السلام عليكم
ردا على سؤالك: لماذا لم يصف الله نفسه...
الجواب في هذه السطور التالية:
في يوم من الأيام تقابل رجل بصير مع كفيف بصر... والكفيف يختلف عن الأعمى بأنه منذ أن ولد وهو لا يرى شيئا ولكن الأعمى قد يكون بصيرا ثم يأتيه العمى بقدر الله... متعنا الله وعافنا بأبصارنا...
فقال الكفيف للرجل البصير أريد أن أسألك سؤالا: أنا اسمعكم تتكلمون عن الألوان وتقولون هذا لونه كذا وهذا لونه كذا ومنهم من يقول يعجبني اللون كذا... فأرجوك اشرح لي الألوان بل سأسهل عليك السؤال أوصف لي اللون الأخضر أو الأزرق أو الأبيض أو أي لون والفروق بينهم...
هنا تلعثم الرجل البصير وقال: لا أستطيع وإن حاولت فلن تستوعب وإن شرحت لك سنين ولن تفهم لأنك لم ترهم من قبل أبدا..
****
فالله المثل الأعلى... لم يره أحد ولن يستوعب أحد وصفه ﻷنه سبحانه لا مثيل له...
نحن كل ما ندركه هو عن سابق تجربة للشيء ورؤيتنا له بالسابق أو علمنا به أو تجربتنا له
وغير ذلك لن نفهمه وإن وصفها لنا أحد لسنين... وقد نعلم بعض الأمور لوجود ضدها، مثلا لم نجرب الخلود ولكن نعلمه لأننا نرى ضده وهو الفناء والموت... والله سبحانه في الحديث وصف بوصف ليس لنا قدرة على استيعابها بعقولنا المحدودة فقد وصف بأنه أول فليس قبله شيء وآخر فليس بعده شيء وظاهر فليس فوقه شيء وباطن فليس دونه شيء ولا يحصره الزمان والمكان وعلمه لم يسبقه جهل ولا يتبعه نسيان فله العلم المطلق وقوته لم يسبقها ضعف ولا يتبعها خور فله القوة المطلقة وهو مستوي على عرشه سبحانه فوق السموات السبع يعلم كل شيء وكل شيء هالك إلا وجهه فهو سبحانه له وجه وعينان ويدان (وكلتا يديه يمين) وله ساق كما في الآية ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) ولديه قدم سبحانه كما ذكر بالحديث يطأ بقدمه على أهل النار... فكل تلك الأوصاف مسميات ولا يجوز تخيلها أو مقارنتها بما في الدنيا وهي وإن وصفت لن نستوعبها بل كل ما نعلمه أن جماله سبحانه يفوق الوصف ولا يعدله جمال أبدا.
وكذلك وصف الجنة بالكتاب والسنة مختصر لأنه كما قيل بالأثر ليس في الجنة من الدنيا غير الأسماء فما ذكر لنا من وصف للجنة نحن نستوعبه بالقدر الذي تعايشنا به بما يشبهه بالدنيا ولكن حتما بالجنة أجمل وأكمل بل وسنتفاجئ به وسنرى أمور جديدة لم نرها من قبل...
والله أعلى وأعلم