نقلا عن علماء
إذاعة أمريكية: البحر سوف يبتلع شواطئ الإسكندرية والدلتا
بسيوني الوكيل 13 أغسطس 2017 22:53
سلطت إذاعة "إن بي أر" الأمريكية الضوء على توقعات باحثين ومخاوف أصحاب مهن بحرية وزراعية من اختفاء شواطئ الإسكندرية والدلتا بسبب التغيرات المناخية وما ترتب عليها من ارتفاع منسوب مياه البحر.
جاء هذا في تقرير نشرته الإذاعة اليوم على موقعها الإلكتروني تحت عنوان "في مصر، ارتفاع منسوب البحر، وقلق متنامي من تأثير التغير المناخي".
وبدأ التقرير بعبارة:"على ساحل البحر المتوسط بمصر، يفترض أن يكون شهر أغسطس هو موسم السياحة الرئيس ولكن المطاعم الشاطئية في غالب الوقت خالية من الزبائن، فالمخاوف الأمنية منعت كثير من السياح الأجانب من القدوم، لكن هناك قلق أكبر يلوح في الأفق هو أن المناخ الحار واختفاء الشاطئ يمكن أن يجعل المشهد في مصر أسوأ".
ويتفق العلماء بشكل عام على أن التغير المناخي الذي يتسبب فيه البشر نتيجة انبعاث غازات الاحتباس الحراري من أشياء مثل السيارات والمصانع تجعل منسوب مياه البحر أعلى ومياهه أكثر دفئا.
حازم عادل بائع قبعات وحقائب يد أمام جدار من الحواجز الخرسانية على الجبهة البحرية (كورنيش) للإسكندرية يرى بعض هذه التغييرات مباشرة.
يقول عادل:" في العادة أصبح الماء يتدفق ويغطي الناس وسيارتهم.. لهذا وضعت الحكومة الحواجز لمنع الماء من التدفق للشوارع ".
وعلى امتداد الكورنيش أقامت الحكومة حواجز لمواجهة عواصف الشتاء القارص المتزايدة، ولم تعد هناك شواطئ في هذ المكان بعد أن اختفت الرمال خلال السنوات الماضية.
ويتوقع علماء –بحسب التقرير- ارتفاع منسوب البحر في شواطئ الإسكندرية أكثر من قدمين بنهاية القرن، وأن تغمر المياه أحياء بأكملها، خاصة أن بعض المباني التاريخية انهارت بالفعل بسبب تسلل ملح الماء للطوب.
صالح حلمي الذي يصطاد في شواطئ الإسكندرية منذ 25 عاما يقول إن السمك الآن أصبح أصغر من ذي قبل ما يضطره لإلقائه للقطط المشردة، عازيا ذلك إلى أن ماء البحر صار أكثر دفئا ما جعل الأسماك الكبيرة تتراجع إلى المياه الباردة في الأعماق.
وينتاب القلق خبراء مناخ مثل محمد الراعي الذي يعمل بجامعة الإسكندرية ويجري أبحاثا حول الآثار المحتملة لارتفاع درجات الحرارة وارتفاع منسوب البحر.
يقول الراعي:" ارتفاع منسوب البحر سيؤثر على كل الشواطئ .. الأبحاث تظهر أن درجات الحرارة ستتزايد والأمطار ستتناقص في الشرق الأوسط ".
وتتوقع معظم الأبحاث أن متوسط درجات الحرارة سيزداد أكثر من 3 درجات في أجزاء من مصر خلال العقود الأربعة القادمة، بحسب التقرير.
الراعي يقول أيضا إن تأثير المناخ الحار والذي يتضمن تناقص الأمطار سيؤدي لتراجع الإنتاجية الزراعية من 15 إلى 20 % وهو ما يعد كارثة اقتصادية لبلد يكافح لتوفير الغذاء لشعبه.
ووفقا للبنك الدولي فإن مصر التي تعاني من ارتفاع معدلات الفقر والنمو السكاني المتسارع، واحدة من الدول المتوقع أن تتأثر بتغيرات المناخ.
تآكل شواطئ الدلتا
ارتفاع منسوب مياه البحر – بحسب التقرير- يؤثر على دلتا النيل حيث يتفرع النيل ويصب في البحر المتوسط.
وفي قرية المعدية الواقعة شمال الدلتا حيث يلتقي النيل بالبحر المتوسط يقول صيادون إن عواصف الشتاء هذا العام كانت عنيفة جدا، لدرجة أن بعض الناس يعتقدون أن الله يعاقبهم بهذا التغير المناخي.
بدير محمد أحد هؤلاء الصيادون يقول:" الشتاء الماضي كان الأسوأ.. البحر ابتلع جزء من الأرض وصار أقرب وأقرب إلى القرية .. نحن نرى أشياء لم نراها أبدا من قبل بطريقة تجعلنا نعتقد أن هذا غضب من الله على القرية وأهلها".
محمد يوضح أن الرياح تصبح كل عام أقوى والأمواج تصير أعلى من ذي قبل وجزء كبير من الأرض يختفي، لافتا إلى أنهم يضطرون للدخول أكثر في عمق البحر ليجدوا الأسماك التي اعتادوا أن يصطادوها من الشاطئ.
ويشير بيديه إلى الموقع الذي تبدأ فيه المياه الزرقاء الباهتة في التحول إلى بنية على بعد مئات الأمطار من الشاطئ، موضحا أن هذه المنطقة كانت أرض جرداء قبل عدة سنوات بينما يغطيها الماء الآن.
ويوضح أن المسافة بين قريته والبحر كانت تستغرق نصف ساعة سيرا على الأقدام في فترة حياة جده، لكنها تستغرق الآن أقل من 10 دقائق.
وعن المظاهر الأخرى لتأثير التغير المناخي، ذكر محمد أن الرياح الشديدة أسقطت ثلث منزله العام الماضي، وقذفت قوارب من الماء إلى الطريق.
وختم حديثه قائلا: "في الشتاء البحر يهاجمنا، نحن خائفون، القرية ستغرق في البحر".
موت المحاصيل
ومع ارتفاع منسوب مياه البحر وتآكل ضفاف النيل تتدفق المياه المالحة إلى مياه النيل المستخدمة في الري.
وعن هذا يقول يوسف شاذلي الذي يعمل في الزراعة منذ 50 عاما:" المحاصيل تموت .. لو أنت رويتها بالماء الملح تموت في الحال.. لكن لو عندي ماء صالح كنت أستطيع أن أزرع أرز وبرسيم وقطن.. كنت أستطيع أن أزرع أي شيء".