أعجبني قول في هذا المقام
لا تسأل الطغاة لماذا طغوا بل إسأل العبيد لماذا ركعوا
السلام عليكم، و رحمة الله تعالى و بركاته
لا يوجد أجمل من الاعجاز القرآني...لو تدبرنا القرآن لوجدنا فيه اسرار عجيبة تفوق الفهم البشري...
المقولة التي قلتها، يوجد في القرٱن ما هو اعمق
_________
قال الله سبحانه وتعالى:
{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ (56)}. (الزخرف)
لقد ضرب الله سبحانه لنا مثلا عن فرعون الذي كان طاغية عصره، فبغى وظلم، وادعى لنفسه الألوهية
{هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24)} (النازعات)، وأعطى لنفسه سلطة التدخل في فكر الناس وعقولهم، وجعل نفسه مركز الكون، فلا فعل بدون إذنه، ولا قول بدون إذنه، بل ولا تفكير بدون إذنه؛ لذلك صاح قائلا عندما آمن السحرة برب العالمين:
{ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ }
________
منقول
لقد طغى فرعون في الأرض وتجبّر، إلا أنّ قومه كانوا يصفقون له، رهبة ورغبة، فيوافقونه في أعماله، ويظهرون له الولاء، ويطيعونه رغم إفساده في الأرض؛ فكانت مظاهر الخنوع هذه مدعاة له لأن يستخف بهؤلاء القوم الذين أطاعوه في المنكر، فلا يقيم لهم وزنا، ولا يعبأ بوجودهم، فازداد طغيانا وتجبرا.
إن سكوت قوم فرعون عن ظلمه وطغيانه وكفره، جعلهم من الفاسقين؛ لأنهم أطاعوه في ظلم وكفر
. {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}.
ولم يقف الأمر عند حدّ تفسيقهم، بل عمّهم العقاب، فأغرقهم الله أجمعين: فرعون الطاغية، وزبانيته، وكذلك قومه الذين سكتوا عن طغيانه وكفره.
{فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ. فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ}.
________________
إنّ ما حدث لفرعون وقومه عبرة لكل ظالم وطاغية في كل زمان ومكان، وهو أيضا عبرة لكل شيطان أخرس، ولكل ساكت عن الظلم.
عن أبي بكر الصديق قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية
{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه". وفي رواية قال: "
إنّ النّاس إذا رَأَوُا الْمُنْكَرَ لاَ يُغَيِّرُونَهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بعقابه". وفي رواية أخرى:
"إن أمّتي إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله منه بعقابه".
أخرجه أبو داود في السنن (3835)، الترمذي في السنن (2188)، أحمد في مسند أبي بكر (33 و34)، البيهقي في الكبرى (18540)، ابن حبان في صحيحه (305) وغيرهم.
2 أخرجه أحمد في مسند أبي بكر (1 و16 و54)، الترمذي في السنن (3130)، ابن ماجه في السنن (4036) وغيرهم.
3 أخرجه بهذا اللفظ البزار في مسنده، ما روى قيس بن حازم عن أبي بكر (51 و52)، وما روى محمد بن أبي بكر عن أبيه (109).