السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله عنا خيرا ،اختنا ام عرفة
مسألة: باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة
2600 حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما فلما خرجا قلت يا رسول الله من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان قال وما ذاك قالت قلت لعنتهما وسببتهما قال أو ما علمت ما شارطت عليه ربي قلت اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثناه علي بن حجر السعدي وإسحق بن إبراهيم وعلي بن خشرم جميعا عن عيسى بن يونس كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد نحو حديث جرير وقال في حديث عيسى فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما
[ ص: 116 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إنما أنا بشر ، فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا ) وفي رواية : ( أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة ) وفي رواية : فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته اجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة وفي رواية : إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر ، وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه ، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة وفي رواية : إني اشترطت على ربي فقلت : إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر ، وأغضب كما يغضب البشر ، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة هذه الأحاديث مبينة ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته ، والاعتناء بمصالحهم ، والاحتياط لهم ، والرغبة في كل ما ينفعهم . وهذه الرواية المذكورة آخرا تبين المراد بباقي الروايات المطلقة ، وأنه إنما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ونحو ذلك إذا لم يكن أهلا للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه ، وكان مسلما ، وإلا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين ، ولم يكن ذلك لهم رحمة . فإن قيل : كيف يدعو على من ليس هو بأهل الدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك ؟ فالجواب ما أجاب به العلماء ، ومختصره وجهان : أحدهما أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى ، وفي باطن الأمر ، ولكنه في الظاهر مستوجب له ، فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية ، ويكون في باطن الأمر ليس أهلا لذلك ، وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر . والثاني أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود ، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية ، كقوله : تربت يمينك ، وعقرى حلقى وفي هذا الحديث ( لا كبرت سنك ) وفي حديث معاوية لا أشبع الله بطنك ونحو ذلك لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء ، فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابة ، فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة ، وقربة وطهورا وأجرا ، [ ص: 117 ] وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان ، ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا ولا منتقما لنفسه ، وقد سبق في هذا الحديث أنهم قالوا : ادع على دوس ، فقال : اللهم اهد دوسا وقال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون والله أعلم .
وجزاك الله عنا خيرا ،اختنا ام عرفة
مسألة: باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة
2600 حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما فلما خرجا قلت يا رسول الله من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان قال وما ذاك قالت قلت لعنتهما وسببتهما قال أو ما علمت ما شارطت عليه ربي قلت اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثناه علي بن حجر السعدي وإسحق بن إبراهيم وعلي بن خشرم جميعا عن عيسى بن يونس كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد نحو حديث جرير وقال في حديث عيسى فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما
[ ص: 116 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إنما أنا بشر ، فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا ) وفي رواية : ( أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة ) وفي رواية : فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته اجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة وفي رواية : إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر ، وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه ، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة وفي رواية : إني اشترطت على ربي فقلت : إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر ، وأغضب كما يغضب البشر ، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة هذه الأحاديث مبينة ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته ، والاعتناء بمصالحهم ، والاحتياط لهم ، والرغبة في كل ما ينفعهم . وهذه الرواية المذكورة آخرا تبين المراد بباقي الروايات المطلقة ، وأنه إنما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ونحو ذلك إذا لم يكن أهلا للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه ، وكان مسلما ، وإلا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين ، ولم يكن ذلك لهم رحمة . فإن قيل : كيف يدعو على من ليس هو بأهل الدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك ؟ فالجواب ما أجاب به العلماء ، ومختصره وجهان : أحدهما أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى ، وفي باطن الأمر ، ولكنه في الظاهر مستوجب له ، فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية ، ويكون في باطن الأمر ليس أهلا لذلك ، وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر . والثاني أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود ، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية ، كقوله : تربت يمينك ، وعقرى حلقى وفي هذا الحديث ( لا كبرت سنك ) وفي حديث معاوية لا أشبع الله بطنك ونحو ذلك لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء ، فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابة ، فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة ، وقربة وطهورا وأجرا ، [ ص: 117 ] وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان ، ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا ولا منتقما لنفسه ، وقد سبق في هذا الحديث أنهم قالوا : ادع على دوس ، فقال : اللهم اهد دوسا وقال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون والله أعلم .
شرح النووي على مسلم
يحيي بن شرف أبو زكريا النووي
يحيي بن شرف أبو زكريا النووي