السلام عليكم
سورة النمل امتن الله تعالى فيها على سليمان بما سخر الله من جنود من الإنس والجن والطير، كل جنس له مهمته الموكل بها، فجنوده من الإنس هي فرقة المشاة ، والطير هي القوة الاستطلاعية التي تأتي بالأنباء ، والجن قوة خاصة تعمل ما لا تستطيع الإنس فعله.
قال الله تعالى: (قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) سورة النمل
فهمنا أن المتطوع الأول كان عفريت من الجن ،فمن هو المتطوع الثاني الذي عنده علم من الكتاب الذي أحضر عرش ملكة سبأ قبل أن يرتد طرف سليمان؟
من سياق الكلام يبدو أن الذي فعل ذلك هو عفريت آخر من الجن عنده من العلم ما ليس عند العفريت الأول، لو كان الشخص الثاني ليس من نفس جنس المتطوع الأول لاقتضى بيان ذلك بأن يقول (قال رجل من الإنس عنده عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) ، بما أن سياق الكلام انتقل من الكلام عن المتطوع الأول إلى المتطوع الثاني دون تحديد جنسه ولا رتبته فهو إذن من جنس المتطوع الأول ويحمل نفس الرتبة، مقتضى الكلام يفرض ذلك في كل لغة بشرية.
إذا سمعت المذيع يقول : اجتمع رئيس قوة التحالف مع كبار قادة الحرب الأمريكيين وقادة الحرب البريطانيين فسألهم أيكم يدمر منشآت العدو تدميرا كاملا بوقت قياسي؟ قال جنرال أمريكي أنا أفعل ذلك في ظرف ثلاث ساعات ، وقال الذي عنده خبرة بفنون القصف أنا أدمر تلك المنشآت في ظرف نصف ساعة).
كل من سمع كلام المذيع هذا سواء كان الكلام باللغة الإنجليزية أو بالعربية أو بالفرنسية أو بأية لغة أخرى سيفهم أن هذا هذا المتطوع الأخير هو من نفس جنسية المتطوع الأول وبنفس الرتبة العسكرية، أي أنه هو أيضا أمريكي ورتبته أيضا جينرال, مقتضى الكلام يفرض هذا، لأنه لو كان المتطوع الثاني من جنسية مختلفة عن الأول ومن رتبة مختلفة لوجب بيان ذلك. والله تعالى يكلم الناس بنفس أسلوبهم في قواعد البيان.
وعليكم السلام
الأخ فجر الغد
اختلف معك فيما قلته
فأنت لم تورد أدلتك على هذا الكلام من القرءان أو السنة
وفسرته من عندك
ويجب أن تعلم أن أسلوب ولغة القرءان محكمة
فبدأت تفسيرك ب (يبدو أن الذي فعل ذلك هو عفريت آخر ...)
ومع القرءان الكريم في مثل هذه الأمور الفارقة
لا ينفع بأن أفسر من كيسي وأقول يبدو أو يمكن أو الظاهر
ببساطة تستطيع البحث في التفاسير
وتعرف أن أغلب المفسرين أتفقوا على أنه إنسان بشري أو رجل صالح إنسي
تريد أدلة من القرءان علي ذلك
أبحث في القرءان عن
الكتاب
تجد أن الكتاب في معظم الآيات
يقول
الله سبحانه وتعال أنه أنزله على بشر وليس جنًا
أو اصطفي بعض الناس بالكتاب
فالواضح من آيات كلمة الكتاب في القرءان ( أنه نزل على بشر أو فضّل به البشر)
حتى في سورة الجن تقول الجن ( سمعنا قرءانا )
في سورة الأحقاف ( سمعنا كتابا )
فالظاهر على الجن أنهم يسمعون أو يتعرفون على دينهم
وفي حديث
الله سبحانه وتعالي عن آدم عليه السلام للملائكة
يظهر لهم أنه فضله بالعلم
حتى في الدليل الذى سقته هناك اختلاف بين أسلوب القرءان وأسلوبك
فالقرءان يقول (
قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ )
وأنت تقول(
وقال الذي عنده خبرة)
ألا تجد أن الواو (واو العطف) هنا فارقة
فسيدنا سليمان يخاطب الملأ ( يعنى أهل المشورة وسادتهم والكبراء من الجن والأنس)
فيتحدث عفريت من الجن
ثم نجد القرءان ببلاغة شديدة ينتقل إلى مشهد آخر بفصل بديع
ويقول ( قال الذي عنده علم من الكتاب )
ولم يورد واو العطف التي تفيد الجمع والترتيب ونفس الحكم
فلم يقل (وقال الذى عنده علم من الكتاب)
فعندما يقول ( قال الذي عنده علم من الكتاب )
كأنه ينتقل إلى جنس آخر ومشهد آخر بهذا الفصل البديع
ولكن
الله سبحانه وتعالى يصفه بصفة عظيمة وهي ( الذي عنده علم من الكتاب)
وإذا تبحث عمن أوتوا العلم في القرءان
تجد أنهم بشر
سورة الكهف ( العبد الصالح)
الله سبحانه وتعالي يوصى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( وقل ربي زدني علما )
هذا و
الله أعلم بالحق