- إنضم
- 5 أكتوبر 2013
- المشاركات
- 7,995
- التفاعل
- 24,077
- النقاط
- 122
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
يرفع للتذكير .
شرح حديث اللهم إني اسألك العفو والعافيه ...
1- شرح حديث
سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
عن جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلي الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال : (( ما زلت علي الحال التي فارقتك عليها ؟ )) قالت نعم ، قال النبي صلي الله عليه وسلم : (( لقد قلت بعدك أربع كلمات وثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ]
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
ومن هذا يعرف جواب المسألة الثانية وهي:
تفضيل سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته على مجرد الذكر بسبحان الله أضعافا مضاعفة فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول سبحان الله وبحمده عدد خلقه من معرفته وتنزيهه وتعظيمه بهذا القدر المذكور من العدد أعظم مما يقوم بقلب القائل سبحان الله فقط
وهذا يسمى الذكر المضاعف وهو أعظم ثناءا من الذكر المفرد فلهذا كان أفضل منه وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه
فإن قول المسبح سبحان الله وبحمده عدد خلقه تضمن إنشاء وإخبارا:
تضمن إخبارا عما يستحقه الرب من التسبيح عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له
فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم الذي لا يبلغه العادون ولا يحصيه المحصون .
وتضمن إنشاء العبد لتسبيح هذا شأنه لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده بل أخبر أن ما يستحقة الرب سبحانه وتعالى من التسبيح هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره فإن تجدد المخلوقات لا ينتهي عداده ولا يحصى لحاصر.
وكذلك قوله ورضا نفسه فهو يتضمن أمرين عظيمين:
أحدهما: أن يكون المراد تسبيحا هو في العظمة والجلال مساو لرضا نفسه كما أنه في الأول مخبر عن تسبيح مساو لعدد خلقه ولا ريب أن رضا نفس الرب لا نهاية له في العظمة والوصف والتسبيح ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه.
فإذا كانت أوصاف كماله ونعوت جلاله لا نهاية لها ولا غاية بل هي أعظم من ذلك وأجل كان الثناء عليه بها كذلك إذ هو تابع لها إخبارا وإنشاء وهذا المعنى ينتظم بالمعنى الأول من غير عكس.
وإذا كان إحسانه سبحانه وثوابه وبركته وخيره لا منتهى له وهو من موجبات رضاه وثمرته فكيف بصفة الرضا.
وفي الأثر إذا باركت لم يكن لبركتي منتهى فكيف بالصفة التي صدرت عنها البركة
والرضا يستلزم المحبة والإحسان والجود والبر والعفو والصفح والمغفرة
والخلق يستلزم العلم والقدرة والإرادة والحياة والحكمة وكل ذلك داخل في رضا نفسه وصفة خلقه .
وقوله وزنة عرشه فيه إثبات للعرش وإضافته إلى الرب سبحانه وتعالى وأنه أثقل المخلوقات على الإطلاق إذ لو كان شيء أثقل منه لوزن به التسبيح وهذا يرد على من يقول إن العرش ليس بثقيل ولا خفيف وهذا لم يعرف العرش ولا قدره حق قدره
فالتضعيف الأول للعدد والكمية
والثاني للصفة والكيفية
والثالث للعظم والثقل وليس للمقدار
وقوله ومداد كلماته هذا يعم الأقسام الثلاثة ويشملها فإن مداد كلماته سبحانه وتعالى لا نهاية لقدره ولا لصفته ولا لعدده قال تعالى (( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدادا )) سور الكهف 109
وقال تعالى (( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم)) لقمان 27
ومعنى هذا أنه لو فرض البحر مدادا وبعده سبعة أبحر تمده كلها مدادا وجميع أشجار الأرض أقلاما وهو ما قام منها على ساق من النبات والأشجار المثمرة وغير المثمرة وتستمد بذلك المداد لفنيت البحار والأقلام وكلمات الرب لا تفنى
ولا تنفد فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
فأين هذا من وصف من يصفه بأنه ما تكلم ولا يتكلم ولا يقوم به كلام أصلا
وقول من وصف كلامه بأنه معنى واحد لا ينقضي ولا يتجزأ ولا له بعض ولا كل ولا هو سور وآيات ولا حروف وكلمات.
والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ونعوت الجلال ما يوجب أن يكون أفضل من غيره وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه
وهذا بعض ما في هذه الكلمات من المعرفة بالله والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم مع اقترانه بالحمد المتضمن لثلاثة أصول:
أحدها إثبات صفات الكمال له سبحانه والثناء عليه
الثاني محبته والرضا به
الثالث فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه وأعظمها قدرا وأكثرها عددا وأجزلها وصفا واستحضر العبد ذلك عند التسبيح وقام بقلبه معناه كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره .
2- شرح حديث " اللهم عالم الغيب والشهادة .... "
{ اللَّهُمَّ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ، فَاطِرَ السَّموَاتِ والأرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيءٍ ومَلِيْكَهُ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وأنْ أقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءاً، أوْ أجُرَّهُ إلَى مُسْلِمٍ } .
- صحابي الحديث هو أبو هريرة
قوله: ((عالم الغيب)) منصوب على النداء، وحرف النداء محذوف، تقديره: يا عالم الغيب، ويجوز أن يكون مرفوعاً على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: أنت عالم الغيب والشهادة.
والغيب: المعدوم، والشهادة: الموجود المدرك كأنه يشاهده.
وقيل: الغيب ما غاب عن العباد، والشهادة ما شاهدوه، وقيل: الغيب السر، والشهادة العلانية، وقيل: الغيب الآخرة، والشهادة الدنيا، وقيل: عالم الغيب والشهادة؛ أي: عالم ما كان وما يكون.
قوله: ((فاطر السموات والأرض)) أي: خالق السموات والأرض، يقال: فطر الشيء إذا بدأ وخلق.
والكلام فيها، وفي قوله: ((رب كل شيء)) مثل الكلام في ((عالم الغيب))؛ من حيث التقدير.
قوله: ((ومليكه)) أي: مالكه.
قوله: ((من شر نفسي)) إنما استعاذ بربه من شر النفس؛ لأن النفس أمارة بالسوء، ميالة إلى الشهوات واللذات الفانية.
والنفس لها معانٍ، والمراد هاهنا المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان، ولهذا قال ×: ((ومن شر نفسي)).
وأما نفس النبي × فمجبولة على الخير، وهي نفس مطمئنة، فكيف يتصور منها الشر حتى استعاذ من شرها؟ يجوز أن يكون المراد منه الدوام والثبات على ما هي عليه، أو المراد تعليم الأمة وإرشادهم إلى طريق الدعاء، وهو الأظهر.
قوله: ((وشر الشيطان)) الشيطان اسم لإبليس من شطن إذا بعد؛ سمي به؛ لأنه بَعُد من الرحمة.
وقيل: من شاط؛ أي: بطل؛ سمي به لأنه مبطل، والألف والنون فيه للمبالغة.
قوله: ((وشركه)) أي: شرك الشيطان، يروى هذا على وجهين؛ أحدهما: شِرْكه بكسر الشين وسكون الراء؛ ومعناه ما يدعو له الشيطان، ويوسوس له من الإشراك بالله سبحانه، والثاني: وشَرَكه بفتح الشين والراء، يريد حبائل الشيطان ومصايده.
قوله: ((أن أقترف)) أي: أكتسب.
قوله: ((أو أجُرَّه)) أي: أو أجر السوء.
يرفع للتذكير .
شرح حديث بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ ...
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ } . رواه الترمذي (3388). [حكم الألباني: حسن صحيح
شرح الحديث
قوله في هذا الحديث : ((بسم الله)) أي: بسم الله أستعيذ, فكل فاعل يقدر فعلا مناسباً لحاله عندما يبسمل, فالآكل يقدر آكُلُ, أي:بسم الله آكُل, والذابح يقدر أذبح , والكاتب يقدر أكتب, وهكذا.
وقوله : (( الذي لا يضر مع أسمه شيء في الأرض ولا في السماء)) أي: من تعوذ باسم الله فإنه لا تضره مصيبة من جهة الأرض ولا من جهة السماء.
وقوله: ((وهو السميع العليم)) أي : السميع لأقوال العباد, و العليم بأفعالهم الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: لأن الله سبحانه وتعالى بيده ملكوت السماوات والأرض، واسمه مبارك إذا ذكر على الشيء. ولهذا يسن ذكر الله تعالى بالتسمية على الأكل إذا أردت أن تأكل تقول بسم الله، إذا أردت أن تشرب تقول بسم الله، إذا أردت أن تأتي أهلك تقول بسم الله. فالتسمية مشروعة في أماكن كثيرة ولكنها على القول الراجح على الأكل والشرب واجبة يجب على الإنسان، إذا أراد أن يأكل أن يقول بسم الله، وإذا أراد أن يشرب أن يقول بسم الله؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن من لم يسم الله على أكله شاركه الشيطان في ذلك. فلا تنسى أن تقول في كل مساء وفي كل صباح بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
قال اللغوي ابن منظور رحمه الله: الضَّرُّ والضُّرُّ لغتان ضد النفع والضَّرُّ المصدر والضُّرّ الاسم وقيل هما لغتان كالشَّهْد والشُّهْد فإِذا جمعت بين الضَّرّ والنفع فتحت الضاد وإِذا أَفردت الضُّرّ ضَمَمْت الضاد إِذا لم تجعله مصدراً كقولك ضَرَرْتُ ضَرّاً هكذا تستعمله العرب.
- استحضار عظمة الله تعالى من خلال قول النبي صلى الله عليه وسلم في أذكار الصباح والمساء :
« بِسْمِ اللَّهِ الذي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَىْءٌ في الأَرْضِ وَلاَ في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».
وذلك من خلال فوائد مداومة ذكر الله وهي كثيرة منها:
1- في الحديث الشريف فضيلة وهي اعتقاد المسلم بعلو الله ذاتاً وقدراً وقهراً
وذلك من قوله عليه الصلاة السلام :« بِسْمِ اللَّهِ...و لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شيء...» والاسم مأخوذ من السُّموِّ .
2- اعتقاد المسلم بعدم جواز ذكر الله بالاسم المفرد :« اللَّهُ » ؛ وذلك من قوله عليه الصلاة السلام : « بِسْمِ اللَّهِ » وهكذا في جميع النصوص في القرآن الكريم والسنة المطهرة لا يوجد ذكر بالاسم المفرد وأن فعله بدعة ضلالة .
3- المسلم يبدأ دائماً في كل أحواله بـ « اِسْمِ اللَّهِ » تبركاً وتيمناً باسمه .
4- في الحديث الشريف إشارة إلى كمال توكل المؤمن على ربه والتجائه التام له .
5- في الحديث الشريف إشارة إلى تفويض المؤمن أمره كلَّه لربه .
6- في الحديث الشريف إشارة إلى اليقين القوي لدى المؤمن فيما عند ربه .
7- في الحديث الشريف إشارة إلى تصديق الرسول فيما أخبر .
8- في الحديث الشريف إشارة إلى تضاؤل كل شئ عند ذكر اسم الله .
9- في الحديث الشريف إشارة إلى حفظ الله حفظاً خاصاً لِخَلْقِهِ ورعايته و كلائته لهم إن هم ذكروه .
10-في الحديث الشريف فضيلة المواظبة على أذكار الصباح والمساء ويؤخذ هذا من قوله عليه الصلاة السلام :« مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ ...».
11- في الحديث الشريف إلماع إلى كمال حرص سيِّدنا محمد عليه الصلاة السلام ؛ إذ إنه علم أمته ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
12- في الحديث الشريف إشارة إلى ذم الغضب وأنه سبب لترك العبد ذكر ربه.ويؤخذ هذا من حال الراوي أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ رضي الله عنه كما في رواية أبي داود : فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ رضي الله عنه الْفَالِجُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَالَكَ تَنْظُرُ إِلَىَّ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَلاَ كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ عليه الصلاة السلام وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا .
13- في الحديث الشريف إشارة إلى ثمرة المواظبة على هذا الذكر أنه لن تفجأه فاجئة تؤذيه ويؤخذ هذا من قوله كما في رواية ابن حبان في صحيحه: « من قال حين يصبح : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، ثلاث مرات ، لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يمسي ، وإن قالها حين يمسي لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يصبح ».
14- في الحديث الشريف إشارة إلى إثبات ألوهية الله تعالى وحده لا شريك له ويؤخذ هذا من قوله عليه الصلاة السلام :« اللَّه».
15- في الحديث الشريف إشارة إلى إثبات لاسم من أسماء الله تعالى الحُسنى وكلها حسنى ويؤخذ هذا من قوله عليه الصلاة السلام :« اللَّه».
والله أعلم .
شرح حديث اللهم عافني في بدني ....
شرح الحديث :
(اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إلَهَ إلاَّ أنْتَ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ وَالفَقْرِ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ)) (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) .
- صحابي الحديث هو أبو بكرة، نُفَيْع بن الحارث بن كَلَدَة
قوله: ((اللهم عافني في بدني)) أي: سلِّمْني من الآفاتِ والأمراض في بدني ،
وسلمني من الذنوب والآثام .
قوله: ((عافني في سمعي... وفي بصري)) خاص بعد عام؛ فقوله بدني شامل لكل الجسم، ولكن خصص هاتين الحاستين؛ لأنهما الطريق إلى القلب؛ الذي بصلاحه يصلح الجسد كله وبفسادة يفسد الجسد كله .
وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم
(ومتعنا باسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا
واجعله الوارث منا) وهذا سؤال الله أن يبقي السمع
والبصر وسائر القوى صحيحة سليمة لما في ذلك
من الأستعانة بها في القيام بالطاعات.
لا إله إلا أنت:
لا معبود بحق سواك.
اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر:
أي التجئ وأحتمي بك من الكفر وهو غاية الظلال
والفقر وهو خلو ذات اليد.
وأعوذ بك من عذاب القبر،لا إله إلا أنت:
اي التجئ واحتمي بك من عذاب القبر وهو ما يكون في البرزخ من العذاب على الروح والبدن لمن استحق ذلك
وفي هذا أثبات أن عذاب القبر حق
وقد قال صلى الله عليه وسلم
( أيها الناس أستعيذوا بالله من عذاب القبر،
فإنه عذاب القبر حق) رواه احمد .
شرح حديث اللهم إني اسألك العفو والعافيه ...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات إذا أصبح وَإذا أَمْسَى: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِنْ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تحتي)).
هذه الدعوات من جوامع الكلم ، حافظ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يمل من تكريرها في كل صباح وفي كل مساء ، وقد حفظها أصحابه ، ونقلها لنا الثقات . وهي تجمع بين خيري الدنيا والآخرة،
فالعفو هو التجاوز عن العبد بغفران ذنوبه وعدم مؤاخذته بما اقترف منها،
والعافية هي دفاع الله سبحانه عن عبده بأن يسلم من الأسقام والبلايا ومن كل مكروه ، والستر والأمن والحفظ من تمام العافية في الدنيا والآخرة .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي :
فسؤاله صلى الله عليه وسلم العافية (في الدين): هو طلب الوقاية والسلامة من كل أمر يشين الدين ويخلّ به، ويخدش في عقيدة المؤمن، وتوحيده، من الفتن والضلالات، والشبهات، والشهوات من كل أنواعهما .
و سؤال اللَّه تعالى العافية (في الدنيا): هو طلب السلامة والأمان من كل ما يضرّ العبد في دنياه، من المصائب والبلايا، والشدائد، والمكاره، وسؤال اللَّه تعالى العافية (في الآخرة): هو طلب النجاة، والوقاية من أهوال الآخرة، وشدائدها، وكرباتها، وما فيها من العقوبات، بدأَ من الاحتضار، وعذاب القبر، والفزع الأكبر، والصراط، والنجاة من أشد الأهوال، والعذاب بالنار، والعياذ باللَّه .
وأما سؤاله صلى الله عليه وسلم العافية (للأهل): فبوقايتهم من الفتن، وحمايتهم من البلايا والمحن .
وأما في (المال): فبحفظه مما يتلفه من غرق أو حرق أو سرقة، أو نحو ذلك، فجمع في ذلك سؤال اللَّه الحفظ من جميع العوارض المؤذية، والأخطار المضرة))
فالسائل هو العبد المؤمن الداعي الذاكر ، والمسئول هو الرب النافع الضار الذي بيده ملكوت كل شيء .والسؤال يتضمن إقرار السائل بعبادته لله وحده لا شرك له ، لذا كان الدعاء هو العبادة ، ويتضمن طلب العافية في الدنيا والآخرة ، في الدين والدنيا والأهل والمال ، ولهذا قال : (اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي) وإذا كان العفو هو العمدة في الفوز بالجنة والنجاة من النار ، فإن العافية هي العمدة في صلاح أمور الدنيا والسلامة من شرورها، وفي صلاح الأهل والمال ، وقبل ذلك في صلاح الدين ، ولهذا كان سؤال العفو والعافية هو سؤال الخير كله في الدنيا والآخرة .
وفي الحديث (سلوا الله العفو والعافية فإن أحدًا لم يُعط بعد القين سوى العافية) .
وقد ارتضى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة لعمه، قال العباس: { يا رسول الله: علمني شيئًا أدعو الله به ؟فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سل ربك العافية.وكأن العباس لم يقنع بهذه الكلمة فعاد يكرر سؤاله - قال: ثم جئت فقلتُ: يا رسول الله علمني شيئًا أسأله ربي عز وجل ؟ فقال :يا عم سل الله العافية في الدنيا والآخرة } .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء بالعافية سبيل الفلاح والنجاح، والفوز بالجنة والنجاة من النار، ولذلك فهو أحب الدعاء إلى الله عز وجل.
وعن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :ما من دعوة أحب إلى الله أن يدعو بها أحد من أن يقول : (اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة )
فأفاد هذا الدعاء بالعافية أفضل من غيره من الأدعية مع ما قدمنا من اشتماله على كل نفع، ودفع كل ضر فجمع هذا الدعاء بين ثلاث مزايا:
أولها: شموله لأمري الدنيا والآخرة .
ثانيها: أنه أفضل الدعاء على الاطلاق .
ثالثها: أنه أحب إلى الله تعالى من كل ما يدعو به العبد .
(اللهم استر عوراتي) :
تضرع له سبحانه ليستر عورتك ، والعورة هي كل ما يخشى العبد أن يطلع عليه الناس ، ويستحي أن يعلموه من حاله . والعورة نوعان: حسية ومعنوية.
فالحسية: هي عورة الجسد وعورة الأهل.
والمعنوية: هي الذنوب والآثام.
وكلاهما يحتاج العبد إلى ستر الله فيه في الدنيا فلا يفضحه في الدنيا باطلاع الناس على عوراته وهتك ستره ، وكذلك في الآخرة يعفو عن زلاته ، ويلبسه من حلل الجنة حين يكسو المؤمنين في الموقف ويؤمن روعهم (إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلًا بهما ، وإن أولى الخلائق يكسى إبراهيم ) .
(وآمن روعاتي) :
الروع هو الفزع : والروعة هي الفزعة وهي المرة الواحدة من الروع ، وفي المثل : أفرخ روعك أي أخرج فزعك ورعبك ،
والشعور بالأمن نعمة عظيمة لا يعرف قدرها إلا من افتقدها .
إن نعمة الأمن والستر من تمام العافية ، ولا يملك ذلك إلا مالك الملك الذي يستر العورات ويؤمن الروعات ويحفظ عبده من كل مكروه وسوء , وكفى بذلك نعمة (من بات آمنا في سربه ، معافى في بدنه، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا) .
ولا يكتمل أمن المسلمين إلا بتطبيق شرائع هذا الدين ، فإن فيها العصمة لبدن المسلم وعرضه وماله ودينه وعقله ، وما شرع الله الحدود والتعزيرات إلا لتدعيم هذا الأمن .
ولكي يتحقق هذا الأمن التام ، فلابد من حفظ الله ومن ستر الله تعالى ، ولهذا اختم هذا الدعاء بطلب الحفظ (اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أٌغتال من تحتي ) .
وكل هذه مقدمات لتحقيق الأمن التام في الدنيا والآخرة لأن الله لا يحفظ إلا من حفظ حدوده.
(احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك) . والله تبارك وتعالى يسخر الملائكة لحفظ عباده في الدنيا ، فلا يصل إلى عبده إلا ما كتبه الله .(لَهُ مُعَقِبَاتٌ مِن بَينِ يَدَيِه وَمِن خَلْفِهِ يَحْفَظْونَهُ مِن أَمْرِ الله ).أي يحفظونه بأمر الله .
أما الحفظ في الآخرة، فهو حفظ النفس والبدن من الوقوع في نار جهنم، والعياذ بالله.
ومِنْ حفظ حدود الله، حفظه الله تعالى ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ).
والله أعلم .
1- شرح حديث :{ أصْبَحْنَا وَأصْبَحَ الـمُلْكُ للـهِ، وَالـحَمْدُ لِلَّـهِ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ الـمُلْكُ، ولَهُ الـحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أسْألُكَ خَيْرَ مَا في هَذَا اليَوْمِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهُ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذَا اليَوْمِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وعَذَابٍ فِي القَبْرِ } .
وإذَا أمْسَى قَالَ: { أمْسَيْنَا وأمْسَى الـمُلْكُ لِلَّـهِ } .
وإذَا أمْسَى قَالَ:{رَبِّ أسْألُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وشَرِّ مَا بَعْدَهَا }.
قوله: ((أصبحنا)) أو ((أمسينا)) أي: دخلنا في الصباح، أو دخلنا في المساء متلبسين بنعمةٍ وحفظٍ من الله تعالى.
قوله: ((إذا أمسى)) أي: إذا دخل في [المساء]، وفي لفظ ((إذا أصبح)) أي: إذا دخل [في الصباح].
قوله: ((وأصبح الملك لله))، وأيضاً قوله: ((وأمسى الملك لله)) أي: استمر دوام الملك والتصرف لله تعالى.
قوله: ((رب)) أي: يا رب.
قوله: ((خير ما في هذا اليوم – أو هذه الليلة -)) أي: الخيرات التي تحصل في هذا اليوم – أو هذه الليلة – من خيرات الدنيا والآخرة؛ أما خيرات الدنيا فهي حصول النعم والأمن والسلامة من طوارق الليل وحوادثه... ونحوها، وأما خيرات الآخرة فهي حصول التوفيق لإحياء اليوم والليلة بالصلاة والتسبيح، وقراءة القرآن... ونحو ذلك.
قوله: ((وخير ما بعده – أو ما بعدها -)) أي: أسألك الخيرات التي تعقب هذا اليوم أو هذه الليلة.
قوله: ((من الكسل)) وهو عدم انبعاث النفس للخير مع ظهور الاستطاعة، فلا يكون معذوراً، بخلاف العاجز؛ فإنه معذور لعدم القوة وفقدان الاستطاعة.
قوله: ((وسوء الكِبَر)) أراد به ما يورثه كبر السن من ذهاب العقل، والتخبط في الرأي، وغير ذلك مما يسوء به الحال.
قوله: ((رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر)): وإنما خصَّ عذابي النار والقبر، من بين سائر أعذبة يوم القيامة؛ لشدتهما، وعظم شأنهما؛ أما القبر: فلأنه أول منزل من منازل الآخرة؛ فإن من سلم فيه سلم في الجميع؛ وأما النار: فإن عذابها شديد، نعوذ بالله من ذلك، يا ربّ سلِّم سلِّم.
2- شرح حديث :
- (( اللَّهُمَّ بِكَ أصْبَحْنَا، وبِكَ أمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وإلَيْكَ النُّشُورُ ))
((وإذَا أمْسَى قَالَ: اللَّهُمَّ بِكَ أمْسَيْنَا، وَبِكَ أصْبَحْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوْتُ، وَإليْكَ الـمَصِيْرُ)).
قوله: ((بك أصبحنا)) متعلق بمحذوف؛ فكأنه يريد: بنعمتك أصبحنا، أو بحفظك... أو بذكرك...، وكذلك التقدير في قوله: ((وبك أمسينا)).
قوله: ((وبك نحيا)) يكون في معنى الحال؛ أي: مستجيرين ومستعيذين بك في جميع الأوقات، وسائر الأحوال، في الإصباح والإمساء، والمحيا والممات.
قوله: ((وإليك النشور)) أي: الإحياء للبعث يوم القيامة.
قوله: ((وإليك المصير)) أي: المرجع.
وإنما قال في الإصباح: ((وإليك النشور))، وفي الإمساء: ((وإليك المصير))؛ لأن الإصباح يشبه النشر بعد الموت، والإمساء يشبه الموت بعد الحياة؛ فلذلك قال فيما يشبه الحياة:((وإليك النشور))، وفيما يشبه الممات: ((وإليك المصير)) رعاية للتناسب والتشاكل، والله أعلم.
3- شرح حديث :
- { اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنَا عَبْدُكَ، وأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أبُوْءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأبُوْءُ بِذَنْبِي فَاغْفِر لِي فَإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ } .
وجاء في الحديث: أن من قالها موقناً بها حين يمسي، فمات من ليلته دخل الجنة، وكذلك إذا أصبح.
قوله: ((لا إله إلا أنت خلقتني)) اعتراف بالوحدانية والخالقية.
قوله: ((وأنا عبدك)) اعتراف بالعبودية.
قوله: ((وأنا على عهدك ووعدك)) أي: عهدك إليَّ بأن أوحدك، وأعترف بألوهيتك ووحدانيتك، ووعدك الجنة لي على هذا؛ يعني: أنا مقيم على توحيدك، وعلى حقيقة وعدك لي.
قوله: ((ما استطعت)) أي: قدر استطاعتي؛ لأن العبد لا يقدر على الشيء إلا قدر استطاعته.
قوله: ((أبوء لك بنعمتك علي)) أي: أعترف وأقر لك بما أنعمت به علي.
قوله: ((وأبوء بذنبي)) أي: أُقِرُّ وأعترف بما اجترحت من الذنب.
قوله: ((فإنه)) أي: فإن الشأن أنه ((لا يغفر الذنوب إلا أنت))؛ لأن غفران الذنوب مخصوص لله تعالى.
1- شرح حديث
سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
عن جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلي الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال : (( ما زلت علي الحال التي فارقتك عليها ؟ )) قالت نعم ، قال النبي صلي الله عليه وسلم : (( لقد قلت بعدك أربع كلمات وثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ]
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
ومن هذا يعرف جواب المسألة الثانية وهي:
تفضيل سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته على مجرد الذكر بسبحان الله أضعافا مضاعفة فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول سبحان الله وبحمده عدد خلقه من معرفته وتنزيهه وتعظيمه بهذا القدر المذكور من العدد أعظم مما يقوم بقلب القائل سبحان الله فقط
وهذا يسمى الذكر المضاعف وهو أعظم ثناءا من الذكر المفرد فلهذا كان أفضل منه وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه
فإن قول المسبح سبحان الله وبحمده عدد خلقه تضمن إنشاء وإخبارا:
تضمن إخبارا عما يستحقه الرب من التسبيح عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له
فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم الذي لا يبلغه العادون ولا يحصيه المحصون .
وتضمن إنشاء العبد لتسبيح هذا شأنه لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده بل أخبر أن ما يستحقة الرب سبحانه وتعالى من التسبيح هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره فإن تجدد المخلوقات لا ينتهي عداده ولا يحصى لحاصر.
وكذلك قوله ورضا نفسه فهو يتضمن أمرين عظيمين:
أحدهما: أن يكون المراد تسبيحا هو في العظمة والجلال مساو لرضا نفسه كما أنه في الأول مخبر عن تسبيح مساو لعدد خلقه ولا ريب أن رضا نفس الرب لا نهاية له في العظمة والوصف والتسبيح ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه.
فإذا كانت أوصاف كماله ونعوت جلاله لا نهاية لها ولا غاية بل هي أعظم من ذلك وأجل كان الثناء عليه بها كذلك إذ هو تابع لها إخبارا وإنشاء وهذا المعنى ينتظم بالمعنى الأول من غير عكس.
وإذا كان إحسانه سبحانه وثوابه وبركته وخيره لا منتهى له وهو من موجبات رضاه وثمرته فكيف بصفة الرضا.
وفي الأثر إذا باركت لم يكن لبركتي منتهى فكيف بالصفة التي صدرت عنها البركة
والرضا يستلزم المحبة والإحسان والجود والبر والعفو والصفح والمغفرة
والخلق يستلزم العلم والقدرة والإرادة والحياة والحكمة وكل ذلك داخل في رضا نفسه وصفة خلقه .
وقوله وزنة عرشه فيه إثبات للعرش وإضافته إلى الرب سبحانه وتعالى وأنه أثقل المخلوقات على الإطلاق إذ لو كان شيء أثقل منه لوزن به التسبيح وهذا يرد على من يقول إن العرش ليس بثقيل ولا خفيف وهذا لم يعرف العرش ولا قدره حق قدره
فالتضعيف الأول للعدد والكمية
والثاني للصفة والكيفية
والثالث للعظم والثقل وليس للمقدار
وقوله ومداد كلماته هذا يعم الأقسام الثلاثة ويشملها فإن مداد كلماته سبحانه وتعالى لا نهاية لقدره ولا لصفته ولا لعدده قال تعالى (( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدادا )) سور الكهف 109
وقال تعالى (( ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم)) لقمان 27
ومعنى هذا أنه لو فرض البحر مدادا وبعده سبعة أبحر تمده كلها مدادا وجميع أشجار الأرض أقلاما وهو ما قام منها على ساق من النبات والأشجار المثمرة وغير المثمرة وتستمد بذلك المداد لفنيت البحار والأقلام وكلمات الرب لا تفنى
ولا تنفد فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
فأين هذا من وصف من يصفه بأنه ما تكلم ولا يتكلم ولا يقوم به كلام أصلا
وقول من وصف كلامه بأنه معنى واحد لا ينقضي ولا يتجزأ ولا له بعض ولا كل ولا هو سور وآيات ولا حروف وكلمات.
والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ونعوت الجلال ما يوجب أن يكون أفضل من غيره وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه
وهذا بعض ما في هذه الكلمات من المعرفة بالله والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم مع اقترانه بالحمد المتضمن لثلاثة أصول:
أحدها إثبات صفات الكمال له سبحانه والثناء عليه
الثاني محبته والرضا به
الثالث فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه وأعظمها قدرا وأكثرها عددا وأجزلها وصفا واستحضر العبد ذلك عند التسبيح وقام بقلبه معناه كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره .
2- شرح حديث " اللهم عالم الغيب والشهادة .... "
{ اللَّهُمَّ عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ، فَاطِرَ السَّموَاتِ والأرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيءٍ ومَلِيْكَهُ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلاَّ أنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وأنْ أقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءاً، أوْ أجُرَّهُ إلَى مُسْلِمٍ } .
- صحابي الحديث هو أبو هريرة
قوله: ((عالم الغيب)) منصوب على النداء، وحرف النداء محذوف، تقديره: يا عالم الغيب، ويجوز أن يكون مرفوعاً على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: أنت عالم الغيب والشهادة.
والغيب: المعدوم، والشهادة: الموجود المدرك كأنه يشاهده.
وقيل: الغيب ما غاب عن العباد، والشهادة ما شاهدوه، وقيل: الغيب السر، والشهادة العلانية، وقيل: الغيب الآخرة، والشهادة الدنيا، وقيل: عالم الغيب والشهادة؛ أي: عالم ما كان وما يكون.
قوله: ((فاطر السموات والأرض)) أي: خالق السموات والأرض، يقال: فطر الشيء إذا بدأ وخلق.
والكلام فيها، وفي قوله: ((رب كل شيء)) مثل الكلام في ((عالم الغيب))؛ من حيث التقدير.
قوله: ((ومليكه)) أي: مالكه.
قوله: ((من شر نفسي)) إنما استعاذ بربه من شر النفس؛ لأن النفس أمارة بالسوء، ميالة إلى الشهوات واللذات الفانية.
والنفس لها معانٍ، والمراد هاهنا المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان، ولهذا قال ×: ((ومن شر نفسي)).
وأما نفس النبي × فمجبولة على الخير، وهي نفس مطمئنة، فكيف يتصور منها الشر حتى استعاذ من شرها؟ يجوز أن يكون المراد منه الدوام والثبات على ما هي عليه، أو المراد تعليم الأمة وإرشادهم إلى طريق الدعاء، وهو الأظهر.
قوله: ((وشر الشيطان)) الشيطان اسم لإبليس من شطن إذا بعد؛ سمي به؛ لأنه بَعُد من الرحمة.
وقيل: من شاط؛ أي: بطل؛ سمي به لأنه مبطل، والألف والنون فيه للمبالغة.
قوله: ((وشركه)) أي: شرك الشيطان، يروى هذا على وجهين؛ أحدهما: شِرْكه بكسر الشين وسكون الراء؛ ومعناه ما يدعو له الشيطان، ويوسوس له من الإشراك بالله سبحانه، والثاني: وشَرَكه بفتح الشين والراء، يريد حبائل الشيطان ومصايده.
قوله: ((أن أقترف)) أي: أكتسب.
قوله: ((أو أجُرَّه)) أي: أو أجر السوء.
التعديل الأخير: