بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
جاء في كتاب الفتن : حدثنا الوليد بن مسلم عن صدقة بن خالد عن عبد الرحمن بن حميد عن مجاهد عن تبيع قال : ( سيعوذ بمكة عائذ فيقتل ثم يمكث الناس برهة من دهرهم ثم يعوذ آخر فإن أدركته فلا تغزونه فإنه جيش الخسف ) .
وفي هذا الأثر جاء ذكر رجل سيعوذ بمكة فيقتل ثم بعده مده من الزمان سيأتي رجل آخر ويعوذ بمكة ، وهنا يوصي الراوي بعدم الإنضمام للجيش المسلم الذي سوف يغزوه لأنه سوف يخسف به .
إذا فالعائذ الثاني هو المهدي الذي بشرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم ، بدليل أن الجيش الذي سوف يغزوه سوف يخسف به ، ومن المعروف أن العلامة الأكيده للمهدي هو الخسف بجيش بيبيداء بين مكة والمدينة .
والدليل على ذلك هو ما جاء في صحيح مسلم : عن عبيد الله ابن القبطية قال دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما على أم سلمة أم المؤمنين فسألاها عن الجيش الذي يخسف به وكان ذلك في أيام ابن الزبير فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم فقلت يا رسول الله فكيف بمن كان كارها قال يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته وقال أبو جعفر هي بيداء المدينة ) . حدثناه أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عبد العزيز بن رفيع بهذا الإسناد وفي حديثه قال فلقيت أبا جعفر فقلت إنها إنما قالت ببيداء من الأرض فقال أبو جعفر كلا والله إنها لبيداء المدينة .
وأيضا في صحيح مسلم : عن عبد الله بن الزبير أن عائشة قالت عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه فقلنا يا رسول الله صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله فقال : ( العجب إن ناسا من أمتي يؤمون بالبيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فقلنا يا رسول الله إن الطريق قد يجمع الناس قال نعم فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله على نياتهم) .
وبعد أن عرفنا العائذ الثاني فمن هو العائذ الأول ؟
قالوا أنه عبدالله بن الزبير وقد أخطأوا فابن الزبير لم يعذ بمكه بل كان من أهلها ، وإنما حوصر من قبل جيش الحجاج لمدة سبعة أشهر وقد كان له جيش وعده ، وإنما المقصود بالعائذ بمكه هو الذي يأتي لمكة ويعوذ بالكعبة طالبا النصر من رب البيت .
ولم تنطبق
xxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx
وبذلك تأكد لنا من تلك الحادثة بأنهم هم المقصودين بالعائذ الأول ، ولم يتبقى إلا العائذ الثاني وهو الذي سينصره الله ويخسف بالجيش الذي سيغزوه.
ولكن بقي أن نعرف مقدار البرهة التي جاءت في الأثر بقوله : ( ثم يمكث الناس برهة من دهرهم ) ، وقد ذهب البعض إلى تحديدها بعدد معين من السنوات فقالوا 30 سنه وقالوا 31 سنة وقالوا 33 سنه ، وكلها تخرصات واجتهادات ، والصحيح أنه ليس لها عدد معين من السنين وإنما قد تكون مده قصيرة أو طويلة من السنين بحسب الزمان الذي نسبت إليه .
وقد جاء في لسان العرب : البُرْهَة والبَرْهَة جميعاً الحِينُ الطويل من الدهر وقيل الزمانُ يقال أَقمت عنده بُرْهَةً من الدهر كقولك أَقمت عنده سنة من الدهر .
وفي معجم الفروق اللغوية للعسكري : وأما البرهة فبعض الدهر ألا ترى أنه يقال برهة من الدهر كما يقال قطعة من الدهر .
وجاء في المعجم الوسيط : البُرهة : المدة من الزمان .
وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( لا عليكم أن لا تعجبوا بأحد ، حتى تنظروا بم يختم له ، فإن العامل يعمل زمانا من عمره ، أو برهة من دهره ، بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة ، ثم يتحول فيعمل عملا سيئا ، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ ، لو مات عليه دخل النار ، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا ، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته ، قالوا : يا رسول الله وكيف يستعمله قال : يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه ) .
وفي الحديث السابق تبين أن البرهه هي قطعه من العمر أو سنوات طويله من عمر الإنسان ، وفي حديث العائذ : ( ثم يمكث الناس برهه من دهرهم ) بمعنى مده من زمانهم ، وبمعنى آخر أي أن الناس الذين أدركوا العائذ الأول سيكون منهم من سيدرك العائذ الثاني بحسب طول وقصر أعمارهم ، ولذا كانت الوصية عند إدراك ذلك بعدم الإنضمام للجيش الذي يغزوه .
فإذا ذهب من السنين 31 سنه منذ مقتل العائذ الأول فكم بقي من البرهه ليظهر العائذ الثاني ؟
وخلاصة القول في موضوعنا هذا : هو أن زمان المهدي ليس ببعيد وإنما هي سنوات معدوده ثم يبايع .
هذا والله أعلم