- إنضم
- 5 أكتوبر 2013
- المشاركات
- 7,995
- التفاعل
- 24,082
- النقاط
- 122
اسمي الله ( الحكيم - الحكم )
- الحكيم -
لاسم الحكيم معانٍ ثلاثة أساسية :
المعنى الأول:
اسم الحكيم على وزن فعيل، بمعنى مُفعل تقول جرح أليم بمعنى مؤلم، وفعيل بمعنى مُفعل، فحكيم بمعنى مُحكم ومعنى المُحكم المُتقن، والمتقن هو المقدِّر التقدير الصحيح . فلذلك معنى حكيم أي مُحكِم، ومعنى مُحكِم أي مُتقن، وأصل الإتقان من دقة التقدير، إذاً: ربنا عز وجل خلق كل شيء فقدره تقديراً .
الحكيم هو : الحكيم في أفعاله وأقواله وقدره، فيضع الأشياء في محالها بحكمته وعدله .
المعنى الثاني:
الحِكمة عبارة عن معرفة أفضل المعلومات بأفضل العلوم، فهناك عِلمٌ مُطلق، والإنسان مهما تعلّم فإنه يقف على شاطئ بحر العلم، قال تعالى { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ }
مهما تعلّم العالم المؤمن وارتقى علمه فإنه يقول: لم تبتل بعد قدماي ببحر المعرفة، ومن علامة العالِم الحقيقي أنه متواضعٌ، وكلما ازداد علماً ازداد تواضعاً .
المعنى الثالث:
الحكيم هو الذي يتنزّه عن فِعل ما لا ينبغي، يعني هو الذي يضع الشيء المُناسب بالقَدَر المُناسب وفي الوقت المُناسب وبالمكان المُناسب .
لنتدبر الآن معاني الحكمة والحكيم بالمفهوم القرآني :
المفهوم العام لكلمة حكمة :
هي اكتساب العلم من التعلم أو من التجارب ، ويكون صاحب العلم حكيما .
الحكمة بالمفهوم الشرعي :
هي وحي من العلوم والمعارف والشرائع والعبادات والحدود السماوية المنزلة يوحي به الله تعالى لأنبيائه ورسله ومن شاء من العباد وكافة المخلوقات قال تعالى { يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ }
وإتيانها يكون وحيا والحكمة المؤتاة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في تعريفها الشرعي هي السنة النبوية المطهرة بدليل قوله تعالى { وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } .
والله الحكيم :
هو كامل الحكمة المقترنة بالعزة والخبرة والتوب والعلم والحمد والسعة بدليل قوله في الآيات
"العزيز الحكيم - العليم الحكيم - الحكيم الخبير - واسع حكيم - تواب حكيم - حكيم حميد "
واسع الحمد، تام القدرة ، غزير الرحمة فهو الذي يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وأمره، فلا يتوجه إليه سؤال، ولا يقدح في حكمته مقال
هو الله (الحكيم ) الموصوف بكمال الحكمة وبكمال الحكم بين المخلوقات، فالحكيم هو واسع العلم والإطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها ، واسع الحمد، تام القدرة ، غزير الرحمة فهو الذي يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وأمره، فلا يتوجه إليه سؤال، ولا يقدح في حكمته مقال .
معنى الحكيم في أقوال العلماء :
فقد بين لنا الإمام البيهقي معنى الحكيم في كتابه الأسماء والصفات فقال قَالَ الْحَلِيمِيُّ :
مَعْنَى الْحَكِيمِ : الَّذِي لا يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ إِلاَّ الصَّوَاب ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ لأَنَّ أَفْعَالَهُ سَدِيدَةٌ ، وَصُنْعَهُ مُتْقَنٌ .
وقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ :
الْحَكِيمُ هُوَ الْمُحْكِمُ لِخَلْقِ الأَشْيَاءِ صُرِّفَ عَنْ مِفْعَلٍ إِلَى فَعِيلٍ، وَمَعْنَى الإِحْكَامِ لِخَلْقِ الأَشْيَاءِ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى إِتْقَانِ التَّدْبِيرِ فِيهَا
وقال الطبري في التفسير :
وهو الحكيم في تدبير خلقه ، وتسخيرهم لما يشاء ، العليم بمصالحهم .
وقال ابن كثير :
حكيم في أقواله وأفعاله .
وحكمته نوعان :
أحدهما : الحكمة في خلقه، فإنه خلق الخلق بالحق ومشتملاً على الحق، وكان غايته والمقصود به الحق، خلق المخلوقات كلها بأحسن نظام ، ورتبها أكمل ترتيب ، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات وكل عضو من أعضاء الحيوانات خلقته وهيئته ، فلا يرى أحد في خلقه خللاً، ولا نقصاً ، ولا فطوراً ، فلو اجتمعت عقول الخلق من أولهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلق الرحمن أو ما يقارب ما أودعه في الكائنات من الحسن والانتظام والإتقان لم يقدروا .
النوع الثاني : الحكمة في شرعه وأمره ، فإنه الله شرع الشرائع ، وأنزل الكتب ، وأرسل الرسل ليعرفه العباد ويعبدوه ، فأي حكمه أجلّ من هذا ، وأي فضل وكرم أعظم من هذا، فأن معرفته الله وعبادته وحده لا شريك له ، وإخلاص العمل له وحمده، وشكره والثناء عليه أفضل العطايا منه لعباده على الإطلاق ، وأجلُّ الفضائل لمن يمنَّ الله عليه بها. وأكمل سعادة وسرور للقلوب والأرواح ، كما أنها هي السبب الوحيد للوصول إلى السعادة الأبدية والنعيم الدائم ، فلو لم يكن في أمره وشرعه، إلا هذه الحكمة العظيمة التي هي أصل الخيرات، وأكمل اللذات ، ولأجلها خلقت الخليقة وحق الجزاء وخلقت الجنة والنار ، لكانت كافية شافية .
وروده في القران :
ورد اسم الحكيم علما مطلقا معرفا في القران كإسم من أسماء الله الحسنى,38 مرة , ووردت صفة حكيم 40 مرة :
وقد اقترن في أكثرها بالعزيز والعليم، مما يدل على أن حكمته صادرة عن عزة وعلم، قال تعالى : { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }.
وقال { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }.
وورد مع اسم الخبير فقال : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } .
ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم :
أولًا : أن الأحكام الشرعية في الإسلام من لدن حكيم خبير، وما جاءت إلا لإسعاد البشرية، فليس هناك أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين، قال تعالى : { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ }
ثانيًا : أن الله حكيم في أقداره، فما يقدره الله تعالى على العباد من خير أو شر إنما هو لحكمة بالغة، وتدبير حكيم، قال تعالى : { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ }
ثالثًا : أن كلام الله حكيم ومحكم، وكيف لا يكون بهذه الصفة وهو كلام أحكم الحاكمين ورب العالمين، وقد وصف الله القرآن العظيم، وهو كلامه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه حكيم ومحكم في ثمان آيات منها قوله تعالى : { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } .
فالقرآن حكيم في أسلوبه الرائع، حكيم في تشريعاته، حكيم في أمره ونهيه، حكيم في قصصه وأخباره، حكيم في كل ما اشتمل عليه .
رابعًا : أن الله يؤتي الحكمة من يشاء، قال تعالى : { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } .
تنوعت عبارات المفسرين في المراد بالحكمة، وقد اختصرها بعضهم بقوله : "يؤتي الله إصابة الصواب في القول والفعل من يشاء، ومن يؤته الله ذلك فقد آتاه خيرًا كثيرًا "
خامسًا: خلق الله - سبحانه وتعالى - محكم، لا خلل فيه ولا قصور، قال تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } .
سادسًا : أن الله سبحانه خلق الخلق لحكمة عظيمة، وهي عبادته سبحانه قال تعالى { مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } .
سابعًا : كراهة التكني بأبي الحكم، روى أبو داود في سننه من حديث هانئ بن يزيد : أنه لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: { إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنّيت بأبي الحكم ؟ فقال : إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ما أحسن هذا!، فما لك من الولد ؟ قال : لي شريح، ومسلم، وعبد الله، قال: " فمن أكبرهم؟ " قلت : شريح ، قال : " فأنت أبو شريح " } .
رأس الحكمة مخافة الله :
إن لم تخف الله عز وجل فأنت لا تعرف من الحكمة شيئاً .
الكيّس العاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، فالعاجز يعيش لحظته، ويعيش حظوظه، وميوله، و رغباته، أما الكيّس فيعيش حياة ما بعد الموت يُعِدُّ لها منذ الآن . ما قلَّ وكفى خير مما كثُرَ وألهى .
إذ غاية كل حاجاتك أن تكون صحيح البدن مكتفياً، تقطُن في بيت، الحاجات الأساسية فيه موفورة ! هذا هو الغِنى، أمّا أن تفهم الغِنى أن يزداد الرقم الذي تملكه، فهذا ليس هو الغِنى .
كُن ورعاً تكن أعبدَ الناس، وكُن قانعاً تكُن أشكر الناس، ومن حُسِنِ إسلام المرء تركُهُ مالا يعنيه، والسعيد من وُعِظَ بغيره، والصمت حِكمة وقليلٌ فاعِلُهُ، والقناعة كنز لا ينفد، والصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله، وهذه كلها من حكمة النبي عليه الصلاة والسلام .
قد يتساءل انسان: لماذا فلان كان عقيماً ؟ لحِكمة بالغة.. ولماذا فلان مات في سن مبكرة ؟ لحِكمة بالغة.. لماذا فلان عاش عمراً مديداً ؟ لحِكمة بالغة.. ولماذا فلان كان غنياً ؟ لحِكمة بالغة ولماذا فلان كان فقيراً ؟ لحِكمة بالغة.. فأنا أذكر كل هذا وأنا واثق مما أقوله، وأي شيء أعجبك أو لم يعجبك فقل لابد من حِكمة بالغة، لأنَّ الله سبحانه وتعالى لا يُمكن أن يتصرّف بلا حِكمة، لأنه عليم، ولأنه واحد ولأنه موجود ولأنه كامل .
موجود واجب الوجود، فإذا قلت أين الله ؟.. فسؤالك يعني أنه غير موجود.. بل هو موجود { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ } .
امثله :
والحِكمة يمكن أن يؤتها الإنسان، لو أنَّ الله عز وجل آتاك أجمل امرأة في الأرض ولم يؤتِكَ الحِكمة لجعلتها أسوأ امرأة، ولو أعطاك مال قارون ولم يؤتِكَ الحِكمة لبُدِّد هذا المال ولكان حسرةً عليك يوم القيامة، ولو أعطاك صِحةً رائعة ولم يؤتِكَ الحِكمة لاستهلكت هذه الصحة في سفاسف الأمور، و لو أعطاك أولاداً نجباء ولم تكن حكيماً لكانوا زادك إلى النار. فأي شيء إذا أُعطيته من دون حِكمة كان حسرةً عليك يوم القيامة . فأنت بالحِكمة يمكن أن تكون أسعد الناس بدخلٍ قليل، وبالحُمق تشقى بالدخل الكثير .
- فتاة نالت شهادة ثانوية وهي تبحث عن وظيفة، هناك مسابقة لوظيفة معلمة فتقدمت إليها، فطولبت بشهادة صحية فتوجهت إلى مستشفى حكومي لتفحص صدرها، فجاءت النتيجة أنها مصابة بمرض السل ! بكت وبكت وبكى من حولها، ومن حولها خافوا من العدوى فابتعدوا عنها وتركوها تأكل وحدها، وأعطوها أدوات خاصة بها، وتوجّسوا منها خيفة وازدادت بهذه العزلة ألماً إلى أن قررت أن تتوب إلى الله، وأن تصلي وأن تتحجب، ثم راجع أخوها المستشفى بعد حين، فإذا هم يعتذرون إذ هذه النتيجة ليست لها بل لغيرها، فهي سليمة! خطأ الموظف إذاً وظفه الله عز وجل كي تتوب هذه الفتاة .
وقيسوا على ذلك .
فإذا علم العبد أن الحكيم - سبحانه وتعالى- هو المدبر للأمور المتقن لها والموجد لها على غاية الإحكام والإتقان والكمال، والواضع للأشياء في مواضعها، والعالم بخواصها ومنافعها الخبير بحقائقها ومآلاتها.. فإذا عرف العبد ذلك وتيقن هذا المعنى وأن كل ما يجري في هذا الكون هو لحكمة بالغة أرادها الله تبارك وتعالى- علم هذه الحكمة من علمها وجهلها من جهلها- كان لهذه المعرفة الأثر البالغ في حياته وتصرفاته ونظرته للكون والحياة وعاش مطمئن القلب قرير العين مفوضا الأمر كله إلى الله تعالى متقنا لعمله محسنا لعبادته، ومتيقنا أن كل ما يجري في الكون والحياة هو من تقدير الحكيم العليم اللطيف الخبير الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه .
- الحكيم -
لاسم الحكيم معانٍ ثلاثة أساسية :
المعنى الأول:
اسم الحكيم على وزن فعيل، بمعنى مُفعل تقول جرح أليم بمعنى مؤلم، وفعيل بمعنى مُفعل، فحكيم بمعنى مُحكم ومعنى المُحكم المُتقن، والمتقن هو المقدِّر التقدير الصحيح . فلذلك معنى حكيم أي مُحكِم، ومعنى مُحكِم أي مُتقن، وأصل الإتقان من دقة التقدير، إذاً: ربنا عز وجل خلق كل شيء فقدره تقديراً .
الحكيم هو : الحكيم في أفعاله وأقواله وقدره، فيضع الأشياء في محالها بحكمته وعدله .
المعنى الثاني:
الحِكمة عبارة عن معرفة أفضل المعلومات بأفضل العلوم، فهناك عِلمٌ مُطلق، والإنسان مهما تعلّم فإنه يقف على شاطئ بحر العلم، قال تعالى { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ }
مهما تعلّم العالم المؤمن وارتقى علمه فإنه يقول: لم تبتل بعد قدماي ببحر المعرفة، ومن علامة العالِم الحقيقي أنه متواضعٌ، وكلما ازداد علماً ازداد تواضعاً .
المعنى الثالث:
الحكيم هو الذي يتنزّه عن فِعل ما لا ينبغي، يعني هو الذي يضع الشيء المُناسب بالقَدَر المُناسب وفي الوقت المُناسب وبالمكان المُناسب .
لنتدبر الآن معاني الحكمة والحكيم بالمفهوم القرآني :
المفهوم العام لكلمة حكمة :
هي اكتساب العلم من التعلم أو من التجارب ، ويكون صاحب العلم حكيما .
الحكمة بالمفهوم الشرعي :
هي وحي من العلوم والمعارف والشرائع والعبادات والحدود السماوية المنزلة يوحي به الله تعالى لأنبيائه ورسله ومن شاء من العباد وكافة المخلوقات قال تعالى { يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ }
وإتيانها يكون وحيا والحكمة المؤتاة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في تعريفها الشرعي هي السنة النبوية المطهرة بدليل قوله تعالى { وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } .
والله الحكيم :
هو كامل الحكمة المقترنة بالعزة والخبرة والتوب والعلم والحمد والسعة بدليل قوله في الآيات
"العزيز الحكيم - العليم الحكيم - الحكيم الخبير - واسع حكيم - تواب حكيم - حكيم حميد "
واسع الحمد، تام القدرة ، غزير الرحمة فهو الذي يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وأمره، فلا يتوجه إليه سؤال، ولا يقدح في حكمته مقال
هو الله (الحكيم ) الموصوف بكمال الحكمة وبكمال الحكم بين المخلوقات، فالحكيم هو واسع العلم والإطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها ، واسع الحمد، تام القدرة ، غزير الرحمة فهو الذي يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وأمره، فلا يتوجه إليه سؤال، ولا يقدح في حكمته مقال .
معنى الحكيم في أقوال العلماء :
فقد بين لنا الإمام البيهقي معنى الحكيم في كتابه الأسماء والصفات فقال قَالَ الْحَلِيمِيُّ :
مَعْنَى الْحَكِيمِ : الَّذِي لا يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ إِلاَّ الصَّوَاب ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ لأَنَّ أَفْعَالَهُ سَدِيدَةٌ ، وَصُنْعَهُ مُتْقَنٌ .
وقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ :
الْحَكِيمُ هُوَ الْمُحْكِمُ لِخَلْقِ الأَشْيَاءِ صُرِّفَ عَنْ مِفْعَلٍ إِلَى فَعِيلٍ، وَمَعْنَى الإِحْكَامِ لِخَلْقِ الأَشْيَاءِ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى إِتْقَانِ التَّدْبِيرِ فِيهَا
وقال الطبري في التفسير :
وهو الحكيم في تدبير خلقه ، وتسخيرهم لما يشاء ، العليم بمصالحهم .
وقال ابن كثير :
حكيم في أقواله وأفعاله .
وحكمته نوعان :
أحدهما : الحكمة في خلقه، فإنه خلق الخلق بالحق ومشتملاً على الحق، وكان غايته والمقصود به الحق، خلق المخلوقات كلها بأحسن نظام ، ورتبها أكمل ترتيب ، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات وكل عضو من أعضاء الحيوانات خلقته وهيئته ، فلا يرى أحد في خلقه خللاً، ولا نقصاً ، ولا فطوراً ، فلو اجتمعت عقول الخلق من أولهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلق الرحمن أو ما يقارب ما أودعه في الكائنات من الحسن والانتظام والإتقان لم يقدروا .
النوع الثاني : الحكمة في شرعه وأمره ، فإنه الله شرع الشرائع ، وأنزل الكتب ، وأرسل الرسل ليعرفه العباد ويعبدوه ، فأي حكمه أجلّ من هذا ، وأي فضل وكرم أعظم من هذا، فأن معرفته الله وعبادته وحده لا شريك له ، وإخلاص العمل له وحمده، وشكره والثناء عليه أفضل العطايا منه لعباده على الإطلاق ، وأجلُّ الفضائل لمن يمنَّ الله عليه بها. وأكمل سعادة وسرور للقلوب والأرواح ، كما أنها هي السبب الوحيد للوصول إلى السعادة الأبدية والنعيم الدائم ، فلو لم يكن في أمره وشرعه، إلا هذه الحكمة العظيمة التي هي أصل الخيرات، وأكمل اللذات ، ولأجلها خلقت الخليقة وحق الجزاء وخلقت الجنة والنار ، لكانت كافية شافية .
وروده في القران :
ورد اسم الحكيم علما مطلقا معرفا في القران كإسم من أسماء الله الحسنى,38 مرة , ووردت صفة حكيم 40 مرة :
وقد اقترن في أكثرها بالعزيز والعليم، مما يدل على أن حكمته صادرة عن عزة وعلم، قال تعالى : { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }.
وقال { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }.
وورد مع اسم الخبير فقال : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } .
ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم :
أولًا : أن الأحكام الشرعية في الإسلام من لدن حكيم خبير، وما جاءت إلا لإسعاد البشرية، فليس هناك أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين، قال تعالى : { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ }
ثانيًا : أن الله حكيم في أقداره، فما يقدره الله تعالى على العباد من خير أو شر إنما هو لحكمة بالغة، وتدبير حكيم، قال تعالى : { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ }
ثالثًا : أن كلام الله حكيم ومحكم، وكيف لا يكون بهذه الصفة وهو كلام أحكم الحاكمين ورب العالمين، وقد وصف الله القرآن العظيم، وهو كلامه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه حكيم ومحكم في ثمان آيات منها قوله تعالى : { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } .
فالقرآن حكيم في أسلوبه الرائع، حكيم في تشريعاته، حكيم في أمره ونهيه، حكيم في قصصه وأخباره، حكيم في كل ما اشتمل عليه .
رابعًا : أن الله يؤتي الحكمة من يشاء، قال تعالى : { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } .
تنوعت عبارات المفسرين في المراد بالحكمة، وقد اختصرها بعضهم بقوله : "يؤتي الله إصابة الصواب في القول والفعل من يشاء، ومن يؤته الله ذلك فقد آتاه خيرًا كثيرًا "
خامسًا: خلق الله - سبحانه وتعالى - محكم، لا خلل فيه ولا قصور، قال تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } .
سادسًا : أن الله سبحانه خلق الخلق لحكمة عظيمة، وهي عبادته سبحانه قال تعالى { مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } .
سابعًا : كراهة التكني بأبي الحكم، روى أبو داود في سننه من حديث هانئ بن يزيد : أنه لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: { إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنّيت بأبي الحكم ؟ فقال : إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ما أحسن هذا!، فما لك من الولد ؟ قال : لي شريح، ومسلم، وعبد الله، قال: " فمن أكبرهم؟ " قلت : شريح ، قال : " فأنت أبو شريح " } .
رأس الحكمة مخافة الله :
إن لم تخف الله عز وجل فأنت لا تعرف من الحكمة شيئاً .
الكيّس العاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، فالعاجز يعيش لحظته، ويعيش حظوظه، وميوله، و رغباته، أما الكيّس فيعيش حياة ما بعد الموت يُعِدُّ لها منذ الآن . ما قلَّ وكفى خير مما كثُرَ وألهى .
إذ غاية كل حاجاتك أن تكون صحيح البدن مكتفياً، تقطُن في بيت، الحاجات الأساسية فيه موفورة ! هذا هو الغِنى، أمّا أن تفهم الغِنى أن يزداد الرقم الذي تملكه، فهذا ليس هو الغِنى .
كُن ورعاً تكن أعبدَ الناس، وكُن قانعاً تكُن أشكر الناس، ومن حُسِنِ إسلام المرء تركُهُ مالا يعنيه، والسعيد من وُعِظَ بغيره، والصمت حِكمة وقليلٌ فاعِلُهُ، والقناعة كنز لا ينفد، والصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله، وهذه كلها من حكمة النبي عليه الصلاة والسلام .
قد يتساءل انسان: لماذا فلان كان عقيماً ؟ لحِكمة بالغة.. ولماذا فلان مات في سن مبكرة ؟ لحِكمة بالغة.. لماذا فلان عاش عمراً مديداً ؟ لحِكمة بالغة.. ولماذا فلان كان غنياً ؟ لحِكمة بالغة ولماذا فلان كان فقيراً ؟ لحِكمة بالغة.. فأنا أذكر كل هذا وأنا واثق مما أقوله، وأي شيء أعجبك أو لم يعجبك فقل لابد من حِكمة بالغة، لأنَّ الله سبحانه وتعالى لا يُمكن أن يتصرّف بلا حِكمة، لأنه عليم، ولأنه واحد ولأنه موجود ولأنه كامل .
موجود واجب الوجود، فإذا قلت أين الله ؟.. فسؤالك يعني أنه غير موجود.. بل هو موجود { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ } .
امثله :
والحِكمة يمكن أن يؤتها الإنسان، لو أنَّ الله عز وجل آتاك أجمل امرأة في الأرض ولم يؤتِكَ الحِكمة لجعلتها أسوأ امرأة، ولو أعطاك مال قارون ولم يؤتِكَ الحِكمة لبُدِّد هذا المال ولكان حسرةً عليك يوم القيامة، ولو أعطاك صِحةً رائعة ولم يؤتِكَ الحِكمة لاستهلكت هذه الصحة في سفاسف الأمور، و لو أعطاك أولاداً نجباء ولم تكن حكيماً لكانوا زادك إلى النار. فأي شيء إذا أُعطيته من دون حِكمة كان حسرةً عليك يوم القيامة . فأنت بالحِكمة يمكن أن تكون أسعد الناس بدخلٍ قليل، وبالحُمق تشقى بالدخل الكثير .
- فتاة نالت شهادة ثانوية وهي تبحث عن وظيفة، هناك مسابقة لوظيفة معلمة فتقدمت إليها، فطولبت بشهادة صحية فتوجهت إلى مستشفى حكومي لتفحص صدرها، فجاءت النتيجة أنها مصابة بمرض السل ! بكت وبكت وبكى من حولها، ومن حولها خافوا من العدوى فابتعدوا عنها وتركوها تأكل وحدها، وأعطوها أدوات خاصة بها، وتوجّسوا منها خيفة وازدادت بهذه العزلة ألماً إلى أن قررت أن تتوب إلى الله، وأن تصلي وأن تتحجب، ثم راجع أخوها المستشفى بعد حين، فإذا هم يعتذرون إذ هذه النتيجة ليست لها بل لغيرها، فهي سليمة! خطأ الموظف إذاً وظفه الله عز وجل كي تتوب هذه الفتاة .
وقيسوا على ذلك .
فإذا علم العبد أن الحكيم - سبحانه وتعالى- هو المدبر للأمور المتقن لها والموجد لها على غاية الإحكام والإتقان والكمال، والواضع للأشياء في مواضعها، والعالم بخواصها ومنافعها الخبير بحقائقها ومآلاتها.. فإذا عرف العبد ذلك وتيقن هذا المعنى وأن كل ما يجري في هذا الكون هو لحكمة بالغة أرادها الله تبارك وتعالى- علم هذه الحكمة من علمها وجهلها من جهلها- كان لهذه المعرفة الأثر البالغ في حياته وتصرفاته ونظرته للكون والحياة وعاش مطمئن القلب قرير العين مفوضا الأمر كله إلى الله تعالى متقنا لعمله محسنا لعبادته، ومتيقنا أن كل ما يجري في الكون والحياة هو من تقدير الحكيم العليم اللطيف الخبير الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه .