السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي حادي الشمال حفظك الله
بارك الله فيك على مشاركتك ولكن وجب علينا التنويه إلى أن التوسل بالذوات أو دعاء الله - عز وجل - بجاه فلان أو علان لم يرد فيها حديث صحيح أو أثر معتبر
وللإتمام الفائده أنقل لك كلام الشيخ صالح عبدالعزيز آل الشيخ - بتصرف - من كتاب ( هذه مفاهيمنا ) - والذي أنصحك بقراءته فهو كتاب مفيد -
يقول الشيخ "
ومسألة التوسل بالذوات، وكذا التوسل بأعمال من انقضى سعيهم، لا خلاف عند السلف من الصحابة والتابعين أنها ليست من الدين، ولا هي سائغة في الدعاء. وبرهان ذلك أنه لم ينقل عن واحد منهم بنقل صحيح مصدق أنه توسل بأحد الخلفاء الأربعة أو العشرة أو البدريين.
فالتوسل بالذوات ونحو ذلك ممنوع لأوجه:
الأول: أنه بدعة لم تكن معروفة عند الصحابة والتابعين، وكل بدعة ضلالة، وليس على الله أكرم من الدعاء، وفي الحديث الدعاء هو العبادة )أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما بإسناد صحيح عن النعمان بن بشير.
فإذا كان عبادة بل هو العبادة فإحداث أمر في العبادة مردود باتفاق العلماء.
الثاني: أن قول القائل: أتوسل بأبي بكر وعمر... خطأ محض، جره إليه سقم فهمه، وكثافة ذهنه، واعتقاده أن كل شيء توسل به يكون وسيلة، وهذا غلط.
فمن قال أتوسل بأبي بكر مثلاً فقد جمع بين ذاتين لا وسيلة ولا طريق توصل وتجمع أحدهما بالآخر، فكأنما هذا القائل قد لفظ لفظاً لا معنى له، بمنزلة من سرد الأحرف الهجائية، إذ لا اتصال بينذات المتوسَّل والمتوسَّل به حتى يجمع بينهما.
فلا بد من جامع يتوسل به، وهو حب الصحابة مثلا، وهو من عمل المتوسل، فإذا قال: أتوسل إليك رب بحبي لأبي بكر،أو بحبي لعمر، أو بحبي لصحابة نبيك كان هذا حسناً مشروعاً.
وكذا إن قال: أتوسل إليك بتوقيري وتعزيري وحبي واتباعي لنبيك نبي الرحمة كان هذا من الوسائل النافعة.
فلازمٌ ذكر الإيمان أو العمل الصالح الذي يصل بين ذاتين لا يجمع بينهما إلا بجامع.
كما حكى الله عن عباده المؤمنين قولهم: " رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِين" آل عمران: 53 ، وقوله: " رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَار" آل عمران: 193، والآيات في هذا الباب كثرة.
فإذا كان خيرةُ الخلق الأنبياء والرسل واتباعهم وحواريوهم لم يحيلوا على ما في قلوبهم بل قالوا بلسانهم ما حواه جنانهم، وهم الذين لا يشك بما في قلوبهم أفلا يكون الخلوف الذين جاؤوا من بعدهم أولى وأحرى أن يفصحوا وأن يظهروا، وأن لا يتحيلوا لفاسد قولهم بالمجاز العقلي؟!
الثالث: أن الصحابة فهموا من التوسل التوسل بالدعاء لا بالذوات، فعمر بن الخطاب رضى الله عنه توسل بدعاء العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعاوية بن أبي سفيان توسل بدعاء يزيد بن الأسود.
فقد صح أن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - استسقى بـ (يزيد بن الأسود). قال الحافظ العَلَم يعقوب بن سفيان في كتابه "المعرفة والتاريخ" (2/380- 381): حدثنا أبو اليمان قال حدثنا صفوان عن سليم بن عامر الخبائري: أن السماء قحطت، فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون، فلما قعد معاوية على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجرشي؟ فناداه الناس. فأقبل يتخطى الناس فأمره معاوية فصعد المنبر، فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم! إنا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد! ارفع يديك إلى الله، فرفع يزيد يديه، ورفع الناس أيديهم.
فما كان أو شك أن فارت سحابة في الغرب كأنها تُرْس، وهبت لها ريح، فسقينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات (7/444)، وأبو زرعة في "تاريخ دمشق " (1/602) وإسناده مسلسل بالثقات الكبار، فهو فيغاية الصحة.
فهذا معاوية الصحابي - رضى الله عنه - فهم من الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم حال حياته أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لهم.
وفهم من فعل عمر بالعباس، أن يدعو العباس لهم، وسار على هذا الفهم، فاستسقى واستشفع بيزيد يدعو لهم، وأي قرابة ليزيد من رسول الله ؟! ولا شك أن قرابته مع صلاحه سبب لقبول دعائه، أما مجرد القرابة من غير صلاح فلم تفد عمه أبا لهب ونحوه.
إنما هو السبب الأعظم، والحبل الأكرم، اتباع النبي فنحن على فهم الصحابة مقتفون ومتبعون، ولمجانب سنة الخليفة الراشد والصحابة من بعده مجانبون،ولفهم أهل الأهواء رادون ناقضون، والحمد لله رب العالمين
ولو كان التوسل بالذوات جائزا عندهم لأغناهم عن تكلف غيره،ولتوسلوا بذات أكرم الخلق وأفضل البشر وأعظمهم عند الله قدرا ومنزلة، فعدلوا عن ذات رسول الله الموجودة في القبر، إلى الأحياء ممن هم دونه منزلة ورتبة. فعلم أن المشروع ما فعلوه، لا ما تركوه.
قال الشهاب الألوسي في "روحالمعاني" (6/113) في الكلام على عدول الصحابة: ( وحاشاهم أن يعدلوا عن التوسل بسيد الناس إلى التوسل بعمه العباس وهم يجدون أدنى مساغ لذلك ).
فعدولهم مع أنهم السابقون الأولون، وهم أعلم منا بالله تعالى ورسوله ، وبحقوق الله تعالى، ورسوله عليه الصلاة والسلام، وما يشرع من الدعاء وما لا يشرع، وهم في وقت ضرورة ومخمصة، يطلبون تفريج الكربات وتيسير العسير وإنزال الغيث بكل طريق: دليل واضح على أن المشروع ما سلكوه دون غيره) انتهى.
الرابع: أن يقال تنزلا: لا يخلو التوسل بالذوات أن يكون أفضل من التوسل بأسماء الله وصفاته، والأعمال الصالحة أو لا. فإن قيل التوسل بالذوات أفضل فهو قول كفري باطل.
وإن كان التوسل بأسماء الله وصفاته وبالأعمال الصالحة أفضل فلم ينافح عن المفضول، وتترك نصرة الفاضل وتأييده ونشره وتعليمه للناس؟!
" انتهي - بتصرف