- إنضم
- 17 مارس 2014
- المشاركات
- 1,877
- التفاعل
- 5,973
- النقاط
- 122
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ثمّ أما بعد
فإن الإسلام يعتبر الأسرى من الفئات الضعيفة التي تستحق الشفقة والإحسان والرعاية ،
مثل المسكين واليتيم، ويوجب معاملتهم معاملة إنسانية ، تحفظ
كرامتهم، وترعى حقوقهم ، وتصون إنسانيتهم. وقد أورد القرآن الكريم تعبيرا غاية
في الحض على اللطف بالأسير وحسن التعامل معه، والبذل في سبيله،
وذلك في سياق وصفه سبحانه للأبرار المرضيين من عباده ، المستحقين
لدخول جنته ، والفوز بمرضاته ومثوبته ، فقد قال الله تعالى :
( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً )
( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً )
[الإنسان : 8 و 9]
ولم يكن الأسير حين نزلت تلك الآيات إلا من المشركين .
ويخاطب الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام في شأن أسرى بدر فيقول تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ
خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الأنفال : 70]
أما الأحكام المتعلقة بالأسرى ، وماذا يجب أن نصنع معهم ، فقد نص القرآن
على ذلك في آية صريحة من آياته في السورة التي تسمى سورة محمد ،
وهي قوله تعالى :
( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ
فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ...)
[محمد : 4]
وقد ذكر أبو عزيز بن عمير، كما في الطبراني الكبير وغيره، قال: "كنت في الأسارى
يوم معركة بدر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( استوصوا بالأسارى خيرا )) ،
وقال ابو عزيز فكنت في نفر من الأنصار،
(( وكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم أكلوا التمر وأطعموني الخبز )) .
وقد كان خبز القمح طعاما نادرا يشتهيه الناس في ذلك الزمان.
وذكرت كتب السيرة ( ابن هشام والسهيلي وغيرهما ) أن ثمامة بن أثال الحنفي قد
أُسر، "فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إليه، ثم رجع صلى الله عليه
وسلم إلى أهله فقال:
اجمعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه، وأمر بلقحته [ناقة ذات لبن] أن يُغدى عليه بها ويراح".
في هديه صلى الله عليه وسلم في الأسارى
قال ابن القيم: كان يمن على بعضهم ، ويقتل بعضهم ، ويفادي بعضهم بالمال ، وبعضهم بأسرى المسلمين ، وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة ، ففادى أسارى بدر بمال ،
وقال عليه الصلاة والسلام :
( لو كان المطعم بن عدي حيا ، ثم كلمني في هؤلاء النتنى، لتركتهم له).
وهبط عليه في صلح الحديبية ثمانون متسلحون يريدون غِرَّته (أي: غفلته)، فأسرَهم ثم
منّ عليهم .أي عفى عنهم واطلق سراحهم
وأسر ثمامة بن أثال سيد بني حنيفة ، فربطه بسارية المسجد ، ثم أطلقه فأسلم .
وجاء عن الحسن البصري : أنه لا يحل قتل الأسير صبرا، وإنما يمن عليه أو يفادى. أخرج ذلك الطبري عنه، وأبو جعفر النحاس .
والراجح من استقراء النصوص، ورد بعضها إلى بعض: أن الحكم في معاملة الأسرى هو ما قرره القرآن بعبارات صريحة فيما جاء في (سورة محمد) في قوله تعالى:
( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوَهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ فَإِمَّا مَناًّ بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا) [محمد: 4]،
فقرر القرآن واحدة من خصلتين في معاملة الأسرى بعد شد وثاقهم:
إحداهما: المن عليهم بإطلاق سراحهم لوجه الله تعالى، بلا مقابل، إلا ابتغاء مثوبة الله ورضاه، وتحبيب الإسلام إليهم، حين يرون حسن معاملة المسلمين لهم.
والثانية: مفاداتهم بمال، كما قبل النبي صلى الله عليه وسلم فداء أسرى بدر بالمال. وكانوا نحو سبعين أسيرا، أو بأسرى من المسلمين، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوات أخرى.
وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله واصحابه اجمعين والحمد لله رب العالمين .
منقول مع بعض تصرف طفيف .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ثمّ أما بعد
فإن الإسلام يعتبر الأسرى من الفئات الضعيفة التي تستحق الشفقة والإحسان والرعاية ،
مثل المسكين واليتيم، ويوجب معاملتهم معاملة إنسانية ، تحفظ
كرامتهم، وترعى حقوقهم ، وتصون إنسانيتهم. وقد أورد القرآن الكريم تعبيرا غاية
في الحض على اللطف بالأسير وحسن التعامل معه، والبذل في سبيله،
وذلك في سياق وصفه سبحانه للأبرار المرضيين من عباده ، المستحقين
لدخول جنته ، والفوز بمرضاته ومثوبته ، فقد قال الله تعالى :
( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً )
( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً )
[الإنسان : 8 و 9]
ولم يكن الأسير حين نزلت تلك الآيات إلا من المشركين .
ويخاطب الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام في شأن أسرى بدر فيقول تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ
خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الأنفال : 70]
أما الأحكام المتعلقة بالأسرى ، وماذا يجب أن نصنع معهم ، فقد نص القرآن
على ذلك في آية صريحة من آياته في السورة التي تسمى سورة محمد ،
وهي قوله تعالى :
( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ
فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ...)
[محمد : 4]
وقد ذكر أبو عزيز بن عمير، كما في الطبراني الكبير وغيره، قال: "كنت في الأسارى
يوم معركة بدر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( استوصوا بالأسارى خيرا )) ،
وقال ابو عزيز فكنت في نفر من الأنصار،
(( وكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم أكلوا التمر وأطعموني الخبز )) .
وقد كان خبز القمح طعاما نادرا يشتهيه الناس في ذلك الزمان.
وذكرت كتب السيرة ( ابن هشام والسهيلي وغيرهما ) أن ثمامة بن أثال الحنفي قد
أُسر، "فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إليه، ثم رجع صلى الله عليه
وسلم إلى أهله فقال:
اجمعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه، وأمر بلقحته [ناقة ذات لبن] أن يُغدى عليه بها ويراح".
في هديه صلى الله عليه وسلم في الأسارى
قال ابن القيم: كان يمن على بعضهم ، ويقتل بعضهم ، ويفادي بعضهم بالمال ، وبعضهم بأسرى المسلمين ، وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة ، ففادى أسارى بدر بمال ،
وقال عليه الصلاة والسلام :
( لو كان المطعم بن عدي حيا ، ثم كلمني في هؤلاء النتنى، لتركتهم له).
وهبط عليه في صلح الحديبية ثمانون متسلحون يريدون غِرَّته (أي: غفلته)، فأسرَهم ثم
منّ عليهم .أي عفى عنهم واطلق سراحهم
وأسر ثمامة بن أثال سيد بني حنيفة ، فربطه بسارية المسجد ، ثم أطلقه فأسلم .
وجاء عن الحسن البصري : أنه لا يحل قتل الأسير صبرا، وإنما يمن عليه أو يفادى. أخرج ذلك الطبري عنه، وأبو جعفر النحاس .
والراجح من استقراء النصوص، ورد بعضها إلى بعض: أن الحكم في معاملة الأسرى هو ما قرره القرآن بعبارات صريحة فيما جاء في (سورة محمد) في قوله تعالى:
( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوَهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ فَإِمَّا مَناًّ بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا) [محمد: 4]،
فقرر القرآن واحدة من خصلتين في معاملة الأسرى بعد شد وثاقهم:
إحداهما: المن عليهم بإطلاق سراحهم لوجه الله تعالى، بلا مقابل، إلا ابتغاء مثوبة الله ورضاه، وتحبيب الإسلام إليهم، حين يرون حسن معاملة المسلمين لهم.
والثانية: مفاداتهم بمال، كما قبل النبي صلى الله عليه وسلم فداء أسرى بدر بالمال. وكانوا نحو سبعين أسيرا، أو بأسرى من المسلمين، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوات أخرى.
وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله واصحابه اجمعين والحمد لله رب العالمين .
منقول مع بعض تصرف طفيف .