- إنضم
- 30 يناير 2014
- المشاركات
- 153
- التفاعل
- 237
- النقاط
- 47
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما نتعامل مع مجموع الأحاديث التي تتكلم عن ظاهرة مثل ظاهرة المهدي نتحير في الجمع بين الآحاديث ، وأحياناً نبدأ تصور أن هناك أكثر من مهدي
أو نتصور أن الأحاديث تتكلم عن أكثر من ظاهرة
ومن يدخل المنتديات التي تخصصت بالفتن لا يخرج منها إلا وهو محمل بجبل من الاستفهامات التي لا يجد لها إجابة خاصة عندما يتعاطون مع الأحاديث الثابته بطريقة جزئية
الذي اقتنعت فيه أن مرحلة المهدي لن نفهمها على حقيقتها إلا إذا عايشناها ، ونسأل الله أن يمن علينا باتباعه إن كنا في زمنه
لا أطيل عليكم : هذا جزء من بحث أعجبني يجيب على كثير من الإشكالات التي تبرز طبيعة مرحلة حكم المهدي أسأل الله أن يكون صاحبه قد وفق في طرحه ، وإن لم يكن فارجو من الإخوة أن يدلوا بدلوهم لكي نستفيد ونتعلم خاصة أنني بالمجمل قبلت الاجتهادات المذكورة فيه
لن أطيل عليكم
وهذا الجزء الذي تيسر لدي
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مدة بقاء المهدي وطبيعة عهده
هذا المبحث فيه بعض الإشكالات من التعارض الظاهري بين بعض النصوص ؛ لذا أقوم بذكر هذه النصوص مع بيان الإشكالات المحتمل تصورها ، وأقوم بتوجيه أوجه الجمع بينها ، والله أعلم بوجه الصواب فيها :
أولاً : عمر المهدي t عند توليه الأمر .
/ - عن السميط (_ ) قال : » اسمه اسم نبي وهو ابن إحدى أو اثنين وخمسين يقوم على الناس سبع سنين ، وربما قال ثمان سنين . « ([1])
أقول :
هذا الأثر الوارد عن أحد التابعين هو أصح الآثار الدالة على عمر المهدي عند توليه الأمر في مكة ، وفيه تصريح بأن عمره وقتذاك يكون إما واحد وخمسين وإما اثنين وخمسين ، وعلى الروايات القائلة بأنه يملك سبع أو ثمان أو تسع سنين تكون وفاته قريب من سن الستين .
وعلى هذه الرواية يشبه الحدث المرحلة المدنية من وقعة بدر سنة 2 هـ إلى وفاة النبي r ، سواء في المدة أو في بعض تفاصيل الأحداث ، فقد بدأت نواة لدولة الإسلامية الثانية بالمبايعين الذين ورد في بعض الآثار أن عدتهم تكون كعدة أهل بدر ، وقد عاش النبي r بعد وقعة بدر بين السبع والثماني سنوات حتى تم التمكين في الأرض الذي أكمله خلفاؤه بعده .
وهناك آثار ضعيفة أخرى تشير إلى أن عمر المهدي t عند توليه الأمر يكون أربعين سنة ، وبعضها أشار إلى أنه يبعث وهو ما بين الثلاثين إلى الأربعين . ([2])
ولعل أوجه الآراء الأول ، ويحتمل أن يكون عند توليه الأمر ابن أربعين ، فهذه السن هي بداية سن الكهولة الممزوجة بالحكمة مع بقاء عود الشباب وحيويته وهي زمن مبعث جده النبي محمد r .
ثانياً : مدة بقاء المهدي t .
/ - عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : } إِنَّ فِي أُمَّتِي الْمَهْدِيَّ يَخْرُجُ يَعِيشُ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا زَيْدٌ الشَّاكُّ قَالَ : قُلْنَا : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ سِنِينَ قَالَ فَيَجِيءُ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَيَقُولُ : يَا مَهْدِيُّ أَعْطِنِي أَعْطِنِي قَالَ : فَيَحْثِي لَهُ فِي ثَوْبِهِ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَحْمِلَهُ{ ([3])
/ - عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : } يَكُونُ مِنْ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ فَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ عُمْرُهُ عَاشَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا . { ([4])
/ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : } الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ أَقْنَى الْأَنْفِ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ . { ([5])
/ - عن ابن سيرين قال : » المهدي من هذه الأمة وهو الذي يؤم عيسى ابن مريم« ([6])
أقول :
هذه الآثار متقاربة المعنى ويفسر بعضها بعضاً ، وفيها إشارة واضحة إلى أن مدة بقاء المهدي بعد بيعته من سبع إلى تسع سنين ، ويتضح من الروايات أنها تكون سنين خير وعدل بين الناس .
ثلاثة إشكالات تضمنتها الأحاديث السابقة
الإشكال الأول :
يتضح من الآثار السابقة أن مدة بقاء أو عيش المهدي t من 7-9 سنوات ، وقد ورد في بعض الآثار أن الذي يؤم بعيسى r في مرحلة الدجال هو المهدي t ، ولو حسبنا السنوات من البيعة في مكة إلى خروج الدجال لوجدناها تزيد على العشر سنوات ، ففي البداية تكون البيعة ، ثم تكون وقعة كلب ، ثم بعد ذلك يتوجه المهدي إلى دمشق لتكون عقر دار المسلمين قبل الملاحم ، وتكون الهدنة ، والله أعلم مدة الهدنة ، ثم المعركة التحالفية المشتركة ، ثم غدر الروم ، وقدومهم للملحمة العظمى ، وورد في بعض الآثار أن مدة تجييش جيش الملحمة يستغرق تسعة شهور ، أي قرابة السنة ، ثم بين الملحمة وبين فتح القسطنطينية ست سنوات ، ثم يخرج الدجال في السابعة ، ففي مثل هذه الأحداث المتلاحقة لا يتصور أن تنقضي في أقل من عشر سنوات ؛ إذ فقط منذ استعداد الروم للملحة إلى خروج الدجال ثماني سنوات ، وهذا وجه الإشكال ؛ لذا كيف يتصور أن مدة بقاء المهدي فقط من 7-9 سنوات وأنه هو الذي يؤم بعيسى r في آخر مرحلة الدجال .
ويمكن دفع هذا الإشكال بعدة وجوه منها :
الوجه الأول :
إن هذه الآثار تشير إلى مدة ملك المهدي t ملكاً مستقراً ؛ أي أنها تشير إلى فترة الرخاء الذي يعيشها الناس مع المهدي t بعد الحروب ، وليس المراد بها كل المدة التي يقضيها المهدي من البيعة إلى ما بعد مرحلة الدجال ، ويعزز هذا الوجه أنه في بعض روايات الحديث جاءت الإشارة إلى مدة ملك المهدي t ، وحقيقة ملك المهدي لا تتضح إلا بعد الملاحم ، وكذلك جاء الربط بين تلك السنوات وانتشار العدل وعموم الرخاء مما يشير إلى أن المراد بها مدة استقرار الملك الذي يتضح به العدل وتظهر من خلاله بوادر الرخاء ، وإلا فالمراحل الأولى من بيعة المهدي إلى نزول عيسى r تعتبر مراحل فتن وملاحم وشدائد فقط .
وكذلك يعزز هذا الرأي ما ورد في بعض الآثار الضعيفة أن المهدي يكون إحدى أو اثنتين وعشرين عاماً . ([7]) حيث عبر بلفظة يكون إشارة إلى كل مدته منها سبع سنوات ملك مستقر ورخاء ، وكذلك أورد السلمي عدة آثار تشير إلى مدة غير الذي ذكرت فأورد عن علي t أثراً بأن المهدي يلي أمر الناس ثلاثين أو أربعين سنة ، وعن دينار بن دينار قال : « بقاء المهدي أربعون سنة » ، وعن محمد بن الحنفية قال: « يملك أربعين سنة تكون هدنة الروم على يديه في تسع سنين بقين من خلافته » وعن أرطأة : « أن المهدي يعيش أربعين سنة » ، وعن الحسين بن علي : « أن المهدي يملك تسعة عشر سنة وأشهراً » . ([8])
فهذه الآثار المختلفة واردة ، ويلحظ فيها اختلاف واضح في مدة بقاء المهدي t ، ووجه الجمع بين أحدها وبين الأحاديث الصحيحة السابقة بأن مدة المهدي أكثر من تسع سنوات ، لكن المدة التي يستقر فيها ملكه ويعم الرخاء والعدل فيها هي من 7-9 سنوات .
الوجه الثاني :
قد تكون هذه هي مدة بقاء المهدي حقيقة ، وتكون وفاته قبل الدجال ، ويكمل مسيرته خليفته ، وقد أشارت بعض الآثار إلى هذا المعنى ، منها ما أورده نعيم عن أرطاة (_ ) قال : « على يدي ذلك الخليفة اليماني الذي تفتح القسطنطينية ورومية على يديه يخرج الدجال و في زمانه ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام ، و في زمانه على يديه تكون غزوة الهند - وهو من بني هاشم - غزوة الهند التي قال فيها أبو هريرة » ([9])
فهذا الأثر عن أحد التابعين يشير صراحة إلى أن الذي ينزل عليه عيسى ابن مريم هو رجل غير المهدي ، بل هو الخليفة اليماني وعلى يديه تكون الملاحم ، وقد يكون هو القحطاني الذي يسوق الناس بعصاه (_ ) ، وقد جاء في بعض الروايات أنه يخلف المهدي ، وأنه لا يكون أقل منه في الهدى والرشاد .
أما بالنسبة للرخاء الذي يعيشه الناس أو العدل الذي يعم الأرض في زمان المهدي ، فبوادره تتضح بعد غنيمة كلب وبعد غنيمة الحرب التحالفية التي جاء فيها تسلمون وتغنمون ، وكذلك غنائم الملحمة العظمى ، يضاف إلى ذلك ما يقع بين يدي المهدي من كنوز الفرات وغيرها وهذا محتمل ، ففي تلك المرحلة يظهر العدل والرخاء بالنسبة للمسلمين ، ويعطي لهم الخليفة من تلك الكنوز الكثيرة التي غنمها ، بما يصدق في حقه أنه ملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، فالعدل هو بإعادة تطبيق شرع الله في كل ما يملكه ، وما يترتب على ذلك من وفور البركات عليهم من السماء .
وعلى هذا القول يمكن اعتبار أن الذي يؤم بعيسى r ليس هو المهدي t بل خليفته، والحديث العمدة الذي يشير إلى إمامة المهدي بعيسى هو ما ورد عن جابر t أن رسول الله r قال : } ينزل عيسى بن مريم r ، فيقول أميرهم المهدي : تعال صلّ بنا ، فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة . { ([10])
فالأمير المهدي هنا ليس محمد بن عبد الله t ، بل خليفته ، ويكون ذكر كلمة المهدي هنا من باب الوصف لا العلمية ، وهذا وارد في كل خليفة راشد فإنه يصدق أن يسمى الأمير المهدي ، ويشهد لهذا الفهم قول النبي r في حق الخلفاء الراشدين : } فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ . { ([11])
فعمر t الله عنه يصدق فيه وصف الأمير المهدي وكذلك خليفة المهدي t يصدق فيه وصف الأمير المهدي ، وهذا وجه من الجمع بين النصوص محتمل ؛ ويعزز هذا الفهم أن عبارة النص هنا جاءت على غير المعهود ؛ حيث لم يقل : فيقول المهدي على ما هو متعارف عليه في أكثر النصوص ، بل قال : فيقول أميرهم المهدي ، وفي رواية فيكون عليهم رجل صالح ، فمثل هذه الصيغة قد يراد بها غير المهدي والله أعلم ، ويكون وصف المهدي للأمير هنا للإشارة إلى صلاحه ، ولا يراد بها العلمية التي يقصد بها الشخصية المعروفة .
أما الأثر الذي أوردته سابقاً عن ابن سيرين وفيه تصريح منه بأن المهدي هو الذي يؤم بعيسى r ، فيحتمل أنه اجتهاد منه أو فهم له تحصل عنده من الحديث السابق .
الإشكال الثاني :
والإشكال الثاني مبني على الأول ؛ حيث إن القول بأن كل مدة المهدي تكون 7-9 سنوات ، وفيها يعم الرخاء لا يتفق وسياق المرحلة الأولى والتي يتصور أنها تمتد أكثر من عشر سنوات ، وهي كما يتضح كلها فتن وحروب ، فأين الرخاء المقصود في الأحاديث .
ويمكن توجيه الرد على هذا الإشكال بما ذكرت سابقاً ؛ حيث أن هناك احتمالين ، الأول : إن الأحاديث السابقة تحمل على مدة استقرار ملك المهدي فقط وليس كامل مدته ، وفي تلك المرحلة يكون العدل والرخاء . والاحتمال الثاني : في حال حمل تلك المدة على كامل مرحلة المهدي t منذ البيعة إلى وفاته ، فيكون المقصود بها أنه في زمانه وببركة جهده تبدأ عودة العدل إلى جميع الأرض سواء على يديه أو على يدي خلفائه الذين يكملون مسيرته ، فهذا كله ثمرة من ثمرات جهده ، كما أن إظهار الدين في الأرض كلها ، والذي يحدث في زمن المهدي يصدق القول أنه ثمرة من ثمرات الرسول الأعظم محمد r .
أما بخصوص العطاء فهذا يتصور حدوثه في نفس مرحلة الحروب وفي لحظات السلم التي تتخللها ، وكما هو واضح أن الغنائم التي يحصل عليها المهدي t تكون كثيرة خاصة بعد غنيمة كلب والملحمة العظمى والحرب التحالفية ، فيصدق القول أنه في تلك المرحلة يقوم بإعطاء الرعية بشكل ملفت كما توضح الأحاديث ، وتصدق في حقه صورة من صور إتباع جده الرسول الأعظم كما تروي السنن عنه منها حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t : } إِنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ r فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ ، فَقَالَ : مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ { ([12])
فهذه سنة القائد الأول للأمة ؛ حيث لا يدخر شيئاً عنده إلا أعطاه لرعيته ، و أولى الناس بهذه السنة حفيده المهدي t ، فيتصور أنه لا يبقي شيئاً من هذه الغنائم إلا ويوزعها فيصدق في حقه الوصف المذكور في الأحاديث .
الإشكال الثالث :
يتضح من الأحاديث السابقة أنها تشير إلى أن مدة المهدي t من 7-9 سنوات ، وهذه مدة قصيرة نسبياً ، فكيف يستطيع المهدي في هذه المدة القصيرة أن يملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت جوراً ، مع العلم أن الرسول الأعظم قد مكث ثلاثاً وعشرين سنة ، ولم تملأ الأرض في عهده عدلاً ، وإن مهدت لذلك ، وهذا يشكك من الناحية المنطقية في مصداقية الأحاديث السابقة ، بل فيه تقديم لجهد المهدي على جهد سيد المرسلين .
وهذا يجاب عليه بإذن الله من عدة وجوه :
الوجه الأول :
يحتمل أن مدة تملك المهدي ملكاً مستقراً هو هذه السنوات أما مدته الفعلية فهي أكثر من ذلك كما بينت سابقاً .
الوجه الثاني :
على فرض كون هذه مدته الحقيقية ، فلا يمتنع عقلاً ولا شرعاً أن يقدر الله سبحانه وتعالى على يديه صلاح الأرض بهذه المدة القصيرة ، ولا يشترط أن يعم العدل في الأرض في عهده ، بل يعم الأرض بجهده الذي يكمله خلفاؤه ، كذلك من تتبع الإرهاصات الخاصة بالمهدي t يجد أنها قد مهدت بشكل واضح له لتحقيق العدل في الأرض بأسرع وقت ، يضاف إلى ذلك أن هناك اختلافاً جوهرياً بين المرحلة النبوية ومرحلة المهدي ، ففي المرحلة النبوية تم تأسيس الأنصار الذين يحملون عبء الرسالة من عدم ، بينما في مرحلة المهدي فالجيل القرآني قد أُسس قبل خروج المهدي وارتقى عبر ممحصات عدة ، بل هذا الجيل هو الذي استخرج المهدي وبايعه ، إذا هناك فرق بين دعوة بدأت بواحد ، ودعوة بدأت برعيل متكامل مهيأ لحمل أعباء الرسالة ؛ لذا أشبهت مرحلة المهدي مرحلة طالوت الذي وجد الجيش أمامه ، فدخل به بعض الممحصات للغربلة ، ثم تم له النصر .
وهي أشبه في بعض الجوانب بمرحلة عمر بن عبد العزيز الذي ملأ الأرض عدلاً في سنتين فقط ، مع العلم أن كثيراً من أشكال الجور كانت قبل خلافته .
إذا لا يمتنع شرعاً ولا عقلاً حصول ذلك ، وإذا قدر الله أمراً هيأ له أسبابه ، فمحمد r مضى بدعوته ثلاثاً وعشرين سنة فتم له نشر دعوته عالمياً إلى يومنا هذا وآمن به الأحمر والأبيض والأسود ، ونوح عليه السلام استمر في دعوته ألف عام إلا خمسين ولم يؤمن معه إلا قليل ، ولكل زمان ظروفه وممهداته ، ويحكم ذلك كله قدر الله النافذ ، وما علينا إلا التسليم لقضائه مؤمنين بأن ما أخبر به نبينا محمد r هو الحق ولا يجوز تقديم تصوراتنا العقلية القاصرة عليه .
أما القول بأن في ذلك تعظيماً أو تقديماً لجهد المهدي على جهد النبي r ففهم خاطئ قد يقع به البعض ، لأن هذا الغصن الفارع ( المهدي والطائفة المنصورة معه ) ما هو إلا من تلك الشجرة العظيمة ( محمد r ) فهي التي تمده وتغذيه ؛ لذا لا تنسب حقيقة الفضل إلا للشجرة ، وإن كان للغصن نوع فضل فمرده إلى أصله في الحقيقة ؛ لذا ما من جهد للحق في الأرض إلى قيام الساعة إلا هو ثمرة من ثمرات النبي r وفي صحيفته ، بل لا أجانب الصواب إن قلت أن هذا العدل الذي سيملأ الأرض كلها هو في صحيفة أبي بكر الصديق الذي يعتبر أحد أتباع النبي r فضلاً عن كونه ثمرة من ثمرات الحبيب المصطفى ، وهذا معنى قول النبي r في حق أبي بكر بأن إيمانه لو وزن بالأمة جميعاً لرجح إيمانه على إيمانها ، فإن كان لأبي بكر كل هذا الفضل على العالمية الثانية للإسلام في عهد المهدي بكيف برسول الله r ومن نظر إلى قوله تعالى « هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » ([13]) ففي بعض التفاسير أن تحقيق هذه الآية على أرض الواقع لم يقع في العهد النبوي ، وإنما يكون في عهد المهدي وعيسى عليه السلام ، لكن نلحظ في الآية أن الله سبحانه وتعالى لم ينسب لهم الفضل بذلك في الآية بل نسبه لصاحبه الحقيقي ومؤسس بذرته في الأرض وهو الحبيب محمد r .
ثالثاً : طبيعة مرحلة حكم المهدي t :
/ - قال الله سبحانه وتعالى : } لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ { ([14])
/ - قال الله سبحانه وتعالى : } أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ { ([15])
أقول :
الآية الأولى تشير إلى طبيعة كل الرسالات السابقة حيث بينت الآية قضية كلية ، وهي أنه ما من كتاب أنزل وما من رسول أرسل إلا ليقوم الناس بالقسط ؛ أي لأجل إحقاق العدل في الأرض ، والذي لا يمكن تصور تحقيقه إلا بتحكيم كامل لشرع الله سبحانه وتعالى .
أما الآية الثانية فقد جاءت بعد ذكر لسير الأنبياء السابقين ، وفيها توجيه لرسول الله r بأن هؤلاء هم أئمة الهدى في الأرض قبلك ، بسنتهم وهداهم اقتدِ ، ومن سنتهم كما وضحت الآية الأولى تقرير العدل وتحقيقه في الأرض .
ووجه الربط بين الآيتين وموضوعنا هنا هو أن أهم صفة صرحت فيها الأحاديث في مرحلة المهدي t أنه يملأ الأرض عدلاً ؛ أي أن أهم إنجاز من إنجازاته هو تحقيق العدل في الأرض ، وهذه الخاصية كما بينت الآية هي المقصد الأول لبعثة الرسل وإنزال الكتب السماوية ؛ لذا لا غرابة من تأكيد الأحاديث على هذا المقصد بالذات ، وكذلك الآية الثانية تشير إلى ضرورة الإقتداء بأئمة الهدى من قبلنا من أنبياء ورسل ، والمهدي الذي أخذ وصف الهداية حتى أصبح يعرف به على وجه العلمية هو الأولى بالاقتداء في هديهم في إقرار العدل في الأرض .
/ - قال الله سبحانه وتعالى : } وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ { ([16])
أقول :
هذه الآية الكريمة تشير إلى سنة ربانية ، ونتيجة حتمية مبنية على مقدمة ، وهي أن الإيمان والتقوى لا محالة يترتب عليه عموم البركة والرخاء في الأرض ، وهذا يفسر لنا سبب الرخاء الذي يكون في عهد المهدي بعد إحقاق العدل ، والعدل المراد هنا ليست صفة خلقية فقط بل هو مقصد عام يرادف معنى تطبيق الشريعة بكل تفاصيلها ؛ لأن الشريعة كلها عدل ، وكل قصور في تطبيق جانب منها نوع من الجور يقع فيه أهل الأرض .
/ - عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : } يَكُونُ مِنْ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ فَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ عُمْرُهُ عَاشَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا . { ([17])
/ - عن أبي سعيد الخدري t أن رسول الله r قال : }يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللَّهُ الْغَيْثَ ، تُخْرِجُ الأَرْضُ نَبَاتَهَا ، وَيُعْطَى الْمَالُ صِحَاحًا تَنْعَمُ الأُمَّةُ ، وَتكْثُرُ الْمَاشِيَةُ ، وَيَعِيشُ سَبْعَ سِنِينَ ، أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ{ ([18])
/ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : } أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ وَزَلَازِلَ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا صِحَاحًا ؟ قَالَ : بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ . قَالَ : وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ r غِنًى وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ حَتَّى يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِي فَيَقُولُ : مَنْ لَهُ فِي مَالٍ حَاجَةٌ ؟ فَمَا يَقُومُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا رَجُلٌ فَيَقُولُ ائْتِ السَّدَّانَ يَعْنِي الْخَازِنَ فَقُلْ لَهُ إِنَّ الْمَهْدِيَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَنِي مَالًا فَيَقُولُ لَهُ احْثِ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَبْرَزَهُ نَدِمَ فَيَقُولُ كُنْتُ أَجْشَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ r نَفْسًا أَوَعَجَزَ عَنِّي مَا وَسِعَهُمْ قَالَ : فَيَرُدُّهُ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فَيُقَالُ لَهُ : إِنَّا لَا نَأْخُذُ شَيْئًا أَعْطَيْنَاهُ فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُ أَوْ قَالَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ . { ([19])
أقول :
هذه بعض الآثار الدالة على طبيعة مرحلة المهدي t ، وقد سبق ورود غيرها وهي تشير إلى حالة رخاء غير معهودة على مدار البشرية كلها ، وكأنها تتكلم عن جنة مصغرة على الأرض ، ولي مع هذه النصوص بعض الوقفات التأملية :
الوقفة الأولى :
على فرضية أن مدة استقرار ملك المهدي هي 7-9 سنوات ، وهي السنوات التي يكون فيها هذا الرخاء العظيم ، وعلى فرضية أن هذه المدة تبدأ بعد انتهاء الملاحم كلها أي بعد الدجال ، فيتصور أن مدة الرخاء هذه هي نفس المدة التي يكون فيها عيسى r ؛ لذا بعض الأحاديث نسبت هذه المرحلة من الرخاء لعيسى r كما سيأتي وبعضها نسبها للمهدي t ، ولا تعارض بين الأمرين ، فلكليهما الفضل في ذلك ، والنبي العظيم r نوع من أسلوبه لينال الفضل كل أصحابه ؛ لذا في موطن عزاه لعيسى r وفي موطن آخر عزاه للمهدي .
والفرضيتان اللتان صدرت بهما هذه الوقفة قويتـان جداً ؛ ويعززهما الرواية
الأخيرة عن أبي سعيد الخدري ، والتي جاء فيها أنه لا خير في الحياة أو العيش بعد تلك المدة ، وهي ( 7-9 ) سنوات ، والمعلوم أن عيسى r في أرجح الاحتمالات يعيش 7 سنوات ، فتكون وفاتهما متقاربة ، و تنتهي مرحلة الكمال في الرخاء (_ ) ، بما يصدق معه القول أنه لا خير في الحياة بعدهما ؛ لأن النقص بعد ذلك سيعتري حياة المسلمين تدريجياً إلى أن ينتهي بالريح التي تقبض الأرواح المؤمنة .
الوقفة الثانية :
قد يُطرح تساؤل هنا ، وهو لماذا خصت هذه المرحلة بالذات بهذا الشكل غير المعهود من الرخاء ، ويجاب على ذلك بأن الغُرم بالغُنم ، وكذلك الغُنم بالغُرم أو الأجر على قدر المشقة ، فعلى قدر التضحيات تكون البركات ، وهذه المرحلة بالذات هي من أصعب مراحل صراع الحق والباطل على وجه البسيطة كما صرح النبي r في عدة أحاديث ففيها الملاحم العظام خاصة الملحمة الكبرى التي لم ير وفي رواية لن يرى مثلها ، وفيها فتنة الدجال أعظم فتنة على وجه الأرض ، وتلك المرحلة هي مزيج من الخوف المفزع والجوع الموبق والممحصات المهلكة والعطاءات المترادفة والتضحيات المتتابعة من أهل الحق ؛ لذا هم أحق بعد هذه الجولات المتكررة في أشد مرحلة يمر بها صراع الحق والباطل أن يعجـل لهم بعض البشرى بأن ينالوا جزءً من بركات تضحياتهم في حياتهم الدنيا .
يضاف إلى ذلك أن الدنيا تضيق على المؤمن من باب الحمية رحمة به ومن باب الابتلاء تمحيصاً لإيمانه ، وهؤلاء قد استُخلِصوا لله وأخلصوا العمل لوجهه الكريم وصدقوا في الامتحان ، فخرجوا من الملحمة العظمى بحصانة ربانية لهم بعدم افتتانهم بعد ذلك ، وخرجوا من فتنة الدجال بأعلى درجات الصبر واليقين ؛ لذا لا ضير في التوسعة عليهم من باب البشرى التي لا يشوبها افتتان .
يضاف إلى ذلك أن تلك المرحلة اقتضت سنة ربانية ، وهي أن من بذل الموت وهبت له الحياة من أعرض عن الدنيا جاءته راغمة تحت قدميه ، وهذا ما حصل لهؤلاء العظماء فقد جاءتهم الدنيا راغمة تحت أقدامهم وهم في أعلى درجات الزهد فيها ؛ لذا نلحظ منهم الإعراض عن أخذ المال المبارك الحلال من يد المهدي t ، وما ذلك إلا لزهدهم ، بل من وصف نفسه بأنه أجشع أمة محمد r كما في حديث أبي سعيد لو كان في زماننا لكان آية في الزهد .
الوقفة الثالثة :
نلحظ من الأحاديث السابقة أن هناك تلازماً بين السنن الكونية أو الطبيعية وبين حال البشر من حيث الفساد أو الصلاح ، فالذي خبث لا يخرج إلا نكداً ، وانتشار الفساد في البر والبحر هو نتيجة حتمية لمعاصي البشر ، والإيمان والتقوى سبب مباشر لنيل بركات السماء والأرض ، وانتشار العدل سبب لعموم الرخاء ؛ لذا ازدانت الأرض وتزينت وأخرجت أطيب بركاتها في عهد العدل والقسط والاحتكام لدين الله في الأرض .
(_ ) السميط : هو بن عمير السدوسي البصري ، وهو تابعي روى عن أنس بن مالك وأبي موسى الأشعري [ ابن ماكولا : الإكمال ( 4/372) ؛ الدارقطني : المؤتلف والمختلف ( 2/38) ]
([1]) أخرجه أبو عمرو الداني في سننه برقم 585 [ السنن الواردة في الفتن ( 5/1064 ) ] وقال البستوي عن هذا الأثر مقطوع : وهذا الإسناد صحيح إلى السميط [ البستوي : المهدي المنتظر ( 228) ]
([2]) البستوي : الموسوعة في أحاديث المهدي الضعيفة والموضوعة ( 143) ( 165) (167)
([3]) أخرجه الترمذي 2232 ، وقال عنه : هذا حديث حسن ( 4/506) ؛ وابن ماجة برقم 4083 [ السنن (2/1366) ] ،
([4]) أخرجه أحمد برقم 11218 ( 3/33) ؛ وقال عنه البستوي : حسن لشواهده [ البستوي : المهدي المنتظر ( 179) ]
([5]) سبق تخريجه .
([6]) أخرجه ابن أبي شيبة برقم 37649 [ المصنف ( 7/513) ] قال البستوي : إسناده صحيح ، رجاله كلهم ثقات [ البستوي : المهدي المنتظر ( 220) ]
([7]) البستوي : الموسوعة ( 192)
([8]) السلمي : عقد الدرر ( 238 وما بعدها )
(_ ) أرطأة : هو أبو عدي أرطأة بن المنذر السكوني ، تابعي وثقه أبن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم [ الرازي : الجرح والتعديل (2/327) ]
([9]) أخرجه نعيم في الفتن برقم 1152 ، قال محققه : إسناده حسن ( 290)
(_ ) أخرج عبد الرازق عن أبي هريرة قوله : « لا تذهب الليالي والأيام حتى يغزو العادي رومية فيفعل إلى القسطنطينية فيرى أن قد فعل ولا تقوم الساعة حتى يسوق الناس رجل من قحطان . » [ المصنف ( 11/388) ] فالأثر السابق يربط بين فتح رومية والقسطنطينية وبين القحطاني ، وقد يكون هذا الربط من اجتهاد أبي هريرة ، وقد يكون توقيفياً .
([10]) ذكر هذا الأثر الدكتور عبد العليم البستوي ، وعزاه إلى نعيم بن حماد في أخبار المهدي ، والحارث بن أبي أسامة في مسنده ، ونقل عن ابن القيم حكمه على الحديث بقوله : هذا إسناد جيد ، وعقب على ذلك بقوله : إسناده صحيح [ البستوي : المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة ( 180 وما بعدها ) ] وانظر المنار المنيف ( 147) ؛ والحديث صححه الألباني [ السلسلة الصحيحة ( 5/276) ]
([11]) أخرجه الترمذي في العلم برقم 2815 ، وقال : حسن صحيح [ تحفة الأحوذي ( 7/438) ]
([12]) أخرجه البخاري برقم 1469 [ فتح الباري ( 3/392) ]
([13]) الصف : الآية 9
([14]) الحديد: من الآية25
([15]) الأنعام: من الآية90
([16]) الأعراف: من الآية96
([17]) سبق تخريجه
([18]) أخرجه أحمد برقم 11490 [ المسند ( 3/64) ] ؛ و الحاكم برقم 8673 ، وقال عنه : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي [ المستدرك ( 4/601) ] ونقل البستوي تصحيح الألباني له ثم عقب على ذلك بقوله : إسناده صحيح [ البستوي : المهدي المنتظر ( 165) ] ؛ وصححه العدوي [ الصحيح المسند ( 352) ]
([19]) أخرجه أحمد برقم 11332 [ المسند ( 3/46) ] قال الهيثمي : رواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ، ورجالهما ثقات [ مجمع الزوائد (7/314) ]
(_ ) المعلوم أن مرحلة الخليفتين أبي بكر وعمر قد ازدادت قوة الدين في الأرض وانتشر في عدة أماكن ، ولكن لا يعني ذلك أن الدين قد زاد في كماله بعد وفاة المصطفى ، بل على العكس بمجرد وفاة النبي r دخل المسلمون في مرحلة الانتقاص التدريجي في دينهم الكامل الذي بلغ قمة هرم الكمال في السنة العاشرة ، وهذا المعنى انتبه له عمر بن الخطاب t عندما نزل قوله تعالى : « اليوم أكملت لكم دينكم » فبكى وقال ما اكتمل شيء إلا دخله النقصان بعد ذلك . وهذا شبيه بقول النبي r لا خير في العيش بعده أي المهدي مما يدل على أنه بموته يبدأ الرخاء الكامل في النقصان تدريجياً .
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [قـ : 18]
يمكن مسح الرساله وكنابه موضوعك
عندما نتعامل مع مجموع الأحاديث التي تتكلم عن ظاهرة مثل ظاهرة المهدي نتحير في الجمع بين الآحاديث ، وأحياناً نبدأ تصور أن هناك أكثر من مهدي
أو نتصور أن الأحاديث تتكلم عن أكثر من ظاهرة
ومن يدخل المنتديات التي تخصصت بالفتن لا يخرج منها إلا وهو محمل بجبل من الاستفهامات التي لا يجد لها إجابة خاصة عندما يتعاطون مع الأحاديث الثابته بطريقة جزئية
الذي اقتنعت فيه أن مرحلة المهدي لن نفهمها على حقيقتها إلا إذا عايشناها ، ونسأل الله أن يمن علينا باتباعه إن كنا في زمنه
لا أطيل عليكم : هذا جزء من بحث أعجبني يجيب على كثير من الإشكالات التي تبرز طبيعة مرحلة حكم المهدي أسأل الله أن يكون صاحبه قد وفق في طرحه ، وإن لم يكن فارجو من الإخوة أن يدلوا بدلوهم لكي نستفيد ونتعلم خاصة أنني بالمجمل قبلت الاجتهادات المذكورة فيه
لن أطيل عليكم
وهذا الجزء الذي تيسر لدي
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مدة بقاء المهدي وطبيعة عهده
هذا المبحث فيه بعض الإشكالات من التعارض الظاهري بين بعض النصوص ؛ لذا أقوم بذكر هذه النصوص مع بيان الإشكالات المحتمل تصورها ، وأقوم بتوجيه أوجه الجمع بينها ، والله أعلم بوجه الصواب فيها :
أولاً : عمر المهدي t عند توليه الأمر .
/ - عن السميط (_ ) قال : » اسمه اسم نبي وهو ابن إحدى أو اثنين وخمسين يقوم على الناس سبع سنين ، وربما قال ثمان سنين . « ([1])
أقول :
هذا الأثر الوارد عن أحد التابعين هو أصح الآثار الدالة على عمر المهدي عند توليه الأمر في مكة ، وفيه تصريح بأن عمره وقتذاك يكون إما واحد وخمسين وإما اثنين وخمسين ، وعلى الروايات القائلة بأنه يملك سبع أو ثمان أو تسع سنين تكون وفاته قريب من سن الستين .
وعلى هذه الرواية يشبه الحدث المرحلة المدنية من وقعة بدر سنة 2 هـ إلى وفاة النبي r ، سواء في المدة أو في بعض تفاصيل الأحداث ، فقد بدأت نواة لدولة الإسلامية الثانية بالمبايعين الذين ورد في بعض الآثار أن عدتهم تكون كعدة أهل بدر ، وقد عاش النبي r بعد وقعة بدر بين السبع والثماني سنوات حتى تم التمكين في الأرض الذي أكمله خلفاؤه بعده .
وهناك آثار ضعيفة أخرى تشير إلى أن عمر المهدي t عند توليه الأمر يكون أربعين سنة ، وبعضها أشار إلى أنه يبعث وهو ما بين الثلاثين إلى الأربعين . ([2])
ولعل أوجه الآراء الأول ، ويحتمل أن يكون عند توليه الأمر ابن أربعين ، فهذه السن هي بداية سن الكهولة الممزوجة بالحكمة مع بقاء عود الشباب وحيويته وهي زمن مبعث جده النبي محمد r .
ثانياً : مدة بقاء المهدي t .
/ - عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : } إِنَّ فِي أُمَّتِي الْمَهْدِيَّ يَخْرُجُ يَعِيشُ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا زَيْدٌ الشَّاكُّ قَالَ : قُلْنَا : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ سِنِينَ قَالَ فَيَجِيءُ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَيَقُولُ : يَا مَهْدِيُّ أَعْطِنِي أَعْطِنِي قَالَ : فَيَحْثِي لَهُ فِي ثَوْبِهِ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَحْمِلَهُ{ ([3])
/ - عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : } يَكُونُ مِنْ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ فَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ عُمْرُهُ عَاشَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا . { ([4])
/ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : } الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ أَقْنَى الْأَنْفِ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ . { ([5])
/ - عن ابن سيرين قال : » المهدي من هذه الأمة وهو الذي يؤم عيسى ابن مريم« ([6])
أقول :
هذه الآثار متقاربة المعنى ويفسر بعضها بعضاً ، وفيها إشارة واضحة إلى أن مدة بقاء المهدي بعد بيعته من سبع إلى تسع سنين ، ويتضح من الروايات أنها تكون سنين خير وعدل بين الناس .
ثلاثة إشكالات تضمنتها الأحاديث السابقة
الإشكال الأول :
يتضح من الآثار السابقة أن مدة بقاء أو عيش المهدي t من 7-9 سنوات ، وقد ورد في بعض الآثار أن الذي يؤم بعيسى r في مرحلة الدجال هو المهدي t ، ولو حسبنا السنوات من البيعة في مكة إلى خروج الدجال لوجدناها تزيد على العشر سنوات ، ففي البداية تكون البيعة ، ثم تكون وقعة كلب ، ثم بعد ذلك يتوجه المهدي إلى دمشق لتكون عقر دار المسلمين قبل الملاحم ، وتكون الهدنة ، والله أعلم مدة الهدنة ، ثم المعركة التحالفية المشتركة ، ثم غدر الروم ، وقدومهم للملحمة العظمى ، وورد في بعض الآثار أن مدة تجييش جيش الملحمة يستغرق تسعة شهور ، أي قرابة السنة ، ثم بين الملحمة وبين فتح القسطنطينية ست سنوات ، ثم يخرج الدجال في السابعة ، ففي مثل هذه الأحداث المتلاحقة لا يتصور أن تنقضي في أقل من عشر سنوات ؛ إذ فقط منذ استعداد الروم للملحة إلى خروج الدجال ثماني سنوات ، وهذا وجه الإشكال ؛ لذا كيف يتصور أن مدة بقاء المهدي فقط من 7-9 سنوات وأنه هو الذي يؤم بعيسى r في آخر مرحلة الدجال .
ويمكن دفع هذا الإشكال بعدة وجوه منها :
الوجه الأول :
إن هذه الآثار تشير إلى مدة ملك المهدي t ملكاً مستقراً ؛ أي أنها تشير إلى فترة الرخاء الذي يعيشها الناس مع المهدي t بعد الحروب ، وليس المراد بها كل المدة التي يقضيها المهدي من البيعة إلى ما بعد مرحلة الدجال ، ويعزز هذا الوجه أنه في بعض روايات الحديث جاءت الإشارة إلى مدة ملك المهدي t ، وحقيقة ملك المهدي لا تتضح إلا بعد الملاحم ، وكذلك جاء الربط بين تلك السنوات وانتشار العدل وعموم الرخاء مما يشير إلى أن المراد بها مدة استقرار الملك الذي يتضح به العدل وتظهر من خلاله بوادر الرخاء ، وإلا فالمراحل الأولى من بيعة المهدي إلى نزول عيسى r تعتبر مراحل فتن وملاحم وشدائد فقط .
وكذلك يعزز هذا الرأي ما ورد في بعض الآثار الضعيفة أن المهدي يكون إحدى أو اثنتين وعشرين عاماً . ([7]) حيث عبر بلفظة يكون إشارة إلى كل مدته منها سبع سنوات ملك مستقر ورخاء ، وكذلك أورد السلمي عدة آثار تشير إلى مدة غير الذي ذكرت فأورد عن علي t أثراً بأن المهدي يلي أمر الناس ثلاثين أو أربعين سنة ، وعن دينار بن دينار قال : « بقاء المهدي أربعون سنة » ، وعن محمد بن الحنفية قال: « يملك أربعين سنة تكون هدنة الروم على يديه في تسع سنين بقين من خلافته » وعن أرطأة : « أن المهدي يعيش أربعين سنة » ، وعن الحسين بن علي : « أن المهدي يملك تسعة عشر سنة وأشهراً » . ([8])
فهذه الآثار المختلفة واردة ، ويلحظ فيها اختلاف واضح في مدة بقاء المهدي t ، ووجه الجمع بين أحدها وبين الأحاديث الصحيحة السابقة بأن مدة المهدي أكثر من تسع سنوات ، لكن المدة التي يستقر فيها ملكه ويعم الرخاء والعدل فيها هي من 7-9 سنوات .
الوجه الثاني :
قد تكون هذه هي مدة بقاء المهدي حقيقة ، وتكون وفاته قبل الدجال ، ويكمل مسيرته خليفته ، وقد أشارت بعض الآثار إلى هذا المعنى ، منها ما أورده نعيم عن أرطاة (_ ) قال : « على يدي ذلك الخليفة اليماني الذي تفتح القسطنطينية ورومية على يديه يخرج الدجال و في زمانه ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام ، و في زمانه على يديه تكون غزوة الهند - وهو من بني هاشم - غزوة الهند التي قال فيها أبو هريرة » ([9])
فهذا الأثر عن أحد التابعين يشير صراحة إلى أن الذي ينزل عليه عيسى ابن مريم هو رجل غير المهدي ، بل هو الخليفة اليماني وعلى يديه تكون الملاحم ، وقد يكون هو القحطاني الذي يسوق الناس بعصاه (_ ) ، وقد جاء في بعض الروايات أنه يخلف المهدي ، وأنه لا يكون أقل منه في الهدى والرشاد .
أما بالنسبة للرخاء الذي يعيشه الناس أو العدل الذي يعم الأرض في زمان المهدي ، فبوادره تتضح بعد غنيمة كلب وبعد غنيمة الحرب التحالفية التي جاء فيها تسلمون وتغنمون ، وكذلك غنائم الملحمة العظمى ، يضاف إلى ذلك ما يقع بين يدي المهدي من كنوز الفرات وغيرها وهذا محتمل ، ففي تلك المرحلة يظهر العدل والرخاء بالنسبة للمسلمين ، ويعطي لهم الخليفة من تلك الكنوز الكثيرة التي غنمها ، بما يصدق في حقه أنه ملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، فالعدل هو بإعادة تطبيق شرع الله في كل ما يملكه ، وما يترتب على ذلك من وفور البركات عليهم من السماء .
وعلى هذا القول يمكن اعتبار أن الذي يؤم بعيسى r ليس هو المهدي t بل خليفته، والحديث العمدة الذي يشير إلى إمامة المهدي بعيسى هو ما ورد عن جابر t أن رسول الله r قال : } ينزل عيسى بن مريم r ، فيقول أميرهم المهدي : تعال صلّ بنا ، فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة . { ([10])
فالأمير المهدي هنا ليس محمد بن عبد الله t ، بل خليفته ، ويكون ذكر كلمة المهدي هنا من باب الوصف لا العلمية ، وهذا وارد في كل خليفة راشد فإنه يصدق أن يسمى الأمير المهدي ، ويشهد لهذا الفهم قول النبي r في حق الخلفاء الراشدين : } فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ . { ([11])
فعمر t الله عنه يصدق فيه وصف الأمير المهدي وكذلك خليفة المهدي t يصدق فيه وصف الأمير المهدي ، وهذا وجه من الجمع بين النصوص محتمل ؛ ويعزز هذا الفهم أن عبارة النص هنا جاءت على غير المعهود ؛ حيث لم يقل : فيقول المهدي على ما هو متعارف عليه في أكثر النصوص ، بل قال : فيقول أميرهم المهدي ، وفي رواية فيكون عليهم رجل صالح ، فمثل هذه الصيغة قد يراد بها غير المهدي والله أعلم ، ويكون وصف المهدي للأمير هنا للإشارة إلى صلاحه ، ولا يراد بها العلمية التي يقصد بها الشخصية المعروفة .
أما الأثر الذي أوردته سابقاً عن ابن سيرين وفيه تصريح منه بأن المهدي هو الذي يؤم بعيسى r ، فيحتمل أنه اجتهاد منه أو فهم له تحصل عنده من الحديث السابق .
الإشكال الثاني :
والإشكال الثاني مبني على الأول ؛ حيث إن القول بأن كل مدة المهدي تكون 7-9 سنوات ، وفيها يعم الرخاء لا يتفق وسياق المرحلة الأولى والتي يتصور أنها تمتد أكثر من عشر سنوات ، وهي كما يتضح كلها فتن وحروب ، فأين الرخاء المقصود في الأحاديث .
ويمكن توجيه الرد على هذا الإشكال بما ذكرت سابقاً ؛ حيث أن هناك احتمالين ، الأول : إن الأحاديث السابقة تحمل على مدة استقرار ملك المهدي فقط وليس كامل مدته ، وفي تلك المرحلة يكون العدل والرخاء . والاحتمال الثاني : في حال حمل تلك المدة على كامل مرحلة المهدي t منذ البيعة إلى وفاته ، فيكون المقصود بها أنه في زمانه وببركة جهده تبدأ عودة العدل إلى جميع الأرض سواء على يديه أو على يدي خلفائه الذين يكملون مسيرته ، فهذا كله ثمرة من ثمرات جهده ، كما أن إظهار الدين في الأرض كلها ، والذي يحدث في زمن المهدي يصدق القول أنه ثمرة من ثمرات الرسول الأعظم محمد r .
أما بخصوص العطاء فهذا يتصور حدوثه في نفس مرحلة الحروب وفي لحظات السلم التي تتخللها ، وكما هو واضح أن الغنائم التي يحصل عليها المهدي t تكون كثيرة خاصة بعد غنيمة كلب والملحمة العظمى والحرب التحالفية ، فيصدق القول أنه في تلك المرحلة يقوم بإعطاء الرعية بشكل ملفت كما توضح الأحاديث ، وتصدق في حقه صورة من صور إتباع جده الرسول الأعظم كما تروي السنن عنه منها حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t : } إِنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ r فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ ، فَقَالَ : مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ { ([12])
فهذه سنة القائد الأول للأمة ؛ حيث لا يدخر شيئاً عنده إلا أعطاه لرعيته ، و أولى الناس بهذه السنة حفيده المهدي t ، فيتصور أنه لا يبقي شيئاً من هذه الغنائم إلا ويوزعها فيصدق في حقه الوصف المذكور في الأحاديث .
الإشكال الثالث :
يتضح من الأحاديث السابقة أنها تشير إلى أن مدة المهدي t من 7-9 سنوات ، وهذه مدة قصيرة نسبياً ، فكيف يستطيع المهدي في هذه المدة القصيرة أن يملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت جوراً ، مع العلم أن الرسول الأعظم قد مكث ثلاثاً وعشرين سنة ، ولم تملأ الأرض في عهده عدلاً ، وإن مهدت لذلك ، وهذا يشكك من الناحية المنطقية في مصداقية الأحاديث السابقة ، بل فيه تقديم لجهد المهدي على جهد سيد المرسلين .
وهذا يجاب عليه بإذن الله من عدة وجوه :
الوجه الأول :
يحتمل أن مدة تملك المهدي ملكاً مستقراً هو هذه السنوات أما مدته الفعلية فهي أكثر من ذلك كما بينت سابقاً .
الوجه الثاني :
على فرض كون هذه مدته الحقيقية ، فلا يمتنع عقلاً ولا شرعاً أن يقدر الله سبحانه وتعالى على يديه صلاح الأرض بهذه المدة القصيرة ، ولا يشترط أن يعم العدل في الأرض في عهده ، بل يعم الأرض بجهده الذي يكمله خلفاؤه ، كذلك من تتبع الإرهاصات الخاصة بالمهدي t يجد أنها قد مهدت بشكل واضح له لتحقيق العدل في الأرض بأسرع وقت ، يضاف إلى ذلك أن هناك اختلافاً جوهرياً بين المرحلة النبوية ومرحلة المهدي ، ففي المرحلة النبوية تم تأسيس الأنصار الذين يحملون عبء الرسالة من عدم ، بينما في مرحلة المهدي فالجيل القرآني قد أُسس قبل خروج المهدي وارتقى عبر ممحصات عدة ، بل هذا الجيل هو الذي استخرج المهدي وبايعه ، إذا هناك فرق بين دعوة بدأت بواحد ، ودعوة بدأت برعيل متكامل مهيأ لحمل أعباء الرسالة ؛ لذا أشبهت مرحلة المهدي مرحلة طالوت الذي وجد الجيش أمامه ، فدخل به بعض الممحصات للغربلة ، ثم تم له النصر .
وهي أشبه في بعض الجوانب بمرحلة عمر بن عبد العزيز الذي ملأ الأرض عدلاً في سنتين فقط ، مع العلم أن كثيراً من أشكال الجور كانت قبل خلافته .
إذا لا يمتنع شرعاً ولا عقلاً حصول ذلك ، وإذا قدر الله أمراً هيأ له أسبابه ، فمحمد r مضى بدعوته ثلاثاً وعشرين سنة فتم له نشر دعوته عالمياً إلى يومنا هذا وآمن به الأحمر والأبيض والأسود ، ونوح عليه السلام استمر في دعوته ألف عام إلا خمسين ولم يؤمن معه إلا قليل ، ولكل زمان ظروفه وممهداته ، ويحكم ذلك كله قدر الله النافذ ، وما علينا إلا التسليم لقضائه مؤمنين بأن ما أخبر به نبينا محمد r هو الحق ولا يجوز تقديم تصوراتنا العقلية القاصرة عليه .
أما القول بأن في ذلك تعظيماً أو تقديماً لجهد المهدي على جهد النبي r ففهم خاطئ قد يقع به البعض ، لأن هذا الغصن الفارع ( المهدي والطائفة المنصورة معه ) ما هو إلا من تلك الشجرة العظيمة ( محمد r ) فهي التي تمده وتغذيه ؛ لذا لا تنسب حقيقة الفضل إلا للشجرة ، وإن كان للغصن نوع فضل فمرده إلى أصله في الحقيقة ؛ لذا ما من جهد للحق في الأرض إلى قيام الساعة إلا هو ثمرة من ثمرات النبي r وفي صحيفته ، بل لا أجانب الصواب إن قلت أن هذا العدل الذي سيملأ الأرض كلها هو في صحيفة أبي بكر الصديق الذي يعتبر أحد أتباع النبي r فضلاً عن كونه ثمرة من ثمرات الحبيب المصطفى ، وهذا معنى قول النبي r في حق أبي بكر بأن إيمانه لو وزن بالأمة جميعاً لرجح إيمانه على إيمانها ، فإن كان لأبي بكر كل هذا الفضل على العالمية الثانية للإسلام في عهد المهدي بكيف برسول الله r ومن نظر إلى قوله تعالى « هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » ([13]) ففي بعض التفاسير أن تحقيق هذه الآية على أرض الواقع لم يقع في العهد النبوي ، وإنما يكون في عهد المهدي وعيسى عليه السلام ، لكن نلحظ في الآية أن الله سبحانه وتعالى لم ينسب لهم الفضل بذلك في الآية بل نسبه لصاحبه الحقيقي ومؤسس بذرته في الأرض وهو الحبيب محمد r .
ثالثاً : طبيعة مرحلة حكم المهدي t :
/ - قال الله سبحانه وتعالى : } لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ { ([14])
/ - قال الله سبحانه وتعالى : } أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ { ([15])
أقول :
الآية الأولى تشير إلى طبيعة كل الرسالات السابقة حيث بينت الآية قضية كلية ، وهي أنه ما من كتاب أنزل وما من رسول أرسل إلا ليقوم الناس بالقسط ؛ أي لأجل إحقاق العدل في الأرض ، والذي لا يمكن تصور تحقيقه إلا بتحكيم كامل لشرع الله سبحانه وتعالى .
أما الآية الثانية فقد جاءت بعد ذكر لسير الأنبياء السابقين ، وفيها توجيه لرسول الله r بأن هؤلاء هم أئمة الهدى في الأرض قبلك ، بسنتهم وهداهم اقتدِ ، ومن سنتهم كما وضحت الآية الأولى تقرير العدل وتحقيقه في الأرض .
ووجه الربط بين الآيتين وموضوعنا هنا هو أن أهم صفة صرحت فيها الأحاديث في مرحلة المهدي t أنه يملأ الأرض عدلاً ؛ أي أن أهم إنجاز من إنجازاته هو تحقيق العدل في الأرض ، وهذه الخاصية كما بينت الآية هي المقصد الأول لبعثة الرسل وإنزال الكتب السماوية ؛ لذا لا غرابة من تأكيد الأحاديث على هذا المقصد بالذات ، وكذلك الآية الثانية تشير إلى ضرورة الإقتداء بأئمة الهدى من قبلنا من أنبياء ورسل ، والمهدي الذي أخذ وصف الهداية حتى أصبح يعرف به على وجه العلمية هو الأولى بالاقتداء في هديهم في إقرار العدل في الأرض .
/ - قال الله سبحانه وتعالى : } وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ { ([16])
أقول :
هذه الآية الكريمة تشير إلى سنة ربانية ، ونتيجة حتمية مبنية على مقدمة ، وهي أن الإيمان والتقوى لا محالة يترتب عليه عموم البركة والرخاء في الأرض ، وهذا يفسر لنا سبب الرخاء الذي يكون في عهد المهدي بعد إحقاق العدل ، والعدل المراد هنا ليست صفة خلقية فقط بل هو مقصد عام يرادف معنى تطبيق الشريعة بكل تفاصيلها ؛ لأن الشريعة كلها عدل ، وكل قصور في تطبيق جانب منها نوع من الجور يقع فيه أهل الأرض .
/ - عن أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ t قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ r : } يَكُونُ مِنْ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ فَإِنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ عُمْرُهُ عَاشَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا . { ([17])
/ - عن أبي سعيد الخدري t أن رسول الله r قال : }يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللَّهُ الْغَيْثَ ، تُخْرِجُ الأَرْضُ نَبَاتَهَا ، وَيُعْطَى الْمَالُ صِحَاحًا تَنْعَمُ الأُمَّةُ ، وَتكْثُرُ الْمَاشِيَةُ ، وَيَعِيشُ سَبْعَ سِنِينَ ، أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ{ ([18])
/ - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : } أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ وَزَلَازِلَ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مَا صِحَاحًا ؟ قَالَ : بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ . قَالَ : وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ r غِنًى وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ حَتَّى يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِي فَيَقُولُ : مَنْ لَهُ فِي مَالٍ حَاجَةٌ ؟ فَمَا يَقُومُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا رَجُلٌ فَيَقُولُ ائْتِ السَّدَّانَ يَعْنِي الْخَازِنَ فَقُلْ لَهُ إِنَّ الْمَهْدِيَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَنِي مَالًا فَيَقُولُ لَهُ احْثِ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَبْرَزَهُ نَدِمَ فَيَقُولُ كُنْتُ أَجْشَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ r نَفْسًا أَوَعَجَزَ عَنِّي مَا وَسِعَهُمْ قَالَ : فَيَرُدُّهُ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ فَيُقَالُ لَهُ : إِنَّا لَا نَأْخُذُ شَيْئًا أَعْطَيْنَاهُ فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُ أَوْ قَالَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ . { ([19])
أقول :
هذه بعض الآثار الدالة على طبيعة مرحلة المهدي t ، وقد سبق ورود غيرها وهي تشير إلى حالة رخاء غير معهودة على مدار البشرية كلها ، وكأنها تتكلم عن جنة مصغرة على الأرض ، ولي مع هذه النصوص بعض الوقفات التأملية :
الوقفة الأولى :
على فرضية أن مدة استقرار ملك المهدي هي 7-9 سنوات ، وهي السنوات التي يكون فيها هذا الرخاء العظيم ، وعلى فرضية أن هذه المدة تبدأ بعد انتهاء الملاحم كلها أي بعد الدجال ، فيتصور أن مدة الرخاء هذه هي نفس المدة التي يكون فيها عيسى r ؛ لذا بعض الأحاديث نسبت هذه المرحلة من الرخاء لعيسى r كما سيأتي وبعضها نسبها للمهدي t ، ولا تعارض بين الأمرين ، فلكليهما الفضل في ذلك ، والنبي العظيم r نوع من أسلوبه لينال الفضل كل أصحابه ؛ لذا في موطن عزاه لعيسى r وفي موطن آخر عزاه للمهدي .
والفرضيتان اللتان صدرت بهما هذه الوقفة قويتـان جداً ؛ ويعززهما الرواية
الأخيرة عن أبي سعيد الخدري ، والتي جاء فيها أنه لا خير في الحياة أو العيش بعد تلك المدة ، وهي ( 7-9 ) سنوات ، والمعلوم أن عيسى r في أرجح الاحتمالات يعيش 7 سنوات ، فتكون وفاتهما متقاربة ، و تنتهي مرحلة الكمال في الرخاء (_ ) ، بما يصدق معه القول أنه لا خير في الحياة بعدهما ؛ لأن النقص بعد ذلك سيعتري حياة المسلمين تدريجياً إلى أن ينتهي بالريح التي تقبض الأرواح المؤمنة .
الوقفة الثانية :
قد يُطرح تساؤل هنا ، وهو لماذا خصت هذه المرحلة بالذات بهذا الشكل غير المعهود من الرخاء ، ويجاب على ذلك بأن الغُرم بالغُنم ، وكذلك الغُنم بالغُرم أو الأجر على قدر المشقة ، فعلى قدر التضحيات تكون البركات ، وهذه المرحلة بالذات هي من أصعب مراحل صراع الحق والباطل على وجه البسيطة كما صرح النبي r في عدة أحاديث ففيها الملاحم العظام خاصة الملحمة الكبرى التي لم ير وفي رواية لن يرى مثلها ، وفيها فتنة الدجال أعظم فتنة على وجه الأرض ، وتلك المرحلة هي مزيج من الخوف المفزع والجوع الموبق والممحصات المهلكة والعطاءات المترادفة والتضحيات المتتابعة من أهل الحق ؛ لذا هم أحق بعد هذه الجولات المتكررة في أشد مرحلة يمر بها صراع الحق والباطل أن يعجـل لهم بعض البشرى بأن ينالوا جزءً من بركات تضحياتهم في حياتهم الدنيا .
يضاف إلى ذلك أن الدنيا تضيق على المؤمن من باب الحمية رحمة به ومن باب الابتلاء تمحيصاً لإيمانه ، وهؤلاء قد استُخلِصوا لله وأخلصوا العمل لوجهه الكريم وصدقوا في الامتحان ، فخرجوا من الملحمة العظمى بحصانة ربانية لهم بعدم افتتانهم بعد ذلك ، وخرجوا من فتنة الدجال بأعلى درجات الصبر واليقين ؛ لذا لا ضير في التوسعة عليهم من باب البشرى التي لا يشوبها افتتان .
يضاف إلى ذلك أن تلك المرحلة اقتضت سنة ربانية ، وهي أن من بذل الموت وهبت له الحياة من أعرض عن الدنيا جاءته راغمة تحت قدميه ، وهذا ما حصل لهؤلاء العظماء فقد جاءتهم الدنيا راغمة تحت أقدامهم وهم في أعلى درجات الزهد فيها ؛ لذا نلحظ منهم الإعراض عن أخذ المال المبارك الحلال من يد المهدي t ، وما ذلك إلا لزهدهم ، بل من وصف نفسه بأنه أجشع أمة محمد r كما في حديث أبي سعيد لو كان في زماننا لكان آية في الزهد .
الوقفة الثالثة :
نلحظ من الأحاديث السابقة أن هناك تلازماً بين السنن الكونية أو الطبيعية وبين حال البشر من حيث الفساد أو الصلاح ، فالذي خبث لا يخرج إلا نكداً ، وانتشار الفساد في البر والبحر هو نتيجة حتمية لمعاصي البشر ، والإيمان والتقوى سبب مباشر لنيل بركات السماء والأرض ، وانتشار العدل سبب لعموم الرخاء ؛ لذا ازدانت الأرض وتزينت وأخرجت أطيب بركاتها في عهد العدل والقسط والاحتكام لدين الله في الأرض .
(_ ) السميط : هو بن عمير السدوسي البصري ، وهو تابعي روى عن أنس بن مالك وأبي موسى الأشعري [ ابن ماكولا : الإكمال ( 4/372) ؛ الدارقطني : المؤتلف والمختلف ( 2/38) ]
([1]) أخرجه أبو عمرو الداني في سننه برقم 585 [ السنن الواردة في الفتن ( 5/1064 ) ] وقال البستوي عن هذا الأثر مقطوع : وهذا الإسناد صحيح إلى السميط [ البستوي : المهدي المنتظر ( 228) ]
([2]) البستوي : الموسوعة في أحاديث المهدي الضعيفة والموضوعة ( 143) ( 165) (167)
([3]) أخرجه الترمذي 2232 ، وقال عنه : هذا حديث حسن ( 4/506) ؛ وابن ماجة برقم 4083 [ السنن (2/1366) ] ،
([4]) أخرجه أحمد برقم 11218 ( 3/33) ؛ وقال عنه البستوي : حسن لشواهده [ البستوي : المهدي المنتظر ( 179) ]
([5]) سبق تخريجه .
([6]) أخرجه ابن أبي شيبة برقم 37649 [ المصنف ( 7/513) ] قال البستوي : إسناده صحيح ، رجاله كلهم ثقات [ البستوي : المهدي المنتظر ( 220) ]
([7]) البستوي : الموسوعة ( 192)
([8]) السلمي : عقد الدرر ( 238 وما بعدها )
(_ ) أرطأة : هو أبو عدي أرطأة بن المنذر السكوني ، تابعي وثقه أبن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم [ الرازي : الجرح والتعديل (2/327) ]
([9]) أخرجه نعيم في الفتن برقم 1152 ، قال محققه : إسناده حسن ( 290)
(_ ) أخرج عبد الرازق عن أبي هريرة قوله : « لا تذهب الليالي والأيام حتى يغزو العادي رومية فيفعل إلى القسطنطينية فيرى أن قد فعل ولا تقوم الساعة حتى يسوق الناس رجل من قحطان . » [ المصنف ( 11/388) ] فالأثر السابق يربط بين فتح رومية والقسطنطينية وبين القحطاني ، وقد يكون هذا الربط من اجتهاد أبي هريرة ، وقد يكون توقيفياً .
([10]) ذكر هذا الأثر الدكتور عبد العليم البستوي ، وعزاه إلى نعيم بن حماد في أخبار المهدي ، والحارث بن أبي أسامة في مسنده ، ونقل عن ابن القيم حكمه على الحديث بقوله : هذا إسناد جيد ، وعقب على ذلك بقوله : إسناده صحيح [ البستوي : المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة ( 180 وما بعدها ) ] وانظر المنار المنيف ( 147) ؛ والحديث صححه الألباني [ السلسلة الصحيحة ( 5/276) ]
([11]) أخرجه الترمذي في العلم برقم 2815 ، وقال : حسن صحيح [ تحفة الأحوذي ( 7/438) ]
([12]) أخرجه البخاري برقم 1469 [ فتح الباري ( 3/392) ]
([13]) الصف : الآية 9
([14]) الحديد: من الآية25
([15]) الأنعام: من الآية90
([16]) الأعراف: من الآية96
([17]) سبق تخريجه
([18]) أخرجه أحمد برقم 11490 [ المسند ( 3/64) ] ؛ و الحاكم برقم 8673 ، وقال عنه : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي [ المستدرك ( 4/601) ] ونقل البستوي تصحيح الألباني له ثم عقب على ذلك بقوله : إسناده صحيح [ البستوي : المهدي المنتظر ( 165) ] ؛ وصححه العدوي [ الصحيح المسند ( 352) ]
([19]) أخرجه أحمد برقم 11332 [ المسند ( 3/46) ] قال الهيثمي : رواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ، ورجالهما ثقات [ مجمع الزوائد (7/314) ]
(_ ) المعلوم أن مرحلة الخليفتين أبي بكر وعمر قد ازدادت قوة الدين في الأرض وانتشر في عدة أماكن ، ولكن لا يعني ذلك أن الدين قد زاد في كماله بعد وفاة المصطفى ، بل على العكس بمجرد وفاة النبي r دخل المسلمون في مرحلة الانتقاص التدريجي في دينهم الكامل الذي بلغ قمة هرم الكمال في السنة العاشرة ، وهذا المعنى انتبه له عمر بن الخطاب t عندما نزل قوله تعالى : « اليوم أكملت لكم دينكم » فبكى وقال ما اكتمل شيء إلا دخله النقصان بعد ذلك . وهذا شبيه بقول النبي r لا خير في العيش بعده أي المهدي مما يدل على أنه بموته يبدأ الرخاء الكامل في النقصان تدريجياً .
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [قـ : 18]
يمكن مسح الرساله وكنابه موضوعك