أعرف ذلك الحديث قبل أن أكتب عن هذا الموضوع ، وكذلك حديث الجني الذي أمسكه أبو هريرة رضي الله عنه ، وسؤال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة : ماذا فعل أسيرك الليلة ؟ فلو كان إمساك جني يتعارض مع ما فهمناه من دعاء سليمان لما استطاع أحد أن يمسك جنيا فيأسره. لأنه إن مكن الله لأحد بعد سليمان أن يمسك جنيا فيأسره فكأنه لم يستجب دعاء سليمان عليه السلام الذي حسب فهمنا يعني (أعطني ملكا لا تعطيه لأحد من الملوك بعد موتي )، فلو كان هذا هو معنى دعاء سليمان وأن الله استجاب له لما مكن الله لأبي هريرة أن يمسك جنيا وحتى العفريت الذي في حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام لن يمكنه الله من إمساكه وربطه في سارية المسجد، لأنه بهذا يكون كأنه لم يستجب دعاء سليمان.إذن كيف التوفيق بين قولكم هذا وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولولا دعوة أخى سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سوارى المسجد، يتلاعب به صبيان المدينة " الحديث المعروف؟
تعاملت مع دعاء سليمان عليه السلام وفق الظرف الموضوعي الذي وقع له ، وهو نفس الظرف الذي يقع فيه أي ملك يخلع من عرشه ، فأي ملك في مثل واقعته لن يسأل ربه أن يهب له ملكا لا يعطيه لأحد غيره إلى أن تقوم الساعة، فالله لا يتشرط عليه ولا يؤمر من المخلوق ، فطلب ملك عظيم من الله هذا دعاء، أما أن تطلب الله بأن يكون خاصا بك وأن لا يعطيه لأحد آخر فهذا أمر من المخلوق للخالق، والمخلوق لا يأمر الخالق .
السلطان يطلب ولا يؤمر، فالوزير مهما كانت حضوته عند الملك وقربه منه لن يجرؤ أن يأمر الملك أن يمنع عن غيره شيئا وهبه له ، فالآمر لا ينقلب إلى مأمور.
التعديل الأخير: