وأما المدح:
فإن كان فيه تشجيع على اﻹستقامة،وتثبيت على الهداية وحث على الطاعة واﻹستزادة،فنعما هي،ومثال ذلك:
قوله عليه الصلاة والسلام،لعبدالله بن عمر رضي الله عنهما :
"
نعم الرجل عبدالله لو كان يقيم الليل" فكان بعد لا ينام الليل إلا قليلا
وإن كان فيه غواية كحال المﻷ من قوم فرعون معه :
" وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم
وإنا فوقهم قاهرون "
فكان تذكيرهم له -بما حباه الله إياه من ملك وقوة فتنة وإستدراجا له-تغريرا به،أهوى بهم وبه،فأهلكهم جميها .
ومثله مدح الشخص بما ليس فيه،فيكون سببا في إدخال العجب على نفسه -إن لم يكن ذا علم ودراية- فذاك والله هو الذبح،فعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
"
لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم،إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله "
ورحم الله القائل :
"
رحم الله إمرئ أهدى إلي عيوبي " ورضي عنه،إذ سار عمر بن الخطاب يوما ومعه أبو عبيده رضي الله عنهما،فالتقته امرأة في الطريق فقالت : إيه يا عمر لقد كنت تسمى عميرا تصارع الفتيان في أسواق عكاظ،ثم مالبثت أن سميت عمرا،ثم ما لبثت حتى أصبحت أميرا للمؤمنين،فاتق الله يا عمر وأعلم أن الله سائلك عن الرعية كيف رعيتها،فبكى عمر بكاءا شديدا فلام أبو عبيدة المرأة على قسوتها على عمر،فقال له عمر : دعها يا أبا عبيدة فهذه التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات
تواضع تكـن كالـنجـم لاح لنـاظــره
على طبــقات الــماء وهــو رفــيع
ولا تكـن كـالـدخـان يعـلوا بنـفـسه
على طبــقـات الـجو وهـو وضـيع