وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تنتظرون المهدي يعني تنتظرون الدجال والعياذ بالله
كلام يبدو صحيح ولكن الفهم خطأ
فسبب ظهور المهدي باعتقدي عدة امور منها على سبيل المثال لا الحصر :
- ان يخلف احد رسول الله صلى الله عليه وسلم على امته ويحاول وقايتهم ورعايتهم من هذه الفتن العظيمة كالدجال
وهذا يستلزم علم ديني ودنيوي بقدر لا بأس به كحد ادنى لكشف هذه الفتن دوما فلا يقع فيها الا من يصر على التعامي عن الحق
ويستلزم ايضا بدء تأسيس وحماية ورعاية اجيال جديدة قادرة على حمل ورعاية الدين الصحيح
وتكسير كل رأس من رؤوس الفساد والافساد لهذا المجتمع وكل حائط صد امام ذلك
فتعليم الدين ضرورة لا اختيار ، وبناء المجتمع ضرورة لا اختيار ، ورعاية الضعفاء ضرورة لا اختيار ،
ونصرة المظلومين ضرورة لا اختيار ، وكسر انوف الباطل ايضا ضرورة لا اختيار
- ان يلتزم باعادة الامة على المنهج الصحيح فكما نعلم جميعا
ان لا نصر ولا عزة ولا رفعة الا باتباع المنهج الصحيح حصرا ونبذ الفرقة والفساد والافساد والظلم
فمن الواجب علينا اظهار ان الاسلام هو التشريع الوحيد المناسب لحال الانسان في الدنيا مع نفعه في الآخره وانقاذه له
فكل الامم تحاول من حولنا وتفشل
وكلها يظن الاسلام مجرد ديانة من العصور ما قبل الوسطى (على فهمهم الشنيع للعصور الوسطى في اوروبا)
حتى ظنوا بديننا التخلف والتحجر والجمود والتخلف وكان المسلمون مرآة لتصوراتهم القميئة هذه بتخاذل رؤوسهم عن نصرة دينهم
لكن عندما يعود المسلمين لحياض الدين وينصروه ستظهر للجميع حداثة الاسلام وتحضره وصلاحيته الدائمة وجاهزيته للتعامل مع كل المتغيرات
التى يحتاجها الانسان في الدنيا والآخرة ، ولكن السؤال : هل نحن كأمة حقا جاهزون لتقبل وتنفيذ هذه الحقيقة واظهارها ونؤمن بها ؟؟
- ان يلتزم باظهار المنهج الصحيح
فبالضد تتمايز الأشياء فلا نعرف قيمة النهار حتى نرى الليل
ولا العدل حتى نرى الظلم
فكذلك في المنهج لن نعرفه حتى حتى نرى كل هذا العبث الذي نعيش فيه اليوم
ولكن يظهر فجأة سؤال هنا يقوله المغرضون دوما "المنهج على مذهب مين سعادتك" ؟!!
من يقرر لنا ان هذا هو المنهج الصحيح دون غيره ؟
هنا تبرز احدى اكبر مميزات وجود المهدي بسعة علمه -ان شاء الله- واطِّلاعه التى حباه الله بها وامتن عليه فيها
وهي التقريب بين المختلفين واظهار الصورة الكبرى دوما وتقنين القوانين والقواعد الشرعية والدنيوية اللازمة لكل ذلك
فقد تتواجد العديد من المسائل التى يظهر فيها شمول الاسلام وسعته لكثير من ما يبدو للناس متعارض ظاهريا وهو في حقيقة الامر
كلهم صحيح غير انه يلزمهم بعض التخصيص فقط فهذا الحكم ليس عام وانما مخصوص
والآخر بالمثل ليس عام ولكنه مخصوص
والذي يجمع بينهما هو رؤية الصورة الكاملة للمسألة اولا
فلا يخطئ هذا ذاك ولا العكس فحسب !!
- تمكين الأمة دنيويا
"اعدوا لهم ما استطتم"
فالاعداد هذا يستلزم قدر كبير جدا من التوفيق هذه الأيام مع كثرة متطلبات العصر
فقد تهدر دول بأكملها مقدراتها على ما لا ينفعها عند النوازل
فما بالكم بأمة مقطعة ممزقة اكثرها غثاء كغثاء السيل
وفوق كل هذا اجتمعت عليها جميع الأمم وكأنها قصعة طعام يتنازعونها ويفرضون عليها نفوذهم
وتبعيتهم تباعا مرارا وتكرارا وهي لهم خانعة خاضعة لا تصد ولا ترد ولا تقوى حتى على الردع
او ان تحتفظ لنفسها ولو بأقل القليل من مقدراتها كالدين والاخلاق والقوة البشرية بكل مكوناتها !!
- اظهار وعد الله وتحقيقه
وهذه مهمة الامة اظهار الدين وانه بالحق يدمغ الباطل ويكسر رأسه
اظهار الحق ضرورة لكي لا يفتتن الناس
فلا يصح اختبار وامتحان للايمان بين الحق والباطل بين الناس وهم لا يعرفون هذا وذاك اصلا
فلا يجوز ان يسمع الناس من طرف واحد فحسب ثم يحاسبون على ذلك !!
بالعكس مهمتنا كمسلمين اظهار الحق للعيان لكي يختار من يختار بين الحق والباطل
وهو على تمام العلم و البينه من عواقب كل اختيار له في الدنيا عليه في الآخرة
فلن يفلح من يعادي الله أبدا ، ولو لم يبقى على الارض الا مؤمن واحد لنصره الله واظهره على الظالمين
سيدنا نوح عليه السلام كمثال واضح لهذه الحقيقة المفروغ منها .
- تحضير الناس للتعامل مع حقبة انتهاء زهرة الحياة الدنيا وبدء علامات الساعة الكبرى والفناء
وهذا من رحمة الله بالناس ان يترك فيهم من يفعل الخير دوما حتى النهاية
فمن قامت عليه الساعة وبيده فسيلة فليغرسها
فجدير بالذكر ان هذه رحمة واحدة من رحمات الله تعالى انزلها علينا في الدنيا وعنده اضعاف اضعافها في الآخرة
لذا فليسعى كل منا على تعظيم هذه الرحمات في الدنيا فتتعاظم عليه ايضا في الآخرة ان شاء الله وكل على قدر يقينه
ولا عزاء لليائسين والحمقى والغافلين والمصرّين على العمى ..
- جمع الناس والفرقاء واظهار الفارق
تشتت الامة وتفرقها جعل صوتها غير مسموع
لذا من اهم الضرورات اليوم جمع اكبر قدر من المسلمين في مكان واحد يشع الضوء بشدة لينتبه له الناس
فالعلم نور والنور عندما يتفرق يقل مفعوله ويضعف اثره للأسف الشديد
بعكس الحال مع تركزه في مكان واحد ظاهر للعيان جميعا كالشمس والقمر فلا يخطئهما احد
وهذه النقطة اصبحت اليوم ضرورة ويزكيها بشدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على ضرورة التجمع والذهاب لمبايعة المهدى بعد ظهوره كنبوئة حقيقية بما هو كائن فينا اليوم وحالنا من شدة التردي والضعف والمسكنة بين الأمم ولا حول ولا قوة الا بالله .
لهذا جميعه واكثر نقول :
"تنتظرون المهدي يعني تنتظرون الدجال والعياذ بالله"
نقول نعم ربما تكون هذه العبارة جزء من الحقيقة
ولكن
تكتمل بأن نقول ان هذا الطلب لظهور المهدى انما هو طلب لتحقيق نبوئة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بظهور من يمكنه نفع الناس عند حاجتهم الماسه لوجوده بينهم في احلك الاوقات
رحمة من الله سبحانه وتعالى بالناس
فلن يكتب على الناس بدء الشقاء دون ان تظهر لهم قبسات من فيوضات الرحمة وحسن الجزاء
فلن تقرع طبول الحرب دون ان يعيننا الله بالدروع الواقية لعباده المؤمنين ولدينه ولشرعه ومن يحرص على اعلاء كلماته حتى النهاية
رغم انف الظالمين ، رغم انف الظالمين ، رغم انف الظالمين ، بل ولجعلهم عبرة لمن يعتبر ايضا بإذن الله .
ولكن يجب ان نضع باعتبارنا امر شديد الخطورة هنا :
اعطى الله سبحانه وتعالى الناس طلبهم اكثر من مرة عبر التاريخ
ولكنه في المقابل غلظ عليهم العقوبة حال المخالفة بين ظهور عظيم الدلائل والبينات
فارسل لقوم صالح الناقة ، ولكن بعد عقرها دمدم عليهم بالعذاب
وارسل لبنى اسرائيل المائدة بدعوة سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام ،
ولكن بعدها توعد المكذبين بعظيم العذاب لدرجة انه لن يعذب به احد من العالمين
وكذلك في عدة حوادث تاريخية لهم كأصحاب السبت وأيام التيه وغيرها
وارسل لفرعون العديد من المعجزات ، ومع الاصرار اغرقه الله مع جنده
وقوم نوح كذلك وعاد وثمود وقوم هود وقوم لوط وحتى لقوم سبأ وأصحاب الاخدود
وغيرهم ، فأرجو ان نعتبر
وها نحن الآن في هذه الأمة وما طرحه الله بيننا من الخير بالعلم والدين والعلماء والمؤمنين
فما ان نعرض ونقتل المؤمنين في كل مكان ويصر الانسان على التكذيب والقهر والكفر والعصيان
يقبض الله الدين والعلم بقبض العلماء والمسلمين تباعا ، فلا يبقى لبقية الناس الا علامات الساعة الكبرى جميعها محدقة بهم تباعا
لذا فنحن عندما نرى عموم الظلم والطغيان لا ننتظر المهدي على الحقيقة
وانما ننتظر رحمة الله بنا وبدئها -اقصد زيادتها والا فهي موجودة- وما هو الا عنوان ذلك والايذان به
بأنه قد اذن للظلم بانه قد جاوز الحد وعليه ان يبدأ في الرحيل
وحتى هذا الدجال -أحد اعظم فتن الله في الأرض- نحن ننتظر مقتله على يد
المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام
نحن بالحقيقة ننتظر رحمات الله وفيوضاته
نحن بالحقيقة ننتظر تحقيق ايماننا بأننا على الحق برغم الظلم
نحن بالحقيقة ننتظر السماح لنا بنشر ما افاض الله به علينا من علم ومعرفه وايمان
نحن بالحقيقة ننتظر صفارة البداية لقلب الطاولة التى لطالما ظلت طويلا مقلوبة على رؤوسنا قرونا عديدة مؤخرا
قلبها على رؤوس من قلبها اول الأمر وحان الوقت لرفع الرأس ومواجهة الظلم بحق
فليس بغير الحق نغير الباطل ونزيله
ولا حول ولا قوة الا بالله تعالى وحده .
باختصار يكاد يكون ظهور المهدي لا يعني الا ان الدجال قد قرر الظهور العلني له وتوجب على الأمة مواجهته .
فلينتظر كل ظالم هلكته ومقتله في الدنيا قبل الآخره بعد ان جاوز في الظلم المدى وظن بالله الظنون
والعياذ بالله من كل ذلك وجميعه -الا ان يتوب؟!- .
هذا والله اعلى واعلم ومعذرة على الاطالة .