الباحث محمد احمد عقلة بني مصطفى// المملكة الأردنية الهاشمية: بكالوريوس بالشريعة الإسلامية/جامعة مؤتة/الأردن ماجستير في قضاء شرعي/الجامعة الأردنية/الأردن طالب دكتوراه:الفقه المقارن/جامعة الزعيم الأزهري/السودان بحث بعنوان"زواج الصغير والصغيرة فقها وقانونا" ملخص باللغة العربية: يتحدث البحث عن حكم زواج الصغير و الصغيرة ما بين الفقه و القانون حيث أن الفقهاء قديما قد بحثوا هذه المسالة و قد أجاز جمهور الفقهاء زواج الصغير والصغيرة إلا إن العلماء المعاصرين و غيرهم و قد منعوا حدوث مثل هذا الزواج لانتفاء المصلحة منه وقد ذكر الباحث عدد من قوانين الأحوال الشخصية التي ذهبت إلى منع حدوث مثل هذا الزواج حيث لا مصلحه فيه و سكنى و لا يودي للمقاصد الشرعية التي تتم من خلال الزواج مع ذكر الأدلة و القوانين المؤيدة إلى ذلك و قد رجح الباحث عدم جواز الصغير و الصغيرة لانتفاء المقصد و المصلحة منه و ذكر الباحث بعض الحالات التي يمكن من شانها تزويج الصغير أو الصغيرة و التي تكون منوطة بالمصلحة و الحفاظ على المال لهما حكم زواج الصغير زواج الصغير : هو الزواج الذي يتم ما بين شخصين يكون كل منهما لم يبلغ السن الذي يؤهله لإجراء عقد زواج لنفسه أو لغيره وقد يكون احدي الزوجين صغيرا و الأخر بالغ أي إحدى العاقدين ناقص الأهلية التي تؤهله لإجراء عقد بنفسه أو لغيره. والأخرى يكون عنده الأهلية بحيث يكون قادر على إجراء العقد بنفسه أو لغيرة إذا كان بالغاً عاقلاً لقد اختلف الفقهاء حول حكم زواج الصغير على عدة أقوال ومن أهم هذه الأقوال: القول الأول: : ذهب جمهور الفقهاء وهم الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز زواج الصغير والصغيرة مميزين كانا أو غير مميزين(1) . وقد استدلوا بعدة أدلة منها 1. من الكتاب قولة تعالى " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن(2) " . وجه الاستدلال أن الله اثبت العدة للصغيرة وهو فرع تصور نكاحها شرعا فيبطل ذلك قول من منع زواج الصغير أو الصغيرة(3) . قوله تعالى " وانكحوا الايامى منكم(4) " وجه الاستدلال - هو أن الأيم هي كل من لا زوج لها صغيرة كانت ام كبيرة حيث أمر الله تعالى الأولياء بتزويجهن فدل على صحة العقد عليهن (5). 2. من السنة 1- زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها وهي صغيرة حيث زوجها أبو بكر رضي الله عنه من الرسول صلى الله علي وسلم وهي بنت ست سنين .وهذا نص قريب من المتواتر فدل قبول الرسول صلى الله علية وسلم منها على مشروعية نكاح الصغيرة لقوله تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " ولا يجوز أن نقول أن ذلك من خصوصيات الرسول صلى الله علية وسلم لأنة الأصل الإقتداء العام به ولا يعدل عن ذلك إلا بدليل (1). 2-عدم اعتراض الرسول على زواج قدامه بن مظعون عندما تزوج بنت الزبير وهي مازالت صغيرة حيث فهم الصحابة ذلك واستدلوا على ان الزواج الصغيرة ليس من خصوصيات الرسول عليه الصلاة والسلام .بل هو تشريع عام لكل المسلمين(2). 3- قوله صلى الله عليه وسلم "إنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها (3)" وهذا القول عندما تزوج رجل من فتاه صغيرة, قد توفي والدها فدل على جواز الزواج من الصغيرة. 4- أن الرسول زوج أمامه بنت حمزة بن عبد المطلب من سلمه بن أبى سلمة وهما صغيران(4) . 3. الإجماع حيث روي عن العديد من الصحابة الذين أجازوا زواج الصغار وهناك العديد من الآثار منها 1- أن على ابن أبى طالب زوج ابنته أم كلثوم من عمر رضي الله عنه وهى صغيرة. 2- أن قدامه بن مضعون تزوج ابنة الزبير بن عوام رضي الله حيث قال "أن مت فهي خير ورثتني وإن عشت فهي بنت الزبير " . وقد روى مثل ذلك عن بعض من الصحابة وعن غيرهم من التابعين رضوان الله عليهم أجمعين فكان إجماعاًً(1). 4. دليل عقلي 1- وهوان الزواج عقد مصلحةً وعلي الولي أن يراعي مصلحة المولى عليه ومن ذلك تزويجه بالكفء ,وحيث كان وجودة الكفء لا يتيسر في كل حين .فقد اقتضت المصلحة أن يزوجها منه متى وجد ولو كانت صغيرة (2). 2- انه مادام في الزواج يتحقق فيه مصلحه والإسلام يدعوا للمحافظة على الصغار وبالتالي يلتقي بذلك مع جواز الزواج للصغار لأنه فيه مراعاة لشؤونهم وكسب المصلحة لهم . وهذا بالتالي ما حث عليه الإسلام(3). القول الثاني - ذهب مجموعة من العلماء إلى عدم جواز تزويج الصغير مطلقاً ومن أصحاب هذا القول ابن شبرمه وأبو بكر الأصم وغيرهم(4) وقد استدلوا بعدة أدله منها . 1. قوله تعالى "وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم بأموالهم (5)". وجه الاستدلال –أن الآية جعلت بلوغ النكاح علاقة أنتها الصغر .فلو كان زواج الصغير صحيحاً لما كان لهذه الغاية معنى . 2. لأنه لا فائدة من هذا الزواج لأن الزواج شرع من اجل تحقيق المقاصد الشرعية منه من خلال حسن المعاشرة والتناسل والسكن النفسي ولا يتحقق شيء من ذلك في الزواج الصغيرة . بل يكون فيه ضرر بالغ لإجبارها على حياة مشتركة مؤبدة دون التأكد من الانسجام بينهما(1) وهذا من جهة . ومن جهة أخرى فكيف ممن لا يستطيع الاعتماد على نفسه أن يكون قادراً على تحمل المسؤولية على غيرة فهذا ينافي العقل وفي زواج الصغار يحدث هذا التناقض فالصغير أو الصغيرة لا يملك حق التصرف على نفسه فكيف يكون له حق على غيره فهذا يدل على عدم جواز زواج كل من الصغير والصغيرة. وقد قال البعض أن زواج الرسول (ص) هو خصوصية من خصوصياته عليه السلام القول الثالث:-وذهب مجموعة من العلماء أيضاً ومنهم ابن حزم الظاهري إلى التفرقة ما بين زواج الصغير وزواج الصغيرة حيث أجازوا زواج الصغيرة أما زواج الصغير فلم يجيزوه واعتبروه زواج الصغير باطل(2). وقد استدلوا بنفس الأدلة التي سبقت من قبل ومنها 1. قوله تعالى "وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ". 2. إن زواج الرسول عليه السلام لعائشة هو من خصوصياتهِ عليه السلام . 3. لعدم تحقيق الغايات والمقاصد الشرعية من زواج الصغير وبالتالي لا يجوز تزويجه . ولكنهم استثنوا زواج الصغيرة ولورود الدليل على صحة زواجها فوجب الوقوف عنده ولا يصح تعدية إلى الصغير وقياسه عليه لان القياس باطل من جهة . ولأنه معارض بالإجماع من جهة أخرى(1). حكم زواج الصغير والصغيرة (العلماء المعاصرين) هذا وقد ذهب كثير من العلماء المعاصرين إلى تأييد القول ببطلان زواج الصغير أو زواج الصغيرة وقد أيدوا مذهبهم بالإضافة إلى أدلة ابن شبرمه وعثمان البتي وأبو بكر الأصم بأمور منها . 1- انه فيه حرمان الزوج والزوجة من حق اختيار شريك حياته إذ يجبر على الزواج بشخص لم يختره. ولا يملك الاعتراض مخافة التعرض للأذى والمهانة من الأولياء وهذا قد منعة الشريعة الإسلامية. 2- تعرض الزوجة والأولاد للأمراض نتيجة الحمل المبكر وبالتالي يؤدي إلى ضيق على الحياة الزوجية وعدم تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية من هذا الزواج(2) . 3- إن الزواج الصغير حينما يبلغ ربما وجد نفسه قد اقترن بآخر لا ينسجم معه وبالتالي هذا يؤدي إلى حدوث الخلاف والنزاع في الأسرة والذي نحن في غنا عنه لو منعنا حدوث ذلك الزواج من أصله. 4- إن الصغير ممنوع من التصرف وعقوده باطلة شرعاً والزواج يترتب عليه حقوقاً وتبعات وإعطاؤه حق التصرف في ماله دون نفسه متناقض وكما أن إعطاءه حق التصـرف في ماله خروج عن القاعدة التي تعتبر القاصر محجورا علية في ماله(1). حكم زواج الصغير والصغيرة (القانون) هذا وبعد ذكر أقوال الفقهاء حول زواج الصغير والصغيرة كان لابد من معرفة رأي القانون والتشريعات القانونية حول زواج الصغير وزواج الصغيرة في بعض قوانين الدولة العربية ومنها. قانون الأحوال الشخصية الأردني حيث ذهب قانون الأحوال الشخصية الأردني لسنة (2010). إلى بطلان زواج الصغير وزواج الصغيرة أخذا بذلك برأي أبو بكر الأصم وابن شبرمه حين نص القانون على ما يلي: "يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والخطوبة عاقلين وان يكون كل منهما قد أتم الثامنة عشرة سنة شمسية من عمرة إلا انه يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من لم يتم منهما هذا السن إذا كان قد أكمل الخامسة عشرة من عمرة وكان مثل هذا الزواج مصلحة تحدد أسسها بمقتضى تعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية ".و قد ذهب عدد من قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية إلى ما ذهب إليه القانون الأردني في بطلان زواج الصغير و الصغيرة لانتفاء الحكمة منه. الخاتمـــــــــة في نهاية بحثي هذا فإني احمد الله عز وجل بمنحي القدرة على كتابة هذا البحث وقد بينت فيه معنى الزواج لغةً واصطلاحاً ومعرفة الأحكام المتعلقة بالزواج الصغار وفي النهاية فقد توصلت لبعض من النتائج منها . أولا – إن جميع الفقهاء القدامى أو الاغلبيه منهم كانوا يجيزون زواج الصغير والصغيرة وخصوصا أصحاب المذاهب الاربعه ( الحنفية – المالكية – الشافعية – والحنبلية ) وهذا يدل على مدى القرب فيما بين هذه المذاهب . ثانياً – إن الذين أجازوا زواج الصغير والصغيرة لم يجيزوا عبثا بل انه لا يجوز إلا إذا توفرت المصلحة من عملية التزويج تقتضي المصلحة للزوج والزوجة . ثالثاً- معرفة أن معظم العلماء المعاصرين قد منعوا زواج الصغار وذلك لعدم توفر المصالح من هذا الزواج وبالتالي هم يخالفوا أصحاب المذاهب الاربعه. رابعاً- معرفة رأي القانون عند بعض الدول العربية والذي يمنع زواج الصغار وذلك لأنه ينافي المصلحة العامة وينافي أهداف ومقاصد الشريعة الإسلامية. خامساً- معرفة أهم الذين يقوموا بإجراء عقد الزواج مع الاختلاف في ترتيبهم عند أصحاب المذاهب الأربعة . وفي النهاية فاني اشكر الله تعالى مرة أخرى على ما منحني إياه والله على كل شيء قدير. منقول