كاليفورنيا: معالجة مياه المجاري للتصدي لموجة جفاف غير مسبوقة
نص فرانس 24
تسعى سلطات ولاية كاليفورنيا الأمريكية إلى إقناع سكانها بضرورة اللجوء إلى تقنيات استغلال مياه الصرف الصحي، لمواجهة موجة الجفاف غير المسبوقة التي تجتاح المنطقة. وتطبق هذه التقنية في تكساس، وأيضا في محطات وكالة الناسا في الفضاء، حيث يعتبر الماء مورد نادر وثمين للغاية.
قد يصعب على البعض تقبل فكرة إعادة تدوير
مياه الصرف الصحيلتصبح صالحة للشرب، لكن هذا ما ينظر فيه الخبراء والسياسيون بجدية تامة مع استمرار الجفاف غير المسبوق في
ولاية كاليفورنيا الأمريكية (غرب) لضمان توافر المياه على المدى الطويل.
ويقوم هذا المفهوم على معالجة مياه المجارير لتصبح صالحة للاستهلاك البشري، وقد فشل حتى الآن في الحصول على التأييد الكافي في هذه الولاية بسبب "الاشمئزاز" الذي تولده هذه الفكرة.
فقلة من الناس تهضم فكرة أن المياه التي تصل إلى منازلها مهما كانت معالجة ومكررة، استخدمت في المراحيض قبل ساعات قليلة. إلا أن أربع سنوات متواصلة من الجفاف قد ترغم سكان كاليفورنيا على تجاوز هذا الاشمئزاز.
فذوبان الثلج من جبال "سييرانيفادا"، وهو مصدر رئيسي للمياه في الولاية نضب تقريبا، وتراجعت أيضا المياه المستوردة من نهر كولورادو والمياه الجوفية. ويقول جورج تشوبانوغلوس الخبير في معالجة المياه والأستاذ في جامعة كاليفورنيا "الجميع ينظر الآن إلى معالجة المياه المبتذلة".
ويضيف "الكثير من هذه المياه المعالجة تنتهي في المحيط وبإمكاننا بالتأكيد استخدامها، وهو أمر ممكن وفعال على صعيد الكلفة في المدن الكبيرة والمناطق الساحلية مثل كاليفورنيا".
واعتبر الخبير في دراسة نشرت العام الماضي أنه بحلول 2020، قد يوفر هذا المفهوم المعروف باسم "بوتيبل ريوز" (إعادة استخدام مياه شرب) أكثر من 1323 مليار لتر من المياه، وهي كمية تكفي أكثر من ثمانية ملايين نسمة في كاليفورنيا أو خمس عدد سكان الولاية المتوقع تقريبا.
من المرحاض إلى الصنبور!!
وتستخدم هذه التقنية بنجاح في عدة مناطق في تكساس التي عرفت جفافا قاسيا أيضا. وفي هذه الولاية حيث يعرف المفهوم باسم "من المرحاض إلى الصنبور" (تويليت تو تاب)، تحول مياه المراحيض والغسالات والاستحمام إلى مياه شرب بعد عملية تكرير من ثلاثة مراحل.
وقد فشلت خطة مشابهة وضعت لمدينة سان دييغو في كاليفورنيا قبل عشر سنوات تقريبا بسبب المعارضة الكبيرة لها. إلا أن هذا المشروع عاد ليطرح على الطاولة مع مواجهة الولاية صعوبات في احترام قيود إلزامية على استهلاك المياه.
ويقول خبير معالجة المياه "تشوبانوغلوس" إن استطلاعات رأي أخيرة أجريت لحساب هيئة المياه في سان دييغو أظهرت تأييدا لإعادة استخدام المياه المعالجة بنسبة 76% في مقابل 23% في مطلع التسعينات.
ويشير المدافعون عن هذه التقنية إلى مصنع التكرير في "أورانج كاونتي" في جنوب لوس أنجلس الذي افتتح في 2008 خلال موجة جفاف سابقة، وهو يعالج 378 مليون لتر يوميا، وهي كمية كافية لنحو 850 ألف نسمة.
ويعالج مصنع ويست بايسين الأصغر قرب لوس أنجلس أيضا مياه المجاري لجعلها صالحة للشرب أو الاستخدام الصناعي. ويؤكد شيفاغي ديشموخ المسؤول في المصنع "كان ينظر إلى مياه المجاري على أنها نفايات إلا أنه ينظر إليها الآن على أنها مورد ذو قيمة".
ولا يوفر هذان المصنعان المياه مباشرة إلى المستهلك كما هي الحال في تكساس، بل تعاد إلى الطبقات الجوفية قبل أن تضخ من جديد لأغراض الشرب من قبل شركات التوزيع.
تقنية مستخدمة في الفضاء!
وتستخدم وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" هذه التكنولوجيا في محطة الفضاء الدولية حيث تجمع تجهيزات خاصة "بول" رواد الفضاء و"تعرقهم" لإنتاج مياه لتحضير القهوة ولتنظيف الأسنان.
ومن شأن الكلفة أيضا أن تساهم بدور كبير في تحسين صورة المياه المبتذلة هذه. ويقول رون وايلدمورث، الناطق باسم مصنع ويست بايسين "المياه المعدنية بالقناني أغلى بعشرة آلاف مرة من هذه المياه من دون أن تكون نوعيتها أفضل بالضرورة". ويختم قائلا وهو يحمل عينة من المياه قبل أن يشربها "قبل يوم أو يومين كانت هذه مياه مجارير. أما الآن فتتمتع بأفضل نوعية متوافرة".
فرانس24/ أ ف ب