بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الأخ عمر محمد
ما ضافته له فوائد جمة
و لمزيد من الاسترشاد
على المسلم أن يتقيد بما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم و افعاله و أقواله إن أراد آخرته و الفوز بالجنة و ما كان عليه الخلفاء المهديين من بعده ، أما أم العباد فهو مستحدث بعد العهد النبوي و الخلافة الاسلامية الراشدة ، حتى السياحة في بلاد الاسلام فهي تدخل في سياحة أي لم يفعلها النبي صلى الله عليه و سلم و لا من بعده الخلفاء الراشدين برغم كبر ديار الاسلام في عهد الخلفاء ، اما ما استحدث في الزمن الاموي و العباسي من العباد و الامراء من التنزه و رحلات الصيد فلم يفعلها النبي صلى الله عليه و سلم و لا الخلفاء المهديين من بعده
فاز و أفلح من أذعن و أطاع لقول الله عز و جل في محكم تنزيله : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيراً )
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سبحانك اللهم و بحمدك ، أستغفرك و أتوب إليك
و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين
و ما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت و إليه أنيب
سبحان الله
أخي الكريم
الدليل الذي بنيت عليه تحريمك و هو حديثه صلى الله عليه و سلم
ظهر أنه دليل باطل لأنك لم تعرف أصل المسألة و عما كان الصحابي يقصد بالسياحة و هو يسأل الرسول
صلى الله عليه و سلم و أن لا دخل لها بالسياحة بمفهومها الحالي
فهنا بقيت من غير دليل لا و بل بقيت متمسكا بتحريمك زاعما أن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يفعلها
و لو قسنا كلامك على أمور كثيرة في حياتنا لأصبحت كلها محرمة !!
لكن شرعنا الحنيف بعيد كل البعد عن هذا
مع أني غير مضطر للرد عليك و أنت تحاورني من غير دليل
سأورد لك دليلا يفيدك و يفيدني في كل أمور حياتنا التي لم يرد فيه نص و يفيد كل عوام المسلمين
لا بل و يفزع إليها حملة الشريعة فيما لا يحصى من الأعمال وحوادث الناس
قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة
===
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" اعلم أن الأصل في جميع الأعيان الموجودة على اختلاف أصنافها وتباين أوصافها : أن تكون حلالا مطلقا للآدميين ، وأن تكون طاهرة لا يحرم عليهم ملابستها ومباشرتها ، ومماستها ، وهذه كلمة جامعة ، ومقالة عامة ، وقضية فاضلة عظيمة المنفعة ، واسعة البركة ، يفزع إليها حملة الشريعة ، فيما لا يحصى من الأعمال ، وحوادث الناس ، وقد دل عليها أدلة عشرة - مما حضرني ذكره من الشريعة – وهي : كتاب الله ، وسنة رسوله ، واتباع سبيل المؤمنين المنظومة في قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) وقوله : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) ، ثم مسالك القياس ، والاعتبار ، ومناهج الرأي ، والاستبصار " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (21 / 535) .
ثم ساق رحمه الله تعالى الأدلة على ذلك ، فيحسن الاطلاع عليها في الكتاب المشار إليه .
ومعنى هذه القاعدة : أن كل ما على الأرض من منافع ، وما استخلصه الإنسان منها : فالانتفاع به مباح ، ما لم يقم دليل على تحريمه .
ثانيا :
بالنسبة للأطعمة والأشربة والملابس ومواد التنظيف فإنه يعمل بهذه القاعدة ، في كل مالم يرد فيه نص شرعي ، ويستثنى من ذلك أمران :
الأول :
الأشياء المحتوية على ضرر معتبر ومؤثر ؛ لأن المواد الضارة الأصل فيها التحريم ، ولا تتناولها قاعدة " الأصل في الأشياء الإباحة " .
قال الله تعالى : ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة /195.
وقال الله تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء /29.
وعَنْ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه - : أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : ( لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ ) رواه الحاكم (2 / 57 - 58) وقال صحيح الإسناد على شرط مسلم ، وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (1 / 498) .
وقد حقّق الشيخ المفسّر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى هذه المسألة ؛ فقال :
" إن كان فيها ضرر لا يشوبه نفع ، فهي على التحريم ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ) .
وإن كان فيها نفع من جهة ، وضرر من جهة أخرى ، فلها ثلاث حالات :
الأولى : أن يكون النفع أرجح من الضرر .
والثانية : عكس هذا .
والثالثة : أن يتساوى الأمران .
فإن كان الضرر أرجح من النفع أو مساويا له ، فالمنع ؛ لحديث: ( لا ضرر ولا
ضرار ) ، ولأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
وإن كان النفع أرجح ، فالأظهر الجواز ؛ لأن المقرر في الأصول : أن المصلحة الراجحة تقدم على المفسدة المرجوحة " انتهى من " أضواء البيان " (7 / 793 - 794) .
الثاني :
الأصل في اللحوم والذبائح التحريم .
لأن اللحوم والذبائح لا يجوز تناولها ، إلا إذا تحقق وجود التذكية بشروطها .
قال الخطابي رحمه الله تعالى :
" وأما الشيء إذا كان أصله الحظر ، وإنما يستباح على شرائط وعلى هيئات معلومة ؛ كالفروج لا تحل إلا بعد نكاح أو ملك يمين ، وكالشاة لا يحل لحمها إلا بذكاة ، فإنه مهما شك في وجود تلك الشرائط ، وحصولها يقيناً على الصفة التي جعلت علماً للتحليل كان باقياً على أصل الحظر والتحريم " انتهى من " معالم السنن " (3 / 57) .
ولكن يكفي لإثبات الحل فيها : أن نعلم أن ذابحها مسلم ، أو من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ولا يشترط بعد ذلك التحقق من طريقة الذبح ، في كل ذبيحة ، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (
223005).
وبناء على هذا ، فالذبائح الموجودة في البلاد الإسلامية ، أو الكتابية : يحكم بأنها حلال ، إلا إذا ثبت لدينا : أنها ذبحت بطريقة مخالفة للشريعة الإسلامية ، كالخنق ، أو الصعق بالكهرباء ، أو لم يُذكر عليها اسم الله ... ونحو ذلك .
والمنتج الذي لم يدل دليل شرعي على تحريمه ، أو لم يكتب في قائمة مكوناته ما يحرم ، أو يضر : فإننا نحكم عليه بالحل والطهارة ، ولا ننتقل عن هذا الأصل لمجرد شكوك ، أو كلام غير موثق .
فإذا دخلت مكونات محرمة في طعام ما ، فهل يحرم تناوله بالكلية ؟ هذا فيه تفصيل سبق بيانه في الفتوى رقم : (
114129) .
وخلاصته : أنه إذا كانت المادة المحرمة لا تزال موجودة بعينها : حرم تناوله .
وإن كانت قد تحولت إلى مادة أخرى بسبب التفاعلات أو الصناعة ، ولم تبق المادة الأولى المحرمة موجودة فيه بعينها : فالراجح من أقول العلماء : أنه يجوز تناوله .
ثالثا :
بالنسبة للألبسة ، فهي داخلة ضمن القاعدة " الأصل في الأشياء الإباحة " ، فالأصل فيها الحل، إلا ما استثناه الشرع ، كالحرير المحرم على الرجال ، وبعض الجلود التي لا تطهر بالدباغ ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (
221753) .
والله أعلم .
===
رابط السؤال
و في النهاية أذكرك بما أوردته أنت في مشاركاتك السابقة
عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه و سلم طرقه و فاطمه فقال : ( ألا تصلون ) فقلت : يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قلت له ذلك ثم سمعته و هو مدبر يضرب فخذه و يقول : ( و كان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا ) . أخرجه مسلم