجه.
عندما يعمل الإخوة معًا، تتحوَّل الجبال إلى ذهب.
إذا كنتُ قد استطعتُ أن أرى أبعدَ مِن غيري، فلأنَّني وقفتُ على أكتاف عددٍ كبير من العمالقة.
اجتماع السَّواعد يَبني الوطن، واجتماع القلوب يُخفِّف المحن.
ساعدوا بعضكم بعضًا، فواحدُكم ليس وحيدًا في الطريق؛ بل هو جزء من قافلةٍ تَمشي نحوَ الهدف واحد
وظلَّ شوقُنا إليك كثيرًا، فَرُحْنا نقلِّب صفحاتِ دواوين الشُّعراء الذين زيَّنوا قوافيَهم بمعانيك، وممَّا وجدناه مكتوبًا عنك:
معن بن زائدة:
كُونُوا جَمِيعًا يَا بَنِيَّ إِذَا اعْتَرَى خَطْبٌ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا آحَادَا
تَأَبَّى الْعِصِيُّ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرتْ آحَادَا
السريُّ الرفَّاء:
إِذَا الْعِبْءُ الثَّقِيلُ تَوَزَّعْتُهُ أَكُفُّ الْقَوْمِ خَفَّ عَلَى الرِّقَابِ
حافظ إبراهيم:
إِذَا أَلَمَّتْ بِوَادِي النِّيلِ نَازِلَةٌ بَاتَتْ لَهَا رَاسِيَاتُ الشَّامِ تَضْطَرِبُ
وَإِنْ دَعَا فِي ثَرَى الْأَهْرَامِ ذَو أَلَمٍ أَجَابَهُ فِي ذُرَا لِبْنَانَ مُنْتَحِبُ
لَوْ أَخْلَصَ النِّيلُ وَالْأُرْدُنُّ وُدَّهُمَا تَصَافَحَتْ مِنْهُمَا الْأَمْوَاهُ وَالْعُشُبُ
لا تحزن أيُّها التعاونُ، سنزرع بذورَك في نفوس أبنائنا، ونكتب شعارَك فوق صفحات كرَّاساتهم البِيض، لعلَّ الجيلَ القادم يعرف قَدرَك، ويُقدِّر أثرَك، ويَعي أنَّك الجِسرُ الآمن الذي يوصل السُّراة إلى مقاصدهم