سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن الرزق : هل يزيد أو ينقص ؟ وهل هو ما أكل،أو ما ملكه العبد؟ فأجاب رحمه الله تعالى :
الرزق نوعان :
أحدهما : ماعلمه الله أنه يرزقه،فهذا لا يتغير.
والثاني : ما كتبه وأعلم به الملائكة،فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب،فإن العبد يأمر الله الملائكة أن تكتب له رزقا،وإن وصل رحمه زاده الله على ذلك،كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
" من سره أن يبسط له في رزقه
، وينسأ له في أثره
، فليصل رحمه
"، وكذلك عمر داود - عليه السلام - زاد ستين سنة فجعله الله مائة بعد أن كان أربعين. ومن هذا الباب قول عمر -رضي الله عنه :
" اللهم إن كنت كتبتني شقيا فامحني واكتبني سعيدا
،.فإنك تمحو ما تشاء وتثبت
".
ومن هذا الباب : قوله تعالى عن نوح -عليه السلام : ﴿
أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُم ٌْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾
وشواهده كثيرة،والأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه،فإن كان قد تقدم بأنه يرزق العبد بسعيه،واكتسابه، ألهمه السعي،والاكتساب،وذلك الذي قدره له بالاكتساب،لا يحصل بدون الاكتساب،وما قدره له بغير اكتساب كموت موروثه،يأتيه به بغير اكتساب .
والسعي سعيان : سعى فيما نصب للرزق؛ كالصناعة والزراعة والتجارة. وسعي بالدعاء والتوكل والإحسان إلى الخلق،ونحو ذلك،فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
"
أمطري لؤلؤا جبال سرنـديب
وفيضي آبار تكرور تبـرا
أنا إن عشت لست اعدم قوتا
وإذا مت لست اعدم قبـرا
همتـي همة الملوك ونـفسـي
نفس حر ترى المذلة كفـرا
وإذا ما قنعت بالقـوت عمري
فلماذا أزور زيـدا وعمـرا
اﻹمام الشافعي رحمه الله