---------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أم سلمة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله
: { يكون اختلاف عند موت خليفة ، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربًا إلى مكة ، فيأتيه ناس من أهل مكة ، فيخرجونه وهو كاره ، فيبايعونه بين الركن والمقام ... الحديث } [ أخرجه أبو داود ] .
فلا شك أن المبايع بين الركن والمقام هو
المهدى – كما سيأتى – وقد نص الحديث على
وجوداختلاف بعد موت خليفة ، فدل على
وجود خلافة قبله ، ويكون فى نهايتها خصام ونزاع ، ثم يأتى هو فى أعقابها ، فيملأ الدنيا عدلًا .
................................................
هذا الحديث من الأحاديث هو أقوى حديث جعل من يقولون بخلافة قبل المهدي يتبنون هذا الرأي لقول أم سلمة نقلا عن رسول الله
وعلى زوجه (موت خليفة)
أُريد أن أوضح أمر هنا قبل أن أبدأ في تكملة نقاش هذا الرأي هنا ألا وهو أني أناقش مسألة وجود خلفاء يكونون على منهاج النبوة ويُمثلون قول رسول الله
ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فهذه هي النقطة التي أناقش فيها والتي أرى أنها لن تكون الخلافة على منهاج النبوة إلا بظهور المهدي
وحتى أوضح سبب تنبيهي هذا سأعود للحديث السابق
فأنا سابقا قد وضحت أن رسول الله
في حديثه تكون خلافة ثم ملك ثم ملك ثم خلافة كان يصف طبيعة الحكم نفسه ومنهجه لا يصف مسميات حاكم كل مرحلة من تلك المراحل
لأنه معروف أن حكام الملك العاض كانت أسمائهم خلفاء وأمراء المؤمنين ومع ذالك وصف مرحلتهم رسول الله
بمرحلة الملك العاض
ومرحلة الملك الجبري أيضا معروف أن أهله لم يكونوا كلهم بمسميات ملوك فهنا الملك وهنا الرئيس وهنا الأمير وهنا السلطان وهنا أمير المؤمنين وغيرها من الألقاب لأولئك الحكام والتي إن اختلفت أسمائهم فطبيعة حكمهم واحدة وهي الملك الجبري
ثم ذكر رسول الله
أنه سيكون بعدهم الخلافة على منهاج النبوة وفبغض النظر عن اسم حاكم أو حكام هذا الزمن إن كان الاسم خليفة أو أمير المؤمنين أو والي المسلمين فحكمه سيكون بطبيعته ومبدأه وقوانينه وطريقة تسيير للأمور حكم على منهاج النبوة
إذا فحديث رسول الله
هذا يصف طبيعة ومنهج الحكم لا يصف مسمى الحاكم لأننا كلنا نعلم أنه منذ خلافة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وحتى العثمانيين كان يُسمى الحاكم بالخليفة .
...................
نعود لحديث أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها
قالت عند موت خليفة
هكذا ورد اللفظ بالنكرة لا بالمعرفة
والفرق بين اللفظين لغويا
هو أنه عندما نقول الخليفة فنحن هنا نُعين رجل معروف الكل يعرفه
بينما إذا ما قُلنا خليفة فهو نكرة ويتعين أنهناك أكثر من خليفة وهو واحد من أولئك فلم يُعين أيهما المقصود هنا
كأن نقول :
أتى رجل(فهنا نكرة ومجهول لا يُعرف أي واحد منهم ويكون واضح أننا قصدنا أحدٌ من الرجال )
بينما إن قلنا أيها الرجل (فهنا عرفنا وعينا ويكون واضح أننا قصدنا الرجل بعينه لا المرأة فهو يشمل كل الرجال)
فكذالك قول الخليفة وخليفة
فلو قيل عند موت الخليفة فهو يعني أنه من تعارف أهل زمانه على حكمه وعلى أنه هو خليفة المسلمين قاطبة فهو مات وعند موته يكو اختلاف ثلاثة
لكنه قيل موت خليفة وهذا يعني أن هناك في نفس العصر أكثر من خليفة وأن واحد من هؤلاء الخلفاء سيموت وواضح من المكان الذي سيختلف فيه الثلاثة عند موته أن هذا الخليفة سيكون على الأقل يحكم منطقة الحجاز في جزيرة العرب
وهنا نستنتج أنه من نص كلام رسول الله
والذي نقلته لنا أم المؤمنين رضي الله عنها أن هناك أكثرمن حاكم بمسمى خليفة في نفس العصر
وهذا يعني أن هناك أكثر من منطقة من مناطق المسلمين سيتسمى فيها الحاكم باسم خليفة
وفي هذا اشارة لرغبة كل واحد من أولئك على أن يكون هو نواة لإقامة الخلافة الإسلامية من جديد
والتي لن تقوم حقا خلافة على منهاج النبوة إلا على يد المهدي كما هو واضح في نفس الحديث
إذ يقول أنه يخرج إلى مكة عائذ فيُخرجه أهل مكة ويُبايعوه وهو مُكره ثم بعد ذلك تتوحد الأمة تحت رايته وتقوم الخلافة على منهاج النبوة
.................................................. .........
وأكرر في الحديث ذُكر خليفة بالتنكير ولم يُذكر الخليفة بالتعريف وهو دلالة على أن هناك أكثر من واحد يُسمى بهذا الإسم وليس هو الخليفة التي توحدت تحت حكمه بلاد الإسلام
ودلالة ما قلت من الأحاديث الواردة سابقا
أولا قوله يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وهذا دليل على أنه يأتي في زمن لا وجود فيه لحكم اسلامي صحيح فالإسلام والظلم لا يجتمعان
ولأنه قال بعد الملك الجبري ستكون الخلافة على منهاج النبوة
وقال عن المهدي أنه يأتي في زمن ملئ بالظلم
ومستحيل أن يجتمع الإسلام والظلم
وليس أي حكم اسلامي بل على منهاج النبوة ولم يقل على منهاج الخلافة الراشدة
بل قال على منهاج النبوة
وهو دليل على تطبيق الشريعة على أصولها
فيكون غير وارد أبدا أن يُقال ملئت جورا في زمن خلافة على منهاج النبوة
ومن استشهد بحادثة علي رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فقد أخطأ القياس
فمعاوية رضي الله عنه لم يكن حكمه على منهاج النبوة أو خلافة راشدة ومع ذالك فقد حكم فعدل ولم يكن هناك ظلما أو جورا على أحد لا تحت حكم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولا تحت حكم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
بينما قيل أنه سيكون جورا وظلما اجتماعيا في عهد ماقبل المهدي وهو ما يستدعي ظهوره
المستدرك على الصحيحين :8438((أخبرني الحسين بن علي بن محمد بن يحيى التميمي ، أنبأ أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن حيدر الحميري بالكوفة ، ثنا القاسم بن خليفة، ثنا أبو يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، ثنا عمر بن عبيد الله العدوي ، عن معاوية بن قرة ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه قال،قال نبي الله
: ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم ، لم يسمع بلاء أشد منه حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة ، وحتى يملأ الأرض جورا وظلما ، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم فيبعث الله عز وجل رجلا من عترتي ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا تدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته ولا السماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عليهم مدرارا ، يعيش فيها سبع سنين أو ثمان أو تسع ، تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره ))-حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه-
فهو ذكر بأبي هو وأمي كلمة سلطانهم ووصفه بالسلطان أي أنه ليس خليفة بل سلطان في حقيقته وهو الذي يكون في وقت خروج المهدي رضي الله عنه
وهو حديث صحيح كما ترين
فإذا الخلافة على منهاج النبوة ستكون مع المهدي والله أعلم
أمّا ما قبل المهدي أياً كانت مسميات أصحاب الحكم إلا أنها من بقية الحكم الجبري والله أعلى وأعلم