- إنضم
- 17 مارس 2014
- المشاركات
- 1,877
- التفاعل
- 5,973
- النقاط
- 122
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه سلسلة سنذكر فيها بإذن الله امّهات المؤمنين رضي الله عنهنّ جميعاً وارضاهنّ .
وبسم الله نبدأ
1 خديجة بنت خويلد
هي أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد بن أسدٍ بن عبد العزَّى بن قصي القرشية الأسدية، وأمها فاطمة بنت زائدة بنت جندب . ولدت بمكة سنة 68 ق.هـ ، وكانت من أعرق بيوت قريشٍ نسبًا وحسبًا وشرفًا، وقد نشأت على التخلُّق بالأخلاق الحميدة، وكان من صفاتها الحزم والعقل والعفة. يلتقي نسبها بنسب النبي عليه الصلاة والسلام في الجد الخامس ، فهي أقرب أمّهات المؤمنين نسباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي أول امرأة تزوَّجها ، وهي وأول من أسلم من الناس جميعاً , بإجماع المسلمين .
تزوجها رسول الله عليه الصلاة والسلام قبل الوحي، وعاشت معه خمسًا وعشرين سنة ؛ فقد بدأ معها في الخامسة والعشرين من عمره ، وكانت هي في الأربعين، وظلا معًا إلى أن توفاها الله وهي في الخامسة والستين ، وكان عمره في الخمسين ، وهي أطول فترة أمضاها النبي مع هذه الزوجة الطاهرة من بين زوجاته جميعًا ،وهي أقرب زوجاته إليه ؛ فلم يتزوج عليها غيرها طوال حياتها ، وكانت أم ولده الذكور والإناث إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية رضي الله عنها ، فكان له صلى الله عليه وسلم من خديجة :
القاسم ، وعبد الله ، وزينب , رقيّة , وأم كلثوم ، وفاطمة.
إسلام السيدة خديجة
كانت السيدة خديجة - رضي الله عنها - قد ألقى الله في قلبها صفاء الروح، ونور الإيمان ، والاستعداد لتقبُّل الحق ، فحين نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم , في غار حراء
( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) سورة العلق ، رجع ترجف بوادره وضلوعه، حتى دخل على السيدة خديجة فقال: " زملوني زملوني ". فزملوه حتى ذهب عنه الروع.
وهنا قال لخديجة رضي الله عنها: "أَيْ خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي". وأخبرها الخبر، فردت عليه السيدة خديجة - رضي الله عنها - بما يطيِّب من خاطره، ويهدئ من روعه فقالت: " كلا ... أبشر ، فوالله لا يخزيك الله أبدًا، فوالله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
ثم انطلقت به رضي الله عنها حتى أتت به ورقة بن نوفل -وهو ابن عم السيدة خديجة رضي الله عنها، وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي - فأخبره النبي عليه الصلاة والسلام خبر ما رأى، فأعلمه ورقة أن هذا هو الناموس الذي أُنزل على موسى عليه السلام .
ومن ثَمَّ كانت السيدة خديجة - رضي الله عنها - أول من آمن بالله ورسوله وصدَّق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ؛ لا يسمع شيئًا يكرهه من ردٍّ عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فرَّج الله عنه بها ، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتصدقه وتهوِّن عليه أمر الناس.
السيدة خديجة.. العفيفة الطاهرة
كان أول ما يبرز الملامح الشخصيّة للسيدة خديجة , صفتي العفة والطهارة، هاتان الصفتان التي قلما تسمع عن مثلهما في بيئة لا تعرف حرامًا ولا حلالاً، في بيئة تفشت فيها الفاحشة حتى كان البغايا يضعن شارات حمراء تنبئ بمكانهن.
وفي ذات هذه البيئة، ومن بين نسائها انتزعت هذه المرأة العظيمة هذا اللقب الشريف، ولقبت بـ" الطاهرة "، كما لُقب النبي عليه الصلاة والسلام في ذات البيئة بـ" الصادق الأمين "، ولو كان لهذه الألقاب انتشار في هذا المجتمع آنذاك، لما كان لذكرها ونسبتها لأشخاص بعينهم أيّ أهمية تذكر .
السيدة خديجة.. الحكيمة العاقلة
وتلك هي السمة الثانية التي تميز بها شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، فكل المصادر التي تكلمت عن السيدة خديجة -رضي الله عنها- وصفتها بـ"الحزم والعقل"، كيف لا وقد تجلت مظاهر حكمتها وعقلانيتها منذ أن استعانت بالنبي عليه الصلاة والسلام في أمور تجارتها، وكانت قد عرفت عنه الصدق والأمانة.
ونرى منها بعد زواجها كمال الحكمة وكمال رجاحة العقل، فها هي تستقبل أمر الوحي الأول بعقلانية قلَّ أن نجدها في مثل هذه الأحوال بالذات؛ فقد رفضت أن تفسِّر الأمر بخزعبلات أو أوهام، بل استنتجت بعقليتها الفذة وحكمتها التي ناطحت السحاب يوم ذاك أن الله لن يخزيه، ثم أخذته إلى ورقة بن نوفل ليدركا الأمر. وهذه طريقة عقلانية منطقية بدأت بالمقدمات وانتهت بالنتائج المترتبة على هذه المقدمات، فيا لها من عاقلة ! ويا لها من حكيمة !
السيدة خديجة.. نصير رسول الله
وهذه السمة من أهم السمات التي تُميِّز شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، تلك المرأة التي وهبت نفسها ومالها وكلّ ما ملكت لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام ، ويكفي في ذلك أنها آمنت بالرسول عليه الصلاة والسلام , وآزرته ونصرته في أحلك اللحظات التي قلما تجد فيها نصيرًا أو مؤازرًا أو معينًا.
ثم هي - رضي الله عنها - تنتقل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حياة الراحة والاستقرار إلى حياة الدعوة والكفاح والجهاد والحصار، فلم يزدها ذلك إلا حبًّا لمحمد وحبًّا لدينه عليه الصلاة والسلام ، وتحديًا وإصرارًا على الوقوف بجانبه، والتفاني في تحقيق أهدافه.
وكأن الله اختصها بشخصها لتكون سندًا وعونًا للرسول عليه الصلاة والسلام , في إبلاغ رسالة رب العالمين الخاتَمة، فكما اجتبى الله تعالى رسوله محمد واصطفاه من بين الخلق كافة، كذلك قدَّر له في مشوار حياته الأول لتأدية الرسالة العالمية مَن تضارعه أو تشابهه لتكون شريكًا له في حمل هذه الدعوة في مهدها الأول، فآنسته وآزرته وواسته بنفسها ومالها في وقت كان الرسول عليه الصلاة والسلام في أشد الاحتياج لتلك المواساة والمؤازرة والنصرة.
فضائل السيدة خديجة
خير نساء الجنة
لا شك أن امرأة بمثل هذه الأوصاف لا بد أن يكون لها منزلة رفيعة، فها هو الرسول عليه الصلاة والسلام يعلن في أكثر من مناسبة بأنها خير نساء الجنة؛ فقد روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون ".
السيدة خديجة يقرئها ربها السلام
ليس هذا فحسب، بل يُقرِئُها المولى عزّ وجل السلام من فوق سبع سموات، ويبشرها ببيت من قصب في الجنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أتى جبريلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فقال : "يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ".
حب النبي لخديجة.. والوفاء لها
فكان حقًّا أن يكون لهذه الطاهرة فضل ومكانة عند رسول الله عليه الصلاة والسلام ، تسمو على كل العلاقات ، وتظل غُرَّة في جبين التاريخ عامَّة وتاريخ العلاقات الأسرية خاصَّة ؛ إذ لم يتنكَّر صلى الله عليه وسلم لهذه المرأة التي عاشت معه حلو الحياة ومرّها ، بل ويعلنها على الملأ وبعد وفاتها ؛ وفاءً لها وردًّا لاعتبارها: " إني قد رزقت حبها ".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه عليه الصلاة والسلام لم يكد ينساها طيلة حياته وبعد وفاتها، إذ كان يكثر ذكرها ويتصدق عليها ؛ تروي السيدة عائشة - رضي الله عنها- فتقول: ما غِرْتُ على أحد من نساء النبي عليه الصلاة والسلام ما غرت على خديجة رضي الله عنها، وما رأيتها ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر ذكرها ، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة رضي الله عنها ، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة. فيقول: " إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد ".
وفاة السيدة خديجة
تاقت روح السيدة خديجة - رضي الله عنها - إلى بارئها، وكان ذلك قبل هجرته إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلّم بنفسه في حفرتها، وأدخلها القبر بيده.
رضي الله عنك يا أمّاه رضي الله عن ام المؤمنين خديجة .
هذه سلسلة سنذكر فيها بإذن الله امّهات المؤمنين رضي الله عنهنّ جميعاً وارضاهنّ .
وبسم الله نبدأ
1 خديجة بنت خويلد
هي أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد بن أسدٍ بن عبد العزَّى بن قصي القرشية الأسدية، وأمها فاطمة بنت زائدة بنت جندب . ولدت بمكة سنة 68 ق.هـ ، وكانت من أعرق بيوت قريشٍ نسبًا وحسبًا وشرفًا، وقد نشأت على التخلُّق بالأخلاق الحميدة، وكان من صفاتها الحزم والعقل والعفة. يلتقي نسبها بنسب النبي عليه الصلاة والسلام في الجد الخامس ، فهي أقرب أمّهات المؤمنين نسباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي أول امرأة تزوَّجها ، وهي وأول من أسلم من الناس جميعاً , بإجماع المسلمين .
تزوجها رسول الله عليه الصلاة والسلام قبل الوحي، وعاشت معه خمسًا وعشرين سنة ؛ فقد بدأ معها في الخامسة والعشرين من عمره ، وكانت هي في الأربعين، وظلا معًا إلى أن توفاها الله وهي في الخامسة والستين ، وكان عمره في الخمسين ، وهي أطول فترة أمضاها النبي مع هذه الزوجة الطاهرة من بين زوجاته جميعًا ،وهي أقرب زوجاته إليه ؛ فلم يتزوج عليها غيرها طوال حياتها ، وكانت أم ولده الذكور والإناث إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية رضي الله عنها ، فكان له صلى الله عليه وسلم من خديجة :
القاسم ، وعبد الله ، وزينب , رقيّة , وأم كلثوم ، وفاطمة.
إسلام السيدة خديجة
كانت السيدة خديجة - رضي الله عنها - قد ألقى الله في قلبها صفاء الروح، ونور الإيمان ، والاستعداد لتقبُّل الحق ، فحين نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم , في غار حراء
( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) سورة العلق ، رجع ترجف بوادره وضلوعه، حتى دخل على السيدة خديجة فقال: " زملوني زملوني ". فزملوه حتى ذهب عنه الروع.
وهنا قال لخديجة رضي الله عنها: "أَيْ خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي". وأخبرها الخبر، فردت عليه السيدة خديجة - رضي الله عنها - بما يطيِّب من خاطره، ويهدئ من روعه فقالت: " كلا ... أبشر ، فوالله لا يخزيك الله أبدًا، فوالله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
ثم انطلقت به رضي الله عنها حتى أتت به ورقة بن نوفل -وهو ابن عم السيدة خديجة رضي الله عنها، وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي - فأخبره النبي عليه الصلاة والسلام خبر ما رأى، فأعلمه ورقة أن هذا هو الناموس الذي أُنزل على موسى عليه السلام .
ومن ثَمَّ كانت السيدة خديجة - رضي الله عنها - أول من آمن بالله ورسوله وصدَّق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ؛ لا يسمع شيئًا يكرهه من ردٍّ عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فرَّج الله عنه بها ، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتصدقه وتهوِّن عليه أمر الناس.
السيدة خديجة.. العفيفة الطاهرة
كان أول ما يبرز الملامح الشخصيّة للسيدة خديجة , صفتي العفة والطهارة، هاتان الصفتان التي قلما تسمع عن مثلهما في بيئة لا تعرف حرامًا ولا حلالاً، في بيئة تفشت فيها الفاحشة حتى كان البغايا يضعن شارات حمراء تنبئ بمكانهن.
وفي ذات هذه البيئة، ومن بين نسائها انتزعت هذه المرأة العظيمة هذا اللقب الشريف، ولقبت بـ" الطاهرة "، كما لُقب النبي عليه الصلاة والسلام في ذات البيئة بـ" الصادق الأمين "، ولو كان لهذه الألقاب انتشار في هذا المجتمع آنذاك، لما كان لذكرها ونسبتها لأشخاص بعينهم أيّ أهمية تذكر .
السيدة خديجة.. الحكيمة العاقلة
وتلك هي السمة الثانية التي تميز بها شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، فكل المصادر التي تكلمت عن السيدة خديجة -رضي الله عنها- وصفتها بـ"الحزم والعقل"، كيف لا وقد تجلت مظاهر حكمتها وعقلانيتها منذ أن استعانت بالنبي عليه الصلاة والسلام في أمور تجارتها، وكانت قد عرفت عنه الصدق والأمانة.
ونرى منها بعد زواجها كمال الحكمة وكمال رجاحة العقل، فها هي تستقبل أمر الوحي الأول بعقلانية قلَّ أن نجدها في مثل هذه الأحوال بالذات؛ فقد رفضت أن تفسِّر الأمر بخزعبلات أو أوهام، بل استنتجت بعقليتها الفذة وحكمتها التي ناطحت السحاب يوم ذاك أن الله لن يخزيه، ثم أخذته إلى ورقة بن نوفل ليدركا الأمر. وهذه طريقة عقلانية منطقية بدأت بالمقدمات وانتهت بالنتائج المترتبة على هذه المقدمات، فيا لها من عاقلة ! ويا لها من حكيمة !
السيدة خديجة.. نصير رسول الله
وهذه السمة من أهم السمات التي تُميِّز شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، تلك المرأة التي وهبت نفسها ومالها وكلّ ما ملكت لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام ، ويكفي في ذلك أنها آمنت بالرسول عليه الصلاة والسلام , وآزرته ونصرته في أحلك اللحظات التي قلما تجد فيها نصيرًا أو مؤازرًا أو معينًا.
ثم هي - رضي الله عنها - تنتقل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حياة الراحة والاستقرار إلى حياة الدعوة والكفاح والجهاد والحصار، فلم يزدها ذلك إلا حبًّا لمحمد وحبًّا لدينه عليه الصلاة والسلام ، وتحديًا وإصرارًا على الوقوف بجانبه، والتفاني في تحقيق أهدافه.
وكأن الله اختصها بشخصها لتكون سندًا وعونًا للرسول عليه الصلاة والسلام , في إبلاغ رسالة رب العالمين الخاتَمة، فكما اجتبى الله تعالى رسوله محمد واصطفاه من بين الخلق كافة، كذلك قدَّر له في مشوار حياته الأول لتأدية الرسالة العالمية مَن تضارعه أو تشابهه لتكون شريكًا له في حمل هذه الدعوة في مهدها الأول، فآنسته وآزرته وواسته بنفسها ومالها في وقت كان الرسول عليه الصلاة والسلام في أشد الاحتياج لتلك المواساة والمؤازرة والنصرة.
فضائل السيدة خديجة
خير نساء الجنة
لا شك أن امرأة بمثل هذه الأوصاف لا بد أن يكون لها منزلة رفيعة، فها هو الرسول عليه الصلاة والسلام يعلن في أكثر من مناسبة بأنها خير نساء الجنة؛ فقد روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون ".
السيدة خديجة يقرئها ربها السلام
ليس هذا فحسب، بل يُقرِئُها المولى عزّ وجل السلام من فوق سبع سموات، ويبشرها ببيت من قصب في الجنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أتى جبريلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم فقال : "يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ".
حب النبي لخديجة.. والوفاء لها
فكان حقًّا أن يكون لهذه الطاهرة فضل ومكانة عند رسول الله عليه الصلاة والسلام ، تسمو على كل العلاقات ، وتظل غُرَّة في جبين التاريخ عامَّة وتاريخ العلاقات الأسرية خاصَّة ؛ إذ لم يتنكَّر صلى الله عليه وسلم لهذه المرأة التي عاشت معه حلو الحياة ومرّها ، بل ويعلنها على الملأ وبعد وفاتها ؛ وفاءً لها وردًّا لاعتبارها: " إني قد رزقت حبها ".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه عليه الصلاة والسلام لم يكد ينساها طيلة حياته وبعد وفاتها، إذ كان يكثر ذكرها ويتصدق عليها ؛ تروي السيدة عائشة - رضي الله عنها- فتقول: ما غِرْتُ على أحد من نساء النبي عليه الصلاة والسلام ما غرت على خديجة رضي الله عنها، وما رأيتها ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر ذكرها ، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة رضي الله عنها ، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة. فيقول: " إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد ".
وفاة السيدة خديجة
تاقت روح السيدة خديجة - رضي الله عنها - إلى بارئها، وكان ذلك قبل هجرته إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلّم بنفسه في حفرتها، وأدخلها القبر بيده.
رضي الله عنك يا أمّاه رضي الله عن ام المؤمنين خديجة .