القطيعة والأذى هي إحدى وسائل المجتمع المسلم في التضييق على العصاة حتى يقلعوا وحتى يلفظ المجتمع كل من يخالف النظام
والتطبيع مع من يخالف الإسلام أو النظام هو إثم حتى لو أمر به ولي الأمر
ولي الأمر ليس له طاعة مغايرة مستقلة عن الله ورسوله. بل طاعته متفرعة من طاعة الله ورسوله
ولي الأمر ليس معصوما هو الآخر بل ينكر عليه إذا أخطأ . وما أكثر ما يخطئوا بل إن الخطأ كله منهم في هذا الزمن العجيب
والأمر بلزوم ولي الأمر مقصده التوحد والاجتماع وسد الباب أمام الفرقة .. وليس المقصد منه "تقديس" ولي الأمر كما هو الحال في دول الخليج !!
وللأسف الغرب تفوق علينا في هذه النقطة فهو لا يقدس حكامه بالعكس بل يحاسبهم وكما قال عمر بن العاص عنهم "أمنعهم من ظلم ملوكهم" رغم أننا أحق بهذا الطبع وهذه الخصلة منهم فأول من سن ذلك هو أبو بكر رضي الله عنه لما قال إذا أخطأت فقوموني "وليس فطبلولي"
وفي تفسير قوله تعالى "واللذان يأتيانها منكم فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا "
قيل يعنَّفان ويعيَّران حتى يتركا ذلك وزاد بعض المفسرين الضرب
إذا فكل من أظهر منكرا فعلى عامة المسلمين أن ينصحوه و يضيقوا عليه ويغلظوا له القول إذا لزم ذلك ونفع
ولو ترك الناس ذلك ـ وبالفعل هم تاركوه !! ـ سلط الله على الناس ذلا لا ينفك عنهم بتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وكما في الحديث رأى منكم منكرا فليغيره بيده
وتخصيص التغيير باليد للحاكم فقط أو من ينوب عنه تفسير خاطئ لم يعرفه السلف ولا دليل عليه ولا يخدمه لفظ الحديث فالحديث واضح فليغيره بيده ولم يقل فليبلغ الحاكم ليغيره
وبسبب بعد المسلمين عن هذا المنهج أصبحنا غثاءا لا وزن لنا عند حكامنا ولا عند عدونا
وأصبح علمائنا ملء السجون والمعتقلات والسبب أنه لا أحد ينكر المنكر ولا يدافع عن إخوانه
وتذكرت الآن قول الشيخ كشك رحمه الله لما اعتقلوه من وسط المسجد وحوله ألف من المصلين والحضور فقال عنهم لو كانوا ذبابا لأحدثوا طنين
لذلك أصبح الدين مستباحا والمناصب العليا للبراليين والعلمانيين والكفرة من الأجانب والمطوع به مسخرة الناس وللأسف ما عاد له وزن لأنه ترك عزته وحراسة دينه وانشغل بالقشور والمواعظ
كما قلت آنفا في إحدى مشاركاتي لا يوجد شيء اسمه ولي أمر ولكن أولي أمر (أمراء وعلماء). الناس يخلطون بين الإمارة وبين الولاية فالأمير هو غالبا أمير المؤمنين أو الخليفة أو الرئيس أو الملك أو الأمير ومثلها من المسميات أما أولي الأمر فهم أهل الحل والربط من أمراء وعلماء.
أولي الأمر (أمراء وعلماء) يتشاورون وبعد ذلك يطيعون كلمة الأمير الفاصلة إذا لم تكن في معصية الخالق.
من يحدد ذلك؟ العلماء، والذين يستطيعون تحديد الصائب من الخاطيء وللعامة الطاعة وعدم بث الفتن والاضطرابات.
أدناه تجد من سجن من العلماء بسبب آرائهم ولم نقرأ أنهم قاموا بشق عصا الطاعة على الأمراء حتى مع مطالبة أنصارهم بذلك.
(من سجن من العلماء)
1_ الصحابي الجليل خبيب بن عدي رضي الله عنه . في قضية القراء، حبس حتى قتل .
2- التابعي الجليل سعيد المسيب سجنه الأمويون عند رفضه البيعة لاثنين بولاية العهد بعد عبد الملك .
3- التابعي الجليل ومفسر كتاب الله الكريم مجاهد بن جبر ، كان مع ابن الأشعث .
4- الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله ، سجن في عهد المنصور وعندما أخرج منع من الفتوى والجلوس للناس والخروج من المنزل فكانت تلك حاله إلى أن توفي .
5- الإمام مالك بن أنس رحمه الله ، وكان مما أصابه أن جرد وقيد وضرب بالسياط حتى انخلعت كتفه وارتكب منه أمر عظيم ، وبقي بعد الضرب لا يستطيع رفع يديه . وكان ذلك من والي المدينة جعفر بن سليمان وقيل أنه رأي رآه من دون علم أبا جعفر المنصور .
6- الإمام الشافعي رحمه الله ، وسجن ونقل إلى بغداد في الوشاية الظالمة باتهامه بالعلوية وقد عرض على السيف ولكن شفع له محمد بن الحسن .
الله ، لإنكاره على أبا جعفر المنصور .
8- ابن جريج رحمه الله .
9- عباد بن كثير رحمه الله .
10- الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :
أ_ الجلب مقيداً إلى بغداد .
ب_ السجن
ج- التعذيب في السجن بالضرب بالسياط .
د_ الإقامة الجبرية .
وكان ذلك في فتنة خلق القرآن .
وأسلمه الله من الفتنة الأخرى وهي وشاية ابن الثلجي فقد دهم الجنود بيته وفتشوه وكذلك فتشوا تابوت الكتب والغرف والسطوح وفتشوا النساء ، ورد الله الذين كفروا بغيظهم .
11- الإمام ابن حزم الظاهري ، سجن بعد توليه الوزارة للمستظهري فقد سجن هو وابن عمه ، وكان ذلك سنة 416 هجري ، كما كان قد سجن قبل ذلك أيام خيران صاحب المرية.
** كما أنه وقع في الأسر في أواسط 409 هجري بعد هزيمة المرتضي أمام جيوش غرناطة .
12- العز بن عبدالسلام . وكان ذلك لانه أنكر على الملك الصالح إسماعيل تحالفه مع الصليبين ضد أخيه.
وكان سجنه الثاني عندما لم يقبل أن يقبل يدي الملك الصالح للإعتذار ، وكان مما قال ( ما أرضاه أن يقبل يدي فضلاً أن أقبل يده ، يا قوم أنت في واد وأنا في واد ، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به ...) وكان الملك يتبجح باعتقاله لملوك الفرنجة ، فأجوبوه جواباً قاسياً ، وقالوا له : لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه .
13- ابن الحاجب المالكي ، لإشتراكه مع العز بن عبد السلام في الإنكار .
14- شيخ الإسلام ابن تيمية : وكان مولده ( 661) هجري ووفاته (728 )
في الفترة الواقعة بين ( 693-728 ) هجري أدخل ابن تيمية السجن ست مرات على فترات متقطعة بلغ مجموعها ست سنوات .
وكان السجن الأخير في 16 شعبان 726 هجري على يد صديقه وتلميذه الناصر قلاوون . وبعد اعتقاله بخمسة أيام جرى اعتقال عدد من أتباعه وتلاميذه بينما اختفى البعض الآخر وجرى البحث عنهم وجلدوا بالسياط ثم أطلق أكثرهم ما عدا ابن قيم الجوزية الذي استمر بالسجن حتى بعد وفاة ابن تيمية .
ثم تبع ذلك صدور بلاغ موقع من الناصر أذيع في القاهرة وبقية المناطق . وتضمن البلاغ مهاجمة آراء ابن تيمية و أنها تخالف عقائد السلف _ زعموا _ وتتناقض مع إجماع العلماء و أولي الأمر ، وتشوش عقول العامة . كذلك منع تداول موضوعات ابن تيمية والتهديد لمن يفعل ذلك بالموت ، وإجبار الحنابلة على شجب هذه الآراء أو الحكم عليهم بالسجن .
ولقد ألقي في السجن هذه المرة بدون كتب ولا أوراق ولا حبر ولا قلم . ثم توفي في سجنه 728 هجري.
15 _ الإمام ابن القيم ، كما سبق . وقد حبس مدة لإنكاره شد الرحال إلى قبر الخليل .
16 _ الأمير الصنعاني عالم اليمن وبقية السلف رحمه الله .
وكان سجن مرتين ، الأولى : اتهامه بالخروج على المتوكل .
الثانية : في إحدى خطب الجمعة نسي الدعوة للإمام في عصره فقامت عليه العامة بتحريض من بعض العلماء فسجن .
http://majles.alukah.net/t32642/
لذلك أتمنى ألا نخرج من الموضوع ولا تجعل حفنة الكتب الدينية التي قرأتها تغريك أنك وصلت لمرحلة الاجتهاد. اقصر والزم ولاة الأمور من أمراء وعلماء وإن أصبحت عالما فحينها ستعرف فقه التعامل مع النوازل بدلا من هذا الحماس والتهور الناجم من حمية لا من فقه.
إذا أردت أن تكمل الحوار أتمنى ألا تفتي للناس من رأسك ما يتوجب عليهم فعله وبأن تلتزم بفتاوى العلماء الثقاة.
شكرا لك.