مسافرة عبر الكلمات

  • انت....زائر..... هل ذكرت الله اليوم...... هل صليت على نبي الله اليوم ابدا الان وسجل ما يسرك ان تلقى الله به
  • سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم واستغفر الله
  • اللهم ان ظلمت من ضعفي فانصرني بقوتك
  • اللهم إني أسألُك من فضلِك و رحمتِك ؛ فإنَّه لا يملُكها إلا أنت
  • أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي وفي رواية لكل مسلم رواه أحمد عن أبي أمامة الباهلي والحكيم وأبو نعيم
  • {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (255) سورة البقرة
  • أربع خصال واحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين عبادي وواحدة لي وواحدة لك فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك فما عملت من خير جزيتك به وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بينك وبين عبادي ترضى لهم ما ترضى لنفسك رواه أبو نعيم عن أنس
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الحديث بتمعن.......................... إﻧﻤﺎ أﺗﻘﺒﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﻤﻦ ﺗﻮاﺿﻊ ﺑﮭﺎ ﻟﻌﻈﻤﺘﻲ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻲ وﻟﻢ ﯾﺒﺖ ﻣﺼﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺼﯿﺘﻲ وﻗﻄﻊ ﻧﮭﺎره ﻓﻲ ذﻛﺮي ورﺣ ﻢ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ واﺑﻦ اﻟﺴﺒﯿﻞ واﻷرﻣﻠﺔ ورﺣﻢ اﻟﻤﺼﺎب ذﻟﻚ ﻧﻮره ﻛﻨﻮر اﻟﺸﻤﺲ أﻛﻠﺆه ﺑﻌﺰﺗﻲ وأﺳﺘﺤﻔﻈﮫ ﺑﻤﻼﺋﻜﺘﻲ أﺟﻌﻞ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺔ ﻧﻮرا وﻓﻲ اﻟﺠﮭﺎﻟﺔ ﺣﻠﻤﺎ وﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻲ ﻛﻤﺜﻞ اﻟﻔﺮدوس ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ رواه اﻟﺒﺰار ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس
  • بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)
  • قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)
  • سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت : 53]
  • أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما خلق، و برأ و ذرأ، و من شر ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها و من شر ما ذرأ في الأرض و من شر ما يخرج منها، و من شر فتن الليل و النهار و من شر كل طارق، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان". رواه أحمد.
  • وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (98) سورة المؤمنون
  • عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتخرج الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أوثمانيا، -يعني حججاً-. رواه الحاكم
  • عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. رواه أبو داود وابن ماجه
  • في رواية لأبي داود: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا .
  • قال ﷺ : " اللهم فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، ربَّ كلِّ شيء ومليكَه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرِّ نفْسي، وشرِّ الشيطان، وشِرْكَْه ، وأن أقترف على نفسي سوءًا، أو أجرّه إلى مسلم "
  • من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته ثواب الشاكرين رواه ابن حذيفة عن شاهين عن أبي سعيد الخدري
  • وعزتي وجلالي ورحمتي لا أدع في النار أحدا قال لا إله إلا الله رواه تمام عن أنس بن مالك
  • اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أرحم الراحمين ، أنت أرحم الراحمين ، إلى من تكلني ، إلى عدو يتجهمني ، أو إلى قريب ملكته أمري ، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن تنزل بي غضبك ، أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ) رواه الطبراني
  • اللهم اني مغلوب فانتصر
  • وانذر عشيرتك الأقربين ----------- اللهم فاشهد انني بلغت وحذرت
  • اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الدعاء ... اللهم انك اقدرت بعض خلقك على السحر والشر ولكنك احتفظت لذاتك باذن الضر اللهم اعوذ بما احتفظت به مما اقدرت عليه شرار خلقك بحق قولك وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
  • اللهم انت خلقتني وانت تهديني وانت تطعمني وانت تسقيني وانت تميتني وانت تحييني ***** لا اله الا الله******
  • إلهي عبد من عبادك ، غريب في بلادك ، لو علمت أن عذابي يزيد في ملكك ، وعفوك عني ينقص من ملكك لما سألتك المغفرة ، وليس لي ملجأ ولا رجاء إلا أنت ، وقد سمعت فيما أنزلت أنك قلت : إني أنا الغفور الرحيم ، فلا تخيب رجائي.
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا القران.......................... ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد.................. ............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد .............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف ضاع الأقصى؟ وكيف يعود؟

حقيقة هامة:
أشير إلى مسألة يغفل عنها الكثير من الناس مع أنها حقيقة جلية، ذلك أن الله عز وجل أنـزل: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، قبل أن يفتح بيت المقدس، وقبل أن يكون ضمن ديار المسلمين، معنى هذا أن كمال الدين ليس بالضرورة أن يكون بيت المقدس فيه، ولكن إذا نحن أقمنا أنفسنا على منهج الإسلام رجع إلينا ما اغتصب من مقدساتنا في بيت المقدس، وديارنا السليبة في جميع أرجاء الأرض، وفتح الله لنا البلاد، وقلوب العباد، ولذلك يخطئ كثير من المتحمسين حين يرون الدعوة إلى جمع كلمة المسلمين، ووحدة صفهم هي الهم الأول، ويتناسون في ذلك رجوع المسلمين عن بدعهم وشهواتهم وأهوائهم ومعاصيهم التي هم فيها مغمورون، وهذا لا يرجع به عز للمسلمين، وإن رجعت أرض سليبة، أو عادت ديار مغتصبة، بل ينتقل من مغتصب متسلط خارجي إلى متسلط من بني جلدتنا، يتكلم بألسنتنا.



لذلك فإنه ينبغي أن ننظر إلى حالنا مع الله عز وجل ونعلم أن رب العزة سبحانه وتعالى قال: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55] ذلك هو الوعد القائد إلى سلوك الطريق السوي الذي سلكه الأنبياء والمرسلون.



إذن فما ضاع المسجد الأقصى إلا لأننا فرطنا في إيماننا، وضيعنا معالمه وأوامره، ولا يرجع المسجد الأقصى إلا أن نرجع فيما فرطنا، فنعود إلى رب العالمين.



ونذكر بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلًا لا ينـزعه حتى ترجعوا إلى دينكم».



فتدبر كيف أن الله لا ينـزع الذل إلا أن ترجعوا إلى دينكم، والذي هو التوحيد وإخلاص العبادة لله، ثم ما يترتب على ذلك من شرائع، وهذا واضح بتتبع الحوادث في هذه الأمة والأمم السابقة.



نظرة وعبرة:

فينبغي أن نعتبر من التاريخ، فنعلم أن رب العزة سبحانه وتعالى هو الفعال لما يريد، فهؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه سلم الذين أسلموا وآمنوا واتبعوه قبل الهجرة، وعاشوا سنوات عشر في ذل وهوان، وعاشوا وهم لا يستطيعون أن يظهروا دينهم، يعذب فيهم الضعيف، ويقاطع فيهم القوي، الذي لا يقدر الكفار على تعذيبه، ويهاجرون إلى بلاد غير بلادهم، لأنهم لا يستطيعون أن يقيموا دينهم في مكة، فجاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم في هذه الشدة؛ حيث مات بالتعذيب ياسر والد عمار، وماتت أمه كذلك، وبلال يعذب في كل يوم في رمضاء مكة عذابًا لا تتحمله الجبال، فيأتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد هؤلاء الضعفاء يقولون: يا رسول الله، ألا تستنصر لنا؟ ألا ترى إلى ما نـزل بنا، وهو - صلى الله عليه وسلم - يقول «و الله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب - أو قال: الظعينة - من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون»[1].



ثم يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الرجل فيمن كان قبلكم كان يحفر له في الأرض، ويوقف في حفرته، ويوضع المنشار على مفرقه، فيشق حتى يقع شقاه على الأرض لا يمنعه ذلك عن دينه».



فكان أول النصر أن يأذن الله عز وجل لنبيه بالهجرة.



قال تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 39]، فإذا كان القرآن الكريم قد عد الهجرة ظفرًا ونصرًا، فكل قول يخالف ذلك فهو قول باطل مردود، فالهجرة نصر رب العالمين لنبيه الكريم، بل نصره لهذا الدين حيث يهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويبقى مع المسلمين سنوات ست في حديدهم حتى قالوا: يا رسول الله، أنبقى في حديدنا أبد الدهر، يعني نبقى وراء هذا السلاح لا نأمن، فأنـزل الله عز وجل: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55]، أنـزل الله هذه الآية جوابًا لسؤال المسلمين المستضعفين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالإسلام دين جهاد، سواء في قضية الأقصى، أو في غيرها من القضايا، فالإسلام دين الجهاد الباقي إلى أن تقوم الساعة، والجهاد أعلاه وأشرفه جهاد السيف والسنان، وجهاد القتال في سبيل الله، يضحي فيه المسلم بدمه وماله، طالبًا النصر لا بعدد ولا عدة إنما طالبًا نصر الله رب العالمين، لتكون كلمة الله هي العليا، إن الله جلت قدرته استدرج المسلمين في غزوات كثيرة ليظهر لهم نصره، ويشرفهم بدينه، ومن تلك الغزوات غزوة بدر، وغزوة الحديبية، فالمسلمون يرون المشركين من مكة قد اغتصبوا أموالهم، وأخذوا ديارهم، وطردوهم من بلادهم ليستمتعوا هم بالمال، ويجهزون به قوافل التجارة التي تذهب إلى الشام وتعود تمر قريبًا من المسلمين، تقول لهم بلسان الحال: أنتم لا حرمة لكم، ولا خوف منكم!! ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرى أصحابه حفاة لا يجدون نعالًا يلبسونها، عراة لا يجدون ثيابًا تواري سوآتهم، عالة لا يجدون المال الذي يحتاجون في طعامهم وشرابهم، قد طردوا من ديارهم ولا ديار تؤويهم، وهذه أموالهم بيد قريش التي اغتصبت الديار والأموال، يرى ذلك هو وأصحابه، فيأمرهم مرة أن يخرجوا لملاقاة عير لقريش يقودها أبو سفيان إلى الشام، فتفلت العير مع أبي سفيان، وما أفلتت لسوء تقدير، أو خطأ تدبير منهم، إنما أفلتت لأن الله قدر ذلك، ثم تنهي تجارة قريش مهمتها، ويرجع أبو سفيان بالعير والتجارة إلى قريش، ويمر على المدينة، فيجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ليخرجوا مرة أخرى ليلاقوا هذه العير التي فيها أموالهم، وفيها حقهم المغتصب، ولكن الله يقدر أيضًا في هذه المرة أن تفلت العير، وتجتمع قريش بالصلف والغرور والكبر والظلم تريد أن تؤدب المسلمين - كما زعموا - تريد أن ترجعهم حتى لا يلاحقوا تجارة لهم بعد، ناسين أنهم هم المعتدون الظالمون، قهروا الناس في عقائدهم، وفتنوهم في دينهم، لكن الله يريد ليريهم قوة لم يعهدوها من قبل لعلهم أن يرجعوا عن كفرهم، فمع أن أبا سفيان يرسل إلى أبي جهل أن التجارة قد نجت إلا أن أبا جهل يقول: لا والله لا نرجع حتى نرد بدرًا، فنشرب الخمر، وتغنينا القيان، وتسمع بنا العرب، فلا تزال ترهبنا أبدًا، ورب العزة سبحانه وتعالى يصور حال المؤمنين في قوله: ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الأنفال: 5 - 8]، تريدون هذه العير وهذه التجارة وهذا المال ولا تريدون اللقاء والحرب، لكن الله عز وجل استدرجهم حتى وصلوا إلى ميدان المعركة. وجاء بالمشركين، وكانوا ألفًا معهم السلاح، مستعدين للقتال بسلاحهم وعددهم، لكن الله جعله يوم الفرقان لا لأنهم جمعوا عَددًا، ولا لأنهم جمعوا عُدَدًَا، ولكن لأنهم جمعوا الإيمان والتقوى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [النور: 55].



فتحقق وعد الله يوم الفرقان، يوم التقى الجمعان، وأنـزل الله ملائكته يحاربون إلى جوار المسلمين، يثبتون الذين آمنوا، ويلقي الله الرعب في قلوب الكافرين، فيكون النصر من الله رب العالمين لرسوله ومن آمن معه، وتبقى مكة في حرب مستمرة مع المسلمين في المدينة، من الهجرة وحتى آخر العام السادس، حيث يري رب العزة نبيه - صلى الله عليه وسلم - رؤيا يرى فيها أنه يطوف بالبيت آمنًا وادعًا، ويطوف أصحابه، ويحلقون ويقصرون، ويتسلم النبي - صلى الله عليه وسلم - مفاتيح الكعبة، والمسلمون يعلمون أن ذلك وعد حق من الله، لأن رؤيا الأنبياء وحي صادق، وأمر واجب، وقدر نافذ، فيسرع المسلمون بالخروج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - معتمرين ملبين، فيحدث الله عز وجل حدثًا غير الذي خرجوا له، يحدث لهم صلحًا يسميه رب العزة فتحًا مبينًا: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينً ﴾ [الفتح: 1]، ذلك لأنهم بايعوا تحت الشجرة على الإيمان، فكان أفضل مواقف المسلمين، حيث بشر بالجنة من شهدها.



جاء المسلمون إلى مكة وقد لبسوا ملابس الإحرام ولبوا بالعمرة لله رب العالمين، وساقوا معهم الهدي، فإذا بقريش تقف لتصدهم عن البيت الحرام، فمالوا حتى يبتعدوا عن طريق جيش قريش الذي يريد أن يصدهم، فلما بلغوا الحديبية بركت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر أراده رب العزة سبحانه لخير قريش وتمكين المسلمين فعرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المفاوضة والصلح، وأرسل عثمان يفاوض عنه أهل مكة، ولكن شاع الخبر أن عثمان قتل، فاشتد الأمر على المسلمين، فبايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - على القتال والموت، بايعوا على ألا يفروا. وفي جانب قريش تقوم اجتماعات مكثفة، وتستعين فيها بالمشركين مفاوضين من مختلف القبائل التي تحيط بمكة، فهذا ثقفي، وآخر من الأحابيش كل يفاوض نائبًا عن قريش يتكلم باسمها.



فيفكر المسلمون؛ أقتل عثمان أم لم يقتل؟ ويفكرون هل سيعتمرون أم سيصدون عن البيت ويرجعون بغير عمرة؟ هل سيقاتلون أم لا يقاتلون؟ وإذا قاتلوا هل ينصرون أم يهزمون؟ وهل سيعاهدون أم يعودون بغير معاهدة؟ كل هذه تشغل بال كل مسلم من الذين عسكروا في الحديبية، وقد طال بهم الحصر، والدار ليست دار مقام، فإذا بالسماء تمطر من الليل، ويصبحون ليؤدوا صلاة الصبح خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد رأوا أثر المطر، فيصلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يستقبلهم ويسأل: أتدرون ما قال ربكم الليلة؟ فقالوا الله ورسوله أعلم، وكأني بهم ينتظرون أن يقول، قال ربكم الليلة لم يقتل عثمان، أو قتل عثمان، لأن ذلك يشغل بالهم، وهو سبب بيعة الرضوان، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده يضرب بها على الأخرى - صلى الله عليه وسلم - وهذه لعثمان) أي أنه يبايع بيده اليسرى على اليمنى بدلًا من يد عثمان بيعة عنه كأنه شهدها وهو غائب، أو قال ربكم الليلة ستنتصرون أو تنهزمون أو قال ربكم ستعاهدون أو لا تعاهدون أو قال ربكم الليلة ستعتمرون أو ستصدون، كل ذلك لأنه مقتضى الحال، والأمر الذي يشغل البال، فيكون عليه مدار التفكير، ومن عجب أن يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ربكم الليلة: «أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، أما من قال مطرنا بنوء كذا ونوء كذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب، وأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فهم مؤمن بي كافر بالكوكب، كأنهم وهم في هذه الشدة والضنك والألم الشديد الذي ينتظرون له تفريجًا يصحح لهم رب العزة قولهم أمطرنا بنوء كذا ونوء كذا. انتبهوا إخوة الإسلام فهذه هي عوامل النصر التي إن حققناها وقع النصر من الله بغير تأخير، انتبهوا: إن الإيمان هو المقصد، فلا يعلو عليه شيء، ولا يقدم عليه أمر. ذلك دين الله الذي ينصر الله من تمسك به: عقيدة صحيحة وعبادة مشروعة».



وعد الله للذين آمنوا!!!

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل خلق الله يصد عن بيت الله، ويبقى أيامًا طويلة في عناء وشدة هو وأصحابه المؤمنين المجاهدين حتى تتم المعاهدة، ويوقع هذه المعاهدة التي يرى المسلمون فيها جورًا شديدًا يودون أن يقاتلوا ولا توقع هذه المعاهدة، فيزداد الأمر عليهم شدة بتوقيعها، ولكن الله يجعل في المعاهدة نصرًا وفتحًا مبينًا، مع أنهم قد اشتد عليهم أن يقال: (ترجعوا عنا عامكم هذا)، ويشتد عليهم أيضًا أن يقولوا: (من جاءكم بغير إذن وليه تردوه ومن جاءنا لا نرده) جور وصلف وظلم وتبجح، وسهيل بن عمرو هو الذي أملى هذه الفقرات من تلك المعاهدة، إلا أنه يمليها لحاجة في نفسه لا لصالح قريش التي جاء عنها نائبًا متحدثًا معاهدًا، والله يحقق قدره، وينصر المسلمين، فحاجة سهيل بن عمرو تظهر عندما نعلم أن لسهيل ولدان: أحدهما عبدالله وهو مسلم يجاهد في صفوف المسلمين يود أن يرجع إليه فلا يرده للمسلمين، والآخر مكبل في قيوده في بيت أبيه سهيل هو أبو جندل الذي صار مسلمًا يريد إن فك القيود وذهب إلى المسلمين أن يردوه، فوضع ذلك القيد في العقد وبنقله ذلك القيد إلى العقد نقله من رجلي ولده ليضعه في المعاهدة وعاد يظن أنه قد انتصر. قدر الله أن تفك القيود من أرجل المسلمين المستضعفين تحقيقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي جندل بن سهيل بن عمرو: ارجع فسيجعل الله لك ولأصحابك فرجًا، ففكَّت القيود، وخرج جمع من المسلمين من القيود، فوجدوا مكة تفتنهم والمدينة لا تحتضنهم، فيرون طغيانًا من قريش، فخرجوا غضبًا عليها، ووقفوا على ممر تجارة قريش يقطعونها، وقريش بلد غير ذي زرع لا تتحمل الحصار، فاستغاثت قريش بالمسلمين تقول لهم: اقبلوا هؤلاء، وتنازلوا عن هذا البند من بنود العقد، فما أملاه سهيل بن عمرو إلا لحاجة في نفسه، وجعلها الله فرجًا ومخرجًا للمسلمين وفتحًا مبينًا لهذا الدين.



انظر فهذا فتح الله للمؤمنين لأنهم آمنوا وأذعنوا وأطاعوا وعرفوا أن النصر بيد الله رب العالمين.



الصلاة فرض على المسلمين:

بعد غزوات طويلة غزوة حنين، ويعود النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في طريقه إلى مكة ويسير بهم ليلًا طويلًا حتى أرهقهم السفر فيقولون له: إنهم يحتاجون إلى الراحة يا رسول الله، لو عرست بنا - يعني لو نـزلت بنا لننام ونستريح - فقال: أخاف أن تفوتكم الصلاة، تعجب يخاف أن تفوتهم صلاة واحدة مع أنهم كانوا في جهاد طويل شديد شاق لا يشفع لهم ذلك أن يناموا عن صلاة واحدة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه وهم في طريق عودتهم من حنين، وقد اشتد عليهم السير أخشى أن تفوتكم الصلاة فأنتم بالصلاة مكلفون، وبالإيمان مكلفون، وبدعوة التوحيد مكلفون، فإن أنتم قمتم بما أنتم به مكلفون فإن رب العزة يحقق لكم وعده، وينصركم على أعدائكم، ويفتح لكم الأرض التي أغلقت عليكم؛ لأن الله عز وجل هو الذي ينصر جنده، ينصر من يشاء، ثم لابد أن ننظر إلى حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنرى أن رب العزة ينصره بالإيمان، وحياته كلها واضحة التفاصيل في ذلك، وإن منها غزوة الأحزاب التي أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - يردد بعدها: لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده. القوم أخذوا عدتهم بما استطاعوا وخرجوا يجاهدون في سبيل الله بما استطاعوا، لكن النصر من عند الله رب العالمين، ينصر من يشاء.



حماية الله المسلمين بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -:

وما إن مات النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى وجد المنافقون الفرصة سانحة لينقضوا على قيادة المدينة فيأخذوا قيادتها ليقودوا المسلمين كما شاءوا، ولكن ييسر الله عز وجل على لسان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (كلمات أخطأ فيها، واعتذر عن قولها في اليوم التالي، تلك الكلمات التي أخطأ عمر بقولها جعل الله عز وجل بها نصرًا وفرجًا ومخرجًا، يقف عمر - رضي الله عنه - (والنبي - صلى الله عليه وسلم - مسجى في ثوبه يرقد على سريره، قد فاضت روحه إلى ربه يقول بسيفه: من قال إن محمدًا قد مات ضربت عنقه، والله ما مات، وإنما ذهب إلى ربه، وسيعود ليقضي على هؤلاء المنافقين. فعلم المنافقون أن رقابهم مقصودة، وأن تحركاتهم مرصودة، فلزموا بيوتهم، ولم يتحركوا حتى استتب الأمر للمسلمين، وفي ذلك تقول عائشة - رضي الله عنها - ما أخرجه البخاري في صحيحه: لما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب أبو بكر خطبة، وخطب عمر خطبة فما كانت من خطبتيهما من خطبة إلا نفع الله بها، لقد خوف عمر الناس، وإن فيهم لنفاقًا فردهم الله بذلك. يعني أن الله ألقى على لسان عمر كلمات خوفت المنافقين.



الله أكبر: إنه الإيمان الذي ينصر به الله أهله، إنه الإيمان الذي أضعناه فغير الله عزنا إلى ذل، ونصرنا إلى هزيمة، وقوتنا إلى ضعف، نحن لسنا في العدد قليلين، بل كثيرين، ولكن أين الإيمان؟ هل تذكرون أن المسلمين دخلوا إلى غزوة حنين بعدد لم يدخلوا إلى غزوة قبله بعدد مثله، فقال بعضهم لن نغلب اليوم من قلة، فكان أن جعل الله رماح المشركين تردهم فينفضوا وهم بضعة آلاف ولا يبقى إلا مئة من المؤمنين حول النبي - صلى الله عليه وسلم - يشرفهم الله بنصره؛ لأن الله ينصر بالإيمان لا بالعَدد ولا بالعُدد.




رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/54186/#ixzz3H54VQsQc
 
  • إعجاب
التفاعلات: سماح الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لبنة بناء في استقبال عام جديد

تسير الحياة، ويتعاقب الليل والنهار، وتمضي الأيام والليالي، والأسابيع والشهور؛ فإذا عام قد مضى، ونقص من عمرنا، بما فيه من أفراح وأحزان، وآلام وأشجان، بما فيه من أعمال وأقوال، وتصرفات وحركات، وصمت وسكنات، وخفايا وأسرار، بما فيه من أحداث وأخبار.



عام مضى لا نستطيع تغييره، ولا تبديله، ولا تجميله؛ فقد ذهب بما حمل من خير أو شر، من عدل أو ظلم، من حرية أو عبودية، من إنسانية أو وحشية!
مضى عام هجري، فكيف قضاه الإنسان؟ وأقبل عام جديد، فكيف يقضيه الإنسان؟

إن إسلامنا منهج حياة، ومنهج بناء وعطاء، ومنهج معرفة وإدراك وفهم للإنسان، الذي ما زال الغرب يتخبط في معرفته وإدراكه وفهمه لذلك الإنسان المجهول، وهذا المنهج ليس محصورًا بزمن محدد، أو بوقت مخصص، بل ممتدٌّ بعمر الإنسان.
ولذا يهتم الإسلام بمنهجه الشامل المتوازن الإيجابي بهذا الزمن المتمثل في عمر الإنسان، أثناء حياته وما بعد حياته.
فالوقت في الإسلام عبادة، وليس مجرد ثقافة استهلاكية، أو نظريات وفلسفات مادية، والإنسان مستأمن على عمره في الدنيا؛ ولذا لا يوجد وقت مستقطع من حياته يسمى: "وقت الفراغ".

فجميع حياة الإنسان عبادة، حتى في منامه ولعبه، وترويحه وسعادته، ولذَّاته وشهواته، وسكونه وحركته، وعمله وقوله، وجِدِّه ومَزْحه، وأكله وشربه، إذا اقترنت بالنية الصالحة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وفي بُضع أحدكم صدقة))، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟! فقال: ((أرأيتم لو وضعها في الحرام، كان يكون عليه وزر؟))، قالوا: بلى، قال: ((فكذلك إذا وضعها في الحلال، له الأجر))؛ مسلم (1006).

مضى عام، وأقبل عام، ليس فيه وقت الفراغ بالمفهوم الغربي المادي "الوقت الفائض بعد خصم الوقت المخصص للعمل، والنوم، والضرورات الأخرى، من ساعات اليوم الأربع والعشرين".

فهذا المفهوم يحمل في طياته انعدام الهدف من الحياة، وتدمير الإنسان؛ بإعلاء جانب الجسد على جانب الروح، وطغيان المادية على القيم، وعلو الدنيا على الدِّين.

والإسلام وازَنَ بين متطلبات الجسد وأشواق الروح، وبين المادة والقيم، وبين مقاصد الدنيا والدين، وهذا التوازن هو الذي يبني الإنسان الصالح، فيعيش عامه بالاستخلاف في هذه الأرض، وعمارتها.

فأداء الشعائر التعبدية ليس في مفهومه مجرد ملء جزء من الفراغ، بل هو من صميم الوقت، والترويح عن النفس مهما كان نوعه، وشكله، ولونه العقلي، والنفسي، والبدني، والاجتماعي، ليس في مفهومه مجرد ملء جزء من الفراغ، بل هو من صميم الوقت، وراحة البدن، وقضاء الشهوات ليست في مفهومه مجرد ملء جزء من الفراغ، بل هي من صميم الوقت.

والمتأمل في واقعنا - وللأسف الشديد - يجد أن الأيام تمضي، والليالي تدور، والأعوام تتلاحق، وواقع المسلمين يعيش حالة ضبابية لمفهوم وقت الفراغ؛ فقد أصبحت الأعوام مهدرة، وعبئًا على حركة الفرد والمجتمع إلى الأمام والتقدم والبناء، وأصبح العمر مجرد زمن ضائع، وطاقة استهلاكية تتآكل مع الأيام، دون إنتاج أو تنمية أو إبداع.

ونظرة إلى الأنشطة والبرامج الترفيهية التي يتفاعل معها الإنسان المشاهد في الفضائيات، أو على أرض الواقع، نجد أنها أنشطة وبرامج تهميش للقيم، وتسطيح للأفكار، وتمييع للمفاهيم، وهدر للطاقات، ووسيلة للهدم، وهذا الواقع المؤلم بحاجة إلى إعادة تصحيح لمفهوم عمر الإنسان، ومفهوم الوقت، ومفهوم الفراغ؛ فالمسلم ليس لديه وقت خالٍ، ولا يمكن وجود هذا الوقت الخالي من أمور الدنيا أو الآخرة، كما لا يمكن وجود وقت زائد، فنقتله بالتحرر والانفلات.

عام مضى، وأقبل عام، وعلى الإنسان المسلم أن يضع لبنة بناء، يحاسب نفسه عما مضى، مستشرفًا المستقبل فيما يأتي، واضعًا نُصْبَ عينيه أن أيامه معدودة في هذه الحياة، وتمتد بعد وفاته بما يتركه خلفه من عمل صالح؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علمٍ يُنتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له))؛ مسلم (1631).

منقول
 
  • إعجاب
التفاعلات: سماح الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ألا إن نصر الله قريب
د. صالح بن فريح البهلال

إن الناظر في أحوال العالم الإسلامي اليوم، يجد من المصائب التي حلت بأمة الإسلام ما ينقبض له صدره، ويتفطَّر له فؤاده.

وهذا الهم علامة تدل على إيمان المتحلِّي به، وصدق ولائه للمسلمين؛ إلا أن بعض أولئك الغيورين، ربما أشجاه الحُزْنُ بغُصَّته؛ لكثرة ما يسمع من هاتيك الخطوب وتلك النوازل، فساوره شيءٌ من اليأس من ظهور الدين الحق على الدين كله، وهذا موطئ منكرٌ في الدين، ومغْمَزٌ يَبْهَجُ له العدو ويفرح.

وفي هذا المقال ذكرٌ لبعض ما يجب التعامل به في مثل هذه النوازل؛ فأقول:
أولاً: لنعلم يقيناً لا شك فيه، أن الله - سبحانه - ناصرٌ دينه والمؤمنين، كما قال – تعالى -: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ} [التوبة: 32]، وقال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وقال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51].

لكنَّ الله - سبحانه - يؤخر النصر؛ ابتلاءً لعباده، وتمحيصاً لهم، كما قال – تعالى -: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: 4] وقال: {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179]، وقال: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 3].

أما الظن بخلاف ذلك، فهو من الظن السَّوْءِ، كما قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "فمن ظن بأنه لا ينصر رسوله، ولا يتم أمره، ولا يؤيده، ويؤيد حزبه، ويعليهم، ويظفرهم بأعدائه، ويظهرهم عليهم، وأنه لا ينصر دينه وكتابه، وأنه يديل الشرك على التوحيد، والباطل على الحق إدالةً مستقرةً، يضمحل معها التوحيد والحق اضمحلالاً لا يقوم بعده أبداً، فقد ظن بالله ظن السوء، ونسبه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله وصفاته ونعوته؛ فإن حمده وعزته وحكمته وإلهيته تأبى ذلك، وتأبى أن يذل حزبه وجنده، وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم لأعدائه المشركين به العادلين به، فمن ظن به ذلك فما عرفه، ولا عرف أسماءه، ولا عرف صفاته وكماله"[1].

ويقول العلامة عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله -: "واليوم وإن كان المسلمون مصابين بضعف شديد، والأعداء يتربصون بهم الدوائر، هذه الحالة أوجدت من بينهم أناساً ضعيفي الإيمان، ضعيفي الرأي والقوة والشجاعة، يتشاءمون بأن الأمل في رفعة الإسلام قد ضاع، وأن المسلمين إلى ذهاب واضمحلال، فهؤلاء قد غلطوا أشد غلط؛ فإن هذا الضعف عارضٌ له أسباب، وبالسعي في زوال أسبابه تعود صحة الإسلام كما كانت، وتعود إليه قوته التي فقدها منذ أجيال، وما ضعف المسلمون إلا لأنهم خالفوا كتاب ربهم، وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وتنكَّبوا السنن الكونية التي جعلها الله - بحكمته - مادة حياة الأمم ورقيها في هذه الحياة، فإذا رجعوا إلى ما مهَّده لهم دينهم، وإلى تعاليمه النافعة، وإرشاداته العالية؛ فإنهم لابد أن يصلوا إلى الغاية كلها، أو بعضها. وهذا المذهب المهين - مذهب التشاؤم - لا يرتضيه الإسلام؛ بل يحذر منه أشد تحذير، ويبين للناس أن النجاح مأمول، وأن مع العسر يسراً... فليتق الله هؤلاء المتشائمون، وليعلموا أن المسلمين أقرب الأمم إلى النجاح الحقيقي والرقي الصحيح)[2].

ثانياً:
أنه ينبغي لنا أن نشيع روح التفاؤل، في مثل هذه الأوقات القاسية، وأن ننبذ اليأس عنا مكاناً قصياً، وأن نوقن بأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً، وهذا منهج أرشدنا إليه نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهنا موقفان يبينان ذلك:


الموقف الأول:
: حين أتى خبَّاب بن الأرتِّ - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مكروب النفس، محزون الصدر، قلق الخاطر، من شدة ما لاقى من المشركين، فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - متوسداً بُرْدَةً في ظل الكعبة، فقال: يا رسول الله، ألا تستنصر لنا؟! ألا تدعو الله لنا؟! فقعد وهو محمرٌّ وجهه، فقال: ((لقد كان مَن قبلكم ليمشَّط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرِق رأسه، فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا اللهَ، والذئبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلون))[3].

فتأمل كيف فاجأ النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بهذا الخبر الذي تتهلل له الوجوه بشراً، وتتدفق سروراً، في ظل هذا الضغط الرهيب من المشركين، الذي جعل بعض النفوس تستبطئ النصر.

الموقف الثاني:
ثم شرع ابن الأثير يذكر تفاصيلها، وكان مما قال: "وهؤلاء -يعني: التتار- لم يُبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لهذه الحادثة التي استطار شررها، وعمَّ ضررها، وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح...".

ثم ذكر ابن الأثير من أفعال التتار أشياء مروعة، وكان مما قال: "ولقد حكي لي عنهم حكايات يكاد سامعها يكذِّب بها، من الخوف الذي ألقى الله - سبحانه وتعالى - في قلوب الناس منهم، حتى قيل: إن الرجل الواحد منهم – أي: التتار- كان يدخل القرية أو الدرب، وبه جمع كثير من الناس، فلا يزال يقتلهم واحداً بعد واحد، لا يتجاسر أحد أن يمد يده إلى ذلك الفارس، ولقد بلغني أن إنساناً منهم أخذ رجلاً، ولم يكن مع التتري ما يقتلهم به، فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح. فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتري فأحضر سيفاً، فقتله به!. و حكى لي رجل قال: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلاً في طريق، فجاءنا فارس من التتر، وقال لنا: ليكتِّف بعضكم بعضاً، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلتُ لهم: هذا واحد، فلِمَ لا نقتله ونهرب؟ فقالوا: نخاف، فقلتُ: هذا يريد قتلكم الساعة، فنحن نقتله، فلعل الله أن يخلصنا، فوالله ما جسر أحد أن يفعل، فأخذت سكيناً وقتلته، وهربنا فنجونا، وأمثال هذا كثير". ومن أراد الزيادة، فليرجع إلى الكتاب المذكور.

ثالثاً:
كما ينبغي لنا إذا أردنا النصر الحقيقي - ألا نكتفي بمجرد الأماني والتخيلات، والتفاؤل غير المصحوب بالعمل؛ بل لابد أن نفعل الأسباب، ونطرق الباب، فذلك سبيل النصر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].

وقال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، وإن أمة الإسلام لن تنتصر ما لم تأخذ بأسباب النصر، فتقيم شعائر الإسلام ظاهرة وباطنة، وتخلع رِبْقة الترف الفكري والاجتماعي من عقول أبنائها، ويكون عند أبنائها الاستعداد التام للتضحية؛ لأجل هذا الدين، كلٌّ حسب استطاعته وقدرته.

ومع إيقاننا بأن البلاء حتمي؛ وأن هذه النوازل من أقدار الله؛ فإنه لا يعني هذا أن نتواكل ونستسلم للذل والهوان، كلا؛ بل ندافع أقدار الله بأقداره، ونستفيد من هذه الأحداث، بأن نعود إلى ربنا، ونجدِّد إيماننا، ونَصْدق في توبتنا؛ وهذه من حِكَم البلاء، وقد قال ربنا: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} [الأنعام: 42].

وقال: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168]، وقال: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: 76].
حين كان المسلمون يحفرون الخندق، وهم يترقبون عدواً قادماً عليهم، يتربص بهم الدوائر، قد أوعدهم، وألَّب عليهم الناس، فلا يدرون في أي لحظة ينقض عليهم، وفي هذه الأثناء عرضت لهم - وهم يحفرون الخندق - صخرة لا تأخذ فيها المعاول،قال: فشكوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع ثوبه، ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول، فقال: ((بسم الله)). فضرب ضربةً، فكسر ثلث الحجر، وقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا!)). ثم قال: ((بسم الله)) وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا!)). ثم قال: ((بسم الله)) وضرب ضربةً أخرى، فقلع بقية الحجر، فقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا!))[4].

فانظر إلى النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - كيف ينقل أصحابه من هذا العناء والرَّهَق، إلى السعة والدعة، بمجرد أحرف يسيرة، فيثوب إلى أحدهم نشاطه في عمله، كأنما يتفيأ ظلال الراحة.

إن الأمة بحاجة إلى أن يشاع فيها التفاؤل الإيجابي، الذي يساهم في تجاوز المرحلة التي تمرُّ بها اليوم، مما يشدُّ من عَضُدها، ويثبِّت أقدامها في مواجهة أشرس الأعداء، وأقوى الخصوم؛ ليتحقق لها النصر بإذن الله.

إن اليأس لا يصنع شيئاً سوى سقوط الهمة، وتخاذل العزم، والرضا بالتخلف والدُّون.

ولقد مرَّ في تاريخ الإسلام حوادث عظيمة نكبت بها الأمة، وتجاوزتها بسلام، ولو ذهبنا نستقري التاريخ؛ لطال بنا المقام، وإليكم إحدى هذه الحوادث، نتبين من خلالها أن أمة الإسلام تمرض، لكنها لا تموت، ألا وهي غزو التتار بلاد الإسلام، وأُفسح المجال للمؤرخ الكبير أبي الحسن ابن الأثير ليحدثنا في كتابه "الكامل"[5]عن هذه الحادثة، فيقول: "لقد بقيتُ عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة؛ استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رِجْلاً وأُؤخر أخرى، فمَنْ الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟! ومَنْ الذي يهون عليه ذكر ذلك؟! فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها، وكنتُ نسياً منسياً.

إلا أني حثَّني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى، التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها، عمَّت الخلائق، وخصَّت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله - سبحانه وتعالى - آدم - وإلى الآن - لم يبتلوا بمثلها، لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها".
إن النصر مدَّخرٌ للذين يَؤمُّون معالي الأمور، فلا يرضون بالهون صاحباً، ولا يقيمون على المذلة، ولا تنحني رؤوسهم للعاصفة، وهو مدَّخرٌ لأولئك للذين لا يخامرهم ريب في نصر الله، ولا تعترضهم فيه شبهة يأس.

وليس الله - سبحانه - عاجزاً عن نصرة الحق بغير فعل الأسباب، وهو الذي يقول للشيء: "كن" فيكون، ولكن هكذا اقتضت مشيئته وحكمته، وهكذا تجري سنَّته.

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو إمام المتوكلين، كان أوعى الناس لهذه السنَّة، وهذا خبرٌ واحدٌ يدل على أخذه - صلى الله عليه وسلم - بالأسباب:
يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لما كان يوم بدر، نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين، وهم ألف، وأصحابه ثلاث مئة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القِبْلَة، ثم مدَّ يديه، فجعل يهتف بربه: ((اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض)). فما زال يهتف بربه، مادّاً يديه، مستقبلاً القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله - عزَّ وجل -: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}[6][الأنفال: 9]. والشاهد منه: أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم، وهو الموعود من ربه؛ إما بالنصر والغنيمة من قريش، أو الاستيلاء على عِير قريش التي تحمل تجارتهم، وذلك في قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} الآية. [الأنفال: 7] - فعل الأسباب، وألحَّ على ربه بالدعاء؛ فجاءه النصر.

رابعاً:
والقلب في ذروة الشدة يتلقَّن درساً لا ينساه، ويستجلي قنواتٍ إصلاحية ربما لا تكون لولا تلك الشدة، ويكون عنده من الإقبال على الله، والتألُّه له ما لا يكون في غير تلك الشدة، قال - تعالى -: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وعندها يأتي النصر، وتنكشف الغمَّة، كما قال – تعالى -: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].

ألا وإن مما يُستدفع به هذا البلاء، أن يراجع كلٌّ منا نفسه عن تقصيره في جنب الله، فما نزل بلاءٌ إلا بذنب، وما رُفع إلا بتوبة، قال – تعالى -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشُّورى: 30]، وقال: {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الرُّوم: 41].

وتأمل رحمة الله بعباده؛ إذ قال: (بعض)، ولم يقل: (كل)!!.

وقال - سبحانه -: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].

وقد عاتب الله أصحاب نبيه عن استفسارهم عن سبب هزيمتهم في غزوة أحد، فقال: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165].

خامساً:
كما ينبغي للمسلم عند وقوع هذه الأزمات أن يكون بعيد النظر؛ فلا يستبطئ النصر، ولا يستعجل ثمراته، متأسِّياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وهذا موقفٌ من مواقفه في ذلك:
سألته عائشة - رضي الله عنها - يوماً: هل أتى عليك يومٌ كان أشد من يوم أحد؟ قال: ((لقد لقيتُ من قومك ما لقيتُ، وكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال؛ لتأمره بما شئتَ فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن شئتَ أن أطبق عليهم الأخشَبَيْن؟)).

فماذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

هل قال: هذه فرصةٌ تُهْتَبل، ونصرٌ كبيرٌ بلا مؤونة؟

أو قال: هذه ساعةٌ أنتقم فيها من أعدائي؟ وأشفي فيها فؤادي؟
كلا! لم يقل ذلك كلَّه، إنما قال: ((بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم مَنْ يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئاً))!![7].

سبحان الله، أيُّ صبر في سبيل الدعوة أجلُّ من هذا الصبر؟! تقرع الأحزان ساحته - صلى الله عليه وسلم - فيبددها بإيمانه، فترتد حسيرة، كأن لم تكن.
إنه الإيمان الراسخ رسوخ الجبال الراسية، والجَنَان الثابت الموقن بنصر الله.

فلم تكن تلك الشدائد - مع قسوتها - تحول بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين استشراف المستقبل، وإحسان الظن بالله.

ومما يجب التنبيه عليه هنا: أن غاية المؤمن أن يعمل، لا أن يرى النصر؛ بل قد تراه الأجيال بعده، وخير شاهد على ذلك قصة الغلام والساحر[8] ؛ حيث أسلم الناس لما ضحَّى الغلام بنفسه؛ فوقع النصر بعد موته، وكان ما فعل تثبيتاً للناس في أن ما دعاهم إليه هو الحق، ووقع ما يخشاه الملك من إيمان الناس إيماناً حقيقياً؛ أُدخلوا لأجله في الأخاديد المضرمة بالنيران، فصبروا واقتحموا.

وقال خَبَّاب - رضي الله عنه -: "هاجرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نريد وجه الله؛ فوقع أجرنا على الله، فمنَّا مَنْ مضى، لم يأخذ من أجره شيئاً، منهم مصعب بن عُمَيْر: قُتل يوم أحد، وترك نَمِرَةً، فكنَّا إذا غطَّينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطَّينا رجليه بدا رأسه، فأمَرَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نغطي رأسه، ونجعل على رِجْلَيْه شيئاً من إِذْخِر! ومنَّا مَنْ أينعت له ثمرته، فهو يَهْدِبُها"[9].

اللهم إنك تشاهدنا في سرَّائنا وضرائنا، وتطَّلع على ضمائرنا، وتعلم مبلَغ بصائرنا، أسرارنا لك مكشوفة، وقلوبنا إليك ملهوفة، نسألك برحمتك التي وسعت كل شيءٍ أن تهب لنا من لدنك نصراً عزيزاً، وفتحاً مبيناً، وعزّاً ظاهراً، وعيشاً نقيّاً، ومردّاً غير مخزٍ ولا فاضح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــ
[1] زاد المعاد: 3 / 204.
[2] منقول بتصرف يسير من رسالة له بعنوان: " وجوب التعاون بين المسلمين "، ص 11.
[3] أخرجه البخاري: ( 3852).
[4] أخرجه أحمد 38 / 133 والنسائي في الكبرى (8858) من حديث البَرَاء بن عازب.
[5] الكامل 12 / 358 - 500 – 501.
[6] أخرجه مسلم: (1763).
[7] أخرجه البخاري: (3059)، ومسلم: (1795).
[8] أخرجها مسلم: (3005).
[9] أخرجه البخاري (3897) ومسلم (940).



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/475/#ixzz3H5KUAiPi
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ألا إن نصر الله قريب
د. صالح بن فريح البهلال

إن الناظر في أحوال العالم الإسلامي اليوم، يجد من المصائب التي حلت بأمة الإسلام ما ينقبض له صدره، ويتفطَّر له فؤاده.

وهذا الهم علامة تدل على إيمان المتحلِّي به، وصدق ولائه للمسلمين؛ إلا أن بعض أولئك الغيورين، ربما أشجاه الحُزْنُ بغُصَّته؛ لكثرة ما يسمع من هاتيك الخطوب وتلك النوازل، فساوره شيءٌ من اليأس من ظهور الدين الحق على الدين كله، وهذا موطئ منكرٌ في الدين، ومغْمَزٌ يَبْهَجُ له العدو ويفرح.

وفي هذا المقال ذكرٌ لبعض ما يجب التعامل به في مثل هذه النوازل؛ فأقول:
أولاً: لنعلم يقيناً لا شك فيه، أن الله - سبحانه - ناصرٌ دينه والمؤمنين، كما قال – تعالى -: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ} [التوبة: 32]، وقال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وقال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51].

لكنَّ الله - سبحانه - يؤخر النصر؛ ابتلاءً لعباده، وتمحيصاً لهم، كما قال – تعالى -: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: 4] وقال: {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179]، وقال: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 3].

أما الظن بخلاف ذلك، فهو من الظن السَّوْءِ، كما قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "فمن ظن بأنه لا ينصر رسوله، ولا يتم أمره، ولا يؤيده، ويؤيد حزبه، ويعليهم، ويظفرهم بأعدائه، ويظهرهم عليهم، وأنه لا ينصر دينه وكتابه، وأنه يديل الشرك على التوحيد، والباطل على الحق إدالةً مستقرةً، يضمحل معها التوحيد والحق اضمحلالاً لا يقوم بعده أبداً، فقد ظن بالله ظن السوء، ونسبه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله وصفاته ونعوته؛ فإن حمده وعزته وحكمته وإلهيته تأبى ذلك، وتأبى أن يذل حزبه وجنده، وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم لأعدائه المشركين به العادلين به، فمن ظن به ذلك فما عرفه، ولا عرف أسماءه، ولا عرف صفاته وكماله"[1].

ويقول العلامة عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله -: "واليوم وإن كان المسلمون مصابين بضعف شديد، والأعداء يتربصون بهم الدوائر، هذه الحالة أوجدت من بينهم أناساً ضعيفي الإيمان، ضعيفي الرأي والقوة والشجاعة، يتشاءمون بأن الأمل في رفعة الإسلام قد ضاع، وأن المسلمين إلى ذهاب واضمحلال، فهؤلاء قد غلطوا أشد غلط؛ فإن هذا الضعف عارضٌ له أسباب، وبالسعي في زوال أسبابه تعود صحة الإسلام كما كانت، وتعود إليه قوته التي فقدها منذ أجيال، وما ضعف المسلمون إلا لأنهم خالفوا كتاب ربهم، وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وتنكَّبوا السنن الكونية التي جعلها الله - بحكمته - مادة حياة الأمم ورقيها في هذه الحياة، فإذا رجعوا إلى ما مهَّده لهم دينهم، وإلى تعاليمه النافعة، وإرشاداته العالية؛ فإنهم لابد أن يصلوا إلى الغاية كلها، أو بعضها. وهذا المذهب المهين - مذهب التشاؤم - لا يرتضيه الإسلام؛ بل يحذر منه أشد تحذير، ويبين للناس أن النجاح مأمول، وأن مع العسر يسراً... فليتق الله هؤلاء المتشائمون، وليعلموا أن المسلمين أقرب الأمم إلى النجاح الحقيقي والرقي الصحيح)[2].

ثانياً:
أنه ينبغي لنا أن نشيع روح التفاؤل، في مثل هذه الأوقات القاسية، وأن ننبذ اليأس عنا مكاناً قصياً، وأن نوقن بأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً، وهذا منهج أرشدنا إليه نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهنا موقفان يبينان ذلك:


الموقف الأول:
: حين أتى خبَّاب بن الأرتِّ - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مكروب النفس، محزون الصدر، قلق الخاطر، من شدة ما لاقى من المشركين، فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - متوسداً بُرْدَةً في ظل الكعبة، فقال: يا رسول الله، ألا تستنصر لنا؟! ألا تدعو الله لنا؟! فقعد وهو محمرٌّ وجهه، فقال: ((لقد كان مَن قبلكم ليمشَّط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرِق رأسه، فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا اللهَ، والذئبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلون))[3].

فتأمل كيف فاجأ النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بهذا الخبر الذي تتهلل له الوجوه بشراً، وتتدفق سروراً، في ظل هذا الضغط الرهيب من المشركين، الذي جعل بعض النفوس تستبطئ النصر.

الموقف الثاني:
ثم شرع ابن الأثير يذكر تفاصيلها، وكان مما قال: "وهؤلاء -يعني: التتار- لم يُبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لهذه الحادثة التي استطار شررها، وعمَّ ضررها، وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح...".

ثم ذكر ابن الأثير من أفعال التتار أشياء مروعة، وكان مما قال: "ولقد حكي لي عنهم حكايات يكاد سامعها يكذِّب بها، من الخوف الذي ألقى الله - سبحانه وتعالى - في قلوب الناس منهم، حتى قيل: إن الرجل الواحد منهم – أي: التتار- كان يدخل القرية أو الدرب، وبه جمع كثير من الناس، فلا يزال يقتلهم واحداً بعد واحد، لا يتجاسر أحد أن يمد يده إلى ذلك الفارس، ولقد بلغني أن إنساناً منهم أخذ رجلاً، ولم يكن مع التتري ما يقتلهم به، فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح. فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتري فأحضر سيفاً، فقتله به!. و حكى لي رجل قال: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلاً في طريق، فجاءنا فارس من التتر، وقال لنا: ليكتِّف بعضكم بعضاً، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلتُ لهم: هذا واحد، فلِمَ لا نقتله ونهرب؟ فقالوا: نخاف، فقلتُ: هذا يريد قتلكم الساعة، فنحن نقتله، فلعل الله أن يخلصنا، فوالله ما جسر أحد أن يفعل، فأخذت سكيناً وقتلته، وهربنا فنجونا، وأمثال هذا كثير". ومن أراد الزيادة، فليرجع إلى الكتاب المذكور.

ثالثاً:
كما ينبغي لنا إذا أردنا النصر الحقيقي - ألا نكتفي بمجرد الأماني والتخيلات، والتفاؤل غير المصحوب بالعمل؛ بل لابد أن نفعل الأسباب، ونطرق الباب، فذلك سبيل النصر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].

وقال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، وإن أمة الإسلام لن تنتصر ما لم تأخذ بأسباب النصر، فتقيم شعائر الإسلام ظاهرة وباطنة، وتخلع رِبْقة الترف الفكري والاجتماعي من عقول أبنائها، ويكون عند أبنائها الاستعداد التام للتضحية؛ لأجل هذا الدين، كلٌّ حسب استطاعته وقدرته.

ومع إيقاننا بأن البلاء حتمي؛ وأن هذه النوازل من أقدار الله؛ فإنه لا يعني هذا أن نتواكل ونستسلم للذل والهوان، كلا؛ بل ندافع أقدار الله بأقداره، ونستفيد من هذه الأحداث، بأن نعود إلى ربنا، ونجدِّد إيماننا، ونَصْدق في توبتنا؛ وهذه من حِكَم البلاء، وقد قال ربنا: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} [الأنعام: 42].

وقال: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168]، وقال: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: 76].
حين كان المسلمون يحفرون الخندق، وهم يترقبون عدواً قادماً عليهم، يتربص بهم الدوائر، قد أوعدهم، وألَّب عليهم الناس، فلا يدرون في أي لحظة ينقض عليهم، وفي هذه الأثناء عرضت لهم - وهم يحفرون الخندق - صخرة لا تأخذ فيها المعاول،قال: فشكوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع ثوبه، ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول، فقال: ((بسم الله)). فضرب ضربةً، فكسر ثلث الحجر، وقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا!)). ثم قال: ((بسم الله)) وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا!)). ثم قال: ((بسم الله)) وضرب ضربةً أخرى، فقلع بقية الحجر، فقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا!))[4].

فانظر إلى النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - كيف ينقل أصحابه من هذا العناء والرَّهَق، إلى السعة والدعة، بمجرد أحرف يسيرة، فيثوب إلى أحدهم نشاطه في عمله، كأنما يتفيأ ظلال الراحة.

إن الأمة بحاجة إلى أن يشاع فيها التفاؤل الإيجابي، الذي يساهم في تجاوز المرحلة التي تمرُّ بها اليوم، مما يشدُّ من عَضُدها، ويثبِّت أقدامها في مواجهة أشرس الأعداء، وأقوى الخصوم؛ ليتحقق لها النصر بإذن الله.

إن اليأس لا يصنع شيئاً سوى سقوط الهمة، وتخاذل العزم، والرضا بالتخلف والدُّون.

ولقد مرَّ في تاريخ الإسلام حوادث عظيمة نكبت بها الأمة، وتجاوزتها بسلام، ولو ذهبنا نستقري التاريخ؛ لطال بنا المقام، وإليكم إحدى هذه الحوادث، نتبين من خلالها أن أمة الإسلام تمرض، لكنها لا تموت، ألا وهي غزو التتار بلاد الإسلام، وأُفسح المجال للمؤرخ الكبير أبي الحسن ابن الأثير ليحدثنا في كتابه "الكامل"[5]عن هذه الحادثة، فيقول: "لقد بقيتُ عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة؛ استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رِجْلاً وأُؤخر أخرى، فمَنْ الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟! ومَنْ الذي يهون عليه ذكر ذلك؟! فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها، وكنتُ نسياً منسياً.

إلا أني حثَّني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى، التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها، عمَّت الخلائق، وخصَّت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله - سبحانه وتعالى - آدم - وإلى الآن - لم يبتلوا بمثلها، لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها".
إن النصر مدَّخرٌ للذين يَؤمُّون معالي الأمور، فلا يرضون بالهون صاحباً، ولا يقيمون على المذلة، ولا تنحني رؤوسهم للعاصفة، وهو مدَّخرٌ لأولئك للذين لا يخامرهم ريب في نصر الله، ولا تعترضهم فيه شبهة يأس.

وليس الله - سبحانه - عاجزاً عن نصرة الحق بغير فعل الأسباب، وهو الذي يقول للشيء: "كن" فيكون، ولكن هكذا اقتضت مشيئته وحكمته، وهكذا تجري سنَّته.

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو إمام المتوكلين، كان أوعى الناس لهذه السنَّة، وهذا خبرٌ واحدٌ يدل على أخذه - صلى الله عليه وسلم - بالأسباب:
يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لما كان يوم بدر، نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين، وهم ألف، وأصحابه ثلاث مئة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القِبْلَة، ثم مدَّ يديه، فجعل يهتف بربه: ((اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض)). فما زال يهتف بربه، مادّاً يديه، مستقبلاً القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله - عزَّ وجل -: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}[6][الأنفال: 9]. والشاهد منه: أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم، وهو الموعود من ربه؛ إما بالنصر والغنيمة من قريش، أو الاستيلاء على عِير قريش التي تحمل تجارتهم، وذلك في قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} الآية. [الأنفال: 7] - فعل الأسباب، وألحَّ على ربه بالدعاء؛ فجاءه النصر.

رابعاً:
والقلب في ذروة الشدة يتلقَّن درساً لا ينساه، ويستجلي قنواتٍ إصلاحية ربما لا تكون لولا تلك الشدة، ويكون عنده من الإقبال على الله، والتألُّه له ما لا يكون في غير تلك الشدة، قال - تعالى -: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وعندها يأتي النصر، وتنكشف الغمَّة، كما قال – تعالى -: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].

ألا وإن مما يُستدفع به هذا البلاء، أن يراجع كلٌّ منا نفسه عن تقصيره في جنب الله، فما نزل بلاءٌ إلا بذنب، وما رُفع إلا بتوبة، قال – تعالى -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشُّورى: 30]، وقال: {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الرُّوم: 41].

وتأمل رحمة الله بعباده؛ إذ قال: (بعض)، ولم يقل: (كل)!!.

وقال - سبحانه -: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].

وقد عاتب الله أصحاب نبيه عن استفسارهم عن سبب هزيمتهم في غزوة أحد، فقال: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165].

خامساً:
كما ينبغي للمسلم عند وقوع هذه الأزمات أن يكون بعيد النظر؛ فلا يستبطئ النصر، ولا يستعجل ثمراته، متأسِّياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وهذا موقفٌ من مواقفه في ذلك:
سألته عائشة - رضي الله عنها - يوماً: هل أتى عليك يومٌ كان أشد من يوم أحد؟ قال: ((لقد لقيتُ من قومك ما لقيتُ، وكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال؛ لتأمره بما شئتَ فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن شئتَ أن أطبق عليهم الأخشَبَيْن؟)).

فماذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

هل قال: هذه فرصةٌ تُهْتَبل، ونصرٌ كبيرٌ بلا مؤونة؟

أو قال: هذه ساعةٌ أنتقم فيها من أعدائي؟ وأشفي فيها فؤادي؟
كلا! لم يقل ذلك كلَّه، إنما قال: ((بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم مَنْ يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئاً))!![7].

سبحان الله، أيُّ صبر في سبيل الدعوة أجلُّ من هذا الصبر؟! تقرع الأحزان ساحته - صلى الله عليه وسلم - فيبددها بإيمانه، فترتد حسيرة، كأن لم تكن.
إنه الإيمان الراسخ رسوخ الجبال الراسية، والجَنَان الثابت الموقن بنصر الله.

فلم تكن تلك الشدائد - مع قسوتها - تحول بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين استشراف المستقبل، وإحسان الظن بالله.

ومما يجب التنبيه عليه هنا: أن غاية المؤمن أن يعمل، لا أن يرى النصر؛ بل قد تراه الأجيال بعده، وخير شاهد على ذلك قصة الغلام والساحر[8] ؛ حيث أسلم الناس لما ضحَّى الغلام بنفسه؛ فوقع النصر بعد موته، وكان ما فعل تثبيتاً للناس في أن ما دعاهم إليه هو الحق، ووقع ما يخشاه الملك من إيمان الناس إيماناً حقيقياً؛ أُدخلوا لأجله في الأخاديد المضرمة بالنيران، فصبروا واقتحموا.

وقال خَبَّاب - رضي الله عنه -: "هاجرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نريد وجه الله؛ فوقع أجرنا على الله، فمنَّا مَنْ مضى، لم يأخذ من أجره شيئاً، منهم مصعب بن عُمَيْر: قُتل يوم أحد، وترك نَمِرَةً، فكنَّا إذا غطَّينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطَّينا رجليه بدا رأسه، فأمَرَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نغطي رأسه، ونجعل على رِجْلَيْه شيئاً من إِذْخِر! ومنَّا مَنْ أينعت له ثمرته، فهو يَهْدِبُها"[9].

اللهم إنك تشاهدنا في سرَّائنا وضرائنا، وتطَّلع على ضمائرنا، وتعلم مبلَغ بصائرنا، أسرارنا لك مكشوفة، وقلوبنا إليك ملهوفة، نسألك برحمتك التي وسعت كل شيءٍ أن تهب لنا من لدنك نصراً عزيزاً، وفتحاً مبيناً، وعزّاً ظاهراً، وعيشاً نقيّاً، ومردّاً غير مخزٍ ولا فاضح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــ
[1] زاد المعاد: 3 / 204.
[2] منقول بتصرف يسير من رسالة له بعنوان: " وجوب التعاون بين المسلمين "، ص 11.
[3] أخرجه البخاري: ( 3852).
[4] أخرجه أحمد 38 / 133 والنسائي في الكبرى (8858) من حديث البَرَاء بن عازب.
[5] الكامل 12 / 358 - 500 – 501.
[6] أخرجه مسلم: (1763).
[7] أخرجه البخاري: (3059)، ومسلم: (1795).
[8] أخرجها مسلم: (3005).
[9] أخرجه البخاري (3897) ومسلم (940).



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/475/#ixzz3H5KUAiPi
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ألا إن نصر الله قريب
د. صالح بن فريح البهلال

إن الناظر في أحوال العالم الإسلامي اليوم، يجد من المصائب التي حلت بأمة الإسلام ما ينقبض له صدره، ويتفطَّر له فؤاده.

وهذا الهم علامة تدل على إيمان المتحلِّي به، وصدق ولائه للمسلمين؛ إلا أن بعض أولئك الغيورين، ربما أشجاه الحُزْنُ بغُصَّته؛ لكثرة ما يسمع من هاتيك الخطوب وتلك النوازل، فساوره شيءٌ من اليأس من ظهور الدين الحق على الدين كله، وهذا موطئ منكرٌ في الدين، ومغْمَزٌ يَبْهَجُ له العدو ويفرح.

وفي هذا المقال ذكرٌ لبعض ما يجب التعامل به في مثل هذه النوازل؛ فأقول:
أولاً: لنعلم يقيناً لا شك فيه، أن الله - سبحانه - ناصرٌ دينه والمؤمنين، كما قال – تعالى -: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ} [التوبة: 32]، وقال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وقال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51].

لكنَّ الله - سبحانه - يؤخر النصر؛ ابتلاءً لعباده، وتمحيصاً لهم، كما قال – تعالى -: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: 4] وقال: {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179]، وقال: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 3].

أما الظن بخلاف ذلك، فهو من الظن السَّوْءِ، كما قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: "فمن ظن بأنه لا ينصر رسوله، ولا يتم أمره، ولا يؤيده، ويؤيد حزبه، ويعليهم، ويظفرهم بأعدائه، ويظهرهم عليهم، وأنه لا ينصر دينه وكتابه، وأنه يديل الشرك على التوحيد، والباطل على الحق إدالةً مستقرةً، يضمحل معها التوحيد والحق اضمحلالاً لا يقوم بعده أبداً، فقد ظن بالله ظن السوء، ونسبه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله وصفاته ونعوته؛ فإن حمده وعزته وحكمته وإلهيته تأبى ذلك، وتأبى أن يذل حزبه وجنده، وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم لأعدائه المشركين به العادلين به، فمن ظن به ذلك فما عرفه، ولا عرف أسماءه، ولا عرف صفاته وكماله"[1].

ويقول العلامة عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله -: "واليوم وإن كان المسلمون مصابين بضعف شديد، والأعداء يتربصون بهم الدوائر، هذه الحالة أوجدت من بينهم أناساً ضعيفي الإيمان، ضعيفي الرأي والقوة والشجاعة، يتشاءمون بأن الأمل في رفعة الإسلام قد ضاع، وأن المسلمين إلى ذهاب واضمحلال، فهؤلاء قد غلطوا أشد غلط؛ فإن هذا الضعف عارضٌ له أسباب، وبالسعي في زوال أسبابه تعود صحة الإسلام كما كانت، وتعود إليه قوته التي فقدها منذ أجيال، وما ضعف المسلمون إلا لأنهم خالفوا كتاب ربهم، وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وتنكَّبوا السنن الكونية التي جعلها الله - بحكمته - مادة حياة الأمم ورقيها في هذه الحياة، فإذا رجعوا إلى ما مهَّده لهم دينهم، وإلى تعاليمه النافعة، وإرشاداته العالية؛ فإنهم لابد أن يصلوا إلى الغاية كلها، أو بعضها. وهذا المذهب المهين - مذهب التشاؤم - لا يرتضيه الإسلام؛ بل يحذر منه أشد تحذير، ويبين للناس أن النجاح مأمول، وأن مع العسر يسراً... فليتق الله هؤلاء المتشائمون، وليعلموا أن المسلمين أقرب الأمم إلى النجاح الحقيقي والرقي الصحيح)[2].

ثانياً:
أنه ينبغي لنا أن نشيع روح التفاؤل، في مثل هذه الأوقات القاسية، وأن ننبذ اليأس عنا مكاناً قصياً، وأن نوقن بأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً، وهذا منهج أرشدنا إليه نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهنا موقفان يبينان ذلك:


الموقف الأول:
: حين أتى خبَّاب بن الأرتِّ - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مكروب النفس، محزون الصدر، قلق الخاطر، من شدة ما لاقى من المشركين، فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - متوسداً بُرْدَةً في ظل الكعبة، فقال: يا رسول الله، ألا تستنصر لنا؟! ألا تدعو الله لنا؟! فقعد وهو محمرٌّ وجهه، فقال: ((لقد كان مَن قبلكم ليمشَّط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرِق رأسه، فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا اللهَ، والذئبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلون))[3].

فتأمل كيف فاجأ النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بهذا الخبر الذي تتهلل له الوجوه بشراً، وتتدفق سروراً، في ظل هذا الضغط الرهيب من المشركين، الذي جعل بعض النفوس تستبطئ النصر.

الموقف الثاني:
ثم شرع ابن الأثير يذكر تفاصيلها، وكان مما قال: "وهؤلاء -يعني: التتار- لم يُبقوا على أحد، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لهذه الحادثة التي استطار شررها، وعمَّ ضررها، وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح...".

ثم ذكر ابن الأثير من أفعال التتار أشياء مروعة، وكان مما قال: "ولقد حكي لي عنهم حكايات يكاد سامعها يكذِّب بها، من الخوف الذي ألقى الله - سبحانه وتعالى - في قلوب الناس منهم، حتى قيل: إن الرجل الواحد منهم – أي: التتار- كان يدخل القرية أو الدرب، وبه جمع كثير من الناس، فلا يزال يقتلهم واحداً بعد واحد، لا يتجاسر أحد أن يمد يده إلى ذلك الفارس، ولقد بلغني أن إنساناً منهم أخذ رجلاً، ولم يكن مع التتري ما يقتلهم به، فقال له: ضع رأسك على الأرض ولا تبرح. فوضع رأسه على الأرض، ومضى التتري فأحضر سيفاً، فقتله به!. و حكى لي رجل قال: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلاً في طريق، فجاءنا فارس من التتر، وقال لنا: ليكتِّف بعضكم بعضاً، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلتُ لهم: هذا واحد، فلِمَ لا نقتله ونهرب؟ فقالوا: نخاف، فقلتُ: هذا يريد قتلكم الساعة، فنحن نقتله، فلعل الله أن يخلصنا، فوالله ما جسر أحد أن يفعل، فأخذت سكيناً وقتلته، وهربنا فنجونا، وأمثال هذا كثير". ومن أراد الزيادة، فليرجع إلى الكتاب المذكور.

ثالثاً:
كما ينبغي لنا إذا أردنا النصر الحقيقي - ألا نكتفي بمجرد الأماني والتخيلات، والتفاؤل غير المصحوب بالعمل؛ بل لابد أن نفعل الأسباب، ونطرق الباب، فذلك سبيل النصر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].

وقال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، وإن أمة الإسلام لن تنتصر ما لم تأخذ بأسباب النصر، فتقيم شعائر الإسلام ظاهرة وباطنة، وتخلع رِبْقة الترف الفكري والاجتماعي من عقول أبنائها، ويكون عند أبنائها الاستعداد التام للتضحية؛ لأجل هذا الدين، كلٌّ حسب استطاعته وقدرته.

ومع إيقاننا بأن البلاء حتمي؛ وأن هذه النوازل من أقدار الله؛ فإنه لا يعني هذا أن نتواكل ونستسلم للذل والهوان، كلا؛ بل ندافع أقدار الله بأقداره، ونستفيد من هذه الأحداث، بأن نعود إلى ربنا، ونجدِّد إيماننا، ونَصْدق في توبتنا؛ وهذه من حِكَم البلاء، وقد قال ربنا: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} [الأنعام: 42].

وقال: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168]، وقال: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: 76].
حين كان المسلمون يحفرون الخندق، وهم يترقبون عدواً قادماً عليهم، يتربص بهم الدوائر، قد أوعدهم، وألَّب عليهم الناس، فلا يدرون في أي لحظة ينقض عليهم، وفي هذه الأثناء عرضت لهم - وهم يحفرون الخندق - صخرة لا تأخذ فيها المعاول،قال: فشكوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع ثوبه، ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول، فقال: ((بسم الله)). فضرب ضربةً، فكسر ثلث الحجر، وقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا!)). ثم قال: ((بسم الله)) وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا!)). ثم قال: ((بسم الله)) وضرب ضربةً أخرى، فقلع بقية الحجر، فقال: ((الله أكبر، أعطيتُ مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا!))[4].

فانظر إلى النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - كيف ينقل أصحابه من هذا العناء والرَّهَق، إلى السعة والدعة، بمجرد أحرف يسيرة، فيثوب إلى أحدهم نشاطه في عمله، كأنما يتفيأ ظلال الراحة.

إن الأمة بحاجة إلى أن يشاع فيها التفاؤل الإيجابي، الذي يساهم في تجاوز المرحلة التي تمرُّ بها اليوم، مما يشدُّ من عَضُدها، ويثبِّت أقدامها في مواجهة أشرس الأعداء، وأقوى الخصوم؛ ليتحقق لها النصر بإذن الله.

إن اليأس لا يصنع شيئاً سوى سقوط الهمة، وتخاذل العزم، والرضا بالتخلف والدُّون.

ولقد مرَّ في تاريخ الإسلام حوادث عظيمة نكبت بها الأمة، وتجاوزتها بسلام، ولو ذهبنا نستقري التاريخ؛ لطال بنا المقام، وإليكم إحدى هذه الحوادث، نتبين من خلالها أن أمة الإسلام تمرض، لكنها لا تموت، ألا وهي غزو التتار بلاد الإسلام، وأُفسح المجال للمؤرخ الكبير أبي الحسن ابن الأثير ليحدثنا في كتابه "الكامل"[5]عن هذه الحادثة، فيقول: "لقد بقيتُ عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة؛ استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم إليه رِجْلاً وأُؤخر أخرى، فمَنْ الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟! ومَنْ الذي يهون عليه ذكر ذلك؟! فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها، وكنتُ نسياً منسياً.

إلا أني حثَّني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعاً، فنقول: هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى، التي عقمت الأيام والليالي عن مثلها، عمَّت الخلائق، وخصَّت المسلمين، فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله - سبحانه وتعالى - آدم - وإلى الآن - لم يبتلوا بمثلها، لكان صادقاً؛ فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها".
إن النصر مدَّخرٌ للذين يَؤمُّون معالي الأمور، فلا يرضون بالهون صاحباً، ولا يقيمون على المذلة، ولا تنحني رؤوسهم للعاصفة، وهو مدَّخرٌ لأولئك للذين لا يخامرهم ريب في نصر الله، ولا تعترضهم فيه شبهة يأس.

وليس الله - سبحانه - عاجزاً عن نصرة الحق بغير فعل الأسباب، وهو الذي يقول للشيء: "كن" فيكون، ولكن هكذا اقتضت مشيئته وحكمته، وهكذا تجري سنَّته.

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو إمام المتوكلين، كان أوعى الناس لهذه السنَّة، وهذا خبرٌ واحدٌ يدل على أخذه - صلى الله عليه وسلم - بالأسباب:
يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لما كان يوم بدر، نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين، وهم ألف، وأصحابه ثلاث مئة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القِبْلَة، ثم مدَّ يديه، فجعل يهتف بربه: ((اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض)). فما زال يهتف بربه، مادّاً يديه، مستقبلاً القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله - عزَّ وجل -: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}[6][الأنفال: 9]. والشاهد منه: أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم، وهو الموعود من ربه؛ إما بالنصر والغنيمة من قريش، أو الاستيلاء على عِير قريش التي تحمل تجارتهم، وذلك في قوله تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} الآية. [الأنفال: 7] - فعل الأسباب، وألحَّ على ربه بالدعاء؛ فجاءه النصر.

رابعاً:
والقلب في ذروة الشدة يتلقَّن درساً لا ينساه، ويستجلي قنواتٍ إصلاحية ربما لا تكون لولا تلك الشدة، ويكون عنده من الإقبال على الله، والتألُّه له ما لا يكون في غير تلك الشدة، قال - تعالى -: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وعندها يأتي النصر، وتنكشف الغمَّة، كما قال – تعالى -: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].

ألا وإن مما يُستدفع به هذا البلاء، أن يراجع كلٌّ منا نفسه عن تقصيره في جنب الله، فما نزل بلاءٌ إلا بذنب، وما رُفع إلا بتوبة، قال – تعالى -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشُّورى: 30]، وقال: {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الرُّوم: 41].

وتأمل رحمة الله بعباده؛ إذ قال: (بعض)، ولم يقل: (كل)!!.

وقال - سبحانه -: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].

وقد عاتب الله أصحاب نبيه عن استفسارهم عن سبب هزيمتهم في غزوة أحد، فقال: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165].

خامساً:
كما ينبغي للمسلم عند وقوع هذه الأزمات أن يكون بعيد النظر؛ فلا يستبطئ النصر، ولا يستعجل ثمراته، متأسِّياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وهذا موقفٌ من مواقفه في ذلك:
سألته عائشة - رضي الله عنها - يوماً: هل أتى عليك يومٌ كان أشد من يوم أحد؟ قال: ((لقد لقيتُ من قومك ما لقيتُ، وكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال؛ لتأمره بما شئتَ فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن شئتَ أن أطبق عليهم الأخشَبَيْن؟)).

فماذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

هل قال: هذه فرصةٌ تُهْتَبل، ونصرٌ كبيرٌ بلا مؤونة؟

أو قال: هذه ساعةٌ أنتقم فيها من أعدائي؟ وأشفي فيها فؤادي؟
كلا! لم يقل ذلك كلَّه، إنما قال: ((بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم مَنْ يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئاً))!![7].

سبحان الله، أيُّ صبر في سبيل الدعوة أجلُّ من هذا الصبر؟! تقرع الأحزان ساحته - صلى الله عليه وسلم - فيبددها بإيمانه، فترتد حسيرة، كأن لم تكن.
إنه الإيمان الراسخ رسوخ الجبال الراسية، والجَنَان الثابت الموقن بنصر الله.

فلم تكن تلك الشدائد - مع قسوتها - تحول بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين استشراف المستقبل، وإحسان الظن بالله.

ومما يجب التنبيه عليه هنا: أن غاية المؤمن أن يعمل، لا أن يرى النصر؛ بل قد تراه الأجيال بعده، وخير شاهد على ذلك قصة الغلام والساحر[8] ؛ حيث أسلم الناس لما ضحَّى الغلام بنفسه؛ فوقع النصر بعد موته، وكان ما فعل تثبيتاً للناس في أن ما دعاهم إليه هو الحق، ووقع ما يخشاه الملك من إيمان الناس إيماناً حقيقياً؛ أُدخلوا لأجله في الأخاديد المضرمة بالنيران، فصبروا واقتحموا.

وقال خَبَّاب - رضي الله عنه -: "هاجرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نريد وجه الله؛ فوقع أجرنا على الله، فمنَّا مَنْ مضى، لم يأخذ من أجره شيئاً، منهم مصعب بن عُمَيْر: قُتل يوم أحد، وترك نَمِرَةً، فكنَّا إذا غطَّينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطَّينا رجليه بدا رأسه، فأمَرَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نغطي رأسه، ونجعل على رِجْلَيْه شيئاً من إِذْخِر! ومنَّا مَنْ أينعت له ثمرته، فهو يَهْدِبُها"[9].

اللهم إنك تشاهدنا في سرَّائنا وضرائنا، وتطَّلع على ضمائرنا، وتعلم مبلَغ بصائرنا، أسرارنا لك مكشوفة، وقلوبنا إليك ملهوفة، نسألك برحمتك التي وسعت كل شيءٍ أن تهب لنا من لدنك نصراً عزيزاً، وفتحاً مبيناً، وعزّاً ظاهراً، وعيشاً نقيّاً، ومردّاً غير مخزٍ ولا فاضح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــ
[1] زاد المعاد: 3 / 204.
[2] منقول بتصرف يسير من رسالة له بعنوان: " وجوب التعاون بين المسلمين "، ص 11.
[3] أخرجه البخاري: ( 3852).
[4] أخرجه أحمد 38 / 133 والنسائي في الكبرى (8858) من حديث البَرَاء بن عازب.
[5] الكامل 12 / 358 - 500 – 501.
[6] أخرجه مسلم: (1763).
[7] أخرجه البخاري: (3059)، ومسلم: (1795).
[8] أخرجها مسلم: (3005).
[9] أخرجه البخاري (3897) ومسلم (940).



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/475/#ixzz3H5KUAiPi
 
  • إعجاب
التفاعلات: ذات الخمار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بابل
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
هذه المقالة عن بابل المدينة التاريخية في العراق. لتصفح عناوين مشابهة، انظر بابل (توضيح).

منظر مدينة بابل الأثرية

بوابة عشتار لمدينة بابل القديمة، محفوظة في متحف برلين
بابل (باليونانية Βαβυλών، اللاتينية Babylon، بالآرامية: ܒܒܠ). هي مدينة عراقية كانت عاصمة البابليين أيام حكم حمورابي حيث كان البابليون يحكمون أقاليم ما بين النهرين وحكمت سلالة البابليين الأولى تحت حكم حمورابي (1792-1750) قبل الميلاد في معظم مقاطعات ما بين النهرين، وأصبحت بابل العاصمة التي تقع علي نهر الفرات. التي اشتهرت بحضارتها. وبلغ عدد ملوك سلالة بابل والتي عرفت (بالسلالة الآمورية(العمورية)) 11 ملكا حكموا ثلاثة قرون(1894 ق.م. -1594 ق. م.). في هذه الفترة بلغت حضارة المملكة البابلية أوج عظمتها وازدهارها وانتشرت فيها اللغة البابلية بالمنطقة كلها، حيث ارتقت العلوم والمعارف والفنون وتوسعت التجارة لدرجة لا مثيل لها في تاريخ المنطقة. وكانت الإدارة مركزية والبلاد تحكم بقانون موحد، سُنة الملك حمورابي لجميع شعوبها.وقد دمرها الحيثيون عام 1595 ق.م. حكمها الكاشانيون عام 1517 ق.م. وظلت منتعشة ما بين عامي 626 و539 ق.م. و خصوصا ايام حكم الملك الكلداني نبوخذ نصرحيث قامت الإمبراطورية البابلية وكانت تضم من البحر الأبيض المتوسط وحتى الخليج العربي. استولي عليها قورش الفارسي سنة 539 ق.م وقتل اخر ملوكها بلشاصر. وكانت مبانيها من الطوب الأحمر. واشتهرت بالبنايات البرجية (الزيجورات). وكان بها معبد إيزاجيلا للإله الأكبر مردوخ (مردوك).والآن أصبحت أطلالا. عثر بها علي باب عشتار وشارع مزين بنقوش الثيران والتنين والأسود الملونة فوق القرميد الأزرق.


منظر من مدينة بابل الأثرية التي تقع على بعد 85 كيلومترا جنوب بغداد.

التسمية
الكلمة الإغريقية (Βαβυλών) هي تكيف اللغة الأكدية بابيلي. الاسم البابيلي بقي على ما هو عليه في الألفية الأولى ما قبل الميلاد، وتغير الاسم في بداية الألفية الثانية قبل الميلاد بما معناه "بوابة الرب" أو "مدخل الرب" من قبل عالم في التأثيل. الاسم السابق بابيليا على ما يبدو هو تكيف للغة سامية غير معروفة الأصل أو المعنى. في الكتاب العبري يظهر الاسم בבל مفسرًا في سفر التكوين (11:9) بما معناه الحيرة.

أصبحت مدينة بابل بعد الاحتلال مباشرا مقرا للقوات الأمريكية ثم بعد ذلك سلمت ليد وزارة السياحة ومن ثم التنازع عليها مع البلدية ولان مدينة بابل مهملة بأستثناء قصر صدام حسين الذي أصبح فنقا سياحيا والموجود بالقرب من هذه الاثار كما وان ان هناك سويتات فندقية للسياحة والأعراس وهناك قاعة لاقامة المؤتمرات

اللغة
أطلق أهل بابل على لغتهم اسم اللغة الأكادية "الأكّدية"، وذلك لأن منطقة بابل ككل كانت تُدعى عندهم "أكاد" كما يُلاحظ في نقوش كثيرة وردت فيها أسماء ملوك بابل كـ "ملك أكاد" أو "ملك أكاد وشومر". وقد اقتبس البابليون أبجديتهم من السومريين الذين أسسوا حضارتهم جنوب العراق. وقد ظلت هذه الأبجدية (المسمارية) تُستخدم في كتابة اللغة البابلية/الأكادية حوالي ثلاثة آلاف عام، أي حتى قرن واحد قبل الميلاد. اللغة البابلية سامية أصيلة، ولكن لفظها لم يشتمل على حروف التضخيم والتفخيم كما في العربية، كالطاء والظاء والضاد. ولا على حروف الحلق كالحاء والعين والهاء والغين.

بابل واليهود
دخل اليهود العراق عندما تم سبيهم من قبل الآشوريين ثم البابليين حيث تم تدوين التوراة في بابل بعد السبي حيث استمدت الكثير من القوانين البابليه ودونت الكثير من تاريخ بابل والعراق بصورة عامه حيث كانت المصدر الوحيد لتاريخ وادي الرافدين قبل حل لغز اللغة المسماريه في القرن التاسع العشر

موجات السبي الرئيسية لبني إسرائيل كانت ثلاثا هي:

  • سبي سامريا (721 ق.م.)، حيث سبى الآشوريون اليهود وعلى رأسهم الأسباط العشرة.
  • سبي يهواخن(يهوياكين) (597 ق.م.)، حيث سبى نبوخذنصر 10 آلاف يهودي من أورشليم إلى بابل.
  • سبي صدقيا (586 ق.م.)، التي كانت علامة لنهاية مملكة يهوذا، وتدمير أورشليم ومعبد سليمان الأول. أربعين ألف يهودي تقريباً تم سبيهم إلى بابل خلال ذلك الوقت.[1]
 
التعديل الأخير:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل العهد القديم كلمة الله ؟
الوثنيات القديمة والتوراة :


كما اعتمد كتاب الأسفار من اليهود على ثقافات الأمم الوثنية المجاورة لبني إسرائيل، بل كادت بعض سطورهم أن تكون نقلاً حرفياً لما في تلك الكتابات المنقولة عن الأمم الوثنية.
فالكثير من القصص التوراتية نحلها كُتاب العهد القديم من أساطير الأمم السابقة لبني إسرائيل، وظهر صداها واضحاً في أسفار العهد القديم.
ومن ذلك ما ذكره سفر التكوين عن مضاجعة لوط ( انظر التكوين 19/30 - 37) والتي انتحلها العهد القديم وكتابه المجهولون من أسطورة مصرية ذكرها شوقي عبد الحكيم في كتابه “أساطير وفلكلور العالم العربي “.
وتتحدث الأسطورة عن إلهة الموت "أفروديت" التي كانت تتمنى أن تنجب طفلاً من أخيها الأكبر أوزوريس، فأسكرته وضاجعته، فولدت منه الإله أنوييس.
وأما قصة سفر استير والذي يذكر قصتها وابن عمها مردخاي، حيث يذكر انتقامها من هامان وزير ملك الهند وفارس أحشويرس، فالقصة مشابهة لما جاء في التراث البابلي في ملحمة البابليين والعيلميين، ولكل بطل من أبطال القصة التوراتية مقابل في الأسطورة البابلية، فاستير اليهودية هي عشتر البابلية، وهامان هو إله العيليميين، ومردخاي هو مردوك البابلي.
ومما يؤكد هذا الاقتباس أن التاريخ الفارسي لا يذكر شيئاً عن أبطال القصة التوراتية وخاصة استير والملكة فشني.
وأما المزامير فتتشابه مع الأناشيد والتراتيل المصرية وغيرها، فالعالم أرمان في بحثه القيم " مصدر مصري لأمثال سليمان " والذي قدمه عام 1924م تابعه فيه العالم برستيد، يريان بأن المزمور 104 منقول بشكل شبه حرفي من نشيد أخناتون الكبير، وخاصة الفقرات (20- 30).
وهذا ما أكدته دائرة المعارف الكتابية في مادة " المزامير"حيث تقول: "البحث الأركيولوجي في بابل وفي مصر قد كشف عن أناشيد متقدمة.... كما أن الكشف عن آداب الكنعانيين في أوغاريت.... قد أمدنا بقصائد هامة مشابهة للمزامير منذ عصر موسى.
كما يرى المحققون أن المزمور التاسع والعشرين مقتبس عن قصيدة من أوغاريت " للبعل " مع استبدال اسم " البعل " باسم " يهوه.
وأما المزمور 19 فمقدمته هي عينها الابتهالات التي كانت تقدم لإله الشمس.
وأما سفر نشيد الإنشاد فيرى ولديورانت أنه من وضع شعراء عبرانيين تأثروا بالروح الهيلينية التي وصلت مع غزو الإسكندر، وقد يكون السفر مأخوذاً من آداب مصرية بدليل أن العاشقين كان يخاطب أحدهما الآخر : أخي. أختي، وهو أسلوب مصري قديم.
ويؤكد العالمان أرمان وبرستيد أن سفر الأمثال منقول بشكل فاضح من كتاب " الحكم " لأمنحوبي المصري القديم، وكان قد قسم كتابه إلى ثلاثين فصلاً واشتهر باسم " ثلاثون فصلاً من الحكمة " ونقل كاتب السفر التوراتي هذه الحكم مع تغيير بسيط.
ويذكر مصطفى محمود في كتابه "التوراة" بعضاً من صور التشابه، إذ يقول أمنحوبي: " الكاتب الماهر في وظيفته سيجد نفسه أهلاً للعمل في رجال البلاط " ويقول سفر الأمثال ناقلاً عنه: " أرأيت رجلاً مجتهداً في عمله إنه يقف أمام الملوك " ( أمثال 22/29 ).
وأيضاً يقول أمنحوبي: " لا تصاحب رجلاً حاد الطبع، ولا ترغب في محادثته "، وفي سفر الأمثال: " لا تستصحب غضوباً، ومع رجل ساخط لا تجيء " ( الأمثال 22/24 ).
وأما سفر الجامعة فلا يمكن أن يصدر من نبي للروح التشاؤمية، والنظرة السوداوية التي تسيطر على كاتبه الذي اقتبس من الأساطير البابلية، ومنها أن الآلهة نصحت جلجامش بقولها: "أي جلجامش، املأ بطنك، وكن مرحاً بالليل والنهار، بالليل والنهار كن مبتهجاً، راضياً، طهر ثيابك، واغسل رأسك بالماء، وألق بالك إلى الصغير الذي يمسك بيدك. واستمتع الزوجة التي تضمها إلى صدرك ".
ويشبه هذا ما جاء في سفر الجامعة وفيه " اذهب. كُل خبزك بفرح، واشرب خمرك بقلب طيب، لأن الله منذ زمان قد رضي عن عملك، لتكن ثيابك في كل حين بيضاء، ولا يعوز رأسك الدهن، إلتذّ عيشاً مع المرأة التي أحببتها " ( الجامعة 9/ 7 ).
كما نقل كتاب التوراة قصة الطوفان من السومريين، وتعود مخطوطاتهم إلى 3000 ق.م، حيث يتشابه العمود الثالث والرابع من اللوح الحادي عشر من ملحمة جلجامش كما أوردهما فراس سواح في كتابه " كنوز الأعماق قراءة في ملحمة جلجامش"، حيث جاء في الملحمة: "وما أن لاحت تباشير الصباح، حتى علت الأفق غيمة كبيرة سوداء،... اقتلع أريجال الدعائم، ثم أتى ننورتا وفتح السدود،... بلغت ثورة حدد تخوم السماء، أحالت كل نور إلى ظلمة، والأرض [الفسيحة] قد تحطمت [ كما الجرة ]، ثارت العاصفة يوماً ( كاملاً )، تزايدت سرعاتها حتى حجبت الجبال، أتت على الناس، ( حصدتهم) كما الحرب، عميَّ الأخ عن أخيه،. وبات أهل السماء لا يرون الأرض، حتى الآلهة ذعرت من هول الطوفان،... ستة أيام وست ليال، الرياح تهب، والعاصفة وسيول المطر تطغى على الأرض.
ومع حلول اليوم السابع. العاصفة والطوفان، التي داهمت كجيش، خفت شدتها، هدأ البحر وسكنت العاصفة وتراجع الطوفان.... واستقرت السفينة على جبل نصير،... أتيت بحمامة وأطلقتها،... طارت الحمامة بعيداً ثم عادت إلىَّ،... أتيت بغراب وأطلقته،... طار الغراب بعيداً، فلما رأى الماء قد انحسر، حام وحط وأكل. ولم يعد).
وهذه المقتطفات من الملحمة تشبه كثيراً ما جاء في قصة الطوفان في سفر التكوين، حيث جاء فيه: " وتعاظمت المياه وتكاثرت جداً على الأرض. فكان الفلك يسير على وجه المياه. وتعاظمت المياه كثيراً جداً على الأرض. فتغطت جميع الجبال الشامخة التي تحت كل السماء. وانسدّت ينابيع الغمر وطاقات السماء. فامتنع المطر من السماء. ورجعت المياه عن الأرض رجوعاً متوالياً. وبعد مائة وخمسين يوماً نقصت المياه.
واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال أراراط. وأرسل الغراب. فخرج متردداً حتى نشفت المياه عن الأرض... ثم أرسل الحمامة من عنده ليرى هل قلّت المياه عن وجه الأرض. فلم تجد الحمامة مقراً لرجلها. فرجعت إليه إلى الفلك. لأن مياهاً كانت على وجه كل الأرض. فمدّ يده وأخذها، وأدخلها عنده إلى الفلك. فأتت إليه الحمامة عند المساء، وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها. فعلم نوح أن المياه قد قلّت عن الأرض. فلبث أيضاً سبعة أيام أخر، وأرسل الحمامة فلم تعد ترجع إليه أيضاً". (التكوين 7/18- 8/12).
وقد قارب الحقيقة صبري جرجس حين وصف التوراة في كتابه " التراث اليهودي الصهيوني بأنها " لا تكاد تزيد عن كونها مجموعة من الخرافات والقصص التي صيغت في جو أسطوري حافل بالإثارة، مجافٍ للعقل والمنطق، غاص بالمتناقضات، مشبع بالسخف....".
ويعترف بأثر هذه الأمم على التوراة المدخل الفرنسي للتوراة " لم يتردد مؤلفو الكتاب المقدس وهم يرون بداية العالم والبشرية أن يستقوا معلوماتهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تقاليد الشرق الأدنى القديم، ولاسيما من تقاليد ما بين النهرين ومصر والمنطقة الفينيقية الكنعانية ".
وتتشابه كثيراً الشرائع التوراتية مع قوانين حمورابي، والذي سبق ظهور اليهود وكتبهم بعدة قرون، وصور التشابه كثيرة، حتى يخيل للناظر إلى كثرتها أن التوراة بشرائعها نسخة من قوانين حمورابي الوثني، ومن صور التشابه ما جاء في الأسفار بخصوص الثور النطاح: " إذا نطح ثور رجلاً أو امرأة فمات يرجم الثور ولا يؤكل لحمه، وأما صاحب الثور فيكون بريئاً. ولكن إذا نطح ثوراً ناطحاً من قبل وأشهد على صاحبه ولم يضبطه فقتل رجلاً أو امرأة فالثور يرجم وصاحبه يقتل أيضاً...إن نطح الثور عبداً أو أمة. يعطى سيده ثلاثين شاقل فضة، والثور يرجم". (الخروج 21/ 28- 32).
ويقابل ذلك ما جاء في قوانين حمورابي" مادة 250 -252 " وفيه: ( إذا نطح ثور أثناء سيره في الشارع رجلاً فقتله، فلا وجه لتقديم مطالبات من أي نوع. أما إذا كان الثور ناطحاً من قبل، وتبينت لصاحبه هذه الحقيقة، ومع ذلك لم يكسر قرونه أو يربطه، فإذا نطح هذا الثور رجلاً حراً فقتله، فعلى صاحب الثور أن يدفع ثلاثين شاقلاً من الفضة. أما إذا نطح عبداً فيعطى سيده عشرين شاقلاً من الفضة).
ومثله التشابه بين (الخروج 22/ 7 ) والمادة 124 من حمورابي. وكذا التشابه بين (الخروج 22/ 10- 12) والمواد 244- 246- 266 من قوانين حمورابي، وكذا (الخروج 21/ 18- 19 ) والذي يشبه المادة 206 من شريعة حمورابي، في حين يتشابه (الخروج 21: 22 ) مع مادة 209 من شريعة حمورابي.
وتعقب دائرة المعارف الكتابية: " وهكذا نجد العديد من المشابهات في المواضيع والأحكام، بين شريعة موسى وقوانين حمورابي... لا نستطيع الجزم بأن التوافقات التي عرضناها قد جاءت نتيجة مصادفة عشوائية...وعندما اتصل الإسرائيليون بالحضارة البابلية بعد دخولهم إلى أرض كنعان، كان من الطبيعي أن يستخدموا ما أفرزته تلك الحضارة، مما وجدوه فيها نافعاً لهم".

كتبهد. منقذ بن محمود
السقارمكة المكرمة – شعبان – 1423هـ
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبوءات محمد - صلى الله عليه وسلم
(من رقم 1 إلى رقم 10)

النبوءة ( 1 ) : محمد بن عبد الله

نتكلم عن نبوءة يعقوب وهو على فراش الموت لأبنائه عن النبى المنتظر ، وقداعتبرها أهل الأديان الثلاثة الكبرى نبوءة عن المسيا ( النبى الموعود به ، النبى الخاتم ، نبى آخر الزمان ، ملاك " أى رسول " العهد ) اعتبرها كذلك اليهود أنفسهم وفى مؤلفات علمائهم القدماء ومنها التلمود ، وكلهم فسر ( شيله ) بالمسيا .

ويقول قاموس الكتاب المقدس عن شيلون ( شيله ) " اسم يشير إلى المسيا " .

لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتى ( شيلون) وله يكون خضوع شعوب " تك 49/10 . وفى ترجمة الآباء اليسوعيين " لا يزول صولجان الملك من يهوذا ومشترع من صلبه حتى يأتى ( شيلو ) وتطيعه الشعوب ."

وفى الترجمات الإنجليزية وردت الكلمة ( شيلوه أو شيله Shiloh ) .

والكلمة وردت فى التوراة العبرية من أربعة أحرف فقط : " شين ، يود ، لامد ، هى " أى : " شين ، ياء ، لام ، هاء " إذن فقد وردت الكلمة فى الترجمات بأربع صيغ : شيلون ، شيلوه ، شيلو ، شِيلُه .

ونختار طبعا ما ورد فى الأصل العبرى، وفقا لحروف الهجاء الأربعة، أى " شِيلُه " .


إنها كلمة لامعنى لها فى سياقها ، ولكن يلغز بها يعقوب إلى اسم النبى الذى تنتهى على يديه الشريعة والسلطان من بنى إسرائيل وتنتقلان إليه وتخضع له الشعوب . فالقضيب أو الصولجان هو السلطان والملك ، والمشترع يعنى المشرع ( الشريعة و السلطة الدينية ) .


علينا أن نتبع تعاليم يوحنا اللاهوتى الواردة فى رؤيا يوحنا ( 13/18 ) ، والمشار إليها فى المقدمة " هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش ، فإنه عدد إنسان ، وعدده ستمائة وستة وستون " . علينا فقط أن نكون تلاميذ مطيعين ، إنه تلميذ يسوع الحبيب .

وعند حساب هذه الكلمة " شيله " فى نبوءة يعقوب بحساب الجمّل ، نجده :

ش = 300 + ى = 10 + ل = 30 + هـ = 5 المجموع 345

واسم : محمد بن عبد الله بالعبرية هو " حمدون ابن عوبيد إلوهيم "

وبتطبيق نفس حساب الجمل على هذا الاسم نجده :

ح = 8 + م =40 + د = 4 + و = 6 + ن = 50 ( حمدون ) المجموع 108

أ = 1 + ب = 2 + ن = 50 ( ابن ) المجموع 53

ع = 70+ و= 6 + ب = 2 + ى = 10 + د =4 ( عوبيد ) المجموع 92

أ =1+ ل =30 + و=6 + هـ=5 + ى=10+ م =40( إلوهيم ) المجموع 92

المجموع الكلى 345

نفس مجموع الحروف الأربعة ( شيله ) عاليه .

إن نبوءة يعقوب عن النبى المنتظر ، نبى آخر الزمان ، تنطبق على " محمد بن عبد الله " .

لقد أرشدتنا نصيحة يوحنا اللاهوتى .

يقول القس الإنجيلى F . Vallowe فى كتابه عن رياضيات الكتاب المقدس وحساب الجمّل ما يعنى :

" من السهل جدا اكتشاف التعاليم المزيفة والخطأ عن طريق الأرقام . فإذا كانت القيمة العددية لكلمة أو عبارة غير مطابقة لأمر ما ، فإنه يكون قطعا غير صحيح . فإذا قال لك أحد الوعاظ أن كلمة تعنى شيئا ما ، وأثبت حساب الجمل شيئا غيره ، يكون الواعظ هو المخطىء وليس حساب الجمل . فحساب الجمل ليس موضوعا لمعالجة التأويلات ( التفسبرات ) ببراعة . إنه ببساطة : الواقع ، ما هو كائن ، لذلك فحساب الجمل لا يستخدم فى تأسيس نظرية ، أو مبدأ أو عقيدة ، وإنما لتأكيدها "

لقد كفانا رجل من أصحاب الكتاب ، كلامه حجة عليهم ، كثيرا من الجدل والمماحكات ، أو البراهين والدلالات .


لقد كان موسى هو صاحب شريعة بنى إسرائيل ، كما أنهم لم يعرفوا الحكم والملك إلا من بعده ، لقد مات بالصحراء فى فترة التيه قبل دخولهم فلسطين ، فالنبوءة ليست عنه ، وإنما عمن تزول الشريعة والحكم من بنى إسرائيل على يديه .

إن ملك يهوذا وشريعته لا تزول على يدى شخص من سبط يهوذا ، وإلا كان الأمر امتدادا لملك يهوذا وشريعته ، وليس زوالا لهما ، وبذا تبطل الدعوى بأن (شيله ) يكون من ذرية يهوذا .

لقد كانت لهم جيوشهم وحصونهم وديارهم وشريعتهم ، وسلطانهم وسطوتهم فى جزيرة العرب


استعرض أسماء من شئت من أنبياء الله من بعد موسى إلى يشوع المسيح مرورا بصموئيل وإيليا وناحوم وأشعياء وعاموس ودانيال وحبقوق وملاخى ... وحاول تطبيق النبوءة عليهم ، فلن تخرج إلا بنتيجة واحدة ، وهى أن النبوءة لا تنطبق إلاعلى نبى الله : محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من بين جميع الأنبياء .


لقد وقع القول على " محمد بن عبد الله " دون غيره من الأنبياء على أساس من حساب الجمّل الذى نص عليه الكتاب المقدس ، ويقره ويعترف به الأحبار والكهنة والربيون والعلمانيون منهم .


هذا دليلنا من التوراة ، حجتنا على لسان يعقوب ، واضحة كشمس الضحى ، بلغتكم التى يقرها الجميع ويتعاملون بها ويقدسونها .

وإلىالنبوءة التالية .


النبوءة ( 2 ) : محمد بن عبد الله

هذه النبوءة تتضمن اسم محمد صلى الله عليه وسلم بنفس المجموع السابق تؤكدها وتعضدها وتؤازرها .

يقول نبى الله زكريا " ... لأنى هاأنذا آتى بعبدى ( الغصن ) فهو ذا الحجر الذى وضعته قدام يهوشع ، على حجر واحد سبعة أعين ، ها أنذا ناقش نقشه " زك 3/8-9


يقول القس وليم مارش فى تفسير السنن القويم ج 12 ص 152 " عبدى الغصن وهو المسيح ... "

ويقول هـ. أ. ايرنسايد عن المسيح " وهو أيضا من يصفه زكريا 3/9 بأنه الحجر الذى نقشت عليه علامة مميزة وعليه سبعة أعين " وإن لم يرد فى روايات التاريخ أن المسيح كانت عليه علامة مميزة ( خاتم النبوة مثلا بين كتفيه ) .


ويقول زكريا أيضا " هكذا قال رب الجنود قائلا : هوذا الرجل ( الغصن ) اسمه ، ومن مكانه ينبت ويبنى هيكل الرب فهو يبنى هيكل الرب وهو يحمل الجلال ويجلس ويتسلط على كرسيه ، ويكون كاهنا على كرسيه " زك 6/12-13

واضح من النصين هنا أن كلمة ( الغصن ) ترمز إلى إنسان يبشر به النبى زكريا ، فلا يوجد نبى أسمته أمه( الغصن )، هى إذن نبوءة عمن ألغز عن اسمه بكلمة (الغصن ) .


لقد شارك محمد صلى الله عليه وسلم فى بناء الكعبة ونقل الأحجار إليها على كتفه بعد أن هدمها السيل ، لقد بنى بيت الله فى مكة ، منشئه ومنبته ، لقد كان فيما بعد نبيا ملكا ، وإن حاول القوم البهت أن يضعوها فى سياق عن زربابل الذى لم يكن كاهنا قط ( رجل دين ) فهو لم يكن لاويا من سبط لاوى .


المهم ماذا تقول الأرقام ، حساب الجمل ، لغة القوم ؟

يقول القس وليم مارش " والكلمة العبرانية المترجمة (غصن) هى ( نصر)، فيكون (الغصن ) بعد إضافة أداة التعريف ( ال ) هى " هـ نصر " . (حرفا النون و الصاد بين الفتحة والكسرة )

ولنأخذ بنصيحة يوحنا الحبيب ، لقد علمنا الرجل اللاهوتى ، ولنحسب " هـ نصر " بحساب الجمل لنتعرف على هذا الشخص :

هـ = 5 + ن = 50 + ص = 90 + ر = 200 المجموع 345


نفس مجموع كلمة النبوءة السابقة " شيله "

وهو نفس مجموع اسم محمد بن عبد الله بالعبرية " حمدون ابن عوبيد إلوهيم "

هذه النبوءة كسابقتها تنطبق على نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم ، وكل منهما تعزز الأخرى وتدعمها .


أطلقوا هذين الإسمين " شيله ، هـ نصر " على أى الأنبياء شئتم ، وطبقوهما عليه ، فقط أعلنوا للناس الأساس الذى بنيتم عليه هذا الاختيار ، ليحكموا إن كان مما يقبله العقل ، أو مما يرفضه ويأباه .

نريد فقط الإعلان عن أساس هذا الاختيار .

إن نبوءة يعقوب لا تنطبق على موسى ، وكذلك نبوءة زكريا من بعده .


لقد صدقت النبوءة على " محمد بن عبد الله " دون غيره من الأنبياء على أساس من حساب الجمّل ، الذى نص عليه يوحنا اللاهوتى فى الكتاب المقدس وتعترف به كل طوائف اليهود ، والمسيحيون ، والمسلمون .



النبوءة ( 3 ) : محمد

" .... حتى يأتى ( شيلون ) وله يكون خضوع شعوب " تك 49/10

هذه نبوءة يعقوب السابقة كما ترويها التوراة .


لقد فسر علماؤهم كلمة ( شيلون ) الغامضة ، تفسيرا آخر ، بكلمة غيرها ولكنها مشابهة لها ، تشير أيضا إلى النبى محمد . قالوا : " شيلون أى أمان " :

* يقول مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين صـ 448 :

شيلون ( أمان )

* ويقول فى صفحة 557 :

شيلون : أمان ، أو الذى له .

* وفى الكتاب المقدس طبعة بيروت سنة 1976 تعليق على كلمة ( شيلون ) هكذا : أى أمان


وإذا حسبنا كلمة ( أمان ) وهو ما يشير إلى اسم النبى الموعود ( المسيا المنتظر ) :

أ = 1 + م = 40 + أ = 1 + ن = 50 ( أمان ) المجموع 92

وجدناه نفس مجموع الاسم ( محمد ) :

م = 40 + ح = 8 + م = 40 + د = 4 ( محمد ) المجموع 92


وهكذا يتطابق هذا الإسم المشار إليه بكلمة ( أمان ) مع إسم النبى (محمد ) شأن الكلمتين المشار إليهما فى التمهيد " بماد ماد " و " لجوى جدول " حيث أن مجموع كل منهما ( 92 )


لم نتقول عليهم شيئا من جانبنا ، هو إعترافهم ،

إننا نعمل كما علمنا يوحنا ، لم نتجاوز الموعظة .




النبوءة ( 4 ) : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم


يقول سفر التثنية 18/15-19 :

" يقيم لك الرب إلهك نبيا من وسطك من إخوتك مثلى له تسمعون …...قال لى الرب قد أحسنوا فى ما تكلموا . أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامى فى فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ، ويكون أن الإنسان الذى لا يسمع لكلامى الذى يتكلم به باسمى أنا أطالبه "

إنها النبوءة الأولى لموسى فلا بأس إذا أطلنا النظر فيها قبل أن نبدأ حساباتنا، محور هذا الكتاب.

تنبأ موسى لبنى إسرائيل عن النبى الموعود وبشرهم به ، وأخذ عليهم العهد أن يطيعوه ويسمعوا له ، كما بشرت به الأنبياء .

قال بعض اليهود إنها عن صموئيل لأنه من سبط لاوى مثل موسى .

وقال أتباع المسيح إنها عن نبى الله عيسى ،

يقول بطرس " ويرسل يسوع المسيح المبشر به لكم من قبل ... فإن موسى قال للآباء : إن نبيا مثلى سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم له تسمعون فى كل مايكلمكم به ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبى تباد من الشعب ، وجميع الأنبياء أيضا من صموئيل فما بعده ، جميع الذين تكلموا سبقوا وأنبأوا بهذه الأيام " أع 3/20-24 فهذا النبى يأتى بعد صموئيل ، وصموئيل بشر به .

ويقول استفانوس " هذا هو موسى الذى قال لبنى إسرائيل نبيا مثلى سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم له تسمعون " أعمال الرسل 7/37 .

هذه أقوال رجلين ممتلئين من روح القدس .


يقول تفسير الكتاب المقدس لجماعة اللاهوتيين ص 453 عن هذه النبوءة " يعلن موسى إعلانا نبويا مسيانيا ، عن النبى الذى سيأتى ، الذى سيخلفه فى وظيفته كنبى "

ويقول الأنبا اثناسيوس إن " اليهود فهموها دائما أنها عن نبى من نوع آخر ( أى غير نوع المسيح وصفاته ) يقيم عهدا جديدا معهم هو عهد المسيا " .

انظر إلى يوحنا المعمدان " حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه : من أنت ؟ فاعترف ولم ينكر وأقر إنى لست أنا المسيح ، فسألوه : إذا ماذا ؟ إيليا أنت ؟ فقال لست أنا . ألنبى أنت ؟ فأجاب لا ... فسألوه وقالوا له : فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبى " ؟ يو 1/19-25

لقد كانوا ينتظرون تحقق ثلاث نبوءات عن مجئ :

المسيح - إيليا - النبى .

يعلق الدكتور القس فهيم عزيز على مجموعة مخطوطات بودمر فيقول " ويو 7/52 يحل المشكلة التى حيرت المفسرين طويلا فى القول " فتش وانظر هل قام نبى من الجليل " مع أن أنبياء كثيرين جاءوا من الجليل ، لكن الكاتب - أى فى مخطوطات بودمر - أضاف " أل التعريف " فأصبحت " النبى " وهو النبى الذى وعد الشعبَ موسى بمجيئه ، هذا النبى هو الذى لا يأتى من الجليل "


فمن اللجاجة أن يجترئ قس فيقول " فالنبى المقصود فى هذا النص هو كل نبى يرسله الله إلى شعبه " ويعود فيقول " وإذن فالنبى المشار إليه فى نص سفر التثنية هو كل نبى أرسله الله بعد موسى إلى بنى إسرائيل ، والكلام ينطبق لا على نبى بالذات ، بل الكلام عام يشمل جميع الأنبياء الذين ظهروا من بنى إسرائيل " .

إنها مجرد محاولة ساذجة مفضوحة لإخراج محمد عن هذه النبوءة .

لقد قال بطرس إنها نبوءة عن نبى بشر به صموئيل ومن بعده ، إنها نبوءة عن نبى بعينه ، بشر به موسى ووعد الشعب بمجيئه ، لديهم إسمه ، ونسبه ، وعلاماته ، وصفاته ، ولغته ، وصحابته ، وكتابه ، وأعداؤه …


ويقول القس د. فهيم عزيز " لأن إنتظارات اليهود كانت تتركز فى إعلان جديد أو توراة جديدة فى عهد المسيا ... ولقد ظل بعض العلماء يتشككون فى هذا الأمر إلى أن ظهرت مخطوطات البحر الميت فحسمت الموضوع حسما ، وأعلنت أنهم كانوا ينتظرون نزول التوراة الجديدة ولهذا تقول هذه المخطوطات ( فى عصر المسرة تختار لنفسك شعبا لأنك تتذكر العهد ، وتفرزهم كجماعة مقدسة لك تتميز عن كل الشعوب ، وتجدد عهدك معهم لإظهار مجدك ، وبكلام من الروح القدس، وبأعمال يديك، وبكتاب تكتبه يمينك تعلن الشريعة المقدسة لإظهار مجدك الأبدى)


لقد كان اليهود إذن فى إنتظار نبى بعينه ، لا يتبع شريعة موسى ، يأتى بناموس جديد ، توراة (أى شريعة ) مقدسة بديلة للتوراة التي بأيديهم ، غير أن المسيح عيسى ألزم حوارييه بعدم مخالفة توراة موسى " على كرسى موسى جلس الكتبة والفريسيون فما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه ، ولكن مثل أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون " .


هيا بنا لنأتى إلى الجانب الحسابي فى النبوءة ، لنأت إلى الفقرة الأولى ، عبارة :

" يقيم لك الرب إلهك نبيا من وسطك من إخوتك مثلى " تث 18/15

وتقول التوراة العبرية :

نَبِىء مِ قّــرِبكَ مِ أَحيك كَمُنِى يَقِيم لك يهوه إلُهيك

أى : نبيا من وسطك من إخوتك مثلى يقيم لك الرب إلهك

إن هذه الفقرة لكى تكون نبوءة أو جزءا من نبوءة ، ينبغى أن تقودنا إلى اسم ذلك النبى ، وأن تحدد شخصيته ونسبه ، تعرف به ، بما ينفى الجهالةعنه ، فهيا بنا نحسبها حتى نتعرف عليه :

ن = 50 + ب = 2 + ى = 10 + أ = 1 ( نبىء) المجموع 63

م =40 + ق =100 + ر =200 + ب = 2 + ك =20 ( م قربك) المجموع 362

م = 40 + أ = 1 + ح = 8 + ى = 10 + ك = 20 (م أحيك) المجموع 79

ك =20 + م =40 + ن =50 + ى =10 ( كمنى ) المجموع 120

ى =10 + ق =100 + ى =10 + م =40 ( يقيم ) المجموع 160

ل = 30 + ك = 20 ( لك ) المجموع 50

ى = 10 + هـ = 5 + و = 6 + هـ = 5 ( يهوه ) المجموع 26

أ = 1 + ل = 30 + هـ = 5 + ى = 10 + ك = 20 ( إلهيك ) المجموع 66

المجموع الكلى 926



هذا هو مجموع الفقرة عاليه

إنه مجموع إسم النبى محمد ( ص ) حسب تسميته العربية : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم . والآن علينا أن نحسب هذا الإسم كما يكتبه آباؤكم العبرانيون :

م = 40 + ح = 8 + م = 40 + د = 4 (محمد) المجموع 92

إ = 1 + ب = 2 + ن = 50 ( ابن ) المجموع 53

ع =70 +ب =2 + د =4 ( عبد ) المجموع 76

أ=1 + ل=30 + ل=30 + هـ=5 ( الله ) المجموع 66

( ابن ) المجموع 53

ع =70 + ب =2+ د =4 ( عبد ) المجموع 76

أ =1+ ل= 30+ م=40 + ط =9 + ل=30+ ب=2 (المطلب) المجموع 112

( ابن ) المجموع 53

هـ = 5 + ش = 300 + م = 40 ( هشم ) المجموع 345

المجموع الكلى 926

لقد راعينا كتابة الاسم ( هاشم ) كما يكتب فى العبرية ( هشم ) .


هذه شهـادة موسى و التوراة . لم نحرف فيها كلمة ، ولا بدّ لنا فيها حرفا . كتابة أيديهم

و خطتها أقلامهم . لم يكن المسلمون شهودا عليها . شهادة نبى إسرائيلى ، للنبى العربى

هل يأتى غيرنا بمثلها ؟

طبق النبوءة على محمد تتكشف لك كل أسرارها ، وتنحل ألغازها ، وتنطبق على محمد انطباق القفاز على اليد .


أما أوجه الشبه بين محمد و موسى ، فمنها


-كلاهما عبد الله ورسوله ، أما عيسى فهو إله متجسد ، إله من إله من جوهر أبيه

على قول النصارى .

-كلاهما من أب وأم ، أما عيسى فمن أم بلا أب .
-كلاهما عاشا حياة طبيعيةفتزوج وأنجب ، أما عيسى فلم يعرف الزواج ولا الأبوة
-كلاهما مات ميتة طبيعية ، أما عيسى فقد مات أشر مية مقتولا على الصليب
-كلاهما دفن فى الأرض أما عيسى فقد رفع إلى الساء ( جالسا عن يمين قوة الله )
-كلاهما صاحب شريعة وأنزل عليه كتاب ، أما عيسى فكان على سريعة موسى ، ولم ينزل عليه كتاب على قول النصارى
-كلاهما رسول حاكم محارب مطاع فى قومه ، طبق الحدود والأحكام ، أما عيسى فلم يكن حاكما ولا محاربا ولا مطاعا فى قومه ولم يطبق حدا من حدود الشريعة
-كلاهما مهمته إعلان توحيد الله المطلق بلا شائبة وتبليغ شريعة الله وتطبيقها ، أما عيسى فكانت مهمته الموت على الصليب تكفيرا عن خطيئة موروثة موهومة ، والتبشير باقتراب ملكوت الله
-ذهب يسوع إلى الهاوية وبقى فى الجحيم ثلاثة أيام ، بينما لم يذهب إلى الجحيم موسى ولا محمد

- يقول القس : " فكم بالأولى يكون أسباط إسرائيل الإثنا عشر إخوة بعضهم لبعض "

لقد كان موسى يخاطب أسباط إسرائيل الإثنى عشر وقال لهم من إخوتكم ( بشهادة رجلين ممتلئين من روح القدس هما بطرس واستيفانوس )،وإخوة بنى إسرائيل ، ليسوا هم بنوإسرائيل .

هل آن للقس أن يفهم اللغة التى يتكلم بها ؟ لم يكن موسى يخاطب سبطا واحدا ، ولا كان هذا الموقف يحتمل هذا التخصيص .

-يستشهد بقول موسى : " من إخوتك تجعل عليك ملكا "

لأن الملك فى سبط واحد هو سبط يهوذا حسب نبوءة يعقوب ، فهو يخاطب الأسباط الأخرى ، ولم يكن يخاطب جميع الأسباط .

أما القول بأن نص النبوءة ( من وسطك ، من إخوتك ) فهذا ( أى من وسطك ) لم يقله بطرس ولا استيفانوس فى نصوص سفر أعمال الرسل السابقة . هل نصدق القسس ونكذب رجلين ممتلئين من روح القدس ؟

كما يرد النص فى كتاب ( مقالات فى الكتاب المقس جـ5 صـ 29 " سيقيم الله لكم ، من بين إخوتكم ، نبيا مثلى فله تسمعون " . دون عبارة ( من وسطك )

-يقول مشابهة موسى تنحصر فى نقطتين :

الأولى : معرفة الله وجها لوجه .

وقد عرفه محمد ليلة المعراج أكثر مما عرفه موسى وعيسى ، حيث كان قاب قوسين أو أدنى ، والأنبياء جميعهم أسفل منه ، لم يحظوا بمشاهدة عن قرب .

-الثانية : المعجزات العظيمة .

ولا أعظم من معجزة محمد ، كلام الله ، صفته الأزلية ، اندثرت معجزات موسى وعيسى وليس من شاهد عليها الآن ، وبقيت معجزة محمد تتحدى إلى آخر الزمان .

-يقول القس : " وصرف ( أى عيسى ) معظم حياته بين اليهود وإليهم أرسل رسله أولا ، ولم يرسلهم إلى الأمم إلا أخيرا "

والقس يعلم جيدا أن خاتمة مرقس منحولة ، وزيادة متى غير صحيحة ، وله أن يقرأ النسخ المختلفة من الأناجيل ، وتعليقات كتاب اللاهوت ، التى لم تعد تخفى حتى على الأمى.




النبوءة ( 5 ) : رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاّب

إننا مع جواب الله على موسى فى الفقرة السابقة ، شهادة أخرى لمحمد
فى قراءة أخرى فى التوراة العبرية نجد : ( نبى ) بدلا من ( نبىء ) :

نبى أقيم لهم م قرب أحيهم كموك ونتتى دبرى
أى : نبيا أقيم لهم من بين إخوتهم مثلك وأجعل كلامى

بفيو
بفمه فلنحسبها :

ن =50 + ب =2 + ى =10 ( نبى ) المجموع 62

ا =1 + ق =100 + ى = 10 + م =40 ( أقيم ) المجموع 151

ل = 30 + هـ =5 + م =40 ( لهم ) المجموع 75

م =40 + ق =100 + ر =200 + ب =2 (مقرب) المجموع 342

ا =1 + ح =8 + ى =10 + هـ =5 + م =40 (أحيهم) المجموع 64

ك =20 + م =40 + و =6 + ك =20 (كموك) المجموع 86

و=6 + ن=50 + ت =400 + ت =400 +ى =10 (ونتتى) المجموع 866

د =4 + ب =2 + ر =200 + ى =10 (دبرى) المجموع 216

ب =2 + ف =80 + ى =10 + و =6 ( بفيو ) المجموع 98

المجموع الكلى 1960


هذا هو مجموع : رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد
وبالعبرية : شليح يهوه محمد ابن عبد الله ابن عبد

المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب

المطلبابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصى ابن كلاّب


وإلى الحساب :

ش =300 + ل =30 + ى =10 + ح =8 ( شليح ) المجموع 348

ى =10 + هـ =5 + و =6 + هـ =5 ( يهوه ) المجموع 26

( محمد ) المجموع 92

( ابن ) المجموع 53

( عبد ) المجموع 76

( الله ) المجموع 66

( ابن ) المجموع 53

( عبد ) المجموع 76

(المطلب)المجموع 112

( ابن ) المجموع 53

(هاشم) المجموع 346

( ابن ) المجموع 53

( عبد ) المجموع 76

م =40 + ن =50 + ا =1 + ف =80 (مناف) المجموع 171

( ابن ) المجموع 53

ق =100 + ص =90 + ى =10 (قصى)المجموع 200

( ابن )المجموع 53

ك =20 + ل =30 + ا =1 + ب =2 (كلاب)المجموع 53

المجموع الكلى 1960


انطبقت النبوءة على محمد : صفته رسول الله ، واسمه حتى ستة من آبائه .

فهل ينسب لنا أصحاب الكتاب أنبياءهم بما يطابق النبوءة ؟ ؟


اللهم فاشهد .


النبوءة ( 6 ) : من بنى قيدار


إننا مع كلمتين اثنتين من النص السابق : " من وسط ( أو من بين ) إخوتهم " .

وبالعبرية : مِ قَِرَِب أَحَِيهَِم

342 + 64 = 406

تُرى من أى إخوتهم هذا النبى ؟ لا بد أن يرشدنا النص إليه بوضوح ، هل هو من أحد أسباط إسرائيل الإثنى عشر ؟ إن النبوءة تحمل الهداية والإرشاد ، ولا تتضمن الغموض والحيرة ، وإلا ما أصبحت نبوءة .

إن إخوة بنى إسرائيل ليسوا هم بنى إسرائيل ، تقول التوراة عن إسماعيل : " وهذه أسماء بنى إسماعيل بأسمائهم حسب مواليدهم : نبايوت بكر إسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام ...... اثنا عشر رئيسا حسب مواليدهم ...... وسكنوا من حويلة إلى شور التى أمام مصر حينما تجىء نحو أشور ، أمام جميعإخوته نزل " تك 25/13 – 18

لقد كان سكنهم أمام إخوتهم بنى إسرائيل وفى مقابلهم ، من حويلة (شمالى اليمن ) إلى شور ( موضع فى البرية جنوب فلسطين وشرق مصر ) حسب قاموس الكتاب المقدس .

هذا هو إسماعيل وبنوه إخوة بنى إسرائيل ، كما يقول النص ، لا نستبعدهم من تطبيق النبوءة .

وقيدار هو الإبن الثانى لإسماعيل ، وجد محمد صلى الله عليه وسلم الذى طالما تغنت التوراة باسمه وأمجاده دون سائر إخوته ، ( انظر إش 42/11 – 12 ، 21/16 ، نش 1/5 ، إر 49/28 ، ...... )

إن كلمات النبوءة عاليه هى : " من بين ( أو من وسط ) إخوتهم " .

إذن علينا أن نحسب " من بنى قيدار " وبالعبرية : " م بنى قدر " :

م =40 + ب =2 +ن =50 + ى =10 ( م بنى ) المجموع 102

ق =100 + د =4 + ر =200 ( قدر ) المجموع 304

المجمـوع الكلـى 406


لقد تطابق مجموع " م قرب أحيهم " مع مجموع " م بنى قدر " .

على القوم أن يجتمعوا ويستخرجوا من النص تفسيرا ينطبق عل أنبيائهم كما يحلو لهم ، المهم أن يعلنوا أساس ما توصلوا إليه على الناس .

ونتركهم فى محاولاتهم اليائسة وننتظر ، على أمل ألا يطول بنا الانتظار .



النبوءة (7) : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى


يقول الله على لسان موسى :

image001.gif
وأجعل كلامى بفمه فيتكلم إليهم

وبالعبرية : ونَتَتّى دبَرَى بفِيو ودِبر أَليهم

نحسب هذة العبارة ، فإنها لا يمكن أن تخلو من اسم النبى المقصود ، موضع العهد :

و =6+ ن =50 + ت =400 + ت =400 + ى =10 ( ونتتى ) المجموع 866

د = 4 + ب = 2 + ر = 200 + ى = 10 ( دبرى ) المجموع 216

ب = 2 + ف = 80 + ى =10 + و = 6 ( بفيو ) المجموع 98

و = 6 + د = 4 + ب = 2 + ر = 200 ( ودبر ) المجموع 212

أ = 1 + ل =30 + ى =10 + هـ = 5 + م =40 ( إليهم ) المجموع 86

المجموع الكلى 1478


لا شك أن هذه الكلمات تحمل اسم النبى المبشر به ، وحتى لا نطيل على القـراء نذكـرهم

أنه اسم النبى : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى .

دع الرجل العبرانى ، صاحب التوراة ، يكتبه ، كما ينطقه العرب :

( محمد ) المجموع 92

( ابن ) المجموع 53

( عبد ) المجموع 76

( الله ) المجموع 66

( ابن ) المجموع 53

( عبد ) المجموع 76

(المطلب) المجموع 112

( ابن ) المجموع 53

( هشم ) المجموع 245

( ابن ) المجموع 53

( عبد ) المجموع 76

م = 40 + ن = 50 + ف = 80 ( منف ) المجموع 170



( ابن ) المجموع 53

ق = 100 + ص = 90 + ى = 10 ( قصى ) المجموع 200

المجموع الكلى 1478


هل تركت النبوءة لبساً فى شخصية هذا النبى ؟

هل يكفى هذا النسب الطويل عن الآباء و الأجداد لينفى أى شك ؟

هل إتضحت هويته من نص التوراة ؟

طبقوها على أنبياء بقاع الأرض ، وهيهات أن تنطبق على غيره .



النبوءة ( 8) : رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاّب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب .

إنها كلمات إلهية مقدسة ، فحق علينا أن نمعن فيها النظر ، نستكمل بحث نبوءة موسى فقرة فقرة :

واجعل كلامى فى فمه فيتكلم إليهم - بكل الذى أوصيه به

ونتتى دبرى بفيو ودبر أليهم أت كل أشر أصونو

و = 6+ ن =50 + ت =400 + ت =400 + ى =10 ( ونتتى ) المجموع 866

د = 4 + ب = 2 + ر = 200 + ى = 10 ( دبرى ) المجموع 216

ب = 2 + ف = 80 + ى =10 + و = 6 ( بفيو ) المجموع 98

و = 6 + د = 4 + ب = 2 + ر = 200 ( ودبر ) المجموع 212

أ =1 + ل =30 + ى =10 + هـ = 5 + م =40 ( إليهم ) المجموع 86

أ = 1 + ت = 400 ( أت ) المجموع 401

ك = 20 + ل = 30 ( كل ) المجموع 50

( أشر) المجموع 501

أ =1 + ص =90 + و =6 + ن =50 + و =6 (أصونو) المجموع 153

المجمـوع الكلـى 2583


نأتى بنسب محمد مرة أخرى ، تسبقه صفته: رسول الله ، واسمه المعروف به عند قومه :

ش =300 + ل =30 + و =6 + ح =8 + ا =1 (شلوحا) المجموع 345

ى =10 + هـ =5 + و =6 + هـ =5 ( يهوه ) المجموع 26

( محمد ) المجموع 92

( ابن ) المجموع 53

( عبد ) المجموع 76

( الله ) المجموع 66

( ابن ) المجموع 53

( عبد ) المجموع 76

(المطلب)المجموع 112

( ابن ) المجموع 53

(هاشم) المجموع 346

( ابن ) المجموع 53

( عبد ) المجموع 76

م =40 + ن =50 + ا =1 + ف =80 (مناف) المجموع 171

( ابن ) المجموع 53

ق =100 + ص =90 + ى =10 (قصى)المجموع 200

( ابن )المجموع 53

ك =20 + ل =30 + ا =1 + ب =2 (كلاب)المجموع 53

( ابن )المجموع 53

م =40 + ر =200 + هـ =5 (مره) المجموع 245

(ابن) المجموع 53

ك =20 + ع =70 + ب =2 (كعب) المجموع 92

(ابن) المجموع 53

ل =30 + ا =1 + ى =10 (لؤى) المجموع 41

(ابن) المجموع 53

ج =3 + ا =1 + ل =30 + ب =2 (جالب) المجموع 36

المجموع الكلـى 2583


لقد نسب بنو إسرائيل الأفراد والقبائل والشعوب ، ذكروا آباءهم إلى آدم عليه السلام ، ولم تقصر التوراة فى ذلك ، وذكرت الأناجيل أيضا نسب المسيح حتى آدم على مدى آلاف السنين ، رغم أنه بلا أب ، ونحقق من حسابات التوراة نسب محمد على مدى عشرة آباء متعاقبة بالتمام والكمال .

هاتوا نبوءة تتحدث على هذا النحو عن أحد الأنبياء من أولهم إلى آخرهم ، غير محمد .

اللهم فاشهد .



النبوءة (9) : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب


النص " وأجعل كلامى فى فمه فيتكلم ... "

وبالعبرية : " ونتتى دبرى بفيو و دبر .... "

أى : " وأجعل كلامى بفمه فيتكلم ... "

و لنحسب العبارة " دبرى بفيو ودبر " أى ( كلامى بفمه فيتكلم ) ، لنتعرف على شخصية هذا النبى ، الذى يجعل الله كلامه فى فمه ، ليس فى صحف أو لوحى حجارة :

د = 4 + ب = 2 + ر= 200 + ى = 10 ( دبرى ) المجموع 216

ب = 2 + ف = 80 + ى = 10 + و = 6 ( بفيو ) المجموع 98

و = 6 + د = 4 + ب = 2 + ر = 200 ( ودبر ) المجموع 212

المجموع الكلى 526


وهو نفس مجموع اسم محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق لنا حسابه :

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب

92 + 52 + 76 + 66 + 52 + 76 + 112 = 526


مرة أخرى مع اسم محمد صلى الله عليه وسلم فى التوراة ، واسم أبيه واسم جده ، لا نجد نبوءة باسم هوشع ، أو صموئيل ، أو داود ، أو سليمان ، أو حزقيال ، أو دانيال ، أوناحوم ، أو إشعياء أوغيرهم.


النبوءة (10) : بـ " اقرأ باسم ربك الذى خلق ، خلق الإنسـن من علق ،

اقرأ وربك الأكرم " . العلق : 1 - 3


إننا مع بداية جواب الله علي موسي ،إن كلمات التوراة تقودنا إلي مغزاها علي الفور : كلام الله الذي جعله في فم النبي فيتكلم به إلي قومه ، نحن إذن مع أوائل سورة العلق .

ولنبدأ بحساب عبارات التوراة العبرية وفقا لإحدى القراءات :


هَِيطِيبو أَشَِر دِبَِرو نبي أَقِيم لاهَِم مَِ قَِرَِب

أى : أحسنوا فيما تكلموا نبيا أقيم لهم من بين

أحَِيهَِمه كموكه ونَتَتّي دِبَرَى بفيو ودِبَِر ألَِيهَِم

إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيتكلم إليهم

أَِت كُل أَشَِر أَصًوَِنّو

-- بكل ما أوصيه به

فلنحسبها حسب القراءة عاليه :

هـ =5 + ى =10 + ط =9 +ى =10 + ب =2 + و =6 (هيطيبو) المجموع 42

أ = 1 + ش = 300 + ر = 200 ( أشر ) المجموع 501

د = 4 + ب = 2 + ر = 200 + و = 6 ( دبرو ) المجموع 212

ن = 50 + ب = 2 + ى = 10 ( نبي ) المجموع 62

أ = 1 + ق = 100 + ى = 10 + م = 40 ( أقيم ) المجموع 151

( لاهم ) المجموع 76

(م قرب) المجموع 342

أ =1+ ح =8 + ي =10 + هـ =5 + م =40 + هـ=5 (أحيهمه) المجموع 69

ك = 20 + م = 40 + و = 6 + ك = 20 + ه = 5 (كموكه) المجموع 86

و =6 + ن =50 + ت =400 + ت =400 + ى =10 ( ونتتي) المجموع 866

( دبري) المجموع 216

( بفيو ) المجموع 98

( ودبر) المجموع 212

( إليهم) المجموع 86

أ = 1 + ت = 400 ( أت ) المجموع 401

ك = 20 + ل = 30 ( كل ) المجموع 50

( أشر) المجموع 501

أ = 1 + ص = 90 + و = 6 + ن = 50 + و = 6 (أصونو) المجموع 153

المجموع الكلي 4134


ترى ، بم أوصي الله نبيه ليبلغه إلى قومه ؟ نقول إن الجواب :

بـ " اقرأ باسم ربك الذى خلق ، خلق الإنسـن من علق ، اقرأ وربك الأكرم "

ب = 2 + ا = 1 + ق = 100 + ر = 200 + أ = 1 بـ ( اقرأ ) المجموع 304

ب = 2 + ا = 1 + س = 60 + م = 40 ( باسم ) المجموع 103

ر = 200 + ب = 2 + ك = 20 ( ربك ) المجموع 222

ا = 1 + ل = 30 + ذ = 700 + ى = 10 ( الذى ) المجموع 741

خ = 600 + ل = 30 + ق = 100 ( خلق ) المجموع 730

( خلق ) المجموع 730

ا =1 + ل =30 + ا =1 + ن =50 + س = 6 + ن =50 ( الإنسن) المجموع 192

م = 40 + ن = 50 ( من ) المجموع 90

ع = 70 + ل = 30 + ق = 100 ( علق ) المجموع 200

( اقرأ ) المجموع 302

و = 6 + ر = 200 + ب = 2 + ك = 20 ( وربك ) المجموع 228

ا =1 + ل =30 + ا =1 + ك =20 + ر =200 + م =40 (الأكرم) المجموع 292

المجموع الكلي 4134


حسابات التوراة تشهد للقرءان الكريم . تنبأت حساباتها بالآيات القرآنية .

ما رأى بني إسرائيل في أول ما جعل الله من كلامه علي فم محمد ؟ " وأجعل كلامي في فمه فيتكلم إليهم بكل ما أوصيه به " .

هل قرأ محمد ، النبي الأمي ، التوراة العبرية ؟ وهل حسب كلماتها ثم أتي بآيات قرآنية تتساوى مع مجموعها ؟ هل يمكنكم فعل ذلك مع الاستعانة بالحاسبات الآلية ؟

استعرضوا أقوال أنبيائكم وأسفارهم ، أو كما قال أنبياؤكم : " فتشوا الكتب " لعل القريحة تسعفكم بمثلها ، إيتونا بما يضارعها ، و هيهات . إنها لن تنطبق بأى حال علي أقوال أحدهم .

وننوه إلي أننا حسبنا كلمة( الإنسـن ) بدون ألف المد كما في المصحف الشريف
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعز أصدقاء جنكيز خان .. كان صقره !!
الصقر الذي يلازم ذراعه .. فيخرج به ويهده على فريسته ليطعم منها ويعطيه ما يكفيه .. صقر جنكيز خان كان مثالاً للصديق الصادق .. حتى وإن كان صامتاً
خرج جنكيز خان يوماً في الخلاء لوحده ولم يكن معه إلا صديقه الصقر .. انقطع بهم المسير وعطشوا
أراد جنكيز أن يشرب الماء ووجد ينبوعاً في أسفل جبل .. ملأ كوبه وحينما أراد شرب الماء جاء الصقر وانقض على الكوب ليسكبه !!
حاول مرة أخرى .. ولكن الصقر مع اقتراب الكوب من فم جنكيز خان يقترب ويضرب الكوب بجناحه فيطير الكوب وينسكب الماء !!
تكررت الحالة للمرة الثالثة .. استشاط غضباً منه جنكيز خان وأخرج سيفه .. وحينما اقترب الصقر ليسكب الماء ضربه ضربة واحدة فقطع رأسه ووقع الصقر صريعاً ..
أحس بالألم لحظة أن وقوع السيف على رأس صاحبه .. وتقطع قلبه لما رأى الصقر يسيل دمه ..
وقف للحظة .. وصعد فوق الينبوع .. ليرى بركة كبيرة يخرج من بين ثنايا صخرها منبع الينبوع وفيها حيةٌ كبيرة ميتة وقد ملأت البركة بالسم !!
أدرك جنكيز خان كيف أن صاحبه كان يريد منفعته .. لكنه لم يدرك ذلك إلا بعد أن سبق السيف عذل نفسه ..
أخذ صاحبه .. ولفه في خرقه .. وعاد جنكيز خان لحرسه وسلطته .. وفي يده الصاحب بعد أن فارق الدنيا ..
أمر حرسه بصنع صقر من ذهب .. تمثالاً لصديقه وينقش على جناحيه
" صديقُك يبقى صديقَك ولو فعل ما لا يعجبك "
وفي الجناح الآخر :
" كل فعل سببه الغضب عاقبته الإخفاق "
fbcdn_sphotos_b_a.akamaihd.net_hphotos_ak_xpf1_v_t1.0_9_104316487ad03b1084338bb6a77a1fc5a7f4fe.jpg
 
  • إعجاب
التفاعلات: سماح الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رائع قصة ورقة التوت

ذات يوم جاء بعض الناس إلى الإمام الشافعي، وطلبوا منه أن يذكر لهم دليلاً على وجود الله عز وجل.

ففكر لحظة، ثم قال لهم: الدليل هو ورقة التوت.

فتعجب الناس من هذه الإجابة، وتساءلوا: كيف تكون ووقة التوت دليلاً على وجود الله؟! فقال الإمام الشافعى: "ووقة التوت طعمها واحد؛ لكن إذا أكلها دود القز أخرج حريرا، وإذا أكلها النحل أخرج عسلاً، وإذا أكلها الظبي أخرج المسك ذا الرائحة الطيبة.. فمن الذي وحد الأصل وعدد المخارج؟! ".

إنه الله- سبحانه وتعالى- خالق الكون العظيم!
scontent_a_cdg.xx.fbcdn.net_hphotos_xaf1_v_t1.0_9_p526x296_1067c078c27bfe82825b9826baf8a17062e.jpg
 
  • إعجاب
التفاعلات: سماح الدين

مواضيع ممائلة