بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اكتب مستعينا بالله متوكلا علية سائلا إياه الهدى والسداد وأن ينفعنا بما نكتب وأن ينفع به إنه هو الله ربي لا إله إلا هو الحي القيوم.
وقفة تأمل في حديث أبي أمامة رضي الله عنه الوارد في اسم الله الأعظم
فعن أبي أمامة يرفعه قال: "اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث: سورة البقرة وآل عمران وطه"
قال عنه المناوي [حديث سنده حسن وقيل صحيح] وقد صححه الألباني في صحيح الجامع وحسنه في السلسلة الصحيحة
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 382 :
أخرجه ابن معين في " التاريخ و العلل " ( 10 / 152 / 2 ) و ابن ماجه ( 3856 )
و للطحاوي " مشكل الآثار " ( 1 / 63 ) و الفريابي في " فضائل القرآن " ( 184 /1 ) و تمام في " الفوائد " ( 36 / 2 ) و أبو عبد الله بن مروان القرشي في" الفوائد " ( 25 / 110 / 2 ) و السياق له ، و الحاكم ( 1 / 506 ) من طريق عبدالله بن العلاء قال : سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يخبر عن أبي أمامة مرفوعا به . قال القاسم أبو عبد الرحمن : " فالتمست في البقرة ، فإذا هو في آية الكرسي *( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )* و في آل عمران ، فاتحتها *( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )* و في طه : *( و عنت الوجوه للحي القيوم )* " .
قلت : و هذا إسناد حسن ، لأن القاسم ثقة لكن في حفظه شيء . و عبد الله بن العلاء هو ابن زبر ، و هو ثقة . و قد تابعه غيلان بن أنس و هو مقبول عند ابن حجر . أخرجه ابن ماجه ( 3856 ) و الطحاوي و الفريابي .
و الحديث قال المناوي بعد ما عزاه أصله لابن ماجه و الطبراني و الحاكم :" و فيه هشام بن عماره مختلف فيه " .
قلت : هذا لا وجود له عند ابن ماجه و الحاكم ، فيحتمل أن يكون في طريق الطبراني و لا يضر حديثه لأنه متابع عند الآخرين ، فالحديث ثابت . و الله أعلم .
.
المتأمل في هذه السور الثلاث يجد أنها إشتركت في أربعة أسماء عظيمة لله عز وجل:
أول هذه الأسماء العظيمة : لفظ الجلاله(الله)
ورد في سورة البقرة في آية الكرسي(الله لا إله إلا هو الحي القيوم)
وفي سورة آل عمران (الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )
وفي سورة طه(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى )
قال الإمام الطحاوي رحمه الله بعد إن إختار إن اسم الله الأعظم هو لفظ الجلاله الله (فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ فَذَكَرَ . مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْرَزِيُّ ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ { اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ الَّذِي إذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي سُوَرٍ ثَلَاثٍ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ } حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ ثنا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ سَمِعْت عِيسَى بْنَ مُوسَى يَقُولُ لِابْنِ زَبْرٍ يَا أَبَا زَبْرٍ سَمِعْت غَيْلَانَ بْنَ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْت الْقَاسِمَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إنَّ { اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ لَفِي ثَلَاثِ سُوَرٍ مِنْ الْقُرْآنِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ } قَالَ أَبُو حَفْصٍ فَنَظَرْت فِي هَذِهِ السُّوَرِ الثَّلَاثِ فَرَأَيْت فِيهَا أَشْيَاءَ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ { اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } وَفِي آلِ عِمْرَانَ { اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } وَفِي طَه { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ } . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ أَنَّ مَا اسْتَخْرَجَهُ أَبُو حَفْصٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِيهِ ( اللَّهُ ) وَاَلَّذِي اسْتَخْرَجَهُ مِنْ آلِ عِمْرَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا فِيهِ ( اللَّهُ ) فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَارِجًا مِنْ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا مُخَالِفًا لِمَا فِيهَا وَكَانَ مَا اسْتَخْرَجَهُ مِمَّا فِي طَه قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَمَا اسْتَخْرَجَهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَا فِي طَه سِوَى ذَلِكَ , وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا { وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ } الْآيَةَ فَيَرْجِعُ مَا فِي طَه إلَى مِثْلِ مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَمَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ أَنَّهُ اللَّهُ تَعَالَى)
قال الإمام الألباني رحمه الله[ اسم الله الأعظم في سور من القرآن ثلاث : في { البقرة } و { آل عمران } و { طه } ] . ( حسن ) . قال القاسم أبو عبد الرحمن : فالتمست في { البقرة } فإذا هو في آية الكرسي : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وفي { آل عمران } فاتحتها : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وفي { طه } : { وعنت الوجوه للحي القيوم } . ( فائدة ) : قول القاسم أن الاسم الأعظم في آية : { وعنت الوجوه للحي القيوم } من سورة { طه } لم أجد في المرفوع ما يؤيده فالأفرب عندي أنه في قوله في أول السورة { إني أنا الله لا إله إلا أنا . . } فإنه الموافق لبعض الأحاديث الصحيحة فانظر الفتح 225 / 11 وصحيح أبي داود 1341
ثاني هذه الأسماء العظيمة وثالثها :اسمي الله (الحي القيوم)
وردا في سورة البقره في آية الكرسي *( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )*
و في آل عمران ، فاتحتها *( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )*
و في طه : *( و عنت الوجوه للحي القيوم )* " .
قال راوي الحديث القاسم أبو عبد الرحمن : " فالتمست[اي اسم الله الأعظم في هذه السور ] في البقرة ، فإذا هو في آية الكرسي *( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )* و في آل عمران ، فاتحتها *( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )* و في طه : *( و عنت الوجوه للحي القيوم )* " .
ولعل مما يقوي هذا القول أن اسم الله (القيوم)لم يرد إلا في هذه السور الثلاث وجاء مقرونا باسم الله (الحي)
رابع هذه الأسماء العظيمة : اسم الله (الرب)
ورد في سورة البقرة في قوله تعالى(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )
وفي آل عمران (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء )
وفي طه (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي )
قال الإمام ابن كثير رحمه الله (والرب هو : المالك المتصرف ، ويطلق في اللغة على السيد ، وعلى المتصرف للإصلاح ، وكل ذلك صحيح في حق الله تعالى .
[ ولا يستعمل الرب لغير الله ، بل بالإضافة تقول : رب الدار ، رب كذا ، وأما الرب فلا يقال إلا لله عز وجل ، وقد قيل : إنه الاسم الأعظم ] )
ومما يقوي هذا القول أن معظم دعاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يبدأ به وهذا يدل علي علوي مكانته ورفعة منزلته في الدعاء كما قال أهل العلم والله أعلم
وفي الختام أسأل الله ربي الذي لا إله إلا هو الحي القيوم أن يغفر لي ولكم وأن يرحمنا وأن يهدينا وأن يسددنا وأن يفتح لنا أبواب الفرج وأن يجزي كل من إستفدت منه في موضوعي هذا خير الجزاء إنه هو الكريم الأكرم ذو الجلال والإكرام