كرامة هذه الأمة ليس مؤيداً لنظرية التطور
السلام عليكم ورحمة الله
من جهة الدين الأمر واضح أن الكتب ما أنزلت والرسل ما أرسلت إلا بعد فساد دين الناس وأخلاقهم لا لأجل اكتمالهم قال الله (كان الناس أمة واحدة فبعث النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه)
أخرج ابن جرير الطبري
عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان بين نوح وآدم عشرة قرون ، كلهم على شريعة من الحق . فاختلفوا ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين . قال : وكذلك هي في قراءة عبد الله : " كان الناس أمة واحدة فاختلفوا " .
وهكذا كان يقرؤها كعب مفسرة
وفي الآية الأخرى يقول الله سبحانه (وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا)
وكلما زاد التفصيل في شريعة الكتاب المنزل دل على الحاجة للتعليم لغلبة الفساد في العقيدة والفهم والأخلاق لا لتطور الفهم المزعوم وما قد يحصل من تطور في أمر الدنيا هو في حقيقته تغير قدَّره الله لحكم عظيمة ولا تدل على تقدم الدين قال صلى الله عليه وسلم "تخرج معادن يجتمع عليها شرار الخلق " والمعادن عليها يقوم التطور الحضاري الجديد وهي شر على الدين (حتى إذآ أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلهآ أنهم قادرون عليها آتاهآ أمرنا فجعلناها حصيدا) وعيسى عليه السلام كان أبعد الناس من الحضارة وكان متقشفاً زاهداً ويتوسد الحجر وإذا ذكر الزهد في الأنبياء واعتزال الناس ذكر عيسى عليه السلام وحسب علمي أن الذي غلا في مولد عيسى وذاته هو ما جاء في انجيل بولس اليهودي المحرف وتفسيراته التي عليها طابع الغلو في ذات المسيح التي حرف به دين النصارى إلى اليوم اغتراراً منهم بكثرة مدحه وتقديسه للمسيح بما يخالف حقيقة الدين الذي جاء به المسيح قال الله عنه(ما قلت لهم إلا مآ أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ) وكما فعل ابن سبأ اليهودي في تحريف عقيدة الاسلام بالغلو في آل البيت وعبادتهم .
وفي آخر سورة البقره التي أوردتها رد على هذه النظرية في تطور الفهوم والقدرات العقلية للبشر حيث فيها العفو عن هذه الأمة لضعفها وأن فضلهم كان في الاستجابة والاذعان (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) والاعتراف بالضعف والنسيان فأيدهم الله بلطف منه ورحمة
نظرية التطور نظرية كفرية باطلة ليست من دين المسلمين سواء كان ذاك التطور في الانسانية الجسمانية أو عقولها وأخلاقها الروحانية وما يقول هذا إلا من جهل معاني القرآن والسنة أو غرته الحضارة والعلوم العصرية وظن أنهم حين ابتلوا بهذه الحضارة قد سبقوا الجنس البشري والقرآن بين أنه كما خلق آدم على صورته كذلك علمه الأسماء كلها ولم يزل الخلق في نقص في كل شيء حتى أن هذه الأمة هي أنقص الأمم خلقاً وأضعف قوة وتحملاً وأقصر عمراً فرحم الله هذه الأمة لضعفهم فخفف عنهم ووضع عنهم الأغلال والآصار التي كانت على من قبلهم بل حتى في العقول والأخلاق تنقص مع نقص الخلق إلا من شاء الله له الكمال لأجل ذلك فإن من رحمة الله بهذه الأمة مع هذا الضعف لم يؤاخذهم بالنسيان وما حدثت به أنفسهم ما لم يفعلوا أو يتكلموا وبعث فيهم رسولاً منهم وجعله في الأميين من هذه الأمة وأكرمه بأعظم الكرامة (عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)
وهذا التطور في النقص مشاهد لمن أعطي بصيرة في معاني الانسانية وكمالها الفطري فتجد من أدركناهم من الشيوخ والأباء والأجداد لديهم من عظمة الانسانية والخلق والاحترام وتقدير الأمور والصبر... الخ ما ليس للأجيال بعدهم وهكذا من سبقهم كان أرفع رتبة إلى أن نصل لسلف هذه الأمة فلديهم من الكمالات الانسانية ما لا يصدقه بعض الناس إلا كخيالات
وقد كنت أعجب من حديث "حتى يلعن آخر هذه الأمة أولها" والروافض كانوا من قديم فهل سيوجد من يجرؤ على سلف الأمة بعد بدعة الرافضة أو سيجدُّ معها في آخر القرون ؟ حتى رأيت مفتاح هذا الباب في هذا التطور المزعوم الذي توسمت وليته يخطيء هذا التوسم بأن أصحاب هذا الفكر سيزدادون ويتدرج بهم و سيدعون كمالاً على الأوائل حتى يصل بهم للجرأة على تغيير الدين وسب الأولين واستنقاصهم بفهوم سبقت العالمين وصدق فيهم المثل "كلٌ راض عن عقله وأقل الناس عقلاً أرضاهم عن عقله" وأظنه لعبت فيهم الحقن المفسدة للجينات البشرية وعقولها وفهومها
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه (لم يكمل من النساء إلا أربع) وذكر مريم وآسية وكلهن قبل عيسى هل أنت تهرف بما لا تعرف وتزعم أن الكمال ثورة الكمال البشري كان بميلاد عيسى بن مريم أغرك بولس اليهودي محرف دين النصارى وبنيت فهمك على ترهاتهم وخلطت الاسلام بالمسيحية والنظريات الخرافية وخرجت بأوهام لا دينية
بل ورد نقص هذه الأمة حتى في العلم والأخلاق أيضاً غير أن الله يمدهم بلطفه جبراً لهذا النقص ورحمة ذلك فيمارواه الامام أحمد في مسنده وغيره بإسناده سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ ، تَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " يَا عِيسَى إِنِّي بَاعِثٌ مِنْ بَعْدِكَ أُمَّةً ، إِذَا أَصَابَهُمْ مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا وشَكَرُوا ، وَإِذَا أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبرُوا ، وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ " ، قَالَ : يَا رَبِّ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا لَهُمْ وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ ؟ قَالَ : " أُعْطِيهِمْ مِنْ حِلْميِ وَعِلْميِ " ، هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ ، وأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ
فكمال هذه الأمة بفضل من الله ورحمة بصدق توجههم إليه والتعظيم له والتوكل لا بقوة وزيادة علوم ومعارف وحضارات وأما من نراهم ممن أُعطوا أسلحة بلغوا بها قوة عاد وهندسة ثمود فليسوا من الأمة الأمية المرحومة وإن كانوا داخلين في أمة الدعوة فما جاءت إلا من عند أعداء الله وإنما مثل هذه الحضارة والمراد بها كما قال الله (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ) فإذا غلب الترف جاء القطف كقوم عاد حين بلغوا أن قالوا (من أشد منا قوة) وكمثل صاحب الأرض إذا فرغ من زرعها حين يجني ثمرته يهملها فيترعرع الزرع ويكبر ويلتوي للفساد واليبس ليجتث من عروقه ويحرث الأرض من جديد وليس له فيه حاجة والجاهل حين يرى هذا النمو الأخير يقول هذا أكبر مما كان يعني حين كان يثمر ويظنه سيثمر بأكثر مما كان وما هو إلا حين زواله ومع ذلك فالمفتونون كثير وهذه من أسباب نكوف كثير من الناس عن دين الله واستهزاءهم به وبأهله
(فلمآ جآءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون)
(إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم)
وكمال هذه الأمة ورحمتها سره في ضعفها لا في نظرية التطور المزعومة فإن الإنسان إذا قوي واستغنى تجبر وطغى وإذا ضعف واحتاج توجه لربه ومولاه وتوكل عليه وكفى به مؤلا .
فعند حصولها تضعف الانتاجية الدنيوية والسعي لها والتفكير فيها مع أن أهل البلاء أقرب الناس لله (أما إنك لو عدته لوجدتني عنده) فهكذا فضلت هذه الأمة وقربت من الله من أوسع باب الافتقار والضعف شابهوا الأنبياء "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل"
"وَإِذَا أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبرُوا ، وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ " ، قَالَ عيسى: يَا رَبِّ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا لَهُمْ وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ ؟ [أي أنهم من أنقص الناس لأنهم آخر الأمم] قَالَ : " أُعْطِيهِمْ مِنْ حِلْميِ وَعِلْميِ " فمن أراد من هذه الأمة صلاح دنياه وأخراه فعليه بالتوكل على الله والبراءة من الحول والقوة ليرحمه الله ويكرمه وحين تعلقت الأمة بالأسباب خذلت وكلما زادت احتياطاتها وكثرت أعدادها وعِددها إزداد جبنها وخنوعها لأعداءها قال أمير المؤمنين عمر حين عوتب على مرقعته وركوبه البعير عند زيارته الشام لمقابلة العدو "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمتى ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله" تطورنا مذلة عزنا في توكلنا
السلام عليكم ورحمة الله
من جهة الدين الأمر واضح أن الكتب ما أنزلت والرسل ما أرسلت إلا بعد فساد دين الناس وأخلاقهم لا لأجل اكتمالهم قال الله (كان الناس أمة واحدة فبعث النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه)
أخرج ابن جرير الطبري
عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان بين نوح وآدم عشرة قرون ، كلهم على شريعة من الحق . فاختلفوا ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين . قال : وكذلك هي في قراءة عبد الله : " كان الناس أمة واحدة فاختلفوا " .
وهكذا كان يقرؤها كعب مفسرة
وفي الآية الأخرى يقول الله سبحانه (وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا)
وكلما زاد التفصيل في شريعة الكتاب المنزل دل على الحاجة للتعليم لغلبة الفساد في العقيدة والفهم والأخلاق لا لتطور الفهم المزعوم وما قد يحصل من تطور في أمر الدنيا هو في حقيقته تغير قدَّره الله لحكم عظيمة ولا تدل على تقدم الدين قال صلى الله عليه وسلم "تخرج معادن يجتمع عليها شرار الخلق " والمعادن عليها يقوم التطور الحضاري الجديد وهي شر على الدين (حتى إذآ أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلهآ أنهم قادرون عليها آتاهآ أمرنا فجعلناها حصيدا) وعيسى عليه السلام كان أبعد الناس من الحضارة وكان متقشفاً زاهداً ويتوسد الحجر وإذا ذكر الزهد في الأنبياء واعتزال الناس ذكر عيسى عليه السلام وحسب علمي أن الذي غلا في مولد عيسى وذاته هو ما جاء في انجيل بولس اليهودي المحرف وتفسيراته التي عليها طابع الغلو في ذات المسيح التي حرف به دين النصارى إلى اليوم اغتراراً منهم بكثرة مدحه وتقديسه للمسيح بما يخالف حقيقة الدين الذي جاء به المسيح قال الله عنه(ما قلت لهم إلا مآ أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ) وكما فعل ابن سبأ اليهودي في تحريف عقيدة الاسلام بالغلو في آل البيت وعبادتهم .
وفي آخر سورة البقره التي أوردتها رد على هذه النظرية في تطور الفهوم والقدرات العقلية للبشر حيث فيها العفو عن هذه الأمة لضعفها وأن فضلهم كان في الاستجابة والاذعان (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) والاعتراف بالضعف والنسيان فأيدهم الله بلطف منه ورحمة
نظرية التطور نظرية كفرية باطلة ليست من دين المسلمين سواء كان ذاك التطور في الانسانية الجسمانية أو عقولها وأخلاقها الروحانية وما يقول هذا إلا من جهل معاني القرآن والسنة أو غرته الحضارة والعلوم العصرية وظن أنهم حين ابتلوا بهذه الحضارة قد سبقوا الجنس البشري والقرآن بين أنه كما خلق آدم على صورته كذلك علمه الأسماء كلها ولم يزل الخلق في نقص في كل شيء حتى أن هذه الأمة هي أنقص الأمم خلقاً وأضعف قوة وتحملاً وأقصر عمراً فرحم الله هذه الأمة لضعفهم فخفف عنهم ووضع عنهم الأغلال والآصار التي كانت على من قبلهم بل حتى في العقول والأخلاق تنقص مع نقص الخلق إلا من شاء الله له الكمال لأجل ذلك فإن من رحمة الله بهذه الأمة مع هذا الضعف لم يؤاخذهم بالنسيان وما حدثت به أنفسهم ما لم يفعلوا أو يتكلموا وبعث فيهم رسولاً منهم وجعله في الأميين من هذه الأمة وأكرمه بأعظم الكرامة (عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)
وهذا التطور في النقص مشاهد لمن أعطي بصيرة في معاني الانسانية وكمالها الفطري فتجد من أدركناهم من الشيوخ والأباء والأجداد لديهم من عظمة الانسانية والخلق والاحترام وتقدير الأمور والصبر... الخ ما ليس للأجيال بعدهم وهكذا من سبقهم كان أرفع رتبة إلى أن نصل لسلف هذه الأمة فلديهم من الكمالات الانسانية ما لا يصدقه بعض الناس إلا كخيالات
وقد كنت أعجب من حديث "حتى يلعن آخر هذه الأمة أولها" والروافض كانوا من قديم فهل سيوجد من يجرؤ على سلف الأمة بعد بدعة الرافضة أو سيجدُّ معها في آخر القرون ؟ حتى رأيت مفتاح هذا الباب في هذا التطور المزعوم الذي توسمت وليته يخطيء هذا التوسم بأن أصحاب هذا الفكر سيزدادون ويتدرج بهم و سيدعون كمالاً على الأوائل حتى يصل بهم للجرأة على تغيير الدين وسب الأولين واستنقاصهم بفهوم سبقت العالمين وصدق فيهم المثل "كلٌ راض عن عقله وأقل الناس عقلاً أرضاهم عن عقله" وأظنه لعبت فيهم الحقن المفسدة للجينات البشرية وعقولها وفهومها
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه (لم يكمل من النساء إلا أربع) وذكر مريم وآسية وكلهن قبل عيسى هل أنت تهرف بما لا تعرف وتزعم أن الكمال ثورة الكمال البشري كان بميلاد عيسى بن مريم أغرك بولس اليهودي محرف دين النصارى وبنيت فهمك على ترهاتهم وخلطت الاسلام بالمسيحية والنظريات الخرافية وخرجت بأوهام لا دينية
بل ورد نقص هذه الأمة حتى في العلم والأخلاق أيضاً غير أن الله يمدهم بلطفه جبراً لهذا النقص ورحمة ذلك فيمارواه الامام أحمد في مسنده وغيره بإسناده سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ ، تَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " يَا عِيسَى إِنِّي بَاعِثٌ مِنْ بَعْدِكَ أُمَّةً ، إِذَا أَصَابَهُمْ مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا وشَكَرُوا ، وَإِذَا أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبرُوا ، وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ " ، قَالَ : يَا رَبِّ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا لَهُمْ وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ ؟ قَالَ : " أُعْطِيهِمْ مِنْ حِلْميِ وَعِلْميِ " ، هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ ، وأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ
فكمال هذه الأمة بفضل من الله ورحمة بصدق توجههم إليه والتعظيم له والتوكل لا بقوة وزيادة علوم ومعارف وحضارات وأما من نراهم ممن أُعطوا أسلحة بلغوا بها قوة عاد وهندسة ثمود فليسوا من الأمة الأمية المرحومة وإن كانوا داخلين في أمة الدعوة فما جاءت إلا من عند أعداء الله وإنما مثل هذه الحضارة والمراد بها كما قال الله (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ) فإذا غلب الترف جاء القطف كقوم عاد حين بلغوا أن قالوا (من أشد منا قوة) وكمثل صاحب الأرض إذا فرغ من زرعها حين يجني ثمرته يهملها فيترعرع الزرع ويكبر ويلتوي للفساد واليبس ليجتث من عروقه ويحرث الأرض من جديد وليس له فيه حاجة والجاهل حين يرى هذا النمو الأخير يقول هذا أكبر مما كان يعني حين كان يثمر ويظنه سيثمر بأكثر مما كان وما هو إلا حين زواله ومع ذلك فالمفتونون كثير وهذه من أسباب نكوف كثير من الناس عن دين الله واستهزاءهم به وبأهله
(فلمآ جآءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون)
(إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم)
وكمال هذه الأمة ورحمتها سره في ضعفها لا في نظرية التطور المزعومة فإن الإنسان إذا قوي واستغنى تجبر وطغى وإذا ضعف واحتاج توجه لربه ومولاه وتوكل عليه وكفى به مؤلا .
فعند حصولها تضعف الانتاجية الدنيوية والسعي لها والتفكير فيها مع أن أهل البلاء أقرب الناس لله (أما إنك لو عدته لوجدتني عنده) فهكذا فضلت هذه الأمة وقربت من الله من أوسع باب الافتقار والضعف شابهوا الأنبياء "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل"
"وَإِذَا أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبرُوا ، وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ " ، قَالَ عيسى: يَا رَبِّ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا لَهُمْ وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ ؟ [أي أنهم من أنقص الناس لأنهم آخر الأمم] قَالَ : " أُعْطِيهِمْ مِنْ حِلْميِ وَعِلْميِ " فمن أراد من هذه الأمة صلاح دنياه وأخراه فعليه بالتوكل على الله والبراءة من الحول والقوة ليرحمه الله ويكرمه وحين تعلقت الأمة بالأسباب خذلت وكلما زادت احتياطاتها وكثرت أعدادها وعِددها إزداد جبنها وخنوعها لأعداءها قال أمير المؤمنين عمر حين عوتب على مرقعته وركوبه البعير عند زيارته الشام لمقابلة العدو "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمتى ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله" تطورنا مذلة عزنا في توكلنا