- إنضم
- 19 يونيو 2016
- المشاركات
- 39
- التفاعل
- 38
- النقاط
- 22
الحمد لله ربِّ العالمين وسلام على عباده المرسلين
ثمَّ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملاحظة : أتمنى ممن لن يقرأ المقال كاملا ويرجع ويتبين ما جاء في المقال أن يكرمنا بسكوته فهذا المقال أقف فيه على حد النبيِّ وأصحابه..
....................
إن المتتبع لسيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم يجده يغلِّظ في الشعر وينهى عنه وينهى أن ينشد الشعر .. لكنما الأمر الذي نحن فيه اليوم من مخالفة النبيِّ وأصحابه الأخيار الأطهار يبدو مستحبا ومزيناً حتى أننا لنسمع العلماء والخاصة قبل سائر الناس يقولون الشعر ويتسامعونه بل ويستشهدون به في الفتيا
وهذا ما ينبغي أن يوضع في ميزان النبي حتى يُعلَم أحقٌ هذا الفعل وخير
أم باطلٌ وشر .. ولا مكان للهوى ولا لسفسطةِ الجهلة
فنبدأ مستعينين بالله
أولا :
قال تعالى : هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)
فاستمسك الغاوون بقوله تعالى إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولم يعقلوا الآية ما قبلها وما بعدها؛ وتمام العلم بمراده عزَّ وجل في هذا الموضع أن نقرأ الآية ما قبلها وما بعدها
فمن خلال الآيات الكريمة يتبين لنا ذمُّ الشعر والشعراء وأنَّ الله يبعض الشعراء (إلا)
1- الذين آمنوا وعملو الصالحات
2- ذكروا الله كثيرا
3- انتصروا من بعد ما ظلموا
فوجب جمع هذه الشروط الثلاثة حتى يكون أخونا الشاعر ممن استثناهم الله ..
مرة أخرى
الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا
هؤلاء الذين شغلهم الشاغل الصالحات والإشتغال بالقرآن والإنشغال به
لا أن يكون دأبهم الشعر هذا يعني أن يكون الرجل قادرا على قول الشعر ولا يقوله
فهو مشغول مشتغل بالقرآن فإن احتاج واظطر لقول الشعر قال بعد توفر الشرط التالي
وانتصروا من بعد ما ظلموا ... هذا يعنى أن من رخص الله له ان يقول شعرا ينبغي أن لا يكون مشتغلا بالشعر منشغلا به أصلا (عجيب) ، وزد على ذلك أن يكون مظلوما فانتصر من بعد ما ظلم فجاز له أن يقول شعرا
أما أشعار الجاهلين والسكيرة وأهل المجون والخلاعة بل وحتى المسلم المؤدي لما أمره الله به لكنه يهتم بالشعر وليس ممن ذكرهم الله بعد قوله (إلا) فلا يسمع لهم ولا يتناقل شعرهم ولو كان مديحا وتعظيما لله .. فها هي الشروط مبينة لمن اكتفى بالقرآن .. بل ينبغي أن لا يتناقل الناس شعر من استوفى شرط الله ؛ فإن هذا الذي رخص الله له قول الشعر قاله عن نفسه بعدما ظلم فما لنا ولشعره ..
أما من أراد أن يعظم الله المليك ؛ فجاهل هو أن عظم الرب بما لا يحبه الرب ..
هذا كتاب الله عظَّم ومجَّد وقدَّس الربُّ فيه نفسه وعلمنا كيف نعظمه ونثني عليه
فتعسا لمن استغنى عن القرآن بأقوال الجاهلين ولو استحسن مدحة الرب شعرا
بل يوضع الشعر ويرفع القرآن .. ما ترك لنا ربنا ولا نبينا قولا وعملا يقربنا اليه إلا وعلمنا إياه وحضنا عليه ..فماذا بقي للجاهلين حتى يزيدوا الرب تعظيما بشعرهم
ثانيا :
كثيرا ما يُحتَج بقول النبيِّ عليه صلوات الله : "إن من الشعر لحكمة"
ففهم الناس أنَّ الشعر حكمة وهذا فهم أخرق لا يصح .. فأيُّ حكمة هذه التي لا يقولها النبي ولا أصحابه من بعده في المساجد .. بل إنَّ الشعر شرٌ إلا أن منه حكمة
فلو قلنا إنَّ من السمِّ لدواءً لكان هذا صحيحا ، فإن من سم الأفاعي ما يُستخرج منه اليوم دواء ولا يعني أن السمَّ دواء ففرق بين أن نقول : "من السمِّ دواء" و "السمُّ دواء"
بالتالي فإنَّ الشعر قبيح مرذول لكن منه حكمة .. فإذا صار سم الأفاعي خيرا ونعمة لإجل دواء استخلص منه صار الشعر خيرا وحكمة كله ، انما لا يكون ؛ فالسم سم والشعر شعر ؛ من السم دواء ومن الشعر حكمة
ثمَّ إن النبي صلى الله عليه وسلم القائل إنَّ من الشعر لحكمة لما قال مرة بيتا من الشعر قلبه ونكسه فقال له أبو بكر ما هكذا البيت يا رسول الله فقال النبي أعلم ولكني لست بشاعر
فعلمنا بعدما علَّمنا رسول الله أن (من الشعر حكمة) أنَّ الله لا يحبه ولا رسوله يحبه
وهذا ما سيتبين أكثر تاليا .
ثالثا :
روي عن أمنا عائشة أن سألوها : هل كان يـُـتـَـسـَــامع الشعر عند رسول الله ؟
فقالت : كان أبغض الحديث عنده .
وكان النبيُّ عليه الصلاة والسلام مرة ومعه أصحابه فجاء رجل يـُــنشـِـد الشعر فقال النبي الخاتم :
أمسكوا الشيطان ,, لأِن يمتلئ قلب أحدكم قيحا خيرٌ له من أن يمتلئ شعرا ..
وكان النبيُّ الخاتم عليه صوات الله وسلامه (يستعيذ بالله) من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه ..ونفثه الشعر كما أنبأنا النبي اصلى الله عليه وسلم
فالشعر ( نفث الشياطين )
رابعا :
كثير من الصحابة رضعوا الشعر رضاعة قبل الاسلام ، فلم نجدهم بعد الإسلام مشتغلين بالشعر بل انصرفوا عن نفث الشياطين إلى كلمات الله المعظمات المباركات ..
وهم رضوان الله عليهم أشد تعلقا بالعربية وأشعارها قبل إسلامهم ذلك أنهم نشأوا في أمة جاهلة لم تعرف بشيء كما عرفت -الجاهلية- بالشعر
فما بال غلمان هذا الزمان الذين لم يظفروا بشيء من لسان العرب مصرين مستمسكين بقول الجاهلين - الشعر -
خامسا :
أما حسان بن ثابت وهو حجة اكثر المفتونين بالشعر فيقال :
1- حسان رضي الله عنه استعمله النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الرد على المشركين وكان حديث عهد بإسلام ليرد به أذى المشركين لما قاموا بهجاء النبي
فاستعمال النبي لحسان يعني أنَّ النبيَّ لا يرد على الجاهلين بالشعر فهو ارفع وأعظم من نفث الشياطن وكان قادرا لو أراد أن يرد كيف لا وهو الذي أوتي جوامع الكلم وعرف العرب وأخبارهم وأحوالهم .. فلما أذن لحسان ان يرد بالشعر على المشركين الشعراء الجاهلين قال لحسان : قل وروح القدس يؤيدك .. فإن ظفر أحدنا بنبيٍّ يقول له قل يا فلان وروح القدس معك فليقل . أما أن يتعلق الجهلة بقول مخصوص لحسان فهذا مزيد في الجهالة .
2- لما أذن النبي لحسان بالرد على المشركين كان عند النبيِّ من أصحابه من يحسن الشعر قبل الإسلام بل لعل بعضهم أقدر على الرد شعرا من حسان ؛فلم لم يأمر النبي أن يرد أحد منهم بينما أمر برجل أسلم حديثا حتى أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال لأبي بكر : علمه الإسلام وأخبره عمَّا كانا بيننا وبينهم – أي المشركين- .. بعد ذلك رد حسان على المشركين .
3- بعد فتح مكة كان النبيُّ يطوف بالبيت على ناقته فأخذ حسان بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وجعل ينشد الشعر يهجو به المشركين
فقال عمر الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل : أفي حرم الله وبين يدي رسول الله ؟!!!!!!!!
قالها عمر غاضبا مستنكرا مستقبحا الشعر .. وهذا يدل على أن الفاروق يرى الشعر منكرا ..لكن النَّبيَّ صلوات الله عليه وسلامه قال لعمر : دعه فإنها أشد عليهم من نضح النبل .. فهنا نعلم أن الشعر قبيح عند عمر ورسول الله لا ينكر عليه استقباحه للقبيح - الشعر- ، لكنه أذن للرجل أن يقول الشعر للسبب الذي ذكره النبي لعمر ..
ومرة أخرى ؛ من ظفر بنبيٍّ يأذن له أن يقول أو يأمره أن يمسك عن القول
فحينها يكون عنده حجة أما الاستمساك بإذن مخصوص رغم وضوح الاستنكار للشعر مع الإذن فهذه الجهالة بعينها ..
ثم إن النبيَّ يأذن بعلم فحاشاه أن يأذن بهوى
ثم إنّ حسان وقتها كان مستوفيا لشرط الله تبارك اسمه .. فكان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا و ( انتصروا من بعد ما ظلموا ) ..
فمن من الغاوين المفتونين استوفى كل هذا ؟؟!!
4- أما شعر حسان رضي الله عنه في أمنا عائشة سلام الله عليها
فإنَّ حسانا قال ذلك الشعر بعد حادثة الإفك وبعدما تبينت براءة أمنا
فقول حسان كان بعدما انتصرت أمنا من بعد ما ظلمت بآيات من القرآن العظيم المجيد .. ثم يروى أنَّ أمنا سلام الله عليها كانت غاضبة من حسان فسارع حسان بقول قصيدته تلك ومن أراد فليرجع وليتبين القصة فلا مجال لسردها الآن..
إنما أين الحجة في قول حسان ذلك الشعر وهو مخصوص بظرف وحدث
وقد كان حسان يومها منتصرا لأم المؤمنين ؛ أي مستوفيا لشرط الله ..
...........
سادسا : ( شبهات وردود )
1- أنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام طلب أن يسمع شعرا من شعر أمية بن الصلت
فذكر له البيت الاول فقال النبي :هيه (أي يستزيد )
فذكر له البيت الثاني والنبي يقول هيه أي يستزيد وهكذا حتى سمع القصيدة كاملة
فقال النبي الخالتم : آمن شعره وكفر قلبه..
فاحتج الجهلة بهذه وقد علمنا من أمنا عائشة أن الشعر كان أبغض الحديث عنده..
انما سمع النبي شعر أمية ليحكم فيه ويقضي لا حبا بسماع الشعر..
كأن يقال لأحدهم هات حدثني ماذا يقول العلمانيون والملاحدة وماذا يقول داروين في نظريته فتُسمع المقالة ليـُـقضى فيها ويحكم .. قلا حجة للجهلة بمثل هذه
2- يقال أنَّ الأبيات التي مطلعها
ليس البكاء وإن أطيل بمقنعي // الخطب أعظم من أدمعي قيمة
( كسرت البيت عامدا )
يقال أن قائلها عمر بن الخطاب وهذا جهل بعمر وحال عمر فقد تبينا مقام الشعر عند عمر..
وقائلها هو الشاعر (الماجن الخليع ) ابن الخياط الدمشقي ، في العصر العباسي..
ومن نسب الأبيات لعمر فهو أحمق أخرق جاهل ..
3- أما الأبيات المنسوبة لأبي بكر :
خلِّ الذنوب صغيرها وكبيرها ..... الخ .. فلا أدري كيف نسبت زورا وبهتانا للصديق وقائلها معلوم وهو الملك العباسي عبد الله بن المعتز ..
4- أما ما ينسب لعلي ابن أبي طالب : تبكي على الدنيا وقد علمت أنَّ ترك ما فيها هو السلامة ( كسرت البيت عامدا فهذه سنة النبي )
فإنه لم يثبت نسبة الأبيات لعلي سلام الله عليه بل لم يثبت نسبة الديوان الذي منه الابيات لعلي.. بل ورب العالمين إنَّ نسبتها لعلي لهو افتراء عليه ..
ثم إنَّ لتلك الأبيات عند مردة الرافضة قصة وهم أشد من يستمسك بنسبتها لأميرنا وإمامنا الصالح ..
زد على ذلك أنَّ هذه الأبيات نسبت أيضا زورا وبهتانا لعلي بن زين العابدين .. كما نسبت لابن المبارك .. كما نسبت لسابق البربري .. أيكفي أم نزيد ؟!!!!
5- أمَّا قصيدة كعب بن زهير فلم يقلها لمَّا جاء مع الوفود إلى النبي كما زُعـِــمَ
فهو أصلا لم يأتي في وفد بل ما حدث أنَّ كعبا هجا النبيَّ عليه صلوات الله وسلامه
فأهدر النبي دمه فلما بلغ ذلك كعبا فرَّ وتخفى وجعل ينتقل من قبيلة إلى أخرى حتى بلغ المدينة وجاء إلى النبي فنزع اللثام وقال قصيدته تلك معلنا فيها إسلامه..
فأين الحجة في رجل طريد مهدور الدم هجا النبيَّ ثمَّ جاء مسلما وردَّ هجاءه بقصيدة امتدح فيها النبيَّ وعظم الإسلام فسامحه النبيُّ وأكرمه .
6- نجد أنَّ بعض الصحابة قالو بيتا أو بيتين من الشعر في العديد من المواقف
وأكثرها في الحرب والجهاد ردا على الكفرة المحاربين في ميدان المعركة
وتحميسا للمجاهدين أحيانا .. ولا حجة في ذلك للجهلة .. ذلك أنَّ الصحابة كان القرآن هو همهم وشغلهم فلما يقول أحدهم بيتا أو اثنين ليس في ذلك تعظيم للشعر واشتغال به ثمَّ إنهم كانوا يقولونه في ساحات الجهاد مستوفين لشرط الله غير متعدين القرآن إلى الشعر
ولم يقولوا الشعر على المنابر كحالنا اليوم ولا في الفضائيات ولا محتفين به كحالنا اليوم ولا محتجين بالشعر في الفتيا كقول كثير من الجهلة إذا أفتو يقولون : قال فلان وقال فلان وصدق الشاعر إذ قال وهم جالسون على أرائكهم كالعجول المسمنة ..
فلا يحتجنَّ الأصاغر بما فعله أكابر أمتنا في ظرف ومقام وحال ومكان غير المقام الذي هم فيه اليوم
ثم إنهم كانو يقولون – على قلة ما قالوه – بيتا واثنين ولم يفعلو ما يفعله الجهلة اليوم
أن تقال القصيد "العصماء" عشرين وثلاثين بيتا بل وأكثر حتى صار الشعر أكثر أثرا في الناس من القرآن والله المستعان ..
هذا غيض من فيض فمن أراد أن يردَّ فليكلف نفسه البحث والتعلم قبل أن يهرطق
ثم فليعلم أنني ما قلت مقالتي هذه من رأسي ونحتا من عقلي إنما علمت هذا
مما كان عليه النبيُّ وأصحابه .. وجئت بالبينات بتوفيق الله الحميد
فمن أراد رد ما كان عليه النبيُّ وأصحابه فبالبينات لا بما ألِفه ورأى الناس لا ينكرونه فاستثقل وتعجب أن كيف يُنكَر مثل هذا - الشعر- ولا يُردنَّ أحد بالهرطقات يرحمنا ويهدينا الله وإياكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثمَّ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملاحظة : أتمنى ممن لن يقرأ المقال كاملا ويرجع ويتبين ما جاء في المقال أن يكرمنا بسكوته فهذا المقال أقف فيه على حد النبيِّ وأصحابه..
....................
إن المتتبع لسيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم يجده يغلِّظ في الشعر وينهى عنه وينهى أن ينشد الشعر .. لكنما الأمر الذي نحن فيه اليوم من مخالفة النبيِّ وأصحابه الأخيار الأطهار يبدو مستحبا ومزيناً حتى أننا لنسمع العلماء والخاصة قبل سائر الناس يقولون الشعر ويتسامعونه بل ويستشهدون به في الفتيا
وهذا ما ينبغي أن يوضع في ميزان النبي حتى يُعلَم أحقٌ هذا الفعل وخير
أم باطلٌ وشر .. ولا مكان للهوى ولا لسفسطةِ الجهلة
فنبدأ مستعينين بالله
أولا :
قال تعالى : هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227)
فاستمسك الغاوون بقوله تعالى إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولم يعقلوا الآية ما قبلها وما بعدها؛ وتمام العلم بمراده عزَّ وجل في هذا الموضع أن نقرأ الآية ما قبلها وما بعدها
فمن خلال الآيات الكريمة يتبين لنا ذمُّ الشعر والشعراء وأنَّ الله يبعض الشعراء (إلا)
1- الذين آمنوا وعملو الصالحات
2- ذكروا الله كثيرا
3- انتصروا من بعد ما ظلموا
فوجب جمع هذه الشروط الثلاثة حتى يكون أخونا الشاعر ممن استثناهم الله ..
مرة أخرى
الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا
هؤلاء الذين شغلهم الشاغل الصالحات والإشتغال بالقرآن والإنشغال به
لا أن يكون دأبهم الشعر هذا يعني أن يكون الرجل قادرا على قول الشعر ولا يقوله
فهو مشغول مشتغل بالقرآن فإن احتاج واظطر لقول الشعر قال بعد توفر الشرط التالي
وانتصروا من بعد ما ظلموا ... هذا يعنى أن من رخص الله له ان يقول شعرا ينبغي أن لا يكون مشتغلا بالشعر منشغلا به أصلا (عجيب) ، وزد على ذلك أن يكون مظلوما فانتصر من بعد ما ظلم فجاز له أن يقول شعرا
أما أشعار الجاهلين والسكيرة وأهل المجون والخلاعة بل وحتى المسلم المؤدي لما أمره الله به لكنه يهتم بالشعر وليس ممن ذكرهم الله بعد قوله (إلا) فلا يسمع لهم ولا يتناقل شعرهم ولو كان مديحا وتعظيما لله .. فها هي الشروط مبينة لمن اكتفى بالقرآن .. بل ينبغي أن لا يتناقل الناس شعر من استوفى شرط الله ؛ فإن هذا الذي رخص الله له قول الشعر قاله عن نفسه بعدما ظلم فما لنا ولشعره ..
أما من أراد أن يعظم الله المليك ؛ فجاهل هو أن عظم الرب بما لا يحبه الرب ..
هذا كتاب الله عظَّم ومجَّد وقدَّس الربُّ فيه نفسه وعلمنا كيف نعظمه ونثني عليه
فتعسا لمن استغنى عن القرآن بأقوال الجاهلين ولو استحسن مدحة الرب شعرا
بل يوضع الشعر ويرفع القرآن .. ما ترك لنا ربنا ولا نبينا قولا وعملا يقربنا اليه إلا وعلمنا إياه وحضنا عليه ..فماذا بقي للجاهلين حتى يزيدوا الرب تعظيما بشعرهم
ثانيا :
كثيرا ما يُحتَج بقول النبيِّ عليه صلوات الله : "إن من الشعر لحكمة"
ففهم الناس أنَّ الشعر حكمة وهذا فهم أخرق لا يصح .. فأيُّ حكمة هذه التي لا يقولها النبي ولا أصحابه من بعده في المساجد .. بل إنَّ الشعر شرٌ إلا أن منه حكمة
فلو قلنا إنَّ من السمِّ لدواءً لكان هذا صحيحا ، فإن من سم الأفاعي ما يُستخرج منه اليوم دواء ولا يعني أن السمَّ دواء ففرق بين أن نقول : "من السمِّ دواء" و "السمُّ دواء"
بالتالي فإنَّ الشعر قبيح مرذول لكن منه حكمة .. فإذا صار سم الأفاعي خيرا ونعمة لإجل دواء استخلص منه صار الشعر خيرا وحكمة كله ، انما لا يكون ؛ فالسم سم والشعر شعر ؛ من السم دواء ومن الشعر حكمة
ثمَّ إن النبي صلى الله عليه وسلم القائل إنَّ من الشعر لحكمة لما قال مرة بيتا من الشعر قلبه ونكسه فقال له أبو بكر ما هكذا البيت يا رسول الله فقال النبي أعلم ولكني لست بشاعر
فعلمنا بعدما علَّمنا رسول الله أن (من الشعر حكمة) أنَّ الله لا يحبه ولا رسوله يحبه
وهذا ما سيتبين أكثر تاليا .
ثالثا :
روي عن أمنا عائشة أن سألوها : هل كان يـُـتـَـسـَــامع الشعر عند رسول الله ؟
فقالت : كان أبغض الحديث عنده .
وكان النبيُّ عليه الصلاة والسلام مرة ومعه أصحابه فجاء رجل يـُــنشـِـد الشعر فقال النبي الخاتم :
أمسكوا الشيطان ,, لأِن يمتلئ قلب أحدكم قيحا خيرٌ له من أن يمتلئ شعرا ..
وكان النبيُّ الخاتم عليه صوات الله وسلامه (يستعيذ بالله) من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه ..ونفثه الشعر كما أنبأنا النبي اصلى الله عليه وسلم
فالشعر ( نفث الشياطين )
رابعا :
كثير من الصحابة رضعوا الشعر رضاعة قبل الاسلام ، فلم نجدهم بعد الإسلام مشتغلين بالشعر بل انصرفوا عن نفث الشياطين إلى كلمات الله المعظمات المباركات ..
وهم رضوان الله عليهم أشد تعلقا بالعربية وأشعارها قبل إسلامهم ذلك أنهم نشأوا في أمة جاهلة لم تعرف بشيء كما عرفت -الجاهلية- بالشعر
فما بال غلمان هذا الزمان الذين لم يظفروا بشيء من لسان العرب مصرين مستمسكين بقول الجاهلين - الشعر -
خامسا :
أما حسان بن ثابت وهو حجة اكثر المفتونين بالشعر فيقال :
1- حسان رضي الله عنه استعمله النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الرد على المشركين وكان حديث عهد بإسلام ليرد به أذى المشركين لما قاموا بهجاء النبي
فاستعمال النبي لحسان يعني أنَّ النبيَّ لا يرد على الجاهلين بالشعر فهو ارفع وأعظم من نفث الشياطن وكان قادرا لو أراد أن يرد كيف لا وهو الذي أوتي جوامع الكلم وعرف العرب وأخبارهم وأحوالهم .. فلما أذن لحسان ان يرد بالشعر على المشركين الشعراء الجاهلين قال لحسان : قل وروح القدس يؤيدك .. فإن ظفر أحدنا بنبيٍّ يقول له قل يا فلان وروح القدس معك فليقل . أما أن يتعلق الجهلة بقول مخصوص لحسان فهذا مزيد في الجهالة .
2- لما أذن النبي لحسان بالرد على المشركين كان عند النبيِّ من أصحابه من يحسن الشعر قبل الإسلام بل لعل بعضهم أقدر على الرد شعرا من حسان ؛فلم لم يأمر النبي أن يرد أحد منهم بينما أمر برجل أسلم حديثا حتى أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال لأبي بكر : علمه الإسلام وأخبره عمَّا كانا بيننا وبينهم – أي المشركين- .. بعد ذلك رد حسان على المشركين .
3- بعد فتح مكة كان النبيُّ يطوف بالبيت على ناقته فأخذ حسان بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وجعل ينشد الشعر يهجو به المشركين
فقال عمر الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل : أفي حرم الله وبين يدي رسول الله ؟!!!!!!!!
قالها عمر غاضبا مستنكرا مستقبحا الشعر .. وهذا يدل على أن الفاروق يرى الشعر منكرا ..لكن النَّبيَّ صلوات الله عليه وسلامه قال لعمر : دعه فإنها أشد عليهم من نضح النبل .. فهنا نعلم أن الشعر قبيح عند عمر ورسول الله لا ينكر عليه استقباحه للقبيح - الشعر- ، لكنه أذن للرجل أن يقول الشعر للسبب الذي ذكره النبي لعمر ..
ومرة أخرى ؛ من ظفر بنبيٍّ يأذن له أن يقول أو يأمره أن يمسك عن القول
فحينها يكون عنده حجة أما الاستمساك بإذن مخصوص رغم وضوح الاستنكار للشعر مع الإذن فهذه الجهالة بعينها ..
ثم إن النبيَّ يأذن بعلم فحاشاه أن يأذن بهوى
ثم إنّ حسان وقتها كان مستوفيا لشرط الله تبارك اسمه .. فكان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا و ( انتصروا من بعد ما ظلموا ) ..
فمن من الغاوين المفتونين استوفى كل هذا ؟؟!!
4- أما شعر حسان رضي الله عنه في أمنا عائشة سلام الله عليها
فإنَّ حسانا قال ذلك الشعر بعد حادثة الإفك وبعدما تبينت براءة أمنا
فقول حسان كان بعدما انتصرت أمنا من بعد ما ظلمت بآيات من القرآن العظيم المجيد .. ثم يروى أنَّ أمنا سلام الله عليها كانت غاضبة من حسان فسارع حسان بقول قصيدته تلك ومن أراد فليرجع وليتبين القصة فلا مجال لسردها الآن..
إنما أين الحجة في قول حسان ذلك الشعر وهو مخصوص بظرف وحدث
وقد كان حسان يومها منتصرا لأم المؤمنين ؛ أي مستوفيا لشرط الله ..
...........
سادسا : ( شبهات وردود )
1- أنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام طلب أن يسمع شعرا من شعر أمية بن الصلت
فذكر له البيت الاول فقال النبي :هيه (أي يستزيد )
فذكر له البيت الثاني والنبي يقول هيه أي يستزيد وهكذا حتى سمع القصيدة كاملة
فقال النبي الخالتم : آمن شعره وكفر قلبه..
فاحتج الجهلة بهذه وقد علمنا من أمنا عائشة أن الشعر كان أبغض الحديث عنده..
انما سمع النبي شعر أمية ليحكم فيه ويقضي لا حبا بسماع الشعر..
كأن يقال لأحدهم هات حدثني ماذا يقول العلمانيون والملاحدة وماذا يقول داروين في نظريته فتُسمع المقالة ليـُـقضى فيها ويحكم .. قلا حجة للجهلة بمثل هذه
2- يقال أنَّ الأبيات التي مطلعها
ليس البكاء وإن أطيل بمقنعي // الخطب أعظم من أدمعي قيمة
( كسرت البيت عامدا )
يقال أن قائلها عمر بن الخطاب وهذا جهل بعمر وحال عمر فقد تبينا مقام الشعر عند عمر..
وقائلها هو الشاعر (الماجن الخليع ) ابن الخياط الدمشقي ، في العصر العباسي..
ومن نسب الأبيات لعمر فهو أحمق أخرق جاهل ..
3- أما الأبيات المنسوبة لأبي بكر :
خلِّ الذنوب صغيرها وكبيرها ..... الخ .. فلا أدري كيف نسبت زورا وبهتانا للصديق وقائلها معلوم وهو الملك العباسي عبد الله بن المعتز ..
4- أما ما ينسب لعلي ابن أبي طالب : تبكي على الدنيا وقد علمت أنَّ ترك ما فيها هو السلامة ( كسرت البيت عامدا فهذه سنة النبي )
فإنه لم يثبت نسبة الأبيات لعلي سلام الله عليه بل لم يثبت نسبة الديوان الذي منه الابيات لعلي.. بل ورب العالمين إنَّ نسبتها لعلي لهو افتراء عليه ..
ثم إنَّ لتلك الأبيات عند مردة الرافضة قصة وهم أشد من يستمسك بنسبتها لأميرنا وإمامنا الصالح ..
زد على ذلك أنَّ هذه الأبيات نسبت أيضا زورا وبهتانا لعلي بن زين العابدين .. كما نسبت لابن المبارك .. كما نسبت لسابق البربري .. أيكفي أم نزيد ؟!!!!
5- أمَّا قصيدة كعب بن زهير فلم يقلها لمَّا جاء مع الوفود إلى النبي كما زُعـِــمَ
فهو أصلا لم يأتي في وفد بل ما حدث أنَّ كعبا هجا النبيَّ عليه صلوات الله وسلامه
فأهدر النبي دمه فلما بلغ ذلك كعبا فرَّ وتخفى وجعل ينتقل من قبيلة إلى أخرى حتى بلغ المدينة وجاء إلى النبي فنزع اللثام وقال قصيدته تلك معلنا فيها إسلامه..
فأين الحجة في رجل طريد مهدور الدم هجا النبيَّ ثمَّ جاء مسلما وردَّ هجاءه بقصيدة امتدح فيها النبيَّ وعظم الإسلام فسامحه النبيُّ وأكرمه .
6- نجد أنَّ بعض الصحابة قالو بيتا أو بيتين من الشعر في العديد من المواقف
وأكثرها في الحرب والجهاد ردا على الكفرة المحاربين في ميدان المعركة
وتحميسا للمجاهدين أحيانا .. ولا حجة في ذلك للجهلة .. ذلك أنَّ الصحابة كان القرآن هو همهم وشغلهم فلما يقول أحدهم بيتا أو اثنين ليس في ذلك تعظيم للشعر واشتغال به ثمَّ إنهم كانوا يقولونه في ساحات الجهاد مستوفين لشرط الله غير متعدين القرآن إلى الشعر
ولم يقولوا الشعر على المنابر كحالنا اليوم ولا في الفضائيات ولا محتفين به كحالنا اليوم ولا محتجين بالشعر في الفتيا كقول كثير من الجهلة إذا أفتو يقولون : قال فلان وقال فلان وصدق الشاعر إذ قال وهم جالسون على أرائكهم كالعجول المسمنة ..
فلا يحتجنَّ الأصاغر بما فعله أكابر أمتنا في ظرف ومقام وحال ومكان غير المقام الذي هم فيه اليوم
ثم إنهم كانو يقولون – على قلة ما قالوه – بيتا واثنين ولم يفعلو ما يفعله الجهلة اليوم
أن تقال القصيد "العصماء" عشرين وثلاثين بيتا بل وأكثر حتى صار الشعر أكثر أثرا في الناس من القرآن والله المستعان ..
هذا غيض من فيض فمن أراد أن يردَّ فليكلف نفسه البحث والتعلم قبل أن يهرطق
ثم فليعلم أنني ما قلت مقالتي هذه من رأسي ونحتا من عقلي إنما علمت هذا
مما كان عليه النبيُّ وأصحابه .. وجئت بالبينات بتوفيق الله الحميد
فمن أراد رد ما كان عليه النبيُّ وأصحابه فبالبينات لا بما ألِفه ورأى الناس لا ينكرونه فاستثقل وتعجب أن كيف يُنكَر مثل هذا - الشعر- ولا يُردنَّ أحد بالهرطقات يرحمنا ويهدينا الله وإياكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته