بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من هدي إمام القائمين والمتهجدين محمد صلى الله عليه وسلم:
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع قيام الليل في حضرا ولا سفرا، وكان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة.
فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة»(38).
وعن يزيد بن خمير قال سمعت عبد الله بن أبي موسى يقول قالت لي عائشة لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان لا يذره وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا»(39).
- ومن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلى أحد عشر ركعة يطيل فيها:
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان يصلي إحدى عشرة ركعة تعني في الليل يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة»(40).
يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-: وكان قيامه صلى الله عليه وسلم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة كما قال ابن عباس وعائشة فإنه ثبت عنهما هذا، ويدل على هذا ما ورد في الصحيحين «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة»(41). وما ورد من الزيادة على ذلك حملها ابن القيم-رحمه الله- على ركعتي الفجر.(42)
يقول -رحمه الله-: وأما ابن عباس -رضي الله عنه- فقد اختلف عليه ففي الصحيحين عن أبي جمرة عنه: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة يعني بالليل لكن قد جاء عنه هذا مفسرا أنها بركعتي الفجر قال الشعبي: سألت عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالا: ثلاث عشرة ركعة منها ثمان ويوتر بثلاث وركعتين قبل صلاة الفجر.(43)
والحاصل أن الاتفاق قد حصل على إحدى عشرة ركعة، واختلفوا في الزيادة، فكل واحد أخبر بما رآه واختلفت باختلاف الأحوال والأوقات قال القاضي: "قال العلماء في هذه الأحاديث -الأحاديث الواردة في عدد ركعات صلاته في الليل- إخبار كل واحد من ابن عباس وزيد وعائشة بما شاهد وأما الاختلاف في حديث عائشة فقيل هو منها، وقيل من الرواة عنها فيحتمل أن أخبارها بأحد عشرة هو الأغلب وباقي رواياتها إخبار منها بما كان يقع نادرا في بعض الأوقات فأكثره خمس عشرة بركعتي الفجر وأقله سبع وذلك بحسب ما كان يحصل من اتساع الوقت أو ضيقه بطول قراءة "(44).
وقد أجمع العلماء على أن صلاة الليل نافلة لا حد ولا شيء مقدر فيها قال ابن عبد البر: "وقد أجمع العلماء على أن لا حد ولا شيء مقدراً في صلاة الليل، وأنها نافلة فمن شاء أطال فيها القيام وقلت ركعاته، ومن شاء أكثر الركوع والسجود"(45).
- كان يصلي ركعتين خفيفتين:
فمن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يفتتح صلاته بركعتين خفيفتين ففي الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها-قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين»(46).
قال في الفتح: ذكر شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين في شرح الترمذي أن السر في استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين المبادرة إلى حل عقد الشيطان وبناه على أن الحل لا يتم إلا بتمام الصلاة وهو واضح لأنه لو شرع في صلاة ثم أفسدها لم يساو من أتمها، ويرد عليه بأن النبي صلى الله عليه وسلم منزه عن عقد الشيطان، ويجاب عنه بأن فعله صلى الله عليه وسلم محمول على تعليم أمته وإرشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان.(47)
وقال النووي -رحمه الله-: "هذا دليل على استحبابه لينشط بهما لما بعدهما "وهذا هو الظاهر والله أعلم.(48)
وقد أمر صلى الله عليه وسلم بذلك فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين»(49).
- تنويعه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل:
منها: الذي ذكرته عائشة أنه كان يفتتح صلاته بركعتين خفيفتين ثم يتمم ورده إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بركعة.
ومنها: ما ذكره ابن عباس-رضي الله عنه-: «أنه رقد عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ﴾[آل عمران: 190], فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود ثم انصرف فنام حتى نفخ ثم فعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات ثم أوتر بثلاث»(50).
والنوع الثالث: ثلاث عشرة ركعة كذلك فقد روى أبو جمرة قال سمعت ابن عباس- رضي الله عنه- يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة»(51), وعن زيد بن خالد الجهني-رضي الله عنه- قال: «لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة»(52).
النوع الرابع: يصلي ثمان ركعات يسلم من كل ركعتين ثم يوتر بخمس سردا متوالية لا يجلس في شئ إلا في آخرهن.
النوع الخامس: تسع ركعات يسرد منهن ثمانيا لا يجلس في شيء منهن إلا في الثامنة يجلس يذكر الله تعالى ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة ثم يقعد ويتشهد ويسلم ثم يصلي ركعتين جالسا بعدما يسلم.
النوع السادس: يصلي سبعا كالتسع المذكورة ثم يصلي بعدها ركعتين جالسا.
النوع السابع (53): ما ذكره حذيفة -رضي الله عنه-: «أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فركع فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم مثل ما كان قائما ثم جلس يقول رب اغفر لي رب اغفر لي مثل ما كان قائما ثم سجد فقال سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائما فما صلى إلا أربع ركعات حتى جاء بلال إلى الغداة»(54).
- ومن هديه في الاستفتاح في صلاة الليل: ما أخبر به أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها- بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: «كان إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»(55).
- صفة صلاته صلى الله عليه وسلم:
يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-: فقد كانت صلاته في الليل على ثلاثة أنواع:
أحدها: وهو أكثرها: صلاته قائما.
الثاني: أنه كان يصلي قاعدا ويركع قاعدا.
الثالث: أنه كان يقرأ قاعدا فإذا بقي يسير من قراءته قام فركع قائما.(56)
- الاعتدال في العمل مخافة الانقطاع والملل: ومن هديه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل ما رواه لنا أنس -رضي الله عنه-قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته ولا نائما إلا رأيته»(57), والذي يستفاد من هذا الحديث أن صلاته ونومه -صلى الله عليه وسلم- كان يختلف بالليل ولا يترتب وقتا معينا بل بحسب ما تيسر له القيام.(58)
- ومن هديه صلى الله عليه وسلم إيقاظ المرء لصلاة الليل: فقد بوب البخاري- رحمه الله- باب تحريض النبي -صلى الله عليه وسلم- على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب فعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «طرقه وفاطمة فقال: ألا تصلون؟ فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت له ذلك ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلا »(59), وقال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله رجلا قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء»(60).
- السواك: ومن هديه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل استعمال السواك قبل الصلاة ويدل على ذلك ما رواه حذيفة -رضي الله عنه- قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك»(61).
- الأدعية المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل: ومن هديه -صلى الله عليه وسلم- ما ورد عنه من الأدعية التي كان يقولها في صلاة الليل أو بعدها من ذلك ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تهجد من الليل قال: «اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق والنبيون حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت، وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت»(62).
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة أم المؤمنين-رضي الله عنها- بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: «كان إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»(63).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من هدي إمام القائمين والمتهجدين محمد صلى الله عليه وسلم:
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع قيام الليل في حضرا ولا سفرا، وكان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة.
فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة»(38).
وعن يزيد بن خمير قال سمعت عبد الله بن أبي موسى يقول قالت لي عائشة لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان لا يذره وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا»(39).
- ومن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلى أحد عشر ركعة يطيل فيها:
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان يصلي إحدى عشرة ركعة تعني في الليل يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة»(40).
يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-: وكان قيامه صلى الله عليه وسلم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة كما قال ابن عباس وعائشة فإنه ثبت عنهما هذا، ويدل على هذا ما ورد في الصحيحين «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة»(41). وما ورد من الزيادة على ذلك حملها ابن القيم-رحمه الله- على ركعتي الفجر.(42)
يقول -رحمه الله-: وأما ابن عباس -رضي الله عنه- فقد اختلف عليه ففي الصحيحين عن أبي جمرة عنه: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة يعني بالليل لكن قد جاء عنه هذا مفسرا أنها بركعتي الفجر قال الشعبي: سألت عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالا: ثلاث عشرة ركعة منها ثمان ويوتر بثلاث وركعتين قبل صلاة الفجر.(43)
والحاصل أن الاتفاق قد حصل على إحدى عشرة ركعة، واختلفوا في الزيادة، فكل واحد أخبر بما رآه واختلفت باختلاف الأحوال والأوقات قال القاضي: "قال العلماء في هذه الأحاديث -الأحاديث الواردة في عدد ركعات صلاته في الليل- إخبار كل واحد من ابن عباس وزيد وعائشة بما شاهد وأما الاختلاف في حديث عائشة فقيل هو منها، وقيل من الرواة عنها فيحتمل أن أخبارها بأحد عشرة هو الأغلب وباقي رواياتها إخبار منها بما كان يقع نادرا في بعض الأوقات فأكثره خمس عشرة بركعتي الفجر وأقله سبع وذلك بحسب ما كان يحصل من اتساع الوقت أو ضيقه بطول قراءة "(44).
وقد أجمع العلماء على أن صلاة الليل نافلة لا حد ولا شيء مقدر فيها قال ابن عبد البر: "وقد أجمع العلماء على أن لا حد ولا شيء مقدراً في صلاة الليل، وأنها نافلة فمن شاء أطال فيها القيام وقلت ركعاته، ومن شاء أكثر الركوع والسجود"(45).
- كان يصلي ركعتين خفيفتين:
فمن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يفتتح صلاته بركعتين خفيفتين ففي الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها-قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين»(46).
قال في الفتح: ذكر شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين في شرح الترمذي أن السر في استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين المبادرة إلى حل عقد الشيطان وبناه على أن الحل لا يتم إلا بتمام الصلاة وهو واضح لأنه لو شرع في صلاة ثم أفسدها لم يساو من أتمها، ويرد عليه بأن النبي صلى الله عليه وسلم منزه عن عقد الشيطان، ويجاب عنه بأن فعله صلى الله عليه وسلم محمول على تعليم أمته وإرشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان.(47)
وقال النووي -رحمه الله-: "هذا دليل على استحبابه لينشط بهما لما بعدهما "وهذا هو الظاهر والله أعلم.(48)
وقد أمر صلى الله عليه وسلم بذلك فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين»(49).
- تنويعه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل:
منها: الذي ذكرته عائشة أنه كان يفتتح صلاته بركعتين خفيفتين ثم يتمم ورده إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بركعة.
ومنها: ما ذكره ابن عباس-رضي الله عنه-: «أنه رقد عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ﴾[آل عمران: 190], فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود ثم انصرف فنام حتى نفخ ثم فعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات ثم أوتر بثلاث»(50).
والنوع الثالث: ثلاث عشرة ركعة كذلك فقد روى أبو جمرة قال سمعت ابن عباس- رضي الله عنه- يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة»(51), وعن زيد بن خالد الجهني-رضي الله عنه- قال: «لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة»(52).
النوع الرابع: يصلي ثمان ركعات يسلم من كل ركعتين ثم يوتر بخمس سردا متوالية لا يجلس في شئ إلا في آخرهن.
النوع الخامس: تسع ركعات يسرد منهن ثمانيا لا يجلس في شيء منهن إلا في الثامنة يجلس يذكر الله تعالى ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة ثم يقعد ويتشهد ويسلم ثم يصلي ركعتين جالسا بعدما يسلم.
النوع السادس: يصلي سبعا كالتسع المذكورة ثم يصلي بعدها ركعتين جالسا.
النوع السابع (53): ما ذكره حذيفة -رضي الله عنه-: «أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فركع فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم مثل ما كان قائما ثم جلس يقول رب اغفر لي رب اغفر لي مثل ما كان قائما ثم سجد فقال سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائما فما صلى إلا أربع ركعات حتى جاء بلال إلى الغداة»(54).
- ومن هديه في الاستفتاح في صلاة الليل: ما أخبر به أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها- بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: «كان إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»(55).
- صفة صلاته صلى الله عليه وسلم:
يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله-: فقد كانت صلاته في الليل على ثلاثة أنواع:
أحدها: وهو أكثرها: صلاته قائما.
الثاني: أنه كان يصلي قاعدا ويركع قاعدا.
الثالث: أنه كان يقرأ قاعدا فإذا بقي يسير من قراءته قام فركع قائما.(56)
- الاعتدال في العمل مخافة الانقطاع والملل: ومن هديه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل ما رواه لنا أنس -رضي الله عنه-قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته ولا نائما إلا رأيته»(57), والذي يستفاد من هذا الحديث أن صلاته ونومه -صلى الله عليه وسلم- كان يختلف بالليل ولا يترتب وقتا معينا بل بحسب ما تيسر له القيام.(58)
- ومن هديه صلى الله عليه وسلم إيقاظ المرء لصلاة الليل: فقد بوب البخاري- رحمه الله- باب تحريض النبي -صلى الله عليه وسلم- على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب فعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «طرقه وفاطمة فقال: ألا تصلون؟ فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت له ذلك ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلا »(59), وقال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله رجلا قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء»(60).
- السواك: ومن هديه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل استعمال السواك قبل الصلاة ويدل على ذلك ما رواه حذيفة -رضي الله عنه- قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك»(61).
- الأدعية المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل: ومن هديه -صلى الله عليه وسلم- ما ورد عنه من الأدعية التي كان يقولها في صلاة الليل أو بعدها من ذلك ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا تهجد من الليل قال: «اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق والنبيون حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت، وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت»(62).
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة أم المؤمنين-رضي الله عنها- بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: «كان إذا قام من الليل افتتح صلاته اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»(63).