السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمه الهاشميه
أولا :- لا يستوي أن نطلق على المهدي بأنه فتنه ، ولا يصح أن تضاف إليه لفظا واصطلاحا لنقول ( فتنة المهدي ) ... والأصح في هذا الباب أن نقول ( فتنة مدعي المهديه ) للتدليل على كل كذاب مدعي للمهديه .
وما أسلفنا ذكره ينطلق قياسا على لفظة ( النبوه ) ... فالنبوه ليست فتنه لنقول ( فتنة النبوه ) ، ولا يخفى عليك أختي الكريمه أنه بموت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ظهر كذابون كثر أدعوا النبوه وتسببوا بفتنة كبيره في جزيرة العرب واستفحل أمرهم وعظم خطرهم ، حتى استأصل أبوبكر الصديق – رضي الله عنه - شوكتهم . ولم نجد أن كتب التاريخ قد أطلقت على هذه الفتره من حياة الأمة الإسلاميه اصطلاح ( فتنة النبوه ) ، بل هي ( فتنة مدعي النبوه ) ... فشتان بين المصطلحين ! ...
ثانياً :- لا نعلم حديثا أو أثراً عن أنه يخرج مهدي من كل دوله بأتباعه وعينه على البيعه بين الركن والمقام ، فيتقاتلون فيما بينهم كل يريدها لنفسه ، فأرجو منك أختي الكريمه التكرم بإيراد الحديث الذي يدلل على ما سبق من زعمك .
ثالثاً :- فيما يتعلق بحديث " ولن يستحل البيت إلا أهله "
عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يبايع لرجل ما بين الركن والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا يسأل عن هلكة العرب ثم تأتي الحبشة فيخربونه خرابا لا يعمر بعده أبدا وهم الذين يستخرجون كنزه " ... وأود أن أشير إلى نقاط ثلاث
النقطه الأولى :- هذا الحديث هو حديث صحيح رواه أحمد في مسنده ، وأبوداود الطيالسي في مسنده ، وابن حبان في صحيحه ، وابن أبي شيبة في مصنفه ، والحاكم في المستدرك ، وصححه الألباني والشيخ أحمد شاكر
النقطه الثانيه :- استحلال البيت الحرام وقع مرات عده من قبل أهله أي ( العرب ) ... استخفافا بحرمة البيت وتماديا في غيهم وضلالهم ... يقول الحافظ ابن حجر معلقا على هذا الحديث :- " قيل : هذا الحديث يخالف قوله تعالى : أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا . ولأن الله حبس عن مكة الفيل ، ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة ولم تكن إذ ذاك قبلة ، فكيف يسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين ؟ وأجيب بأن ذلك محمول على أنه يقع في آخر الزمان قرب قيام الساعة ، حيث لا يبقى في الأرض أحد يقول : الله الله ، كما ثبت في صحيح مسلم : لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض : الله الله . ولهذا وقع في رواية سعيد بن سمعان : " لا يعمر بعده أبدا " . وقد وقع قبل ذلك فيه من القتال وغزو أهل الشام له في زمن يزيد بن معاوية ، ثم من بعده في وقائع كثيرة من أعظمها وقعة القرامطة بعد الثلاثمائة ، فقتلوا من المسلمين في المطاف من لا يحصى كثرة ، وقلعوا الحجر الأسود ، فحولوه إلى بلادهم ثم أعادوه بعد مدة طويلة ، ثم غزي مرارا بعد ذلك ، كل ذلك لا يعارض قوله تعالى : أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا لأن ذلك إنما وقع بأيدي المسلمين ، فهو مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم : ولن يستحل هذا البيت إلا أهله ، فوقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من علامات نبوته ، وليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن المذكور فيها . والله أعلم . "
النقطه الثالثه :- هذا الحديث ليس صريحا في ذكر المهدي ... يقول البستوي :- " والحديث ليس صريحا في ذكر المهدي ، ولكن ذكره ابن حبان في (ذكر الموضع الذي يبايع فيه المهدي) ، وذكره الهيثمي في ( باب المهدي ) ، والساعاتي في (ترتيب الطيالسي): باب ما جاء في بيعة المهدي ، وخراب الكعبه "
يقول الشيخ ( محمد اسماعيل المقدم ) معلقا على تبويب ابن حبان والهيثمي والساعاتي للحديث المتقدم ذكره :- " وفي هذا عندي نظر ، لأن الحديث لم يُذكر فيه أي صفه للمهدي ، بل فيه ذكر لرجل ما يُبايع بين الركن والمقام ، ثم يُشير الحديث إلى استحلال البيت الحرام ، وفتنه تقع بين المسلمين بعد ذلك ، حتى تجئ الحبشه ، فتخرب الكعبه ، والمعروف أن عصر المهدي ، ثم عصر عيسى ، يتميزان بالقسط والعدل والرخاء والأمن ، والله أعلم "
قلت :- "وهذا الحديث في ظاهره واعتماداً على منطوق التاريخ وشواهده قد يصح حمله على آخر الزمان مما كان من أحداث استحلال الحرم المكي عام 1979 ، وما تعاقب على المنطقه بعد هذه الواقعه من أحداث متسارعه وحروب وفتن وهرج ومرج إلى يومنا هذا وحتى يشاء الله أمره ، والله أعلم "