- إنضم
- 30 يناير 2014
- المشاركات
- 153
- التفاعل
- 237
- النقاط
- 47
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الكرام هذا مقال منقول عن ترتيب العلامات وهو للدكتور محمد المبيض من مدونته الموسوعة في الفتن والملاحم
عدد العلامات الكبرى وترتيبها
/ - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ :} اطَّلَعَ النَّبِيُّ r عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ مَا تَذَاكَرُونَ ؟ قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ قَالَ : إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ r ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلـِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ . { ([1])
/ - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ r فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ مِنْهُ فَاطَّلَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ مَا تَذْكُرُونَ قُلْنَا السَّاعَةَ قَالَ }إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَالدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ . قَالَ شُعْبَةُ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ r و قَالَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَاشِرَةِ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ r و قَالَ الْآخَرُ وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ . {([2])
وفي رواية } لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَالدَّابَّةَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ أَوْ تَحْشُرُ النَّاسَ فَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ ..وَزَادَ فِيهِ :الدَّجَّالَ .. وَالْعَاشِرَةُ إِمَّا رِيحٌ تَطْرَحُهُمْ فِي الْبَحْرِ وَإِمَّا نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ { ([3])
شرح :
-هذا الحديث برواياته الثلاث يشير إلى الآيات العظام التي تكون بين يدي الساعة ، ودلائل السياق تشير إلى أنها مذكورة على سبيل الجمع لا الترتيب ؛ بدليل أن هناك تقديما وتأخيراً بين هذه العلامات في الروايات الثلاث ، كذلك المعلوم أن نزول عيسى عليه السلام يكون قبل يأجوج ومأجوج ، وقبل الدابة وطلوع الشمس من مغربها .
-وصف هذه العلامات بالآيات إشارة إلى عظمها ، وهذا وجه لتسميتها بالعلامات الكبرى ، كذلك كلمة « آية » فيها إشارة إلى أن تلك العلامات تقع على غير المعهود ؛ أي أن وقوعها يحصل على سبيل الإعجاز على خلاف نواميس الأرض ، وهذا واضح فيها جميعاً ، فخروج دابة من الأرض تكلم الناس ، أو طلوع الشمس من مغربها ، أو خروج نار تطرد الناس إلى أرض المحشر .. كل هذه الأمور خارقة لنواميس الكون وغير معهود وقوع مثلها بين البشر ؛ لذا سميت هذه العلامات بالآيات ؛ لما فيها من جانب إعجازي خارق للعادة ، وبالتالي من الخطأ أن يتصور البعض وقوعها بشكل معهود ، أو يستبعد وقوعها قياساً على الواقع،فهذه العلامات على وجه الخصوص لا تخضع بجملتها للقياسات العقلية أو المنطقية .
- نلحظ في بعض الكتب أنها تعتبر خروج المهدي من العلامات الكبرى ، وهذا القول ليس عليه دليل نستأنس به ، ووفق التوجيه السابق بأن العلامات الكبرى هي آيات على سبيل الإعجاز يمكن القول أن خروج المهدي ليس ضمنها ؛ لأن خروجه ليس فيه خارق للعادة ، لكن الدلائل المتضافرة تشير إلى أن خروج المهدي t يكون ملابساً لوقوع العلامات الكبرى ، أو مندرجاً فيها ؛ أو أن بعضها يقع إما قبيل خروجه أو خلال عهده ، كعلامة الدخان أو الدجال أو نزول عيسى ، أو خسف جزيرة العرب (_ ) ، فهذه العلامات الأربع يحتمل كونها حاصلة إما قبيل خروجه أو في عهده ؛ لذا إدراجه في باب العلامات الكبرى يكون من باب المجاورة والتلازم بين الأحداث .
-يتضح من سياق الحديث أنه لم يذكر هذه الأحداث على سبيل الترتيب ، إلا إنه يمكن تصور أول العلامات وآخرها ، أو يمكن تصور التلازم بين بعض هذه العلامات بما يفهم منها طبيعة الترتيب بينها ، وهذا يتحصل من خلال دلائل وقرائن أخرى خارج سياق الحديث ، ووفقاً للتصور العام الذي تحصل لدي من خلال قرائن عدة يمكن القول أن آخر هذه العلامات جزماً هو النار التي تخرج من اليمن ، وفي حديث آخر الريح التي تقبض أرواح المؤمنين ، وقبلها علامتان وهما طلوع الشمس من مغربها ودابة الأرض ، يبقى سبع علامات منها ثلاث علامات ثبت التلازم بينها ، وهي الدجال ثم نزول عيسى ثم يأجوج ومأجوج ، وهذا الترتيب أشارت إليه أحاديث أخرى كما سيتضح ، أما العلامات الأربع الباقية وهي الخسوف الثلاثة والدخان فهي غير معلومة الترتيب على سبيل الجزم ، لكن هناك قرينة تعزز كون الخسوف الثلاثة كلها قبل الدجال على اعتبار أن الخسف الثالث ( خسف جزيرة العرب ) هو نفسه الخسف الذي يكون علامة من علامات خروج المهدي ودليل من دلائل صدقه .
-وفقاً للترتيب السابق يمكن القول أن الترتيب المنطقي للعلامات هو كالتالي : 1- خسف المشرق 2- خسف المغرب 3- خسف جزيرة العرب الذي يكون بين يدي خروج المهدي 4- الدجال 5- نزول عيسى بن مريم 6- يأجوج ومأجوج 7- طلوع الشمس من مغربها 8- الدابة التي تكلم الناس 9- النار التي تخرج من قعر عدن ، أو الريح التي تلقي الناس في البحر .
- الترتيب السابق هو الترتيب المنطقي الذي تحصل لدي من خلال الاستعانة بقرائن متعددة ستتضح خلال الفصول اللاحقة ، وتبقى علامة واحدة يكتنفها بعض الغموض ، وهي علامة الدخان ، وهذه العلامة أيضاً يترجح لدي أنها هي العلامة الأولى في العلامات الكبرى ، وباقي العلامات تحدث تباعاً بعدها ، وهناك احتمال أن تكون بعد خسفي المشرق والمغرب ، وقبل خسف جزيرة العرب ، ووفقاً لهذا الاحتمال يكون ترتيبها الثالث في العلامات .
/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: } بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا الدَّجَّالَ وَالدُّخَانَ وَدَابَّةَ الْأَرْضِ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَأَمْرَ الْعَامَّةِ وَخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ . { ([4])
شرح :
- هذا الحديث يشير إلى معلم هام من معالم دراسة علامات الساعة ،وهو ضرورة الاستعداد لها بالإيمان والعمل الصالح قبل أن تفاجئ الإنسان ، فيندم بعد فوات الأوان ، وهذا المعلم أكدت عليه أحاديث كثيرة تبدأ بكلمة « بادروا » بل هذا هو المقصد الأساس من ذكر علامات الساعة ، وفي الحديث إشارة إلى أن هذه العظائم تقع فجأة دون إرهاصات واضحة قبلها مما يتطلب الأمر أن يكون المسلم دائماً في حالة استعداد حتى لا يفاجأ بها ،فالأمر بالمبادرة هنا يقتضي المسارعة بالتوبة والحث على الأعمال الصالحة ، ومسابقة العوارض والقواطع قبل ورودها ، والمتتبع لحال الرعيل الأول يجد أن هذا الدرس قد أخذ موطنه في قلوبهم ، وكان لسان حالهم الاستعداد والترقب في كل لحظة خشية طروق هذه العظائم ، عن النَّضْرِ قَالَ : « كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى عَهْدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : فَأَتَيْتُ أَنَسًا فَقُلْتُ : يَا أَبَا حَمْزَةَ ! هَلْ كَانَ يُصِيبُكُمْ مِثْلُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r ؟ قَالَ : مَعَاذَ اللَّهِ ! إِنْ كَانَتْ الرِّيحُ لَتَشْتَدُّ فَنُبَادِرُ الْمَسْجِدَ مَخَافَةَ الْقِيَامَةِ . » ([5]) فهذا الأثر يشير صراحة إلى درجة التربية الإيمانية والاستعداد النفسي الرائع المترقب لقيام الساعة أو علاماتها العظام عند الرعيل الأول ، بل الحديث الأول عن حذيفة الأسدي يدل على أن هذا الترقب وهذه المخاوف قد بلغت مداها ؛ لدرجة أن الرسول r قد حاول يطمئنهم بأن القيامة لن تقع إلا بعد عشر علامات ، وخلاصة القول أنه إذا كان هذا حال الصحابة واستعدادهم مع بعد عهدهم ، فكيف يكون حالنا مع قرب عهدنا من الساعة أو إرهاصاتها العظمى .
-الملاحظ أن الحديث قد أنث لفظة « ستاً » وذلك إشارة إلى أنها من الدواهي والمصائب العظام .
-هذا الحديث تضمن أربعاً من علامات الساعة العظام ، وهي الدجال والدخان والدابة وطلوع الشمس من مغربها ، وجاء في أحاديث أخرى أن حصول أي واحدة من هؤلاء لا ينفع بعده توبة نفس أو إيمانها ما لم تكن آمنت من قبل ، وطلب المبادرة إشارة إلى قرب هذه الأمور الأربعة ، وإشارة أيضاً إلى أنها تأتي على حين غفلة .
-المقصود بأمر العامة ، هو قيام الساعة نفسها ، أما خاصة أحدكم أو خويصة أحدكم فيراد بها الموت ، ومن مات قامت قيامته .
([1]) أخرجه مسلم برقم 2901 [ مسلم بشرح النووي ( 9/255) ] .
([2]) أخرجه مسلم برقم 2901 [ مسلم بشرح النووي ( 9/255) ]
([3]) أخرجه الترمذي برقم 2183 ، وقال : حسن صحيح ( 4/477)
(_ ) سنلاحظ في الفصول القادمة وجه الترابط بين الأحداث العظام ، وخروج المهدي ، فخسفا المشرق والمغرب ممهدان لخروجه ، وخسف جزيرة العرب دليل من دلائل خروجه ، والدخان يحتمل أن يكون قبيل خروجه ، أما الدجال فيحتمل أن يكون خروجه في أواخر عهد المهدي ، وهناك قرائن تعزز أن نزول عيسى r إنما يكون في عهد المهدي t .
([4])أخرجه مسلم برقم 2947 [ مسلم بشرح النووي ( 9/277) ]
([5]) أخرجه أبو داود برقم 1198 ( 1/463) ؛والبيهقي برقم 6605 [السنن الكبرى ( 3/342) ] ؛ والحاكم برقم 1241 ، وقال : صحيح الإسناد [المستدرك ، ط الهندية (1/333) ]
الإخوة الكرام هذا مقال منقول عن ترتيب العلامات وهو للدكتور محمد المبيض من مدونته الموسوعة في الفتن والملاحم
عدد العلامات الكبرى وترتيبها
/ - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ :} اطَّلَعَ النَّبِيُّ r عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ مَا تَذَاكَرُونَ ؟ قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ قَالَ : إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ r ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلـِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ . { ([1])
/ - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ r فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ مِنْهُ فَاطَّلَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ مَا تَذْكُرُونَ قُلْنَا السَّاعَةَ قَالَ }إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَالدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ . قَالَ شُعْبَةُ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ r و قَالَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَاشِرَةِ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ r و قَالَ الْآخَرُ وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ . {([2])
وفي رواية } لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَالدَّابَّةَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ أَوْ تَحْشُرُ النَّاسَ فَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ ..وَزَادَ فِيهِ :الدَّجَّالَ .. وَالْعَاشِرَةُ إِمَّا رِيحٌ تَطْرَحُهُمْ فِي الْبَحْرِ وَإِمَّا نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ { ([3])
شرح :
-هذا الحديث برواياته الثلاث يشير إلى الآيات العظام التي تكون بين يدي الساعة ، ودلائل السياق تشير إلى أنها مذكورة على سبيل الجمع لا الترتيب ؛ بدليل أن هناك تقديما وتأخيراً بين هذه العلامات في الروايات الثلاث ، كذلك المعلوم أن نزول عيسى عليه السلام يكون قبل يأجوج ومأجوج ، وقبل الدابة وطلوع الشمس من مغربها .
-وصف هذه العلامات بالآيات إشارة إلى عظمها ، وهذا وجه لتسميتها بالعلامات الكبرى ، كذلك كلمة « آية » فيها إشارة إلى أن تلك العلامات تقع على غير المعهود ؛ أي أن وقوعها يحصل على سبيل الإعجاز على خلاف نواميس الأرض ، وهذا واضح فيها جميعاً ، فخروج دابة من الأرض تكلم الناس ، أو طلوع الشمس من مغربها ، أو خروج نار تطرد الناس إلى أرض المحشر .. كل هذه الأمور خارقة لنواميس الكون وغير معهود وقوع مثلها بين البشر ؛ لذا سميت هذه العلامات بالآيات ؛ لما فيها من جانب إعجازي خارق للعادة ، وبالتالي من الخطأ أن يتصور البعض وقوعها بشكل معهود ، أو يستبعد وقوعها قياساً على الواقع،فهذه العلامات على وجه الخصوص لا تخضع بجملتها للقياسات العقلية أو المنطقية .
- نلحظ في بعض الكتب أنها تعتبر خروج المهدي من العلامات الكبرى ، وهذا القول ليس عليه دليل نستأنس به ، ووفق التوجيه السابق بأن العلامات الكبرى هي آيات على سبيل الإعجاز يمكن القول أن خروج المهدي ليس ضمنها ؛ لأن خروجه ليس فيه خارق للعادة ، لكن الدلائل المتضافرة تشير إلى أن خروج المهدي t يكون ملابساً لوقوع العلامات الكبرى ، أو مندرجاً فيها ؛ أو أن بعضها يقع إما قبيل خروجه أو خلال عهده ، كعلامة الدخان أو الدجال أو نزول عيسى ، أو خسف جزيرة العرب (_ ) ، فهذه العلامات الأربع يحتمل كونها حاصلة إما قبيل خروجه أو في عهده ؛ لذا إدراجه في باب العلامات الكبرى يكون من باب المجاورة والتلازم بين الأحداث .
-يتضح من سياق الحديث أنه لم يذكر هذه الأحداث على سبيل الترتيب ، إلا إنه يمكن تصور أول العلامات وآخرها ، أو يمكن تصور التلازم بين بعض هذه العلامات بما يفهم منها طبيعة الترتيب بينها ، وهذا يتحصل من خلال دلائل وقرائن أخرى خارج سياق الحديث ، ووفقاً للتصور العام الذي تحصل لدي من خلال قرائن عدة يمكن القول أن آخر هذه العلامات جزماً هو النار التي تخرج من اليمن ، وفي حديث آخر الريح التي تقبض أرواح المؤمنين ، وقبلها علامتان وهما طلوع الشمس من مغربها ودابة الأرض ، يبقى سبع علامات منها ثلاث علامات ثبت التلازم بينها ، وهي الدجال ثم نزول عيسى ثم يأجوج ومأجوج ، وهذا الترتيب أشارت إليه أحاديث أخرى كما سيتضح ، أما العلامات الأربع الباقية وهي الخسوف الثلاثة والدخان فهي غير معلومة الترتيب على سبيل الجزم ، لكن هناك قرينة تعزز كون الخسوف الثلاثة كلها قبل الدجال على اعتبار أن الخسف الثالث ( خسف جزيرة العرب ) هو نفسه الخسف الذي يكون علامة من علامات خروج المهدي ودليل من دلائل صدقه .
-وفقاً للترتيب السابق يمكن القول أن الترتيب المنطقي للعلامات هو كالتالي : 1- خسف المشرق 2- خسف المغرب 3- خسف جزيرة العرب الذي يكون بين يدي خروج المهدي 4- الدجال 5- نزول عيسى بن مريم 6- يأجوج ومأجوج 7- طلوع الشمس من مغربها 8- الدابة التي تكلم الناس 9- النار التي تخرج من قعر عدن ، أو الريح التي تلقي الناس في البحر .
- الترتيب السابق هو الترتيب المنطقي الذي تحصل لدي من خلال الاستعانة بقرائن متعددة ستتضح خلال الفصول اللاحقة ، وتبقى علامة واحدة يكتنفها بعض الغموض ، وهي علامة الدخان ، وهذه العلامة أيضاً يترجح لدي أنها هي العلامة الأولى في العلامات الكبرى ، وباقي العلامات تحدث تباعاً بعدها ، وهناك احتمال أن تكون بعد خسفي المشرق والمغرب ، وقبل خسف جزيرة العرب ، ووفقاً لهذا الاحتمال يكون ترتيبها الثالث في العلامات .
/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: } بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا الدَّجَّالَ وَالدُّخَانَ وَدَابَّةَ الْأَرْضِ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَأَمْرَ الْعَامَّةِ وَخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ . { ([4])
شرح :
- هذا الحديث يشير إلى معلم هام من معالم دراسة علامات الساعة ،وهو ضرورة الاستعداد لها بالإيمان والعمل الصالح قبل أن تفاجئ الإنسان ، فيندم بعد فوات الأوان ، وهذا المعلم أكدت عليه أحاديث كثيرة تبدأ بكلمة « بادروا » بل هذا هو المقصد الأساس من ذكر علامات الساعة ، وفي الحديث إشارة إلى أن هذه العظائم تقع فجأة دون إرهاصات واضحة قبلها مما يتطلب الأمر أن يكون المسلم دائماً في حالة استعداد حتى لا يفاجأ بها ،فالأمر بالمبادرة هنا يقتضي المسارعة بالتوبة والحث على الأعمال الصالحة ، ومسابقة العوارض والقواطع قبل ورودها ، والمتتبع لحال الرعيل الأول يجد أن هذا الدرس قد أخذ موطنه في قلوبهم ، وكان لسان حالهم الاستعداد والترقب في كل لحظة خشية طروق هذه العظائم ، عن النَّضْرِ قَالَ : « كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى عَهْدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : فَأَتَيْتُ أَنَسًا فَقُلْتُ : يَا أَبَا حَمْزَةَ ! هَلْ كَانَ يُصِيبُكُمْ مِثْلُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r ؟ قَالَ : مَعَاذَ اللَّهِ ! إِنْ كَانَتْ الرِّيحُ لَتَشْتَدُّ فَنُبَادِرُ الْمَسْجِدَ مَخَافَةَ الْقِيَامَةِ . » ([5]) فهذا الأثر يشير صراحة إلى درجة التربية الإيمانية والاستعداد النفسي الرائع المترقب لقيام الساعة أو علاماتها العظام عند الرعيل الأول ، بل الحديث الأول عن حذيفة الأسدي يدل على أن هذا الترقب وهذه المخاوف قد بلغت مداها ؛ لدرجة أن الرسول r قد حاول يطمئنهم بأن القيامة لن تقع إلا بعد عشر علامات ، وخلاصة القول أنه إذا كان هذا حال الصحابة واستعدادهم مع بعد عهدهم ، فكيف يكون حالنا مع قرب عهدنا من الساعة أو إرهاصاتها العظمى .
-الملاحظ أن الحديث قد أنث لفظة « ستاً » وذلك إشارة إلى أنها من الدواهي والمصائب العظام .
-هذا الحديث تضمن أربعاً من علامات الساعة العظام ، وهي الدجال والدخان والدابة وطلوع الشمس من مغربها ، وجاء في أحاديث أخرى أن حصول أي واحدة من هؤلاء لا ينفع بعده توبة نفس أو إيمانها ما لم تكن آمنت من قبل ، وطلب المبادرة إشارة إلى قرب هذه الأمور الأربعة ، وإشارة أيضاً إلى أنها تأتي على حين غفلة .
-المقصود بأمر العامة ، هو قيام الساعة نفسها ، أما خاصة أحدكم أو خويصة أحدكم فيراد بها الموت ، ومن مات قامت قيامته .
([1]) أخرجه مسلم برقم 2901 [ مسلم بشرح النووي ( 9/255) ] .
([2]) أخرجه مسلم برقم 2901 [ مسلم بشرح النووي ( 9/255) ]
([3]) أخرجه الترمذي برقم 2183 ، وقال : حسن صحيح ( 4/477)
(_ ) سنلاحظ في الفصول القادمة وجه الترابط بين الأحداث العظام ، وخروج المهدي ، فخسفا المشرق والمغرب ممهدان لخروجه ، وخسف جزيرة العرب دليل من دلائل خروجه ، والدخان يحتمل أن يكون قبيل خروجه ، أما الدجال فيحتمل أن يكون خروجه في أواخر عهد المهدي ، وهناك قرائن تعزز أن نزول عيسى r إنما يكون في عهد المهدي t .
([4])أخرجه مسلم برقم 2947 [ مسلم بشرح النووي ( 9/277) ]
([5]) أخرجه أبو داود برقم 1198 ( 1/463) ؛والبيهقي برقم 6605 [السنن الكبرى ( 3/342) ] ؛ والحاكم برقم 1241 ، وقال : صحيح الإسناد [المستدرك ، ط الهندية (1/333) ]