حينما نشرع في تدبر قوله"وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا"

  • انت....زائر..... هل ذكرت الله اليوم...... هل صليت على نبي الله اليوم ابدا الان وسجل ما يسرك ان تلقى الله به
  • سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم واستغفر الله
  • اللهم ان ظلمت من ضعفي فانصرني بقوتك
  • اللهم إني أسألُك من فضلِك و رحمتِك ؛ فإنَّه لا يملُكها إلا أنت
  • أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي وفي رواية لكل مسلم رواه أحمد عن أبي أمامة الباهلي والحكيم وأبو نعيم
  • {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (255) سورة البقرة
  • أربع خصال واحدة فيما بيني وبينك وواحدة فيما بينك وبين عبادي وواحدة لي وواحدة لك فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك فما عملت من خير جزيتك به وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بينك وبين عبادي ترضى لهم ما ترضى لنفسك رواه أبو نعيم عن أنس
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الحديث بتمعن.......................... إﻧﻤﺎ أﺗﻘﺒﻞ اﻟﺼﻼة ﻣﻤﻦ ﺗﻮاﺿﻊ ﺑﮭﺎ ﻟﻌﻈﻤﺘﻲ وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻲ وﻟﻢ ﯾﺒﺖ ﻣﺼﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺼﯿﺘﻲ وﻗﻄﻊ ﻧﮭﺎره ﻓﻲ ذﻛﺮي ورﺣ ﻢ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ واﺑﻦ اﻟﺴﺒﯿﻞ واﻷرﻣﻠﺔ ورﺣﻢ اﻟﻤﺼﺎب ذﻟﻚ ﻧﻮره ﻛﻨﻮر اﻟﺸﻤﺲ أﻛﻠﺆه ﺑﻌﺰﺗﻲ وأﺳﺘﺤﻔﻈﮫ ﺑﻤﻼﺋﻜﺘﻲ أﺟﻌﻞ ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻤﺔ ﻧﻮرا وﻓﻲ اﻟﺠﮭﺎﻟﺔ ﺣﻠﻤﺎ وﻣﺜﻠﮫ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻲ ﻛﻤﺜﻞ اﻟﻔﺮدوس ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ رواه اﻟﺒﺰار ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس
  • بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)
  • قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)
  • سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت : 53]
  • أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما خلق، و برأ و ذرأ، و من شر ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها و من شر ما ذرأ في الأرض و من شر ما يخرج منها، و من شر فتن الليل و النهار و من شر كل طارق، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان". رواه أحمد.
  • وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (98) سورة المؤمنون
  • عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتخرج الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أوثمانيا، -يعني حججاً-. رواه الحاكم
  • عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة. رواه أبو داود وابن ماجه
  • في رواية لأبي داود: لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا .
  • قال ﷺ : " اللهم فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، ربَّ كلِّ شيء ومليكَه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شرِّ نفْسي، وشرِّ الشيطان، وشِرْكَْه ، وأن أقترف على نفسي سوءًا، أو أجرّه إلى مسلم "
  • من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته ثواب الشاكرين رواه ابن حذيفة عن شاهين عن أبي سعيد الخدري
  • وعزتي وجلالي ورحمتي لا أدع في النار أحدا قال لا إله إلا الله رواه تمام عن أنس بن مالك
  • اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، أرحم الراحمين ، أنت أرحم الراحمين ، إلى من تكلني ، إلى عدو يتجهمني ، أو إلى قريب ملكته أمري ، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن تنزل بي غضبك ، أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ) رواه الطبراني
  • اللهم اني مغلوب فانتصر
  • وانذر عشيرتك الأقربين ----------- اللهم فاشهد انني بلغت وحذرت
  • اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا الدعاء ... اللهم انك اقدرت بعض خلقك على السحر والشر ولكنك احتفظت لذاتك باذن الضر اللهم اعوذ بما احتفظت به مما اقدرت عليه شرار خلقك بحق قولك وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
  • اللهم انت خلقتني وانت تهديني وانت تطعمني وانت تسقيني وانت تميتني وانت تحييني ***** لا اله الا الله******
  • إلهي عبد من عبادك ، غريب في بلادك ، لو علمت أن عذابي يزيد في ملكك ، وعفوك عني ينقص من ملكك لما سألتك المغفرة ، وليس لي ملجأ ولا رجاء إلا أنت ، وقد سمعت فيما أنزلت أنك قلت : إني أنا الغفور الرحيم ، فلا تخيب رجائي.
  • يا ........ زائر .........................هلا تقرا القران.......................... ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد.................. ............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد .............................. ﷽ قل هو ﷲ أحد۝ﷲ الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوا أحد
اسمي الله ( الحكيم - الحكم )

- الحكيم -
لاسم الحكيم معانٍ ثلاثة أساسية :

المعنى الأول:

اسم الحكيم على وزن فعيل، بمعنى مُفعل تقول جرح أليم بمعنى مؤلم، وفعيل بمعنى مُفعل، فحكيم بمعنى مُحكم ومعنى المُحكم المُتقن، والمتقن هو المقدِّر التقدير الصحيح . فلذلك معنى حكيم أي مُحكِم، ومعنى مُحكِم أي مُتقن، وأصل الإتقان من دقة التقدير، إذاً: ربنا عز وجل خلق كل شيء فقدره تقديراً .

الحكيم هو : الحكيم في أفعاله وأقواله وقدره، فيضع الأشياء في محالها بحكمته وعدله .

المعنى الثاني:
الحِكمة عبارة عن معرفة أفضل المعلومات بأفضل العلوم، فهناك عِلمٌ مُطلق، والإنسان مهما تعلّم فإنه يقف على شاطئ بحر العلم، قال تعالى { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ }
مهما تعلّم العالم المؤمن وارتقى علمه فإنه يقول: لم تبتل بعد قدماي ببحر المعرفة، ومن علامة العالِم الحقيقي أنه متواضعٌ، وكلما ازداد علماً ازداد تواضعاً .


المعنى الثالث:
الحكيم هو الذي يتنزّه عن فِعل ما لا ينبغي، يعني هو الذي يضع الشيء المُناسب بالقَدَر المُناسب وفي الوقت المُناسب وبالمكان المُناسب .

لنتدبر الآن معاني الحكمة والحكيم بالمفهوم القرآني :
المفهوم العام لكلمة حكمة :
هي اكتساب العلم من التعلم أو من التجارب ، ويكون صاحب العلم حكيما .

الحكمة بالمفهوم الشرعي :
هي وحي من العلوم والمعارف والشرائع والعبادات والحدود السماوية المنزلة يوحي به الله تعالى لأنبيائه ورسله ومن شاء من العباد وكافة المخلوقات قال تعالى { يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ }
وإتيانها يكون وحيا والحكمة المؤتاة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في تعريفها الشرعي هي السنة النبوية المطهرة بدليل قوله تعالى { وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } .


والله الحكيم :
هو كامل الحكمة المقترنة بالعزة والخبرة والتوب والعلم والحمد والسعة بدليل قوله في الآيات
"العزيز الحكيم - العليم الحكيم - الحكيم الخبير - واسع حكيم - تواب حكيم - حكيم حميد "
واسع الحمد، تام القدرة ، غزير الرحمة فهو الذي يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وأمره، فلا يتوجه إليه سؤال، ولا يقدح في حكمته مقال

هو الله (الحكيم ) الموصوف بكمال الحكمة وبكمال الحكم بين المخلوقات، فالحكيم هو واسع العلم والإطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها ، واسع الحمد، تام القدرة ، غزير الرحمة فهو الذي يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وأمره، فلا يتوجه إليه سؤال، ولا يقدح في حكمته مقال .


معنى الحكيم في أقوال العلماء :
فقد بين لنا الإمام البيهقي معنى الحكيم في كتابه الأسماء والصفات فقال قَالَ الْحَلِيمِيُّ :
مَعْنَى الْحَكِيمِ : الَّذِي لا يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ إِلاَّ الصَّوَاب ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ لأَنَّ أَفْعَالَهُ سَدِيدَةٌ ، وَصُنْعَهُ مُتْقَنٌ .

وقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ :
الْحَكِيمُ هُوَ الْمُحْكِمُ لِخَلْقِ الأَشْيَاءِ صُرِّفَ عَنْ مِفْعَلٍ إِلَى فَعِيلٍ، وَمَعْنَى الإِحْكَامِ لِخَلْقِ الأَشْيَاءِ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى إِتْقَانِ التَّدْبِيرِ فِيهَا

وقال الطبري في التفسير :
وهو الحكيم في تدبير خلقه ، وتسخيرهم لما يشاء ، العليم بمصالحهم .

وقال ابن كثير :
حكيم في أقواله وأفعاله .

وحكمته نوعان :
أحدهما : الحكمة في خلقه، فإنه خلق الخلق بالحق ومشتملاً على الحق، وكان غايته والمقصود به الحق، خلق المخلوقات كلها بأحسن نظام ، ورتبها أكمل ترتيب ، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات وكل عضو من أعضاء الحيوانات خلقته وهيئته ، فلا يرى أحد في خلقه خللاً، ولا نقصاً ، ولا فطوراً ، فلو اجتمعت عقول الخلق من أولهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلق الرحمن أو ما يقارب ما أودعه في الكائنات من الحسن والانتظام والإتقان لم يقدروا .

النوع الثاني : الحكمة في شرعه وأمره ، فإنه الله شرع الشرائع ، وأنزل الكتب ، وأرسل الرسل ليعرفه العباد ويعبدوه ، فأي حكمه أجلّ من هذا ، وأي فضل وكرم أعظم من هذا، فأن معرفته الله وعبادته وحده لا شريك له ، وإخلاص العمل له وحمده، وشكره والثناء عليه أفضل العطايا منه لعباده على الإطلاق ، وأجلُّ الفضائل لمن يمنَّ الله عليه بها. وأكمل سعادة وسرور للقلوب والأرواح ، كما أنها هي السبب الوحيد للوصول إلى السعادة الأبدية والنعيم الدائم ، فلو لم يكن في أمره وشرعه، إلا هذه الحكمة العظيمة التي هي أصل الخيرات، وأكمل اللذات ، ولأجلها خلقت الخليقة وحق الجزاء وخلقت الجنة والنار ، لكانت كافية شافية .


وروده في القران :
ورد اسم الحكيم علما مطلقا معرفا في القران كإسم من أسماء الله الحسنى,38 مرة , ووردت صفة حكيم 40 مرة :
وقد اقترن في أكثرها بالعزيز والعليم، مما يدل على أن حكمته صادرة عن عزة وعلم، قال تعالى : { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }.

وقال { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }.

وورد مع اسم الخبير فقال : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } .



ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم :
أولًا : أن الأحكام الشرعية في الإسلام من لدن حكيم خبير، وما جاءت إلا لإسعاد البشرية، فليس هناك أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين، قال تعالى : { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ }

ثانيًا : أن الله حكيم في أقداره، فما يقدره الله تعالى على العباد من خير أو شر إنما هو لحكمة بالغة، وتدبير حكيم، قال تعالى : { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ }

ثالثًا : أن كلام الله حكيم ومحكم، وكيف لا يكون بهذه الصفة وهو كلام أحكم الحاكمين ورب العالمين، وقد وصف الله القرآن العظيم، وهو كلامه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأنه حكيم ومحكم في ثمان آيات منها قوله تعالى : { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } .
فالقرآن حكيم في أسلوبه الرائع، حكيم في تشريعاته، حكيم في أمره ونهيه، حكيم في قصصه وأخباره، حكيم في كل ما اشتمل عليه .

رابعًا : أن الله يؤتي الحكمة من يشاء، قال تعالى : { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } .

تنوعت عبارات المفسرين في المراد بالحكمة، وقد اختصرها بعضهم بقوله : "يؤتي الله إصابة الصواب في القول والفعل من يشاء، ومن يؤته الله ذلك فقد آتاه خيرًا كثيرًا "

خامسًا: خلق الله - سبحانه وتعالى - محكم، لا خلل فيه ولا قصور، قال تعالى : { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } .

سادسًا : أن الله سبحانه خلق الخلق لحكمة عظيمة، وهي عبادته سبحانه قال تعالى { مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } .

سابعًا : كراهة التكني بأبي الحكم، روى أبو داود في سننه من حديث هانئ بن يزيد : أنه لما وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: { إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنّيت بأبي الحكم ؟ فقال : إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ما أحسن هذا!، فما لك من الولد ؟ قال : لي شريح، ومسلم، وعبد الله، قال: " فمن أكبرهم؟ " قلت : شريح ، قال : " فأنت أبو شريح " } .


رأس الحكمة مخافة الله :
إن لم تخف الله عز وجل فأنت لا تعرف من الحكمة شيئاً .
الكيّس العاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، فالعاجز يعيش لحظته، ويعيش حظوظه، وميوله، و رغباته، أما الكيّس فيعيش حياة ما بعد الموت يُعِدُّ لها منذ الآن . ما قلَّ وكفى خير مما كثُرَ وألهى .

إذ غاية كل حاجاتك أن تكون صحيح البدن مكتفياً، تقطُن في بيت، الحاجات الأساسية فيه موفورة ! هذا هو الغِنى، أمّا أن تفهم الغِنى أن يزداد الرقم الذي تملكه، فهذا ليس هو الغِنى .

كُن ورعاً تكن أعبدَ الناس، وكُن قانعاً تكُن أشكر الناس، ومن حُسِنِ إسلام المرء تركُهُ مالا يعنيه، والسعيد من وُعِظَ بغيره، والصمت حِكمة وقليلٌ فاعِلُهُ، والقناعة كنز لا ينفد، والصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله، وهذه كلها من حكمة النبي عليه الصلاة والسلام .


قد يتساءل انسان: لماذا فلان كان عقيماً ؟ لحِكمة بالغة.. ولماذا فلان مات في سن مبكرة ؟ لحِكمة بالغة.. لماذا فلان عاش عمراً مديداً ؟ لحِكمة بالغة.. ولماذا فلان كان غنياً ؟ لحِكمة بالغة ولماذا فلان كان فقيراً ؟ لحِكمة بالغة.. فأنا أذكر كل هذا وأنا واثق مما أقوله، وأي شيء أعجبك أو لم يعجبك فقل لابد من حِكمة بالغة، لأنَّ الله سبحانه وتعالى لا يُمكن أن يتصرّف بلا حِكمة، لأنه عليم، ولأنه واحد ولأنه موجود ولأنه كامل .

موجود واجب الوجود، فإذا قلت أين الله ؟.. فسؤالك يعني أنه غير موجود.. بل هو موجود { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ } .


امثله :
والحِكمة يمكن أن يؤتها الإنسان، لو أنَّ الله عز وجل آتاك أجمل امرأة في الأرض ولم يؤتِكَ الحِكمة لجعلتها أسوأ امرأة، ولو أعطاك مال قارون ولم يؤتِكَ الحِكمة لبُدِّد هذا المال ولكان حسرةً عليك يوم القيامة، ولو أعطاك صِحةً رائعة ولم يؤتِكَ الحِكمة لاستهلكت هذه الصحة في سفاسف الأمور، و لو أعطاك أولاداً نجباء ولم تكن حكيماً لكانوا زادك إلى النار. فأي شيء إذا أُعطيته من دون حِكمة كان حسرةً عليك يوم القيامة . فأنت بالحِكمة يمكن أن تكون أسعد الناس بدخلٍ قليل، وبالحُمق تشقى بالدخل الكثير .


- فتاة نالت شهادة ثانوية وهي تبحث عن وظيفة، هناك مسابقة لوظيفة معلمة فتقدمت إليها، فطولبت بشهادة صحية فتوجهت إلى مستشفى حكومي لتفحص صدرها، فجاءت النتيجة أنها مصابة بمرض السل ! بكت وبكت وبكى من حولها، ومن حولها خافوا من العدوى فابتعدوا عنها وتركوها تأكل وحدها، وأعطوها أدوات خاصة بها، وتوجّسوا منها خيفة وازدادت بهذه العزلة ألماً إلى أن قررت أن تتوب إلى الله، وأن تصلي وأن تتحجب، ثم راجع أخوها المستشفى بعد حين، فإذا هم يعتذرون إذ هذه النتيجة ليست لها بل لغيرها، فهي سليمة! خطأ الموظف إذاً وظفه الله عز وجل كي تتوب هذه الفتاة .


وقيسوا على ذلك .


فإذا علم العبد أن الحكيم - سبحانه وتعالى- هو المدبر للأمور المتقن لها والموجد لها على غاية الإحكام والإتقان والكمال، والواضع للأشياء في مواضعها، والعالم بخواصها ومنافعها الخبير بحقائقها ومآلاتها.. فإذا عرف العبد ذلك وتيقن هذا المعنى وأن كل ما يجري في هذا الكون هو لحكمة بالغة أرادها الله تبارك وتعالى- علم هذه الحكمة من علمها وجهلها من جهلها- كان لهذه المعرفة الأثر البالغ في حياته وتصرفاته ونظرته للكون والحياة وعاش مطمئن القلب قرير العين مفوضا الأمر كله إلى الله تعالى متقنا لعمله محسنا لعبادته، ومتيقنا أن كل ما يجري في الكون والحياة هو من تقدير الحكيم العليم اللطيف الخبير الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه .
 
اسم الله ( الحكم )

" الحكم " في اللغة:
من صيغ المبالغة، اسم الفاعل حاكم ، وحينما يأتي الاسم بصيغة المبالغة فهذا يعني مبالغة كم أو نوع الله عز وجل حكم عدل، وفي أكبر قضية الحكم عادل كماً، أو نوعاً .
الحاكم اسم فاعل، صيغة المبالغة الحكم، هو الذي يحكم، ويفصل، ويقضي في سائر الأمور، الفعل حكم، يحكم، حكماً، والحكم العلم والفقه .

الحُكم العلم والفقه، والحُكم القضاء بالعدل .

فالذي يحبه الله عز وجل العلم والحكمة ، العلم والحُكم ، فقال تعالى :{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً }

وقال : { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }



اقوال العلماء :

وقال ابن الحصار : وقد تضمن هذا الاسم يعني – الحكم - جميع الصفات العلى والأسماء الحسنى، إذ لا يكون حكماً إلا سميعاً بصيراً عالماً خبيراً إلى غير ذلك، فهو سبحانه الحكم بين العباد في الدنيا والآخرة في الظاهر والباطن، وفيما شرع من شرعه، وحكم من حكمه وقضاياه على خلقه قولاً وفعلاً، وليس ذلك لغير الله تعالى لذلك قال : { لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } فلم يزل حكيماً قبل أن يحكم، ولا ينبغي ذلك لغيره .


قال الشنقيطي رحمه الله تعالى :
وبذلك تعلم أن الحلال هو ما أحله الله، والحرام هو ما حرمه الله، والدين هو ما شرعه الله، فكل تشريع من غيره باطل، والعمل به بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله أو خير منه، كفر بواح لا نزاع فيه. اهـ .



وروده في القرآن الكريم :

- قال تعالى { وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

- قال تعالى { وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا }

- قال تعالى { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ }



من السنة :
ورد الاسم في السنة النبوية الصحيحة مطلقاً معرفاً بأل :
{ لما وَفَدَ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مع قومِهِ، سمِعَهُمْ يُكَنُّونَهُ بأبي الحكم ـ سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوم راوي الحديث يكنونه بأبي الحكم ـ فدعاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ' إنَّ الله هو الحكَمُ وإليه الحُكْمُ فلم تُكْنَى أبا الحَكَم ؟ ' فقال: إنَّ قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمتُ بينهم، فرَضِيَ كلا الفريقَيْنِ بحكمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ' ما أحسَنَ هذا ؛ ـ يعني أن تكون وسيطاً، وحكماً، وأن يأتي حكمك مقبولاً عند الطرفين شيء طيب ـ ما أحسَنَ هذا فما لكَ من الوُلْدِ ؟ قال: لي شُرَيح، ومسلم وعبد الله، قال : فمن أكبرُهم ؟ قال قلتُ : شريح، قال: ' فأنت أبو شريح } .



كيف يكون الحكم لله ؟

الله عز وجل أسماؤه الحسنى كلها محققة في الدنيا إلا اسم العدل، محقق جزئياً، يعني الله عز وجل يكافئ بعض المحسنين تشجيعاً للباقين، ويعاقب بعض المسيئين ردعاً للباقين، ولكن الحساب الختامي : { وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }

الدليل الأول :
يقول الله عز وجل { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا }

قالوا : ورود النار غير دخولها، ورود النار كشخص مهم جداً يؤخذ إلى السجن ليطلع على السجن، يرى الزنزانات، يرى المساجين، جاء زائراً ليطلع
قال علماء التفسير: ورود النار غير دخولها، ورود النار لا يتأذى واردها ولا بوهجها، لكن ليرى عدل الله في الأرض، ليرى هؤلاء الطغاة ما مصيرهم، ليرى المؤمن مكانه في النار لو لم يكن مؤمناً .
لذلك عدل الله عز وجل محقق كلياً يوم القيامة، وفي الدنيا محقق جزئياً، فالحكم بالآخرة شيء بديهي، أما الحكم في الدنيا، الله يوفق المظلوم أحياناً، ويعاقب الظالم


الدليل الثاني :

يقول الله عز وجل { قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ }
أي يوجد في الأرض صراعات، و مذاهب، و طوائف، و أديان، و أعراق، و أنساب، و تقسيمات ، كل جهة بالأرض تدعي أنها على حق، أحياناً ترتكب جرائم باسم قيم ليست محققة، يقول لك من أجل الحرية والديمقراطية، تُقتل الشعوب، تستباح الحُرمات، تُنهب الثروات، تحت شعار الحرية والديمقراطية، هذه كلمات ما أنزل الله بها من سلطان ، بطولتك أن تكون على حق، لأن الله سينصرك، لأن الله سوف يكشف الحق، البطولة أن تكون على حق

لكن الله سبحانه وتعالى يرخي الحبل للظالم أحياناً، وفي أية لحظة هذا الظالم في قبضة الله عز وجل، كان عليه الصلاة والسلام يدعو بهذا الدعاء : { اللهم فَاطِرَ السماوات والأرضِ، عَالمَ الغَيبِ والشهادَةِ، أَنتَ تَحكم بَينَ عِبَادِكَ فيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفون اهدني لِما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بِإِذنِكَ، إِنَّكَ تَهدي مَن تَشاءُ إلى صِراطٍ مُستَقيمٍ }



الدليل الثالث :
قال الله عز وجل : { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً }

النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد فيدعو في تهجده ومنها :
{ اللهم لك الحمد، أنتَ نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، اللهم بك آمنت، ولك أسلمت وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت، وما أخَّرت، وما أسررت، وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، ولا إله غيرك }


أنت كمؤمن ما علاقتك باسم " الحكم " ؟
أولاً : ينبغي ألا تتخذ حكماً من دون الله ، إعجاز الخلق يقابله إعجاز للتشريع، يعني التشريع الإلهي، الحكم الإلهي في القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فالتشريع الإلهي لا يخضع للبحث ولا للدرس، لا يخضع للتعديل، ولا للتطوير، ولا للتحديث، لا يخضع للحذف ولا للزيادة

قال تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ }
شيء حكم الله به في القرآن حكماً قطعياً، لا يمكن أن يكون هذا الموضوع قابلاً للبحث، التشريع الإلهي وحي السماء، لا يقبل لا البحث، ولا الدرس، ولا التعديل ولا التطوير، ولا الزيادة، ولا الحذف، إنه من عند الله جل جلاله .
القلب السليم القلب الذي لا يحتكم إلا لشرع الله ولا يُحكّم غير شرع الله .
قال تعالى : { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً }

آية خطيرة جداً، ينفي الله الإيمان عن المؤمن حينما لا يقبل حكم رسول الله في حياته أو بعد مماته، يعني أي إنسان حكم، أو قاضي أصدر حكماً اعتماداً على توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم إن لم تقبل ذلك فلست مؤمناً .
من أدق ما قيل في القلب السليم، القلب السليم هو القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، القلب السليم القلب الذي لا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، القلب السليم القلب الذي لا يحتكم إلا لشرع الله، القلب السليم القلب الذي لا يُحكّم غير شرع الله، ولا يعبد إلا الله .
فإذا كُلف الانسان بالحكم أن يحكم بالعدل .



الآثار الإيمانية لاسم الله الحكم –الحكيم :

نفس الآثار الايمانيه لاسم الله الحكيم .
 
{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}

هذه علامة الإيمان أن ترضى بحكم الله ورسوله، فكل إنسان يكون حكماً، فإذا حكم أن يحكم بالعدل، وكل إنسان قد يحتكم، فإذا احتكمت فاحتكم إلى الشرع، وإذا كنت حكماً اجعل هذه الآية منهجاً لك

{ قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ }

لا تقبل كلاماً من طرف واحد، هناك قاضٍ أراد أن يُعفى من منصبه فسأله الخليفة لماذا ؟ قال له: قبل أيام قدم لي طبق من الرطب، وأنا معروف في البلدة أنني أحب الرطب في بواكيرها ، فسأل غلامه من جاء بهذا الطبق ؟ قال له: رجل، قال له: صفه لي قال: كيت وكيت، فإذا هو أحد المتخاصمين عنده، في اليوم التالي يقول للخليفة: والله في اليوم التالي تمنيت أن يكون الحق مع الذي قدم الطبق مع أني لم آخذه فكيف لو أخذته ؟ وجد نفسه غير مؤهل أن يكون قاضياً، وكيف لو طلب منه مبلغاً معيناً ؟

للعبد مما أعطاه الله عز وجل، هذا حكم كوني، أي جعلك ذكراً ما جعلك أنثى، أحد سألك ؟ أحد خيرك ؟ جعلك من هذا الأب وهذه الأم، جعلك في هذه البلدة، من اختار لك زمن الولادة ؟ ومكان الولادة ؟ والأب والأم والجنس ؟ هذه أشياء أنت مسير بها، هذا حكم إلهي، لكن حينما تكتشف الحقائق، تكشف الحكمة من القضاء والقدر يوم القيامة، المؤمن يقول كلمة واحدة: يا رب لك الحمد على ما سقت لي .
 
اسمي الله ( المعزّ والمذلّ )
الله له أسماء ذات وله أسماء صفات وله أسماء أفعال ، و المُعِز والمُذِل اسمان من أسماء الله تعالى، وصفتان من صفات فعله ، فمعظم العلماء يؤكدون أن اسم المعز والمذل من أسماء الأفعال، هما اسمان من أسمائه تعالى ، وصفتان من صفات فعله، فإعزازه للعبد يكون في الدنيا والآخرة .

المعز :
من أسماء الله الحسنى المتعلقة به وحده لا شريك له.الله هو المعز لأنه هو الغالب القوي الذي لا يغلب، وهو الذي يعز الأنبياء بالعصمة والنصر، ويعز الأولياء بالحفظ والوجاهة، ويعز المطيع ولو كان فقيرا، ويرفع التقي ولو كان كان عبدا حبشيا فهو المعز المؤمنين بطاعته ، الغافر لهم برحمته ، المانح لهم دار كرامته .

وهذا الاسم عادة ما يقترن باسم "المذل

المذل :
هو اسم مختلف عليه من أسماء الله الحسنى ، ومن غير المثبت حتى الآن ما إذا كان من أسماء الله الحسنى أم لا، ولكن ورد ذكر الذل في القرآن الكريم .
الذل ما كان عن قهر، والدابة الذلول هي المنقادة غير متصعبة، والمذل هو الذي يلحق الذل بمن يشاء من عباده، إن من مد عينه إلى الخلق حتى أحتاج اليهم، وسلط عليه الحرص حتى لا يقنع بالكفاية، واستدرجه بمكره حتى اغتر بنفسه، فقد أذله وسلبه، وذلك صنع الله، يعز من يشاء ويذل من يشاء والله يذل الأنسان الجبار بالمرض أو بالشهوة أو بالمال أو بالاحتياج إلى سواه، ما أعز الله عبد بمثل ما يذله على ذل نفسه، وما أذل الله عبدا بمثل ما يشغله بعز نفسه، وقال تعالى { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } .



ورودهما في القرآن الكريم :

قال تعالى { وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
وقال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }



من السنة :
- روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَتْ: { يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُذِلَّهُمْ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُعِزَّهُمْ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ } .

" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ " وستزيدين من ذلك، ويتمكّن الإيمان من قلبك، ويزيد حبّك لله ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم .


- وروى الإمام أحمد عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ :

{ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ } .


الآثار الإيمانية لاسم الله المعز المذل :
أن المؤمن عندما يدرك أن الله تعالى المعز المذل فإنه يجد في العزة مظهراً من مظاهر الثقة بالله تعالى ورسوخ اليقين والقوة في الدين والخلق .

فعن طارق بن شهاب قال: خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فأتوا على مخاضة، وعمر على ناقة له فنزل عنها وخلع خفيه فوضعها على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة : { يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا؟ تخلع خفيك وتضعها على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟ ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك. فقال عمر: أوه لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله } .



وقال الإمام ابن القيم في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }

لما كان الذل منهم ذل رحمة وعطف وشفقة وإخبات عداه بأداة (على) تضميناً لمعاني هذه الأفعال، فإنه لم يرد به ذل الهوان الذي صاحبه ذليل، وإنما هو ذل اللين والانقياد الذي صاحبه ذلول .

أربعة يعشقهم الذل أشد العشق: الكذاب، والنمام، والبخيل، والجبار
وقوله : { أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ } هو من عزة القوة والمنعة والغلبة،

قال عطاء رضي الله عنه : للمؤمنين كالوالد لولده وعلى الكافرين كالسبع على فريسته، كما قال في الآية الأخرى { أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } .


أول معنى من معاني ( المعز ) أن الله فطرك فطرة عالية، لا تحب الفضيحة، لا تحب أن تكون عند الناس مختلساً، ولا زانياً، ولا معتدياً على عرض إنسان، لا تحب أن تكون كذاباً، لا تحب أن تكون منحرفاً، لا تحب أن تكون خائناً، لولا أن الله فطرنا فطرة عالية لما تألمت من النقص ، لكن الفطرة لا تعني أنك كامل، ولكنها تعني أنك تحب الكمال .

إذاً الله عز وجل أعزك بالفطرة، وأعزك بأمره ، فحينما أمرك أن تكون صادقاً أعزك، وحينما أمرك أن تكون أميناً أعزك، وحينما أمرك أن تكون عفيفاً أعزك

وقد ربط الله العز بالطاعة، فهي طاعة ونور وكشف حجاب ، وربط سبحانه الذل بالمعصية ، فهي معصية وذل وظلمة وحجاب بينك وبين الله سبحانه، والأصل في اعزاز الحق لعبادة يكون بالقناعة ، والبعد عن الطمع .

إذا كنت مؤمناً حقاً فأنت عزيز لأنك مع العزيز ولأنك على شرع العزيز ولأنك مفتقر للعزيز ومعتمد على العزيز والعزيز لن يخيب ظنك
قال بعضهم إعزاز الله لعباده يكون بصحة قناعتهم فإن الذل كله في الطمع

والله عز وجل بأمره التكويني يعزك إذا اعتززت به واعتمدت عليه وأخلصت له وأقبلت عليه ولم تشرك به .
 
اسمي الله ( النافع – الضار )


هل الضار من أسماء الله ؟

الضار ليس من أسماء الله، بل من أسمائه التي ورد ذكرها في بعض الروايات " النافع الضار "، يعني الكلمتان اسم واحد،

والمقرر عند أهل العلم أن أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية ، أي لا يثبت منها شيء إلا بالدليل الصحيح من الكتاب والسنة .

فإذا لم يثبت الاسم ، وكان معناه صحيحا فإنه يجوز الإخبار به عن الله تعالى ، فيقال : الله هو الضار النافع ، لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات ، لكن لا يعبّد بهذا الاسم ، فلا يقال : عبد الضار أو عبد النافع ؛ لأنه لم يثبت اسما لله تعالى .

فهو سبحانه وتعالى "النافع الضار" ؛ لأنه سبحانه وتعالى هو خالق كل شيء، خالق الخير والشر، وهو سبحانه وتعالى الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع بالسيئات إلا هو، ولا يكون في ملكه إلا ما يشاء .


معنى النافع الضار :

نافِع : اسم فاعل من نَفَعَ
النَّافِعُ : مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى ، يُوصِلُ النَّفْعَ إِلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لاَ يُمَيِّزُ الضَّارَّ مِنَ النَّافِعِ ، وهو الذي يصدر منه الخيرُ والنّفع في الدُّنيا والدِّين .


الضار : الذي يقدّر الضر ويوصله إلى من شاء من خلقه .

فالخير والشر من الله تعالى ، كما قال سبحانه : { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }


ورودهما في القرآن الكريم :

قال تعالى : { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

وقال : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }


من السنة :

عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ }

- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : ( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الأَقْلامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ) .

الله سبحانه هو النافع الذى يصدر منه الخير والنفع فى الدنيا والدين ، فهو وحده المانح الصحة والغنى ، والسعادة والجاه والهداية والتقوى والضار النافع إسمان يدلان على تمام القدرة الإلهية ، فلا ضر ولا نفع ولا شر ولا خير إلا وهو بإرادة الله ،
ولكن أدبنا مع ربنا يدعونا الى أن ننسب الشر الى أنفستا ، فلا تظن أن السم يقتل بنفسه وأن الطعام يشبع بنفسه بل الكل من أمر الله وبفعل الله ، والله قادر على سلب الأشياء خواصها ، فهو الذى يسلب الإحراق من النار ،

كما قيل عن قصة إبراهيم ( قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم ) ، والضار النافع وصفان إما فى أحوال الدنيا فهو المغنى والمفقر ، وواهب الصحة لهذا والمرض لذاك ، وإما فى أحوال الدين فهو يهدى هذا ويضل ذاك ، ومن الخير للذاكر أن يجمع بين الأسمين معا فإليهما تنتهى كل الصفات وحظ العبد من الاسم أن يفوض الأمر كله لله وأن يستشعر دائما أن كل شىء منه واليه .

وما يجب اعتقاده أنَّ كُلَّ شيءٍ يجري بتقدير الله سبحانه ومشيئتِهِ لا يخرج عن تقديره الخيرُ والشرُّ، والنفع والضُّرُّ، والطاعة والمعصية، والإيمان والكفر، والعلم والجهل، والمرض والصِّحَّة، والغِنى والفَقر، وليس في ملكه شيءٌ لم يقدِّره ولا يريده، وأهلُ السُّنَّة مُجمعون على أنَّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا يكون شيءٌ إلاَّ بمشيئته وقدرته، وأنهم متَّفقون على أنَّ الله لا يحبُّ الفسادَ، ولا يَرضى لعباده الكفر، لذلك يفرِّقون بين إرادتين :

- إرادةٌ قَدَريةٌ كَوْنيةٌ :
وهي المشيئةُ الشاملةُ لجميع الموجودات خيرًا كانت أو شرًّا، نفعًا أو ضرًّا، نعمةً أو نِقمةً، قال تعالى : { إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ }

- إرادةٌ شرعيةٌ دينيةٌ :
فهذه متضمِّنةٌ لمحبَّة الله ورضاه ، مثل قوله تعالى : { وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ }

ولكنَّها قد تقع وقد لا تقع، وتسمَّى الأولى بالإرادة والثانيةُ بالمحبَّة

ومِن هنا يُعلم أنه لا يلزم من وقوع الشيء وَفْقَ إرادته أنه يحبُّه، فالحبُّ غيرُ الإرادة، والأشياءُ المكروهة لا تُضاف إلى محبَّته وإن كانت لا تخرج عن إرادته ومشيئته، وهو معنى قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم : { وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ }

فالضرُّ من مفعولاته سبحانه وتعالى وأفعالُه من مشيئته وإرادته، لكن لا يحبُّ الضرَّ لذاته، وإنما يحبُّه لغيره الذي لا يترتَّب عليه إلاَّ الخير ، فلا يُنسب الشرُّ والضرُّ إلى الله تعالى تأدُّبًا، مع أنه لا يخرج عن إرادته ومشيئته، ولا يلزم من ذلك محبَّتُه، وهذا المعنى من التأدُّب مع الله تعالى ظهر في كلام الجِنِّ عندما جزموا أنَّ الله تعالى أراد أن يُحدث حادثًا كبيرًا من خيرٍ أو شرٍّ فقال الله تعالى على لسانهم قال { وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا } وفي هذا بيانٌ لأدبهم إِذْ أضافوا الخيرَ إلى الله تعالى، والشرُّ حذفوا فاعلَه تأدُّبًا
 
اسم الله ( الولي - المولى )

الولي والمولى اسمان من أسماء الله عز وجل

الولي في اللغة :
ضد العدو، ومعناه في أَسماء الله تعالى: الناصِرُ، وقيل: المُتَوَلِّي لأُمور العالم والخلائق القائمُ بها، الذي ينصر أولياءه ويليهم بإحسانه وفضله .

ولفظ الولي يعني القَيُّمُ على الأمر، المتكفِّل بأمور العيش، المُشْرِفُ على حياة من يرعاه، الحَكَمُ والمَرْجَعُ في كلّ أمر يأتيه رعَيَّتُه، فهو الذي يوفّر الرزق والأمن وهو الذي يحاسب أفعالهم ويقضي بينهم. الولّي هو الحامي والمدافع عن رعيته، المحافظ عليهم فلا يضيّعهم .

هل يجوز ان نقول للانسان مولاي ؟
يجوز أن يقال للمخلوق : مولانا ، إذا كان مسلما ، ولا يجوز أن يقال هذا للكافر .
وجوز بعض أهل العلم إطلاق (المولى) بالتعريف على المسلم الفاضل بعلم أو صلاح ،

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة رضي الله عنه : { أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا } رواه البخاري ،
وكل من ولى أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه وقد تختلف مصادر هذه الأسماء فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والمعتق والولاية بالكسر في الإمارة والولاء المعتق والموالاة من والى القوم ، هو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمنعم عليه



وروده في القرآن الكريم :
ذكر اسم الله الولي في القرآن 11 مرة :
- قال تعالى { أمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
- وقال : { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }
- { وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }



من السنة :
- قال النبي صلى الله عليه وسلم : { اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا }


ولاية الله على نوعين :
عامة:
فالله ولي المؤمن والكافر والبر والفاجر،وولايته العامة تقتضي العناية والتدبير وتصريف الأمور والمقادير، و تأتي بمعنى التَّدبيرُ والمُلك.

وخاصة:
لا تكون إلا للمؤمنين، وتقتضي قرب الله من المؤمنين وحفظه لهم ومحبته ونصرته ورعايته لعباده المؤمنين . وتأتي بمعنى القرب والمحبة والرعاية والحفظ .


الآثار الإيمانية لاسمي الله :

1- الإيمان بولاية الله الخاصة يثمر في قلب المؤمن الطمأنينة والثقة في نصرته سبحانه وكفايته وصدق التوكل عليه سبحانه، تأمل قوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا ).
تأمل في ولاية الله ليوسف، لقد تمثلت ولاية الله ليوسف مذ أن كان صغيراً، نصره ورعاه، رمي في البئر فأحوج الله القافلة إلى الماء حتى يقفوا عند هذا البئر ويأخذوا الدلو وإذا به يوسف، يحوج العزيز - لم يأته أولاد – حتى يأتي يوسف في بيته ويتربى عنده، ويرى الملك الرؤيا ويحوج الله الملك إلى تأويل الرؤيا ويأتي بيوسف، ولذا حمد يوسف ربه، فقال (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ ) .

2- إذا تولى الولي المولى عبده ملأ حياته نورا، في سمعه وفي بصره وفي قوله وفي جميع أمره، تأمل (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ ) .

3- مهما كاد الناس لأولياء الله ينصرهم الولي المولى سبحانه : (وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) .
فيما يروي رسول الله عليه الصلاة والسلام عن ربه ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، و عينه التي يبصر بها، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولإن أستغاثني لأغيثنه ) .

4- إن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد، وكل شر فأصله خذلانه لعبده، وأجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان أن يخلي بينك وبين نفسك، فإذا كان كل خير فأصله التوفيق وهو بيد الله، فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجوء والرغبة والرهبة إليه، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضله عن المفتاح بقى باب الخير مغلقا دونه .

5- قُرْبُ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ يَقَعُ أَوَّلًا بِإِيمَانِهِ، ثُمَّ بِإِحْسَانِه، وَقُرْبُ الرَّبِّ مِنْ عَبْدِهِ مَا يَخُصُّهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ عِرْفَانِهِ، وَفِي الْآخِرَة مِنْ رِضْوَانه، وَفِيمَا بَيْن ذَلِكَ مِنْ وُجُوه لُطْفه وَامْتِنَانه .


أولياء الله على درجتين :
أحدهما : المتقرِّبُون إليه بأداءِ الفرائض ، وهذه درجة المقتصدين أصحاب اليمين ، وأداء الفرائض أفضلُ الأعمال كما قال عمرُ بنُ الخطاب - رضي الله عنه - : أفضلُ الأعمال أداءُ ما افترضَ اللهُ ، والوَرَعُ عمّا حرَّم الله ، وصِدقُ النيّة فيما عند الله - عز وجل –

ثانيهما: السابقون بالخيرات، وهم المقربون الذين يتقربون إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض، تأمل الحديث القدسي(ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوال حتى أحبه)


متى امتلأ القلبُ بعظمةِ الله تعالى، محا ذلك مِنَ القلب كلَّ ما سواه ، ولم يبقَ للعبد شيءٌ من نفسه وهواه، ولا إرادة إلاَّ لما يريدهُ منه مولاه ، فحينئذٍ لا ينطِقُ العبدُ إلاّ بذكره، ولا يتحرَّك إلا بأمره، فإنْ نطقَ نطق بالله، وإنْ سمِعَ سمع به، وإنْ نظرَ نظر به، وإنْ بطشَ بطش به، فهذا هو المرادُ بقوله سبحانه في الحديث القدسي : (كنت سمعه الذي يسمعُ به، وبصره الذي يُبصرُ به، ويده التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها )


أنت بين حالتين:
إما أن يتولى الله أمرك، وإما أن يكلك إلى نفسك: يتولى الله أمرك إذا كنت عبداً له وافتقرت إليه وتوكلت عليه وأقبلت عليه، ويتخلى عنك أو يكلك إلى نفسك إذا قلت أنا .
أنت في عملك وفي بيتك وفي اختصاصك ومع زوجتك وجيرانك ومع دراستك وكسبك للمال، حينما تعتمد على الله يتولى الله أمرك وحينما تعتمد على نفسك يكلك الله إليها

قال سيدنا يوسف: أنت ولي في الدنيا والآخرة دعاء لطيف، والمؤمنون ماذا يقولون ؟

﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) .

 
اسمي الله ( الخافض - الرافع )

أن من أسماء الله عز وجل ما لا يطلق عليه إلا مقترنا بمقابله ، فإذا أطلق وحده أوهم نقصا تعالى الله عن ذلك , فمنها المعطي المانع , والضار النافع , والقابض الباسط , والمعز المذل , والخافض الرافع , فلا يطلق على الله عز وجل المانع الضار القابض المذل الخافض كلا على انفراده , بل لا بد من ازدواجها بمقابلاتها , إذ لم تطلق في الوحي إلا كذلك .

ا.هـ من " معارج القبول " للحكمي ( 64 / 1 )


والصّحيح أنّه لم يثبت استعمال ( الخافض والرّافع ) اسمين، وإنّما وردا فعلين، ممّا يجعلنا نجزم بأنّه صفة من صفاته العلي سبحانه ليس غير .وكذلك القول في هذين الاسمين يستحسن أن يوصل أحدهما في الذكر بالآخر ، ولا ينبغي أن يفرد الخافض عن الرافع في الدعاء .


الخافض : الْخَفْض ضد الِارْتفَاع وَتقول فلَان فِي خفض من الْعَيْش أَي فِي دعة ولين وطمأنينة

وهو الذي يخفض الجبارين ويذل الفراعنة المتكبرين .

والرافع : هو الذي رفع أولياءه بالطاعة فيعلي مراتبهم وينصرهم على أعدائه ويجعل العاقبة لهم ، لا يعلو إلا من رفعه الله ولا يتضع إلا من وضعه وخفضه ، يخفض من يشاء من عباده فيضع قدره ويخمل ذكره ويرفع من يشاء فيعلي مكانه ويرفع شأنه .

الخافض : هو الواضع من الأقدار , والرافع : المعلي للأقدار .


أقوال العلماء في معنى الاسمين :
قيل معناها : يخفض القسط ويرفعه .
- قال أهل العلم : ... ومعنى يخفض القسط ويرفعه , يخفض العدل بتسليط ذا الجور ، ويرفع العدل بإظهاره العدل , يخفض القسط بأهل الجور , ويرفع العدل بأئمة العدل , وهو في خفضه العدل مرة ورفعه أخرى يبتلي عباده لينظر كيف صبرهم على ما يسوؤهم , وشكرهم على ما يسرهم .


- وقال الشيخ ابن سعدي في الحق الواضح المبين :
هو الرافع لأقوام قائمين بالعلم والإيمان , الخافض لأعدائه .

- وقال الشيخ محمد خليل هراس في ( شرح القصيدة النونية ) : وهو سبحانه الخافض الرافع , يخفض الكفار بالإشقاء والإبعاد ويرفع أولياءه بالتقرب والإسعاد , ويداول الأيام بين عباده , فيخفض أقواما , يخمل شأنهم , ويذهب عزهم , ويرفع آخرين فيورثهم ملكهم وديارهم .



ورودهما في القرآن الكريم :
ذكرت آيات كثيرة تدل على رفع الله لأقوام وذله لأقوام منها :
قال تعالى { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ }
- وقال { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }

أمّا من السنّة :
- روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ وَقَالَيَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } . رواه البخاري

- وَقَالَ { أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ} . رواه مسلم

- وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَرْفَعُ الْقِسْطَ وَيَخْفِضُهُ، وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ النَّهَارِ بِاللَّيْلِ، وَعَمَلُ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ } .


الإيمان والعلم :

قد يرفع الله بالعلم مكانة إنسان في الدنيا لكنه لا يزن عند الله جناح بعوضة، لأنه لا يعرف الله. فالعلم لابد أن يقترن بالإيمان الذي يورث الخشية من الله، وهذا ما رفع جيل الصحابة رضوان الله عليهم، وجعلهم سادة الأمم " يَرْفَع اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا منكُم وَالَّذِين أُوتُوا الْعِلْم دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بمَا تَعْمَلُون خَبِيرٌ" (المجادلة 11). إن كل من له صلة بالله يشعر برفعة الله. وقد يحس بعضنا بذلك، فمن منّ الله عليه بالالتزام بالدين يحس برفعة المؤمن.

- ولقد كان عبد الله بن مسعود راعي غنم مغمور في قريش، وكان يخاف أن يمر على مجالس قريش لهيبته لهم، فلما أسلم أحس برفعة المؤمن، وتحول الخوف إلى إقدام، وقد انتدب نفسه يومًا ليُسمع قريشًا القرآن فخرج عليهم وقرأ عليهم القرآن فاغتاظوا وآذوه، فلما قال له الصحابة: ذلك ما كنا نخشى عليك قال: ما كان أعداء الله أهون عليّ من نفسي، أي انهم هينون في نظره لا رفعة لهم، كما أن نفسه هينة عنده في سبيل تبليغ دعوة الله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ضحك الصحابة يومًا من دقة ساقيه أي نحافتهما، إنهما أثقل عند الله من جبل أحد .


- ومن أمثلة من رفعهم الله بالعلم أبو زكريا الأنصاري :
فقد عاش في صعيد مصر حتى سن الخامسة والخمسين لا يعرف القراءة ولا الكتابة، وقد أرسل ابنه للدراسة في الأزهر ولما عاد لبلده خطب خطبة أثرت في والده، فقرر الأب أن يرتحل للدراسة في الأزهر في هذا السن، ورفع الله مكانته بالعلم حتى صار شيخًا للأزهر وكبير مجتهدي المذهب الشافعي. ومثله خالد بن عبد الله الأزهري فقد عاش أميًّا حتى سن السادسة والثلاثين، وكان عاملاً يصلح مصابيح الأزهر ويضع فيها الزيت، فوقع منه الزيت ذات يوم على طالب بالأزهر فاحتد الطالب وقال له ياجاهل، فقرر طلب العلم حتى أصبح من أكبر علماء النحو والصرف .


- وقد كان الإمام مالك إمام أهل المدينة :
وكان يجل حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويهابه، فوضع الله مهابته في قلوب الناس. وقد زار هارون الرشيد المدينة والتقى الإمام مالك وطلب أن يسمع منه حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتواعدا على موعد، وانتظر هارون فلم يأت مالك فأرسل له رسولا أن الخليفة ينتظرك وقد تأخرت كثيرًا فرد مالك بأن قال لرسول الخليفة قل له إن مالك انتظرك كثيرًا، فإن العلم لا يأتي ولكن يؤتى إليه، فجاء هارون ولم يغضب لذلك، فقد عرف أهل العلم قيمة ما يحملون، ورفعهم الله بإيمانهم وعلمهم .

كيف نتخلق بهذا الاسم؟
يجب أن يكون لهذين الاسمين – كما لسائر أسماء الله الحسنى- أثر في نفوسنا وأن نأخذ منه حظًا ونصيبا: بأن نخفض الجناح لمن عرف الله ولكل من عرفنا فيه خيرًا، وأن نخفض الجناح للوالدين، يقول العلماء في شرح "وبالوالدين إحسانـًا" إن القرآن أتى بمصدر الكلمة وهي إحسان، لأن المصدر يستغرق الزمن كله، على خلاف ما إذا قلت: أحسن أي في الماضي، ويحسن في الحاضر .

وفي الرفع: أن يرفع المسلم أهل الطاعة وأن يرتفع على أهل المعصية إلا إذا كانت نيته تأليف قلوبهم، وأن يعظم القرآن فمن أوتي القرآن فرأى أن أحدًا أعظم منه فقد حقر ما عظم الله

التواضع : ماتواضع أحد لله إلا رفعه الله، والمقصود ما توضع أحد لعباد الله إرضاءً لله إلا رفعه الله ، ومن ذلك خفض الجناح للناس { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } وقضاء حوائج الناس، وقد كان صلى الله عليه وسلم حين يكون في عمل مع أصحابه؛ كان يختار أشق الأعمال فيحملها عنهم . ومن امثلة تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه حين دخل مكة فاتحًا لم يدخلها في زهو المنتصرين بل دخلها خافض الرأس، ورأسه في وسط رحله .

وهنا علاقة عكسية فكلما تواضعت ، رفعك الله وكلما تكبِّرت ، خفضَك الله .

قال تعالى { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي } أيْ أحبك الخلق بِحُبي لك ، هذا احد معاني الرافع ، في الحديث القدسي : (إذا أحب الله عبدا نادى ‏ ‏جبريل ‏ ‏إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه ‏ ‏جبريل ‏ ‏فينادي ‏ ‏جبريل ‏ ‏في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض )‏ إذا تجلّى الله إلى قلب المؤمن بِنور اسمه الرافع رفَعَ ذلك النور هذا المؤمن إلى العُلا الأعلى فَصَار مُرْتَفِعاً في الأكوان ، وإذا تجلّى الله إلى قلب المؤمن بِنور اسمه الرافع جعله مُتَألِّقاً كالكوكب الدُرِيّ ، وهذا الإنسان المؤمن لا ينظر إلى ما في أيدي الناس ؛ بل يرفع هِمَّته إلى الله عز وجل .


إذا أنت أتقنت عَمَلَك، وأدَّيْت وظيفتك على خير وجهٍ، تشعرُ بِعِزة الإنجاز وعزة الإتقان والتفوُّق. أما إذا أدَّيت عملك بغير إتقان، وكان عملك سيِّئاً وغير مدروس، ويحمل أخطاءً كثيرة، واِكتُشِفت الأخطاء عاتبك الناس، كَمَثَل الذي وَصَف دواءً لِطِفلٍ صغير أوْدى بِحياته، ولما وُوجِه هذا الذي صنع الدواء صار صغيراً ومنكمِشاً، ويتمنى أن تنشقَّ الأرض وتَبْتلَعَه -كما يقول العوام - فالإنسان يَعْتز حينما يُتقِن عمله، ويُؤدي واجِباته، وحينما يكون واضحاً، وتكون سريرَته كَعَلانيَتِه، وخلْوتُه كَجَلْوَتِه، وحياته الخارجية كَحَياته الداخلية، وأسراره كَحَياتِه المُعْلَنة، فالوُضوح يرفع الإنسان. وتشعُر هذا من الواقع حيث يجد الإنسان في بعض الأحيان اِنقباضاً من جراء عَمَلٍ أو كلام بذيء فلما اِنكشف الغطاء وجد حاله قد اِنكمش وما من إنسان إلا ويتمنى أن يرتَفِع. لا أقول الكِبَرْ ؛ وإنما إتقان العمَل يجعلك عزيزاً، فَصِدقك وأمانتك يجعلانك عزيزاً

والخائن حينما يُفْتَضح، لا يُفْتَضح بِذكاء البشَر بل بِتَقْدير خالق البشر. فإذا الإنسان أيْقن بأن الله لن يسمح لإنسان أن يغُشَّ الناس إلى أمدٍ طويل، ولا أن يغُشَّ مجموع الناس إلى أمَدٍ قصير ،

كيف عِلاجُه ؟ لا تفعل شيئاً تستحي منه، ولا تفعل شيئاً تضطر أن تعتذِر منه .

قصة :

قال الشيخ النابلسي : كتب اليوم لي أخ كريم في درس مسجد الطاووسية قِصة عن أحد أقرِبائه، وطلب مني أن أُلقِيَها على الناس لما فيها من العِبرة البالِغة ؛ فقد كان له قريبٌ عاقٌ لِوالِديه، وجاء مرةً لأبنائه بالموز فقالت له ابنته: إن جدتي أكلت موزةً ؛ فَمِن شدة بُخلِه دفع أمه من أول الدرج إلى آخره، وبَيَّنت له أمه أنها أكلت شيئاً فَضُل عن ابنته. وماتت بعد ذلك بِشهرين. وعندما وافاه الأجل َبَقِيَ ميِّتاً في بيته أربعة أشهر، دخلوا عليه بِالمُعَقِّمات وأصبحت الجرذان تأكله. شيء لا يوصف فالله أذله إذلالاً ليس بعده إذلال. فالإنسان ربما يكون عاقاً لِوالِديه ولِمن رباه، أو عاقاً لإنسان كبير في السن .

إلهي تجَلَّيت باسمك الرافع ؛ فرَفعْت قدْر أنبيائك وأولِيائك ، أظهرت لهم المعجزات ، وأبْرَزت لهم الكرامات ، ورفَعْتَ أعمالهم إليك بِالقبول ، ورفَعْتَ لهم أرواحك بالوصول ، ورفَعتَ هِمَّتهم فَلَم يطلبوا سِواك ، لأن عيون أرواحهم تراك ، فاجعل لنا أوْفر حظ من نور اسمك الرافع ، حتى يُرفع شأننا فَنَرْفع أحبابك
 
أسماء الله ( الأول، والآخر، والظاهر، والباطن )

المعنى اللغوي :

معنى الأول:

هو الذي يترتب عليه غيره، شيء يُبنى على شيء ونتيجة تؤسس على مقدمة

المعنى الاول : الله هو الأول معناه أن الله سبحانه وتعالى لم يسبقه في الوجود شيء .

المعنى الثاني : الأول هو الذي لا يحتاج إلى غيره .

المعنى الثالث: الشيء المستغني بنفسه في وجوده

من معاني هذا الاسم مهما أوغلت في النهاية تصل إلى الله، الله وراء كل شيء، سبب كل مسبب، هو الأول والآخر .


معنى الآخر :

الآخر هو الباقي سبحانه، معنى الآخر أي الباقي بعد فناء خلقه .


معنى الظاهر :

هو الذي ليس فوقه شيء، فالمراد بالظهور هنا العلو، وفسره بعضهم بالظهور ، بمعنى البروز ، كما قال الله تعالى { فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً }


معنى الباطن :

هو الذي ليس دونه شيء، فهو قريب من كل شيء .

الباطن : أي القريب من خلقه المحيط بهم علما، فهو يعلم السر وأخفى .


أقوال العلماء في معنى الاسماء :

- قال ابن جرير: هو (الأول) قبل كل شيء بغير حد، و(الآخر) بعد كل شيء بغير نهاية، وإنما قيل ذلك كذلك، لأنه كان ولا شيء موجوداً سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، كما قال جل ثناؤه : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } القصص 88 .

- وقال الزجاج: (الأول) هو موضوع التقدم والسبق. ومعنى وصفنا الله تعالى بأنه أول: هو متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها، فالأشياء كلها وجدت بعده، وقد سبقها كلها .

- في معنى الظاهر : هو الذي ظهر للعقول بحججه وبراهين وجوده وأدلة وحدانيته فهو الظاهر بالدلائل الدالة عليه ، وأفعاله المؤدية إلى العلم به ومعرفته فهو ظاهر مدرك بالعقول والدلائل .

- وقيل في معنى الباطن : هو المحتجب عن خلقه عن أبصارهم وأوهامهم، وقيل: هو العالم بما يبطن، يقال: بطنت الأمر إذا عرفت باطنه .
- وفسر الباطن بالعالم ببواطن الأمور ، فهو ذو الباطن ، وكذا هو عالم بظواهرها . قال البخاري : قال يحيى - وهو الفرّاء - "هو الظاهر على كل شيء علما ، والباطن على كل شيء علما .



ورودها في القرآن الكريم :
- قال تعالى : { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
- وقال :{ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ }
- الآخر قال تعالى { كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }
- وقال في اسم الظاهر { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } .
- وقال في الباطن : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ } .



من السنة :
وهذه الأسماء فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً كاملاً واضحاً فقال :
- روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ (( اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ ))
ففسر كل اسم بكل معناه، ونفى عنه كل ما يضاده وينافيه فمهما قدر المقدرون وفرض الفارضون من الأوقات السابقة المتسلسلة إلى غير نهاية فالله قبل ذلك، وكل وقت لاحق مهما قدر وفرض الله بعد ذلك .

- جاء في صحيح البخاري عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (( دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه و سلّم وَعَقَلْتُ نَاقَتِي بِالْبَابِ فَأَتَاهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ‍‍‍! قَالُوا قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ. قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالُوا جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ قَالَ كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ وَخَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَنَادَى مُنَادٍ: ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يَا ابْنَ الْحُصَيْنِ، فَاانْطَلَقْتُ فَإِذَا هِيَ يَقْطَعُ دُونَهَا السَّرَابُ فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَرَكْتُهَا ))


ثمرات الايمان بالاول والآخر والظاهر والباطن :
1- إدراك غنى الله تعالى عما سواه، فهو كان ولم يكن شيء معه، وإنّ آخريته لا أمد لها، فوجوده ليس قائما على عبادة الناس له، بل هو خلق الخلق ليعبدوه قال تعالى : { لا يسأل عما يفعل وهو يسألون } .

2- العلم بهذه الصفات الأربع يوحي في النفس تعظيم الله تعالى، فمن خلال معرفة هذه الأسماء ندرك أنّ الله تفرد بالإحاطة المطلقة، فالأول والآخر إحاطة زمانية، وأما الظاهر والباطن فتشمل الإحاطة المكانية، فالأول يدل على أنّ كل ما سواه حادث بعد أن لم يكن، وأما الآخر فيدل على أن الله هو المنتهى والغاية، والظاهر يدل على عظمته وزوال كل عظمة أمام هذه العظمة، والباطن يدل على كما قربه من العباد واطلاعه على السرائر والخبايا وعلى الضمائر والطوايا .
هذه الأسماء الأربعة تشتمل على أركان التوحيد، فهو الأول في آخريته، والآخر في أوليته، والظاهر في بطونه، والباطن في ظهوره، لم يزل أولا وآخرا وظاهرا وباطنا .

3- تعبد الله بهذه الأسماء ، يقول ابن القيم في طريق الهجرتين ( ص 46 ) : والتعبد بهذه الأسماء رتبتان : المرتبة الأولى: أن تشهد الأولية منه تعالى في كل شيء والآخرية بعد كل شيء والعلو والفوقية فوق كل شيء والقرب والدنو دون كل شيء ، فالمخلوق يحجبه مثله عما هو دونه فيصير الحاجب بينه وبين المحجوب، والرب جل جلاله ليس دونه شيء أقرب إلى الخلق منه ، والمرتبة الثانية من التعبد أن يعامل كل اسم بمقتضاه فيعامل سبقه تعالى بأوليته لكل شيء وسبقه بفضله وإحسانه الأسباب كلها بما يقتضيه ذلك من أفراده وعدم الالتفات إلى غيره ،........ ثم تعبد له باسمه الآخر بأن تجعله وحده غايتك التي لا غاية لك سواه ولا مطلوب لك وراءه فكما انتهت إليه الأواخر، وكان بعد كل آخر، فكذلك اجعل نهايتك إليه فإنّ إلى ربك المنتهى إليه، انتهت الأسباب والغايات فليس وراءه مرمى ينتهي إليه، وقد تقدم التنبيه على ذلك وعلى التعبد باسمه الظاهر، وأما التعبد باسمه الباطن فإذا شهدت إحاطته بالعوالم وقرب العبيد منه، وظهور البواطن له، وبدو السرائر، وأنّه لا شيء بينه وبينها فعامله بمقتضى هذا الشهود، وطهّر له سريرتك، فإنها عنده علانية، وأصلح له غيبك فإنّه عنده شهادة، وزكّ له باطنك فإنّه عنده ظاهر، فانظر كيف كانت هذه الأسماء الأربعة جماع المعرفة بالله وجماع العبودية ) انتهى .

4- بمعرفة هذه الأسماء نستفيد أنّ الله تعالى له جهة، يقول ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية :
قال الإمام أحمد ( وإذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله سبحانه وتعالى حين زعم أنّه في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان، فقل له أليس كان الله ولا شيء؟ فيقول نعم، فقل له: فحين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجا عن نفسه؟ فإنّه يصير إلى أحد ثلاثة أقاويل، إن زعم أنّ الله تعالى خلق الخلق في نفسه كفر حين زعم أنّ الجن والإنس والشياطين وإبليس في نفسه، وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم دخل فيهم كفر أيضا حين زعم أنه دخل في كل مكان وحش وقذر، وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم لم يدخل فيهم رجع عن قوله كله أجمع، وهو قول أهل السنة.) اهـ

5- من تعبّد الله بهذه الأسماء جازاه الله تعالى بها فيكرمه بظهوره ويعليه على غيره، ويجعله أقرب الناس إليه في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يوفقه ويلهمه ذكره دائما ويحيا بحماه وحفظه، وفي الآخرة يكرمه بالدرجات العلى، وأما الأولية فيجعلهم الأولين في الرتب، وأما المجازاة بالآخروية فهو أن يخلدهم في جنات النعيم .

6- من يفقه هذه الأسماء يطّلِع على أسماء أخرى .
 
شرح يوضح الاسماء :
- إنسان حرك يديه، كيف حركها ؟ لأنه حي، من أعطاه الحياة ؟ الله جل جلاله، إذاً هو الأول .
حصل زلزال، من أحدث هذا الزلزال ؟ هذا الزلزال نتيجة اضطراب القشرة الأرضية، من جعلها تضطرب ؟ الله هو الأول. لذلك قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } الإنسان أحياناً، يُصاب بمصيبة ؛ فمن ضعف توحيده، أو لضيق أفقه، يصب جام غضبه على من جاءته هذه المصيبة على يديه، لو تعقّل، لو كان توحيده أقوى لرأى يد الله هي التي عملت في الخفاء، لرأى يد الله فوق أيديهم .

لذلك ربنا عز وجل قال : { ا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } أن تصبر على ما أصابك، فإن ذلك من عزم الأمور . يعني قضاء وقدر جاء على يد إنسان .

يعني لو فرضنا لا سمح الله ولا قدر، طفل وقع عن الشرفة، نزل ميتاً، الأب يتألم أشد الألم، وقد يتفطر قلبه، لكن يحقد على من ؟ يقول هذا قضاء وقدر، أما لو أن سائقاً دهس طفلاً، الأب في ساعة غفلة، في ساعة غضب شديد ولنقص في توحيده يصب كل نقمته على هذا السائق، إذا عرف أن الله هو الأول في كل حادث، هو المسبب، هو مسبب الأسباب، طبعاً يأخذ حقه لكن لا يحقد، لأن الحقد من لوازم الشرك .
لو انتهت الحياة الدنيا، ماذا بعد الحياة الدنيا ؟ الله، هو الأول والآخر، لو تحركت نحو الماضي الله هو الأول نحو المستقبل الله هو الآخر .
يجب على الإنسان العاقل يربط مصيره بمصير الأزلي الأبدي، الباقي الآخر أما لو ربط مصيره بأي شيء آخر هذا الشيء الآخر سيفنى .

- أحياناً الإنسان يشعر أن فعل الله ظاهر، وأحياناً لحِكمة يريدها الله عز وجل يبدو فعل البشر أنه هو الحقيقة وأن الإنسان هو الفعّال، لكن الله سبحانه وتعالى هو الفعّال دائماً هذا ما يراه المؤمن، لكن ضعاف الإيمان إذا بدت قدرة الله صارخة يكتفون بأن يقولوا سبحان الله، وإذا بدت قدرة البشر خارقة يتزلزلون وينكمشون ويضعفون، لكن الحقيقة أنّ الظاهر هو الله جل جلاله الغالب على أمر الخلق .
ففي الخلق والكون أدق من ذلك بكثير، ولا من تفصيل فبالعين مائة وثلاثين مليون عصية ومخروط، والعصب البصري مؤلف من تسعمائة ألف عصب، لكل عصب ثلاثة أعمدة، وبالدماغ مائة وأربعين مليار خلية سمراء لم تُعرف وظيفتها بعد، وبالمعدة خمسة وثلاثون مليون غدة هاضمة، والأمعاء الدقيقة تتجدد كل ثمان وأربعين ساعة، والقلب يضخ في اليوم ثمانية أمتار مكعبة بدَسّامات وشرايين وأوردة، والغدة النخامية لا يتجاوَز وزنها نصف غرام تعطي اثني عشر أمراً هرمونياً، مسيطرة على كل غدد الجسم هذه وحدها، من أودع فيه حسَّ الجوع ؟ وحس الشبع ؟ الرغبة إلى الطرف الآخر مَن ؟ هذا معنى اسم الظاهر، يعني يُعرف وكأنه ظاهر بالاستدلال العقلي، يعرف معرفة يقينية وكأنه ظاهر .

- الباطن محجوب عن عين الرأس، ظاهر لعين القلب
بعض العلماء يقول : " إنه باطن من حيث إن كُنْه حقيقته غير معلوم للخلق " يعني لا يستطيع الخلق مجتمعين أن يصلوا إلى كُنه حقيقته، هو باطن، لذلك قال بعض علماء التوحيد : "عين العلم به عين الجهل به وعين الجهل به عين العلم به " يعني إذا سُئلت عن ذات الله، فإذا قلت لا أدري فأنت العالم، وإن قلت أدري فأنت لا تعلم، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : { وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }

أتى النبي صلى الله عليه وسلم أناس وطلبوا منه سبعين داعية وعالماً ليُعَلّموا قومهم في بئر معونة، وأرسل النبي معهم سبعين صحابيًّا ليُعلموهم، وفي الطريق ذبحوهم، بقي النبي شهراً أو شهرين يدعو عليهم في الصلاة، النبي لا يعلم الغيب، والنبي له الظاهر، لكن الله يعلم الظاهر والباطن .

قيل ظاهر بنعمته، باطن برحمته .
. قيل ظاهر بالكفاية باطن بالغاية
قيل ظاهر بالقدرة على كل شيء باطن عالم بحقيقة كل شيء .
قيل ظاهر لكل شيء بالدلائل اليقينية، الباطن عن مظاهر الجسمية، فسبحان من احتجب عن خلقه بنوره وخفي عليهم بشدة ظهوره . هناك معنى لطيف جداً قال عنه العلماء، وهو أن قوله تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ .

- الإنسان كثيرًا ما يتألم من المصيبة، وقد تكون المصيبة نعمة باطنة، النعمة الظاهرة ؛ المال، الصحة، الوجاهة، راحة البال، الأمن الطمأنينة، الزوجة الأولاد، هذه كلها نعم ظاهرة، ولكن هذه النعم الظاهرة لا ترقى بالإنسان، الحُزن خلاَّق، أما الراحة مَثبِّطة، الراحة والمورد والطعام والشراب وراحة البال، والأمن والطمأنينة، هذه لا تخلق عظماء .
فهناك كلمة رائعة جداً " الحزن خلاق " العبقريات أحياناً تتفجر بالأحزان، والهموم، ترى شخص في بحبوحة، كسول، بارد، مشاعره باردة، صلاته جوفاء، معرفته سطحية، اتصاله بالله شبه معدوم، صفاته غير مقبولة، تأتيه مصيبة مخيفة، يدعو الله، يلجأ إليه، يصلي قيام الليل يتوسل إليه، يبالغ في طاعته، يقدم صدقات، لولا هذه المصيبة ما تألق هذا التألق، لولا هذه المصيبة ما سعى إلى الله هذا السعي، لولا هذه المصيبة ما جدَّ إلى الله هذا الجد، فهذه المصيبة نعمة باطنة .


لو أدرك الإنسان أن كل شيء يبدو له شراً هو خير مبطن وأن وراءه هدف كبير لذابت نفسه محبةً لله عز وجل، لذلك كان عليه الصلاة والسلام إذا جاءت الأمور على ما يريد، قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا جاءت على خلاف ما يريد قال الحمد لله على كل حال، ودائماً حسن الظن بالله، ولنحسن الظن بالله ثمن الجنة .
 

اسمي الله ( القاهر - القهار )


القهر في اللغة هو : السيطرة والغلبة والاسم (قاهر)،

والقهار: اسم على وزن صيغة المبالغة (فعال) وهو اسم من أسماء الله الحسنى فيقتضي تكثير القهر التكثير العددي لأن التكثير النوعي لا يليق بحضرة الله تعالى .

وهو يعني أنه لا شيء في الكون يخرج عن سيطرته وغلبته ، كل شيء خاضع لأمره في حركته وفي سكونه .

والقاهر هو : القادر على منع غيره أن يفعل بخلاف ما يريد .


أقوال العلماء في معنى الاسمين :

- قال ابن جرير رحمه الله تعالى: (القاهر) المذلل المستعبد خلقه العالي عليهم .

- وقال ابن كثير رحمه الله: (وهو القاهر فوق عباده) أي: هو الذي خضعت له الرقاب وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه وقهر كل شيء، ودانت له الخلائق وتواضعت لعظمته وجلاله وكبريائه وعلوه وقدرته على الأشياء، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت قهره وحكمه ) .

- ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (القهار لجميع العالم العلوي والسفلي، القهار لكل شيء الذي خضعت له المخلوقات وذلك لعزته وقوته وكمال اقتداره ) .

- وقال الخطابي: (-القهار- هو الذي قهر الجبابرة من عتاة خلقه بالعقوبة، وقهر الخلق كلهم بالموت ) .


الفرق بين اسم الله القاهر واسمه القهَّار :
القاهر :
هو الذي له علو القهر الكلي المطلق باعتبار جميع المخلوقات وعلى اختلاف تنوعهم، فهو قاهر فوق عباده له علو القهر مقترن بعلو الشأن والفوقية.

وبهذه الصفة نثبت له صفة العلو والفوقية فلا يقوى ملك من الملوك أن ينازعه في علوه مهما تمادى في سلطانه وظلمه وإلا قهره القاهر، لأنه إذا كان – هذا الملك - له الغلبة والقوة والبطش وله العلو في الأرض فيلزم من هذا أن يكون له غلبة على بعض الناس، لكن الله عز وجل فوقه يقهره بما له من صفة القهر، فهو غالب على أمره سبحانه وتعالى ولا يستطيع كائن ما كان أن ينازعه في صفته.


أما القهَّار :
التضعيف فعَّال تعطي معنى مبالغة وكثرة فالقهار هو الذي له علو القهر باعتبار الكثرة والتعيين في الجزء أو باعتبار نوعية المقهور، فالعباد كلهم في قهر كلي وفقا لاسم القاهر قال تعالى : { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ }
أي لكل المخلوقات، أما القهر الجزئي على الأفراد فهو بالقهَّار فتقول يقهر فلان الظالم.

ولذلك تجد قلب المؤمن مطمئن بهذه الصفة لعلمه أن من قهره إنما قهره بإذن الله لا لأن قاهره له الغلبة المطلقة وأن الله سبحانه وتعالى إذا قدّر عليه مثل هذا القدر فلا شك أن هذا لحكمة ما .
فقد يُغلب في الأرض ويهزم كما هو حال أهل الإسلام اليوم لكن هزيمته لا تكون داخلية في نفسه لأنه يعلم أن الله سبحانه وتعالى له صفة القهر المطلقة، فلو شاء أن يخسف بأعدائه الأرض لكان لكنها السنن الكونية والأسباب.
إذًا فمهما مورس من ظلم وقهر على العباد لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يمس ذلك يقينك وإيمانك به سبحانه وتعالى بل تزداد قوة وتوكل وكلما ازددت بلاءًا كلما كان الله عز وجل ألطف بك .


ورودهما في القرآن الكريم :
القهَّار ورد ست مرات في القرآن :
- قال تعالى { أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
- وقال : { يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ }

وورد اسم القاهر في الكتاب مرتين :
- { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }
- { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً ...... } .


من السنة :
وفي الحديث أيضا الذي روته أيضا أمنا عائشة أن رسول الله كان إذا تضوَّر من الليل قال :{ لا إله إلا الله الواحد القهار ، رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار } يتضور : أي يتقلب
الراوي: عائشة . المحدث : الألباني ، المصدر : صحيح الجامع . الصفح هاو الرقم : 4693
خلاصة حكم المحدث: صحيح .


معنى الاسم في حق الله سبحانه وتعالى :
يدل اسم الله القهَّار على ذات الله تعالى وصفة القهر، ويلزم من إثبات ذلك أن نُثبت له سبحانه الحياة والقيومية ونُثبت له العلم والقدرة والغنى والعزة والكبرياء ونُثبت له القوة والعلو.

يقول ابن القيم (وكذلك القهَّار من أوصافه فالخلق مقهورون بالسلطان لو لم يكن حيا عزيزا قادرا ما كان من قهر ولا سلطان ) .
فسبحانه يحب أن يراك ذليلا بين يديه، وهذا من تمام العبودية، وهو أعظم العز، لأنك إن لم توحده وتذل له ستذل لكل شيء ويتشتت قلبك بين كل شيء وتحمل هم كل شيء وتجد الابتلاءات والأمراض وغيره وسل أهل العشق عن مثل ذلك يحدثونك.

أما إن ذللت له وحده وأحببته وحده حبب فيك الخلق جميعا وكتب لك الغلبة في الأرض فتعز وتقوى وتدخل في حمى العزيز القهار .


وأما حظ المؤمن من هذا الاسم:
المعنى الأول : فأول شيء يستفيده العبد من قهر الله سبحانه وتعالى أن يقهر نفسه، وهذا يكون بالاستغفار والتوبة. فالنفس كي تلجمها وتعلو عليها تحتاج إلى مجاهدة عظيمة والذي يذلل لك هذا هو التوبة والاستغفار. فهما يجعلا نفسك مقهورة وذليلة بين يديك فتستطيع أن تتغلب عليها.

وكذلك يقهر العبد وساوس الشياطين وذلك بالاستعاذة، ويقهر الشبه والجهل وذلك بنور العلم واليقين، ويقهر كل ظالم جبار يخافه وهذا بالاستعاذة بالله الواحد القهار قال سبحانه {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ}

فماذا قال موسى؟
{ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}
و هذه الآية لكل مستضعف في كل زمان ومكان، فالطريق إلى التمكين أن نلجأ بقلوبنا ونطرح أمرنا كله على الله سبحانه وتعالى فلا يوجد في قلوبنا أي التفات إلا له ، وأن نصبر، فإن النصر مع الصبر ، والأمر يحتاج إلى مُصابرة على تجرع مرارة الأقدار.

فإن حدث وجبت السنة الكونية {...وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128 ]

فإذا تحققت هذه الشروط الثلاث في أي مستضعف :
1-الاستعانة بالله
2-والصبر
3- والتقوى لله

فلم يعد يخاف إلا الله ولا يخشى أحدا إلا الله ولا يخشى فيه لومة لائم، عز وكانت له الغلبة.

المعنى الثاني : قلنا أن حظ المؤمن من صفات الجلال أن يتلبس بعكسها، فقلنا في صفة العزة مثلا أن يكون المؤمن ذليلا لإخوانه عزيزا على الكافرين. أما معنى القهر فيستوجب أن يلين المسلم للفقراء ويعطيهم ويحنو عليهم ويعفو عنهم عند المقدرة وأن يخضع لهم خضوع مشفق، قال تعالى:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} فيكون أثر ذلك أن يورثك الله سبحانه وتعالى الغلبة.

فأولا: أنه يعرف ويثق تمام الثقة أنه (قال الله : أنفق يا ابن أدم أنفق عليك.)[ رواه البخاري]

المال يتناقص كمًا نعم لكن يعوض ذلك في كيفه..أي في البركة، فتجد نفسك وكأن المال الذي تصدقت به معك وزاد عليه وتقضي كل متطلباتك كما هي وكأن شيئا لم ينقص. أو يأتيك عوضا عن مالك الذي أنفقت كمًا، فمثلا لو أخرجت مائة جنيه ترزق بألف والقصص كثيرة في ذلك.

ثانيا: " ولا يعفو عبدٌ عن مظلمة إلا زاده الله بها عزا يوم القيامة " فهنيئا لمن ظُلم وعامل من ظلمه بعفو يسأل به عفو الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.

ثالثا : " ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر " فإذا سألت فاسأل الله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاهد أصحابه على ألا يسألوا الناس .


أما باعتبار نوعية المقهور فهو سبحانه قهار للظلمة و الجبابرة و المتكبرين في الأرض، أهلك قوم نوح وقوم هود وثمود وقهر فرعون وهامان .

فالله سبحانه وتعالى له هذا القهر فقهر قوم لوط وقهر أبا جهل وقهر المشركين وقهر الفُرس والصليبيين فالله سبحانه وتعالى قهَّار لكل متجبر ظالم، يقهرهم بالإماتة والإذلال ويقهر من نازعه في صفة من صفات ألوهيته وعبادته وربوبيته ومن نازعه في أسمائه وصفاته جل جلاله

اذاً من المعلوم أن المقهور يحتمي من ملك بملك ويخرج بخوفه من سلطان أحدهما ليتقوى بالآخر، فالناس على دين ملوكهم الغالب منه يتبعونه ويستظلون بقوته. فهو يحتمي من مُلك بمُلك ويخرج بخوفه من سلطان ليتقوى بالآخر لكن الملوك جميعا إذا كان فوقهم ملكٌ قاهرٌ قادر فإلى من يخرجون وإلى جوار من يلجأون؟

يقول تعالى {قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}

وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : { إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة . ثم اضطجع على شقك الأيمن . ثم قل ( اللهم إني أسلمت وجهي إليك . وفوضت أمري إليك . وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك . لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت . وبنبيك الذي أرسلت ) . واجعلهن من آخر كلامك فإن مت من ليلتك ، مت وأنت على الفطرة. قال فرددتهن لأستذكرهن فقلت : آمنت برسولك الذي أرسلت . قال : قل : آمنت بنبيك الذي أرسلت }

( وفي رواية : وزاد في حديث حصين : وإن أصبح أصاب خيرا ) صحيح مسلم

فأنت تفر إليه.. كل شيء تفر منه إلا الله فإن فرارك إليه. فلا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه ..
 
  • إعجاب
التفاعلات: نور الهدى