- إنضم
- 5 أكتوبر 2013
- المشاركات
- 7,995
- التفاعل
- 24,082
- النقاط
- 122
اسمي الله ( الحق – المبين )
المعنى اللغوي :
الحق :
حَقّ : ( اسم ) ، الجمع : حُقوق ، و حِقاق .
الحق اسم فاعل، فعله : حقَّ يحقُّ حقًا. يقال حققت الشيء أحقه حقًا إذا تيقنت كونه ووجوده ومطابقته للحقيقة. ويغلق معنى الريبة والشك اللذان يناقضان الإيمان وقد ذكرهما الله في صفات أهل النفاق .
- الحق بمعنى العدل خلاف الباطل والظلم .
- تأتي كلمة الحق في القرآن بمعنى الإسلام والحكمة والعدل والصدق والوحي والقرآن والحقيقة والحساب والجزاء .
المبين :
اسم فاعل من الفعل بان أو أبان ، وأصل البَينُ التميز والظهور، والبُعْد والانفصال، يقال بانَ الحقُّ يَبينُ بَيانا فهو بائنٌ , والبائن أيضا بمعنى الظاهر المبين الواضح .
والبيان : ما يبين به الشيء .
المعنى في حق الله تعالى :
اسم الحق :
- الحقّ : هو المتحقّق وجوده وكونه ، وكل شيء تحقق وجوده وكونه فهو حقّ ، ومنه { الحاقّةُ ما الحاقةُ } أي الكائنة حقاً لا شك في كونها ، وقولهم : الجنة حقّ أي : كائنة ، وكذلك النار .
- الحق أي المتصف بالوجود الدائم والحياة والقيومية والبقاء فلا يلحقه زوال أو فناء ، قال تعالى ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } .
فاسم الحق يقع على ذات الله تعالى وعلى صفاته وأفعاله.
- قال الراغب الأصفهاني. أصل الحق المطابقة والموافقة ويقال على أوجه: الأول: يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة ولهذا قيل في الله تعالى هو الحق ، قال الله تعالى : { ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ } .
الثاني: يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولهذا يقال: فعل الله تعالى كله حق ، قال الله تعالى: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا } إلى قوله { مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ } .
الثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه كقولنا اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق.
الرابع: للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب وفي الوقت الذي يجب. كقولنا فعلك حق، وقولك حق، قال الله تعالى : { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ } .
اسم المبين :
المبين : المظهر حكمته بما أبان من تدبيره وأوضح بيناته
- المنفرد بوصفه المباين لخلقة ، الظاهر فوق كل شيء ، له مطلق العلو والفوقية .
- الذي أبان لكل مخلوق علة وجوده وغايته ، وأبان لهم طلاقة قدرته مع بالغ حكمته ، وأبان لهم الأدلة القاطعة على وحدانيته ، وأبان لهم دينهم بأحكام شريعته ، ولا يعذب أحدا من خلقه إلا بعد بيان حجته .
- قال الزجاجي بعد أن بين المعنى اللغوي للاسم : (... فالله تبارك وتعالى المبين لعباده سبيل الرشاد، والموضح لهم الأعمال الموجبة لثوابه والأعمال الموجبة لعقابه، والمبين لهم ما يأتونه ويدرونه ) .
- قال الخطابي: ( "المبين" هو البين أمره في الوحدانية، وأنه لا شريك له ) .
مما سبق يظهر لنا أن (المبين) له معنيان :
الأول: ظهور الله - عز وجل - بظهور الأدلة على وجوده ووحدانيته في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، واستقرار ذلك في العقول والفطر، يضاف إليها الأدلة السمعية التي أنزلها الله -عز وجل- في كتبه وعلى لسان رسله عليهم الصلاة والسلام .
الثاني: إظهار الله -عز وجل- الحق للخلق وإبانته لهم ومن ذلك تعريفه نفسه سبحانه لعباده وإقامته الأدلة الواضحة البينة على كمال أسمائه وصفاته المقتضية لوحدانيته وإفراده وحده بالعبادة .
ورودهما في القرآن الكريم :
ورد اسم الله الحق في القرآن الكريم في عشر آيات منها :
- قال تعالى { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } .
وورد اسمه سبحانه ( المبين ) في القرآن الكريم مرة واحدة :
- في قوله تعالى: { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ } النور : 25 .
وفي السنة :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ : { ..... أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ } صحيح مسلم .
الآثار الإيمانية للاسمين :
1- طلب العلم والرسوخ فيه : العلم لا مجرد المعرفة، أن تتعلم أي أن تكون راسخًا في علمك وليس حفظ كلمتين أو قراءة كتابين أو سماع درسين. بل يحتاج الأمر أن يترسخ في قلبك لكي يكون عقيدة وعلمًا .
2- تحقيق الإيمان واليقين : كيف تكون موقنًا بالشيء؟
بإصلاح المحل القلب عندما يدخل نور العلم إلى القلب القاسي لا يثبت يه لأن الرن قد علاها وأشرب القلب المعاصي. لذا تحتاج إلى تطهير القلب لتثبت فيه المعاني. حينئذ تجد نفسك موقنًا ثابتًا لا تتزعزع ولا تنتابك الشبهات ولا تأخذ بك الريب والشكوك .
3- أن تثبت ولا تتزعزع ، والثبات له أسبابه الكثيرة نذكر منها :
- قول الله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا } الامتثال لما توعظ به والامتثال لأمر الله. لو امتثلت وتأدبت يترسخ الفعل عندك ويصير ثابتًا لا يتزعزع عندك، أما إذا أعرضت وأخذت ما يناسب هواك وعلى حسب الحالة الإيمانية عندك وما يناسب الوسط الاجتماعي ونقول هذا لا ينفع في زماننا .
- يقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } الذكر لصلاحية المحل وتطهير القلب .
4- العدل : أن تكون عادلاً ولا تظلم مثقال ذرة ، ا تظلم نفسك بارتكاب المعاصي فهذا سوف يزعزع ثباتك، فالظلم ظلمات ، ولا تظلم غيرك فإن من أعظم الذنوب تعجيلاً بالعقوبة البغي والعقوق وكن منصفًا .
5- اعط كل ذي حق حقه : هذا المفهوم الماتع في ديننا، قضية التوازن. فإن لأهلك عليك حقًا وإن لنفسك عليك حقًا وإن لجارك عليك حقًا وإن لصديقك عليك حقًا وإن لوالديك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه .
قصص:
- النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان مع زوْجتِه صَفِيَّة مرّ صحابِيان جليلان به في الطريق فقال : { على رِسْلِكما هذه زوْجَتي صَفِيَّة قالوا: أَفيك نشُكّ يا رسول الله ؟ قال لئلا يدْخل الشيطان عليكما فإنَّ الشيطان يَجْري في الإنسان مجْرى الدم } ؛ البيان يطْرد الشيطان ، هناك أُناساً كثيرين تجد أحدهم أكثر مُشكلَتِهِ في صمْتِهِ يسْكت ولا يُوَضِّح قد يكون بريئاً وطاهِراً وسليم الصدر حسَنَ النِيَّة لكنّ صمْتَهُ الدائم هو الذي يُثير حوْله الشبهات ؛ وضِّح، بيِّن .
- إذا اعتقد أن الأجل بحسب العناية بالصحة، والعناية بالصحة واجب، فإذا اعتقد أن الأجل متعلّق بذلك فهذا اعتقادٌ باطل، لأن الإنسان لا يموت إلا إذا انتهى أجله.
أخٌ كريم من إخواننا الكرام حدثني قصة، فقال أنا وُلِدتُ في بيتٍ ولي عمان فوالدي له غرفة، وعمي له غرفة، وعمي الآخر له غرفة، وفي الساعة الرابعة من يوم الثلاثاء ولدت في غرفتنا و الغرفة الملاصقة لها هي غرفة عمي، وفيها زوجته، وقد أصيبت بمرض عضال خطير، وأستُدعي أربعة أطباء لمعالجتها، ومن غرائب المصادفات أن الأطباء الأربعة اتفقوا على أنها لن تعيش أكثر من ساعة. فأنا ولدت وكبرت وترعرعت ودخلت المدرسة، وتخرجت فيها وعملت مع والدي، وتوفي والدي، وتزوجت، وانتقلت من بيت إلى بيت إلى بيت، واشتريت آخر بيت وهو الذي أسكنه وأقيم فيه، وأصبح عمري خمسة وأربعين عاماً وجاءت زوجة عمي لتزورني قبل أيام. فرغم قول الأربعة أطباء أنها ستموت بعد ساعة، فلقد عاشت بعد ذلك خمسة وأربعين عاماً، إذاً كلام الأطباء باطل .
خاتمة :
لن تكون بطلاً إلا إذا استطعت أن تتعرّف إلى الحق، وأن يكون اعتقادك حقاً، وأن يكون كلامُك حقاً، وأن تكون حركتُكَ حقاً ، وإذا كنت تعاني من مشكلات، وأن تفسِّر هذه المعاناة بقلة الحظ، فهذا تفسير باطل، وهناك تفسير آخر أن تقول لي حُسّاد كثيرون رموني بحسدهم، وهذا تفسر باطل أيضاً، لأنَه لا يستطيع أحد أن يَضُرَّ أحداً، إلا إذا كان مستحقاً أو غافلاً، ولكن إذا قلت ما من عثرة، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو الله عنه أكثر، فهذا التفسير حق، وأنت في اليوم الواحد أمام آلاف المقولات الباطلة، فالبطولة أن تتعرف إلى الحق وأن تعتقد الحق، وأن تَنطِق بالحق، ولن تكون على حق إلاّ إذا عرفته، ولن تعتقد به، ولن تَنطِق به إلا إذا عرفته .
فالمسلم يدعو بما شاء مما يناسب اسم الله المبين، لاسيما إن كان مظلوما ولا يجد دليلا لبراءته أو كان عاجزا عن بيان حجته؛ فدعاء المسألة أن يذكر الاسم في دعائه يتقرب به إلى ربه طلبا لحاجته كقوله: اللهم أنت الحق المبين فرج كربي وارفع الظلم عني، ومن دعاء ابن الجوزي: ( لا اله إلا الله توحيدا يباين عقائد المشركين، لا اله إلا الله تنزيها يناقض دعاوى المبطلين، لا اله إلا الله إقرارا بما أنكرته عقول الجاحدين، لا اله إلا الله إيقانا لا يشوبه تردد الشاكين، لا اله إلا الله الملك الحق المبين ) .
وهناك في الكون حقيقة واحدة وهي الله، كل شيء يُقرِّبُكَ منها فهو حق، وكل شيء يُبعِدُكَ عنها فهو باطل، فعليك أن تعرف الله، وأن تعرف منهجه، وأن تُطبّقه، وهذا هو الحق، وما سِوى ذلك كله باطل، والمؤمن يرى بأم عينه، أن الباطل قد يصمد سبعين عاماً وبعدئذ يتهاوى كبيت العنكبوت، لأنه باطل فالفكرة باطلة والمبدأ باطل والتطبيق باطل
{ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }
إن الباطل من صفاته الثابتة أنه زَهَوق، وإن كان الاعتقاد باطلاً فهو زَهَوق، وإن كان السلوك باطلاً فهو زَهَوق .
اللهم أنت المُبين للحق والهادي إليه والمُوَفِّق لإتباعه فاجْعَل بين أيْدِيَنا نوراً من قُرْآنِك وهِدايَةً من بيانِك فإنَّك أنت الحق المُبين .
المعنى اللغوي :
الحق :
حَقّ : ( اسم ) ، الجمع : حُقوق ، و حِقاق .
الحق اسم فاعل، فعله : حقَّ يحقُّ حقًا. يقال حققت الشيء أحقه حقًا إذا تيقنت كونه ووجوده ومطابقته للحقيقة. ويغلق معنى الريبة والشك اللذان يناقضان الإيمان وقد ذكرهما الله في صفات أهل النفاق .
- الحق بمعنى العدل خلاف الباطل والظلم .
- تأتي كلمة الحق في القرآن بمعنى الإسلام والحكمة والعدل والصدق والوحي والقرآن والحقيقة والحساب والجزاء .
المبين :
اسم فاعل من الفعل بان أو أبان ، وأصل البَينُ التميز والظهور، والبُعْد والانفصال، يقال بانَ الحقُّ يَبينُ بَيانا فهو بائنٌ , والبائن أيضا بمعنى الظاهر المبين الواضح .
والبيان : ما يبين به الشيء .
المعنى في حق الله تعالى :
اسم الحق :
- الحقّ : هو المتحقّق وجوده وكونه ، وكل شيء تحقق وجوده وكونه فهو حقّ ، ومنه { الحاقّةُ ما الحاقةُ } أي الكائنة حقاً لا شك في كونها ، وقولهم : الجنة حقّ أي : كائنة ، وكذلك النار .
- الحق أي المتصف بالوجود الدائم والحياة والقيومية والبقاء فلا يلحقه زوال أو فناء ، قال تعالى ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } .
فاسم الحق يقع على ذات الله تعالى وعلى صفاته وأفعاله.
- قال الراغب الأصفهاني. أصل الحق المطابقة والموافقة ويقال على أوجه: الأول: يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة ولهذا قيل في الله تعالى هو الحق ، قال الله تعالى : { ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ } .
الثاني: يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولهذا يقال: فعل الله تعالى كله حق ، قال الله تعالى: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا } إلى قوله { مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ } .
الثالث: في الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه كقولنا اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق.
الرابع: للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب وفي الوقت الذي يجب. كقولنا فعلك حق، وقولك حق، قال الله تعالى : { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ } .
اسم المبين :
المبين : المظهر حكمته بما أبان من تدبيره وأوضح بيناته
- المنفرد بوصفه المباين لخلقة ، الظاهر فوق كل شيء ، له مطلق العلو والفوقية .
- الذي أبان لكل مخلوق علة وجوده وغايته ، وأبان لهم طلاقة قدرته مع بالغ حكمته ، وأبان لهم الأدلة القاطعة على وحدانيته ، وأبان لهم دينهم بأحكام شريعته ، ولا يعذب أحدا من خلقه إلا بعد بيان حجته .
- قال الزجاجي بعد أن بين المعنى اللغوي للاسم : (... فالله تبارك وتعالى المبين لعباده سبيل الرشاد، والموضح لهم الأعمال الموجبة لثوابه والأعمال الموجبة لعقابه، والمبين لهم ما يأتونه ويدرونه ) .
- قال الخطابي: ( "المبين" هو البين أمره في الوحدانية، وأنه لا شريك له ) .
مما سبق يظهر لنا أن (المبين) له معنيان :
الأول: ظهور الله - عز وجل - بظهور الأدلة على وجوده ووحدانيته في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، واستقرار ذلك في العقول والفطر، يضاف إليها الأدلة السمعية التي أنزلها الله -عز وجل- في كتبه وعلى لسان رسله عليهم الصلاة والسلام .
الثاني: إظهار الله -عز وجل- الحق للخلق وإبانته لهم ومن ذلك تعريفه نفسه سبحانه لعباده وإقامته الأدلة الواضحة البينة على كمال أسمائه وصفاته المقتضية لوحدانيته وإفراده وحده بالعبادة .
ورودهما في القرآن الكريم :
ورد اسم الله الحق في القرآن الكريم في عشر آيات منها :
- قال تعالى { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } .
وورد اسمه سبحانه ( المبين ) في القرآن الكريم مرة واحدة :
- في قوله تعالى: { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ } النور : 25 .
وفي السنة :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ : { ..... أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ } صحيح مسلم .
الآثار الإيمانية للاسمين :
1- طلب العلم والرسوخ فيه : العلم لا مجرد المعرفة، أن تتعلم أي أن تكون راسخًا في علمك وليس حفظ كلمتين أو قراءة كتابين أو سماع درسين. بل يحتاج الأمر أن يترسخ في قلبك لكي يكون عقيدة وعلمًا .
2- تحقيق الإيمان واليقين : كيف تكون موقنًا بالشيء؟
بإصلاح المحل القلب عندما يدخل نور العلم إلى القلب القاسي لا يثبت يه لأن الرن قد علاها وأشرب القلب المعاصي. لذا تحتاج إلى تطهير القلب لتثبت فيه المعاني. حينئذ تجد نفسك موقنًا ثابتًا لا تتزعزع ولا تنتابك الشبهات ولا تأخذ بك الريب والشكوك .
3- أن تثبت ولا تتزعزع ، والثبات له أسبابه الكثيرة نذكر منها :
- قول الله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا } الامتثال لما توعظ به والامتثال لأمر الله. لو امتثلت وتأدبت يترسخ الفعل عندك ويصير ثابتًا لا يتزعزع عندك، أما إذا أعرضت وأخذت ما يناسب هواك وعلى حسب الحالة الإيمانية عندك وما يناسب الوسط الاجتماعي ونقول هذا لا ينفع في زماننا .
- يقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } الذكر لصلاحية المحل وتطهير القلب .
4- العدل : أن تكون عادلاً ولا تظلم مثقال ذرة ، ا تظلم نفسك بارتكاب المعاصي فهذا سوف يزعزع ثباتك، فالظلم ظلمات ، ولا تظلم غيرك فإن من أعظم الذنوب تعجيلاً بالعقوبة البغي والعقوق وكن منصفًا .
5- اعط كل ذي حق حقه : هذا المفهوم الماتع في ديننا، قضية التوازن. فإن لأهلك عليك حقًا وإن لنفسك عليك حقًا وإن لجارك عليك حقًا وإن لصديقك عليك حقًا وإن لوالديك عليك حقًا فأعط كل ذي حق حقه .
قصص:
- النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان مع زوْجتِه صَفِيَّة مرّ صحابِيان جليلان به في الطريق فقال : { على رِسْلِكما هذه زوْجَتي صَفِيَّة قالوا: أَفيك نشُكّ يا رسول الله ؟ قال لئلا يدْخل الشيطان عليكما فإنَّ الشيطان يَجْري في الإنسان مجْرى الدم } ؛ البيان يطْرد الشيطان ، هناك أُناساً كثيرين تجد أحدهم أكثر مُشكلَتِهِ في صمْتِهِ يسْكت ولا يُوَضِّح قد يكون بريئاً وطاهِراً وسليم الصدر حسَنَ النِيَّة لكنّ صمْتَهُ الدائم هو الذي يُثير حوْله الشبهات ؛ وضِّح، بيِّن .
- إذا اعتقد أن الأجل بحسب العناية بالصحة، والعناية بالصحة واجب، فإذا اعتقد أن الأجل متعلّق بذلك فهذا اعتقادٌ باطل، لأن الإنسان لا يموت إلا إذا انتهى أجله.
أخٌ كريم من إخواننا الكرام حدثني قصة، فقال أنا وُلِدتُ في بيتٍ ولي عمان فوالدي له غرفة، وعمي له غرفة، وعمي الآخر له غرفة، وفي الساعة الرابعة من يوم الثلاثاء ولدت في غرفتنا و الغرفة الملاصقة لها هي غرفة عمي، وفيها زوجته، وقد أصيبت بمرض عضال خطير، وأستُدعي أربعة أطباء لمعالجتها، ومن غرائب المصادفات أن الأطباء الأربعة اتفقوا على أنها لن تعيش أكثر من ساعة. فأنا ولدت وكبرت وترعرعت ودخلت المدرسة، وتخرجت فيها وعملت مع والدي، وتوفي والدي، وتزوجت، وانتقلت من بيت إلى بيت إلى بيت، واشتريت آخر بيت وهو الذي أسكنه وأقيم فيه، وأصبح عمري خمسة وأربعين عاماً وجاءت زوجة عمي لتزورني قبل أيام. فرغم قول الأربعة أطباء أنها ستموت بعد ساعة، فلقد عاشت بعد ذلك خمسة وأربعين عاماً، إذاً كلام الأطباء باطل .
خاتمة :
لن تكون بطلاً إلا إذا استطعت أن تتعرّف إلى الحق، وأن يكون اعتقادك حقاً، وأن يكون كلامُك حقاً، وأن تكون حركتُكَ حقاً ، وإذا كنت تعاني من مشكلات، وأن تفسِّر هذه المعاناة بقلة الحظ، فهذا تفسير باطل، وهناك تفسير آخر أن تقول لي حُسّاد كثيرون رموني بحسدهم، وهذا تفسر باطل أيضاً، لأنَه لا يستطيع أحد أن يَضُرَّ أحداً، إلا إذا كان مستحقاً أو غافلاً، ولكن إذا قلت ما من عثرة، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو الله عنه أكثر، فهذا التفسير حق، وأنت في اليوم الواحد أمام آلاف المقولات الباطلة، فالبطولة أن تتعرف إلى الحق وأن تعتقد الحق، وأن تَنطِق بالحق، ولن تكون على حق إلاّ إذا عرفته، ولن تعتقد به، ولن تَنطِق به إلا إذا عرفته .
فالمسلم يدعو بما شاء مما يناسب اسم الله المبين، لاسيما إن كان مظلوما ولا يجد دليلا لبراءته أو كان عاجزا عن بيان حجته؛ فدعاء المسألة أن يذكر الاسم في دعائه يتقرب به إلى ربه طلبا لحاجته كقوله: اللهم أنت الحق المبين فرج كربي وارفع الظلم عني، ومن دعاء ابن الجوزي: ( لا اله إلا الله توحيدا يباين عقائد المشركين، لا اله إلا الله تنزيها يناقض دعاوى المبطلين، لا اله إلا الله إقرارا بما أنكرته عقول الجاحدين، لا اله إلا الله إيقانا لا يشوبه تردد الشاكين، لا اله إلا الله الملك الحق المبين ) .
وهناك في الكون حقيقة واحدة وهي الله، كل شيء يُقرِّبُكَ منها فهو حق، وكل شيء يُبعِدُكَ عنها فهو باطل، فعليك أن تعرف الله، وأن تعرف منهجه، وأن تُطبّقه، وهذا هو الحق، وما سِوى ذلك كله باطل، والمؤمن يرى بأم عينه، أن الباطل قد يصمد سبعين عاماً وبعدئذ يتهاوى كبيت العنكبوت، لأنه باطل فالفكرة باطلة والمبدأ باطل والتطبيق باطل
{ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً }
إن الباطل من صفاته الثابتة أنه زَهَوق، وإن كان الاعتقاد باطلاً فهو زَهَوق، وإن كان السلوك باطلاً فهو زَهَوق .
اللهم أنت المُبين للحق والهادي إليه والمُوَفِّق لإتباعه فاجْعَل بين أيْدِيَنا نوراً من قُرْآنِك وهِدايَةً من بيانِك فإنَّك أنت الحق المُبين .